المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل) - تحفة الأحوذي - جـ ٧

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَفَافِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفَقْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الْمَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ الْأَكْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَرْءَ مَعَ مَنْ أحب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الظَّنِّ بالله تعالى)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْبِرِّ وَالْإِثْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحُبِّ فِي اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِعْلَامِ الْحُبِّ)

- ‌(باب كَرَاهِيَةِ الْمِدْحَةِ وَالْمَدَّاحِينَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صُحْبَةِ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ الْبَصَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ اللِّسَانِ)

- ‌35 - أبواب صفة القيامة

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْن الْحِسَابِ وَالْقِصَاصِ القيامة)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الْحَشْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَرْضِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصُّورِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الصِّرَاطِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّفَاعَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْحَوْضِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَوَانِي الْحَوْضِ)

- ‌36 - كتاب صفة الجنة

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ شَجَرِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ غُرَفِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ)

- ‌(باب ما جاء في صفة نساء أهل الجنة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ جِمَاعِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِمَارِ الجنة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ طَيْرِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ خَيْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سِنِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(باب ما جاء في كم صَفِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الرَّبِّ تبارك وتعالى

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرَائِي أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْغُرَفِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خُلُودِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي احْتِجَاجِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا لِأَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْكَرَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَلَامِ الْحُورِ الْعِينِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ)

- ‌37 - كتاب صفة جهنم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ قَعْرِ جَهَنَّمَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عِظَمِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ شَرَابِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ لِلنَّارِ نَفَسَيْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ النِّسَاءُ)

- ‌38 - كتاب الإيمان

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي وصف جبرائيل لِلنَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي إِضَافَةِ الْفَرَائِضِ إِلَى الْإِيمَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي اسْتِكْمَالِ الْإِيمَانِ وَزِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وسيعود غريبا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عَلَامَةِ الْمُنَافِقِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ رَمَى أَخَاهُ بِكُفْرٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَمُوتُ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله)

- ‌(باب مَا جَاءَ فِي افْتِرَاقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ)

- ‌39 - كتاب الْعِلْمِ

- ‌(بَاب إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا فقهه في الدين)

- ‌(بَاب فَضْلِ طَلَبِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كِتْمَانِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِيصَاءِ بِمَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ الْعِلْمِ)

- ‌(باب ما جاء في من يطلب بعلمه الدنيا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَثِّ عَلَى تَبْلِيغِ السَّمَاعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْظِيمِ الْكَذِبِ عَلَى رسول الله)

- ‌(باب ما جاء في من رَوَى حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ)

- ‌(بَاب مَا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ حديث رَسُولُ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ)

- ‌(باب ما جاء في من دَعَا إِلَى هُدًى)

- ‌(باب الأخذ بالنسة وَاجْتِنَابِ الْبِدَعِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عالم المدينة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفِقْهِ عَلَى الْعِبَادَةِ)

- ‌40 - كتاب الاستئذان

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إفشاء السلام)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي فَضْلِ السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أن الا ستئذان ثَلَاثٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ رَدُّ السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَبْلِيغِ السَّلَامِ)

- ‌(باب ما جاء فَضْلِ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ إِشَارَةِ الْيَدِ بِالسَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي السَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي)

- ‌(باب ما جاء التسليم عند القيام والقعود)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِئْذَانِ قُبَالَةَ الْبَيْتِ)

- ‌(بَاب مَنْ اطَّلَعَ فِي دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذنهم)

- ‌(بَاب ما جاء التَّسْلِيمِ قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ)

- ‌(باب ما جاء كَرَاهِيَةِ طُرُوقِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ لَيْلًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَتْرِيبِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب ما جاء في تعليم السُّرْيَانِيَّةِ)

- ‌(بَاب فِي مُكَاتَبَةِ الْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى أَهْلِ الشِّرْكِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خَتْمِ الْكِتَابَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ السَّلَامُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّسْلِيمِ عَلَى مَنْ يَبُولُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يَقُولَ عَلَيْكَ السَّلَامُ مُبْتَدِئًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَالِسِ عَلَى الطَّرِيقِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُصَافَحَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُعَانَقَةِ وَالْقُبْلَةِ)

