الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاستطراد
ذكر الحاتمي في حلية المحاضرة أنه نقل هذه التسمية عن البحتري الشاعر، وهو الذي سماه ابن المعتز الخروج من معنى إلى معنى، وفسره بأن قال: هو أن يكون المتكلم في معنى فيخرج منه بطريق التشبيه أو الشرط أو الإخبار أو غير ذلك إلى معنى آخر يتضمن مدحاً أو قدحاً أو وصفاً أو غير ذلك، ورأيت غالب وقوعه في الهجاء، وإن وقع في غيره ولا بد من ذكر المستطرد به باسمه، بشرط ألا يكون جرى له ذكر في الكلام قبل ذلك، ومن أمثلته في الكتاب العزيز قوله تعالى:" ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود " ومن أمثلته الشعرية قول حسان بن ثابت: كامل
إن كنت كاذبة التي حدثتني
…
فنجوت منجا الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم
…
ونجا برأس طمرة ولجام
فهاذ ما وقع من الاستطراد في الهجاء.
وأما ما جاء منه في المدح والهجاء معاً فقول بكر بن النطاح طويل:
عرضت عليها ما أرادت من المنى
…
لترضى فقالت قم فجئني بكوكب
فقلت لها هذا التعنت كله
…
كمن يتشهى لحم عنقاء مغرب
سلي كل شيء يستقيم طلابه
…
ولا تذهبى يا بدر بي كل مذهب
فأقسم لو أصبحت في عز مالك
…
وقدرته أعيا بما رمت مطلبي
فتى شقيت أمواله بنواله
…
كما شقيت بكر بأرماح تغلب
وهذا أبدع استطراد سمعته في عمري، فإنه قد جمع أحسن قسم وأبدع تخلص، وأرشق استطراد، وتضمن مدح الممدوح بالكرم، وقبيلته بالشجاعة والظفر، وهجاء أعدائهم بالضعف والخور، وهذا لم يتفق لمن قبله ولا لمن بعده إلى وقتنا هذا.
ومن ظريف الاستطراد وغريبه قول بعضهم وأتى بالاستطراد في المجون وهو غريب جداً خفيف:
اكشفي وجهك الذي أوحلتني
…
فيه من قبل كشفه عيناك
غلطي في هواك يشبه عندي
…
غلطي في أبي علي بن زاكي
وأحسب أن أول من استطرد بالهجاء السموءل حيث يقول طويل:
وإنا أناس لا نرى القتل سبة
…
إذا ما رأته عامر وسلول
وفي النسيب امرؤ القيس حيث قال كامل:
عوجاً على الطلل المحيل لعلنا
…
نبكي الديار كما بكى ابن حمام