المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كرامة للشيخ الصفي أحمد بن علوان أيضا - تاريخ اليمن خلال القرن الحادي عشر = تاريخ طبق الحلوى وصحاف المن والسلوى

[الوزير الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌قصَّة الْحَوَادِث

- ‌فتح بَغْدَاد

- ‌وقْعَة نقِيل الشيم

- ‌حِصَار ذِي مرمر

- ‌خلَافَة الإِمَام الْأَعْظَم المتَوَكل على الله إِسْمَاعِيل بن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عَليّ

- ‌فتح بِلَاد الْأَمِير حُسَيْن صَاحب عدن

- ‌وُفُود الْأَخْبَار بوصول جنود عثمانية إِلَى مَكَّة واليمن

- ‌التَّجْهِيز على حُسَيْن باشا صَاحب الْبَصْرَة

- ‌قصَّة يهود الْيمن ودعواهم تحول لملك إِلَيْهِم لعنة الله عَلَيْهِم

- ‌تجلي حُسَيْن باشا عَن الْبَصْرَة بعد عَجزه عَن عَسَاكِر السلطنة

- ‌قصَّة الشريف حمود بن عبد الله والأروام

- ‌الْجُزْء الثَّانِي من طبق الْحَلْوَى وصحاف الْمَنّ والسلوى

- ‌وَدخلت سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَألف

- ‌منازلة الفرنج لبندر المخا

- ‌وَدخلت سنة إثنتين وَثَمَانِينَ وَألف

- ‌وَدخلت سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَألف

- ‌وَدخلت سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَألف

- ‌وَدخلت سنة خمس وَثَمَانِينَ وَألف فِي ثَالِث محرم حصلت عِنْد الإِمَام أَخْبَار مَكَّة وفيهَا أَن سَعْدا وَأحمد إبني زيد تحيزا إِلَى بِلَاد نجد الْعليا وبركات عَاد من بدر إِلَى مَكَّة صحبته بن مضيان بعد أَن ألبسهُ خلعة الْأمان واستطرق أَصْحَاب الْعمانِي هَذَا الْعَام جَزِيرَة سقطرى وَقتلُوا من أَهلهَا

- ‌تجهيز السُّلْطَان على الْيمن

- ‌كَرَامَة للشَّيْخ الصفي أَحْمد بن علوان أَيْضا

- ‌الدولة المهدوية وَمَا شجر فِي أَثْنَائِهَا

- ‌وَدخلت سنة تسع وَثَمَانِينَ وَألف

- ‌معركة الصلبة

- ‌خُرُوج الإِمَام من الْغِرَاس مترحلا إِلَى جِهَات شهارة

- ‌حَرْب الأبرق

الفصل: ‌كرامة للشيخ الصفي أحمد بن علوان أيضا

الْأَحْكَام وَمن أياته الْجَوَارِي فِي الْبَحْر كالأعلام

وَفِي ثامن عشر ذِي الْحجَّة كَانَ شعار غَدِير خم الْمَعْقُود فِيهِ ولَايَة الْوَصِيّ وخطب فِيهِ بليغ الْيمن وعالمه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشجري السحولي خطْبَة الغدير وَلم يكن قد خطب بهَا قبل غَيره فِي حوزة الزيدية

وَفِي سادس وَعشْرين كَانَ تَحْويل سنة الْعَالم بِدُخُول الشَّمْس أول دقيقة فِي الْحمل والزهرة وَعُطَارِد فِيهِ وَالْمُشْتَرِي بِالْقَوْسِ وَالْقَمَر بالدلو والذنب وَهُوَ الجوزاء وَكَذَا المريخ بالسرطان وزحل فِي أول الثور وَكَانَت السّنة الدَّاخِلَة الْآتِي ذكرهَا من سنة سِتّ وَثَمَانِينَ هِيَ سنة خمس وَسِتِّينَ شمسية بِسَبَب الإزدلاف إِذْ لَا يكون تَحْويل سنة الْعَالم إِلَّا فِي أول محرم سنة سبع وَثَمَانِينَ وَهِي مَعَ ذَلِك بِالنّظرِ إِلَى القمرية لَا تسْقط بل هِيَ سنة سبع وَثَمَانِينَ بعد الْخمس والثمانين الْمَاضِيَة وَإِنَّمَا هَذَا السُّقُوط بِاعْتِبَار الشمسية والزحلفة بأيام الْبَين وَهِي إِحْدَى عشر يَوْمًا وكسور فِي كل سنة وَالله أعلم بحقائق الْأُمُور