- ‌(باب ما جاء في قبلة اليد والرجل)

الفصل: ‌(باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل)

الْفَقْرِ بِسُرْعَةٍ إِلَيْهِ وَمِنْ نُزُولِ الْبَلَايَا وَالرَّزَايَا بِكَثْرَةٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ خُصُوصًا سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ فَيَكُونُ بلاؤه أشد بَلَائِهِمْ وَيَكُونُ لِأَتْبَاعِهِ نَصِيبٌ عَلَى قَدْرِ وَلَائِهِمْ

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ) بْنِ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ طُلِبَ لِلْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ مِنَ الْعَاشِرَةِ (أَخْبَرَنَا أَبِي) أَيْ عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّاسِعَةِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ

9 -

(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ)

أَغْنِيَائِهِمْ [2351] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ الطُّفَيْلِ العامر الْبَكَّائِيُّ

أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ ثَبْتٌ فِي المغازي وفي حديثه عن غير بن إِسْحَاقَ لِينٌ مِنَ الثَّامِنَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ وَكِيعًا كَذَّبَهُ

وَلَهُ فِي الْبُخَارِيِّ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ مُتَابَعَةً

قَوْلُهُ (فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ) فَالْفُقَرَاءُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَهُمْ حُسْنُ الْعَيْشِ فِي الْعُقْبَى مُجَازَاةً لِمَا فَاتَهُمْ مِنَ التَّنَعُّمِ فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ تَعَالَى كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيام الخالية أَيِ الْمَاضِيَةِ أَوِ الْخَالِيَةِ عَنِ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ صِيَامًا أَوْ وَقْتَ الْمَجَاعَةِ

ص: 15

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَجَابِرٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ

وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الزُّهْدِ

وَفِيهِ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا

وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ

[2352]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ الْكُوفِيُّ) أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ صَدُوقٌ زَاهِدٌ يُخْطِئُ فِي أَحَادِيثَ مِنَ التَّاسِعَةِ (أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ) بْنِ سَالِمٍ اللَّيْثِيُّ الْكُوفِيُّ بن أُخْتِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ضَعِيفٌ مِنَ الْخَامِسَةِ

قَوْلُهُ (اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا) قِيلَ هُوَ مِنَ الْمَسْكَنَةِ وَهِيَ الذِّلَّةُ وَالِافْتِقَارُ فَأَرَادَ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ إِظْهَارَ تَوَاضُعِهِ وَافْتِقَارِهِ إِلَى رَبِّهِ إِرْشَادًا لِأُمَّتِهِ إِلَى اسْتِشْعَارِ التَّوَاضُعِ وَالِاحْتِرَازِ عَنِ الْكِبْرِ وَالنَّخْوَةِ وَأَرَادَ بِذَلِكَ التَّنْبِيهَ عَلَى عُلُوِّ دَرَجَاتِ الْمَسَاكِينِ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ الطِّيبِيُّ رحمه الله (وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ) أَيِ اجْمَعْنِي فِي جَمَاعَتِهِمْ بِمَعْنَى اجْعَلْنِي مِنْهُمْ لَكِنْ لَمْ يَسْأَلْ مَسْكَنَةً تَرْجِعُ لِلْقِلَّةِ بَلْ لِلْإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ وَالْخُشُوعِ

قَالَ السُّهْرَوَرْدِيُّ لَوْ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَحْشُرَ الْمَسَاكِينَ فِي زُمْرَتِهِ لَكَانَ لَهُمُ الْفَخْرُ الْعَمِيمُ وَالْفَضْلُ الْعَظِيمُ فَكَيْفَ وَقَدْ سَأَلَ أَنْ يُحْشَرَ فِي زُمْرَتِهِمْ (لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) أَيْ لِأَيِّ شَيْءٍ دَعَوْتَ هَذَا الدُّعَاءَ وَاخْتَرْتَ الْحَيَاةَ وَالْمَمَاتَ وَالْبَعْثَ مَعَ الْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ دُونَ أَكَابِرِ الْأَغْنِيَاءِ (قَالَ إِنَّهُمْ) اسْتِئْنَافٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ لِأَنَّهُمْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ بَقِيَّةِ فَضَائِلِهِمْ وَحُسْنِ أَخْلَاقِهِمْ وَشَمَائِلِهِمْ (بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا) أَيْ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْخَرِيفُ الزَّمَانُ الْمَعْرُوفُ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ مَا بَيْنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَيُرِيدُ بِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً لِأَنَّ الْخَرِيفَ لَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِذَا انْقَضَى أَرْبَعُونَ خَرِيفًا فَقَدْ مَضَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً انْتَهَى

