المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص القيامة) - تحفة الأحوذي - جـ ٧

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَفَافِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفَقْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَعِيشَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الْمَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ الْأَكْلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَرْءَ مَعَ مَنْ أحب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حُسْنِ الظَّنِّ بالله تعالى)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْبِرِّ وَالْإِثْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحُبِّ فِي اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِعْلَامِ الْحُبِّ)

- ‌(باب كَرَاهِيَةِ الْمِدْحَةِ وَالْمَدَّاحِينَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صُحْبَةِ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ الْبَصَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ اللِّسَانِ)

- ‌35 - أبواب صفة القيامة

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْن الْحِسَابِ وَالْقِصَاصِ القيامة)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الْحَشْرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَرْضِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصُّورِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الصِّرَاطِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّفَاعَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْحَوْضِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَوَانِي الْحَوْضِ)

- ‌36 - كتاب صفة الجنة

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ شَجَرِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ غُرَفِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ)

- ‌(باب ما جاء في صفة نساء أهل الجنة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ جِمَاعِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِمَارِ الجنة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ طَيْرِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ خَيْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سِنِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(باب ما جاء في كم صَفِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الرَّبِّ تبارك وتعالى

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرَائِي أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْغُرَفِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خُلُودِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي احْتِجَاجِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا لِأَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْكَرَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَلَامِ الْحُورِ الْعِينِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ)

- ‌37 - كتاب صفة جهنم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ قَعْرِ جَهَنَّمَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عِظَمِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ شَرَابِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ طَعَامِ أَهْلِ النَّارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ لِلنَّارِ نَفَسَيْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ النِّسَاءُ)

- ‌38 - كتاب الإيمان

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي وصف جبرائيل لِلنَّبِيِّ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي إِضَافَةِ الْفَرَائِضِ إِلَى الْإِيمَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي اسْتِكْمَالِ الْإِيمَانِ وَزِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وسيعود غريبا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عَلَامَةِ الْمُنَافِقِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ رَمَى أَخَاهُ بِكُفْرٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَمُوتُ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله)

- ‌(باب مَا جَاءَ فِي افْتِرَاقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ)

- ‌39 - كتاب الْعِلْمِ

- ‌(بَاب إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا فقهه في الدين)

- ‌(بَاب فَضْلِ طَلَبِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كِتْمَانِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِيصَاءِ بِمَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي ذَهَابِ الْعِلْمِ)

- ‌(باب ما جاء في من يطلب بعلمه الدنيا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَثِّ عَلَى تَبْلِيغِ السَّمَاعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْظِيمِ الْكَذِبِ عَلَى رسول الله)

- ‌(باب ما جاء في من رَوَى حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ)

- ‌(بَاب مَا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ حديث رَسُولُ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ)

- ‌(باب ما جاء في من دَعَا إِلَى هُدًى)

- ‌(باب الأخذ بالنسة وَاجْتِنَابِ الْبِدَعِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي عالم المدينة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفِقْهِ عَلَى الْعِبَادَةِ)

- ‌40 - كتاب الاستئذان

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إفشاء السلام)

- ‌(بَاب مَا ذُكِرَ فِي فَضْلِ السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أن الا ستئذان ثَلَاثٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ رَدُّ السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَبْلِيغِ السَّلَامِ)

- ‌(باب ما جاء فَضْلِ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ إِشَارَةِ الْيَدِ بِالسَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي السَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي السَّلَامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي)

- ‌(باب ما جاء التسليم عند القيام والقعود)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِئْذَانِ قُبَالَةَ الْبَيْتِ)

- ‌(بَاب مَنْ اطَّلَعَ فِي دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذنهم)

- ‌(بَاب ما جاء التَّسْلِيمِ قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ)

- ‌(باب ما جاء كَرَاهِيَةِ طُرُوقِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ لَيْلًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَتْرِيبِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب ما جاء في تعليم السُّرْيَانِيَّةِ)

- ‌(بَاب فِي مُكَاتَبَةِ الْمُشْرِكِينَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى أَهْلِ الشِّرْكِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خَتْمِ الْكِتَابَ)