‌كَرَامَة للشَّيْخ الصفي أَحْمد بن علوان أَيْضا

وَفِي هَذِه الْأَيَّام كَانَ بثلا رجل من فقرا الشَّيْخ أَحْمد بن علوان يتظهر بخوارق فاعتقله القَاضِي الْمهْدي بن عبد الْهَادِي بقلعة ثلا فَوَثَبَ من رَأس القلعة إِلَى سوق ثلا وَلم يضرّهُ ذَلِك فَكَانَ رادعا للْقَاضِي وإضرابه عَن التشكيك فِي كرامات الْأَوْلِيَاء وَفِي ذَلِك بحث خلافي مَعْقُود فِي أصُول الدّين وَثَمَرَة الْخلاف فِيهِ أقل من لَا شَيْء

وَإِلَى هُنَا انْتهى الدّور الثَّالِث من أول الْإِسْلَام الَّذِي يَدُور على ثَلَاث مائَة وَسِتِّينَ سنة لَكِنَّهَا شمسية فتزيد على هَذَا بِخمْس سِنِين فَيكون انتهاؤه فِي خمس

ص: 314

وَثَمَانِينَ وَعند أهل الْأَحْكَام أَنه يكون فِي انقلاب وانضراب فِيمَا يتَعَلَّق بأحوال الدول واستيلاء بعض الْمُلُوك على بعض وَهُوَ تخمين بحت وَتَحْقِيق الْحق فِي مَعْلُوم من لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء {الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام وَكَانَ عَرْشه على المَاء}

وَدخلت سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَألف

فِيهَا جَاءَ أَخْبَار الْحَج إشتعال نيران الْفِتْنَة بَين الحرامية والحجازيين وَكَانَ فِي ذَلِك قتل جمع من الطَّائِفَتَيْنِ وَالْإِمَام هَذِه الْأَيَّام نقل بعض خَزَنَة ضوران إِلَى صنعاء الْيمن وَأَن سَعْدا نَهَضَ إِلَى الْأَبْوَاب بعد أَن استدعي فسافر بِصُحْبَة أَمِير الشَّام وَفِي محرم قبض وَزِير الإِمَام الشريف مُحَمَّد بن صَلَاح الجحافي الحبوري بضوران وَكَانَ قد بسق فِي الوزارة فَرعه وَنفذ فِيهَا وَصله وقطعه صحب أَولا عَلامَة الْيمن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم وَعمل لَهُ فِي بِلَاد ظليمة وشظب وَلما دعى أَحْمد بن الإِمَام الْقَاسِم بَايعه وَتَابعه وعندما انتظمت الْأُمُور لِأَخِيهِ وصل إِلَيْهِ وَاقْتصر فِي الْخدمَة عَلَيْهِ وَالْإِمَام إِبْنِ خَالَته وَقد رثاه بعض شعراء الْيمن بِأَبْيَات جردنا هَذَا التوقيع عَنْهَا لما تضمنته من الْقدح وَعَملا بِحَدِيث لَا تسبوا الْأَمْوَات فتؤذوا الْأَحْيَاء

وَفِي آخر الشَّهْر خَالَفت الحجرية وَقتلُوا رَسُول الإِمَام وَكَانَ عز الْإِسْلَام مُحَمَّد ابْن أَحْمد قد هم بالنفوذ إِلَى يفرس من المنصورة ليتبصر فِي أَمرهم وابتدر لإطفاء ثائرة خلافهم أَبوهُ صفي الْإِسْلَام وعضده على ذَلِك عَسْكَر الإِمَام

وَفِي هَذِه الْأَيَّام غزا عز الْإِسْلَام مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن الزريقة فثارت

ص: 315

نَحوه الحجرية فأوقع بهم وَقتل مِنْهُم ثَلَاثَة ونكا جمعا وافر مِنْهُم وانتهب طَائِفَة من مَوَاشِيهمْ وَاسْتمرّ الْحَرْب أَرْبَعَة أَيَّام وخلص عَن قتل أَرْبَعَة من أَصْحَابه وَلما لحق عز الْإِسْلَام غوث عَسْكَر الإِمَام انْكَسَرَ المخالفون وَتَفَرَّقُوا فِي الأودية والشعاب وَاتفقَ أثْنَاء هَذِه الْمدَّة قصد من حسن بن الإِمَام إِلَى بعض الْبِلَاد الشامية لحَدث أحدثه أَهلهَا ولمم يَقع على طائل لتوعر المسالك

