الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتُعْمِلَتْ فِيمَا هِيَ لَهُ وَالْبَطْنُ خُلِقَ لِأَنْ يَتَقَوَّمَ بِهِ الصُّلْبُ بِالطَّعَامِ وَامْتِلَاؤُهُ يُفْضِي إِلَى الْفَسَادِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا فَيَكُونُ شَرًّا مِنْهَا (بحسب بن آدَمَ) مُبْتَدَأٌ أَوِ الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ يَكْفِيهِ وَقَوْلُهُ (أُكُلَاتٌ) بِضَمَّتَيْنِ خَبَرُهُ نَحْوُ قَوْلِهِ بِحَسْبِكَ دِرْهَمٌ وَالْأُكْلَةُ بِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ أَيْ يَكْفِيهِ هَذَا الْقَدْرُ فِي سَدِّ الرَّمَقِ وَإِمْسَاكِ الْقُوَّةِ (يُقِمْنَ) مِنَ الْإِقَامَةِ (صُلْبَهُ) أَيْ ظَهْرَهُ تَسْمِيَةً لِلْكُلِّ بِاسْمِ جُزْئِهِ كِنَايَةً عَنْ أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ مَا يَحْفَظُهُ مِنَ السُّقُوطِ وَيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ (فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيُضَمُّ أَيْ إِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ التَّجَاوُزِ عَمَّا ذَكَرَ فَلْتَكُنْ أَثْلَاثًا (فَثُلُثٌ) أَيْ فَثُلُثٌ يَجْعَلُهُ (لِطَعَامِهِ) أَيْ مَأْكُولِهِ (وَثُلُثٌ) يَجْعَلُهُ (لِشَرَابِهِ) أَيْ مَشْرُوبِهِ (وَثُلُثٌ) يَدَعُهُ (لِنَفَسِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ يُبْقِي مِنْ مِلْئِهِ قَدْرَ الثُّلُثِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ التَّنَفُّسِ وَيَحْصُلُ لَهُ نَوْعُ صَفَاءٍ وَرِقَّةٍ وَهَذَا غَايَةُ مَا اخْتِيرَ لِلْأَكْلِ وَيَحْرُمُ الْأَكْلُ فَوْقَ الشِّبَعِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله أَيِ الْحَقُّ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ عَمَّا يُقَامُ بِهِ صُلْبُهُ لِيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنْ أَرَادَ الْبَتَّةَ التَّجَاوُزَ فَلَا يَتَجَاوَزُ عَنِ الْقَسْمِ الْمَذْكُورِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ
0 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ)
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الرِّيَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمَدِّ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ إِظْهَارُ الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهَا فَيَحْمَدُوا صَاحِبَهَا وَالسُّمْعَةُ بضم المهملة وسكون الميم مشقة مِنْ سَمِعَ وَالْمُرَادُ بِهَا نَحْوُ مَا فِي الرِّيَاءِ لَكِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِحَاسَّةِ السَّمْعِ
وَالرِّيَاءُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ انْتَهَى
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ الرِّيَاءُ مُشْتَقٌّ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَالسُّمْعَةُ مِنَ السَّمَاعِ وَإِنَّمَا الرِّيَاءُ أَصْلُهُ طَلَبُ الْمَنْزِلَةِ فِي قُلُوبِ النَّاسِ بإرائهم الخصال المحمودة
فحد الرياء هو إراؤة الْعِبَادَةِ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْمُرَائِي هُوَ الْعَابِدُ وَالْمُرَاءَى لَهُ هُوَ النَّاسُ وَالْمُرَاءَى بِهِ هُوَ الخصال الحميدة
والرياء هوقصد إِظْهَارِ ذَلِكَ
(مَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ)[2381] بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْفِعْلَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ وَالْمَعْنَى مَنْ يَعْمَلُ عَمَلًا لِيَرَاهُ النَّاسُ فِي الدُّنْيَا يُجَازِيهِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِأَنْ يُظْهِرَ رِيَاءَهُ عَلَى الْخَلْقِ (وَمَنْ يُسَمِّعْ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لِلسُّمْعَةِ بِأَنْ نَوَّهَ بِعَمَلِهِ وَشَهَرَهُ لِيَسْمَعَ النَّاسُ بِهِ وَيَمْتَدِحُوهُ (يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْضًا أَيْ شَهَرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعَرَصَاتِ وَفَضَحَهُ على رؤوس الْأَشْهَادِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا عَلَى غَيْرِ إِخْلَاصٍ وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْمَعُوهُ جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُشْهِرَهُ اللَّهُ وَيَفْضَحَهُ وَيُظْهِرَ مَا كَانَ يُبْطِنُهُ
