الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: حكم إجابة الدعوة
عند تأمل الأحاديث الواردة في هذه المسألة نجد أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم إجابة الدعوة إذا دعي إليها حتى لو دعي إلى كراع كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، وقد تعددت الأحاديث القولية والفعلية في ذلك واختلفت دلالتها، فبعضها ظاهر في الوجوب مطلقًا، وبعضها ظاهر في الوجوب في وليمة العرس، وبعضها ظاهر في السنية، ولهذا اختلفت مذاهب أهل العلم في ذلك على أقوال هي:
القول الأول:
وجوب إجابة الدعوة مطلقًا سواء كانت عرسًا أو غيره وممن قال بهذا: بعض الشافعية وأهل الظاهر وعبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة والشوكاني وابن حزم، وقال: إن هذا قول جمهور الصحابة والتابعين (1).
لكن تعقبه العراقي (2) فقال: وادعى ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين وفي ذلك نظر.
وقال الحافظ ابن حجر: وزعم ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين، ويعكر عليه ما نقلناه عن عثمان بن أبي العاص وهو من مشاهير الصحابة أنه قال في وليمة الختان:«لم يكن يدعى لها» لكن يمكن الانفصال عنه بأن ذلك لا يمنع القول بالوجوب لو دعوا
…
(3).
(1) المحلى (9/ 23، 25)، التمهيد (1/ 233) و (10/ 178)، وشرح مسلم للنووي (9/ 234)، المغني (7/ 2، 4)، طرح التثريب (7/ 70، 77)، الفتح (9/ 242، 247) عون المعبود (10/ 202) تحفة الأحوذي (4/ 222) نيل الأوطار (6/ 202) سبل السلام (3/ 273).
(2)
طرح التثريب (7/ 77).
(3)
الفتح (9/ 247).
أدلة هذا القول:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم» .
أخرجه البخاري (1)، ومسلم (2)، وأبو داود (3)، والنسائي (4)، وابن ماجة (5)، وفي لفظ لمسلم مرفوعًا جميعه (6).
(1) في صحيحه (5/ 1985 رقم 4882) كتاب النكاح، باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله.
(2)
في صحيحه (2/ 1054 رقم 1432) كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوته.
(3)
في سننه (4/ 125 رقم 3742) كتاب الأطعمة، باب ما جاء في إجابة الدعوة.
(4)
في الكبرى (4/ 141 رقم 6612، 6613) كتاب الوليمة، باب طعام العرس.
(5)
في سننه (1/ 616 رقم 1913) كتاب النكاح، باب إجابة الداعي.
(6)
قال الحافظ ابن حجر: وأول هذا الحديث موقوف، ولكن أمره يقتضي رفعه، ذكر ذلك ابن بطال، قال: ومثله حديث أبي الشعثاء أن أبا هريرة أبصر رجلاً خارجًا من المسجد بعد الأذان فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم، قال ومثل هذا لا يكون رأيًا ولهذا أدخله الأئمة في مسانيدهم. انتهى.
وذكر ابن عبد البر أن جل رواة مالك لم يصرحوا برفعه وقال فيه روح بن القاسم عن مالك بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وكذا أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن مالك. وقد أخرجه مسلم من رواية معمر وسفيان بن عيينة عن الزهري شيخ مالك كما قال مالك. ومن رواية أبي الزناد عن الأعرج كذلك، والأعرج شيخ الزهري فيه هو عبد الرحمن كما وقع في رواية سفيان قال: سألت الزهري فقال: حدثني عبد الرحمن الأعرج أنه سمع أبا هريرة فذكره.
ولسفيان فيه شيخ آخر بإسناد آخر إلى أبي هريرة صرح فيه برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم أيضًا من طريق سفيان سمعت زياد بن سعد يقول: سمعت ثابتًا الأعرج يحدث عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكر نحوه» وكذا أخرجه أبو الشيخ من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعًا صريحًا، وأخرج له شاهدًا من حديث ابن عمر كذلك. اهـ.
الفتح (9/ 244) التمهيد (10/ 175) وقال في التلخيص (3/ 195): وفي رواية لمسلم التصريح برفع جميعه، وتعقبها الدارقطني في العلل.
وفي الباب عن ابن عمر (1)، وابن عباس (2) رضي الله عنهم.
ووجه الدلالة منه أن العصيان لا يطلق إلا على ترك الواجب والوليمة تشمل العرس وغيره (3).
2 -
حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها» .
أخرجه البخاري (4)، ومسلم (5)، وأبو داود (6)، النسائي (7).
وفي لفظ متفق عليه: «أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها. قال: وكان عبد الله يأتي الدعوة في العرس وغير العرس ويأتيها وهو صائم» .
