الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا أَكْثَره فِيمَن كَانَ بغضه لأجل الدُّنْيَا ودع مَا يريبك إِلَى مَالا يريبك واكثر من ذكر الله إنتهى
قلت أنظر إِلَى هَذَا الْكَلَام الْغَيْر متكلف وَمَا عَلَيْهِ من مسحة الْكَلَام النَّبَوِيّ وَمَا ضمن من الاثار الَّتِي فقهها نَافِع وَحَدِيث دع مَا يريبك إِلَى مَالا يريبك فَإِن الصدْق طمأنينة وَالْكذب رِيبَة أخرجه أَبُو دَاوُود الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وابو يعلي والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَآخَرُونَ وَأخرجه سعبه أَخْبرنِي يزِيد بن أبي مَرْيَم سَمِعت أَبَا الجوزاء السَّعْدِيّ يَقُول لِلْحسنِ بن عَليّ مَا تذكر من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كَانَ يَقُول فَذكره قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الأسناد وَلم يخرجَاهُ
وَمن كَلَام لَهُ يُوصي بِهِ أَوْلَاده وأوصيكم بإصلاح ذَات الْبَين فَإِنَّهُ أفضل من عَامَّة الصَّلَاة وَالصِّيَام كَمَا جَاءَ بذلك الْأَثر قَالَ الله تَعَالَى {وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} وَلَا يتم ذَلِك إِلَّا بالإحتمال وَالصَّبْر والتغاضي من كَبِير وَالْعَفو وَالله يَأْخُذ بنواصيكم ويتولاهم آمين
الدولة المهدوية وَمَا شجر فِي أَثْنَائِهَا
وَفِي ثَالِث موت الإِمَام جرد الهمة صفي الْإِسْلَام فاستدعى إِلَى الْغِرَاس المحروس عز الْإِسْلَام مُحَمَّد بن المتَوَكل وَولد عَمه بدر الْإِسْلَام مُحَمَّد بن أَحْمد والأمير الْمِقْدَام أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن وَمن أكَابِر عُلَمَاء صنعاء القَاضِي الْعَلامَة مححمد بن عَليّ الْعَنسِي وَالْقَاضِي الْعَلامَة مُحَمَّد بن عَليّ قيس الثلائي وَالْقَاضِي الْعَلامَة أَحْمد بن صَالح بن أبي الرِّجَال وَالْقَاضِي الْعَالم عَليّ بن جَابر الهبل وَالسَّيِّد الْعَالم عبد الله بن مهْدي االكبسي وَالسَّيِّد الفهامة غوث الدّين يحيى بن غوث الدّين ابْن المطهر فبادر الْجَمِيع إِلَى حَضْرَة الصفي وَاجْتمعَ الْكل لَدَيْهِ بعالمه وحاكمه
وَالْقَاضِي البليغ عبد الْوَاسِع عبد الرَّحْمَن الْقرشِي وَكَانَ ميل عز الْإِسْلَام مُحَمَّد ابْن الإِمَام إِلَى صفي الْإِسْلَام ظَاهرا لما يعرفهُ من سالف أَحْوَاله من رِعَايَة الْخَاصَّة والعامة وبذل مهجته فِي رِعَايَة الْإِسْلَام وَعمارَة قُلُوب خَواص الْأمة وهم الْعلمَاء بمزيد الرِّعَايَة وسابق خدمته لِعَمِّهِ المتَوَكل على الله حَتَّى كَانَ لِسَان حَاله مَعَه
(أَخُوك الَّذِي أَن تَدعه لملمة
…
يجبك وَإِن تغْضب إِلَى السَّيْف يغْضب)
