الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَمِعَهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ سَعَى فِي نَضَارَةِ الْعِلْمِ وَتَجْدِيدِ السُّنَّةِ فَجَازَاهُ بِالدُّعَاءِ بِمَا يُنَاسِبُ حَالَهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى شَرَفِ الْحَدِيثِ وَفَضْلِهِ وَدَرَجَةِ طُلَّابِهِ حَيْثُ خَصَّهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِدُعَاءٍ لَمْ يُشْرِكْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَحِفْظِهِ وَتَبْلِيغِهِ فَائِدَةٌ سِوَى أَنْ يَسْتَفِيدَ بَرَكَةَ هَذِهِ الدَّعْوَةِ الْمُبَارَكَةِ لَكَفَى ذَلِكَ فَائِدَةً وغنما وجل من الدَّارَيْنِ حَظًّا وَقَسَمًا
وَقَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ اخْتُلِفَ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى وَإِلَى جَوَازِهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَقَالَ مُجَاهِدٌ انْقُصْ مِنَ الْحَدِيثِ مَا شِئْتَ وَلَا تَزِدْ وَقَالَ سُفْيَانُ إِنْ قُلْتُ حَدَّثْتُكُمْ كَمَا سَمِعْتُ فَلَا تُصَدِّقُونِي فَإِنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى وَقَالَ وَكِيعٌ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَعْنَى وَاسِعًا فَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ وَقَالَ أيوب عن بن سِيرِينَ كُنْتُ أَسْمَعُ الْحَدِيثَ عَنْ عَشَرَةٍ وَاللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى اتِّبَاعِ اللفظ منهم بن عمر وهو قول القاسم بن محمد وبن سيرين ومالك بن أنس وبن عُيَيْنَةَ
وَقَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى حَرَامٌ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَجَائِزَةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهَا انْتَهَى
قُلْتُ مَسْأَلَةُ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى مَبْسُوطَةٌ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْحَدِيثِ عَلَيْكَ أَنْ تراجعها (فرب) للتقليل وَقَدْ تَرِدُ لِلتَّكْثِيرِ (مُبَلَّغٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَأَوْعَى نَعْتٌ لَهُ وَالَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ رُبَّ مَحْذُوفٌ وَتَقْدِيرُهُ يُوجَدُ أَوْ يَكُونُ وَيَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ فِي أَنَّ رُبَّ اسْمٌ أَنَّ تَكُونُ هِيَ مُبْتَدَأٌ وَأَوْعَى الْخَبَرُ فَلَا حَذْفَ وَلَا تَقْدِيرَ وَالْمُرَادُ رُبَّ مُبَلَّغٍ عَنِّي أَوْعَى أَيْ أَفْهَمُ لِمَا أَقُولُ مِنْ سَامِعٍ مِنِّي وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مِنْدَهْ فِي رِوَايَتِهِ من طريق هوذة عن بن عَوْنٍ وَلَفْظُهُ فَإِنَّهُ عَسَى أَنَّ بَعْضَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ أَوْعَى لِمَا أَقُولُ مِنْ بَعْضِ مَنْ شَهِدَ
قَوْلُهُ (قَوْلُهُ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن ماجة وبن حبان
قال المناوي وإسناده صحيح
(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْظِيمِ الْكَذِبِ عَلَى رسول الله)
صلى الله عليه وسلم [2659] قوله (أخبرنا عاصم) هو بن بَهْدَلَةَ (عَنْ زِرِّ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وهو بن حبيش (عن عبد الله) هو بن مسعود
[2660]
قَوْلُهُ (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ مَعْنَى كَذَبَ عَلَيْهِ نَسَبَ الْكَلَامَ كَاذِبًا إِلَيْهِ سَوَاءٌ كان عليه أو له انتهى قال القارىء وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ زَعْمُ مَنْ جَوَّزَ وَضْعَ الْأَحَادِيثِ لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْعِبَادَةِ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الصُّوفِيَّةِ الْجَهَلَةِ فِي وَضْعِ أَحَادِيثَ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ وَفِي الصَّلَاةِ اللَّيْلِيَّةِ وَالنَّهَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ تَعْدِيَتَهُ بِعَلَى لِتَضْمِينِ مَعْنَى الِافْتِرَاءِ (مُتَعَمِّدًا) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ وَلَيْسَ حَالًا مُؤَكِّدًا لِأَنَّ الْكَذِبَ قَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى عَدَمِ دُخُولِ النَّارِ فِيهِ (فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) أَيْ فَلْيَتَّخِذْ لِنَفْسِهِ مَنْزِلًا يُقَالُ تَبَوَّأَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ إِذَا اتَّخَذَهُ سَكَنًا وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْنَى الْخَبَرِ أَيْضًا أَوْ بِمَعْنَى التَّهْدِيدِ أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذَلِكَ أَيْ بَوَّأَهُ اللَّهُ ذَلِكَ
