الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليك من ربك الله الصلاة كما
…
منا عليك السلام الطيب الزاكي
المشيخة التي لشيخنا الإمام
العلامة حجة الإسلام، طراز العلماء رباني الأئمة برهان الدين، أبي إسحاق إبراهيم بن شيخ الإسلام تاج الدين أبي مُحَمَّد عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري البدري الشافعي نضر الله وجهه، عن مائة شيخ من شيوخه بالسماع، في ثلاثة عشر جزءا، سمعتها عليه بقراءة الحافظ البرزالي، في سنة أربع عشرة وسبع مائة، ثم قرأتها عليه غير مرة، وخرجت له أيضا ثلاثة أجزاء من عوالي حديثه، وقرأتها عليه مرات عديدة أيضا، وكان مولد شيخنا هذا سنة ستين وست مائة، وسمع الكثير في صغره بإفادة عمه شيخنا العلامة شرف الدين أبي العباس وعلى والده، ودرس وأفتى في حياته ثم باشر تدريس المدرسة الباذرائية وحلقة الإقراء للعلوم بجامع دمشق بعده إلى أن توفي رحمه الله، ونفع الله به من الطلبة أمم كثيرين، وكان إمام في مذهب الشافعي، ونقله والمعرفة بدقائقه لا يلحق في ذلك، كثير الإفادة في علوم أخر، زاهدا عابدا ناسكا، ساكنا، وقورا حسن البشر، كثير التواضع واسع المكارم نزه النفس، قائما بوظائفه الدينية، التي لا يبرح منها من العبادة والاشتغال بالعلم وتعليم الطلبة، وعيادة المرضى وقضاء حقوق الناس والإفضال عليهم، مع ضعف البنية وقلة المأكل وخشونة الملبس، وبالجملة فما رأى مثل نفسه في جميع صفاته، ولقد جاءته الدنيا غير
مرة فيأباها، فعرض عليه أولا وكالة بيت المال فامتنع، ثم ولي خطابة دمشق فباشرها أياما يسيرة ثم تركها، وألح عليه فيها فامتنع، ثم عرض عليه قضاء دمشق وسعى إليه جميع أهل البلد، من الوزير ومن دونه ومشايخ، أهل العلم جلس الكل بين يديه يسألونه وهو يمتنع، وبالله ما رأيت العلم في يوم أعز منه في ذلك اليوم، فرضي الله عن ذلك الوجه ونضره، ثم السبيل إلى
الجنة يسره، وجمع بيننا وبينه في محل قدسه، قرأت عليه الفقه زمنا طويلا، وكان كثير الإحسان إلي والاعتناء بأمري، وقرأت عليه صحيح مسلم مرتين، وغير ذلك من الكتب والأجزاء، ولقد كنا نجزم أنه يمكث الشهور وما يكتب عليه خطيئة، لأنه لا يبدو منه قول ولا فعل أصلا غير مباح، ولا يشتم أحدا ولا ينهره ولا يسمع غيبة أبدا، ولا يتكلم فيما لا يعنيه، ويعظم الفقراء والصالحين ويتردد إليهم، وعلق على كتاب التنبيه تعليقة حافلة في بضعة عشر مجلدا، وتخرج به أئمة وعلماء، إلى أن توفي إلى رضوان الله، في بكرة يوم الجمعة شهر جمادى الأول، سنة تسع وعشرين وسبع مائة، وشيعه من الخلائق ما يفوت الوصف، وتلي على قبره في مدة أيام يسيرة فوق مائتي ختمة، ودفن عند والده وعمه بمقبرة باب الصغير، رحمة الله عليهم
أجمعين
أَخْبَرَنَا شَيْخُنَا الرَّبَّانِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ صَصَرَى، بِانْتِخَابِي عَلَيْهِمَا، قَالَ الأَوَّلُ: أنا الْعَلامَةُ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عُمَرَ، وَالثَّانِي: أنا جَدِّي الْمُسْلِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالا: أنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُصَيْنِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ غَيْلانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ أَنَسٍ أَبُو الْخَيْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ الرَّبَعِيُّ الْكَعْبِيُّ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ، ح وَبِهِ إِلَى الشَّافِعِيِّ، قَالَ: وَثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ تَمِيمٍ الْمِصْرِيُّ، ثنا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِقُدَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ هِشَامٍ،
عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ، رضي الله عنه ح.
