الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصفى من الثلج إشراقا مذاقته
…
أحلى من اللبن المضروب بالعسل
نحلتك الود علي إذ نحلتكه
…
أجني بجميل منه أفضل النحل
فما لجلدي بنضح النار من جلد
…
وما لقلبي بهول الحشر من قبل
يا خالق الخلق لا تخلق بما اجترمت
…
يداي وجهي من حوب ومن زلل
واصحب وصل وواصل كل صالحة
…
على نبيك بالإصباح والأصل
هذه نبذة من عيونها، والسماع شامل لجميعها
مشيخة الشيخ الكبير أبي عبد الله
محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء بن أبي المعالي بن عثمان بن أبي البركات الصالحي، المعروف بابن الزراد، تخريج الحافظ أبي عبد الله الذهبي، في جزأين كبيرين عن شيوخه بالسماع، وهم أزيد من مائة شيخ، سمعتها عليه بقراءة مخرجها، ووهبني بعد ذلك النسخة بخطه، وكانت وفاة هذا الشيخ في سادس شوال، سنة ست وعشرين وسبع مائة، عن ثمانين سنة وأشهر، وكان من المكثرين من السماع جدا وحدث بالكثير، وقد تقدم ذكره غير مرة والرواية عنه أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن الزراد، سماعا عليه قال: أنا أبو المظفر بن يوسف بن قزعلي الواعظ، سماعا عليه قال: أنا جدي للأم الحافظ الكبير أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي قال: أنا الحسن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خسرو البلخي، سنة ست عشرة وخمس مائة، وهذا أول ما سمعت قال: أنا عبد المحسن بن مُحَمَّد الشيحي، أنشدنا منصور ،
أسانيدها وقرأت الكتاب المذكور عليه بكماله، بمدينة حلب حرسها الله تعالى، وكان مولد شيخنا هذا رحمه الله في شهر شوال، سنة سبع وستين وست مائة، ودرس سنة ست وثمانين وست مائة، وأفتى بعد ذلك بيسير، وقرأ العربية على العلامة بدر الدين بن مالك، والفقه على العلامة تاج الدين الفزاري، والأصول
على القاضي بهاء الدين بن الزكي، وكان رحمه الله مجدا لا يدرك شأوه، من بحور العلوم المتنوعة، رأسا في التدقيق والتحقيق، شديد الذكاء متمكنا من آلات الاجتهاد، يلقي كل يوم ثمانية دروس فأكثر، يقع كل درس منها في أوراق بأفصح عبارة، وأطيب نغمة وألطف أداء، وأحسن بيان وأميز تنقيح وأقوى تحقيق، وله الباع الطويل في النظم والنثر، ومعرفة المعاني والبيان، وخطه في الطبقة العليا من القوة، وأما كرم نفسه وحسن خلقه، وطيب عشرته، فما لا يقدر الوصف قدر ذلك، مع الدين المتين، والعبادة الحسنة، والخشوع الدائم، ولقد كان رحمه الله سيفا من سيوف السنة، قائما بنصرها والذب عنها، وقمع المخالفين لها والرد على المبتدعين فيها، وما رأيت أحدا يغضب في شيء كغضبه الذي كان يغضبه للسنة إذا نيل منها، وأما مروءته وقيامه مع طلبة العلم وإحسانه إليهم فما يطول الكلام بتعداده، فجزاه الله عني أفضل الجزاء، وجعل نصيبه من رضوانه وافر الأجزاء، صحبته زمنا طويلا سفرا وحضرا، وعلقت عنه وقرأت عليه وأذن لي في الإفتاء، ودرست بحضرته رحمة الله عليه، ولم نكن نقدر تلك الأيام التي كنا نصحبه فيها قدرها، إلى أن قدر الله تعالى الفراق، فولي قضاء القضاة بالمملكة الحلبية، وامتنع فألزم بالخروج إليها، فسافر وتوجهت في