- ‌(بَاب كَيْفَ السَّلَامُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّسْلِيمِ عَلَى مَنْ يَبُولُ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يَقُولَ عَلَيْكَ السَّلَامُ مُبْتَدِئًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَالِسِ عَلَى الطَّرِيقِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُصَافَحَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُعَانَقَةِ وَالْقُبْلَةِ)

- ‌(باب ما جاء في قبلة اليد والرجل)

الفصل: ‌(باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص القيامة)

‌35 - أبواب صفة القيامة

بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْن الْحِسَابِ وَالْقِصَاصِ

(بَاب مَا جَاءَ فِي شَأْن الْحِسَابِ وَالْقِصَاصِ القيامة)

[2415]

قَوْلُهُ (مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ) مِنْ مَزِيدَةٌ لِاسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ وَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ (إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ) أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ (وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ (تَرْجُمَانُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَكَزَعْفُرَانٍ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ أَيْ مُفَسِّرٌ لِلْكَلَامِ بِلُغَةٍ عَنْ لُغَةٍ يُقَالُ تَرْجَمْتُ عَنْهُ وَالْفِعْلُ يَدُلُّ عَلَى أَصَالَةِ التَّاءِ

وَفِي التَّهْذِيبِ التَّاءُ أَصْلِيَّةٌ وَلَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ وَالْكَلِمَةُ رَبَاعِيَةٌ (ثُمَّ يَنْظُرُ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ أَيْمَنَ مِنْهُ أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ وَقِيلَ ضَمِيرُ مِنْهُ رَاجِعٌ إِلَى الْعَبْدِ وَالْمَآلِ وَاحِدٌ وَالْمَعْنَى يَنْظُرُ فِي الْجَانِبِ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ (فَلَا يَرَى شَيْئًا إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ) أَيْ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِحِ

وَفِي الْمِشْكَاةِ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ (ثُمَّ يَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ) أَيْ فِي الْجَانِبِ الَّذِي فِي شِمَالِهِ (فَلَا يَرَى شَيْئًا إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ) أَيْ مِنْ عمله السيء وَإِنَّ النَّصْبَ فِي أَيْمَنَ وَأَشْأَمَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْيَمِينُ وَالشِّمَالُ

فَقِيلَ نَظَرُ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ هُنَا كَالْمِثْلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ شَأْنِهِ إِذَا دَهَمَهُ أَمْرٌ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَشِمَالًا يَطْلُبُ الْغَوْثَ

قَالَ الْحَافِظُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الِالْتِفَاتِ أَنَّهُ يَتَرَجَّى أَنْ يَجِدَ طَرِيقَةً يَذْهَبُ فِيهَا لِيَحْصُلَ لَهُ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا يُفْضِي بِهِ إِلَى النَّارِ (ثُمَّ يَنْظُرُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ) قال بن هبيرة

ص: 83

وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّارَ تَكُونُ فِي مَمَرِّهِ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحِيدَ عَنْهَا إِذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْمُرُورِ عَلَى الصِّرَاطِ (وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) أَيْ وَلَوْ بِمِقْدَارِ نِصْفِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا

وَالْمَعْنَى وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا

وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ

قَالَ الْحَافِظُ أَيِ اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا وِقَايَةً مِنَ الصَّدَقَةِ وَعَمَلِ الْبِرِّ وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ) اسْمُهُ سَلَمُ بْنُ جُنَادَةَ بْنِ سَلَمٍ السُّوَائِيُّ بِضَمِّ المهملة بالكوفي ثِقَةٌ رُبَّمَا خَالَفَ مِنَ الْعَاشِرَةِ (فَلْيَحْتَسِبْ) أَيْ فَلْيَطْلُبِ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (فِي إِظْهَارِ هَذَا الْحَدِيثِ بِخُرَاسَانَ) إِنَّمَا خُصَّ وَكِيعٌ بِإِظْهَارِ هَذَا الْحَدِيثِ بِخُرَاسَانَ لِأَنَّهُ كَانَ فِيهَا الْجَهْمِيَّةُ النَّافُونَ لِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى (لِأَنَّ الْجَهْمِيَّةَ يُنْكِرُونَ هَذَا) أَيْ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى

قَالَ الْكَرْمَانِيُّ الْجَهْمِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ يَنْتَسِبُونَ إِلَى جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ مُقَدَّمِ الطَّائِفَةِ الْقَائِلَةِ إِنَّ لَا قُدْرَةَ لِلْعَبْدِ أَصْلًا وَهُمُ الْجَبْرِيَّةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَمَاتَ مَقْتُولًا فِي زَمَنِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ وَلَيْسَ الَّذِي أَنْكَرُوهُ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مَذْهَبَ الْجَبْرِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا الَّذِي أَطْبَقَ السَّلَفُ عَلَى ذَمِّهِمْ بِسَبَبِهِ إِنْكَارُ الصِّفَاتِ حَتَّى قَالُوا إِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ وَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

[2416]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ أَبُو مُحْصَنٍ) الْوَاسِطِيُّ الضَّرِيرُ كُوفِيُّ الْأَصْلِ لَا بَأْسَ بِهِ رُمِيَ بِالنَّصْبِ مِنَ الثَّامِنَةِ (أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ الرَّحَبِيُّ) أَبُو عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ لقيه حَنَشٌ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ ثُمَّ مُعْجَمَةٌ مَتْرُوكٌ من السادسة

ص: 84

قَوْلُهُ (حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله أَنَّثَهُ بِتَأْوِيلِ الْخِصَالِ (عَنْ عُمُرِهِ) بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ الْمِيمُ أَيْ عَنْ مُدَّةِ أَجَلِهِ (فِيمَا أَفْنَاهُ) أَيْ صَرَفَهُ (وَعَنْ شَبَابِهِ) أَيْ قُوَّتِهِ فِي وَسَطِ عُمُرِهِ (فِيمَا أَبْلَاهُ) أَيْ ضَيَّعَهُ وَفِيهِ تَخْصِيصٌ بَعْدَ تَعْمِيمٍ وَإِشَارَةٌ إِلَى الْمُسَامَحَةِ فِي طَرَفَيْهِ مِنْ حَالِ صِغَرِهِ وَكِبَرِهِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ فَإِنْ قُلْتَ هَذَا دَاخِلٌ فِي الْخَصْلَةِ الْأُولَى فَمَا وَجْهُهُ قُلْتُ الْمُرَادُ سُؤَالُهُ عَنْ قُوَّتِهِ وَزَمَانِهِ الَّذِي يَتَمَكَّنُ مِنْهُ عَلَى أَقْوَى الْعِبَادَةِ (وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ) أَيْ أَمِنْ حَرَامٍ أَوْ حَلَالٍ (وَفِيمَا أَنْفَقَهُ) أي طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ (وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ) قال القارىء لَعَلَّ الْعُدُولَ عَنِ الْأُسْلُوبِ لِلتَّفَنُّنِ فِي الْعِبَارَةِ الْمُؤَدِّيَةِ لِلْمَطْلُوبِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ إِنَّمَا غَيَّرَ السُّؤَالَ فِي الْخَصْلَةِ الْخَامِسَةِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَعَنْ عَمَلِهِ مَاذَا عَمِلَ بِهِ

لِأَنَّهَا أَهَمُّ شَيْءٍ وَأَوْلَاهُ وَفِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ الْعِلْمَ مُقَدِّمَةُ الْعَمَلِ وهو لا تعتد بِهِ لَوْلَا الْعَمَلُ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَضَعِيفٌ لِأَنَّ فِي سَنَدِهِ حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ كَمَا عَرَفْتَ وَضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ كَذَا فِي الْمِشْكَاةِ

[2417]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هُوَ الدَّارِمِيُّ صَاحِبُ الْمُسْنَدِ (أَخْبَرَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ) الشَّامِيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيُلَقَّبُ شَاذَانُ ثِقَةٌ من التاسعة

ص: 85

قوله (وعن جسمه فيم أَبْلَاهُ) كَأَنَّهُ مِنْ بَلِيَ الثَّوْبُ وَأَبْلَاهُ كَانَ الشَّبَابُ فِي قُوَّتِهِ كَالثَّوْبِ الْجَدِيدِ فَلَمَّا وَلَّى الشَّبَابُ وَضَعُفَ الْبَدَنُ فَكَأَنَّمَا بَلِيَ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) ذَكَرَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَأَقَرَّ تَصْحِيحَ التِّرْمِذِيِّ (هُوَ مَوْلَى أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُرَيْجٍ بِجِيمَيْنِ وَرَاءٍ مُصَغَّرًا بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ رُبَّمَا وَهَمَ مِنَ الْخَامِسَةِ (وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ اسْمُهُ نَضْلَةُ بْنُ عُبَيْدٍ) صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَغَزَا سَبْعَ غَزَوَاتٍ ثُمَّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَغَزَا خُرَاسَانَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ عَلَى الصَّحِيحِ