مَعَ مَا اقْتصر عَلَيْهِ من الجدارة الَّتِي هِيَ سيماء الْمُؤمنِينَ والسعادة المطردة فِي الْحَرَكَة والتسكين والهيبة فِي قُلُوب الرعايا وميل أَكثر أهل الْيمن إِلَيْهِ سِيمَا صنعاء وحوازها وأغلب من ذكر من الْعلمَاء رَأْيه هَذَا الرَّأْي خلى القَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد بن عَليّ قيس فقد كَانَ مبطنا للميل إِلَى جَانب السَّيِّد الْعَلامَة الْقَاسِم بن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُؤَيد بِاللَّه لما تناقلت الأفواه عَنهُ من النشأة الطاهرة والبرارة والشطر الصَّالح من الْعلم وَاتفقَ بعد ذَلِك موقفين للإتفاق بَين من ذكرت عقيب خوض طَوِيل على إِلْزَام الصفي بتحمل الأعباء فبويع بِحَضْرَة من ذكر وَكَانَ الْمُتَقَدّم فِي موقف الْبيعَة إِلَى تَمامهَا السَّيِّد عبد الله الكبسي وعضده فِي انتهاز الفرصة الشَّيْخ الرئيس الْحسن بن أَحْمد بن عواض الْأَسدي وَوَقع من بدر الْإِسْلَام مُحَمَّد بن أَحْمد بعض خوض فِي تقدم دَعْوَة صنوه وَالْإِشَارَة إِلَى الثَّانِي فَلم يساعد إِلَى ذَلِك وَاشْترط الْجَمِيع فِي عقد الْبيعَة عدم قيام من هُوَ أصلح ثمَّ تعقب ذَلِك تسطير ولايات مِنْهَا ولَايَة عز الْإِسْلَام الْحُسَيْن بن الْحسن بن الإِمَام ومكتوب إِلَى جمال الْإِسْلَام عَليّ بن أَحْمد ومكتوب إِلَى الْحسن بن الإِمَام ومكتوب إِلَى الْأَمِير الخطير سيف الْإِسْلَام عبد الْقَادِر بن النَّاصِر
وَكَانَت الْبيعَة سَابِع جمادي وك ان الْأَمِير عبد الْقَادِر عِنْد حُدُوث هَذَا الْأَمر الْعَظِيم قد أَخذ اهبته وَجمع حشمه إِلَى حصن كوكبان وَحصل الروع مَعَ أهل صنعاء ظنا مِنْهُم أَن عز الْإِسْلَام سيحدث دَعْوَة مَعَ تَغْلِيب الظَّن أَنه لَا يتم ذَلِك لمَكَان الصفي بالغراس فجبر الله غربَة الْإِسْلَام بانخراط الْكل فِي ألطف نظام وَعند ذَلِك بَادر عز الْإِسْلَام بتعريف أهل الحميتين بِمَا اجْتمع عَلَيْهِ آراء من يعْتد بِهِ من اهل الْحل وَالْعقد وَالْأَخْذ عَلَيْهِم فِي التَّقَدُّم إِلَى صف السَّابِقين فراجعوه فِي مبادئ الْأَمر بِأَنَّهُم تَحت الطوع بعد الإتفاق من الْكل على من يحفظ الْحَقِيقَة ويدعى بأمير الْمُؤمنِينَ
وَاتفقَ اثناء ذَلِك خوض ونزاع بَين أَطْرَاف أهل هَذَا الْقطر بِسَبَب التَّقَصِّي فِي أَشْرَاط كَذَا الإِمَام الَّتِي مِنْهَا الإجتهاد عِنْد الْبَعْض والمسئلة مَعْرُوفَة بأطرافها ودليلها فَلَا حَاجَة إِلَى الإطالة وَهِي من المطارح الظنية وَغَيرهَا أَجْدَر بالتعمق وَقد ذكرنَا فِي الْجُزْء الأول كلَاما عَن المقريزي صَاحب الخطط والْآثَار يجدر الِاطِّلَاع عَلَيْهِ من هُنَاكَ والمركز الْأَعْظَم مِنْهَا فِي العصور الَّتِي تضاعفت شريتها بمصداق الحَدِيث النَّبَوِيّ هُوَ حقن الدِّمَاء وتسكين الدهماء ومراعاة قانون الشَّرْع جملَة وَقد رَأينَا الشَّرْع قَامَ فِي الصَّدْر الأول بِدُونِ هَذِه التطويلات
وَرجح عَن السَّيِّد الْعَالم عَليّ بن الْحُسَيْن االشامي من أَوْلَاد الإِمَام يحيى بن المحسن مُفَارقَة صنعاء إِلَى خولان مجانبا للخوض فِي خُصُوص هَذَا الحَدِيث
