الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةُ لِئَلَّا يُخَالِفَ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ أُوْحِيَ إِلَيْهِ بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أُعْلِمَ بِالْكَثِيرِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ بِاخْتِلَافِ أَصْحَابِهَا (ثُمَّ إِنَّهُمْ) أَيْ أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أُمَّتِي عند دخولهم من أبوابها فالمراد بالنار جِنْسُهُ (لَيُضْغَطُونَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لَيُعْصَرُونَ وَيُضَيَّقُونَ وَيَزْحَمُونَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَابِ (حَتَّى تَكَادُ) أَيْ تَقْرُبُ (مَنَاكِبُهُمْ تَزُولُ) أَيْ تَنْقَطِعُ مِنْ شِدَّةِ الزِّحَامِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) ذَكَرَ الذَّهَبِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمِيزَانِ فِي تَرْجَمَةِ خَالِدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ هَذَا مِنْ مَنَاكِيرِهِ
5 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ)
[2549]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) هُوَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ) بْنِ نَصِيرٍ السُّلَمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْخَطِيبُ صَدُوقٌ مُقْرِئٌ كَبِرَ فَصَارَ يَتَلَقَّنُ فَحَدِيثُهُ الْقَدِيمُ أَصَحُّ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ قَالَهُ فِي التَّقْرِيبِ
وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي الْعِشْرِينَ وَغَيْرِهِ وَرَوَى عَنْهُ البخاري وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ (أَخْبَرَنَا عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي الْعِشْرِينَ) الدِّمَشْقِيُّ أَبُو سَعِيدٍ كَاتِبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَلَمْ يَرْوِ عَنْ غَيْرِهِ صَدُوقٌ رُبَّمَا أَخْطَأَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ كَانَ كَاتِبَ دِيوَانٍ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبَ حَدِيثٍ مِنَ التَّاسِعَةِ
قَوْلُهُ (فَقَالَ سَعِيدٌ أَفِيهَا) أَيْ فِي الْجَنَّةِ (سُوقٌ) يَعْنِي وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ لِلْحَاجَةِ إِلَى التِّجَارَةِ (أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن) قال القارىء بِالْفَتْحِ فِي أَصْلِ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ بِالْكَسْرِ عَلَى الْحِكَايَةِ أَيِ الخبر هو قوله إن أو التقدير قَائِلًا إِنَّ (أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا) أَيِ الْجَنَّةَ (نَزَلُوا فِيهَا) أَيْ فِي مَنَازِلِهَا وَدَرَجَاتِهَا (بِفَضْلِ أَعْمَالِهِمْ) أَيْ بِقَدْرِ زِيَادَةِ طَاعَاتِهِمْ لَهُمْ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً (ثُمَّ يُؤْذَنُ) أَيْ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ (فِي مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) أَيْ فِي مِقْدَارِ الْأُسْبُوعِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ وَرَدَ الْأَحَادِيثُ فِي فَضَائِلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْجَنَّةِ يَوْمُ جُمُعَةٍ كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا وَيَحْضُرُونَ رَبَّهُمْ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ كذا في اللمعات وقال القارىء أَيْ قَدْرَ إِتْيَانِهِ وَالْمُرَادُ فِي مِقْدَارِ الْأُسْبُوعِ انْتَهَى (فَيَزُورُونَ رَبَّهُمْ) أَيْ (وَيَبْرُزُ) مِنَ الْإِبْرَازِ وَيَظْهَرُ رَبُّهُمْ (وَيَتَبَدَّى لَهُمْ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ يَظْهَرُ وَيَتَجَلَّى رَبُّهُمْ لَهُمْ (فَتُوضَعُ لَهُمْ مَنَابِرُ) أَيْ كَرَاسِيُّ مُرْتَفِعَةٌ (وَمَنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ) بِفَتْحِ زَايٍ وَمُوَحَّدَةٍ فَرَاءٍ سَاكِنَةٍ فَجِيمٍ مَفْتُوحَةٍ جَوْهَرٌ مَعْرُوفٌ (وَمَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ وَمَنَابِرُ مِنْ فِضَّةٍ) أَيْ بِحَسَبِ مَقَادِيرِ أَعْمَالِهِمْ وَمَرَاتِبِ أَحْوَالِهِمْ (وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ) أَيْ أَدْوَنُهُمْ مَنْزِلَةً (وَمَا فِيهِمْ دَنِيٌّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ دُونٌ وَخَسِيسٌ قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله وَهُوَ تَتْمِيمٌ صَوْنًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ أَدْنَاهُمُ الدَّنَاءَةُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَدْنَى فِي الْمَرْتَبَةِ (عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ كَثِيبٍ أَيْ تَلٍّ مِنَ الرَّمْلِ الْمُسْتَطِيلِ مِنْ كَثَبْتُ الشَّيْءَ إِذَا جَمَعْتُهُ (وَالْكَافُورِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى (الْمِسْكِ مَا يُرَوْنَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الإرادة وَالضَّمِيرُ إِلَى الْجَالِسِينَ عَلَى الْكُثْبَانِ أَيْ لَا يَظُنُّونَ وَلَا يُتَوَهَّمُونَ (أَنَّ أَصْحَابَ الْكَرَاسِيِّ) أَيْ أَصْحَابَ الْمَنَابِرِ (بِأَفْضَلَ مِنْهُمْ مَجْلِسًا) حَتَّى يَحْزَنُوا بِذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ عَلَى مَا فِي التَّنْزِيلِ
الْحَمْدُ لله الذي أذهب عنا الحزن بل إنهم وافقون في مقام الرضا ومتلذذون مجال التَّسْلِيمِ بِمَا جَرَى الْقَضَاءُ (هَلْ تَتَمَارَوْنَ
تَفَاعُلٌ مِنَ الْمِرْيَةِ بِمَعْنَى الشَّكِّ أَيْ هَلْ تَشُكُّونَ (مِنْ رُؤْيَةِ الشَّمْسِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ أَيْ فِي رُؤْيَتِكُمُ الشَّمْسَ (وَالْقَمَرِ) أَيْ وَفِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ (لَيْلَةَ الْبَدْرِ) وَاحْتَرَزَ عَنِ الْهِلَالِ وَعَنِ الْقَمَرِ فِي غَيْرِ لَيَالِي الْبَدْرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ فِي نِهَايَةِ النُّورِ (قُلْنَا لَا) أَيْ لَا نَشُكُّ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (إِلَّا حَاضَرَهُ اللَّهُ مُحَاضَرَةً) قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ رحمه الله الْكَلِمَتَانِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ كَشْفُ الْحِجَابِ وَالْمُقَاوَلَةُ مَعَ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ حِجَابٍ وَلَا تُرْجُمَانٍ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ الْحَدِيثَ
وَالْمَعْنَى خَاطَبَهُ اللَّهُ مُخَاطَبَةً وَحَاوَرَهُ مُحَاوَرَةً (يَا فُلَانَ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ (بْنَ فُلَانٍ) بنصب بن وَصَرْفِ فُلَانٍ وَهُمَا كِنَايَتَانِ عَنِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ
وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ (أَتَذْكُرُ يَوْمَ قُلْتَ كَذَا وَكَذَا) أَيْ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي الشَّرْعِ فَكَأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ الرَّجُلُ فِيهِ وَيَتَأَمَّلُ فِيمَا ارْتَكَبَهُ مِنْ مَعَاصِيهِ (فَيُذَكِّرُهُ) بِتَشْدِيدِ الْكَافِ أَيْ فيعلمه الله (ببعض غدارته) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ
جَمْعُ غَدْرَةٍ بِالسُّكُونِ بِمَعْنَى الْغَدْرِ وَهُوَ تَرْكُ الْوَفَاءِ وَالْمُرَادُ مَعَاصِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِتَرْكِهَا الَّذِي عَهِدَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا (أَفَلَمْ تَغْفِرْ لِي) أَيْ أَدْخَلْتَنِي الْجَنَّةَ فَلَمْ تَغْفِرْ لِي مَا صَدَرَ لِي مِنَ الْمَعْصِيَةِ (فَيَقُولُ بَلَى) أَيْ غَفَرْتُ لَكَ فَبِسَعَةِ مَغْفِرَتِي بِفَتْحِ السِّينِ وَيُكْسَرُ (بَلَغْتَ) أَيْ وَصَلْتَ (مَنْزِلَتَكَ هَذِهِ) قَالَ الطِّيبِيُّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ غَفَرْتُ لَكَ فَبَلَغْتَ بِسَعَةِ رَحْمَتِي هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ الرَّفِيعَةَ وَالتَّقْدِيمُ دَلَّ عَلَى التَّخْصِيصِ أَيْ بُلُوغُكَ تِلْكَ الْمَنْزِلَةَ كَائِنٌ بسعة رحمتي لا بعملك (فبينما) وفي بعض النسخ فبينما وفي بعض النسخ فبينا (هُمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْمُحَاضَرَةِ وَالْمُحَاوَرَةِ (غَشِيَتْهُمْ) أَيْ غَطَّتْهُمْ (فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ طِيبًا) أَيْ عظيما (قدحفت) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ أَحَاطَتْ مَا لَمْ
تَنْظُرِ الْعُيُونُ إِلَى مِثْلِهِ قَالَ الْمُظَهَّرُ مَا مَوْصُولَةٌ وَالْمَوْصُولُ مَعَ صِلَتِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ الْمُقَدَّرِ الْعَائِدِ إِلَى مَا فِي قَوْلِهِ مَا أَعْدَدْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيِ الْمُعَدُّ لَكُمْ وَقِيلَ أَوْ هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ فِيهَا
وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله الْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ مَا مَوْصُوفَةٌ بَدَلًا مِنْ سُوقًا انْتَهَى وَفِي بعض النسخ فيه مالم تَنْظُرِ الْعُيُونُ إِلَى مِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَمْ تَسْمَعِ الْآذَانُ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ جَمْعُ الْأُذُنِ أَيْ وما لم تسمعه بِمِثْلِهِ (وَلَمْ يَخْطُرْ) بِضَمِّ الطَّاءِ أَيْ وَمَا لَمْ يَمُرَّ مِثْلُهُ عَلَى الْقُلُوبِ (فَيُحْمَلُ إِلَيْنَا) أَيْ إِلَى قُصُورِنَا (وَلَيْسَ يُبَاعُ فِيهَا وَلَا يشترى) الجملة حال من ما في اشْتَهَيْنَا وَهُوَ الْمَحْمُولُ وَالضَّمِيرُ فِي يُبَاعُ عَائِدٌ إِلَيْهِ (وَفِي ذَلِكَ السُّوقِ) هُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَأَنَّثَهُ تَارَةً وَذَكَّرَهُ أُخْرَى وَالتَّأْنِيثُ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ (يَلْقَى) أَيْ يَرَى (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا حَقِيقَةً أَوْ مَوْقُوفًا فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ (فَيُقْبِلُ) مِنَ الْإِقْبَالِ أَيْ فَيَجِيءُ وَيَتَوَجَّهُ (مَنْ هُوَ دُونَهُ) أَيْ فِي الرُّتْبَةِ وَالْمَنْزِلَةِ (فَيَرُوعُهُ) بِضَمِّ الرَّاءِ (مايرى) أَيْ يُبْصِرُهُ (عَلَيْهِ مِنَ اللِّبَاسِ) بَيَانُ مَا قَالَ الطِّيبِيُّ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْ فَيَكُونُ الرَّوْعُ مَجَازًا عَنِ الْكَرَاهَةِ مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ اللِّبَاسِ وَأَنْ يَرْجِعَ إِلَى الرَّجُلِ ذِي الْمَنْزِلَةِ
فَالرَّوْعُ بِمَعْنَى الْإِعْجَابِ أَيْ يُعْجِبُهُ حُسْنُهُ فَيَدْخُلُ فِي رُوعِهِ مَا يَتَمَنَّى مِثْلُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَمَا يَنْقَضِي آخِرُ حَدِيثِهِ) أَيْ مَا أُلْقِيَ فِي رُوعِهِ مِنَ الْحَدِيثِ وَضَمِيرُ الْمَفْعُولِ فِيهِ عَائِدٌ إِلَى مَنْ (حَتَّى يَتَخَيَّلَ عَلَيْهِ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ
وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ حَتَّى يُتَصَوَّرُ لَهُ (مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ) أَيْ يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَنَّ لِبَاسَهُ أَحْسَنُ مِنْ لِبَاسِ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ أَيْ سَبَبُ مَا ذُكِرَ مِنَ التَّخَيُّلِ (أَنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (أَنْ يَحْزَنَ) بِفَتْحِ الزَّايِ يَغْتَمَّ (فِيهَا) أَيْ فِي الْجَنَّةِ
فَحَزَنٌ هُنَا لَازِمٌ مِنْ حَزِنَ بِالْكَسْرِ لَا مِنْ بَابِ نَصَرَ فَإِنَّهُ مُتَعَدٍّ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِلْمَقَامِ (فَتَتَلَقَّانَا) مِنَ التَّلَقِّي أَيْ تَسْتَقْبِلُنَا (أَزْوَاجُنَا) أَيْ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا وَمِنَ الحور العين (ويحق لنا) قال القارىء بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ بِضَمِّ الْحَاءِ فَفِي الْمِصْبَاحِ
حَقَّ الشَّيْءُ كَضَرَبَ وَنَصَرَ إِذَا ثَبَتَ
وَفِي الْقَامُوسِ حَقَّ الشَّيْءُ وَجَبَ وَوَقَعَ بِلَا شَكٍّ وَحَقَّهُ أوجبه لازم
وَمُتَعَدٍّ
فَالْمَعْنَى يُوجِبُنَا وَيُلْزِمُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ أَيْ يَحِقُّ لَنَا ويليق بنا (أن تنقلب بِمِثْلِ مَا انْقَلَبْنَا) أَيْ مِنَ الِانْقِلَابِ بِمَعْنَى الِانْصِرَافِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ كِلَاهُمَا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي الْعِشْرِينَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
قَالَ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ هُوَ كَاتِبُ الْأَوْزَاعِيِّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبَقِيَّةُ رُوَاةِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَقَدْ رواه بن أَبِي الدُّنْيَا عَنْ هِقْلِ بْنِ زِيَادٍ كَاتِبِ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ انْتَهَى
[2550]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ) أَبُو شَيْبَةَ الْكُوفِيُّ (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ) الْأَنْصَارِيِّ الْكُوفِيِّ
قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ روى عن علي وغيره وعنه بن أُخْتِهِ أَبُو شَيْبَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُهُ فِيمَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا) أَيْ مُجْتَمَعًا (مَا فِيهَا) أَيْ لَيْسَ فِي تِلْكَ السُّوقِ (شِرًى) بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ أَيِ اشْتِرَاءٌ (وَلَا بَيْعٌ) وَالْمَعْنَى لَيْسَ فِيهَا تِجَارَةٌ (إِلَّا الصُّوَرَ) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ أَيِ التَّمَاثِيلَ الْمُخْتَلِفَةَ (فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا) أَيْ تشكل بها
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ الطِّيبِيُّ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِأَنْ يُجْعَلَ تَبْدِيلُ الْهَيْئَاتِ مِنْ جِنْسِ الْبَيْعِ وَالشِّرَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أتى الله بقلب سليم يَعْنِي عَلَى وَجْهٍ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ مُنْقَطِعٌ ثُمَّ قِيلَ يَحْتَمِلُ الْحَدِيثُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ عَرْضَ الصُّوَرِ الْمُسْتَحْسَنَةِ عَلَيْهِ فَإِذَا اشْتَهَى وَتَمَنَّى تِلْكَ الصُّورَةَ الْمَعْرُوضَةَ عَلَيْهِ صَوَّرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِشَكْلِ تِلْكَ الصُّورَةِ بِقُدْرَتِهِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الصُّورَةِ الزِّينَةُ الَّتِي يَتَزَيَّنُ الشَّخْصُ بِهَا فِي تِلْكَ السُّوقِ وَيَتَلَبَّسُ بِهَا وَيَخْتَارُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ وَالتَّاجِ يُقَالُ لِفُلَانٍ صُورَةٌ حَسَنَةٌ أَيْ هَيْئَةٌ