الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاعِلِينَ) أَيِ الْجُلُوسَ فِي الطَّرِيقِ (فَرُدُّوا السَّلَامَ) أَيْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَاهْدُوا السَّبِيلَ) أَيْ لِلضَّالِّ وَالْأَعْمَى وَغَيْرِهِمَا
وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةَ حُقُوقٍ مِنْ حُقُوقِ الطَّرِيقِ وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْأَحَادِيثِ حُقُوقٌ أُخْرَى غَيْرُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ
قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا لَفْظُهُ وَمَجْمُوعُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَدَبًا وَقَدْ نَظَمْتُهَا فِي ثَلَاثَةِ أَبْيَاتٍ وَهِيَ جَمَعْتُ آدَابَ مَنْ رَامَ الْجُلُوسَ عَلَى الطَّرِيقِ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْخَلْقِ إِنْسَانَا
أَفْشِ السلام وأحسن في الكلام وشم ت عَاطِسًا وَسَلَامًا رُدَّ إِحْسَانًا
فِي الْحَمْلِ عَاوِنْ وَمَظْلُومًا أَعِنْ وَأَغِثْ لَهْفَانَ وَاهْدِ سَبِيلًا وَاهْدِ حَيْرَانَا
بِالْعُرْفِ مُرْ وَانْهَ عَنْ نُكْرٍ وَكُفَّ أَذَى وَغُضَّ طَرَفًا وَأَكْثِرْ ذِكْرَ مَوْلَانَا
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وبن حِبَّانَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ
وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ فَتَحْسِينُهُ لِشَوَاهِدِهِ
1 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُصَافَحَةِ)
قَالَ فِي تَاجِ الْعَرُوسِ شَرْحِ الْقَامُوسِ الرَّجُلُ يُصَافِحُ الرَّجُلَ إِذَا وَضَعَ صَفْحَ كَفِّهِ فِي صَفْحِ كَفِّهِ وَصَفْحَا كَفَّيْهِمَا وَجْهَاهُمَا وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُصَافَحَةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ إِلْصَاقِ صَفْحِ الْكَفِّ بِالْكَفِّ وَإِقْبَالِ الْوَجْهِ عَلَى الْوَجْهِ كَذَا فِي اللِّسَانِ وَالْأَسَاسِ وَالتَّهْذِيبِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُصَافَحَةَ غَيْرُ عَرَبِيٍّ انْتَهَى
وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُصَافَحَةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ إِلْصَاقِ صَفْحِ الْكَفِّ بِالْكَفِّ وَإِقْبَالِ الْوَجْهِ عَلَى الْوَجْهِ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ هِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الصَّفْحَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِفْضَاءُ بِصَفْحَةِ الْيَدِ إِلَى صَفْحَةِ الْيَدِ وَكَذَا قَالَ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ
[2727]
قوله (أخبرنا عبد الله) هو بن الْمُبَارَكِ (أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) قَالَ الذهبي في
الميزان حنظلة السدوسي البصري يقال بن عبد الله ويقال بن عبيد الله وقيل بن أَبِي صَفِيَّةَ قَالَ يَحْيَى تَرَكْتُهُ عَمْدًا كَانَ قَدِ اخْتَلَطَ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ يحدث بأعاجيب وقال بن مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَقَالَ مَرَّةً ضَعِيفٌ قال له في الكتابين يعني الترمذي وبن مَاجَهْ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَيَنْحَنِي بَعْضُنَا لِبَعْضٍ حديث قَالَ لَا
حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ انْتَهَى
[2728]
قَوْلُهُ (الرَّجُلُ مِنَّا) أَيْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (يَلْقَى أَخَاهُ) أَيْ فِي الدِّينِ (أَوْ صَدِيقَهُ) أَيْ حَبِيبَهُ وَهُوَ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ (أَيَنْحَنِي لَهُ) مِنَ الِانْحِنَاءِ وَهُوَ إِمَالَةُ الرَّأْسِ وَالظَّهْرِ (قَالَ لَا) فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الرُّكُوعِ وَهُوَ كَالسُّجُودِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ (قَالَ أَفَيَلْتَزِمُهُ) أَيْ يَعْتَنِقُهُ وَيَضُمُّهُ إِلَى نَفْسِهِ (وَيُقَبِّلُهُ) مِنَ التَّقْبِيلِ (قَالَ لَا) اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ كَرِهَ الْمُعَانَقَةَ وَالتَّقْبِيلَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ (قَالَ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ) عَطْفُ تفسير أو الثاني أخص وأتم قال القارىء
قلت بل الثاني المتعين فإن الْأَخْذِ بِالْيَدِ وَالْمُصَافَحَةِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا
قَوْلُهُ (هذا حديث حسن) وأخرجه بن مَاجَهْ فِي الْأَدَبِ وَمَدَارُهُ عَلَى حَنْظَلَةَ السُّدُوسِيِّ وَقَدْ عَرَفْتَ حَالَهُ
[2729]
