المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما جاء في ترك الصلاة) - تحفة الأحوذي - جـ ٧

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَفَافِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفَقْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الْمَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ الْأَكْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَرْءَ مَعَ مَنْ أحب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الظَّنِّ بالله تعالى)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْبِرِّ وَالْإِثْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحُبِّ فِي اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِعْلَامِ الْحُبِّ)

- ‌(باب كَرَاهِيَةِ الْمِدْحَةِ وَالْمَدَّاحِينَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صُحْبَةِ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ الْبَصَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ اللِّسَانِ)

- ‌35 - أبواب صفة القيامة

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْن الْحِسَابِ وَالْقِصَاصِ القيامة)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الْحَشْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَرْضِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصُّورِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الصِّرَاطِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّفَاعَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْحَوْضِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَوَانِي الْحَوْضِ)

- ‌36 - كتاب صفة الجنة

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ شَجَرِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ غُرَفِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ)

- ‌(باب ما جاء في صفة نساء أهل الجنة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ جِمَاعِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِمَارِ الجنة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ طَيْرِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ خَيْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سِنِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(باب ما جاء في كم صَفِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الرَّبِّ تبارك وتعالى

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرَائِي أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْغُرَفِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خُلُودِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي احْتِجَاجِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا لِأَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْكَرَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَلَامِ الْحُورِ الْعِينِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ)

- ‌37 - كتاب صفة جهنم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ قَعْرِ جَهَنَّمَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عِظَمِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ شَرَابِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ لِلنَّارِ نَفَسَيْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ النِّسَاءُ)

- ‌38 - كتاب الإيمان

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي وصف جبرائيل لِلنَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي إِضَافَةِ الْفَرَائِضِ إِلَى الْإِيمَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي اسْتِكْمَالِ الْإِيمَانِ وَزِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وسيعود غريبا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عَلَامَةِ الْمُنَافِقِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ رَمَى أَخَاهُ بِكُفْرٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَمُوتُ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله)

- ‌(باب مَا جَاءَ فِي افْتِرَاقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ)

- ‌39 - كتاب الْعِلْمِ

- ‌(بَاب إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا فقهه في الدين)

- ‌(بَاب فَضْلِ طَلَبِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كِتْمَانِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِيصَاءِ بِمَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ الْعِلْمِ)

- ‌(باب ما جاء في من يطلب بعلمه الدنيا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَثِّ عَلَى تَبْلِيغِ السَّمَاعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْظِيمِ الْكَذِبِ عَلَى رسول الله)

- ‌(باب ما جاء في من رَوَى حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ)

- ‌(بَاب مَا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ حديث رَسُولُ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ)

- ‌(باب ما جاء في من دَعَا إِلَى هُدًى)

- ‌(باب الأخذ بالنسة وَاجْتِنَابِ الْبِدَعِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عالم المدينة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفِقْهِ عَلَى الْعِبَادَةِ)

- ‌40 - كتاب الاستئذان

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إفشاء السلام)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي فَضْلِ السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أن الا ستئذان ثَلَاثٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ رَدُّ السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَبْلِيغِ السَّلَامِ)

- ‌(باب ما جاء فَضْلِ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ إِشَارَةِ الْيَدِ بِالسَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي السَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي)

- ‌(باب ما جاء التسليم عند القيام والقعود)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِئْذَانِ قُبَالَةَ الْبَيْتِ)

- ‌(بَاب مَنْ اطَّلَعَ فِي دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذنهم)

- ‌(بَاب ما جاء التَّسْلِيمِ قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ)

- ‌(باب ما جاء كَرَاهِيَةِ طُرُوقِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ لَيْلًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَتْرِيبِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب ما جاء في تعليم السُّرْيَانِيَّةِ)