وَفِي خَمْسَة وَعشْرين من صفر وصل الزوار وأخبروا أَن الباشا حُسَيْنًا لم يعد إِلَى الْأَبْوَاب بل ينْتَقل من مَكَّة إِلَى جدة وَكَانَ وُصُوله من الأروام فِي حَال الأكابر من الْمُلُوك حَتَّى أَن مُجَرّد الْخَيل ثَلَاثَة ألآف وَخَمْسمِائة وَلم يعد إِلَى الْأَبْوَاب إِلَّا بعد زمن طَوِيل قرر فِيهِ مراسم الْحَرَمَيْنِ ونفذت أوامره فِيهِ على من عداهُ من الْمُلُوك مثل بَرَكَات والباشا صَاحب جدة وَفِي ربيع الأول جَاءَت الْأَخْبَار أَن جمَاعَة ذِي مُحَمَّد من برط استخفهم الطيش فقصدوا معقل الْأَشْرَاف الزَّاهِر فنهد لَهُم الْأَشْرَاف وجرعوهم كؤوس السم الزعاف ومحوا رُؤُوس صناد يدهم بألسنة الأسياف وَرجع فَلهم إِلَى بِلَادهمْ مكسورين وانجفلوا عَن قصدهم مقهورين

وَفِي هَذِه الْأَيَّام جَاءَ الْخَبَر بوفاة يُوسُف بيك متولى جدة وخلع القفطان بولايتها على إِبْرَاهِيم بيك وفيهَا اتّفق بَين عَليّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن وشريف من بني عَامر يُسمى حُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَامر مزح أفْضى إِلَى جد فَوَثَبَ الشريف على عَليّ وَقَتله فاعتقله صفي الْإِسْلَام وشفع فِي إِسْقَاط الْقود عَنهُ إِلَى أَبِيه فشفعه

وَفِي ثامن عشر توفّي بِصَنْعَاء بعد وُصُوله من ضوران النَّقِيب سعيد المجزبي مَمْلُوك شرف الْإِسْلَام الْحسن بن الْقَاسِم وناله آخر مدَّته عقيب عَزله وسكونه بضوران إمتحانات مِنْهَا الْمَرَض الَّذِي مَاتَ مِنْهُ وَكَانَ قد ولى بندر

ص: 316

اللحبة وَالضُّحَى نَحْو من أَرْبَعِينَ سنة من أَيَّام الْحسن وَمَا كَانَ قبل ذَلِك إِلَّا حراثا مَعَ سَيّده ابْن مجزب من مَشَايِخ الشَّام

وَفِي هَذَا الْوَقْت مَال أهل البروية عَن الْأَمِير أَحْمد بن الْحُسَيْن إِلَى عز الْإِسْلَام مُحَمَّد بن المتَوَكل وطلبوا أَن تكون مطالبهم أَن تكون مطالبهم إِلَيْهِ فثارت لذَلِك نفس الْأَمِير وَرفع الْقَضِيَّة إِلَى الإِمَام فَرَأى من الصّلاح إرجاعهم إِلَى بِلَاد ولَايَته واستمروا فِي ولَايَته من جملَة أهل قطعته

وَفِي غرَّة ربيع الآخر وصل الحضرة خواجا هندي لَهُ أَتبَاع ويحمله على الفالكي أَرْبَعَة أنقريز وَأهْدى للْإِمَام هَدِيَّة سنية فأثابه عَلَيْهَا ثمَّ وصل حَضْرَة صفي الْإِسْلَام أَحْمد بن الْحسن بن الإِمَام

وَفِي هَذِه الْمدَّة وضح تَحْقِيق تجهز صَاحب التخت بِنَفسِهِ على صَاحب بِلَاد الفرتقال كَذَا وَذَلِكَ أَنه لما سرى أَمرهم واستحكم شرهم أفرغ السُّلْطَان مجهوده فحشر الْأَبْطَال من كل أَوب وَجمع البواش كَذَا من كل صوب وواساهم بِنَفسِهِ النفيسة وأسعر جحيم الْحَرْب فأحمى وطيسه ثمَّ دهمهم بأجناد يضج لَهَا الهضب والوهاد ويضيق عَنْهَا السوح ويغبر بعثيرها اللَّوْح وَلما اتَّصل ببلادهم ولاذ بأغوارهم وأنجادهم انحازوا إِلَى قلعة تسمى عمارية قد بسق سمكها فِي الأرتفاع وَبعد عهد حضيضها عَن الْبِقَاع وَاسِعَة الدَّار والدور مدمجة الْأَطْرَاف وَاسِعَة السُّور معمورة بالأبطال المجربة وَالسُّيُوف المدربة والمدافع الدافعة والشحنة النافعة فَقدم بَين يَدَيْهِ الوزراء والأكابر والأتباع والعساكر ووقف بِخَاصَّة ملكه على مَسَافَة ثَلَاثَة أَيَّام بِحَيْثُ يلحقهم غوثه السَّرِيع ويربط أفئدتهم قهره المنيع وَعند إِن اتَّصل آخر المعسكر بأذيال القلعة رَأَوْا أَن فتحهَا بِالْحَرْبِ الزبون مِمَّا لَا يتَصَوَّر وَلَا يكون فدبروا بطريقة التخمين والتقريب إِن حفروا هُنَا السراديب وأفعموها بالبارود واستوثقوا على

