المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشرط السابع: أن لا يكون الداعي أكثر ماله من الحرام - إجابة الدعوة وشروطها

[إبراهيم العبيد]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول: إجابة الدعوة

- ‌المبحث الأول: حكم إجابة الدعوة

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌القول الخامس:

- ‌المبحث الثاني: الأكل لمن دعي إذا حضر

- ‌الفصل الثاني: شروط إجابة الدعوة

- ‌المبحث الأول: الشروط المتعلقة بالدعوة

- ‌ الشرط الأول: أن لا تشتمل الدعوة على منكر

- ‌المسألة الأولى: حكم الحضور مع وجود المنكر

- ‌المسألة الثانية: إذا كان في البيت ستور فما حكم الإجابة

- ‌المسألة الثالثة: إذا كان في مكان الدعوة منكر لا يراه ولا يسمعه:

- ‌المسألة الرابعة: إذا كان في مكان الدعوة لعب مباح أو مكروه:

- ‌الشرط الثاني: أن لا يكون في مجلس الوليمة من يهجر

- ‌الشرط الثالث: أن لا يكون الطعام حرامًا

- ‌الشرط السادس: أن تكون الدعوة في وقت الوليمة

- ‌الشرط السابع: أن لا تخص الدعوة بالأغنياء

- ‌الشرط العاشر: أن تكون الدعوة في اليوم الأول

- ‌الشرط الحادي عشر: أن لا يكون في مكان الدعوة من يكرهه المدعو أو يكره هو المدعو

- ‌المبحث الثانيالشروط المتعلقة بالداعي

- ‌الشرط الأول: أن يكون الداعي مسلمًا

- ‌الشرط الثاني والثالث والرابع: أن يكون الداعي حرًا مكلفًا رشيدًا

- ‌الشرط الخامس: أن لا يكون الداعي ممن يجوز هجره

- ‌الشرط السادس: أن لا يكون الداعي مفاخرًا بدعوته

- ‌الشرط السابع: أن لا يكون الداعي أكثر ماله من الحرام

- ‌المبحث الثالثالشروط المتعلقة بالمدعو

- ‌الشرط الأول: أن يعين المدعو

- ‌الشرط الثاني: أن يكون المدعو مسلمًا

- ‌الشرط الثالث: أن لا يكون المدعو معذورًا بمرخص في ترك الجماعة

- ‌الشرط الرابع: أن يكون المدعو حرًا

- ‌الشرط الخامس: أن لا يكون المدعو قد سبق بدعوة آخر

- ‌الشرط السادس: أن لا يعتذر المدعو إلى صاحب الدعوة فيرضى بتخلفه

- ‌الشرط السابع: أن لا يكون المدعو قاضيًا

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌الشرط السابع: أن لا يكون الداعي أكثر ماله من الحرام

وقال ابن القيم: الوجه الخامس والتسعون (1): أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام المتباريين وهما الرجلان يقصد كل منهما مباراة الآخر ومباهاته، إما في التبرعات كالرجلين يصنع كل منهما دعوة يفتخر بها على الآخر ويباريه فيها.

وإما في المعاوضات كالبائعين يرخص كل منهما سلعته لمنع الناس من الشراء من صاحبه، ونص الإمام أحمد على كراهة الشراء من هؤلاء، وهذا النهي يتضمن سد الذريعة من وجهين:

أحدهما: أن تسليط النفوس على الشراء منهما وأكل طعامهما تفريح لهما وتقوية لقلوبهما، وإغراء لهما على فعل ما كرهه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

والثاني: أن ترك الأكل من طعامهما ذريعة إلى امتناعهما وكفهما عن ذلك (2).

‌الشرط السابع: أن لا يكون الداعي أكثر ماله من الحرام

(3).

فإذا كان الداعي أكثر ماله من الحرام لم تجب إجابته أما حكم حضور الدعوة والأكل فالمسألة لا تخلو من حالتين هما:

الحالة الأولى: أن يعلم أن عين الطعام المقدم في الدعوة محرم ككونه مسروقًا أو مغصوبًا ففي هذه الحالة تحرم الإجابة والأكل، وقد نص على تحريم الأكل في هذه الحالة غير واحد من أهل العلم منهم مكحول والزهري والفضيل

(1) هذه الوجوه في منع ما يؤدي إلى الحرام.

