الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما يؤيد عدم وجوب الحضور أن مخالطة من يهجر قد لا يأمن التضرر ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ونصوص الإمام أحمد كلها تدل على المنع من اللبث في المكان المضر (1).
الشرط الثالث: أن لا يكون الطعام حرامًا
(2).
إذا كان الطعام حرامًا لم تجب الإجابة بل تحرم سواء كان الطعام محرمًا لذاته أو لكسبه.
قال ابن الجوزي: إذا كان الطعام حرامًا فليمتنع من الإجابة (3).
وهذا الشرط قد يفرد وقد يكون داخلاً ضمن الشرط الأول وهو أن لا تشتمل الدعوة على منكر، وذلك لأن الطعام إما أن يكون محرمًا لذاته كلحم الميتة والخنزير، وإما أن يكون محرمًا لكسبه كالمسروق والمغصوب، وكلا النوعين منكر فيكون من الدعوة التي اشتملت على منكر فيمتنع من الإجابة.
مسألة: إذا كان في الطعام شبهة.
ذكر النووي (4) والطيبِي (5) والصنعاني (6) وصاحب عون المعبود (7) من الأعذار المسقطة للإجابة إذا كان في الطعام شبهة، بل قال القرطبي (8): لا يجوز الحضور.
(1) الاختيارات (242).
(2)
ذكر هذا الشرط ابن مفلح في الآداب الشرعية نقلاً عن ابن الجوزي (1/ 295).
(3)
الآداب الشرعية (1/ 295).
(4)
شرح مسلم (9/ 234).
(5)
شرح المشكاة (6/ 295).
(6)
في السبل (3/ 273).
(7)
(10/ 203).
(8)
المفهم (4/ 154).
الشرط الرابع (1): أن لا يكون هناك من يتأذى بحضوره ولا تليق به مجالسته (2).
هذا الشرط المراد به أن لا يكون في مجلس الدعوة من يتأذى بهم من الأرذال والسفهاء وغيرهم.
قال العراقي: أن لا يكون هناك من يتأذى بحضوره ولا تليق به مجالسته فإن كان فهو معذور في التخلف، وكذا اعتبر المالكية في الوجوب أن لا يكون هناك أرذال، وأشار الغزالي في الوسيط إلى حكاية وجه بخلاف هذا، وفي البحر للروياني: لو دُعي محتشمًا مع سفهاء القوم هل تلزمه الإجابة وجهان، ويوافقه قول المارودي: ليس من الشروط أن لا يكون عدوا للمدعو، ولا أن يكون في الدعوة من هو عدو له وفيما قاله نظر وأي تأذٍ أشد من مجالسة العدو (3).
وعلل الأُبَّى هذا الشرط بقوله: لأن المجامع التي فيها الأرذال من الفساق ونحوهم لا يؤمن فيها على الدين (4).
وقال المرداوي: قال في الترغيب والبلغة: إن علم حضور الأرذال ومن مجالستهم تزري بمثله لم تجب إجابته (5).
(1) هذا الشرط ذكره النووي في شرح مسلم (9/ 234) والطيبي في شرح المصابيح (6/ 295) والعراقي في طرح التثريب (7/ 73) والحافظ ابن حجر في الفتح (9/ 242) والشوكاني في النيل (6/ 202) والصنعاني في السبل (3/ 273) وصاحب عون المعبود (10/ 203).
(2)
هذا الشرط البعض يجعله مع الشرط الأول، والبعض يفصلهما.
(3)
طرح التثريب (7/ 73).
(4)
إكمال إكمال المعلم (5/ 94).
(5)
الإنصاف (8/ 319).
وقد تعقب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول بهذا الشرط فقال عقب قول صاحب التغريب والبلغة: ولم أره لغيره من أصحابنا وقد أطلق الإمام أحمد رحمه الله الوجوب واشترط الحل وعدم المنكر.
فأما هذا الشرط فلا أصل له كما أن مخالطة هؤلاء في صفوف الصلاة لا تسقط الجماعة، وفي الجنازة لا تسقط الحضور فكذلك ههنا.
وهذه شبهة الحجاج بن أرطأة وهو نوع من التكبر فلا يلتفت إليه.
نعم إن كانوا يتكلمون بكلام محرم فقد اشتملت الدعوة على محرم وإن كان مكروهًا فقد اشتملت على مكروه.
وأما إن كانوا فُسَّقًا لكن لا يأتون بمحرم ولا مكروه لهيبة المجلس فيتوجه أن يحضر إذ لم يكونوا ممن يهجرون مثل المستترين (1).
وعلى هذا فلا يدخل هذا في الشروط إلا إذا كانوا يتكلمون بكلام محرم أو مكروه، فيكون محله الشرط الأول إذا اشتملت الدعوة على منكر والله أعلم.
الشرط الخامس (2): أن لا تكون الدعوة للخوف من شر المدعو أو الطمع في جاهه (3).
فإذا كانت الدعوة ليست خالصة بل دعاه لاتقاء شره أو رغبة فيما عنده من جاه أو غيره لم تجب الإجابة.
(1) الإنصاف (8/ 319).
(2)
هذا الشرط يتعلق بالدعوة من حيث الإخلاص فيها، وله تعلق بالداعي أيضًا من حيث الإخلاص.
(3)
ذكر هذا الشرط النووي في شرح مسلم (9/ 234) والطيبِي في شرح المشكاة (6/ 295) والمرداوي في الإنصاف (8/ 318) والحافظ في الفتح (9/ 242) والشوكاني في النيل (6/ 202) والصنعاني في السبل (3/ 273) وصاحب عون المعبود (10/ 203).