[2418]

قَوْلُهُ (أَتَدْرُونَ) أَيْ أَتَعْلَمُونَ وَهَذَا سُؤَالُ إِرْشَادٍ لَا اسْتِعْلَامٍ

وَلِذَلِكَ قَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ كَذَا وَكَذَا (فِينَا) أَيْ فِيمَا بَيْنَنَا (مَنْ لَا دِرْهَمَ) أَيْ مِنْ نَقْدٍ (لَهُ) أَيْ مِلْكًا (وَلَا مَتَاعَ) أَيْ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ النَّقْدُ وَيُتَمَتَّعُ بِهِ مِنَ الْأَقْمِشَةِ وَالْعَقَارِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْعَبِيدِ وَالْمَوَاشِي وَأَمْثَالِ ذَلِكَ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ أَجَابُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بِحَسَبِ عُرْفِ أَهْلِ الدُّنْيَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِينَا غَفَلُوا عَنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَكَانَ حَقُّهُمْ أَنْ يَقُولُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ

لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ كَانَ وَاضِحًا عِنْدَهُ صلى الله عليه وسلم (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُفْلِسُ) أَيِ الْحَقِيقِيُّ أَوِ الْمُفْلِسُ فِي الْآخِرَةِ (مِنْ أُمَّتِي) أَيْ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا فِي الدُّنْيَا بِالدِّرْهَمِ وَالْمَتَاعِ (مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ) أَيْ مَقْبُولَاتٍ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ مَصْحُوبًا بِهَا (وَيَأْتِي) أَيْ وَيَحْضُرُ أَيْضًا (قَدْ شَتَمَ هَذَا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ قَدْ شَتَمَ هذا (وقذف هذا) أي بالزنى وَنَحْوِهِ (وَأَكَلَ مَالَ هَذَا) أَيْ بِالْبَاطِلِ (وَسَفَكَ دَمَ هَذَا) أَيْ

ص: 86

أَرَاقَ دَمَ هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ (وَضَرَبَ هَذَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ أَوْ زِيَادَةً عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ وَالْمَعْنَى جَمَعَ بَيْنَ تِلْكَ الْعِبَادَاتِ وَهَذِهِ السَّيِّئَاتِ (فَيَقْعُدُ) أَيِ الْمُفْلِسُ (فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ) أَيْ يَأْخُذُ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ قِصَاصًا

قَالَ النَّوَوِيُّ يَعْنِي حَقِيقَةَ الْمُفْلِسِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ

وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَمَنْ قَلَّ مَالُهُ فَالنَّاسُ يُسَمُّونَهُ مُفْلِسًا وَلَيْسَ هَذَا حَقِيقَةَ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَزُولُ وَيَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِ وَرُبَّمَا انْقَطَعَ بِيَسَارٍ يَحْصُلُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ يَهْلَكُ الْهَلَاكَ التَّامَّ

قَالَ الْمَازِرِيُّ زَعَمَ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وَهُوَ بَاطِلٌ وَجَهَالَةٌ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا عُوقِبَ بِفِعْلِهِ وَوِزْرِهِ فَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ حُقُوقٌ لِغُرَمَائِهِ فَدُفِعَتْ إِلَيْهِمْ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَلَمَّا فَرَغَتْ حَسَنَاتُهُ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ خُصُومِهِ فَوُضِعَتْ عَلَيْهِ

فَحَقِيقَةُ الْعُقُوبَةِ مسبة عَنْ ظُلْمِهِ وَلَمْ يُعَاقَبْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مِنْهُ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

[2419]

قَوْلُهُ (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ النُّونِ مُصَغَّرًا الْغَنَوِيِّ أَبِي أُسَامَةَ الْجَزَرِيِّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ

قَوْلُهُ (كَانَتْ لِأَخِيهِ) أَيْ فِي الدِّينِ (عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَيُفْتَحُ اسْمُ مَا أَخَذَهُ الظَّالِمُ أَوْ تَعَرَّضَ لَهُ (فِي عِرْضٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ هُوَ مَوْضِعُ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِنَ الْإِنْسَانِ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِهِ أَوْ سَلَفِهِ أَوْ مَنْ يَلْزَمُهُ أَمْرُهُ

وَقِيلَ هُوَ جَانِبُهُ الَّذِي يَصُونَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَنَسَبِهِ وَحَسَبِهِ وَيُحَامِي عَنْهُ أَنْ يُنْتَقَصَ وَيُثْلَبَ

وَقِيلَ نَفْسُهُ وَبَدَنُهُ لَا غَيْرُ (فَجَاءَهُ) أَيْ جَاءَ الظَّالِمُ الْمَظْلُومَ (فَاسْتَحَلَّهُ)

قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ تَحَلَّلْتَهُ وَاسْتَحْلَلْتَهُ إِذَا سَأَلْتَهُ أَنْ يَجْعَلَكَ فِي حِلٍّ (قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ

أَيْ تُقْبَضَ رُوحُهُ (وَلَيْسَ ثَمَّ) أَيْ هُنَاكَ يَعْنِي فِي الْقِيَامَةِ (دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ) يقضي بِهِ (فَإِنْ كَانَتْ لَهُ

ص: 87

حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ) أَيْ فَيُوَفَّى مِنْهَا لِصَاحِبِ الْحَقِّ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ) أَوْ لَمْ تَفِ بِمَا عَلَيْهِ (حَمَلُوا عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ) أَيْ أَلْقَى أَصْحَابُ الْحُقُوقِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ ثُمَّ يُقْذَفُ فِي النَّارُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ

[2420]

قَوْلُهُ (لَتُؤَدَّنَّ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ

قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ هو على بناء المجهول والحقوق مَرْفُوعٌ هَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ الْمُعْتَدُّ بِهَا وَيَزْعُمُ بَعْضُهُمْ ضَمَّ الدَّالَ وَنَصْبَ الْحُقُوقِ وَالْفِعْلُ مُسْنَدٌ إِلَى الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِهِ وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ انْتَهَى (حَتَّى تُقَادَ الشَّاةُ الْجَلْحَاءُ) بِالْمَدِّ هِيَ الْجَمَّاءُ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا (مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ) أَيِ الَّتِي لَهَا قَرْنٌ

قَالَ النَّوَوِيُّ الْجَلْحَاءُ بِالْمَدِّ هِيَ الْجَمَّاءُ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا وَالْقَرْنَاءُ ضِدُّهَا وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِحَشْرِ الْبَهَائِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِعَادَتِهَا كَمَا يُعَادُ أَهْلِ التَّكْلِيفِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ

وَعَلَى هَذَا تَظَاهَرَتْ دَلَائِلُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى جل جلاله وَلَا إِلَهَ غيره (وإذا الوحوش حشرت) وَإِذَا وَرَدَ لَفْظُ الشَّرْعِ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ إِجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ شَرْعٌ وَلَا عَقْلٌ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ

قَالُوا وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْحَشْرِ وَالْإِعَادَةِ فِي الْقِيَامَةِ الْمُجَازَاةُ وَالْعِقَابُ وَالثَّوَابُ

وَأَمَّا الْقِصَاصُ مِنَ الْقَرْنَاءِ لِلْجَلْحَاءِ فَلَيْسَ مِنْ قِصَاصِ التَّكْلِيفِ بَلْ هُوَ قِصَاصُ مُقَابَلَةٍ انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ) أَخْرَجَ حَدِيثَهُمَا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ

قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وأخرجه مسلم

ص: 88

2 -

باب [2421] قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي سُلَيْمُ) بِالتَّصْغِيرِ (بْنُ عَامِرٍ) الْكَلَاعِيُّ وَيُقَالُ الْخَبَائِرِيُّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ أَبُو يَحْيَى الْحِمْصِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ غَلِطَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (أَخْبَرَنَا الْمِقْدَادُ) بْنُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْبَهْرَانِيُّ ثُمَّ الْكِنْدِيُّ ثُمَّ الزُّهْرِيُّ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ مِنَ السَّابِقِينَ