(2)

إعلام الموقعين (3/ 157).

(3)

هذا الشرط ذكره العراقي في طرح التثريب (7/ 75) وأشار إليه شيخ الإسلام في الفتاوى (32/ 215) وابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/ 99، 200) وابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 441).

ص: 126

بن عياض وشيخ الإسلام ابن تيمية والعراقي وغيرهم، بل حكى ابن عبد البر وغيره الإجماع على ذلك (1).

الحالة الثانية: أن يكون أكثر ماله من الحرام لكن لا يعلم عين الحرام. ففي هذه الحالة اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال:

القول الأول: تحريم الأكل حكاه ابن مفلح (2) قولا في المذهب (3)

وهو رواية عن الإمام أحمد، وقطع به ابن الجوزي وذكر الشيخ تقي الدين أنه أحد الوجهين.

(1) انظر في ذلك مصنف عبد الرزاق (8/ 150، 152) الفتاوى (32/ 215) جامع العلوم والحكم (1/ 199، 200) الآداب الشرعية (1/ 441) طرح التثريب (7/ 75).

(2)

الآداب الشرعية (1/ 443، 444).

(3)

هناك قول في هذه المسألة في المذهب وهو التحريم مطلقًا حتى ولو كان أكثر ماله حلالاً ومنهم من حدده بالثلث، فإذا زاد حرم، كما حكاه ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 441) ودليلهم هو دليل القول الأول، لكن الأظهر جواز ذلك.

قال: شيخ الإسلام ابن تيمية عن الرجل إذا كان أكثر ماله حلالاً، وفيه شبهة قليلة، فإذا أضاف الرجل أو دعاه هل يجيبه أم لا؟

فقال: الحمد لله إذا كان في الترك مفسدة من قطيعة رحم أو فساد ذات البيت ونحو ذلك، فإنه يجيبه لأن الصلة وصلاح ذات البين واجب فإذا لم يتم إلا بذلك كان واجبًا وليست الإجابة محرمة.

أو يقال إن مصلحة ذلك الفعل راجحة على ما يخاف من الشبهة وإن لم يكن فيه مفسدة بل الترك مصلحة تقوية الشبهة ونهى الداعي عن قليل الإثم وكان في الإجابة مصلحة الإجابة فقط وفيها مفسدة الشبهة فأيهما أرجح؟

هذا فيه خلاف فيما أظنه وفروع هذه المسألة كثيرة قد نقل أصحابنا وغيرهم فيها مسائل قد يرجح بعض العلماء جانب الترك والورع ويرجح بعضهم جانب الطاعة والمصلحة. الفتاوى (32/ 214، 215).

وقال ابن رجب: وإذا كان أكثر ماله الحلال جازت معاملته والأكل من ماله، وقد روى الحارث عن علي أنه قال في جوائز السلطان لا بأس بها ما يعطيكم من الحلال أكثر مما يعطيكم من الحرام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم أنهم لا يجتنبون الحرام كله. جامع العلوم والحكم (1/ 200).

ص: 127

دليل هذا القول:

1 -

حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» .

أخرجه البخاري (1) ومسلم (2) وأبو داود (3) والترمذي (4) والنسائي (5) وابن ماجة (6) كلهم من طرق عن الشعبي عن النعمان به.

وقد فسر الإمام أحمد الشبهة بأنها منزلة بين الحلال والحرام يعني الحلال المحض والحرام المحض، وقال من اتقاها فقد استبرأ لدينه، وفسرها تارة باختلاط الحلال بالحرام (7).

2 -

حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أرسلت كلبك المعلم فقتل فكل، وإذا أكل فلا تأكل فإنما أمسكه على نفسه» . قلت: أرسل كلبي فأجد

(1) في صحيحه (1/ 28 رقم 52) كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه وأخرجه برقم (1946).

(2)

في صحيحه (3/ 1219 رقم 1599) كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات.