ص: 317

أَبْوَاب القلعة بسور من الْجنُود وَعند أَن تمّ لَهُم مَا تمّ ونجح تدبيرهم فِيمَا راموه ثمَّ ألاحوا النَّار فِي أَوَائِل سرداب فَخَاضَ حَولي القلعة لهام الإلتهاب فَكَانَت الْغَنِيمَة الْبَارِدَة وهم غافلون {إِن كَانَت إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذا هم خامدون} وَبعد أَن سعد البخت بِتمَام الدست عَاد السُّلْطَان وَقد فلج سَهْمه وَهلك خَصمه وبوش على تِلْكَ الْبِلَاد سَبْعَة من المقدمين ونال عِنْد الله أجر الصابرين المرابطين وَفِي هَذِه السّنة انحسر بَحر صنعاء فَنزل إِلَيْهَا سيل من جبل الحفا وحدة بني شهَاب وأخرب عرين خندقها الَّذِي أصلحه الإِمَام وفيهَا توجه بعض المراكب الْهِنْدِيَّة إِلَى جدة فرددتها الرّيح من حُدُود جيزان فَرجع أَهلهَا إِلَى المخا وَالسَّبَب أَن أَيَّام الخريف يهيج فِيهَا الْبَحْر الْيَمَانِيّ قدر شَهْرَيْن فتضطرب الْجلاب باضطراب الرّيح

وفيهَا وصل مَكْتُوب من صَاحب سواكن يخبر باستقرار الشريف سعد بِحَضْرَة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَأَن السُّلْطَان رَمَاه بقتل حسن باشا فتنصل عَن ذَلِك واثقا بِالدُّخُولِ فِي الْمَذْهَب الْحَنَفِيّ استدراجا لخاطر السُّلْطَان مُحَمَّد فانعطفت عَلَيْهِ قُلُوب الْخَواص ومهدوا لَهُ الْعذر فَقبله السُّلْطَان

وفيهَا هم الإِمَام بتجهيز هَدِيَّة سنية لصَاحب التخت لتطلع نَفسه مَعَ مَا قد كَانَ رفع إِلَى مسامعه من التَّجْهِيز الْمُتَقَدّم على الْيمن فَخَاضَ مَعَه بعض وزرائه فِي أَن ذَلِك رُبمَا كَانَ محركا على تَمام التَّجْهِيز واستنباط لضعف صَاحب الْيمن فَاسْتحْسن الإِمَام هَذَا الرَّأْي وأضرب عَمَّا أَرَادَهُ

وفيهَا وصل إِلَى الحضرة جمَاعَة من أَطْرَاف بِلَاد عمان من الْمشرق على مطايا

ص: 318

يصفونَ أَنهم كَانُوا عرفا على بِلَادهمْ مستقلين خَارِجين عَن وَلَاء سُلْطَان عمان فنظمهم فِي سلك مَمْلَكَته بيد الْقُوَّة وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَن يمدهُمْ بِمَا يمنعهُم من الرِّجَال وَالْمَال ويكونوا فِي رَعيته فَاعْتَذر الإِمَام عَن هَذَا الْمطلب خَاصَّة موازنة بَين خَيره وشره وفيهَا اتّفق خصام بَين أَصْحَاب الْحسن بن الإِمَام والرعية بجبل رازح أفْضى إِلَى قتل نفر من الْعَسْكَر وَخَمْسَة أَنْفَار من الرّعية وصالت الرّعية على الْعَسْكَر والجأوهم إِلَى القلعة فَصَالحهُمْ الْحسن عِنْدَمَا رأى الْحَال يَقْتَضِي ذَلِك وَسَار إِلَى أبي عَرِيش وَأَرَادَ غَزْو آل حبيب وَنَحْوهم من بِلَاد بني حرَام فصده الإِمَام عَن ذَلِك حَتَّى تحقق خبر الْخَارِجَة إِلَى مَكَّة المشرفة وَكَانَ المشير بذلك صفي الْإِسْلَام أَحْمد بن الْحسن