ص: 16

فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ فَإِنَّهُمَا بِظَاهِرِهِمَا مُتَخَالِفَانِ

قُلْتُ أَوْجُهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِكُلٍّ مِنَ الْعَدَدَيْنِ إِنَّمَا هُوَ التَّكْثِيرُ لَا التَّحْدِيدُ فَتَارَةً عَبَّرَ بِهِ وَأُخْرَى بِغَيْرِهِ تَفَنُّنًا وَمَآلُهُمَا وَاحِدٌ أَوْ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِأَرْبَعِينَ كَمَا أُوحِيَ إليه ثم أخبر ثانيا بخمس مائة عَامٍ زِيَادَةً مِنْ فَضْلِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِبَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَالتَّقْدِيرُ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا إِشَارَةً إِلَى أَقَلِّ الْمَرَاتِبِ وَبِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ إِلَى أَكْثَرِهَا

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ وَلَفْظُهُ سَبَقَ الْمُهَاجِرُونَ النَّاسَ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا إِلَى الْجَنَّةِ ثُمَّ يَكُونُ الزُّمْرَةُ الثَّانِيَةُ مِائَةَ خَرِيفٍ

فَالْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ الزُّمْرَةُ الثَّالِثَةُ مِائَتَيْنِ وَهَلُمَّ جَرًّا وَكَأَنَّهُمْ مَحْصُورُونَ فِي خَمْسِ زُمَرٍ أَوِ الِاخْتِلَافُ بِاخْتِلَافِ مَرَاتِبِ أَشْخَاصِ الْفُقَرَاءِ فِي حَالِ صَبْرِهِمْ وَرِضَاهُمْ وَشُكْرِهِمْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ الْمُطَابِقُ لِمَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ حَيْثُ قَالَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَرْبَعِينَ أَرَادَ بِهَا تَقَدُّمَ الْفَقِيرِ الْحَرِيصِ عَلَى الْغَنِيِّ

وَأَرَادَ بالخمس مائة تَقَدُّمَ الْفَقِيرِ الزَّاهِدِ عَلَى الْغَنِيِّ الرَّاغِبِ فَكَانَ الْفَقِيرُ الْحَرِيصُ عَلَى دَرَجَتَيْنِ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً مِنَ الْفَقِيرِ الزَّاهِدِ وَهَذِهِ نِسْبَةُ الْأَرْبَعِينَ إلى الخمس مائة وَلَا تَظُنَّنَّ أَنَّ التَّقْدِيرَ وَأَمْثَالَهُ يَجْرِي عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جُزَافًا وَلَا بِاتِّفَاقٍ بَلْ لِسِرٍّ أَدْرَكَهُ وَنِسْبَةٍ أَحَاطَ بِهَا عِلْمُهُ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (أَحِبِّي الْمَسَاكِينَ) أَيْ بِقَلْبِكِ (وَقَرِّبِيهِمْ) أَيْ إِلَى مَجْلِسِكِ حَالَ تَحْدِيثِكِ (فَإِنَّ اللَّهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ بِتَقْرِيبِهِمْ تَقْرِيبًا إِلَى الله سبحانه وتعالى

قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلٌ آخَرُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ لَكَفَى حُجَّةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ الصَّابِرَ خَيْرٌ مِنَ الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ

وَأَمَّا حَدِيثُ الْفَقْرُ فَخْرِي وَبِهِ أَفْتَخِرُ

فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ مِنَ الْحُفَّاظِ الْعَسْقَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ

وَأَمَّا حَدِيثُ كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَقْرِ الْقَلْبِيِّ الْمُؤَدِّي إِلَى الْجَزَعِ وَالْفَزَعِ بِحَيْثُ يُفْضِي إِلَى عَدَمِ الرِّضَاءِ بِالْقَضَاءِ وَالِاعْتِرَاضِ عَلَى تَقْسِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَلِذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ انْتَهَى

قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ قَوْلُهُ يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ بِمَا نُقِلَ الْفَقْرُ فَخْرِي وَبِهِ أَفْتَخِرُ

وَهَذَا الْحَدِيثُ سُئِلَ عنه الحافظ بن تَيْمِيَّةَ فَقَالَ إِنَّهُ كَذِبٌ لَا يُعْرَفُ فِي شيء من كتب المسلمين المروية وجزم الصغائي بِأنَّهُ مَوْضُوعٌ انْتَهَى

ص: 17

فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي فِيهِ اسْتِعَاذَتُهُ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْفَقْرِ

قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ إِنَّ الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ وَكَرِهَهُ فَقْرُ الْقَلْبِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ وَارْتَضَاهُ طرح المال

وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ هُوَ الَّذِي لَا يُدْرَكُ مَعَهُ الْقُوتُ وَالْكَفَافُ وَلَا يَسْتَقِرُّ مَعَهُ فِي النَّفْسِ غِنًى لِأَنَّ الْغِنَى عِنْدَهُ صلى الله عليه وسلم غِنَى النَّفْسِ وَقَدْ قال تعالى ووجدك عائلا فأغنى وَلَمْ يَكُنْ غِنَاهُ أَكْثَرَ مِنَ ادِّخَارِهِ قُوتَ سنة لنفسه وعياله

وكان الغني في محله قَلْبِهِ ثِقَةً بِرَبِّهِ وَكَانَ يَسْتَعِيذُ مِنْ فَقْرٍ مُنْسٍ وَغِنًى مُطْغٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الغنى والفقر طرفين مذمومين وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ

وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ

وَقَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رواه بن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْهُ وَطَوَّلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بن الصامت

تنبيه أسرف بن الْجَوْزِيِّ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَكَأَنَّهُ أَقْدَمَ عَلَيْهِ لَمَّا رَآهُ مُبَايِنًا لِلْحَالِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ كَانَ مَكْفِيًّا

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلِ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْقِلَّةِ وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ انْتَهَى

[2353]

قَوْلُهُ (بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ نِصْفِ يَوْمٍ) بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَنْ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فَإِنَّ الْيَوْمَ الْأُخْرَوِيَّ مِقْدَارُ طُولِهِ أَلْفُ سَنَةٍ مِنْ سِنِيِّ الدُّنْيَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ ربك كألف سنة مما تعدون فَنِصْفُهُ خَمْسُمِائَةٍ

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي يَوْمٍ كان مقداره خمسين ألف سنة فَمَخْصُوصٌ مِنْ عُمُومِ مَا سَبَقَ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى تَطْوِيلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى

ص: 18

الْكُفَّارِ كَمَا يُطْوَى حَتَّى يَصِيرَ كَسَاعَةٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَبْرَارِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يسير

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بعد ذكر هذا الحديث رواه الترمذي وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

قَالَ وَرُوَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ انتهى

قَوْلُهُ (وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ) فَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ آنِفًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ

[2355]

قَوْلُهُ (عَنْ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيِّ) أَبِي زُرْعَةَ الْمِصْرِيِّ ضَعِيفٌ شِيعِيٌّ مِنَ الرَّابِعَةِ قَوْلُهُ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتَّحْسِينُ لِلشَّوَاهِدِ

0 -

[2356] قَوْلُهُ (مَا أَشْبَعُ مِنْ طَعَامٍ) بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْلُومِ (فَأَشَاءُ أَنْ أَبْكِيَ) أَيْ أُرِيدُ الْبُكَاءَ

