الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الصمت السلامة
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَمَتَ نجا"(1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت"(2).
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنك لم تَزَلْ سالمًا ما سَكَتَّ، فإذا تكلَّمْت كُتِبَ لك أو عليك"(3).
وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "مَنْ كثُر كلامُه كثر سَقَطُه (4)، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثُرت ذنوبه كانت النار أولى به"(5).
(1) رواه الترمذي (2501)، وقال:"غريب"، وأحمد (3/ 159)، والدارمي (2/ 299)، والطبراني في "الأوسط"(2/ 311) رقم (1954)، وقال المنذري:"رواته ثقات"(4/ 9). ونقل المناوي عن الزين العراقي قوله: "سند الترمذي ضعيف، وهو عند الطبراني بسند جيد" اهـ. من "فيض القدير"(6/ 171). وقال الحافظ في "الفتح": "رواته ثقات" اهـ. (11/ 309). وصححه الألباني في "الصحيحة" رقم (536).
(2)
رواه البخاريّ (10/ 445)، ومسلم رقم (47).
(3)
رواه الطبراني في "الكبير"(20/ 74) رقم (137)، وقال في "المجمع""رواه الطبراني بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات" اهـ. (10/ 300)، وسكت عليه في "فتح الباري"(11/ 309).
(4)
السَّقَط هنا: الخطأ في القول والفعل.
(5)
"جامع العلوم والحكم" ص (161).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلَ الصمت، قليلَ الضحك (1).
ووصف هندُ بنُ أبي هالة رضي الله عنه منطِقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما فقال: "
…
كان طويلَ السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلامَ ويختمه باسم الله تعالى، ويتكلم بجوامع الكلم، كلامه فَصْل، لا فضولَ ولا تقصير" (2).
وسأل الحسين بن علي رضي الله عنهما أباه عن مخرجه صلى الله عليه وسلم، كيف كان يصنع فيه؟ فقال رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَخْزِن (3) لسانه إلَّا فيما يعنيه
…
" (4).
وقال -أيضًا-: "كان- صلى الله عليه وسلم لا يذم أحدًا، ولا يَعيبه، ولا يطلب عورته (5)، ولا يتكلم إلَّا فيما رجا ثوابه"(6).
قال عبد الله رضي الله عنه: "والذي لا إله إلَّا هو، ما على وجه الأرض أحوج إلى طولِ سَجْنٍ مِن لسان (7).
(1) رواه الإِمام أحمد في "مسنده"(5/ 86، 88) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، ورواه البيهقي بلفظ:"كان طويلَ الصمت"(7/ 52)، (10/ 240)، والبغوي في "شرح السُّنَّة"(13/ 256)، وحسَّنه الألباني في "المشكاة" رقم (5826).
(2)
"مختصر الشمائل المحمدية للترمذي" للألباني ص (20).
(3)
يخزن: يحبس.
(4)
"مختصر الشمائل المحمدية للترمذي"، ص (23).
(5)
أي: لا يطلب عورة أحد، وهي: ما يُستحيى منه إذا ظهر، والمعنى: لا يُظهر ما يريد الشخصُ ستره، ويخفيه عن الناس.
(6)
"مختصر الشمائل المحمدية" ص (25).
(7)
أخرجه الإِمام أحمد في "الزهد"(162)، ووكيع في "الزهد" رقم (285)، وابن أبي عاصم في "الزهد" رقم (23)، وغيرهم.
وعن يزيد بن أبي حبيب، قال:"إن المتكلم لينتظر الفتنة، وإن المُنْصِتَ لينتظر الرحمة"(1).
وقد قيل: "ما نَدِمَ حليمٌ ولا ساكت".
وقال الفضيل: "خصلتان تُقَسِّيان القلب: كثرةُ الكلام، وكثرةُ الأكل"(2).
وعن سفيان، قال:"طول الصمت مِفتاحُ العبادة".
وعن محمَّد بن النضر الحارثي، قال: كان يقال: "كثرة الكلام تُذْهِبُ الوقَار"(3).
وعن أبي الذيَّال، قال:"تعلم الصمتَ كما تتعلمُ الكلامَ، فإن يكن الكلامُ يهديك؛ فإن الصمت يقيك، ولك في الصمت خَصلتان: تأخذ به عِلْمَ مَن هو أعلمُ منك، وتدفع به عنك مَن هو أجدلُ منك"(4).