وَفِي نصف جُمَادَى اتّفق أَن جمَاعَة من رعاع أهل صعدة مَا زَالُوا يتجمعون فِي الفندق الَّذِي نظره إِلَى الْفَقِيه عمر الْمولى من الإِمَام ويصدر مِنْهُم مَالا يَلِيق قولا وفعلا فَرفع السَّيِّد الْعَلامَة أَحْمد بن إِبْرَاهِيم المؤيدي ذَلِك إِلَى مسامع الجمالي عَليّ بن أَحْمد فوضعهم فِي الْحَدِيد فَمَا كَانَ بأسرع من أَن وصل إِلَيْهِ عمر يعاتبه وَيذكر أَن التَّأْدِيب فِيمَا يتَعَلَّق بالفندق إِلَيْهِ فَلم يَسعهُ غير إِطْلَاقهم فَرفع ذَلِك إِلَى السَّيِّد شمس الْإِسْلَام فَلم يلق بدا من الْبِدَايَة بتأديب عمر الَّذِي نهى وَأمر واغتصب وقهر فقصده مَعَ جمَاعَة من السادات وأعيان الطّلبَة فَلم يصادفه فِي غير جَامع صعدة وتضيقت الْحَادِثَة فَضرب هُنَاكَ ضربا مبرحا ثمَّ خرج السَّيِّد عَن صعدة إِلَى مَحَله وطالع حَضْرَة الإِمَام فِي صُورَة مَا صدر فَأَرَادَ إرْسَال القَاضِي عبد الله التهامي لاستفصال الْقَضِيَّة ثمَّ رجح عِنْده التغافل لضرب من الصّلاح

وَفِي رَجَب سَار جمال الْإِسْلَام عَليّ بن أَحْمد إِلَى نَجْرَان لتغلب أَهله عَن

ص: 319

المطالب فقبضها مِنْهُم قهرا وَفِيه اتّفقت فرقة بَين عَسْكَر شرف الْإِسْلَام الْحسن ابْن الْحسن برداع فَقتل نفر من أهل الشَّام

وَفِي سلخ شعْبَان طلب إِلَى الحضرة عز الْإِسْلَام مُحَمَّد بن الإِمَام فبادر وَفِي نصف شَوَّال خسف الْقَمَر فجرا فِي السرطان بعقدة الذَّنب وَغرب خاسفا وَكَانَ خسوفه الْعَام الْمَاضِي بِهَذَا البرج وَقد اجْتمع فِي أَوله ببرج الجدي الْخمس الْكَوَاكِب الشَّمْس وَالْقَمَر والمريخ والزهرة وَعُطَارِد وَلما انْقَضى الشَّهْر جهز الإِمَام لإمارة الْحَج الْحَاج فرحان وَفِي وَقت السحر لَيْلَة ثَالِث شَوَّال كَانَ بِصَنْعَاء وَغَيرهَا زَلْزَلَة عَظِيمَة أيقضت النَّائِم وتبعها مثلهَا

وَفِي هَذِه الْأَيَّام اتَّصَلت الْأَخْبَار بِأَن جلاب الْعمانِي بالبحر وفيهَا عَسَاكِر وفيهَا أَمر الإِمَام أَن تقوم أَمْوَال الذميين فِي جَمِيع الْبِلَاد وَيُؤْخَذ مِنْهُم الْعشْر فَجمع من ذَلِك شَيْء كثير وفيهَا سَار حسن بن الإِمَام إِلَى فيفا فأدب أَهلهَا بِتَسْلِيم شَيْء من الطَّعَام لتغلبهم على الزَّكَاة ثمَّ عَاد إِلَى جبل رازخ

واتصلت بِهَذِهِ الْأَوْقَات الزلازل والرجفات بضوران وَفِي بَعْضهَا انْشَقَّ أَكثر الْبيُوت مِنْهَا دَار الْحصين حَتَّى تناثرت الْحِجَارَة من جبل ضوران وامتدت الرجفة إِلَى صنعاء وَكَانَ دوامها بضوران قدر قِرَاءَة سُورَة يس وَبَعض من فِيهِ اخْتَلَط معقوله وَالْإِمَام انْتقل إِلَى معبر

وَفِي خلال ذَلِك تقرر وُصُول العمانيين إِلَى بَاب المندب فبادر صفي الْإِسْلَام أَحْمد بن الْحسن بإرسال السَّيِّد الْحسن بن مُحَمَّد الْحرَّة فِي جمَاعَة من الكفاة وَأرْسل ابْن مذيور إِلَى جبل الفضلي وَقد بلغه أَن قبائل الْمشرق رفعت رؤسها سِيمَا بِلَاد العولقي وفيهَا انْتَبَهت دهمه قافلة بالعمشية لتجار صعدة وتعللوا بِأَن الإِمَام قطع الجامكية فَإِن ردهَا أصلحوا مَا فسد فِي العمشية

ص: 320

وَدخلت سنة سبع وَثَمَانِينَ وَألف

وفيهَا توفّي قَاضِي السودة القَاضِي الْعَارِف عبد الله التهامي رحمه الله وفيهَا وصل إِلَى مَكَّة رِسَالَة من بعض الحلولية بِالْهِنْدِ فَأجَاب عَنْهَا عُلَمَاء مَكَّة وَكَفرُوا منشئها وأوجبوا على السُّلْطَان أورنقزيب تحريق كتب المنشئ لَهَا