وفي لفظ لمسلم وأبي داود «إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسًا كان أو نحوه» .
(1) أخرجه أبو الشيخ كما ذكره الحافظ في الفتح (9/ 244) وأخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 1148) لكن في إسناده سلام بن سليم قال فيه الحافظ: متروك.
التقريب (261).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 159 رقم 12754) والأوسط كما في مجمع البحرين (3/ 328 رقم 1903) كتاب الوليمة، باب في الطعام يدعى إليه الشبعان ويحبس عنه الجيعان، والبزار كما في كشف الأستار (2/ 75 رقم 1240) أبواب الصيد، باب الوليمة.
قال الهيثمي في المجمع (4/ 53): وفيه سعد بن سويد المعولي ولم أجد من ترجمة، وفيه عمران القطان وثقه أحمد وجماعة وضعفه النسائي وغيره. اهـ.
(3)
الفتح (9/ 245) النيل (6/ 202).
(4)
في صحيحه (5/ 1984 رقم 4878) كتاب النكاح، باب حق إجابة الوليمة والدعوة، وانظر رقم (4884).
(5)
في صحيحه (2/ 1052 رقم 1429) كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي الدعوة.
(6)
في سننه (4/ 123 رقم 3736) كتاب الأطعمة، باب ما جاء في إجابة الدعوة، وانظر رقم (2738).
(7)
في الكبرى (4/ 140 رقم 6608) كتاب الأطعمة، باب إجابة الدعوة.
وله ألفاظ أخر (1).
ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجابة الوليمة والدعوة والأصل في الأمر الوجوب إلا أن يصرفه صارف، وقالوا إن الوليمة والدعوة تشمل العرس وغيره، ويؤيد هذا رواية مسلم وغيره «عرسًا كان أو نحوه» وأن عبد الله بن عمر وهو راوي الحديث كان يأتي الدعوة في العرس وهو صائم (2).
(1) ومن هذه الألفاظ ما عند مسلم بلفظ «من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب» وفي لفظ له أيضًا: «إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا» وفي لفظ له وللترمذي (3/ 395 رقم 1098)«ائتوا الدعوة إذا دعيتم» وفي لفظ له ولابن ماجة (1/ 616 رقم 1914): «إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب» وفي لفظ لأبي داود (4/ 124 رقم 3737) والبيهقي (7/ 263)«فإن كان مفطرًا فليطعم وإن كان صائمًا فليدع» ورجال إسناده ثقات ويشهد له حديث أبي هريرة وغيره كما سيأتي ص (22) وفي لفظ لابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح «كان ابن عمر إذا دعي ذهب إلى الداعي فإن كان صائمًا دعا بالبركة ثم انصرف، وإن كان مفطرًا جلس فأكل» .
قال نافع: قال ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا» . الإحسان (12/ 101 رقم 5290).
وفي لفظ للطحاوي في المشكل (8/ 25 رقم 3022، 3023)«إذا دعا أحدكم أخاه لحق فليأته لدعوة عرس أو نحوه» وفيه محمد بن عبد الرحمن بن غنج قال فيه الحافظ: مقبول، لكن قال فيه الإمام أحمد: شيخ مقارب الحديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث لا أعلم أحدًا روى عنه غير الليث بن سعد.
وقال ابن حبان: حدث عن نافع بنسخة مستقيمة.
رواية الميموني عن الإمام أحمد (197رقم 150) الجرح والتعديل (7/ 318) الثقات (7/ 424) التقريب (492).
(2)
شرح مسلم للنووي (9/ 234) طرح التثريب (7/ 77) الفتح (9/ 247).
وفي لفظ لأبي داود (1)، وابن عدي (2)، والبيهقي (3) من طريق دُورست بن زياد عن أبان بن طارق عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله، ومن دخل على غير دعوة دخل سارقًا وخرج مغيرًا» .
وسنده ضعيف فيه أبان بن طارق مجهول ودورست ضعيف.
وقال أبو داود عقبه: أبان بن طارق مجهول، وضعف الحديث العراقي (4).
وأخرجه ابن عدي من طريق خالد بن الحارث عن أبان بن طارق به، وقال أبان بن طارق: هذا لا يعرف إلا بهذا الحديث، وهذا الحديث معروف به وله غير هذا الحديث لعله حديثين أو ثلاثة، وليس له أنكر من هذا.
وأخرجه سعيد بن منصور (5) من طريق الزهري مرسلاً.
وأخرجه أحمد (6) من طريق العمري عن نافع، وفي سنده العمري.
