المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الترشيح وهو أن يؤتى بكلمة لا تصلح لضرب من المحاسن - تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر

[ابن أبي الأصبع]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌رب يسر

- ‌الجزء الاول

- ‌باب الاستعارة

- ‌باب التجنيس

- ‌باب الطباق

- ‌باب رد الأعجاز على الصدور

- ‌باب المذهب الكلامي

- ‌باب الالتفات

- ‌باب التمام

- ‌باب الاستطراد

- ‌باب تأكيد المدح بما يشبه الذم

- ‌باب تجاهل العارف

- ‌باب الهزل الذي يراد به الجد

- ‌باب حسن التضمين

- ‌باب الكناية

- ‌باب الإفراط في الصفة

- ‌باب التشبيه

- ‌باب عتاب المرء نفسه

- ‌باب حسن الابتداءات

- ‌باب صحة الأقسام

- ‌باب صحة المقابلات

- ‌باب صحة التفسير والتبيين

- ‌باب ائتلاف اللفظ مع المعنى

- ‌باب المساواة

- ‌باب الإشارة

- ‌باب الأرداف والتتبيع

- ‌باب التمثيل

- ‌باب ائتلاف اللفظ مع الوزن

- ‌باب ائتلاف المعنى مع الوزن

- ‌باب ائتلاف القافية

- ‌مع ما يدل عليه سائر البيت

- ‌باب التوشيح

- ‌باب الإيغال

- ‌الجز الثاني

- ‌باب الاحتراس

- ‌باب المواربة

- ‌براء مهملة

- ‌باب الترديد

- ‌باب التعطف

- ‌وقد سماه قوم المشاكلة

- ‌باب التفويف

- ‌باب التسهيم

- ‌باب التورية

- ‌باب الترشيح

- ‌باب الاستخدام

- ‌باب التغاير

- ‌باب الطاعة والعصيان

- ‌باب التسميط

- ‌باب المماثلة

- ‌باب التجزئة

- ‌باب التسجيع

- ‌باب الترصيع

- ‌باب التصريع

- ‌باب التشطير

- ‌باب التعليل

- ‌باب التطريز

- ‌باب التوشيع

- ‌باب العكس والتبديل

- ‌باب الإغراق

- ‌باب الغلق

- ‌باب القسم

- ‌باب الاستدراك والرجوع

- ‌باب الاستثناء

- ‌باب الاشتراك

- ‌باب التلفيف

- ‌باب جمع المختلفة والمؤتلفة

- ‌باب التوهيم

- ‌باب الاطراد

- ‌الجزء الثالث

- ‌باب التكميل

- ‌باب المناسبة

- ‌باب التكرار

- ‌باب نفي الشيء بإيجابه

- ‌باب الإيداع

- ‌باب الاستعانة

- ‌باب الموازنة

- ‌باب التذييل

- ‌باب المشاكلة

- ‌باب المواردة

- ‌باب التهذيب والتأديب

- ‌باب حسن النسق

- ‌باب الانسجام

- ‌باب براعة التخلص

- ‌باب الحل

- ‌باب العقد

- ‌باب التعليق

- ‌باب الإدماج

- ‌باب الإزدواج

- ‌باب الاتساع

- ‌باب المجاز

- ‌باب الإيجاز

- ‌باب سلامة الاختراع من الإتباع

- ‌باب حسن الإتباع

- ‌باب حسن البيان

- ‌باب التوليد

- ‌باب التنكيت

- ‌باب الاتفاق

- ‌باب النوادر

- ‌باب الالتزام

- ‌باب تشابه الأطراف

- ‌باب التوءم

- ‌الجزء الرابع

- ‌باب التخيير

- ‌باب التدبيج

- ‌باب التمزيج

- ‌باب الاستقصاء

- ‌باب البسط

- ‌باب الهجاء في معرض المدح

- ‌باب العنوان

- ‌باب الإيضاح

- ‌باب التشكيك

- ‌باب الحيدة والانتقال

- ‌باب الشماتة

- ‌باب التهكم

- ‌باب التنذير

- ‌باب الإسجال بعد المغالطة

- ‌باب الفرائد

- ‌باب الإلغاز والتعمية

- ‌باب التصرف

- ‌باب النزاهة

- ‌باب التسليم

- ‌باب الافتنان

- ‌باب المراجعة

- ‌باب السلب والإيجاب

- ‌باب الإبهام

- ‌باب القول بالموجب

- ‌باب حصر الجزئي وإلحاقه بالكلي

- ‌باب المقارنة

- ‌باب المناقضة

- ‌باب الانفصال

- ‌باب الإبداع

- ‌باب حسن الخاتمة

الفصل: ‌ ‌باب الترشيح وهو أن يؤتى بكلمة لا تصلح لضرب من المحاسن

‌باب الترشيح

وهو أن يؤتى بكلمة لا تصلح لضرب من المحاسن حتى يؤتى بلفظة تؤهلها لذلك كما حكيناه عن علي عليه السلام في قوله للأشعث بن قيس: " وهذا كان أبوه ينسج الشمال باليمين "، فإنهن عليه السلام لو قال ينسج الشمال بيده أو ينسج الشمال وسكت لم يكن في لفظة الشمال تورية ألبتة فلما قصد التورية عدل عن لفظ اليد، وعن الاقتصار على ما قبلها وأتى بلفظ اليمين ليرشح لفظة الشمال للتورية، ولا ينتقد علينا مجيء الآية الواحدة، والبيت الواحد شاهداً على عدة أبواب من المحاسن، فإن ذلك بحسب ما يكون في الكلام من البديع، فإن قيل: فما الفرق بين الترشيح والاستعارة، والتورية، وقد جعلت مثالهما واحداً؟ قلت: الفرق بينهما من ثلاثة أوجه:

أحدها أن من التورية ما لا يحتاج إلى ترشيح، وهي التورية المحضة.

والثاني أن الترشيح لا يخص التورية دون بقية الأبواب، بل يعم الاستعارة والطباق وغيرهما من كثير من الأبواب، ألا ترى إلى قول أبي الطيب كامل:

وخفوق قلب لو رأيت لهيبه

يا جنتي لظننت فيه جهنما

ص: 271

فإن قوله: يا جنتي رشحت لفظة جهنم للمطابقة، ولو قال مكانها يا منيتي لم يكن في البيت طباق ألبتة.

الثالث: أن لفظة الترشيح في الكلام المورى غير لفظة التورية فإن التورية في قول علي عليه السلام في لفظة الشمال، والترشيح في لفظة اليمين، فإن قيل: لفظتا الثريا وسهيلاً رشحت كل واحدة منهما أختها للتورية، فإنه لولا ذكر سهيل لم تصلح الثريا للتورية، ولولا ذكر الثريا لم يصلح سهيل للتورية، كما أن لفظة اليمين هي التي رشحت الشمال للتورية، فلم يعقل الفرق إذاً بين التورية والترشيح.

قلت: كل من لفظتي الثريا وسهيل لا يفتقر في التورية بهما إلى صاحبتهما، بخلاف لفظة اليمين، وذلك أن عمر لو قال خفيف:

أيها المنكح الثريا زياداً

عمرك الله كيف يجتمعان

لصحت التورية بدون ذكر سهيل؛ لأن الثريا يقع على النجم وعلى المرأة، والنجم لا يجتمع ورجل أبداً، وكذلك لو عكس فقال:

أيها المنكح الخلوب سهيلا

عمرك الله كيف يجتمعان

لصحت التورية أيضاً، لأن سهيلاً يقع على الكوكب، وعلى الرجل، والكوكب والمرأة لا يجتمعان، ولا كذلك لفظة اليمين، فإنها لو لم يؤت بها لم يكن في الشمال تورية أصلاً ورأساً، وإنما الواقعة التي وقعت لعمر اتفق له فيها موافقة اسم الزوجين لاسمي النجمين فتهيأ له من التورية

ص: 272

ما لم يتهيأ لغيره، وتمم المعنى كون الثريا التي هي النجم، وصاحبته شاميين، وسهيل وزوجها يمانيين، فتم لعمر ما أراده من الإنكار عليهما، وعلى من جمع بينهما، وحصل في بيتيه التورية والاتفاق، فلذلك حسناً جداً ومما يبين أن التورية المحضة لا تحتاج إلى ترشيح قول القاضي السعيد ابن سناء الملك رحمه الله تعالى مجزوء الكامل:

يا هذه لا تستحي

مني قد انكشف الغطاء

فإن في قوله: قد انكشف الغطاء تورية غير مفتقرة إلى ترشيح، لأن ظاهر اللفظ يدل على أنه أراد انكشاف الأمر، وهو يريد انكشاف العضو فقصد الثاني وورى بالأول، ولا كذلك قول أبي تمام كامل:

كشف الغطاء فأوقدى أو أخمدى

فإن لفظة كشف الغطاء لا تحتمل إلا معنى واحداً، وهو الذي قصده أبو تمام من انكشاف الأمر.

ومن الترشيح للتورية في الكتاب العزيز قوله تعالى: " اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه "، فإن لفظة ربك رشت لفظة ربه، لأن يكون تورية، إذ يحتمل أن يراد بها الإله سبحانه والملك، فإنه

ص: 273

لو اقتصر على قوله تعالى: " فأنساه الشيطان ذكر ربه " لم تدل لفظة ربه إلا على الإله، فلما تقدمت لفظة ربك صلحت للمعنيين.

وأما ترشيح الاستعارة ففي قول بعض العرب طويل:

إذا ما رأيت النسر عز ابن داية

وعشش في وكريه طارت له نفسي

فإنه شبه الشيب بالنسر لاشتراكهما في البيض، والشعر الأسود بابن داية، وهو الغراب لاشتراكهما في السواد، واستعار التعشيش من الطائر للشيب لما سماه نسراً، ورشح به إلى ذكر الطيران الذي استعاره من الطائر لنفسه، فقد رشح باستعارة إلى استعارة.

وأما ترشيح التشبيه فكقول النابغة الذبياني طويل:

إذا استنزلوا عنهن للطعن أرقلوا

إلى الموت إرقال الجمال المصاعب

فإنه رشح بالاستعارة في قوله: أرقلوا إلى التشبيه في قوله: إرقال الجمال، فإنه تشبيه بغير أداة، وفحول النقاد تسمى هذا النوع من التشبيه استعارة، والله أعلم.

ص: 274