ص: 19

وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ فَإِنَّ الْبُكَاءَ لَازِمٌ لِلشِّبَعِ الَّذِي يُعْقِبُهُ الْمَشِيئَةُ وَلَيْسَتِ الْمَشِيئَةُ لَازِمَةً لِلشِّبَعِ وَلِذَا قالت فأشاء لم يقتصر عَلَى مَا أَشْبَعُ مِنْ طَعَامٍ إِلَّا بَكَيْتُ

وَقِيلَ إِنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ (وَاَللَّهُ مَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

[2357]

قَوْلُهُ (مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ (مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ) فَمِنَ الْبُرِّ بِالْأَوْلَى (حَتَّى) أَيِ اسْتَمَرَّ عَدَمُ الشِّبَعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حَتَّى (قُبِضَ) صلى الله عليه وسلم

قال القارىء وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ صَارَ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ عُمُرِهِ غَنِيًّا نَعَمْ وَقَعَ مَالٌ كَثِيرٌ فِي يَدِهِ لَكِنَّهُ مَا أَمْسَكَهُ بَلْ صَرَفَهُ فِي مَرْضَاةِ رَبِّهِ وَكَانَ دَائِمًا غَنِيَّ الْقَلْبِ بِغِنَى الرَّبِّ انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ

ص: 20

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

[2358]

قَوْلُهُ (ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا (تِبَاعًا) بِكَسْرِ فَوْقِيَّةٍ وَخِفَّةِ مُوَحَّدَةٍ أَيْ مُتَوَالِيَةً

قَالَ الْحَافِظُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ شِبَعِهِمْ غَالِبًا كَانَ بِسَبَبِ قِلَّةِ الشَّيْءِ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ يَجِدُونَ وَلَكِنْ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

قَوْلُهُ [2359](أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ) اسْمُهُ نَسْرٌ الْكَرْمَانِيُّ كُوفِيُّ الْأَصْلِ نَزَلَ بِبَغْدَادَ ثِقَةٌ مِنَ التَّاسِعَةِ (أَخْبَرَنَا حَرِيزُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ زَايٌ (بْنُ عُثْمَانَ) الرَّحْبِيُّ الْحِمْصِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ رُمِيَ بِالنَّصْبِ مِنَ الْخَامِسَةِ (عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ) هُوَ الْكَلَاعِيُّ الْخَبَائِرِيُّ الْحِمْصِيُّ

قَوْلُهُ (مَا كَانَ يَفْضُلُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْفَضْلُ ضِدُّ النَّقْصِ وَقَدْ فَضَلَ كَنَصَرَ وَعَلِمَ وَأَمَّا فَضِلَ كَعَلِمَ يَفْضُلُ كَيَنْصُرُ فَمُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا انْتَهَى

وَالْمَعْنَى لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُمْ مِنْ دَقِيقِ الشَّعِيرِ مَا إِذَا خَبَزُوهُ يَفْضُلُ عَنْهُمْ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا فِي الشَّمَائِلِ

[2360]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ) الْأَحْوَلُ أَبُو زَيْدٍ الْبَصْرِيُّ وَثَّقَهُ بن مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ (عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْعَبْدِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو الْعَلَاءِ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ الْمَدَائِنِ صَدُوقٌ تَغَيَّرَ بِأَخَرَةٍ مِنَ الْخَامِسَةِ

قَوْلُهُ (يَبِيتُ اللَّيَالِيَ الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًا) أَيْ جَائِعًا

قَالَ فِي النِّهَايَةِ طَوَى مِنَ الْجُوعِ يَطْوِي طَوًى فَهُوَ طَاوٍ أَيْ خَالِي الْبَطْنِ جَائِعٌ لَمْ يَأْكُلْ انْتَهَى (لَا يَجِدُونَ عَشَاءً) بِالْفَتْحِ الطَّعَامُ الَّذِي يُؤْكَلُ عِنْدَ الْعِشَاءِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ أَوَّلُ الظَّلَّامِ أَوْ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعَتَمَةِ أَوْ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ (وَكَانَ أَكْثَرُ خُبْزِهِمْ) أَيْ خُبْزِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلِهِ (خُبْزَ الشَّعِيرِ) فَكَانُوا يَأْكُلُونَهُ مِنْ غَيْرِ نَخِيلٍ