قَوْلُهُ (أُدْنِيَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِدْنَاءِ أَيْ قُرِّبَتْ (الشَّمْسُ) أَيْ جُرْمُهَا (حَتَّى يَكُونَ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى تَكُونَ بِالتَّأْنِيثِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قِيدَ مِيلٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ قَدْرَ مِيلٍ

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ كَمِقْدَارِ مِيلٍ (أَوِ اثْنَتَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي أَيْ أَوْ مِيلَيْنِ (لَا أَدْرِي أَيُّ الْمِيلَيْنِ عَنَى) أَيْ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ الشِّيخُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي اللُّمَعَاتِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِيلُ الْفَرْسَخِ وَكَفَى ذَلِكَ فِي تَعْذِيبِهِمْ وَإِيذَائِهِمْ

وَأَمَّا احْتِمَالُ إِرَادَةِ مِيلِ الْمُكْحُلَةِ فَبَعِيدٌ (فَتَصْهَرُهُمُ الشَّمْسُ) أَيْ تُذِيبُهُمْ مِنَ الصَّهْرِ وَهُوَ الْإِذَابَةُ مِنْ فَتَحَ يَفْتَحُ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى حَقْوَيْهِ) الْحَقْوُ الْخَصْرُ وَمِشَدُّ الْإِزَارِ (وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ إِلْجَامًا) الْإِلْجَامُ إِدْخَالُ اللِّجَامِ فِي الْفَمِ

وَالْمَعْنَى يَصِلُ الْعَرَقُ إِلَى فَمِهِ فَيَمْنَعُهُ مِنَ الْكَلَامِ كَاللِّجَامِ كَذَا فِي المجمع

قال بن الْمَلَكِ إِنْ قُلْتَ إِذَا كَانَ الْعَرَقُ كَالْبَحْرِ يُلْجِمُ الْبَعْضَ فَكَيْفَ يَصِلُ إِلَى كَعْبِ الْآخَرِ قُلْنَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى ارْتِفَاعًا فِي الْأَرْضِ تَحْتَ أَقْدَامِ الْبَعْضِ أَوْ يُقَالُ يُمْسِكُ اللَّهُ تَعَالَى عَرَقَ كُلِّ إِنْسَانٍ بِحَسَبِ عَمَلِهِ فَلَا يَصِلُ إِلَى غَيْرِهِ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا أَمْسَكَ جِرْيَةَ الْبَحْرِ لِمُوسَى عليه الصلاة والسلام

قال القارىء الْمُعْتَمَدُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَخِيرُ فَإِنَّ أَمْرَ الْآخِرَةِ كُلَّهُ عَلَى وَفْقِ خَرْقِ الْعَادَةِ

أَمَا تَرَى أَنَّ شَخْصَيْنِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ يُعَذَّبُ أَحَدُهُمَا وَيُنَعَّمُ الْآخَرُ وَلَا يَدْرِي أَحَدُهُمَا عَنْ غَيْرِهِ انْتَهَى

وَقَالَ الْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنَّ

ص: 89

الْمُرَادَ عَرَقُ نَفْسِهِ وَعَرَقُ غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ عَرَقُ نَفْسِهِ خَاصَّةً

وَسَبَبُ كَثْرَةِ الْعَرَقِ تَرَاكُمُ الْأَهْوَالِ ودنو الشمس من رؤوسهم وَزَحْمَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أبي سعيد وبن عُمَرَ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ

وَأَمَّا حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ

[2422]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ) بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بن زِيَادٍ ثِقَةٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ

قَوْلُهُ (قَالَ حَمَّادٌ وَهُوَ عِنْدَنَا مَرْفُوعٌ) يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ صَرِيحًا لَكِنَّهُ مَرْفُوعٌ حُكْمًا (يَوْمَ يقوم الناس) أي من قبورهم (لرب العالمين) أَيْ لِأَجْلِ أَمْرِهِ وَحِسَابِهِ وَجَزَائِهِ (قَالَ يَقُومُونَ فِي الرَّشْحِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ

قَالَ فِي النِّهَايَةِ الرَّشْحُ الْعَرَقُ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْبَدَنِ شَيْئًا فَشَيْئًا كَمَا يَرْشَحُ الْإِنَاءُ الْمُتَخَلْخِلُ الْأَجْزَاءِ (إِلَى أَنْصَافِ آذَانِهِمْ) وفي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ

حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

ص: 90