الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلماء سفينة نوح
قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7] وقال عز وجل: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].
قال العلَّامة السعدي رضي الله عنه: "وفي هذا دليل لقاعدة أدبية، وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يُولَّى مَن هو أهلٌ لذلك، ويُجعلَ إلى أهله، ولا يُتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب، وأحرى للسلامة من الخطأ"(1).
إن ذهاب العلم مقترن برواج الفتن، وإن الالتحام بالعلماء عصمة للأمة من الضلال، والعلماء سفينة نوح، من تخلَّف عنها -لا سيما في زمان الفتن- كان من المغرقين.
عن ابن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة لأيامًا ينزل فيها الجهل، ويُرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهَرْجُ؛ والهرج القتل"(2).
وعن أنسِ رضي الله عنه قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: "من أشراط الساعة أن يقل العلمُ، وبظهرَ الجهل"(3).
(1)"تفسير السعدي" ص (190).
(2)
رواه البخاريّ (13/ 13 - فتح).
(3)
رواه البخاريّ (1/ 178 - فتح).
وسبب قلة العلم موت حَمَلَتِهِ، كما في الصحيحين عن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا يقبض العلمَ انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالمًا اتخذ الناس رءوسًا جُهَّالًا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضَلُّوا، وأضَلُّوا"(1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أتدرون ما ذَهاب العلم؟ " قلنا: لا، قال:"ذهاب العلماء"(2).
وعنه رضي الله عنه قال: "لا يزال عالم يموت، وأثر للحق يَدْرُس، حتى يكثر أهل الجهل، وقد ذهب أهلُ العلم، فيعملون بالجهل، ويدينون بغير الحق، ويضلون عن سواء السبيل"(3).
وعن هلال بن خباب قال: سالت سعيد بن جبير، قلت: يا أبا عبد الله! ما علامة هلاك الناس؟ قال: "إذا هلك علماؤهم"(4).
وعن زياد بن لبيد رضي الله عنه قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فقال:"ذاك أوانُ ذَهاب العلم"، قلت: يا رسول الله، وكيف يذهب العلم، ونحن نقرأ القرآن، ونُقرئه أبناءنا، وُيقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: "ثكلتك أمك يا زياد إن كنتُ لأراك من
(1) رواه البخاريّ رقم (100)(1/ 174، 175)، ومسلم رقم (2673).
(2)
رواه الدارمي (1/ 78).
(3)
"جامع بيان العلم"(1/ 603) رقم (1039).
(4)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(15/ 40).
أفقه رجل بالمدينة، أَوَليس اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما؟ " (1).
وعن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعًا: "خذوا العلم قبل أن يذهب"، قالوا: وكيف يذهب العلم يا نبي الله، وفينا كتاب الله؟ قال: فغضب -لا يُغضبه الله-. ثم قال: "ثكلتكم أمهاتكم، أَوَلم تكن التوراة والإنجيل في بني إسرائيل فلم يغنيا عنهم شيئًا؟! إن ذَهاب العلم: أنْ يذهب حَمَلَتُه"(2).
(1)"صحيح ابن ماجه" رقم (3272)(2/ 377).
(2)
رواه الدارمي (1/ 77، 78)، والطبراني في "الكبير"(8/ 276) رقم (7906).