والحاصل: أن الحديث ضعيف بهذا اللفظ.
وفي هذا اللفظ قال: «من دعي فلم يجب» ولم يخصها بالوليمة.
وفي لفظ لأبي يعلي (7)«إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله» .
(1) في سننه (4/ 125 رقم 374) كتاب الأطعمة، باب ما جاء في إجابة الدعوة.
(2)
في الكامل (1/ 380).
(3)
في سننه (3/ 265) كتاب الصداق، باب من لم يُدعَ ثم جاء فأكل لم يحل له ما أكل، إلا بأن يحل له صاحب الوليمة.
(4)
تخريج أحاديث الإحياء (2/ 915).
(5)
في سننه (1/ 148 رقم 525).
(6)
في مسنده (2/ 61).
(7)
في مسنده كما ذكره الحافظ في التلخيص (3/ 195) وساقه مسندًا وصحح سنده.
ووجه الدلالة أنه سمى من لم يجب الدعوة عاصيًا لله ولرسوله.
قال ابن حزم: فإن قيل قد جاء في بعض الآثار «إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب» قلنا نعم لكن الآثار التي أوردنا فيها زيادة غير العرس مع العرس، وزيادة العدل لا يحل تركها (1).
3 -
حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض وإتباع الجنائز وتشميت العاطس وإبرار القسم ونصرة المظلوم وإفشاء السلام وإجابة الداعي، ونهانا عن خواتيم الذهب وعن آنية الفضة والمياثر والقسية والإستبرق والديباج» .
أخرجه البخاري (2)، ومسلم (3)، والترمذي (4)، والنسائي (5).
وفي الباب عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فكوا العاني، وأجيبوا الداعي وعودوا المريض» أخرجه البخاري (6).
ووجه الدلالة منهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجابة الداعي مطلقًا والأصل في الأمر الوجوب.
4 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حق المسلم
(1) في المحلى (9/ 24).
(2)
في صحيحه (1/ 417 رقم 1182) كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز.
وكذا أخرجه برقم (2313، 4880، 5312، 5525، 5868).
(3)
في صحيحه (3/ 165 رقم 2066) كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال الذهب والفضة على الرجال والنساء.
(4)
في سننه (5/ 117 رقم 2809) كتاب الأدب، باب ما جاء في كراهية لبس المعصفر للرجال والقسي.
(5)
في سننه (8/ 201 رقم 5309) كتاب الزينة، باب النهي عن الثياب القسية.
(6)
في صحيحه (5/ 1984 رقم 2879) كتاب النكاح، باب حق إجابة الوليمة والدعوة، ومن أولم سبعة أيام ونحوه.
على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس». أخرجه البخاري (1)، ومسلم (2)، وأبو داود (3)، وابن ماجة (4).
وفي لفظ لمسلم أيضًا، ولفظ أبي داود:«خمس تجب للمسلم على أخيه» . وفي الباب عن علي (5)،
(1) في صحيحه (1/ 418 رقم 1183) كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز.
(2)
في صحيحه (4/ 1704 رقم 2162) كتاب الجنائز، باب ما جاء في عيادة المريض.
(3)
في سننه (5/ 288 رقم 5030) كتاب الأدب، باب في العطاس.
(4)
في سننه (1/ 461) كتاب الجنائز، باب ما جاء في عيادة المريض.
وأخرجه مسلم والنسائي في السنن (4/ 53 رقم 1938) والبخاري في الأدب المفرد (309 رقم 928) والترمذي في السنن (5/ 80 رقم 2737) بلفظ: حق المسلم على المسلم ست، وزادوا «إذا استنصحك فانصح له» .
(5)
حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للمسلم على المسلم ست بالمعروف: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويتبع جنازته إذا مات، ويحب له ما يحب لنفسه» .
أخرجه الترمذي (5/ 80 رقم 2736) كتاب الأدب، باب ما جاء في تشميت العاطس، وابن ماجة في السنن (1/ 461 رقم 1433) كتاب الجنائز، باب ما جاء في عيادة المريض، وأحمد في المسند (1/ 89) والدارمي في السنن (2/ 275) كتاب الإستئذان، باب في حق المسلم على المسلم، وأبو يعلى في المسند (1/ 342 رقم 435) وابن عدي في الكامل (7/ 2701) من طريق أبي إسحاق عن الحارث عن علي به وسنده ضعيف لضعف الحارث الأعور.
وأخرجه أبو يعلى في المسند (1/ 392 رقم 509) من طريق يحيى بن نصر بن حاجب حدثنا هلال بن خباب عن زاذان عن علي بنحوه، لكن في سنده يحيى بن نصر قال أبو زرعة: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: تكلم الناس فيه.