وَفِي سَابِع محرم كَانَ تَحْويل السّنة عِنْد المنجمين وزحل بالثور وَالْمُشْتَرِي بالدلو والمريخ بِأول دَرَجَة من الْأسد وَعُطَارِد مَعَ الشَّمْس إِذْ لَا يفارقها والزهرة بالثور وَفِي نصف ربيع خسف الْقَمَر ببرج الجوزاء وتجلا بِسُرْعَة

وفيهَا وصل الْجَواب من أهل مَكَّة عَن سُؤال بعث بِهِ الإِمَام إِلَى هُنَاكَ فِي سَبَب أَفْرَاد الْعم وَالْخَال والمضاف إِلَيْهِمَا وَجمع العمات والخالات والمضاف إِلَيْهِمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَبَنَات عمك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك} وَمِمَّنْ تولى الْجَواب الشَّيْخ الْعَارِف مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْمَالِكِي المغربي

وفيهَا كَانَ وُصُول الْمركب إِلَى بندر المخا وهدية من السُّلْطَان أورنقزيب للْإِمَام وَصدقَة لأشراف الْيمن والعمانيون الشاكون انفصلوا عَن حَضْرَة الإِمَام إِلَى بِلَادهمْ على وَجه جميل غير أَنه اعتذر عَن خُصُوص مطلبهم

وَفِي ربيع الآخر أرسل حسن بن الإِمَام من رازخ إِلَى صعدة بجملة من أَهله وَأمر أَتْبَاعه أَن يسكنوهم بدار المطهر وَكَانَ فِيهَا بعض حشم جمال الْإِسْلَام عَليّ ابْن أَحْمد فَتغير خاطره لذَلِك مَعَ مَا قد سلف بَينهمَا من أَسبَاب الوحشة فَأمر بإرجاع أهل الْحسن وحيرهم فِي بَاب صعدة وَكتب إِلَيْهِ وَهُوَ يَوْمئِذٍ بمجز بمكتوب يتَضَمَّن إِن أمد الصَّبْر عَلَيْك قد انْتهى فَأَما رجعت من حَيْثُ جِئْت

ص: 321

وَإِلَّا وصلت على شريطة من يصحبك من يمْضِي مَعَك إِلَى حَيْثُ تَأمر وتسير إِلَى حَضْرَة أَبِيك وَإِن أَبيت أحد الْأَمريْنِ فَأذن بِمَا يصدر فِي جَانِبك من الإهتضام وَقلة الإحتشام والمكالمة بِلِسَان الحسام فسعي السَّاعِي بَينهمَا أَن يدْخل أَهله من بَاب صعدة ويسكنوا بدار عز الْإِسْلَام مُحَمَّد بن الْحسن بن الإِمَام

وَالْحسن عَاد من مجز يُرِيد ساقين ويلتقي ثقله فَلَمَّا وصل إِلَى عرو لم يرخص لَهُ أَهله فِي غير الْمبيت لأوامر نفذت إِلَيْهِم من جمال الْإِسْلَام وَلما كثرت عَلَيْهِ الأراجيف عرج عَن ساقين وَقصد رازح فَتَبِعَهُ جمال االإسلام حَتَّى وصل ساقين وَوَقع الْحَرْب على خزانَة الْحسن فَذهب من الْفَرِيقَيْنِ خَمْسَة أَنْفَار ثمَّ كَانَ الإستيلاء على خزنته وَمن مَعهَا من أَصْحَابه وَبعد ذَلِك برح الخفا مَعَ الجمالي فَجمع من يعْتد بِهِ من سحار وَآل عمار وَذكرهمْ سيرته المرضية فيهم وَمَا قاسوه من انضراب كَذَا الْحَال بَينه وَبَين الْحسن وَوصف لَهُم مَا صَار إِلَيْهِ حَال الإِمَام من الْمَرَض الْمخوف وَالزَّمَان المفضي حَالهمَا إِلَى خختلال هَذَا الْقطر وَأَنه أجمع رَأْيه على الدعْوَة وَأَنه طَالب مِنْهُم المناصرة على مَا يُريدهُ بالدعوة من نصْرَة الشرعفأجابوه إِلَى طلب وتلقب بالمنصور بِاللَّه ثمَّ قدم لِلْحسنِ جمعا من الأجناد إِلَى رازح وعطل عَن بِلَاده آثَار خلَافَة المتَوَكل فأصفق أهل الشَّام على إجَابَته ونفذت أوامره إِلَى حُدُود سُفْيَان وَوصل مكتوبه إِلَى صفي الْإِسْلَام احْمَد بن الْحسن يشعره بدعوته وأسبابها وَيطْلب مِنْهُ المناصرة ثمَّ أودع مكتوبه إِلْحَاقًا خَاصّا مضمونه أَن الْحَال قد اقْتضى مَا صدر منا فأعمل فِيهِ بِرَأْي الشَّرْع وَلَا تلْتَفت على الْمُحَافظَة على الْملك وَإِن يكن لَك إِلَيْهِ رَغْبَة كنت الْمُقدم وَكُنَّا السيوف المسلولة على من ناوأك فَرَاجعه الصفي بِمَا فِيهِ تمريض لِلْأَمْرِ وَكَانَ السَّيِّد الْعَلامَة الْقَاسِم بن الْمُؤَيد قد كتب إِلَى الصفي بِكِتَاب فِيهِ تأنيس بِمَا أَرَادَهُ الجمالي وَالسَّيِّد الْعَالم يحيى بن الْحُسَيْن بن الْمُؤَيد كَانَ عِنْد وُصُوله

