الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً) أَيْ عَظِيمَةً (مجوفة) أي واسعة الجوف (عرضها) وفي رِوَايَةٍ طُولُهَا وَيَتَحَصَّلُ بِالرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ طُولَهَا وَعَرْضَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتُّونَ مِيلًا (فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ) أَيْ مِنَ الزَّوَايَا الْأَرْبَعِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ تِلْكَ الْخَيْمَةِ (أَهْلٌ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَهْلٌ لِلْمُؤْمِنِ (لَا يَرَوْنَ) أَيْ ذَلِكَ الْأَهْلُ وَجُمِعَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ (الْآخَرِينَ) أَيِ الْجَمْعَ الْآخَرِينَ مِنَ الْأَهْلِ الْكَائِنِينَ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ) أَيْ يَدُورُ عَلَى جَمِيعِهِمْ (الْمُؤْمِنُ) قِيلَ إِنَّ الْمَعْنَى يُجَامِعُ الْمُؤْمِنُ الْأَهْلَ وَأَنَّ الطَّوَافَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْمُجَامَعَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا
(بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ)
[2529]
قَوْلُهُ (فِي الْجَنَّةِ مائة درجة) قال بن الملك المراد بالمائة ها هنا الكثرة وبالدرجة المرقاة
قال القارىء الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّرَجَاتِ الْمَرَاتِبُ الْعَالِيَةُ قَالَ تعالى لهم درجات عند ربهم أَيْ ذَوُو دَرَجَاتٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ مِنَ الطَّاعَاتِ كَمَا أَنَّ أَهْلَ النَّارِ أَصْحَابُ دَرَكَاتٍ مُتَسَافِلَةٍ لِقَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ فِي شِدَّةِ الْكُفْرِ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسفل من النار (مِائَةَ عَامٍ) أَيْ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ
قَالَ المناوي وفي
رِوَايَةٍ خَمْسَمِائَةٍ وَفِي أُخْرَى أَكْثَرُ وَأَقَلُّ وَلَا تَعَارُضَ لِاخْتِلَافِ السَّيْرِ فِي السُّرْعَةِ وَالْبُطْءِ وَالْبَيْنُ ذُكِرَ تَقْرِيبًا لِلْأَفْهَامِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ انْتَهَى
[2530]
قَوْلُهُ (لَا أَدْرِي أَذَكَرَ الزَّكَاةَ أَمْ لَا) الظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَهُ لَا أَدْرِي هُوَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَفَاعِلُ ذَكَرَ هُوَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ (إِلَّا كَانَ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ بِزِيَادَةِ إِلَّا قَبْلَ كَانَ وَلَا يَسْتَقِيمُ معناها ها هنا فَهِيَ زَائِدَةٌ وَقَدْ تَكُونُ هِيَ زَائِدَةً كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ حَرَاجِيجُ مَا تَنْفَكُّ إِلَّا مُنَاخَةً عَلَى الْخَسْفِ أَوْ تَرْمِي بِهَا بَلَدًا قَفْرَا كَذَا فِي الْقَامُوسِ
وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَتِهِ لَفْظُ إِلَّا (حَقًّا عَلَى اللَّهِ) أَيْ بِوَعْدِهِ الصَّادِقِ (أَلَا أُخْبِرُ بِهَا النَّاسَ) حَتَّى يَفْرَحُوا بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ (ذَرِ النَّاسَ) أَيْ اُتْرُكْهُمْ بِلَا بِشَارَةٍ (يَعْمَلُونَ) أَيْ يَجْتَهِدُونَ فِي زِيَادَةِ الْعِبَادَةِ وَلَا يَتَّكِلُونَ عَلَى هَذَا الْإِجْمَالِ (فَإِنَّ في الجنة مائة درجة) قال القارىء يمكن أن يراه بِهِ الْكَثْرَةُ لِمَا وَرَدَ مِنْ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ عن عائشة رضي الله عنها مَرْفُوعًا عَدَدُ دَرَجِ الْجَنَّةِ عَدَدُ آيِ الْقُرْآنِ فَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ دَرَجَةٌ
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا فَيَكُونُ بَيَانَ أَقَلِّ مَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ أَنْوَاعِ السَّعَةِ وَأَصْنَافِ النِّعْمَةِ (وَالْفِرْدَوْسُ) قَالَ الْحَافِظُ الْفِرْدَوْسُ هُوَ الْبُسْتَانُ الَّذِي يَجْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي فِيهِ الْعِنَبُ وَقِيلَ هُوَ بِالرُّومِيَّةِ وَقِيلَ بِالْقِبْطِيَّةِ وَقِيلَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْفِرْدَوْسُ الْأَوْدِيَةُ الَّتِي تُنْبِتُ ضُرُوبًا مِنَ النَّبْتِ وَالْبُسْتَانُ يَجْمَعُ كُلَّ مَا يَكُونُ فِي الْبَسَاتِينِ يَكُونُ فيه الكروم وقد يؤنث عربية أورومية نُقِلَتْ أَوْ سُرْيَانِيَّةٌ انْتَهَى (أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُهَا) أَيْ أَعْدَلُهَا وَأَفْضَلُهَا وَأَوْسَعُهَا وَخَيْرُهَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ
قَالَ الطِّيبِيُّ النُّكْتَةُ فِي
الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَعْلَى وَالْأَوْسَطِ أَنَّهُ أَرَادَ بِأَحَدِهِمَا الْحِسِّيَّ وَبِالْآخَرِ الْمَعْنَوِيَّ
فَإِنَّ وَسَطَ الشَّيْءِ أَفْضَلُهُ وَخِيَارُهُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ يَتَسَارَعُ إليها الخلل والأوساط محمية محفوظة
وقال بن حِبَّانَ الْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ السِّعَةُ وَبِالْأَعْلَى الْفَوْقِيَّةُ (وَمِنْهَا) أَيْ مِنَ الْفِرْدَوْسِ (تُفَجَّرُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ تشقق وَتُجْرَى (أَنْهَارُ الْجَنَّةِ) أَيْ أُصُولُ الْأَنْهَارِ الْأَرْبَعَةِ مِنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَالْخَمْرِ وَالْعَسَلِ (فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ) أَيِ الْجَنَّةَ (فَاسْأَلُوهُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَسَلُوهُ بِالتَّخْفِيفِ وَالنَّقْلِ أَيْ فَاطْلُبُوا مِنْهُ (الْفِرْدَوْسَ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا وَأَعْلَاهَا
قَوْلُهُ (هَكَذَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَهَذَا عِنْدِي أَصَحُّ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ رَوَاهُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَقَالَ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَرَجَّحَ رِوَايَةَ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِرِوَايَةِ هِلَالٍ مَعَ أَنَّ بَيْنَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَمُعَاذٍ انْقِطَاعًا انْتَهَى
[2531]
قَوْلُهُ (وَالْفِرْدَوْسُ) أَيِ الْجَنَّةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْفِرْدَوْسِ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون إِلَى قَوْلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يرثون الفردوس (أَعْلَاهَا) أَيْ أَعْلَى سَائِرِ الْجِنَانِ (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ (تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ الْأَرْبَعَةُ) بالرفع صفة