وَقِيلَ مَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ الْجَاهَ وَالْمَنْزِلَةَ عِنْدَ النَّاسِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ يجعله حديثا عند الناس الذين أراد ونيل الْمَنْزِلَةِ عِنْدَهُمْ وَلَا ثَوَابَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ
وَمَعْنَى يُرَائِي بِهِ يُطْلِعُهُمْ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لَهُمْ لَا لِوَجْهِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إليهم أعمالهم فيها) إِلَى قَوْلِهِ (مَا كَانُوا يَعْلَمُونَ) وَقِيلَ الْمُرَادُ مَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ أَنْ يَسْمَعَهُ النَّاسُ وَيَرَوْهُ لِيُعَظِّمُوهُ وَتَعْلُو مَنْزِلَتُهُ عِنْدَهُمْ حَصَلَ لَهُ مَا قَصَدَ وَكَانَ ذَلِكَ جَزَاؤُهُ عَلَى عَمَلِهِ وَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ
وَقِيلَ الْمَعْنَى مَنْ سَمِعَ بِعُيُوبِ النَّاسِ وَأَذَاعَهَا أَظْهَرَ اللَّهُ عُيُوبَهُ وَسَمَّعَهُ الْمَكْرُوهَ
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ إِخْفَاءِ العمل الصالح لكن قد يستحب إظهار مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عَلَى إِرَادَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَيُقَدَّرُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ لَا يَرْحَمُهُ اللَّهُ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ رَحْمَةِ النَّاسِ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ جُنْدُبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) أَمَّا حَدِيثُ جُنْدُبٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ
بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ مَسَامِعَ خَلْقِهِ وَصَغَّرَهُ وَحَقَّرَهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِأَسَانِيدَ أَحَدُهَا صَحِيحٌ وَالْبَيْهَقِيُّ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وأخرجه أحمد وبن مَاجَهْ إِلَّا الْفَصْلَ الْأَخِيرَ
[2382]
قَوْلُهُ (أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ) التُّجِيبِيَّ الْمِصْرِيَّ الْقَاصَّ إِمَامَ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ بِمِصْرَ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ (أَنَّ شُفَيًّا الْأَصْبَحِيَّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ شُفَيُّ بِالْفَاءِ مُصَغَّرًا بن مَاتِعٍ بِمُثَنَّاةٍ الْأَصْبَحِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ أَرْسَلَ حَدِيثًا فَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الصَّحَابَةِ خَطَأً
مَاتَ فِي خِلَافَةِ هِشَامٍ قَالَهُ خَلِيفَةُ انْتَهَى
قَوْلُهُ (أَنَّهُ) أَيْ شُفَيًّا (فَلَمَّا سَكَتَ) أَيْ عَنِ التَّحْدِيثِ (وَخَلَا) أَيْ بَقِيَ مُنْفَرِدًا (وَأَسَالُكَ بِحَقِّ وَبِحَقِّ) التَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ
وَالْمَعْنَى أَسْأَلُكَ حَقًّا غَيْرَ بَاطِلٍ (لَمَّا حَدَّثَتْنِي حَدِيثًا) كَلِمَةُ لما ها هنا بِمَعْنَى أَلَّا
قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَلَمَّا يَكُونُ بمعنى حين ولم الْجَازِمَةِ وَأَلَّا وَإِنْكَارُ الْجَوْهَرِيِّ كَوْنَهُ بِمَعْنَى أَلَّا غير جيد
يقال سألتك كما فَعَلْتَ أَيْ أَلَّا فَعَلْتَ وَمِنْهُ
(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ)(وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جميع لدينا محضرون) انْتَهَى (ثُمَّ نَشَغَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ شَهِقَ حَتَّى كَادَ يُغْشَى عَلَيْهِ أَسَفًا أَوْ خَوْفًا قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ
وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ النَّشَغُ فِي الْأَصْلِ الشَّهِيقُ حَتَّى يَكَادَ يَبْلُغُ بِهِ الْغَشْيُ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ الْإِنْسَانُ ذَلِكَ تَشَوُّقًا إِلَى
شَيْءٍ فَائِتٍ وَأَسَفًا عَلَيْهِ وَمِنْهُ
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَنَشَغَ نَشْغَةً أَيْ شَهِقَ وَغُشِيَ عَلَيْهِ انْتَهَى (مَالَ خَارًّا) مِنَ الْخُرُورِ أَيْ سَاقِطًا (فَأَسْنَدْتُهُ)