وَأَخْبَرَنَاهُ أَيْضًا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الآمِدِيُّ، سَمَاعًا عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، أنا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ الْحَافِظُ، أنا مَسْعُودُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أنا مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَاذشَاه، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، ثنا مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزٍ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ، رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ خَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، رضي الله عنه، وَمَوْلًى لأَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَدَلِيلُهُمَا اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ، مَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ، وَكَانَتْ بَرْزَةَ جَلْدَةَ تَحْتَبِي بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ، فَسَأَلُوهَا تَمْرًا وَلَحْمًا يَشْتَرُوهُ مِنْهَا، فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْملِينَ مُسْنِتِينَ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، إِلَى شَاةٍ فِي كَسْرِ الْخَيْمَةِ، فَقَالَ:" مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟ " قَالَتْ: شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ قَالَ: " هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ؟ " قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " أَتَأْذَنِينَ لِي أَنْ أَحْلِبَهَا؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلِبْهَا فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا، وَسَمَّى اللَّهَ، عز وجل، وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا، فَتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ يُرِيضُ الرَّهْطَ فَحَلَبَ ثَجًّا حَتَّى عَلاهُ الْبَهَاءُ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رَوِيَتْ ثُمَّ سَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوُوا، ثُمَّ شَرِبَ آخِرُهُمْ، ثُمَّ حَلَبَ ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ حَتَّى مَلأَ الإِنَاءَ ثُمَّ غَادَرَهُ، وَبَايَعَهَا وَارْتَحَلَ عَنْهَا، فَقَلَّ مَا لَبِثَتْ حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزٍ عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هَزْلا، مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا أُمَّ مَعْبَدٍ، وَالشَّاةُ عَازِبٌ حِيَالٌ وَلا حَلُوبَ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَتْ: لا وَاللَّهِ، إِلا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ، مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ، قَالَتْ: رَجُلٌ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ، أَبْلَجُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الْخَلْقِ لَمْ تُعِبْهُ ثُجْلَةٌ، وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ، وَسِيمٌ قَسِيمٌ، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ، وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَافَةٌ، أَزَجُّ أَقْرَنُ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، وَإِنْ
تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلاهُ الْبَهَاءُ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَأَحْلاهُ وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ فَصْلٌ لا نَزْرٌ وَلا هَذَرٌ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتٌ نُظِمْنَ يَتَحَدَّرْنَ، رَبْعَةٌ لا تَيْئَسُ مِنْ طُولٍ وَلا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ، فَهُوَ أَنْظَرُ الثَّلاثَةِ مَنْظَرًا وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ، مَحْفُودٌ مَجْشُودٌ لا عَابِسٌ وَلا مُفْنِدٌ قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ: فَهَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذَكَرُوا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذَكَرُوا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ، وَلأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلا، وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالٍ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ، يَقُولُ:
