المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمَّتَه من الفتن

- ‌الفتن واقعة لا محالة

- ‌الحذر من الشر باب من أبواب الخير

- ‌من طبائع الفتن

- ‌نور الفطنة ييدد ظلمات الفتنة

- ‌العلماء سفينة نوح

- ‌الدنيا كلها ظلمة، إلا مجالس العلماء

- ‌والجاهلون لأهل العلم أعداء

- ‌الصبر زمن الفتن

- ‌مقارنة الحِلْم والرفق، ومفارقة العجلة والطيش

- ‌الإِمام ابن القيم يحذِّر من استفزاز البُداءات

- ‌من مواقف التثبت في الفتن

- ‌العَجلَة أمُّ الندامات

- ‌ومن أسباب النجاة من الفتن: التثبت من الأخبار

- ‌وجوب حفظ اللسان

- ‌في الصمت السلامة

- ‌الموازنة بين الصمت والكلام:

- ‌حفظ اللسان في الفتن

- ‌تورع السلف عن آفات اللسان في الفتن

- ‌رُبَّ قولٍ يسِيل مِنه دَمٌ

- ‌ومن أسباب النجاة من الفتن:اعتزالها والفِرار منها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌تنبيهات

- ‌مواجهة الفتنة بالعمل الصالح

- ‌الدعاء والتضرع في الفتن

- ‌التعوذ بالله تعالى من الفتن

- ‌حكم تمني الموتِ في الفتنة

- ‌ذكر أدلة السُّنَّة على جواز تمني الموتإذا خاف على دينه من الفتن

الفصل: ‌والجاهلون لأهل العلم أعداء

‌والجاهلون لأهل العلم أعداء

ومما يجسد عداوة الجاهلين المبتدعين لأهل العلم والبصيرة:

- موقف فرقة "الحشاشين" وهي الفرقة الإسماعيلية الباطنية النزارية، فقد كانوا فرقة إرهابية تعمل على اغتيال خصوم دعوتهم الإسماعيلية الباطنية من حُكَّام الأقاليم الإسلامية ووزرائهم، وتغتال العلماء والفقهاء المناوئين لهم (1).

- موقف الجونبوري مدعي المهدية في "الهند" من العلم والعلماء: فقد كان يحظر على أتباعه طلب العلم بدعوى أن طلب العلم يضرهم، وكان يلزمهم بالاقتصار على صحبة مشائخ "المهدوية" مدعيًا أنهم المقصودون بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة: 119].

وبعد وفاة المهدي الجونبوري أخذ دعاته وأتباعه ينشرون مبادئ فرقتهم في أرجاء الهند، وقد وجدت هذه الحركة آذانًا صاغية في مناطق كثيرة من الهند، وفي إقليم "كجرات" أقبل كثير من العوام والجهلة والجنود وبعض العلماء على هذه الفرقة، وتكونت منهم قوة كبيرة، ووصل الأمر إلى أنه من ينكر الدعوة "المهدوية" يكفَّر، وإذا كان المُنكِر من أصحاب العلم والمعرفة، ومن وجهاء البلد؛ يُقتل (2).

(1) مقدمة "زهر العريش في تحريم الحشيش للزركشي" تحقيق: د/ السيد أحمد فرج ص (45).

(2)

"فرق الهند المنتسبة إلى الإسلام" ص (241).

ص: 28

وهذا الشيخ "علي المتقي الهندي" من كبار علماء الحديث في القرن العاشر الهجري يتحير في شأن "الجونبوري"، ويميل إليه، بل قيل: إنه اعتنق المهدوية، ولما وصل إلى مكة المكرمة بحث مع علمائها مسألة "خروج المهدي"، فتبين له الحق، فنذر نفسه للرد على هذه الفرقة.

وهو -رحمه الله تعالى- القائل في كتابه "البرهان في علامات مهدي آخر الزمان": "وكفى دليلًا على بطلان اعتقاد هذه الطائفة قتلهم العلماء، فإن خصلتهم هذه تدل على عدم الدليل على اعتقادهم، وعجزهم عن إثبات معتقدهم، فهذه الخصلة وحدها تكفي على البطلان"(1).

ولما وزع داعية المهدوي الجونبوري "سيد عيسى" في عام (1282 هـ) ثلاثة كتب في الانتصار لعقيدة المهدوية في أرجاء الهند، وبعد سَنَةٍ رَفَعَ التماسًا في محكمة "حيدر أباد" قال فيه:"إن هذه الكتب وزعت على علماء البلاد، وانتظرتُ سنة كاملة فلم يرد عليها أحد، والآن أرفعها إلى حضرتكم للنظر فيها، فإذا كان فيها ما يخالف العقيدة الإِسلامية فنحن نتوب عنها ونرجع إلى الحق، وإذا كان ما فيها صحيحًا فالرجاء منكم الاعتراف بهذا المذهب، والتصديق به، والمساعدة على نشرها، فبعث القاضي هذه الكتب إلى الشيخ "محمَّد زمان خان الشاهجهان بوري"، فحملته الغيرة الدينية على الردِّ على هذه الكتب، وألف كتابه المشهور "هدية مهدوية"، وبعد نشر هذا الكتاب أعلن داعية المهدوي "سيد

(1)"المصدر نفسه" ص (291).

ص: 29

عيسى" في أتباعه أن من يقتل الشيخ "محمَّد زمان خان" فله قصران في الجنة، وأربع نخلات، فاندفع شاب مهدوي لتنفيذ اغتياله، وأخذ يتحين الفرص، وفي يوم من الأيام وجد الشيخ وحيدًا في المسجد بين المغرب والعشاء يقرأ القرآن الكريم، فجاء من خلفه، وضربه بالسيف، وهرب، وفاضت روح الشيخ فورًا، رحمه الله رحمة واسعة، وتقبله في الشهداء البررة (1).

وفي العصر المتأخر اغتالت يدُ الغدر والجهل العالِمَ السلفيَّ المجاهدَ "إحسان إلهي ظهير" الذي وقف حياته على الذبِّ عن الإِسلام والسُّنَّة، وكان سيفًا سَليطًا على أعدائهما، وببركة جهاده بلسانه وقلمه انحسرت كثير من الفرق الضَّالة، وخمد نشاطها، وقد سجن مرات عديدة بسبب نشاطه في قمع البدع، وما زال يذب عن حوزة الإِسلام، وينصر السّنَّة حتى اغتاله المبتدعون المارقون أثناء إلقائه محاضرة في (23 رجب 1407 هـ) في جمعية أهل الحديث بلاهور بباكستان بحضور ألفي شخص، حيث زرعت قنبلة بجوار المنصة التي كان يحاضر عليها، وقتل عشرة من العلماء وعدد من الحضور، ونقل إلى الرياض لعلاجه، ولكن وافته المنية بعد أيام، وصلى عليه الإِمام المجدد عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى- ودفن في مقبرة البقيع مع خير أولياء الله بعد الأنبياء ممن كان يدافع عنهم، ويذب عن أعراضهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآل

(1)"نفسه" ص (293، 294).

ص: 30

بيته الطاهرين، وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين -، فنعم الجوار، ونعم الجار (1).

نسأل الله تعالى أن يكرم نزله، وأن يتقبل عمله، وأن يرزقه الفردوس الأعلى من الجنة في روح وريحان، وجنة نعيم.

ولولا خشية الإطالة لذكرنا صورًا كثيرة لحقد المبتدعة الجهال وإراقتهم دماء العلماء (2).

(1) انظر: "إحسان إلهي ظهير: الجهاد والعلم من الحياة إلى الممات 1360 - 1407 هـ"، تصنيف الشيخ محمَّد بن إبراهيم الشيباني -مكتبة ابن تيمية- الكويت (1408 هـ - 1988 م).

(2)

انظر: "الحقد الدفين على العلماء والصالحين" لجامعه من "سير أعلام النبلاء" عبيد بن أبي نفيع الشعبي - ط. دار الوطن -الرياض-1413 هـ.

ص: 31