قَالَ فِي الصُّرَاحِ إِسْنَادُ تكية دادن جيزي رايجيزي (وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ جَثَا كَدَعَا وَرَمَى جُثُوًّا وَجُثِيًّا بِضَمِّهِمَا جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ قَامَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ انْتَهَى (يَدْعُو) أَيِ اللَّهَ تَعَالَى (بِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَنْ (رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ) أَيْ حَفِظَهُ (قُتِلَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فَمَاذَا عَمِلْتَ) مِنَ الْعَمَلِ (فِيمَا عَلِمْتَ) مِنَ الْعِلْمِ (كُنْتُ أَقُومُ بِهِ) أَيْ بِالْقُرْآنِ (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ) أَيْ سَاعَاتِهِمَا
قَالَ الْأَخْفَشُ وَاحِدُهَا إِنًى مثل معى وقيل واحدها إنى وإنو وَإِنْوٌ يُقَالُ مَضَى مِنَ اللَّيْلِ إِنْوَانٌ وَإِنْيَانٌ (فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ) أَيْ ذَلِكَ الْقَوْلُ فَحَصَلَ مَقْصُودُكَ وَغَرَضُكَ (أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكُ) أَيْ أَلَمْ أُكْثِرْ مَالَكَ (حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ) أَيْ لَمْ أَتْرُكْكَ مِنْ وَدَعْ يَدَعُ (جَوَادٌ) أَيْ سَخِيٌّ كريم (جريئي) فعيل من الجرة فَهُوَ مَهْمُوزٌ وَقَدْ يُدْغَمُ أَيْ شُجَاعٌ (تُسَعَّرُ) مِنَ التَّسْعِيرِ أَيْ تُوقَدُ
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تغليظ
تَحْرِيمِ الرِّيَاءِ وَشِدَّةِ عُقُوبَتِهِ وَعَلَى الْحَثِّ عَلَى وُجُوبِ الْإِخْلَاصِ فِي الْأَعْمَالِ كَمَا قَالَ تَعَالَى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدين) وَفِيهِ أَنَّ الْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةَ فِي فَضْلِ الْجِهَادِ وَإِنَّمَا هِيَ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى بِذَلِكَ مُخْلِصًا وَكَذَلِكَ الثَّنَاءُ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَعَلَى الْمُنْفِقِينَ فِي وُجُوهِ الْخَيْرَاتِ كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى مُخْلِصًا (وَحَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ الْعَلَاءُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ يَحْيَى الشَّامِيُّ سَيَّافُ مُعَاوِيَةَ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ (قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ) أَيِ القارىء وَالشَّهِيدِ وَالْجَوَادِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْحَدِيثِ (مَنْ كَانَ يريد الحياة الدنيا وزينتها) يَعْنِي بِعَمَلِهِ الَّذِي يَعْمَلُهُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ
نَزَلَتْ فِي كُلِّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا يَبْتَغِي بِهِ غَيْرَ اللَّهِ عز وجل (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أعمالهم فيها) يَعْنِي أُجُورَ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي عَمِلُوهَا لِطَلَبِ الدُّنْيَا وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يُوَسِّعُ عَلَيْهِمُ الرِّزْقَ وَيَدْفَعُ عَنْهُمُ الْمَكَارِهَ فِي الدُّنْيَا وَنَحْوَ ذلك (وهم فيها لا يبخسون) أَيْ لَا يُنْقَصُونَ مِنْ أُجُورِ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي عَمِلُوهَا لِطَلَبِ الدُّنْيَا بَلْ يُعْطَوْنَ أُجُورَ أَعْمَالِهِمْ كَامِلَةً مَوْفُورَةً (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا) أَيْ وَبَطَلَ مَا عَمِلُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ أعمال البر (وباطل ما كانوا يعملون) لِأَنَّهُ لِغَيْرِ اللَّهِ
وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمَعْنِيِّ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهَا فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ
وَقَالَ الضَّحَّاكُ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فِي غَيْرِ تَقْوَى يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ أُعْطِيَ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا فِي الدُّنْيَا وَهُوَ أَنْ يَصِلَ رَحِمًا أَوْ يُعْطِيَ سَائِلًا أَوْ يَرْحَمَ مُضْطَرًّا أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَيُعَجِّلُ اللَّهُ لَهُ ثَوَابَ عَمَلِهِ فِي الدُّنْيَا يُوَسِّعُ عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ وَالرِّزْقِ وَيُقِرُّ عَيْنَهُ فِيمَا حَوْلَهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ الْمَكَارِهَ فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ سِيَاقُ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) الْآيَةَ