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ
…
رَفِيقَيْنِ قَالا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ
هُمَا نَزَلاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ
…
فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ
فَيَا لَقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ
…
بِهِ مِنْ فِعَالٍ لا تُجَازَى وَسُؤْدُدِ
لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَكَانَ فَتَاتِهِمْ
…
وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤُمْنِينَ بِمُرْصَدِ
سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَأْنِهَا وَإِنَائِهَا
…
فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ
…
عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّة الشَّاةِ مُزْبِدِ
فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبِ
…
يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ
فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، رضي الله عنه، شَبَّبَ بِجَوَابِ الْهَاتِفِ، فَقَالَ:
لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ
…
وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي
تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ
…
وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ
هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلالَةِ رَبُّهُمْ
…
وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يَرْشُدِ
وَهَلْ يَسْتَوِي ضَلالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا
…
عَمَايَتَهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدٍ
وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبٍ
…
رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعَدِ
نَبِيٌّ يَرَى مَا لا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ
…
وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ
…
فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ
لِيَهْنَ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةَ جَدِّهِ
…
بِصُحْبَتِهِ مَنْ يَسْعَدِ اللَّهُ يَسْعَدِ
واللفظ للرواية الأولى والأخرى بمعناه، هذا حديث حسن محفوظ من رواية حزام بن هشام، والكلام على ما يتعلق بإسناده وتحقيق ألفاظه ووجوه معانيها ليس هذا موضعه، وقد كتبت ذلك كله في جزء مفرد وبالله التوفيق، وإلى هنا انتهى منا الكلام فيما قصدناه وتم النظام لما أوردناه، وجعلت هذا الحديث المتضمن لمعجزات نبينا، صلى الله عليه وسلم وأوصافه ختاما، وشيخنا الرباني أبا إسحاق لمن تقدم قبله غاية، وإن كان عند التحقيق لهم إماما فأما الكتب الأدبية ومن سمعت منه شيئا من النظم والنثر فجماعة كثيرون، لكن المقدم منهم في ذلك والبالغ إلى رتبة تصعب إليها المسالك، شيخنا القاضي الأوحد العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سلمان بن فهد الحلبي صاحب ديوان الإنشاء بالشام، ومالك أزمة النثر والنظام ومن انعقد الإجماع على إمامته في هذه الصناعة، وجاز فيها قصب السبق فما يدانى بلاغة ولا براعة، قرأت عليه من تصانيفه ونظمه ونثره قطعة صالحة منها: كتاب حسن التوسل إلى صناعة الترسل في علم المعاني والبيان والبديع وهو كتاب جليل وفي آخره نحو الربع منه أو أكثر من رسائله
وإنشائه، وكتاب المدائح النبوية له، أزيد من ثلاثة آلاف بيت، وكتاب منازل الأحباب ومنازه الألباب وغير ذلك، وكان من عباد الله الصالحين، ومن العلماء العاملين، عديم الشر بالكلية، مع ارتفاع رتبته كثير التواضع
، توفي في شهر شعبان، سنة خمس وعشرين وسبع مائة، عن إحدى وثمانين سنة تغمده الله برحمته: أنشدني العلامة أبو الثناء محمود بن سلمان لنفسه بقراءتي عليه:
أعد حديث الحمى فالركب في طرب
…
وقص أنباء من بالجزع من عرب
ولا تشبه بذكرى غيرهم فبهم
…
يحلوا حديثي وفيهم ينتهي أربي
كرر حديث الثنايا فهو أعذب لي
…
على الظمى من رضاب الخرد العرب
فقد سرت نفخة أنشأت نسمتها
…
فينا فملنا على الأكوار كالقصب
حركت ساكن شوقي بالحمى وبمن
…
حل الحمى فسرى منا إلى النجب
وظل سائقها يبغي اللحاق بها
…
على وجاها وما قاسته من وصب
فنحن والنوق والشهب الهداة بنا
…
ثلاثة في السرى لم نؤت من لغب
إذا الكرى ذر في أجفاننا سنة
…
من النعاس نفضناها على الهدب
تبدي السماء لنا معنى الحمى بسنا
…
نأى قرب سفور الوجه محتجب
إذا ظمأنا توهمنا مجرتها
…
نهرا طفت فيه أكواب من الشهب
كأنها روضة حفت أزاهرها
…
بجدول من نمير الماء ذي شعب
أو حلت من بديع الوشي معلمة
…