ص: 21

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن مَاجَهْ

[2361]

قَوْلُهُ (اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ) أَيْ أَهْلِ بَيْتِهِ (قُوتًا) أَيْ بِقَدْرِ مَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ مِنَ الْمَطْعَمِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيِ اكْفِهِمْ مِنَ الْقُوتِ بِمَا لَا يُرْهِقُهُمْ إِلَى ذُلِّ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ فُضُولٌ يَبْعَثُ عَلَى التَّرَفُّهِ وَالتَّبَسُّطِ فِي الدُّنْيَا

قَالَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ طَلَبَ الْكَفَافَ فَإِنَّ الْقُوتَ مَا يَقُوتَ الْبَدَنَ وَيَكُفُّ عَنِ الْحَاجَةِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَلَامَةٌ مِنْ حَالَاتِ الغنى والفقر جميعا انتهى

وقال بن بَطَّالٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ الْكَفَافِ وَأَخْذِ الْبُلْغَةِ مِنَ الدُّنْيَا وَالزُّهْدِ فِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي تَوْفِيرِ نَعِيمِ الْآخِرَةِ وَإِيثَارًا لِمَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى فَيَنْبَغِي أَنْ تَقْتَدِيَ بِهِ أُمَّتُهُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[2362]

قَوْلُهُ (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا) لِسَمَاحَةِ نَفْسِهِ وَمَزِيدِ ثِقَتِهِ بِرَبِّهِ (لِغَدٍ) أَيْ مِلْكًا بَلْ تَمْلِيكًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ ادَّخَرَ قُوتَ سَنَةٍ لِعِيَالِهِ فَإِنَّهُ كَانَ خَازِنًا قَاسِمًا فَلَمَّا وَقَعَ الْمَالُ بِيَدِهِ قَسَمَ لَهُمْ كَمَا قَسَمَ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّ لهم حقا في الفيء

وقال بن دَقِيقِ الْعِيدِ يُحْمَلُ حَدِيثُ لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ عَلَى الِادِّخَارِ لِنَفْسِهِ وَحَدِيثُ وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ عَلَى الِادِّخَارِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ مُشَارَكَةٌ لَكِنِ الْمَعْنَى أَنَّهُمُ الْمَقْصِدُ بِالِادِّخَارِ دُونَهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدُوا لَمْ يَدَّخِرْ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِسْنَادُهُ جيد

قوله (وقد روى هذا غير بن جعفر سليمان عن ثابت مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ إِلَخْ بِلَفْظِ عَنْ مَكَانَ غَيْرُ

ص: 22

[2363]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ مَيْسَرَةَ التَّمِيمِيُّ أَبُو مَعْمَرٍ الْمُقْعَدُ الْمُنْقِرِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ رُمِيَ بِالْقَدَرِ مِنَ الْعَاشِرَةِ انْتَهَى

قَوْلُهُ (مَا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ طَعَامًا (عَلَى خُوَانٍ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْخُوَانُ بِضَمِّ خَاءٍ وَكَسْرِهَا الْمَائِدَةُ الْمُعَدَّةُ وَيُقَالُ الْأُخْوَانُ وَجَمْعُهُ أخوية وَخُونٌ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَالْأَكْلُ عَلَيْهِ مِنْ دَأْبِ الْمُتْرَفِينَ لِئَلَّا يُفْتَقَرَ إِلَى التَّطَأْطُؤِ وَالِانْحِنَاءِ انْتَهَى

وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْخُوَانِ مُفَصَّلًا فِي بَابِ عَلَى مَا كَانَ يَأْكُلُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبْوَابِ الْأَطْعِمَةِ (وَلَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا)

قَالَ عِيَاضٌ قَوْلُهُ مُرَقَّقًا أَيْ ملينا محسنا كَخُبْزِ الْحُوَّارَى وَشَبَهِهِ وَالتَّرْقِيقُ التَّلْيِينُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَنَاخِلُ

وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَقَّقُ الرَّقِيقُ الْمُوَسَّعُ انْتَهَى

قَالَ الحافظ وهذا هو المتعارف

وبه جزم بن الْأَثِيرِ قَالَ الرِّقَاقُ الرَّقِيقُ مِثْلُ طِوَالٍ وَطَوِيلٍ وهو الرغيف الواسع الرقيق