وقال الذهبي: وأما ابن عدي فروى له أحاديث حسنة وقال: أرجو أنه لا بأس به. اهـ. وهذا الحديث أخرجه ابن عدي في ترجمة يحيى بن نصر ثم إنه يشهد له ما تقدم من حديث أبي هريرة.
الجرح والتعديل (9/ 193) الميزان (4/ 412) الكامل (7/ 2702).
وأبي مسعود (1)،
وأبي أيوب (2) رضي الله عنهم.
ووجه الدلالة أن المراد بالحق الوجوب بدليل رواية مسلم وأبي داود.
(1) حديث أبي مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربع للمسلم على المسلم: أن يعوده إذا مرض، ويشهده إذا مات، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس» .
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (309 رقم 926) وابن ماجة في السنن (1/ 461 رقم 1434) كتاب الجنائز، باب ما جاء في عيادة المريض، وأحمد في المسند (5/ 273) وابن حبان في صحيحه (1/ 475 رقم 240) كتاب الإيمان، باب ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يرد بهذا العدد المذكور نفيًا عما وراءه، وبحشل في تاريخ واسط (217) والحاكم في المستدرك (1/ 349) كلهم من طريق عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن حكيم بن أفلح عن أبي مسعود به.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 462): هذا إسناده صحيح.
وفي هذا التصحيح نظر وذلك لأن فيه حكيم بن أفلح.
قال الذهبي في الميزان (1/ 538): تفرد عنه والده عبد الحميد بن جعفر.
وقال الحافظ في التقريب (176): مقبول. لكن يشهد له ما سبق من حديث البراء وأبي هريرة.
(2)
حديث أبي أيوب أخرجه البخاري في الأدب المفرد واللفظ له (308 رقم 925) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/ 31 رقم 3034) وأحمد بن منيع كما في المطالب العالية (2/ 325 رقم 2384) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي قال حدثني أبي أنهم كانوا في غزاة في البحر زمن معاوية فانضم مركبنا إلى مركب أبي أيوب الأنصاري فلما حضر غداؤنا أرسلنا إليه فأتانا فقال: دعوتموني وأنا صائم فلم يكن لي بد من أن أجيبكم لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن للمسلم على أخيه المسلم ست خصال واجبة إن ترك منها شيئًا فقد ترك حقًا واجبًا لأخيه عليه: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مريض، ويحضره إذا مات، وينصحه إذا استنصحه» .
وسنده ضعيف لضعف الأفريقي لكن يشهد له بالجملة حديث أبي هريرة وغيره، لكن بدون قوله «إن ترك منها شيئًا فقد ترك حقًا واجبًا لأخيه عليه» وكذا قول أبي أيوب.
قال الحافظ: «وقد تبين أن معنى الحق هنا الوجوب خلافًا لقول ابن بطال: المراد حق الحرمة والصحبة والظاهر أن المراد به هنا وجوب الكفاية» (1).
وحديث أبي أيوب نص في الوجوب لو صح لكنه ضعيف.
5 -
حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من دعاكم فأجيبوه» . أخرجه الطبراني (2) من طريق محمد بن عبد الله العرزمي عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة.
قال الهيثمي: وفيه محمد بن عبيد الله العرزمي وهو ضعيف (3).
وفيه أيضًا عن علي بن يزيد: ضعيف (4).
ووجه الدلالة ظاهرة كالدليل الثاني:
6 -
حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجيبوا الداعي، ولا تردوا الهدية، ولا تضربوا المسلمين» .
أخرجه أحمد (5)، وابن أبي شيبة (6)، والبخاري في الأدب المفرد (7)، والبزار (8)،
(1) الفتح (3/ 113).
(2)
في المعجم الكبير (8/ 231 رقم 7904).
(3)
مجمع الزوائد (4/ 52).
(4)
التقريب (406).
(5)
في مسنده (1/ 404).
(6)
في مصنفه (6/ 55 رقم 2027) كتاب البيوع والأقضية، باب في الرجل يهدي إلى الرجل أو يبعث إليه.
(7)
(68 رقم 157) باب حسن الملكة.
(8)
في مسنده كما في كشف الأستار (2/ 76 رقم 1244) أبواب الصيد، باب إجابة الدعوة.
والطحاوي (1)، وابن حبان (2)، والطبراني (3) عن طريق الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود به.
ووجه الدلالة منه ظاهرة كالدليل الثاني: وإسناده صحيح. وأما عنعنة الأعمش فمحمولة على السماع لأن شيخه أبو وائل.