بالنور معقودة الأزرار من ذهب
إيها حديثك عن وادي العقيق وهل
…
همت على ساحتيه أدمع السحب
وهل تبلج ثغر النور مبتسما
…
على رباه لنوء فيه منتحب
وهل تضرج وجه الأرض إذ
…
خلعت حلي الشقيق على خد له ترب
وهل تأرج نشر الريح مذ علقت
…
تلك الرياض بذيل منه منسحب
وهل حدائق سلع للنسيم بها
…
مسارح في نخيل لحن كالقبب
من كل باسقة تختال في هيف
…
جالت عليه ذؤابات من العذب
كأنها خيم قامت على عمد
…
في الجو محكمة الأوتاد والطنب
كأن قنوانها كأس مموهة
…
بعسجد ضمنت عقدا من الحبب
كرات تبر وياقوت منضضة
…
في سلك عقد حوت ضربا من الضرب
طاب الحديث لنا عنها وعن حلل
…
فيها ولولا أهيل الحي لم يطب
دع ذا وعد إلى معنى هناك ففي
…
أرجائه خير مأوى ضم خير نبي
مُحَمَّد سيد السادات من مضر
…
وأشرف الخلق من عجم ومن عرب
فهاشم وبه فخر الأولى فخروا
…
من قبل صار به في أرفع الرتب
أخبار أحبار أهل الكتب قد شهدت
…
بما رأوا منه في الأسفار والكتب
وانشق إيوان كسرى يوم مولده
…
ونارهم خمدت في حالت اللهب
والجن صدت عن السمع الذي استرقت
…
من قبل ذاك بأرصاد من الشهب
وفي حرا جاءه جبريل مبتدئا
…
من ربه بالكتاب المحكم العرب
فأقبل الدين والتأييد يقدمه
…
وأدبر الشرك والشيطان في الهرب
فقام فيهم بأمر الله منفردا
…
يدعوا قلوبا غدت بالشرك في حجب
يبدي الهدى ويريهم سوء ما اتخذوا
…
دون الإله من الأوثان والنصب
فجاء من سبقت عند الإله له ال
…
حسنى بقلب منيب صادق الطلب
خال من الشرك خال بالهدى أرج
…
بالدين مقترب بالصدق مرتقب
مهاجرا هاجرا في الله ما وصلت
…
به وبين عداة لحمة النسب
وصد من صدفته شهوة غلبت
…
عليه في معقل من شركه أشب
لولا الهدى أبصروا في الحق رشدهم
…
ما كان وجه الهدى عنهم بمنتقب
ففاز بالصدق في الأولى وفي الرتب الأ
…
خرى صهيب بما أعيى أبا لهب
فمزقتهم سيوف الله فانقلبوا
…
في يوم بدر بخزي الشرك في القلب
ألم يكن في انشقاق البدر مزدجر
…
عن غيهم وعناد الحق بالكذب؟
أما رأوا إذ دعا الأشجار فابتدرت
…
وحين قال ارجعي عادت على العقب
ألم يكن في حنين الجذع موعظة
…
تهدي قلوبا غدت أغبى من الخشب
ألم تسلم عليه في مسالكه الأحجار
…
وانتهزت ما فات كل غبي
ألم تسبح بكفيه الحصى وغدا
…
تسبيحه بلسان مفصح ذرب
وبعض شاة وأقراص كفى بهما
…
مئين كلهم يشكو من السغب
وفضلة في إناء الماء فاض بها
…
بنانه بزلال سايح سرب
فروت الجيش جمعا فارتووا وملوا
…
ما معهم من إداوات ومن قرب
أشتاقه ويد التقصير تعجز بي
…
عنه فأقعد والأشواق تنهض بي
وكم بعثت سلامي في البعاد وهل
…
يشفي المشوق سوى التسليم من كثب
فهل إليه سبيل في الحياة وما
…
علي إن جيته من حال منقلبي
وإن قضيت غراما قبل زورته
…
فكم قضى من بعيد الدار مكتئب
كم ذا أعلل نفسي باللقاء وقد
…
حدا الردى بي وولى العمر في لعب
فمن لصب غدت أنفاسه كلفا
…
بالقرب في صعد والدمع في صبب
يودوا لو أرجيت منه المنون لكي
…
يقضي مناه من الأجزاع والكتب
عسى بها نهلة تروي الظمأ وصبا
…
يطفي لواعج ما بالقرب من كرب
صلى الإله على من حل تربتها
…
فأصبحت بشذاه أعطر الترب
ما لاح برق وما ضاءت لناظرها
…
كواكب الأفق أو دارت على القطب
ولنقتصر على هذا القدر حذرا من التطويل ونكتف بذكر هذا الشيخ من هذا القبيل، والله تعالى يجعل سعيي في طلب العلم سعيا في سبيله،
وعملا مقربا إليه وإلى رسوله، وألا يجعل العلم بنا ماحلا، ولا الصراط بنا زائلا، ولا القلب عن سبيل الهدى مائلا، ونعوذ به سبحانه من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع
240 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ النَّقُّورِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، ثنا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ السَّدُوسِيُّ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، يَعْنِي: الْمَقْبُرِيَّ، عَنْ أَخِيهِ عَبَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَقُولُ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لا يُسْمَعُ "
241 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ يُوسُفَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أنا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نِزَارٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" الَّلُهَّم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْقَسْوَةِ وَالْغَفْلَةِ، وَالذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفُسُوقِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الصَّمَمِ وَالْبَكَمِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَسَيِّئِ الأَسْقَامِ ".