(3)

في سننه (3/ 623، 624 رقم 329، 330) كتاب البيوع، باب في اجتناب الشبهات.

(4)

في سننه (3/ 502 رقم 1205) كتاب البيوع، باب ما جاء في ترك الشبهات.

(5)

في سننه (7/ 241 رقم 4453) كتاب البيوع، باب اجتناب الشبهات في الكسب.

(6)

في سننه (2/ 1318 رقم 3984) كتاب الفتن، باب الوقوف عند الشبهات.

(7)

جامع العلوم والحكم (1/ 199).

ص: 128

معه كلبًا آخر؟ قال: «لا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب آخر» .

أخرجه البخاري (1) ومسلم (2) وأبو داود (3) والنسائي (4) وابن ماجة (5).

وفي لفظ للبخاري (6)«وإن خالطها كلب من غيرها فلا تأكل» .

وفي لفظ لمسلم «إن وجدت مع كلبك كلبا غيره وقد قتل، فلا تأكل فإنك لا تدري أيهما قتله» (7).

3 -

عن عائشة (8) رضي الله عنها قالت كان غلام لأبي بكر يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه.

(1) في صحيحه (1/ 76 رقم 173) كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان.

(2)

في صحيحه (3/ 1531 رقم 1929) كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة.

(3)

في سننه (3/ 270 رقم 2849) كتاب الصيد، باب في الصيد.

(4)

في سننه (7/ 179 رقم 426) كتاب الصيد والذبائح، باب الأمر بالتسمية عند الصيد.

(5)

في سننه (2/ 107 رقم 3208) كتاب الصيد، باب صيد الكلب.

(6)

في صحيحه (5/ 2090 رقم 5169) كتاب الذبائح والصيد، باب ما جاء في التصيد.

(7)

هذا الحديث احتج به الإمام أحمد على هذه المسألة. الآداب الشرعية (1/ 444).

(8)

هذا الدليل ذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/ 200).

ص: 129

أخرجه البخاري (1).

فالذي يظهر من فعل أبي بكر هذا إنما هو لما ثبت عنده من النهي عن حلوان الكاهن كما قاله الحافظ ابن حجر (2)، ويحتمل أنه فعله على سبيل الورع لأنه لم يعلم به إلا بعد الأكل.

4 -

عن الحسن بن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» .

أخرجه الترمذي (3) والنسائي (4) والطيالسي (5) وأحمد (6) والدارمي (7) وأبو يعلى (8) وابن حبان (9) والحاكم (10).

من طرق عن شعبة عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي عن الحسن بن علي به بإسناد صحيح.

(1) في صحيحه (3/ 1395 رقم 3629) كتاب فضائل الصحابة، باب أيام الجاهلية.

(2)

الفتح (7/ 154).

(3)

في سننه (4/ 668 رقم 2518) كتاب صفة القيامة، باب (60).

(4)

في سننه (8/ 327 رقم 5700) كتاب الأشربة، باب الحث على ترك الشبهات.

(5)

في مسنده (163 رقم 1178).

(6)

في مسنده (1/ 200).

(7)

في سننه (2/ 245) كتاب البيوع، باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.

(8)

في مسنده (12/ 132 رقم 6762).

(9)

في صحيحه (الإحسان - (2/ 498 رقم 722) كتاب الرقاق، باب ذكر الزجر عما يريب المرء من أسباب هذه الدنيا الفانية الزائلة.

(10)

في مستدركه (2/ 13) كتاب البيوع، باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك و (4/ 99) كتاب الأحكام، باب الصدق طمأنينة.

ص: 130

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في موضع وقال في الموضع الآخر: قلت سنده قوي.

وأخرجه عبد الرزاق (1) والطبراني (2) عن الحسن بن عمارة والطبراني (3) عن الحسن بن عبيد الله كلاهما عن بريد بن أبي مريم به.

تنبيه: وقع عند الطيالسي والدارمي والحاكم يزيد بدل «بريد» ولعله تصحيف فإن الذي يروي عن أبي الحوراء ويروي عنه شعبة هو بريد بالباء (4).