- ‌(بَاب فِي مُكَاتَبَةِ الْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى أَهْلِ الشِّرْكِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خَتْمِ الْكِتَابَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ السَّلَامُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّسْلِيمِ عَلَى مَنْ يَبُولُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يَقُولَ عَلَيْكَ السَّلَامُ مُبْتَدِئًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَالِسِ عَلَى الطَّرِيقِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُصَافَحَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُعَانَقَةِ وَالْقُبْلَةِ)

- ‌(باب ما جاء في قبلة اليد والرجل)

الفصل: ‌(باب ما جاء في ترك الصلاة)

وَالدُّرُوسِ قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ عِمَارَتُهَا كَنْسُهَا وَتَنْظِيفُهَا وَتَنْوِيرُهَا بِالْمَصَابِيحِ وَتَعْظِيمُهَا وَاعْتِيَادُهَا لِلْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ وَصِيَانَتُهَا عَمَّا لَمْ تُبْنَ لَهُ الْمَسَاجِدُ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا فَضْلًا عَنْ فُضُولِ الْحَدِيثِ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ بن ماجه والدارمي وبن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ

وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي إِسْنَادِهِ دَرَّاجٌ وَهُوَ كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ نَقَلَهُ مَيْرَكُ عَنِ التَّخْرِيجِ

(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ)

[2618]

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ) بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ (وَأَبُو مُعَاوِيَةَ) اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ الْكُوفِيُّ

قَوْلُهُ (بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ تَرْكُ الصَّلَاةِ) أَيْ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَصْلَةٌ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ

قال بن الْمَلَكِ مُتَعَلِّقُ بَيْنَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ تَرْكُهَا وَصْلَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ يُقَالُ لِمَا يُوصِلُ الشَّيْءَ إِلَى الشَّيْءِ مِنْ شَخْصٍ أَوْ هَدِيَّةٍ هُوَ بَيْنَهُمَا

وَقَالَ الطِّيبِيُّ تَرْكُ الصَّلَاةِ مُبْتَدَأٌ وَالظَّرْفُ الْمُقَدَّمُ خَبَرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ هُوَ الْحَاجِزُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ

[2619]

قَوْلُهُ (بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ أَوِ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ) كَذَا وَقَعَ فِي نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ أَوِ الْكُفْرِ بِلَفْظِ أَوْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالْكُفْرِ بِالْوَاوِ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ بالواو وفي مخرج أبي عوانة الأسفرايني وَأَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ أَوِ الْكُفْرِ بِأَوْ لِكُلِّ واحد منهما وجه ومعنى بينه ويبن الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلَاةِ أَيِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ كُفْرِهِ كَوْنُهُ لَمْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ فَإِذَا تَرَكَهَا لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشِّرْكِ حَائِلٌ بَلْ دخل فيه إِنَّ الشِّرْكَ وَالْكُفْرَ قَدْ يُطْلَقَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَيَخْتَصُّ الْمُشْرِكُ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى كَكُفَّارِ قُرَيْشٍ فَيَكُونُ الْكُفْرُ أَعَمَّ مِنَ الشِّرْكِ

ص: 307

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ومسلم وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ

[2620]

قَوْلُهُ (وَأَبُو الزُّبَيْرِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ

[2621]

قَوْلُهُ (وَيُوسُفُ بْنُ عِيسَى) أَبُو يَعْقُوبَ الْمَرْوَزِيُّ (أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى) السِّينَانِيُّ الْمَرْوَزِيُّ (عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ) الْمَرْوَزِيِّ

(أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ) الْمَرْوَزِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ الْعَاشِرَةِ (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الشَّقِيقِيُّ) الْمَرْوَزِيُّ ثِقَةٌ صَاحِبُ حَدِيثٍ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ

(أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ شَقِيقٍ) أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ

قَوْلُهُ (الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ) يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ (الصَّلَاةُ) أَيْ هُوَ الصَّلَاةُ بِمَعْنَى أَنَّهَا الْمُوجِبَةُ لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ كَالْعَهْدِ فِي حَقِّ الْمُعَاهَدِينَ (فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) أَيْ فَإِذَا تَرَكُوهَا بَرِئَتْ منهم الذمة ودخلوا في حكم الكفار نتقاتلهم كَمَا نُقَاتِلُ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ

قَالَ الْقَاضِي ضَمِيرُ الْغَائِبِ يَعْنِي فِي قَوْلِهِ وَبَيْنَهُمْ لِلْمُنَافِقِينَ شَبَّهَ الْمُوجِبَ لِإِبْقَائِهِمْ وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ بِالْعَهْدِ الْمُقْتَضِي لِإِبْقَاءِ الْمُعَاهَدِ وَالْكَفِّ عَنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعُمْدَةَ فِي إِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ تَشَبُّهُهُمْ

ص: 308

بِالْمُسْلِمِينَ فِي حُضُورِ صَلَاتِهِمْ وَلُزُومِ جَمَاعَتِهِمْ وَانْقِيَادِهِمْ لِلْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ فَإِذَا تَرَكُوا ذَلِكَ كَانُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ سَوَاءً

قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لَمَّا اسْتُؤْذِنَ فِي قَتْلِ الْمُنَافِقِينَ أَلَا إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ

قِيلَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ الْغَائِبِينَ عَامًّا فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوَاءٌ كَانَ مُنَافِقًا أَوْ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي الدَّرْدَاءِ لَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ

قوله (وفي الباب عن أنس وبن عَبَّاسٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَفْظُهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ جِهَارًا وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ أَوِ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَإِذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ

وَرَوَاهُ بن مَاجَهْ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالشِّرْكِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ فَإِذَا تَرَكَهَا فقد أشرك

وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ يَعْلَى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلَفْظُهُ عُرَى الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ عَلَيْهِنَّ أُسِّسَ الْإِسْلَامُ مَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَهُوَ بِهَا كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَصَوْمُ رَمَضَانَ

كَذَا فِي التَّرْغِيبِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ صَحِيحٌ

وَلَا نَعْرِفُ لَهُ عِلَّةً

[2622]

قَوْلُهُ (لَا يَرَوْنَ) مِنَ الرَّأْيِ أَيْ لَا يَعْتَقِدُونَ (مِنَ الْأَعْمَالِ) صِفَةٌ لِقَوْلِهِ شَيْئًا (تَرْكُهُ كُفْرٌ) صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لَهُ (غَيْرَ الصَّلَاةِ) اسْتِثْنَاءٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الضَّمِيرُ الرَّاجِعُ إِلَى شَيْئًا قَالَهُ الطِّيبِيُّ وَالْمُرَادُ ضَمِيرُ تَرْكُهُ ثُمَّ الْحَصْرُ يُفِيدُ أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْوِزْرِ وَأَقْرَبُ إلى الكفر

قاله القارىء

قُلْتُ بَلْ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ هَذَا بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ كُفْرٌ وَالظَّاهِرُ مِنَ الصِّيغَةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا الصَّحَابَةُ

لِأَنَّ

ص: 309

قَوْلَهُ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ جَمْعَ مُضَافٍ وَهُوَ مِنَ الْمُشْعِرَاتِ بِذَلِكَ وَأَثَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فِي بَابِ حُجَّةِ مَنْ كَفَّرَ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُفْرِ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُنْكِرًا بِوُجُوبِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُخَالِطِ الْمُسْلِمِينَ مُدَّةً يَبْلُغُهُ فِيهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ لَهَا تَكَاسُلًا مَعَ اعْتِقَادِهِ لِوُجُوبِهَا كَمَا هُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ

فَذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بَلْ يَفْسُقُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ حَدًّا كَالزَّانِي المحصن ولكنه يقتل بالسيف

وذهب مِنَ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ

احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ عَلَى عَدَمِ كُفْرِهِ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يشاء وَبِمَا سَيَأْتِي مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي بَابِ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقْطَعْ عليه بخلو كَحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ

رواه أحمد وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ

وَاحْتَجُّوا عَلَى قَتْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا الْحَدِيثَ

متفق عليه

وتألوا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ

وَسَائِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عُقُوبَةَ الْكَافِرِ وَهِيَ الْقَتْلُ وَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ أَوْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُؤَوَّلُ بِهِ إِلَى الْكُفْرِ أَوْ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي بِأَحَادِيثِ الْبَابِ

