الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العقد
وهو ضد الحل، لأنه عقد النثر شعراً.
ومن شرائطه أن يؤخذ المنثور بجملة لفظه أو بمعظمه، فيزيد فيه، أو ينقص منه، أو يحرف بعض كلماته ليدخل به في وزن من أوزان الشعر، ومتى أخذ معنى المنثور دون لفظه كان ذلك نوعاً من أنواع السرقات بحسب الآخذ الذي يوجب استحقاق الأخذ للمأخوذ، ولا يسمى عقداً إلا إذا أخذ المنثور برمته، وإن غير منه بطريق من الطرق التي قدمناها كان المبقى منه أكثر من المغير بحيث يعرف من البقية صورة الجميع، كما فعل أبو تمام في كلام عزى به علي عليه السلام الأشعث بن قيس في ولده، فعقده أبو تمام شعراً فقال طويل:
وقال علي في التعازي لأشعث
…
وخاف عليه بعض تلك المآثم
أتصبر للبلوى عزاء وحسبة
…
فتؤجر أم تسلو سلو البهائم
ومنه قول أبي العتاهية سريع:
ما بال من أوله نطفة
…
وجيفة آخره يفخر
فإنه عمد إلى قول علي بن أبي طالب عليه السلام: ما ابن آدم والفخر، وإنما أوله نطفة وآخره جيفة، فقعده شعراً.
وكقوله، أعني أبا العتاهية وافر:
كفى حزناً بدفنك ثم إني
…
نفضت تراب قبرك من يديا
وكانت في حياتك لي عظات
…
فأنت اليوم أوعظ منك حيا
فإنه عقد قول بعض الحكماء في الإسكندر حين مات: إن كان الملك أمس أنطق منه اليوم، فهو اليوم أوعظ منه أمس، والله أعلم.