5 -

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإثم حواز (5) القلوب» .

أخرجه البيهقي (6) من طريق سعيد بن منصور ثنا سفيان عن منصور عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود به مرفوعًا.

(1) في مصنفه (3/ 117 رقم 4948) كتاب الصلاة، باب القنوت.

(2)

في المعجم الكبير (3/ 76 رقم 2711).

(3)

في المعجم الكبير (3/ 75 رقم 2708).

(4)

تهذيب الكمال (4/ 52) و (32/ 243).

(5)

بتشديد الواو أي يحوزها ويتملكها ويغلب عليها، ويروى الإثم حزاز القلوب بزائين الأولى مشددة وهي فعال من الحز. النهاية (1/ 378).

(6)

في شعب الإيمان (4/ 367 رقم 5434) باب في تحريم الفروج.

ص: 131

وأخرجه ابن أبي عمر العدني (1) عن سفيان والطبراني (2) عن زائدة كلاهما عن منصور عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه (3) عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفًا.

قال العراقي عقب المرفوع المعروف أنه من قول ابن مسعود

وإسناده صحيح رويناه في مسند العدني ثم ساق سنده (4).

وله طرق أخرى موقوفة عند الطبراني (5) والبيهقي (6).

قال الهيثمي: رواه الطبراني كله بأسانيد رجالها ثقات (7).

وقال العراقي: قد ورد في معناه مرفوعًا عدة أحاديث منها حديث النواس بن سمعان «الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس» (8) ومنها

(1) في مسنده (المطالب العالية - (2/ 165 رقم 1605) كتاب النكاح، باب أحكام النظر.

(2)

في المعجم الكبير (9/ 149 رقم 8748).

(3)

وقع عند ابن أبي عمر - كما في المطالب بدون - عن أبيه - ولعلها سقط، فإن العراقي عزاه له وساق السند وفيه «عن أبيه» تخريج أحاديث أحياء علوم الدين (1/ 100).

(4)

تخريج أحاديث أحياء علوم الدين (1/ 100).

(5)

في المعجم الكبير (9/ 149، 150 رقم 8749، 8750).

(6)

في شعب الإيمان (5/ 458 رقم 7277) باب في معالجة كل ذنب بالتوبة.

(7)

مجمع الزوائد (1/ 176).

(8)

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1980 رقم 2553) كتاب البر والصلة والآداب، باب تفسير البر والإثم.

ص: 132

حديث وابصة بن معبد «الإثم ما حاك في نفسك وتردد في الصدر» (1) ومنها حديث واثلة «والإثم ما حاك في صدرك» (2)(3).

6 -

عن أنس رضي الله عنه قال: «إذا دخلت على رجل لا تتهمه في بطنه فكل من طعامه واشرب من شرابه» .

أخرجه البخاري (4) تعليقًا ووصله ابن أبي شيبة (5) ثنا وكيع عن سفيان عن عمرو (6) الأنصاري قال: سمعت أنسا به بإسناد صحيح (7).

القول الثاني: كراهية الأكل والورع ترك ذلك. كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية والعراقي وغيرهما (8).

ودليل هذا القول عموم الأدلة في هذه المسألة.

(1) أخرجه أحمد في مسنده (4/ 228) وقال المنذري: رواه أحمد بإسناد حسن. الترغيب والترهيب (2/ 557).

(2)

أخرجه أحمد في مسنده (4/ 227).

(3)

تخريج أحاديث أحياء علوم الدين (1/ 100).

(4)

في صحيحه (5/ 2079) كتاب الأطعمة، باب الرجل يدعى إلى الطعام فيقول وهذا معي.

(5)

في مصنفه (8/ 102 رقم 4485) كتاب العقيقة، باب من قال إذا دخلت على أخيك فكل من طعامه.

(6)

التصويب من تغليق التعليق للحافظ (4/ 494) ووقع في مصنفه «عمر» بدون الواو.

(7)

هذا الدليل ذكره ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 441).

(8)

الفتاوى (32/ 215) طرح التثريب (7/ 75) الآداب الشرعية (1/ 441) جامع العلوم والحكم (1/ 199 - 200).