وَظهر فِي هَذِه الْأَيَّام لشريف من آنس يُقَال لَهُ نَاصِر الدّين مَذْهَب خَاص مِنْهُ تَحْرِيم الْخلّ وتقبيل الْكَفّ عِنْد المصافحة وَتَنَاول قهوة البن وإرسال الذوابتين الْعليا والسفلا وَغير ذَلِك وَكتب نسخا من أَحْكَام الْهَادِي عليه السلام غير فِيهَا قَوَاعِد الْخط الْمُتَّفق على جُمْلَتهَا وَالَّذِي ظهر من حَاله الغباوة الْكُلية وَأَنه طالع كتاب الْأَحْكَام فِي بَيته وجمد عَليّ مَا فِي نَفسه من عقيب خُرُوجه من الْمكتب من غير أَن ينْهض إِلَى من يرشده إِلَى كَيْفيَّة الترتب وَقد قلعت بِسَبَبِهِ مغارس من البن الْمُتَّصِل بِبَلَدِهِ وأدبه شرف الْإِسْلَام الْحُسَيْن بن المتَوَكل بالإعتقال فَلم ينجح فِيهِ وَشرع الله أرسخ من ثبير فقد انْقَطَعت بدعته وَلم يُتَابِعه عَلَيْهَا إِلَّا من لَا يلْتَفت عَلَيْهِ من الْعَوام
وتلقب صفي الْإِسْلَام بالمهدي لدين الله وَتعقب دَعوته ظُهُور دَعْوَة السَّيِّد الْعَلامَة الْفَاضِل الْقَاسِم بن الْمُؤَيد بِاللَّه بشهارة وتلقب بالمنصور بِاللَّه فَأَجَابَهُ الأهنوم وَغَيره وَامْتنع عَن إجَابَته الصفي أَحْمد بن المتَوَكل وَظُهُور دَعْوَة شرف الْإِسْلَام الْحُسَيْن بن الْحسن بن الإِمَام وتلقب الواثق بِاللَّه وَبَايَعَهُ عَلَيْهَا من حضر من الْأَعْيَان وَكَانَ مِمَّن حضر بيعَة الْقَاسِم بن الْمُؤَيد السَّيِّد الْعَالم يحيى بن أَحْمد الشرفي وَالسَّيِّد الْعَالم الزَّاهِد يحيى بن إِبْرَاهِيم الجحافي وأخوة السَّيِّد الْعَالم إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَالسَّيِّد الْعَالم عَليّ بن صَلَاح الضلعي وَلما وصل إِلَى شهارة
القَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد بن عَليّ قيس بذل الْبيعَة وَجَاءَت بعد هَذَا أَخْبَار دَعْوَة السَّيِّد مُحَمَّد بن عَليّ الغرباني ببرط ودعوة السَّيِّد الْعَالم الْكَرِيم أَحْمد بن إِبْرَاهِيم المؤيدي وَاتفقَ عقيب ذَلِك اسْتِيلَاء أَوْلَاد عبد الله بن الْقَاسِم على قصر ذمار وانتهاب مَا فِيهِ وانتهاب أَصْحَاب جمال الْإِسْلَام عَليّ بن المتَوَكل على الله سوق جبلة وَحصل التخوف مَا بَين إب وجبله ونقيل سمارة واتفقت فتْنَة بَين أَصْحَاب السَّيِّد الْحسن بن مُحَمَّد بن أَحْمد المؤيدي وَالسَّيِّد جَعْفَر بن المطهر الجرموزي ذهبت فِيهَا نفوس وبصعدة فتْنَة أُخْرَى من أهل سوقها وقبيلة سحار وانتهب جَانب من السُّوق
وَأما جمال الْإِسْلَام عَليّ بن المتَوَكل فَإِنَّهُ شمر الْعَزْم إِلَى تعز والإطلاع على مَا فِي مخازين الشَّيْخ رَاجِح متوليها وَكَانَ يَوْمئِذٍ ببلاده ثمَّ ان علم الْإِسْلَام الْقَاسِم ابْن االإمام كتب إِلَى الإِمَام أَنه دعى إِلَى الرضى فَرَاجعه الإِمَام بِأَن الأولى الإجتماع وَمن اجْتمع عَلَيْهِ الْخَوْض تُسنم غارب هَذَا الْأَمر وعرفه أَن دَعوته سَابِقَة وَأَغْصَانهَا فِي ربوة النهضة باسقة وَأما شرف الْإِسْلَام الْحُسَيْن بن المتَوَكل فَإِنَّهُ جمع عِصَابَة نافعة وأمدهم بِبَعْض الخزنة الَّتِي بضوران وَوصل إِلَى الإِمَام نَائِب حجَّة السَّيِّد عَليّ بن الْحُسَيْن الجحافي وتتابع بعد ذَلِك وُرُود من حوالي شهارة إِلَى حَضْرَة الْعلم لأجابة وأعيته مثل بِلَاد الأهنوم ووادعة والشرف وعفار وظفير حجَّة وظليمة وَلما رأى عز الْإِسْلَام مُحَمَّد بن المتَوَكل