ص: 322

إِلَى صعدة قد خَاضَ مَعَ الدَّاعِي بعض الْخَوْض فِي شَأْن من يَنْتَظِم بِهِ الْأَمر وَفِي أثْنَاء مَكْتُوب الدَّاعِي إِلَى الصفي أَنه إِن لم يتم الْخَوْض فقد أرفع على استدعاء السَّيِّد مُحَمَّد بن عَليّ صاححب برط والمفاوضة فِي الطَّرِيقَة المثلى وَعند ذَلِك ورد مَكْتُوب الإِمَام إِلَى صفي الْإِسْلَام يضيق عَلَيْهِ فِي التَّجْهِيز إِلَى صوب صعدة على الدَّاعِي قبل تفاقم الححادث وانتشار الححال فبادر الصفي إلة أخخذ الأهبة من االغراس المحروس وَنصب الوطاق عَلامَة التجرد والتبريز لمنازلة الدَّاعِي وَمن هُنَا ظهر فَائِدَة رَأْي الصفي فِي متاركة الماليك النائبة على الْقطر اليمني وَإِن الأهم الْمُقدم حفظ الححقيقة فِيهِ بِلَا زِيَادَة وَلَا نُقْصَان

(والرأي فِي تثبيت مجد قَائِم

بِالذَّاتِ لَا تَقْوِيم جد عائر) (وَمن الغباوة بذل كنز ححاصل

فِي الْحَال لاستصحاب دين داثر) (هَب أَن ترى بَيت الأنيس من الضَّبِّيّ

شَره فَاتبع القطيع النافر)

وَلما اطلع بعض وزراء الرسوليين على مَا جمعه مخدومه من الخزائن والذخائر الملوكية قَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا هَذِه الْعدة تصلح لفتح مصر أَو كَمَا يُقَال فَأَجَابَهُ بِأبي أحتاج إِلَيْهَا لمن يعارضني فِي اليممن بأقداح الشّعير ويأخخذ مني الْغرَّة عِنْد الإهمال وَالتَّقْصِير فاستصوب الْوَزير على رصانة عقله أكبر آيَة

وَفِي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس جُمَادَى الْآخِرَة فاضت روح الإِمَام إِلَى دَار السَّلَام وانقلب إِلَى مَا أعده الله لَهُ من الْكَرَامَة وَالْإِكْرَام وَقد نَالَ أجر من عمل بِسنة جده االأمين وسلك فِي سَبِيل الْحق مَسْلَك أبائه الطيبين السَّابِقين إِلَى الْخيرَات والمقتصدين نور الله مصرعه وَفِي أَعلَى الْجنان أضجعه وَدفن صبح السبت بمحروس جبل ضوران

ص: 323

وَكَانَ مولده الْكَرِيم بِنصْف شعْبَان فِي سنة تسع عشرَة وَألف وَفِي ذَلِك كتب السَّيِّد الْعَلامَة إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم جحاف

(خَليفَة الله إِسْمَاعِيل مَوْلَانَا

أوفى الْبَريَّة عِنْد الله ميزانا) (وَفِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان مولده

فهاك تَارِيخه فِي شهر شعبانا)