ص: 133

القول الثالث: جواز الأكل.

وممن قال بهذا الزهري ومكحول والفضيل بن عياض وأحمد في رواية وإسحاق وابن سيرين وسعيد بن جبير والحسن البصري (1) ومورق العجلي وغيرهم (2).

قال ابن رجب: ورخص قوم من السلف في الأكل ممن يعلم في ماله حرام ما لم يعلم أنه من الحرام بعينه. وروي في ذلك آثار عن السلف

(3).

أدلة هذا القول:

1 -

حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاما فليأكل من طعامه ولا يسأل عنه، وإن سقاه شرابًا من شرابه فليشرب من شرابه ولا يسأل عنه» .

أخرجه أحمد (4) وأبو يعلى (5) والطبراني (6) والحاكم (7) والخطيب (8).

من طرق عن مسلم بن خالد الزنجي عن زيد بن أسلم عن سُمي عن أبي صالح عن أبي هريرة به. إلا عند أبي يعلى عن مسلم بن خالد عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي هريرة به مرفوعًا.

(1) وعنه قول آخر وهو أن هذه المكاسب قد فسدت فخذوا منها شبه المضطر. جامع العلوم والحكم (1/ 200).

(2)

الآداب الشرعية (1/ 441، 442) جامع العلوم والحكم (1/ 199، 200).

(3)

جامع العلوم والحكم (1/ 200).

(4)

في مسنده (2/ 399).

(5)

في مسنده (11/ 239 رقم 6358).

(6)

في الأوسط (3/ 219 رقم 2461) وقال لم يرو هذا الحديث عن زيد إلا مسلم.

(7)

في مستدركه (4/ 126) كتاب الأطعمة، باب كل عند أخيك ولا تسأل عن الشيء.

(8)

في تاريخ بغداد (3/ 87).

ص: 134

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

لكن هذا الطريق فيه مسلم بن خالد الزنجي، قواه بعض أهل العلم وتكلم فيه آخرون، ومن تكلم فيه أكثر وهو ممن يعتبر به (1).

وقال الحافظ: فقيه صدوق كثير الأوهام (2).

وللحديث علة أخرى وهي الوقف فقد أخرجه عبد الرزاق (3) وابن أبي شيبة (4) من طريق ابن عيينة عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة موقوفًا.

وعند عبد الرزاق عن ابن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة موقوفًا، وهذا الطريق ابن عجلان وثقه غير واحد (5).

وقال فيه الحافظ: صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة (6).

وفي هذا الإطلاق نظر وقد بين ذلك ابن حبان فقال: قال يحيى القطان سمعت محمد بن عجلان يقول: كان سعيد المقبري يحدث عن أبيه عن أبي هريرة وعن أبي هريرة فاختلط على فجعلتها كلها عن أبي هريرة.

قال أبو حاتم: قد سمع سعيد المقبري من أبي هريرة وسمع عن أبيه عن أبي هريرة فلما اختلط على ابن عجلان صحيفته ولم يميز بينهما اختلط فيها وجعلها كلها عن أبي هريرة، وليس هذا مما يوهي الإنسان به، لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة فما قال ابن عجلان عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، فذاك مما

(1) تهذيب الكمال (27/ 508).

(2)

التقريب (529).

(3)

في مصنفه (9/ 227 رقم 17023) كتاب الأشربة، باب الحد في نبيذ الأسقية.

(4)

في مصنفه (8/ 102 رقم 4484) كتاب العقيقة، باب من قال إذا دخلت على أخيك فكل من طعامه.

(5)

تهذيب الكمال (26/ 101).

(6)

التقريب (496).

ص: 135

حمل عنه قديمًا قبل اختلاط صحيفته عليه، وما كان عن سعيد عن أبي هريرة فبعضها متصل صحيح وبعضها منقطع؛ لأنه أسقط أباه منها فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروي الثقات المتقنون عنه عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وإما يوهى أمره لو قال في الكل عن سعيد عن أبي هريرة فإنه لو قال ذلك كان كاذبًا في البعض؛ لأن الأكل لم يسمعه سعيد عن أبي هريرة فلو قال ذلك لكان الاحتجاج به ساقطًا على حسب ما ذكرناه (1).