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ عَلَى عَدَمِ الْكُفْرِ بِمَا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى عَدَمِ الْقَتْلِ بِحَدِيثِ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ وَلَيْسَ فِيهِ الصَّلَاةُ

وَالْحَقُّ أَنَّهُ كَافِرٌ يُقْتَلُ أَمَّا كُفْرُهُ فَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ قَدْ صَحَّتْ أَنَّ الشَّارِعَ سَمَّى تَارِكَ

ص: 310

الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَجَعَلَ الْحَائِلَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ إِطْلَاقِ هَذَا الِاسْمِ عَلَيْهِ هُوَ الصَّلَاةُ فَتَرْكُهَا مُقْتَضٍ لِجَوَازِ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَلْزَمُنَا شَيْءٌ مِنَ الْمُعَارَضَاتِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْأَوَّلُونَ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ غَيْرَ مَانِعٍ الْمَغْفِرَةَ وَاسْتِحْقَاقَ الشَّفَاعَةِ كَكُفْرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِبَعْضِ الذُّنُوبِ الَّتِي سَمَّاهَا الشَّارِعُ كُفْرًا فلا من ملجى إِلَى التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي وَقَعَ النَّاسُ فِي مَضِيقِهَا

وَأَمَّا أَنَّهُ يُقْتَلُ فَلِأَنَّ حَدِيثَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ

يَقْضِي بِوُجُوبِ الْقَتْلِ لِاسْتِلْزَامِ الْمُقَاتَلَةِ لَهُ وَقَدْ شَرَطَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ التَّخْلِيَةَ بِالتَّوْبَةِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ فَقَالَ فَإِنْ تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم فَلَا يُخَلَّى مَنْ لَمْ يُقِمِ الصَّلَاةَ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ مُخْتَصَرًا مُلَخَّصًا

قُلْتُ لَوْ تَأَمَّلْتَ فِي مَا حَقَّقَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ كَافِرٌ وَفِي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ لَعَرَفْتَ أَنَّهُ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يُخَلَّدُ هُوَ فِي النَّارِ وَلَا يُحْرَمُ مِنَ الشَّفَاعَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَذَلِكَ لَا يُخَلَّدُ هُوَ فِيهَا وَلَا يحرم منها عند الشوكاني أيضا

0 -

باب [2623] قوله (عن بن الهاد) اسمه يزي بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ مُكْثِرٌ مِنَ الْخَامِسَةِ

قَوْلُهُ (ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ) قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ مَعْنَى رَضِيتُ بِالشَّيْءِ قَنَعْتُ بِهِ وَاكْتَفَيْتُ بِهِ وَلَمْ أَطْلُبْ مَعَهُ غَيْرَهُ

فَمَعْنَى الْحَدِيثِ لَمْ يَطْلُبْ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَسْمَعْ فِي غَيْرِ طَرِيقِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَسْلُكْ إِلَّا بِمَا يُوَافِقُ شَرِيعَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ فَقَدْ خَالَطَتْ حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ قَلْبَهُ وَذَاقَ طَعْمَهُ

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَعْنَى الْحَدِيثِ صَحَّ إِيمَانُهُ وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسُهُ وَخَامَرَ بَاطِنَهُ لِأَنَّ رِضَاهُ بِالْمَذْكُورَاتِ دَلِيلٌ لِثُبُوتِ مَعْرِفَتِهِ وَنَفَاذِ بَصِيرَتِهِ وَمُخَالَطَةِ بَشَاشَتِهِ قلبه لأن من رضي أمر سَهُلَ عَلَيْهِ فَكَذَا الْمُؤْمِنُ إِذَا دَخَلَ قَلْبَهُ الْإِيمَانُ سَهُلَ عَلَيْهِ طَاعَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَذَّتْ لَهُ (رَبًّا) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ وَكَذَا أَخَوَاتُهُ

ص: 311

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ومسلم

[2624]

