المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما جاء في الحب في الله) - تحفة الأحوذي - جـ ٧

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَفَافِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفَقْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الْمَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ الْأَكْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَرْءَ مَعَ مَنْ أحب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الظَّنِّ بالله تعالى)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْبِرِّ وَالْإِثْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحُبِّ فِي اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِعْلَامِ الْحُبِّ)

- ‌(باب كَرَاهِيَةِ الْمِدْحَةِ وَالْمَدَّاحِينَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صُحْبَةِ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ الْبَصَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ اللِّسَانِ)

- ‌35 - أبواب صفة القيامة

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْن الْحِسَابِ وَالْقِصَاصِ القيامة)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الْحَشْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَرْضِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصُّورِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الصِّرَاطِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّفَاعَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْحَوْضِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَوَانِي الْحَوْضِ)

- ‌36 - كتاب صفة الجنة

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ شَجَرِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ غُرَفِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ)

- ‌(باب ما جاء في صفة نساء أهل الجنة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ جِمَاعِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِمَارِ الجنة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ طَيْرِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ خَيْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سِنِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(باب ما جاء في كم صَفِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الرَّبِّ تبارك وتعالى

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرَائِي أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْغُرَفِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خُلُودِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي احْتِجَاجِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا لِأَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْكَرَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَلَامِ الْحُورِ الْعِينِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ)

- ‌37 - كتاب صفة جهنم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ قَعْرِ جَهَنَّمَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عِظَمِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ شَرَابِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ لِلنَّارِ نَفَسَيْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ النِّسَاءُ)

- ‌38 - كتاب الإيمان

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي وصف جبرائيل لِلنَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي إِضَافَةِ الْفَرَائِضِ إِلَى الْإِيمَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي اسْتِكْمَالِ الْإِيمَانِ وَزِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وسيعود غريبا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عَلَامَةِ الْمُنَافِقِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ رَمَى أَخَاهُ بِكُفْرٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَمُوتُ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله)

- ‌(باب مَا جَاءَ فِي افْتِرَاقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ)

- ‌39 - كتاب الْعِلْمِ

- ‌(بَاب إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا فقهه في الدين)

- ‌(بَاب فَضْلِ طَلَبِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كِتْمَانِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِيصَاءِ بِمَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ الْعِلْمِ)

- ‌(باب ما جاء في من يطلب بعلمه الدنيا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَثِّ عَلَى تَبْلِيغِ السَّمَاعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْظِيمِ الْكَذِبِ عَلَى رسول الله)

- ‌(باب ما جاء في من رَوَى حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ)

- ‌(بَاب مَا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ حديث رَسُولُ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ)

- ‌(باب ما جاء في من دَعَا إِلَى هُدًى)

- ‌(باب الأخذ بالنسة وَاجْتِنَابِ الْبِدَعِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عالم المدينة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفِقْهِ عَلَى الْعِبَادَةِ)

- ‌40 - كتاب الاستئذان

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إفشاء السلام)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي فَضْلِ السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أن الا ستئذان ثَلَاثٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ رَدُّ السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَبْلِيغِ السَّلَامِ)

- ‌(باب ما جاء فَضْلِ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ إِشَارَةِ الْيَدِ بِالسَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي السَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي)

- ‌(باب ما جاء التسليم عند القيام والقعود)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِئْذَانِ قُبَالَةَ الْبَيْتِ)

- ‌(بَاب مَنْ اطَّلَعَ فِي دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذنهم)

- ‌(بَاب ما جاء التَّسْلِيمِ قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ)

- ‌(باب ما جاء كَرَاهِيَةِ طُرُوقِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ لَيْلًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَتْرِيبِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب ما جاء في تعليم السُّرْيَانِيَّةِ)

- ‌(بَاب فِي مُكَاتَبَةِ الْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى أَهْلِ الشِّرْكِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خَتْمِ الْكِتَابَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ السَّلَامُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّسْلِيمِ عَلَى مَنْ يَبُولُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يَقُولَ عَلَيْكَ السَّلَامُ مُبْتَدِئًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَالِسِ عَلَى الطَّرِيقِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُصَافَحَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُعَانَقَةِ وَالْقُبْلَةِ)