242 -
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى الْمُعَدَّلُ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ، وَغَيْرُهُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ السُّنِّيِّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا عَمِّي، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: صَلَّى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، رضي الله عنه، بِالْقَوْمِ صَلاةً أَخَفَّهَا، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهَا، فَقَالَ: أَلَمْ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَمَا إِنِّي دَعَوْتُ بِهَا بِدُعَاءٍ كَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، يَدْعُو بِهِ:" اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الإِخْلاصِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بِرَدِّ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ "
243 -
وَأَخْبَرَتْنَا زَيْنَبُ بِنْتُ أَحْمَدَ، بِقِرَاءَتِي، عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ الْقُشَيْرِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ، أنا جَدِّي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْكَرِيمِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّني مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ ".
244 -
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَعْلَبَكِّيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أنا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ، أنا أَبُو عَدْنَانَ بْنُ أَبِي نِزَارٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالا: أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ رِيذَةَ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ مَرْزُوقٍ، ثنا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْجَحْدَرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، ثنا خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: مَا جَلَسَ ابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنه، مَجْلِسًا إِلا تَكَلَّمَ فِيهِ بِكَلِمَاتٍ، فَسُئِلَ عَنْهُنَّ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَدْعُو بِهِنَّ:" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي مِنْ طَاعَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ، وَارْزُقْنِي مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تُبَلِّغُنِي بِهِ رَحْمَتَكَ، وَارْزُقْنِي مِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيَّ مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَبَارِكْ لِي فِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَاجْعَلْهُمَا الْوَارِثُ مِنِّي، وَاجْعَلْ ثَأْرِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ عَادَانِي، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي دِينِي وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّي وَلا مَبْلَغَ عِلْمِي "
245 -
وَأَخْبَرَتْنَا سِتُّ الْفُقَهَاءِ بِنْتُ إِبْرَاهِيمَ الزَّاهِدِ، بِقِرَاءَتِي، عَنْ عَبْدِ اللَّطِيفِ الْحَرَّانِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النِّيَازِكِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْقَسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الإِمَامُ، ثنا أَبُو حَفْصٍ، ثنا يَحْيَى، ثنا سُفْيَانُ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ طُلَيْقَ بْنَ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، يَدْعُو بِهَذَا:" يَا رَبِّ أَعِنِّي وَلا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، رَاهِبًا لَكَ، مِطْوَاعًا لَكَ، مُخْبِتًا لَكَ، أَوَّاهًا مُنِيبًا، رَبِّي تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي ".
246 -