على الله تباطى وَشرف الْإِسْلَام الْحُسَيْن بن الْحسن عَن بيعَة أَخِيه الْمهْدي سَار إِلَيْهِ فاتفقا بذمار وَختم القَوْل على أَن الْحُسَيْن لَا يَأْتِي من طرفه إِلَّا كل خير وَلم يصدر مِنْهُ بيعَة وَعَاد إِلَى رداع وَعز الْإِسْلَام إِلَى ضوران ثمَّ عَاد إِلَى صنعاء
وَالْإِمَام ندب الشَّيْخ الْعَلامَة يحيى بن مُحَمَّد بن الْحَاج الْأَسدي إِلَى حَضْرَة الدَّاعِي ثمَّ جَاءَت الإِمَام الْأَخْبَار بِأَن السَّيِّد يحيى بن إِبْرَاهِيم بت القَوْل بإمامة الدَّاعِي واثبت لَهُ الْخطْبَة بحبور بعد أَن توقف فِي الْجُمُعَة السالفة وَالشَّيْخ عَاد بِجَوَاب يتَضَمَّن طلب المناظرة واضطرب الْحَال فِي شَأْن السَّيِّد الْحُسَيْن بن صَلَاح والفقيه الْعَلامَة الْحُسَيْن بن يحيى حَنش يل أَنَّهُمَا امتنعا عَن بيعَة الْعلم وَوصل إِلَى الإِمَام مَكْتُوب الصفي أَحْمد بن الْمُؤَيد بِاللَّه يشعره بِأَنَّهُ قد انتظم فِي سلك أَخِيه وَاتفقَ اثناء هَذَا الْخَوْض حَرْب بَين أهل خِيَار ذهب فِيهِ سَبْعَة أَنْفَار وَأما السَّيِّد الْعَلامَة يحيى بن الْحُسَيْن بن الْمُؤَيد بِاللَّه فَإِنَّهُ ارتحل من صعدة نافرا خاطرا من جمال الْإِسْلَام بِسَبَب اقتضته ححوادث اليام
وَفِي ثامن وَعشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة وصل الشَّيْخ يحيى من حَضْرَة الدَّاعِي إِلَى حَضْرَة الإِمَام يتَضَمَّن العتب على الإِمَام وعَلى من بَايعه من الْعلمَاء الْأَعْلَام
وَالْحسن بن المتَوَكل على الله انْتقل عَن جبل رازح إِلَى أبي عَرِيش فبادر إِلَى رازح جمَاعَة من أَصْحَاب الجمالي وانتهبوا مَا بَقِي من خزانته ثمَّ إِن الْحسن بن مُحَمَّد بن أَحْمد المؤيدي وصل إِلَى حَضْرَة الإِمَام عِنْد أَن رجح لَهُ تَوْلِيَة السَّيِّد جَعْفَر بن المطهر وانتهت إِجَابَة الدَّاعِي إِلَى عمرَان وذيبين وَكَانَ الإِمَام قد
ارسل خَطِيبًا إِلَى ذيبين فَامْتنعَ أهل الْبِلَاد عَن حُضُور جمعته وَقَالُوا فِي أَعْنَاقهم بيعَة إِمَام
وَفِي سلخ جُمَادَى الْآخِرَة خرج إِلَى بَيت ردم الْأَمِير احْمَد بن مُحَمَّد وَفِي نَفسه غير قَلِيل من الإِمَام وَكَانَ قد وصل إِلَى دَار الإِمَام لموعد بَينهمَا فتحير إذانه وَقت مَا فاستنبط من ذَلِك التهاون بجانبه فَلَمَّا علم الإِمَام اشْتغل كَذَا خاطره بذلك وَأمر باستدراك أمره وَاعْتذر إِلَيْهِ فَعَاد وَتمّ بِطَاعَتِهِ المُرَاد وَلما اسْتَقر شرف الْإِسْلَام الْحسن بن المتَوَكل بتهامة بذل الْبيعَة