وقال إبراهيم بن الأشعث: "سمعت الفضيل يقول: مَن استوحش مِن الوَحْدة، واستأنس بالناس، لم يسلم من الرياء، ولا حجَّ ولا جهادَ أشدُّ من حبس اللسان، وليس أحدٌ أشدَّ غَمًّا ممن سجن لسانه"(5).
(1)"جامع بيان العلم وفضله"(1/ 549).
(2)
"سير أعلام النبلاء"(8/ 440).
(3)
"الصمت" لابن أبي الدنيا رقم (52)، ص (68).
(4)
"جامع بيان العلم"(1/ 550).
(5)
"سير أعلام النبلاء"(8/ 436).
وقال إبراهيم بن أدهم: "إذا اغتممت بالسكوت، فتذكر سلامتك من زلل اللسان"(1).
وعن مروان بن محمَّد، قال: قيل لإبراهيم بن أدهم: "إن فلانًا يتعلم النحو"، فقال:"هو إلى أن يتعلمَ الصمتَ أحوجُ"(2).
وعن المُعَلَّى، قال: قال مورِّق: "أمْرٌ أنا في طلبه منذ كذا وكذا سنة، لم أقدر عليه، ولستُ بتاركٍ طلبَه أبدًا"، قالوا:"وما هو يا أبا المعتمر؟ "، قال:"الكفُّ عما لا يعنيني"(3).
وقال رياح القيسي: قال لي عتبة الغلام: "يا رياح، إن كنتُ كلما دعتني نفسي إلى الكلام تكلمتُ، فبئس الناظرُ لها أنا، يا رياح، إن لي موقفًا يُغتبط فيه بطول الصمت عن الفضول"(4).
وقال طاوس:"لساني سَبُع، إن أرسلتُه أكلني"(5).
وعن شيخ من قريش قال: قيل لبعض العلماء: "إنك تُطيل الصمتَ"، فقال:"إني رأيتُ لساني سَبُعًا عَقورًا، أخافُ أن أخَلِّيَ عنه فَيَعْقِرني"(6).
(1)"حلية الأولياء"(8/ 20).
(2)
"نفسه"(8/ 16).
(3)
"الصمت" لابن أبي الدنيا رقم (575).
(4)
"صفة الصفوة"(3/ 372).
(5)
"الإحياء"(3/ 120).
(6)
"الصمت" رقم (699) ص (300).
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "والكلام أسيرك، فإذا خرج من فِيكَ صِرْتَ أنت أسيرَه، واللهُ عندَ لسانِ كلِّ قائلٍ: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق: 18] "(1).
وقال بعضهم: "رأيت مالكًا صامتًا لا يتكلم، ولا يلتفت يمينًا ولا شمالًا، إلَّا أن يكلمه إنسان فيسمع منه، ثم يجيبه بشيء يسير، فقيل له في ذلك، فقال: وهل يَكُبُّ الناسَ في جهنم إلَّا هذا؟ وأشار إلى لسانه"(2).
وعن أبي بكر بن عياش قال: "أدنى نفعِ السكوتِ السلامةُ،- وكفى به عافية، وأدنى ضررِ المنطقِ الشهرةُ، وكفى بها بلية"(3).
ما إن ندمت على سكوتي مرّة
…
ولقد ندمت على الكلام مرارا
وعن إبراهيم، قال:"كانوا يجلسون، فأطولهم سكوتَا أفضلُهم في أنفسهم"(4).
وعن محارب، قال:"صحبنا القاسم بن عبد الرحمن فغلبنا بثلاث: بكثرة الصلاة، وطولِ الصمت، وسخاء النفس"(5).
وحضر ابن المبارك يومًا عند الثوري، فلم يتكلم بحرف حتى قام، فلما قام قال الثوري لأصحابه:"وددت أني أقدر أن أكون مثلَه"(6).
(1)"الجواب الكافي" ص (281).
(2)
"ترتيب المدارك"(1/ 179).
(3)
"سير أعلام النبلاء"(8/ 501).
(4)
"الحلية"(4/ 224)، "الزهد" لابن أبي عاصم رقم (55) ص (38).
(5)
"الزهد" لابن أبي عاصم رقم (79) ص (46).
(6)
تقدمة "الجرح والتعديل" ص (266).