وأغرب بن التِّينِ فَقَالَ هُوَ السَّمِيدُ وَمَا يُصْنَعُ مِنْهُ من كعك وغيره

وقال بن الْجَوْزِيِّ هُوَ الْخَفِيفُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الرِّقَاقِ وَهِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُرَقَّقُ بِهَا انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ

[2364]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ) أَبُو عَلِيٍّ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ضَعَّفَهُ مِنَ التَّاسِعَةِ (أَخْبَرَنَا عبد الرحمن هو بن عبد الله بن دينار) مولى بن عمر صدوق يخطىء مِنَ السَّابِعَةِ

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَقُلْتُ هَلْ أَكَلَ رسول الله صلى

ص: 23

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ وَالنَّقِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ (يَعْنِي الْحُوَّارَى) بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ الَّذِي نُخِلَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يَصِيرَ نَظِيفًا أَبْيَضَ (مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ) أَيْ مَا رَآهُ فَضْلًا عَنْ أَكْلِهِ فَفِيهِ مُبَالَغَةٌ لَا تَخْفَى

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّقِيَّ مِنْ حِينِ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ

قَالَ الْحَافِظُ أَظُنُّ أَنَّ سَهْلًا احْتَرَزَ عَمَّا قَبْلَ الْبَعْثَةِ لِكَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ سَافَرَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا وَكَانَتِ الشَّامُ إِذْ ذَاكَ مَعَ الرُّومِ وَالْخُبْزُ النَّقِيُّ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ وَكَذَا الْمَنَاخِلُ وَغَيْرُهَا مِنْ آلَاتِ التَّرَفُّهِ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَأَمَّا بَعْدَ الْبَعْثَةِ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا بِمَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَالْمَدِينَةِ وَوَصَلَ إِلَى تَبُوكَ وَهِيَ مِنْ أَطْرَافِ الشَّامِ لَكِنْ لَمْ يَفْتَحْهَا وَلَا طَالَتْ إِقَامَتُهُ بِهَا انْتَهَى (هَلْ كَانَتْ لَكُمْ مَنَاخِلُ) جَمْعُ مُنْخُلٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْخَاءِ وَيُفْتَحُ وَهُوَ الْغِرْبَالُ (قَالَ مَا كَانَتْ لَنَا مَنَاخِلُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْخُلًا مِنْ حِينِ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حتى قبض اللَّهُ (قِيلَ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِالشَّعِيرِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ (قَالَ كُنَّا نَنْفُخُهُ) بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ نُطَيِّرُهُ بَعْدَ الطَّحْنِ إِلَى الْهَوَاءِ بِأَيْدِينَا أَوْ بِأَفْوَاهِنَا (فَيَطِيرُ مِنْهُ مَا طَارَ) أَيْ يَذْهَبُ مِنْهُ مَا ذَهَبَ مِنَ النُّخَالَةِ وَمَا فِيهِ خِفَّةٌ (ثُمَّ نُثَرِّيهِ) بِمُثَلَّثَةٍ وَرَاءٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ مِنْ ثَرَّى التُّرَابَ تَثْرِيَةً أَيْ رَشَّ عَلَيْهِ (فَنَعْجِنُهُ)

قَالَ فِي الْقَامُوسِ عجنه فهو يعجنه مَعْجُونٌ وَعَجِينٌ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ بِجَمْعِ كَفِّهِ يَغْمِزُهُ كَاعْتَجَنَهُ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

تَنْبِيهٌ قَالَ الطَّبَرِيُّ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ النَّاسِ كَوْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يَطْوُونَ الْأَيَّامَ جُوعًا مَعَ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَةٍ وَأَنَّهُ قَسَمَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ أَلْفَ بَعِيرٍ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ سَاقَ فِي عُمْرَتِهِ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَنَحَرَهَا وَأَطْعَمَهَا الْمَسَاكِينَ وَأَنَّهُ أَمَرَ لِأَعْرَابِيٍّ بِقَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ كَأَبِي بَكْرٍ

ص: 24