صحبته إليها، وأقمت عنده أيام قلائل مودعا، ثم رجعت إلى دمشق، وأقام هناك نحو ثلاث سنين، ثم شغر منصب القضاء بدمشق ولم يكن بالشام من يتعين له غيره، بل ولا كان قبل ذلك، فطلبه السلطان الملك الناصر تغمده الله برحمته ليشافهه بالتولية، فحضر إلى دمشق وتملينا بذلك الوجه الحسن أياما يسيرة، ثم توجه فأدركه قضاء الله سبحانه بمدينة بلبيس، فتوفي بها الأربعاء، سادس عشر شهر رمضان المذكور، ليلة السابع عشر من شهر رمضان، سنة سبع
وعشرين وسبع مائة، وحمل إلى القرافة فدفن جوار الإمام الشافعي، خارج شباك القبة التي فيها الإمام، ولقد كنت أسمعه كثيرا يرتاح إلى ذلك المكان، ويتمنى الدفن فيه رحمة الله عليه، وقد تخرج به أئمة كبار، وأذن في الإفتاء لأكثر من أربعين نفسا من المذاهب الأربعة، والله تعالى يجمع بيننا وبينه في دار كرامته بفضله ورحمته، وقد تقدم رواية الحديث عنه في غير موضع: وأنشدني رحمة الله عليه لنفسه بالروضة الشريفة بين القبر والمنبر، على ساكنه أفضل الصلاة والسلام:
أهواك يا ربة الأستار أهواك
…
وإن تباعد عن مغنايا مغناك
وأعمل العيسى والأشواق تحملني
…
عسى يساهد مغنى لي مغناكي
تشوقها نسمات الصبح سارية
…
يسوقها نحو رؤياك سرياكي
تهوى بها البيد لا تخشى الضلال وقد
…
هدت ببرق الثنايا من ثناياكي
يا ربة الحرم العال الأمين لمن
…
وافاه من أين هذا الأمن لولاكي
قد أكثر الناس في سلع وكاظمة
…
والأبرقين وليس القصد إلاكي
يا ربة الحسن ذات الخال ما نظرت
…
عين المحبين أبهى من محياكي
إن شبهوا الخال بالمسك الذكي
…
فهذا الخال من دونه المحكي والحاكي
أفدي بأسود قلبي نور أسوده
…
من لي بتقبيله من بعد عيناكي
إني قصدتك لا ألوي على بشر
…
ترمي النوى بي سراعا نحو مرماك
وقد حططت رحالي في حماك عسى
…
تحط أثقال أوزاري بلقياكي
كما حططت بباب المصطفى أملي
…
وقلت للنفس بالمأمول بشراكي
هذا نبي الهدى المختار من مضر
…
هذا الرءوف الرحيم الطيب الزاكي
مُحَمَّد خير خلق الله كلهم
…
وفاتح الخير ماحي كل إشراك
هادي الورى وظلام الكفر معتكر
…
والناس ما بين ظلام وأفاك
له الشفاعة يوم العرض خالصة
…
والناس في خطتي كرب وإضناك
والكاشف الكرب والكافي لأمته
…
في دينهم شر فتان وفتاك
ومنها:
يا سيدي يا رسول الله يا أملي
…
يا غاية القصد في عجزي وإدراكي
يا صاحب الجاه عند الله خالقه
…
ما رد جاهك إلا كل أفاكي
أنت الوجيه على رغم العدى أبدا
…
أنت الشفيع لفتاك ونساك
يا فرقة الزيغ لا لقيت صالحة
…
ولا شفى الله يوما قلب مرضاك
ولا حظيت بجاه المصطفى أبدا
…
ومن أعانك في الدنيا ووالاك
يا سيدي يا حبيب الله يا سندي
…
يا خير عرب وأعجام وأتراك
يا أفضل الرسل يا مولى الأنام ويا
…
خير الخلائق من إنس وأملاك
ها قد قصدتك أشكو بعض ما صنعت
…
بي الذنوب وهذا ملجأ الشاكي
فاستغفر الله لي واسأله عصمته
…
فيما بقي وغنى من غير إمساك