- ‌(باب ما جاء في قبلة اليد والرجل)

الفصل: ‌(باب ما جاء في الحب في الله)

وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ وَبِمَعْنَى الطَّاعَةِ وَهَذِهِ الْأُمُورُ هِيَ مَجَامِعُ حُسْنِ الْخُلُقِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ قِيلَ فَسَّرَ الْبِرَّ فِي الْحَدِيثِ بِمَعَانٍ شَتَّى فَفَسَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ بِمَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَفَسَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ بِالْإِيمَانِ وَفِي مَوْضِعٍ بِمَا يُقَرِّبُكَ إِلَى اللَّهِ وَهُنَا بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَفَسَّرَ حُسْنَ الْخُلُقِ بِاحْتِمَالِ الْأَذَى وَقِلَّةِ الْغَضَبِ وَبَسْطِ الْوَجْهِ وَطِيبِ الْكَلَامِ وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى (وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ) أَيْ تَحَرَّكَ فِيهَا وَتَرَدَّدَ وَلَنْ يَنْشَرِحَ لَهُ الصَّدْرُ وَحَصَلَ فِي الْقَلْبِ مِنْهُ الشَّكُّ وَخَوْفُ كَوْنِهِ ذَنْبًا

وَقِيلَ يَعْنِي الْإِثْمَ مَا أَثَّرَ قُبْحُهُ فِي قَلْبِكَ أَوْ تَرَدَّدَ فِي قَلْبِكَ وَلَمْ تُرِدْ أَنْ تُظْهِرَهُ لِكَوْنِهِ قَبِيحًا وَهُوَ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ (وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ) أَيْ أَعْيَانُهُمْ وَأَمَاثِلُهُمْ إِذِ الْجِنْسُ يَنْصَرِفُ إِلَى الْكَامِلِ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّفْسَ بِطَبْعِهَا تُحِبُّ اطِّلَاعَ الناس على خيرها فإذا كرهت للاطلاع عَلَى بَعْضِ أَفْعَالِهَا فَهُوَ غَيْرُ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلَى اللَّهِ أَوْ غَيْرُ مَا أَذِنَ الشَّرْعُ فِيهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا بِرَّ فَهُوَ إِذًا إِثْمٌ وَشَرٌّ

قَوْلُهُ (هذا حديث صحيح حسن) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَمُسْلِمٌ فِي البر والصلة

5 -

(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحُبِّ فِي اللَّهِ)

أَيْ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَجِهَتِهِ لَا يَشُوبُهُ الرياء والهوى ومن هُنَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فينا

[2390]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ) الْكِلَابِيُّ أَبُو سَهْلٍ الرَّقِّيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ ثِقَةٌ مِنَ السَّابِعَةِ (أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ) الرَّقِّيُّ ثِقَةٌ فَاضِلٌ مِنَ السَّابِعَةِ

ص: 55

قَوْلُهُ (الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي) أَيْ لِأَجْلِ إِجْلَالِي وتعظيمي (يغبطهم النبيون والشهداء) قال القارىء بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الْغِبْطَةِ بِالْكَسْرِ وَهِيَ تَمَنِّي نِعْمَةٍ عَلَى أَلَّا تَتَحَوَّلَ عَنْ صَاحِبِهَا بِخِلَافِ الْحَسَدِ فَإِنَّهُ تَمَنِّي زَوَالِهَا عَنْ صَاحِبِهَا فَالْغِبْطَةُ فِي الْحَقِيقَةِ عِبَارَةٌ عَنْ حُسْنِ الْحَالِ

كَذَا قِيلَ

وَفِي الْقَامُوسِ الْغِبْطَةُ حُسْنُ الْحَالِ وَالْمَسَرَّةِ فَمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيُّ مُطَابِقٌ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ يَسْتَحْسِنُ أَحْوَالَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ

قَالَ وَبِهَذَا يَزُولُ الْإِشْكَالُ الَّذِي تَحَيَّرَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ

وَقَالَ الْقَاضِي كُلُّ مَا يَتَحَلَّى بِهِ الْإِنْسَانُ أَوْ يَتَعَاطَاهُ مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ مِمَّنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ مَا هُوَ أَرْفَعُ قَدْرًا وَأَعَزُّ ذُخْرًا فَيَغْبِطُهُ بِأَنْ يَتَمَنَّى وَيُحِبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مثل ذلك مفهوما إلى ماله مِنَ الْمَرَاتِبِ الرَّفِيعَةِ أَوِ الْمَنَازِلِ الشَّرِيفَةِ وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ قَدِ اسْتَغْرَقُوا فِيمَا هُوَ أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَةِ الْخَلْقِ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ وَإِعْلَاءِ الدِّينِ وَإِرْشَادِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّيَّاتٍ أَشْغَلَتْهُمْ عَنِ الْعُكُوفِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا وَالشُّهَدَاءُ وَإِنْ نَالُوا رُتْبَةَ الشَّهَادَةِ وَفَازُوا بِالْفَوْزِ الْأَكْبَرِ فَلَعَلَّهُمْ لَنْ يُعَامَلُوا مَعَ اللَّهِ مُعَامَلَةَ هَؤُلَاءِ فَإِذَا رَأَوْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مَنَازِلِهِمْ وَشَاهَدُوا قُرْبَهُمْ وَكَرَامَتَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَدُّوا لَوْ كَانُوا ضَامِّينَ خِصَالَهُمْ فَيَكُونُونَ جَامِعِينَ بَيْنَ الْحَسَنَتَيْنِ وَفَائِزِينَ بِالْمَرْتَبَتَيْنِ

وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ فِي ذَلِكَ إِلَى إِثْبَاتِ الْغِبْطَةِ لَهُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ بَلْ بَيَانِ فَضْلِهِمْ وَعُلُوِّ شَأْنِهِمْ وَارْتِفَاعِ مَكَانِهِمْ وَتَقْرِيرِهَا عَلَى آكَدِ وَجْهٍ وَأَبْلَغِهِ

وَالْمَعْنَى أَنَّ حَالَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَثَابَةِ لَوْ غَبَطَ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَئِذٍ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِمْ وَنَبَاهَةِ أَمْرِهِمْ حَالَ غَيْرِهِمْ لَغَبَطُوهُمْ

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وبن مسعود وعبادة بن الصامت وأبي مالك الأشعري وأبي هريرة) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حسن وأما حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ

ذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ أَحَادِيثَ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فِي تَرْغِيبِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ مَرْفُوعًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي

وَلَهُ أَحَادِيثُ أُخْرَى فِي هَذَا الْبَابِ

ص: 56

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ

قَوْلُهُ (وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ) الزَّاهِدُ الشَّامِيُّ (اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ وَقِيلَ بِإِشْبَاعِ الْوَاوِ وَقِيلَ بن أثوب وزن أحمر ويقال بن عوف أو بن مِشْكَمٍ وَيُقَالُ اسْمُهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَوْفٍ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ الثَّانِيَةِ رَحَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُدْرِكْهُ وَعَاشَ إِلَى زَمَنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ

[2391]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ) هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْخَطْمِيُّ أَبُو مُوسَى الْمَدَنِيُّ (عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ) بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعُمَرِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ

قَوْلُهُ (سَبْعَةٌ) أَيْ سَبْعَةُ أَشْخَاصٍ (يُظِلُّهُمُ اللَّهُ) أَيْ يُدْخِلُهُمْ (فِي ظِلِّهِ)

قَالَ عِيَاضٌ إِضَافَةُ الظِّلِّ إِلَى اللَّهِ إِضَافَةُ مِلْكٍ وَكُلُّ ظِلٍّ فَهُوَ مِلْكُهُ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ لِيَحْصُلَ امْتِيَازُ هَذَا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ بَيْتُ اللَّهِ مَعَ أَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا مِلْكُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِظِلِّهِ كَرَامَتُهُ وَحِمَايَتُهُ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ فِي ظِلِّ الْمَلِكِ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَقَوَّاهُ عِيَاضٌ