قَوْلُهُ (قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ هَلْ كَانَتِ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ الله قال نعم) فيه مشروعية المصافحة قال بن بَطَّالٍ الْمُصَافَحَةُ حَسَنَةٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَقَدِ اسْتَحَبَّهَا مَالِكٌ بَعْدَ كَرَاهَتِهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُصَافَحَةُ سُنَّةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا عِنْدَ التَّلَاقِي
قَالَ الْحَافِظُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ الْأَمْرِ بِالْمُصَافَحَةِ الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ وَالْأَمْرَدُ الْحَسَنُ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمُصَافَحَةَ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ كُلِّ لِقَاءٍ وَأَمَّا مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنَ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاتَيِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّ أَصْلَ الْمُصَافَحَةِ سُنَّةٌ وَكَوْنُهُمْ حَافَظُوا عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَفَرَّطُوا فيها
فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْوَالِ أَوْ أَكْثَرِهَا لَا يُخْرِجُ ذَلِكَ الْبَعْضَ عَنْ كَوْنِهِ مِنَ الْمُصَافَحَةِ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِأَصْلِهَا
وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْبِدَعَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٍ وَمُحَرَّمَةٍ وَمَكْرُوهَةٍ وَمُسْتَحَبَّةٍ وَمُبَاحَةٍ قَالَ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ الْمُصَافَحَةُ عَقِبَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ فَإِنَّ أَصْلَ صَلَاةِ النَّافِلَةِ سُنَّةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ كَرِهَ الْمُحَقِّقُونَ تَخْصِيصَ وَقْتٍ بِهَا دُونَ وَقْتٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ مِثْلَ ذَلِكَ كَصَلَاةِ الرَّغَائِبِ الَّتِي لَا أصل لها انتهى
وقال القارىء بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ نَوْعَ تَنَاقُضٍ لِأَنَّ إِتْيَانَ السُّنَّةِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لَا يُسَمَّى بِدْعَةً مَعَ أَنَّ عَمَلَ النَّاسِ فِي الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ الْمَشْرُوعِ فَإِنَّ مَحَلَّ الْمُصَافَحَةِ الْمَشْرُوعَةِ أَوَّلُ الْمُلَاقَاةِ وَقَدْ يَكُونُ جَمَاعَةٌ يَتَلَاقَوْنَ مِنْ غَيْرِ مُصَافَحَةٍ وَيَتَصَاحَبُونَ بِالْكَلَامِ وَمُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ وَغَيْرِ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ ثُمَّ إِذَا صَلَّوْا يَتَصَافَحُونَ فَأَيْنَ هَذَا مِنَ السُّنَّةِ الْمَشْرُوعَةِ وَلِهَذَا صَرَّحَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا بِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ حِينَئِذٍ وَأَنَّهَا مِنَ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ انْتَهَى
قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قال القارىء وَالْحَافِظُ
وَقَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ وَتَقْسِيمُ الْبِدَعِ إلى خمسة أقسام كما ذهب إليه بن عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ وَمِنْ آخِرِهِمْ شَيْخُنَا الْقَاضِي الْعَلَّامَةُ بَشِيرُ الدِّينِ الْقَنُوجِيُّ فَإِنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ رَدًّا بَلِيغًا قَالَ وَكَذَا الْمُصَافَحَةُ وَالْمُعَانَقَةُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنَ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرْعِ انْتَهَى
قُلْتُ وَقَدْ أَنْكَرَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ أَيْضًا عَلَى تَقْسِيمِ الْبِدْعَةِ إِلَى الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ الْحَرِيرِ وَالْقَصَبِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَيْضًا صَاحِبُ الدِّينِ الْخَالِصِ وَرَدَّهُ بِسِتَّةِ وُجُوهٍ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
[2730]
قَوْلُهُ (عَنْ سُفْيَانَ) هو الثوري (عن خيثمة) الظاهر أنه بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ الْجُعْفِيُّ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ وَكَانَ يُرْسِلُ مِنَ الثَّالِثَةِ
قَوْلُهُ (مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ) أَيْ إِذَا لَقِيَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَمِنْ تَمَامِ السَّلَامِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ فَيُصَافِحَهُ فَإِنَّ الْمُصَافَحَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ
قَوْلُهُ (وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ رَجُلٌ لَمْ يُسَمَّ (وَقَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ (إِنَّمَا أَرَادَ) أَيْ يَحْيَى بْنُ سَلِيمٍ الطَّائِفِيُّ (حَدِيثَ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ إِلَخْ) يَعْنِي أَرَادَ يَحْيَى بْنُ سَلِيمٍ أَنْ يَرْوِيَ بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيثُ لَا سَمَرَ إِلَّا لِمُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ
فَوَهَمَ فَرَوَى بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيثَ مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ وَأَمَّا حَدِيثُ لَا سَمَرَ إِلَّا لِمُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ بِهَذَا السَّنَدِ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ) يَعْنِي حَدِيثَ مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِحَدِيثٍ مَرْفُوعٍ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الحديث حَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ رَجَّحَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ أَحَدِ التَّابِعِينَ انْتَهَى
[2731]
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ) هو بن مبارك (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ) هُوَ الْغَافِقِيُّ
قَوْلُهُ (مِنْ تَمَامِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ) أَيْ كَمَالِهَا (أَنْ يضع أحدكم) يعني العائد له (يده) والأولى كَوْنُهَا الْيُمْنَى (عَلَى جَبْهَتِهِ) حَيْثُ لَا عُذْرَ (أَوْ قَالَ عَلَى يَدِهِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (فَيَسْأَلَهُ) بِالنَّصْبِ (كَيْفَ هُوَ) أَيْ كَيْفَ حَالُهُ أَوْ مَرَضُهُ (وَتَمَامُ تَحِيَّتِكُمْ بَيْنَكُمْ) أَيِ الْوَاقِعَةُ فِيمَا بَيْنَكُمْ (الْمُصَافَحَةُ) قَالَ الطِّيبِيُّ يَعْنِي لَا مَزِيدَ عَلَى هَذَيْنِ فَلَوْ زِدْتُمْ عَلَى هَذَا دَخَلَ فِي التَّكَلُّفِ
وَهُوَ بَيَانٌ لِقِصَّةِ الْأُمُورِ لَا أَنَّهُ نَهْيٌ عَنِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا إِسْنَادٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ) لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ صَاحِبِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا (وَالْقَاسِمُ شَامِيٌّ) يَعْنِي القاسم هذا شامي
قَوْلُهُ (مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ) مِنْ مَزِيدَةٌ لِمَزِيدِ الاستغراق (يلتقيان) أي يتلاقيان (فيتصافحان) زاد بن السُّنِّيِّ وَيَتَكَاشَفَانِ بِوُدٍّ وَنَصِيحَةٍ (إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا) بِالْأَبْدَانِ أَوْ بِالْفَرَاغِ عَنِ الْمُصَافَحَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي إِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَاهُ غُفِرَ لَهُمَا
وَفِيهِ سُنِّيَّةُ الْمُصَافَحَةِ عِنْدَ الْمُلْتَقَى وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عند المصافحة حمدالله تَعَالَى وَالِاسْتِغْفَارُ وَهُوَ قَوْلُهُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا ولكم
وأخرج بن السُّنِّيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا أَخَذَ رَسُولُ الله بِيَدِ رَجُلٍ فَفَارَقَهُ حَتَّى قَالَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
وَفِيهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ مَا مِنْ عَبْدَيْنِ مُتَحَابَّيْنِ فِي اللَّهِ يَسْتَقْبِلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيُصَافِحُهُ فَيُصَلِّيَانِ عَلَى النَّبِيِّ إلا لم يتفرقا حتى تغفر ذنوبهما ما تَقَدَّمَ مِنْهَا وَمَا تَأَخَّرَ
وَفِي التَّرْغِيبِ لِلْمُنْذِرِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنه عن النبي قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَرُوَاتُهُ لَا أَعْلَمُ فِيهِمْ مَجْرُوحًا
وَعَنْ سَلْمَانَ الفارسي رضي الله عنه أن النبي قال إن المسلم الْمُسْلِمَ إِذَا لَقِيَ أَخَاهُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُمَا ذُنُوبُهُمَا كَمَا يَتَحَاتُّ الْوَرَقُ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ فِي رِيحِ يَوْمٍ عَاصِفٍ وَإِلَّا غُفِرَ لَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمَا مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ وَالضِّيَاءُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