وَكَانَ مدرسا فِي أغلب الْفُنُون آيَة باهرة فِي فن الْفِقْه فَهُوَ يعد فِيهِ من المذاكرين محبا للْعُلَمَاء محببا إِلَيْهِم شفيقا بالرعية سِيمَا ضعفتهم من الطلاب وَغَيرهم وطالما أجتذب بثيابه مِنْهُم حَتَّى يمزق شَيْء مِنْهَا وطالما شافهوه بالقاسي من الْكَلَام فَكَأَنَّهُ لم يسمعهُ وَمن مؤلفاته العقيدة الصَّحِيحَة فِي أصُول الدّين وَقد شرحهاا من العدلية الْفَقِيه الْعَارِف صَالح بن دَاوُود الآنسي وَغَيره وَشَرحهَا من الأشاعرة عَالم مَكَّة القشاشي والشريف مُحَمَّد الحيقردي وَأمين حجازي كَمَا تقدم وَمن فَوَائده الْمسَائِل المرتضاة فِيمَا تعتمده الْقُضَاة وَغير ذَلِك من الْفَوَائِد الْمَعْرُوفَة بأيدي النَّاس والإختبارات فِي مظان الإلتباس وَاتفقَ فِي دولته من تَعْظِيم جَانب الْعلمَاء مَا لم يتَّفق فِي غَيرهَا فعكف أكابرهم فِي مَوَاقِف الدَّرْس عَلَيْهِ وَمَاله إِلَيْهِم بعلاقة الْعلم ومالوا إِلَيْهِ حَتَّى تحبب كل مِنْهُم إِلَيْهِ مجهوده وَمِنْهُم من تيمن باسمه الشريف حَتَّى تسما بِهِ مولوده وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ عَلامَة الْمَعْقُول مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم السحولي وَقد طلبه الرُّخْصَة فِي زِيَارَة أَهله إِلَى صنعاء بعد أَن ولد لَهُ مَوْلُود وَهُوَ الْآن فِي قيد الْوُجُود

(مولَايَ إِسْمَاعِيل لي طِفْل بكم

متبركا أَدْعُوهُ إسماعيلا)

ص: 324

(قد عيل صبري من مفارقتي لَهُ

لَا للرباب وَلَا لإسماعيلا) (منوا بإسماعي نعم فِي مطلبي

لَا تقطعوا طمعي بإسماعيلا)

وَكَانَ لَا يَأْكُل الزَّكَاة وَمن كَلَام لَهُ يُوصي أَوْلَاده وقرابته وأوصيكم أَيهَا الْأَوْلَاد ذكركُمْ وأنثاكم وَسَائِر قَرَابَتي وَسَائِر بني هَاشم أَن تجتنبوا الزكوات وَلَا تَأْكُلُوا مِنْهَا شَيْئا وَلَو أكلْتُم الشّجر فَإِن الَّذِي خَلقكُم هُوَ الَّذِي يرزقكم وَلَا تَفعلُوا كَمَا يفعل كثير من النَّاس من التَّمَسُّك بالشبه فِي ذَلِك وابتغوا من فضل الله وَلَا يحملكم الثّقل بِالسُّكُونِ فِي الْبيُوت على ذَلِك وافطلبوا الرزق من فضل الله وتنقلوا وَلَا تَتَّخِذُوا السُّؤَال حِرْفَة فبئست الحرفة هِيَ وَإِنَّهَا مُعينَة على االفقر وَلَكِن أطلبوا الرزق الْحَلَال وإحياء الْأَمْوَال وَإِن أمكن أَن تجْعَلُوا لكم نوابا فِي البيع وَالشِّرَاء فَهُوَ حسن نَافِع وَإِن لم يُمكن إِلَّا بِأَنْفُسِكُمْ فافعلوا فَلِأَن يوجر أحدكُم نَفسه خير لَهُ من الْحَرَام

وَلَا يبعد أَن يكون فِي قَوْله وَلَو أكلْتُم الشّجر وَجعله الْمرجع الْأَبْعَد رمز إِلَى تَضْعِيف مسئلة أَن الْمُضْطَر يقدم الْميتَة كَمَا صَدره فِي الأزهار رووجه ضعفها منقدح وَهُوَ أَن تَحْرِيم الْميتَة قَطْعِيّ بِخِلَاف تَحْرِيم الزَّكَاة وَلَا شكّ أَن طَريقَة الْأَخْذ بِالْأُخْرَى مَعْرُوفَة لَكِن دين الله بَين العالي والمقصر وَكَانَ يمِيل فِي الْأُصُول إِلَى التَّكْفِير بالإلزام ورتب على ذَلِك أحكاما فِي أهل الْيمن الْأَسْفَل وعارضه فِي مسئلته بعض من لَا يحسن الْكَلَام وَلَا يتأدب وَهَكَذَا الْحَال فِي صدر كل زمن فكم تحكت فِيهِ بأفعى عقرب

وَمن كَلَام لَهُ يُوصي بِهِ وَلَده عز الْإِسْلَام وأترك الْإِكْثَار من المتعلقين الَّذين هَمهمْ الدُّنْيَا وَيَكْفِيك الْقيام بِأَهْل الْحصين فَإِنَّهُم عدَّة إِن شَاءَ الله واستصلحهم بالرغبة والرهبة وأحبب حَبِيبك وَأبْغض بَغِيضك هونا مَا فَلَعَلَّ الحبيب لَا يَدُوم حبه وَمَا أَكثر ذَلِك فِيمَن محبته لأجل الدُّنْيَا وَلَعَلَّ البغيض يكون حبيبا

ص: 325