قال الذهبي وهو يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به فمتى قال: (حدثنا) فلا كلام، ومتى قال:(عن) تطرق إليه احتمال التدليس إلا عن شيوخ أكثر عنهم كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال (4)
…
وذكره الحافظ في كتابه تعريف أهل التقديس في المرتبة الثانية من المدلسين (5).
وقال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح (6).
(1) في شرح مشكل الآثار (8/ 29 رقم 3031) باب مشكل ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام الذي يجب على من دعي عليه إتيانه.
(2)
في صحيحه - الإحسان (12/ 418 رقم 5603) كتاب الحظر والإباحة، باب ذكر الزجر عن ضرب المسلمين كافة إلا ما يبيحه الكتاب والسنة.
(3)
في المعجم الكبير (10/ 242 برقم 10444).
(4)
الميزان (2/ 224).
(5)
(67).
(6)
مجمع الزوائد (4/ 52).
7 -
حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم» .
أخرجه مسلم (1)، وأبو داود (2)، والنسائي (3) من طرق عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه به.
وأخرجه ابن ماجة (4) من طريق أحمد بن يوسف السلمي ثنا أبو عاصم أنبأنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه به، وزاد «وهو صائم» ورجال إسناده ثقات لكن أبا الزبير عنعنه وهو مدلس.
ورواه ابن نمير كما عند مسلم ويزيد بن سنان كما عند الطحاوي (5) وعمرو بن علي بن بحر كما عند ابن حبان (6) كلهم عن أبي عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير به بدون هذه الزيادة، وأبو الزبير صرح بالتحديث عند الطحاوي، فهؤلاء الثلاثة خالفوا أحمد بن يوسف السلمي فلم يذكروا هذه الزيادة مع ما فيها من عنعنة أبي الزبير، وكذلك رواه سفيان عن أبي الزبير بدونها كما عند مسلم وغيره.
(1) في صحيحه (2/ 1054 رقم 1430) كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوته.
(2)
في سننه (4/ 124 رقم 3740) كتاب الأطعمة، باب ما جاء في إجابة الدعوة.
(3)
في الكبرى (2/ 140 رقم 6610) كتاب الوليمة، باب إجابة الدعوة وإن لم يأكل.
(4)
في سننه 01/ 557 رقم 1751) كتاب الصيام، باب من دعى إلى طعام وهو صائم.
(5)
في المشكل (8/ 28 رقم 3030).
(6)
في صحيحه - الإحسان - (12/ 115 رقم 5303).
وفي الباب عن أبي هريرة (1)، وابن مسعود (2).
ووجه الدلالة أن هذا أمر والأصل في الأمر الوجوب.
8 -
عن عكرمة بن عمار سمعت أبا غادية اليمامي قال: «أتيت المدينة فجاء رسول كثير بن الصلت فدعاهم فما قام إلا أبو هريرة وخمسة منهم أنا، فذهبوا فأكلوا ثم جاء أبو هريرة ثم قال: والله يا أهل المسجد إنكم لعصاة لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم» .
أخرجه أحمد (3) من طريق روح عن عكرمة به، وفي سنده أبو غادية
(1) حديث أبي هريرة أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 1054 رقم 1431) كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، وأبو داود في السنن (2/ 828 رقم 2460) كتاب الصيام، باب في الصائم يدعى إلى وليمة، والترمذي في السنن (3/ 141 رقم 780) كتاب الصوم، باب ما جاء في إجابة الصائم الدعوة كلهم من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعى أحدكم فليجب فإن كان صائمًا فليصل وإن كان مفطرًا فليطعم» .
(2)
حديث ابن مسعود أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (269 رقم 300) باب ما يقول إذا دعي وكان صائمًا، والطبراني في الكبير (10/ 285 رقم 10563) وابن السني في عمل اليوم والليلة (230 رقم 489) باب ما يقول إذا حضر الطعام وهو صائم من طريق شعبة عن أبي جعفر الفراء عن عبد الله بن شداد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرًا فليأكل وإن كان صائمًا فليدع بالبركة» .
وسنده صحيح ويشهد له ما سبق من حديث أبي هريرة.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في الجعديات (1/ 262 رقم 874) وفي المسند (1/ 476 رقم 898) عن شعبة عن أبي جعفر الفراء قال: عملت طعامًا فدعوت عبد الله بن شداد بن الهاد فجاء وهو صائم ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به مرسلاً.
ولكن هذا لا يؤثر في وصله فقد رواه ابن منيع عن علي بن الجعد عن شعبة به موصولاً، وتابع علي بن الجعد على وصله عن شعبة يحيى بن أبي كثير كما عند ابن السني.
(3)
في مسنده (2/ 289).