فَائِدَةٌ فِي بَيَانِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُصَافَحَةِ أَنْ تَكُونَ بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ اعْلَمْ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَكُونَ الْمُصَافَحَةُ بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ أَعْنِي الْيُمْنَى مِنَ الْجَانِبَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ عِنْدَ اللِّقَاءِ أَوْ عِنْدَ الْبَيْعَةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْعُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنْبَلِيَّةُ قَالَ الْفَقِيهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ أَمِينٌ
الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عَابِدِينَ رحمه الله فِي رَدِّ المحتار على الدار الْمُخْتَارِ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) أَيْ عَلَى تَقْبِيلِهِ إِلَّا بِالْإِيذَاءِ أَوْ مُطْلَقًا يَضَعُ يَدَيْهِ عليه ثم يقبلهما أو يضع إحدهما وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْيُمْنَى لِأَنَّهَا الْمُسْتَعْمَلَةُ فِيمَا فِيهِ شَرَفٌ وَلِمَا نُقِلَ عَنِ الْبَحْرِ الْعَمِيقِ مِنْ أَنَّ الْحَجَرَ يَمِينُ اللَّهِ يُصَافِحُ بِهَا عِبَادَهُ وَالْمُصَافَحَةُ بِالْيُمْنَى انْتَهَى
وَقَالَ الشَّيْخُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ النَّقْشَبَنْدِيُّ فِي كِتَابِهِ لَوَامِعِ الْعُقُولِ شرح راموز الْحَدِيثِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللَّهَ الْحَدِيثَ
مَا لَفْظُهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ آدَابِ الشَّرِيعَةِ تَعَيُّنُ الْيُمْنَى مِنَ الْجَانِبَيْنِ لِحُصُولِ السُّنَّةِ كَذَلِكَ فَلَا تَحْصُلُ بِالْيُسْرَى فِي الْيُسْرَى وَلَا فِي الْيُمْنَى انْتَهَى
وَقَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْمُصَافَحَةُ بِالْيُمْنَى وَهُوَ أَفْضَلُ انْتَهَى
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلْمَانَ الْيَمَنِيُّ الزَّبِيدِيُّ فِي رِسَالَتِهِ فِي الْمُصَافَحَةِ
وقال الشيخ عبد الرؤوف الْمُنَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الرَّوْضِ النَّضِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ إِلَّا بِوَضْعِ الْيُمْنَى فِي الْيُمْنَى حَيْثُ لَا عُذْرَ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَزِيزِيُّ فِي كِتَابِهِ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِذَا لَقِيتَ الْحَاجَّ أَيْ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ حَجِّهِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَصَافِحْهُ أَيْ ضَعْ يَدَكَ الْيُمْنَى فِي يَدِهِ الْيُمْنَى انْتَهَى
وَقَالَ الشَّيْخُ الْعَلْقَمِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِهِ الْكَوْكَبِ الْمُنِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ إِذَا الْتَقَى المسلمان فتصافحا الخ قال بن رَسْلَانَ وَلَا تَحْصُلُ هَذِهِ السُّنَّةُ إِلَّا بِأَنْ يَقَعَ بَشَرَةُ أَحَدِ الْكَفَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّيْخُ الْعَالِمُ الرَّبَّانِيُّ السَّيِّدُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلَانِيُّ فِي كِتَابِهِ غُنْيَةِ الطَّالِبِينَ فَصْلٌ فِيمَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ بِيَمِينِهِ وَمَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ بِشِمَالِهِ يستحب له تناول الأشياء بِيَمِينِهِ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْمُصَافَحَةُ وَالْبُدَاءَةُ بِهَا فِي الْوُضُوءِ وَالِانْتِعَالِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ إِلَخْ
وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُصَافَحَةِ أَنْ تَكُونَ بِالْيُمْنَى مِنَ الْجَانِبَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ عِنْدَ اللِّقَاءِ أَوْ عِنْدَ الْبَيْعَةِ
مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ نُوحٍ
حِمْصِيٌّ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ تَرَوْنَ كَفِّي هَذِهِ فَأُشْهِدُ أَنِّي وَضَعْتُهَا عَلَى كَفِّ مُحَمَّدٍ الحديث إسناده صحيح ورواه الحافظ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِهِ التَّمْهِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ
قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بن أصبغ حدثنا بن وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَسَّانِ بْنِ نُوحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ تَرَوْنَ يَدِي هَذِهِ صَافَحْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَدِيثَ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَإِسْنَادُهُ مُتَّصِلٌ