وَهَذِهِ حَالَةُ الْكَافِرِ فِي الْآخِرَةِ
وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ بِغَزْوِهِمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْغَنَائِمَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ ثَوَابَ
الْآخِرَةِ
وَقِيلَ إِنَّ حَمْلَ الْآيَةِ عَلَى الْعُمُومِ أَوْلَى فَيَنْدَرِجُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي يَأْتِي بِالطَّاعَاتِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ عَلَى وَجْهِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ
قَالَ مُجَاهِدٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُمْ أَهْلُ الرِّيَاءِ وَهَذَا الْقَوْلُ مُشْكِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ سبحانه وتعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لهم في الاخرة إلا النار) لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُؤْمِنِ إِلَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّ تِلْكَ الْأَعْمَالَ الْفَاسِدَةَ وَالْأَفْعَالَ الْبَاطِلَةَ لَمَّا كَانَتْ لِغَيْرِ اللَّهِ اسْتَحَقَّ فَاعِلُهَا الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ كَذَا فِي تَفْسِيرِ الْخَازِنِ
قوله (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ
[2383]
قَوْلُهُ (عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ) بِفَتْحِ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ تَحْتِيَّةٍ (الضَّبِّيِّ) بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ الْكُوفِيِّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ وَكَانَ عَابِدًا مِنَ التَّاسِعَةِ عَنْ (أَبِي مَعَانٍ الْبَصْرِيِّ) فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ أَبُو مُعَاذٍ وَيُقَالُ أَبُو مَعَانٍ وَهُوَ أَصَحُّ بَصْرِيٌّ عَنْ أَنَسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعَنْهُ عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ الضَّبِّيُّ
وَفِي الْمِيزَانِ لَا يُعْرَفُ وَفِي التَّقْرِيبِ مَجْهُولٌ مِنَ السادسة (عن بن سِيرِينَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنَسَ بْنَ سِيرِينَ
قَوْلُهُ (تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحَزَنِ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْجُبُّ بِالضَّمِّ الْبِئْرُ غَيْرُ الْمَطْوِيِّ وَجُبُّ الْحَزَنِ عَلَمٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ كَدَارِ السَّلَامِ إِذْ فِيهِ السَّلَامَةُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وحزن انتهى (مائة مرة) وفي رواية بن ماجه أربع مائة مرة (القراوؤن) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْقُرَّاءُ كَرُمَّانٍ النَّاسِكُ الْمُتَعَبِّدُ كالقارىء والمتقرىء والجمع قراؤون وقراريء انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ
أَبُو مَعَانٍ وهو مجهول كما عرفت والحديث أخرجه بن ماجه أيضا
41 -
باب [2384] قوله (اخبرنا أبو داود) هو الطيالسي (حدثنا أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ) هُوَ الْأَصْغَرُ وَيَأْتِي تَرْجَمَتُهُ وَتَرْجَمَةُ أَبِي سِنَانٍ الْأَكْبَرِ فِي بَابِ كَمْ وصف أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ
قَوْلُهُ (فَيَسُرُّهُ) مِنَ الْإِسْرَارِ أَيْ فَيُخْفِيهِ (فَإِذَا اطُّلِعَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَقَوْلُهُ الرَّجُلُ يَعْمَلُ إِلَى قَوْلِهِ أَعْجَبَهُ إِخْبَارٌ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِخْبَارِ يَعْنِي هَلْ تَحْكُمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ رِيَاءٌ أَمْ لَا (أجر السر) ي لإخلاصه (وأجره الْعَلَانِيَةِ) أَيْ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ أَوْ لِفَرَحِهِ بِالطَّاعَةِ وَظُهُورِهَا مِنْهُ
قَوْلُهُ (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِ فَأَعْجَبَهُ رَجَاءَ أَنْ يَعْمَلَ بِعَمَلِهِ فَتَكُونُ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ) وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا (فَهَذَا لَهُ مَذْهَبٌ أَيْضًا) أَيْ هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي أَيْضًا صَحِيحٌ يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَيْهِ وَيَخْتَارَ