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ يَحْيَى، قَالا: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَلِيلٍ، أنا يَحْيَى الثَّقَفِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَقِيلٍ، قَالا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّاجِرُ، أنا سُلَيْمَانُ اللَّخْمِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ الْمِصْرِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الأَيْلِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ مِمَّا دَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَشِيَّةَ عَرَفَةَ:" اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَكَانِي وَتَسْمَعُ كَلامِي، وَتَعْلَمُ سِرِّي وَعَلانِيَتِي، لا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِي، أَنَا الْبَائِسُ الْفَقِيرُ الْمُسْتَغِيثُ الْمُسْتَجِيرُ الْوَجِلُ، الْمُشْفِقُ الْمُعْتَرِفُ بِذَنْبِهِ، أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهَالَ الْمُذْنِبِ الذَّلِيلِ، وَأَدْعُوكَ دُعَاءَ الْخَائِفِ الضَّرِيرِ، مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ وَذُلَّ جَسَدُهُ وَرَغِمَ أَنْفُهُ، اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي بِدُعَائِكَ شَقِيًّا، وَكُنْ بِي رَءُوفًا رَحِيمًا، يَا خَيْرَ الْمَسْئُولِينَ وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ "
وَبِهِ إِلَى اللَّخْمِيِّ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ الْعَابِدَ أَبَا الْفَيْضِ، رحمه الله، يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ جَاوَزُوا دَارَ الظَّالِمِينَ، وَاسْتَوْحَشُوا مِنْ مُؤَانَسَةِ الْجَاهِلِينَ، وَشَابُوا ثَمَرَةَ الْعِلْمِ بِنُورِ الإِخْلاصِ، وَاسْتَقَوْا مِنْ عَيْنِ الْحِكْمَةِ، وَرَكِبُوا سَفِينَةَ الْفِطْنَةِ، وَأَقْلَعُوا بِرِيحِ الْيَقِينِ، وَنَجَوْا فِي بَحْرِ النَّجَاةِ، وَأَرْسَوْا بِشَطِّ الإِخْلاصِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ سَرَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي الْعُلا، وَحَطَّتْ هِمَمُ قُلُوبِهِمْ فِي عَالِيَاتِ الْبَقَاءِ، حَتَّى أَنَاخُوا فِي رِيَاضِ النَّعِيمِ، وَجَنَوْا مِنْ ثِمَارِ النَّسِيمِ، وَخَاضُوا بَحْرَ السُّرُورِ، وَشَرِبُوا بِكَأْسِ الْعَيْشِ، وَاسْتَظَلُّوا تَحْتَ فَيْءِ الْكَرَامَةِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ فَتَحُوا بَابَ الصَّبْرِ، وَرَدَمُوا خَنَادِقَ الْجَزَعِ، وَجَازُوا شَدَائِدَ الْعِقَابِ، وَعَبَرُوا جِسْرَ الْهَوَى، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ أَشَارَتْ إِلَيْهِمْ أَعْلامُ الْهِدَايَةِ، وَوَضَحَتْ لَهُمْ طَرِيقُ النَّجَاةِ، وَسَلَكُوا سَبِيلَ إِخْلاصِ الْيَقِينِ
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّشْتِيُّ، بِقِرَاءَتِي، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ،
أنا أَبُو طَاهِرٍ الْحَافِظُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْفُرْسَانِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الذَّكْوَانِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى الزَّاهِدُ، يَقُولُ: تَعَلَّمْتُ هَذَا الدُّعَاءَ فِي الْمَنَامِ: يَا جَلِيلُ يَا جَمِيلُ، يَا غَوْثُ يَا غِيَاثُ يَا مُغِيثُ، يَا سَنَدُ يَا مَنْ إِلَيْهِ الْمُسْتَنَدُ، يَا حَبِيبَ التَّائِبِينَ يَا قُرَّةَ عَيْنِ الْعَابِدِينَ، يَا مُنْقِذَ الْغَرِقِينَ يَا مُدْرِكَ الْهَارِبِينَ، أَسْأَلُكَ بِجَلالِكَ وَبِجَمَالِكَ، وَبِحَقِّكَ عَلَى الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم، وَوَعْدِكَ إِيَّاهُ أَنْ لا تُسِيئَهُ فِي أُمَّتِهِ، أَنْ تُصْرِفَ عَنَّا الْبَلاءَ وَالْعَذَابَ، اللَّهُمَّ أَمِدَّنَا مِنْ عِنْدِكَ، وَأَفِضْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلِكَ، وَانْشُرْ عَلَيْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ، اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنَا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَفْتَقِرُ إِلَيْكَ وَيَسْتَغْنِي بِكَ، اللَّهُمَّ اشْفِنَا بِشِفَائِكَ، وَدَاوِنَا بِدَوَائِكَ، وَعَافِنَا مِنْ بَلائِكَ، وَثَبِّتْنَا بِرَحْمَتِكَ، وَأَيِّدْنَا بِقُوَّتِكَ، وَتَمِّمْ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ، وَهَبْ لَنَا كَرَامَاتِكَ، اللَّهُمَّ اغْنِنَا بِالتَّقْوَى، وَزَيِّنَّا بِالْحِلْمِ، وَارْفَعْنَا بِالْعِلْمِ، وَاسْتُرْنَا بِالْعَافِيَةِ عَافِيَةٍ كَافِيَةٍ شَافِيَةٍ ظَاهِرَةٍ بَاطِنَةٍ، تَتْبَعُهَا عَافِيَةٌ تُجَرُّ إِلَى عَافِيَةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ هَبْ لَنَا نَفْسًا مُطْمَئِنَّةً، تُؤْمِنُ بِلِقَائِكَ، وَتَقْنَعُ بِعَطَائِكَ، وَتَرْضَى بِقَضَائِكَ، وَتَصْبِرُ عَلَى بَلائِكَ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ عَلَى الْهُدَى أَمْرَنَا، وَاجْعَلِ التَّقْوَى زَادَنَا وَالْجَنَّةَ مَآبَنَا، اللَّهُمَّ قُلُوبُنَا وَنَوَاصِينَا بِيَدَيْكَ، لَمْ تُمَلِّكْنَا مِنْهَا شَيْئًا، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِهِمَا فَاهْدِهِمَا إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، اللَّهُمَّ أَوْسِعْ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا حَلالا، وَزَهِّدْنَا فِيهَا، وَلا تُرَغِّبْنَا فِيهَا، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
247 -
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يُوسُفَ، وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالا: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أنا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ، ثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، إِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلاتِهِ، قَالَ: " {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وهذا آخر الكتاب، والحمد لله رب الأرباب، ومسبب الأسباب، ومسير السحاب، ومسهل الصعاب، لا إله إلا هو، عليه توكلت، وإليه متاب،
الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، فله الحمد على ما أولى، وله المنة في الآخرة والأولى، ونسأله سبحانه أن يصلي على سيدنا ونبينا وشفيعنا محمد، نبي الرحمة، وهادي الأمة، وكاشف الغمة، ومجلي الظلمة، وعلى آله وأزواجه وذريته، وسائر النبيين والمرسلين والكل وسائر الصالحين، وحسبنا الله ونعم الوكيل وقع الفراغ منه نهار الثلاثاء تاسع شهر شعبان المبارك، من شهور سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة، على يد العبد الفقير إلى رحمة ربه القدير
محمد بن حميد بن حسان، الراجي عفو ربه المنان طالعت هذه النسخة جميعها مصححا لها ومصلحا، فصحت ولله الحمد والمنة.
كتبه
خليل بن العلائي الشافعي
حامداً لله تعالى ومصلياً على
نبيه وآله ومسلما [852 ب] .
السماع والإجازة
السماع والإجازة
أما بعد حمد الله على حديث نعمه، الحسن المتصل المسلسل، وتواتر مننه التي يدفع بها تدليس كل أمر معتمل، ومزيد كرمه الذي عم المختلف والمؤتلف، فلا ينقطع ولا يوقف على أن يعلل، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الذي رفع الله به شأن أمته، حين أضحى لهم سنداً، وأمدهم بمتابعات هدايته، فوصل ما كان مقطوعاً، وأعز من كان مفرداً، وعلى آله وأصحابه الذين رموا قلوب أعدائه وجسومهم بالتجريح، وطاعنوا بين يديه
بالعوالي، حتى استقام وقوي متن الدين الصحيح، فقد سمع علي جميع هذا الكتاب المسمى، بإثارة الفوائد المجموعة في الإشارة إلى الفرائد المسموعة، الشيخ الفقيه المحدث الإمام، الحافل الرحال المتقن المجيد، الأصيل الصالح الأزكى المفيد، جمال العلماء زين الفضلاء، أبو عبد الله محمد بن الشيخ الإمام الأوحد الخطيب العالم أبي بكر محمد بن الشيخ الإمام العلَاّمة
القدوة، البارع المتفنن الخطيب، الزاهد السيد الكبير الشهير أبي عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الهاشمي، المالقي المعروف بالطنجّالي، أعلى الله قدره ورفعه، ونفع به طلبة العلم كما نفعه، والشيخ العالم الفاضل أبو عبد الله محمد بن محمد بن اليسر البرسي النحوي، وولده أبو الطاهر محمد، وذلك بقراءة المحدث المجيد الفاضل شهاب الدين أحمد بن
محمد بن إبراهيم بن هلال المقدسي، من أوله إلى ذكر كتاب المعجم الكبير للطبراني، وبقراءتي من ثم إلى آخر الكتاب، في مجالس آخرها يوم الخميس سادس عشر شهر جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة،
ببيت المقدس حماها الله تعالى، وسائر بلاد الإسلام.
وأجزت الشيخ أبا عبد الله الهاشمي المذكور، وولده النجيب أبا بكر محمد، وأخاه الأزكى أبا الحسن محمد، أمدهم الله بإسعاده وإسعافه، وأيدهم بتوفيقه وألطافه، رواية جميع ما أشرت إليه في هذا الكتاب من الكتب والأجزاء، إجازة خاصة، وسائر ما يجوز عني روايته من مقول ومنقول، إجازة عامة.