للْإِمَام وَسَار إِلَيْهِ فَلَمَّا وصل الصلبة لقِيه أَوْلَاد النَّقِيب سعيد المجزبي سائرين إِلَيْهِ بمرسوم من الإِمَام فِي أَن يرد عَلَيْهِم مراكب والدهم فانقد خاطره لذَلِك وعرج عَن طَرِيق الإِمَام إِلَى قصد الدَّاعِي وَهُوَ بشهارة فَبَايعهُ ثمَّ نزل إِلَى حبور ثمَّ أمره الدَّاعِي بالتوجه إِلَى مُبين حجَّة ليَكُون ردا لمن بالصلبة من أجناده فَسَار إِلَيْهِ وَالْإِمَام اتّفق رَأْيه ورأي الْأَمِير الْهمام مُحَمَّد بن أَحْمد بن الإِمَام الْقَاسِم على إِيصَال الشّحْنَة والخزاين ومدد الْجند إِلَى خمر ليَكُون مِنْهُ مناقشة الْحَرْب لمن بشهارة وأضاف إِلَى الْأَمِير أَحْمد بن مُحَمَّد بِلَاد حفاش وملحان
وَأما من بَقِي بصعدة من أَوْلَاد شرف الدّين الْحسن بن المتَوَكل على الله وصل بهم إِلَى شهارة فَخر الدّين عبد الله بن أَحْمد بن الْقَاسِم وَصفا قطر الشَّام لجمال الْإِسْلَام عَليّ بن أَحْمد بن الإِمَام
وَفِي غرَّة رَجَب غزا الشريف مُحَمَّد بن عَليّ الدَّاعِي من برط إِلَى أَسْفَل بِلَاد الْجوف فانتبه لَهُ أَهله فاتفق قتال ذهب فِيهِ جمَاعَة من أَصْحَاب الدَّاعِي وَفِي هَذِه الْأَيَّام انتشرت الْجَرَاد فِي عَامَّة الْبِلَاد وأورثت فتنا بَين الْقَبَائِل بِسَبَب أَن كل بلد تدفعها عَن الْأَمْوَال إِلَى الْبَلَد الْأُخْرَى وَوصف بعض المؤرخين انها أكلت طفْلا
وَفِي سَابِع عشر رَجَب خرج الإِمَام من صنعاء إِلَى الْغِرَاس مظهر الْقَصْد الدَّاعِي وَأمر بدار الضَّرْب وَأرْسل السَّيِّد علم الدّين الْقَاسِم بن أَحْمد بن الإِمَام إِلَى حَضْرَة اخيه جمال الْإِسْلَام وَفِي هَذَا الشَّهْر توفّي بوطنه الذُّنُوب من بِلَاد حجَّة الْأَمِير الخطير شرف الدّين بن المطهر بن عبد الرَّحْمَن بن المطهر كَانَ هَذَا السَّيِّد من أُمَرَاء الْمُؤَيد بِاللَّه وَولي مِنْهُ بِلَاد رداع فاستمر على ذَلِك بدولة المتَوَكل على الله إِلَى أَن رفعت يَده بشرف الْإِسْلَام الْحُسَيْن بن الْحسن بن الْقَاسِم وَلما عزل أَقَامَ بوطنه الذُّنُوب تجنى إِلَيْهِ ثممرات أَمْوَاله مَعَ مَا إِلَيْهِ من الصوافي الَّتِي كَانَت للأمير عبد الرَّحِيم كالحوضين تخححت مُبين وَحصل بَينه وَبَين يافع فِيمَا مضى معارك شَدِيدَة تفصيلها فِي غير هَذَا التَّارِيخ
وَفِي هَذِه الْأَيَّام وَردت كتب الدَّاعِي إِلَى عز الْإِسْلَام والى الْأَمِير أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن رِسَالَة يبْحَث فِيهَا عَن أَشْيَاء تتَعَلَّق بالإممام فَوكل عز الْإِسْلَام الْجَواب إِلَى الإِمَام فَأجَاب بِمَا يشفي الصُّدُور وَرَأَيْت عدم إِثْبَات الرسالتين هَهُنَا لغَرَض صَحِيح
وَفِي آخر رَجَب ظَهرت رِسَالَة السَّيِّد الإِمَام الدَّاعِي أَحْمد بن إِبْرَاهِيم المؤيدي يذكر فِيهَا دَعوته فشغل النَّاس عَن النّظر فِيمَا يروم إنتطاح هذَيْن الجبلين القاهرين والتطام هذَيْن اللهامين الزاخرين وَهَذَا السَّيِّد من بَيت علم قديم ومجد صميم وَكَانَ الْحَال يقتضى وفوده على الْأَئِمَّة فينزلونه منزلَة الأكابر من بيوتات الْعلم