قوله (عن أيوب) هو بن أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ

قَوْلُهُ (ثَلَاثٌ) مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرُهُ وَجَازَ مَعَ أَنَّهُ نَكِرَةٌ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ خِصَالٌ ثَلَاثٌ (وَجَدَ بِهِنَّ) أَيْ بِسَبَبِ وُجُودِهِنَّ (طَعْمَ الْإِيمَانِ) بِفَتْحِ الطَّاءِ أَيْ لَذَّاتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ

قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَى حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ اسْتِلْذَاذُهُ الطَّاعَاتِ وَتَحَمُّلُهُ الْمَشَاقَّ في رضى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِيثَارُ ذَلِكَ عَلَى عَرَضِ الدُّنْيَا وَمَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِلَّهِ سبحانه وتعالى بِفِعْلِ طَاعَتِهِ وَتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ وَكَذَا مَحَبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْحَدِيثُ بِمَعْنَى حَدِيثِ ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا إِلَخْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ حَقِيقَةً وَحُبُّ الْآدَمِيِّ فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَكَرَاهَتُهُ الرُّجُوعَ فِي الْكُفْرِ إِلَّا لِمَنْ قَوِيَ بِالْإِيمَانِ يَقِينُهُ وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسُهُ وَانْشَرَحَ لَهُ صَدْرُهُ وَخَالَطَ لَحْمَهُ وَدَمَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي وَجَدَ حَلَاوَتَهُ

قَالَ وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ مِنْ ثَمَرَاتِ حُبِّ اللَّهِ وَأَصْلُ الْمَحَبَّةِ الْمَيْلُ إِلَى مَا يُوَافِقُ الْمُحِبَّ ثُمَّ الْمَيْلُ قَدْ يَكُونُ لِمَا يَسْتَلِذُّهُ الْإِنْسَانُ وَيَسْتَحْسِنُهُ كَحُسْنِ الصُّورَةِ وَالصَّوْتِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهَا

وَقَدْ يَسْتَلِذُّهُ بِعَقْلِهِ لِلْمَعَانِي الْبَاطِنَةِ كَمَحَبَّةِ الصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ مُطْلَقًا وَقَدْ يَكُونُ لِإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ وَدَفْعِهِ الْمَضَارَّ وَالْمَكَارِهَ عَنْهُ وَهَذِهِ الْمَعَانِي كُلُّهَا مَوْجُودَةٌ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَا جَمَعَ مِنْ جَمَالِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَكَمَالِ خِلَالِ الْجَلَالِ وَأَنْوَاعِ الْفَضَائِلِ وَإِحْسَانِهِ إِلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ بِهِدَايَتِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَدَوَامِ النَّعِيمِ وَالْإِبْعَادِ مِنَ الْجَحِيمِ

وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ هَذَا متصور في حق الله تعالى فإن الخبر كُلَّهُ مِنْهُ سبحانه وتعالى قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ الْمَحَبَّةُ فِي اللَّهِ تَعَالَى مِنْ وَاجِبَاتِ الْإِسْلَامِ (مَنْ كَانَ) لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ إِمَّا بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ هِيَ أَوْ هُنَّ أَوْ إِحْدَاهَا أَيْ مَحَبَّةُ مَنْ كَانَ (اللَّهُ وَرَسُولُهُ) بِرَفْعِهِمَا (أَحَبَّ إِلَيْهِ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ (مِمَّا سِوَاهُمَا) يَعُمُّ ذَوِي الْعُقُولِ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَسَائِرِ الشَّهَوَاتِ (وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ) أَيْ وَثَانِيَتُهَا أَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ (لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ) اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ أَيْ لَا يُحِبُّهُ لِغَرَضٍ وَعَرَضٍ وَعِوَضٍ وَلَا يَشُوبُ محبته حظ دنيوي ولا امر بشر بَلْ مَحَبَّتُهُ تَكُونُ خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ مُتَّصِفًا بِالْحُبِّ فِي اللَّهِ وَدَاخِلًا فِي الْمُتَحَابِّينَ لِلَّهِ

وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ أَوْ

ص: 312