أَمَّا الحافظ بن عَبْدِ الْبَرِّ فَهُوَ ثِقَةٌ حُجَّةٌ كَمَا فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ وَأَمَّا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ فَهُوَ مِنْ شُيُوخَةِ الْكِبَارِ قَدْ أَكْثَرَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ فِي
التمهيد والاستيعاب وغيرهما وأما بن وَضَّاحٍ فَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ قَالَ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ هُوَ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ قال بن الْفَرْضِيِّ كَانَ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ بَصِيرًا بِطُرُقِهِ مُتَكَلِّمًا بِعِلَلِهِ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُبَابِ لَا يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَدًا مِمَّنْ أَدْرَكَهُ انْتَهَى
وَقَدْ صَحَّحَ بن الْقَطَّانِ إِسْنَادًا لِحَدِيثِ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَقَعَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ هَذَا حَيْثُ قَالَ وَلَهُ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
قَالَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَبِي سَكِينَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ إِلَخْ
ذَكَرَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ كلام بن الْقَطَّانِ هَذَا فِي تَخْرِيجِ الْهِدَايَةِ وَأَقَرَّهُ وَأَمَّا يعقوب بن كعب ومبشر بن إسماعيل وحنان بْنُ نُوحٍ فَهُمْ أَيْضًا ثِقَاتٌ فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الْحَافِظُ الدُّولَابِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ حَسَّانِ بْنِ نُوحٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ تَرَوْنَ هَذِهِ الْيَدَ فَإِنِّي وَضَعْتُهَا عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ الْحَدِيثَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا الْحَافِظَ الدُّولَابِيَّ فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَمَا يَتَبَيَّنُ مِنْ أَمْرِهِ إِلَّا خَيْرٌ
وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ كَانَ أَبُو بِشْرٍ يَعْنِي الدُّولَابِيَّ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ وَكَانَ يُضَعَّفُ كَذَا فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ وَيُؤَيِّدُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ هَذَا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ تَمَامُ التَّحِيَّةِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ وَالْمُصَافَحَةُ بِالْيُمْنَى رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى كَذَا فِي كَنْزِ الْعُمَّالِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ صَافَحْتُ بِكَفِّي هَذِهِ كَفَّ رسول الله فمامست خزا ولا حريرا ألين من كفه ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ عَابِدٍ السِّنْدِيُّ فِي حَصْرِ الشَّارِدِ وَالْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ فِي إِتْحَافِ الْأَكَابِرِ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ إِنَّمَا ذَكَرْنَاهُمَا لِلتَّأْيِيدِ وَالِاسْتِشْهَادِ لِأَنَّ فِي أَسَانِيدِهِمَا ضَعْفًا وَكَلَامًا وَالدَّلِيلُ الثَّانِي عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُصَافَحَةِ أَنْ تَكُونَ بِالْيُمْنَى سَوَاءٌ كَانَتْ عِنْدَ اللِّقَاءِ أَوْ عِنْدَ الْبَيْعَةِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ فَبَسَطَ يَمِينَهُ فَقَبَضْتُ يدي فقال مالك يَا عَمْرُو قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ قَالَ تَشْتَرِطُ مَاذَا قُلْتُ أَنْ يُغْفَرَ لِي قَالَ أَمَا عَلِمْتَ يَا عَمْرُو أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ الْحَدِيثَ
وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَفِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابسط يدك لأبايعك فبسط يمينه قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ ابْسُطْ يَمِينَكَ أَيِ افْتَحْهَا وَمُدَّهَا لِأَضَعَ يَمِينِي عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي الْبَيْعَةِ انْتَهَى
وَهَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ السُّنَّةَ فِي المصافحة عند البيعة باليد اليمن مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ صَحَّتْ فِي هَذَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ذَكَرْنَاهَا فِي رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ بِالْمَقَالَةِ الْحُسْنَى فِي سُنِّيَّةِ الْمُصَافَحَةِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى
فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ
صَحِيحٍ عَنْ أَبِي غَادِيَةَ يَقُولُ بَايَعْتُ رَسُولَ الله قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَقُلْتُ لَهُ بِيَمِينِكَ قَالَ نَعَمْ الْحَدِيثَ
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يقول بايعت رسول الله بِيَدِي هَذِهِ يَعْنِي الْيُمْنَى عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ حِينَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَتَيْتُ رَسُولَ الله أُبَايِعُهُ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ النُّصْحَ
فَإِنْ قُلْتَ أَحَادِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي غَادِيَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَجَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى سُنِّيَّةِ الْمُصَافَحَةِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى عِنْدَ الْبَيْعَةِ لَا عِنْدَ اللِّقَاءِ قُلْتُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كَمَا تَدُلُّ عَلَى سُنِّيَّةِ الْمُصَافَحَةِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى عِنْدَ الْبَيْعَةِ كَذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى سُنِّيَّتِهَا بِالْيَدِ الْيُمْنَى عِنْدَ اللِّقَاءِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُصَافَحَةَ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَالْمُصَافَحَةَ عِنْدَ الْبَيْعَةِ مُتَّحِدَتَانِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ تَخَالُفُ حَقِيقَتِهِمَا بِدَلِيلٍ أَصْلًا
وَالدَّلِيلُ الثَّالِثُ أَنَّ الْمُصَافَحَةَ هِيَ إِلْصَاقُ صَفْحِ الْكَفِّ بِصَفْحِ الْكَفِّ فَالْمُصَافَحَةُ الْمَسْنُونَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ أَوْ بِالْيَدَيْنِ وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ الْمَطْلُوبُ ثَابِتٌ أَمَّا عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي فَإِنْ كَانَتْ بِإِلْصَاقِ صَفْحِ كَفِّ الْيُمْنَى بِصَفْحِ كَفِّ الْيُمْنَى وَبِإِلْصَاقِ صَفْحِ كَفِّ الْيُسْرَى بِصَفْحِ كَفِّ الْيُسْرَى عَلَى صُورَةِ الْمِقْرَاضِ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ مُصَافَحَتَانِ وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِمُصَافَحَةٍ وَاحِدَةٍ لَا بِمُصَافَحَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ بِإِلْصَاقِ صَفْحِ كَفِّ الْيُمْنَى بِصَفْحِ كَفِّ الْيُمْنَى وَإِلْصَاقِ صَفْحِ كَفِّ الْيُسْرَى بِظَهْرِ كَفِّ الْيُمْنَى مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَالْمُصَافَحَةُ هِيَ إِلْصَاقُ صَفْحِ كَفِّ الْيُمْنَى بصفح كف اليمنى ولا عبرة لصاق صَفْحِ كَفِّ الْيُسْرَى بِظَهْرِ كَفِّ الْيُمْنَى لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْمُصَافَحَةِ
فَإِنْ قِيلَ قَدْ عَرَّفَ الْمُصَافَحَةَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ بِأَخْذِ الْيَدِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْمُصَافَحَةُ الْأَخْذُ بِالْيَدِ كَالتَّصَافُحِ انْتَهَى وَالْأَخْذُ بِالْيَدِ عَامٌّ شَامِلٌ لِأَخْذِ الْيَدِ واليدين بإلصاق صفح الكف يصفح الْكَفِّ أَوْ بِظَهْرِهَا قُلْتُ هَذَا تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى أَخْذِ الْعَضُدِ وَعَلَى أَخْذِ الْمِرْفَقِ وَعَلَى أَخْذِ السَّاعِدِ لِأَنَّ الْيَدَ فِي اللُّغَةِ الْكَفُّ وَمِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْكَتِفِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُصَافَحَةٍ بِالِاتِّفَاقِ وَالتَّعْرِيفُ الصَّحِيحُ الْجَامِعُ الْمَانِعُ هُوَ مَا فَسَّرَ بِهِ أَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ لَفْظُ الْمُصَافَحَةِ وَالتَّصَافُحِ فَبَيْنَ الْمُصَافَحَةِ وَالْأَخْذِ بِالْيَدِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ
وَأَمَّا قول بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَّمَنِي النَّبِيُّ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فَلَيْسَ مِنَ الْمُصَافَحَةِ فِي شَيْءٍ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَخْذِ بِالْيَدِ عِنْدَ التَّعْلِيمِ لِمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ وَالِاهْتِمَامِ بِهِ
قَالَ الْفَاضِلُ اللَّكْنَوِيُّ فِي بَعْضِ فَتَاوَاهُ واتجه در صَحِيحٌ بُخَارِيٌّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مسعود مروى است علمني رسول الله وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ الْحَدِيثَ لَيْسَ ظَاهِرٌ أَنَّ است كه مُصَافَحَةٌ