وكذلك أجزت لهم رواية ما أنا ذاكره، من الكتب التي صنفتها وخرجتها، إجازة خاصة بها، وهي:
كتاب النفحات القدسية، وكتاب الأربعين في أعمال المتقين، وكتاب الأربعين المغنية بعيون فنونها عن المعين، وكتاب تحفة الرائض بعلوم آيات الفرائض، وكتاب برهان التيسير في عنوان التفسير، وكتاب إحكام العنوان لأحكام الدان، وكتاب نزهة النظرة في تفسير خواتم سورة البقرة، ومنتقى الذخائر في الأعمال الكبائر، وكتاب المباحث المختارة في تفسير آية الدية والكفارة، وكتاب نظم الفرائد فيما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد، وتحرير غاية المدة في تفسير آية العدة (1) ، وكتاب تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد، وتفصيل الإجمال في تعارض الأقوال والأفعال، وروض الإتقان في شرح حديث الطهور شطر الإيمان، وكشف النقاب عما روى الشيخان للأصحاب، ورفع الاشتباه عن أحكام الإكراه، وكتاب بغية الملتمس في عوال الإمام مالك بن أنس، وكتاب تحقيق الكلام في نية الصيام، وإنافة الحظوة في (قاعدة)(2) مد عجوة، والمعاني العارضة عن الخافظة، ورفع الالتباس عن مسألة البناء والغراس، وشفاء المسترشدين في اختلاف المجتهدين، وما تضمنته التعليقات الثلاث: الكبرى والوسطى والصغرى من الفوائد والمباحث، وكل منها في مجلدات عدة، إلى غير ذلك من المسائل
(1) في الأصل (تحرير وتقرير) كلمتان إحداهما فوق الأخرى، وفوقهما كلمة (معاً) ولعله
أراد كتابين في هذا الأول: تحرير غاية المدة
…
، والثاني: تقرير غاية المدة
…
(2)
كلمة لم تتضح قراءتها، الأقرب ما أثبتناه.
المفردة، والكتب التي يرجى من الله تيسير إتمامها، كالأربعين الكبرى، وكتاب نهاية الإحكام في رواية الأحكام، والله تعالى المسؤول أن ينفعنا جميعاً بالعلم وطلبه، وأن يصل أسبابنا إلى الخيرات بسببه، بمنه وكرمه، قال ذلك جميعه وكتبه خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي الشافعي مذهباً، الأشعري معتقداً، في شهر شعبان المكرم، سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، والحمد لله رب العالمين، حمداً يوافي نعمه، ويكافئ مزيده، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم دائما.
سمع جميع هذا الكتاب على مخرجه، شيخنا الشيخ الإمام العالم العلَاّمة، الحافظ حجة الإسلام مفتي الأنام، صلاح الدين وحيد المجتهدين، أبي الصفا خليل المذكور أعلاه، رضي الله عنه وأرضاه، بقراءة الإمام شمس الدين، أبي عبد الله محمد بن موسى بن محمد بن سند اللخمي (1) الشافعي، وكتب السماع في الأصل، ولقيناه أعلى نسخته التي بخط يده، محمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز القدسي (2) ، وذا خطه وآخرون على النسختين، وصح ذلك في مجالس آخرها في يوم الجمعة بعد الصلاة، سلخ شهر ربيع الأول، سنة ستين وسبعمائة، بمنزل شيخنا المسمع بالمدرسة الصلاحية بالقدس الشريف، وأجاز لنا ولبقية الجماعة، رواية جميع ما يجوز له وعنه روايته، وتعليمه هذه الطبقة، إلى هنا بعد ذلك بالقاهرة المحروسة، حرسها الله تعالى وسائر بلاد الإسلام.
قال مرزوق بن هياس آل مرزوق الزهراني:
تم تحقيقه بفضل الله تعالى ومنه وكرمه في مدينة الحبيب المصطفى نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في يوم الإثنين ليلة الثلاثاء من شهر الله المحرم أول شهور العام الهجري (1422) الثاني والعشرين بعد أربعمائة وألف، وتمت مقابلته بالأصل الخطي، ومراجعة النص، وعمل الفهارس في
(1) انظر ترجمته في (ذيل التقييد 1/268) .
(2)
انظر ترجمته في (ذيل التقييد 1/219) .
يوم السبت 26/1/1424 هـ، اللَّهم اختم بالصالحات عملي واجعلني من الفائزين برضوانك والجنة، يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، اللَّهم صل على نينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
***