وعلى هذا فسند ابن أبي شيبة يرد عليه هذا الكلام، أما سند عبد الرزاق فلا يرد عليه هذا؛ لأنه من طريق سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وقد تابع ابن عجلان أبو معشر المدني عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة موقوفًا أخرجه عبد الرزاق (2) وأبو معشر ضعفه غير واحد (3).

وأخرجه الحاكم (4) من طريق سفيان عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة رواية به، وهذا يوحي برفعه ولكن هذا يرد عليه كلام ابن حبان السابق لأن ابن عجلان أسقط والد أبي سعيد.

والحاصل أن رواية الوقف أقوى من الرفع، والله أعلم.

2 -

عن ذر بن عبد الله عن ابن مسعود قال: جاء إليه رجل فقال: إن لي جارًا يأكل الربا وإنه لا يزال يدعوني فقال: «مهنأه لك وإثمه عليه» . قال سفيان فإن عرفته بعينه فلا تصبه.

أخرجه عبد الرزاق (5) عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن ذر به.

(1) في الثقات (7/ 386 - 387).

(2)

في مصنفه (9/ 277 رقم 17024).

(3)

تهذيب الكمال (29/ 322) واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي.

(4)

في مستدركه (4/ 126).

(5)

في مصنفه (8/ 150 رقم 14675) كتاب البيوع، باب طعام الأمراء وآكل الربا.

ص: 136

وأخرجه أيضًا عن معمر عن منصور عن سلمة بن كهيل عن ذر، به، ورجال إسناده ثقات.

وصحح أثر ابن مسعود الإمام أحمد (1) وابن رجب الحنبلي (2).

3 -

عن سلمان الفارسي قال: إذا كان لك صديق عامل أو جار عامل أو ذو قرابة عامل فأهدى إليك هدية أو دعاك إلى طعام فاقبله، فإن مهنأه لك وإثمه عليه.

أخرجه عبد الرزاق (3) عن معمر عن أبي إسحاق عن الزبير بن عدي عن سلمان به.

ورجال إسناده ثقات، ويخشى فيه من الانقطاع بين الزبير وسلمان (4).

4 -

أن اليهود والنصارى يأكلون الربا وقد أحل الله طعامهم (5).

قال ابن رجب (6): والآثار بذلك (7) موجودة في كتاب الأدب لحميد بن زنجويه وبعضها في كتاب الجامع للخلال، وفي مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم.

(1) جامع العلوم والحكم (1/ 201).

(2)

جامع العلوم والحكم (1/ 201).

(3)

في مصنفه (8/ 150 رقم 14677) كتاب البيوع، باب طعام الأمراء وآكل الربا.

(4)

وجه ذلك أن سلمان توفى سنة (33) أو (34) وذكر المزي أن أبا إسحاق السبيعي أكبر من الزبير بن عدي وولادة أبي إسحاق السبيعي سنة (33) على الصحيح وعلى هذا تكون ولادة الزبير بعد ولادة أبي إسحاق السبيعي أي بعد سنة (33) فلم يدرك سلمان لأن ولادته سنة (33) أو (34) والله أعلم. تهذيب الكمال (9/ 317) و (11/ 255) و (22/ 112).

(5)

الآداب الشرعية وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن الحسن (8/ 151 رقم 14681).

(6)

جامع العلوم والحكم (1/ 201).

(7)

أي في الإباحة.

ص: 137

الترجيح:

من خلال تأمل الأقوال في هذه المسألة وأدلتها يظهر والله أعلم قوة القول الثاني، وهو القول بالكراهة لما فيه من الجمع بين الأدلة في هذه المسألة؛ ولأن أدلة التحريم غير صريحة في المنع إذا لم يعلم الحرام بعينه بل محتملة فالورع ترك ذلك، وكما قيل الورع محمود المقاصد وبخاصة إذا كان ممن يقتدى به.

ص: 138