قَالَ الْكَرْمَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْمَعْنَى من كذب فليأمر نفسه بالتبوأ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ كَذَا قَالَ وَأَوَّلُهَا أَوْلَاهَا فَقَدْ رواه أحمد بإسناد صحيح عن بن عُمَرَ بِلَفْظِ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي النَّارِ قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَعْنَى الْقَصْدِ فِي الذَّنْبِ وَجَزَائِهِ أَيْ كَمَا أَنَّهُ قَصَدَ في الكذب التعمد فليقصد بجزائه التبوأ
وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ هَذَا أَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ أَيْضًا
قَوْلُهُ (لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ) هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ كَاذِبٍ مُطْلَقٌ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْكَذِبِ وَمَعْنَاهُ لَا تَنْسُبُوا الْكَذِبَ إِلَيَّ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَيَّ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكْذِبَ لَهُ لِنَهْيِهِ عَنْ مُطْلَقِ الْكَذِبِ
وَقَدِ اغْتَرَّ قَوْمٌ مِنَ الْجَهَلَةِ فَوَضَعُوا أحاديث في الترغيب والترهيب وقالوا نحو لَمْ نَكْذِبْ عَلَيْهِ بَلْ فَعَلْنَا ذَلِكَ لِتَأْيِيدِ شَرِيعَتِهِ وَمَا دَرَوْا أَنَّ تَقْوِيلَهُ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ يَقْتَضِي الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ إِثْبَاتُ حُكْمٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْإِيجَابِ أَوِ النَّدْبِ وَكَذَا مُقَابِلُهُمَا وَهُوَ الْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَنْ خَالَفَ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ حَيْثُ جَوَّزُوا وَضْعَ الْكَذِبِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ فِي تَثْبِيتِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ كَذِبٌ لَهُ لَا عَلَيْهِ وَهُوَ جَهْلٌ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَتَمَسَّكَ بَعْضُهُمْ بِمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ مِنْ زِيَادَةٍ لَمْ تَثْبُتْ وَهِيَ ما أخرجه البزار من حديث بن مَسْعُودٍ بِلَفْظِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ لِيُضِلَّ بِهِ النَّاسَ الْحَدِيثَ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ
إِرْسَالَهُ وَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَلَيْسَتِ اللَّامُ فِيهِ لِلْعِلَّةِ بَلْ لِلصَّيْرُورَةِ كَمَا فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى الله كذبا ليضل الناس وَالْمَعْنَى أَنَّ مَآلَ أَمْرِهِ إِلَى الْإِضْلَالِ أَوْ هُوَ مِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعُمُومِ بِالذِّكْرِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إملاق فَإِنَّ قَتْلَ الْأَوْلَادِ وَمُضَاعَفَةَ الرِّبَا وَالْإِضْلَالَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ إِنَّمَا هُوَ لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ فِيهَا لا اختصاص الحكم (يلج في النَّارَ) أَيْ يَدْخُلُهَا
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ إِلَخْ) قَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَسْمَاءَ مَنْ أَخْرَجَ أَحَادِيثَ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَى ذلك فارجع إليه قال بن الْجَوْزِيِّ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ صَحَابِيًّا مِنْهُمُ الْعَشَرَةُ وَلَا يعرف ذلك لغيره وخرجه الطبراني عن نحو هذا العدد وذكر بن دحية أن أُخْرِجَ مِنْ نَحْوِ أَرْبَعِمِائَةِ طَرِيقٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ رَوَاهُ مِائَتَانِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَمِنْهَا مَنْ نَقَلَ عَنِّي مَا لَمْ أَقُلْهُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ
قَالُوا وَذَا أَصْعَبُ أَلْفَاظِهِ وَأَشَقُّهَا لِشُمُولِهِ لِلْمُصَحِّفِ وَاللَّحَّانِ والمحرف
وقال بن الصَّلَاحِ لَيْسَ فِي مَرْتَبَتِهِ مِنَ الْمُتَوَاتِرِ غَيْرُهُ
قَوْلُهُ (وَالْمُنْقَعِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُقْنَعِ بِتَقْدِيمِ الْقَافِ عَلَى النُّونِ
قَالَ فِي هَامِشِ النُّسْخَةِ الأحمدية والمنقع ذكره بن سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَالَ الْمُنْقَعُ بْنُ حُصَيْنِ بْنِ يَزِيدَ وَلَهُ رُؤْيَةٌ ذَكَرَهُ الثَّلَاثَةُ فِي الصَّحَابَةِ بِخَطِّ شَيْخِنَا
قال بن عبد البر الملفع بلام وفاء وهو بن الْحُصَيْنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ شَبِيبٍ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ وَيُقَالُ فِيهِ الْمُنْقَعُ بِنُونٍ وَقَافٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ الْمُنْقَعُ لَهُ صُحْبَةٌ انْتَهَى رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ الْمُنَقَّعَ بِالتَّشْدِيدِ وَالْمَحْفُوظُ بِالتَّخْفِيفِ هَذَا فِي حَاشِيَةِ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مَنْقُولَةٍ مِنَ الْعَرَبِ انْتَهَى
مَا فِي هَامِشِ النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجة