الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التوشيع
هو من الوشيعة، وهي الطريقة في البرد المطلق، فكأن الشاعر أهمل البيت كله إلا آخره، فإنه أتى فيه بطريقة تعد من المحاسن.
وهو عند أهل الصناعة عبارة عن أن يأتي المتكلم أو الشاعر ابسم مثنى في حشو الجز، ثم يأتي تلوه باسمين مفردين هما عين ذلك المثنى، يكون الأخير منهما قافية بيته أو سجعة كلامه، كأنهما تفسير ذلك. وقد جاء من ذلك في السنة ما لا يلحق بلاغة، وهو قوله عليه السلام:" يشب ابن آدم وتشب فيه خصلتان: الحرص، وطول الأمل ".
ومن أمثلة هذا الباب في الشعر قول الشاعر بسيط
أمسى وأصبح من تذكاركم وصباً
…
يرثي لي المشفقان الأهل والولد
قد خدد الدمع خدي من تذكركم
…
واعتادني المضنيان الوجد والكمد
وغاب عن مقلتي نومي لغيبتكم
…
وخانني المسعدان: الصبر والجلد
لا غرو للدمع أن تجري غواربه
…
وتحته المضرمان: القلب والكبد
كأنما مهجتي شلو بمسبعة
…
ينتابها الضاريان: الذئب والأسد
لم يبق غير خفي الروح في جسدي
…
فدى لك الباقيان: الروح والجسد
وهذه الأبيات جيدة، لو لم يقع في البيت الأول منها تقصير عما يجب في مثله على الطريقة المحمودة من طرائق النسيب حيث قال:" يرثي لي المشفقان "، فإنه ليس من الكلام البليغ قول من يشكو محنة قد رثى لي المشفق منها، وأبلغ منه قول من يقول رثى لي العدو ورق لي الصخر، وأشباه ذلك وما بشعر قلته في هذا المعنى من بأس، وهو بسيط
بي محنتان ملام في هوى بهما
…
رثى لي القاسيان: الحب والحجر
لولا الشفيقان من أمنية وأسى
…
أودى بي المرديان: الشوق والفكر
ويحسن أن يسمى ما وقع في بيتي تطريف التوشيع، إذ وقع التوشيع في طرفي كل بيت في أوله وآخره، والله أعلم.