وَقِيلَ الْمُرَادُ ظِلُّ عَرْشِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَلْمَانَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ الْعَرْشَ اسْتَلْزَمَ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَهُوَ أَرْجَحُ وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا تَقْيِيدُ ذلك بيوم القيامة كما صرح به بن الْمُبَارَكِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ قَالَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ ظِلُّ طُوبَى أَوْ ظِلُّ الْجَنَّةِ لِأَنَّ ظِلَّهُمَا إِنَّمَا يَحْصُلُ لَهُمْ بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ مُشْتَرِكٌ لِجَمِيعِ مَنْ يَدْخُلُهَا وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى امْتِيَازِ أَصْحَابِ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ فَيُرَجَّحُ أَنَّ الْمُرَادَ ظِلُّ الْعَرْشِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ مَجْلِسًا إِمَامٌ عَادِلٌ انْتَهَى (إِمَامٌ عَادِلٌ) قَالَ الْحَافِظُ الْمُرَادُ بِهِ صَاحِبُ الْوِلَايَةِ الْعُظْمَى وَيَلْتَحِقُ بِهِ كُلُّ مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَعَدَلَ فِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ إِنَّ

ص: 57

الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا

قَالَ وَأَحْسَنُ مَا فُسِّرَ بِهِ الْعَادِلُ الَّذِي يَتْبَعُ أَمْرَ اللَّهِ بِوَضْعِ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ وَقَدَّمَهُ فِي الذِّكْرِ لِعُمُومِ النَّفْعِ بِهِ (وَشَابٌّ) خَصَّ الشَّابَّ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْبَاعِثِ عَلَى مُتَابَعَةِ الْهَوَى فَإِنَّ مُلَازَمَةَ الْعِبَادَةِ مَعَ ذَلِكَ أَشَدُّ وَأَدَلُّ عَلَى غَلَبَةِ التَّقْوَى (نَشَأَ) أَيْ نما وتربى (بعبادة الله) أي لافى مَعْصِيَتِهِ فَجُوزِيَ بِظِلِّ الْعَرْشِ لِدَوَامِ حِرَاسَةِ نَفْسِهِ عَنْ مُخَالَفَةِ رَبِّهِ (وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالْمَسْجِدِ) وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنَ التَّعْلِيقِ كَأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ فِي الْمَسْجِدِ كَالْقِنْدِيلِ مَثَلًا إِشَارَةً إِلَى طُولِ الْمُلَازَمَةِ بِقَلْبِهِ وَإِنْ كَانَ جَسَدُهُ خَارِجًا عَنْهُ

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْجَوْزَقِيِّ كَأَنَّمَا قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَلَاقَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحُبِّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَحْمَدَ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ وَكَذَا رِوَايَةُ سُلَيْمَانَ مِنْ حُبِّهَا (إِذَا خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْمَسْجِدِ (حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ) لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ فِي الْمَسْجِدِ كَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالْمُنَافِقُ فِي الْمَسْجِدِ كَالطَّيْرِ فِي الْقَفَصِ (وَرَجُلَانِ) مَثَلًا (تَحَابَّا) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَأَصْلُهُ تَحَابَبَا أَيِ اشْتَرَكَا فِي جِنْسِ الْمَحَبَّةِ وَأَحَبَّ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ حَقِيقَةً لَا إِظْهَارًا فَقَطْ (فِي اللَّهِ) أَيْ لِلَّهِ أَوْ فِي مَرْضَاتِهِ (فَاجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْحُبِّ فِي اللَّهِ إِنِ (اختمعا وَتَفَرَّقَا) أَيْ إِنْ تَفَرَّقَا يَعْنِي يَحْفَظَانِ الْحُبَّ فِي الْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ

وَقَالَ الْحَافِظُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا دَامَا عَلَى الْمَحَبَّةِ الدِّينِيَّةِ وَلَمْ يَقْطَعَاهَا بِعَارِضٍ دُنْيَوِيٍّ سَوَاءٌ اجْتَمَعَا حَقِيقَةً أَمْ لَا حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمَوْتُ

(تَنْبِيهٌ) عُدَّتْ هَذِهِ الْخَصْلَةُ وَاحِدَةً مَعَ أَنَّ مُتَعَاطِيَهَا اثْنَانِ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ لاتتم إِلَّا بِاثْنَيْنِ أَوْ لَمَّا كَانَ الْمُتَحَابَّانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَانَ عَدُّ أَحَدِهِمَا مُغْنِيًا عَنْ عَدِّ الاخر لأن الغرض عد الخصال لإعد جَمِيعِ مَنِ اتَّصَفَ بِهَا (وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ) أَيْ بِقَلْبِهِ مِنَ التَّذَكُّرِ أَوْ بِلِسَانِهِ مِنَ الذِّكْرِ (خَالِيًا) أَيْ مِنَ النَّاسِ أَوْ مِنَ الرِّيَاءِ أَوْ مِمَّا سِوَى اللَّهِ (فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) أَيْ فَاضَتِ الدُّمُوعُ مِنْ عَيْنَيْهِ وَأَسْنَدَ الْفَيْضَ إِلَى الْعَيْنِ مُبَالَغَةً كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي فَاضَتْ (ورجل دعته) امرأة إلى الزنى بها (ذات حسب) قال بن الْمَلَكِ الْحَسَبُ مَا يَعُدُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَفَاخِرِ آبَائِهِ وَقِيلَ الْخِصَالُ الْحَمِيدَةُ لَهُ وَلِآبَائِهِ (فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ عز وجل الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ إِمَّا لِيَزْجُرَهَا عَنِ الْفَاحِشَةِ أَوْ لِيَعْتَذِرَ إِلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَهُ بِقَلْبِهِ

قَالَهُ عِيَاضٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّمَا يَصْدُرُ ذَلِكَ عَنْ شِدَّةِ خَوْفٍ

ص: 58

مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَتِينِ تَقْوَى وَحَيَاءٍ (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ) نَكَّرَهَا لِيَشْمَلَ كُلَّ مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا يَشْمَلُ الْمَنْدُوبَةَ وَالْمَفْرُوضَةَ لَكِنْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إِظْهَارَ الْمَفْرُوضَةِ أَوْلَى مِنْ إِخْفَائِهَا (فَأَخْفَاهَا) قال بن الْمَلَكِ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّطَوُّعِ لِأَنَّ إِعْلَانَ الزَّكَاةِ أَفْضَلُ (حَتَّى لَا تَعْلَمَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَقِيلَ بِضَمِّهَا (شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) قِيلَ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ لَا يَعْلَمُ مَنْ بِشِمَالِهِ وَقِيلَ يُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي إِخْفَائِهَا وَأَنَّ شِمَالَهُ لَوْ تَعْلَمُ لَمَا عَلِمَتْهَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ نَظَمَ السَّبْعَةَ الْعَلَّامَةُ أَبُو شَامَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَ وَقَالَ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى إِنَّ سَبْعَةً يُظِلُّهُمُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِظِلِّهِ محب عفيف ناشىء مُتَصَدِّقٌ وَبَاكٍ مُصَلٍّ وَالْإِمَامُ بِعَدْلِهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيُسْرِ مَرْفُوعًا مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَهَاتَانِ الْخَصْلَتَانِ غَيْرُ السَّبْعَةِ الْمَاضِيَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ لَا مَفْهُومَ لَهُ

وَقَدْ تَتَبَّعَ الْحَافِظُ فَوَجَدَ خِصَالًا أُخْرَى غَيْرَ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ وَأَوْرَدَهَا فِي جُزْءٍ سَمَّاهُ مَعْرِفَةَ الْخِصَالِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الظِّلَالِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ

قَوْلُهُ (وَهَكَذَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ مِثْلَ هَذَا وَشَكَّ فِيهِ وَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ بِالشَّكِّ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ (وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَشُكَّ فِيهِ فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) وَكَذَلِكَ رَوَى الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خبيب عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ قَالَ الْحَافِظُ لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ وَرِوَايَةُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ خُبَيْبٍ فَقَالَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى الشَّكِّ وَرَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ عَنْ مَالِكٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَجَعَلَهُ عَنْهُمَا وَتَابَعَهُ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَشَذَّ فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ

مَالِكٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ حَفِظَهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ خَالِهِ وَجَدِّهِ انْتَهَى

ص: 59