وَلما عقد الْمُؤَيد بِاللَّه مُحَمَّد بن المتَوَكل على الله مجْلِس الدَّرْس فِي الثمرات بضوران المحروس صَادِق وفادته وحضوره مجْلِس الْقِرَاءَة وَكتب يَوْمئِذٍ بِحَضْرَة الإِمَام وَمِمَّنْ خص القراة فَرَأَيْت للسَّيِّد شمس الْإِسْلَام شمائل تعبق مِنْهَا أنفاس الزّهْد والورع وَلَقَد رَأَيْته غير مرّة يُطِيل الْبَحْث مَعَ الإِمَام ثمَّ تعتريه بعد ذَلِك
صفرَة يقْضِي حدسي القَوْل ان ذَلِك نَدم مِنْهُ على وُقُوع مَا يتَجَنَّب عَنهُ من دقائق الريا المترحم عَلَيْهَا فِي مصنفات الدّيانَة الباطنية كالإحياء لأبي حَامِد الْغَزالِيّ والتصفية للديلمي والإرشاد للفقيه عبد الله بن زيد المدحجي وَقد حضر ذَلِك الدَّرْس جمَاعَة من أَعْيَان عُلَمَاء السَّادة والشيعة كالسيد الْعَلامَة إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الجحافي وَالْقَاضِي مُحَمَّد بن عَليّ الْعَنسِي أَيَّام وفادته وَغَيرهمَا وَمَا رَأَيْت الإِمَام ينزل غَيره مَنْزِلَته وَهُوَ حقيق بذلك وفوقه
وَفِي هَذِه الْأَيَّام اقْتضى رَأْي الإِمَام إرجاع السُّلْطَان منصر العولقي إِلَى بِلَاده وَجعلهَا فِي نظره بعد طول لبثه عِنْد حَيّ المتَوَكل على الله وعرج عَن طَرِيق رداع إِلَى طَرِيق الْجوف
وفيهَا كَانَ تجهيز شرف الدّين الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمد إِلَى خمر لحفضه وإرسال القَاضِي الْعَارِف جَعْفَر بن عَليّ بن تَاج الدّين االظغيري إِلَى حَضْرَة الْعلم الدَّاعِي لأخذ حَقِيقَة الْأَحْوَال وروم الِاجْتِمَاع وَتَعْيِين مَحَله وَلم يَنْتَظِم مِمَّا سَار لَهُ مرام وَحِينَئِذٍ تحركت النُّفُوس وانقدح ضرام حَرْب البسوس مَعَ مَا اسلفناه من ذكر ضعف الْبِلَاد واستيعاب نباتها زادا للجراد وَمن الألطاف الربانية أَن الْبَحْر الْمُقَابل للمخا نجل بجلاب إِلَى الْيمن من سواحل الْحَبَشَة لما بلغ أَهلهَا من ارْتِفَاع السّعر فِيهِ
وَلما اسْتَقر الْحُسَيْن بِخَمْر بَادر الدَّاعِي إِلَى إرْسَال عسكره إِلَى مُبين حجَّة وَأمر سوق الطعامات كَذَا إِلَى شهارة وَفِي عَاشر شعْبَان خرج مقدم الدَّاعِي وأميره صارم الدّين إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْمُؤَيد بِاللَّه من محروس شهارة إِلَى ذيبين وَكَانَ الإِمَام قد أَمر الشَّيْخ عَليّ بن خَلِيل الْهَمدَانِي باللحوق كَذَا بالحسين بن مُحَمَّد إِلَى خمر فَعِنْدَ أَن بلغه خبر الصارم رجح نظره اسْتِدْرَاك مسير الشَّيْخ واستئناف عدَّة كَامِلَة
وَفِي عشْرين مِنْهُ جهز الشَّيْخ زيد خَلِيل إِلَى عمرَان فَانْتهى إِلَيْهِ وَأمر عز الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد أَن يُبَادر بِمثل ذَلِك من غير توان وجهز الْأَمِير عبد الله بن