الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَعَدُّدِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اتَّحَدَ السَّيْرُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ اسْتَعْجَلَ عَلَى رَدِّ آبِقَيْنِ لِمُلَّاكٍ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه عَلَى أَنَّ مَنْ مَرَّ بِمُتَنَاضِلَيْنِ فَقَالَ لِذِي النَّوْبَةِ إنْ أَصَبْت بِهَذَا السَّهْمِ فَلَكَ دِينَارٌ فَأَصَابَ اسْتَحَقَّهُ وَحُسِبَتْ لَهُ الْإِصَابَةُ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا مَعَ اتِّحَادِ عَمَلِهِ.
وَلَا يُنَافِيهِ مَا لَوْ كَانَ مَيِّتَانِ بِقَبْرٍ فَاسْتَعْجَلَ عَلَى أَنْ يَقْرَأَ عَلَى كُلٍّ خَتْمَةً لَزِمَهُ خَتْمَتَانِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ مَقْصُودٌ فَإِذَا شَرَطَ تَعَدُّدَهُ وَجَبَ بِخِلَافِ لَفْظِ الدُّعَاءِ وَلِتَفَاوُتِ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ وَنَفْعِهَا لِلْمَيِّتِ وَتَفَاوُتِ الْخُشُوعِ وَالتَّدَبُّرِ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّدَاخُلُ فِيهَا فَتَأَمَّلْهُ.
(بَابُ الْمَوَاقِيتِ) جَمْعُ مِيقَاتٍ، وَهُوَ لُغَةً الْحَدُّ وَشَرْعًا هُنَا زَمَنُ الْعِبَادَةِ وَمَكَانُهَا فَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ حَقِيقِيٌّ
قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَ (قَوْلُهُ: لِتَعَدُّدِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الضِّمْنِيَّ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ) أَيْ: اسْتِحْقَاقِ جَعْلِ الْجَمِيعِ.
(قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّهُ) أَيْ الدِّينَارَ.
(قَوْلُهُ: وَجَبَتْ لَهُ) أَيْ: لِذِي النَّوْبَةِ.
(قَوْلُهُ: لَهُ عَلَيْهَا) أَيْ لِذِي النَّوْبَةِ عَلَى الْإِصَابَةِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْقِرَانِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِنَفْيِ الْمُنَافَاةِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَفْظِ الدُّعَاءِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اتِّحَادِ الدُّعَاءِ أَيْ: كَاللَّهُمَّ افْعَلْ كَذَا بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا سم.
(قَوْلُهُ: فَلَمْ يُمْكِنْ التَّدَاخُلُ إلَخْ)
1 -
(خَاتِمَةٌ) يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ بِالنَّفَقَةِ وَهِيَ قَدْرُ الْكِفَايَةِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ بِهَا لَمْ يَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَلَوْ قَالَ الْمَعْضُوبُ مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَمَنْ حَجَّ عَنْهُ مِمَّنْ سَمِعَهُ أَوْ سَمِعَ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْهُ أَيْ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ اسْتَحَقَّهَا، فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ اثْنَانِ مُرَتَّبًا اسْتَحَقَّهَا الْأَوَّلُ، وَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا مَعَ جَهْلِ سَبْقِهِ أَوْ بِدُونِهِ أَيْ: بِأَنْ عَلِمَ السَّبْقَ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ السَّابِقِ وَقَعَ حَجُّهُمَا عَنْهُمَا وَلَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَى الْقَائِلِ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَلَوْ عَلِمَ سَبْقَ أَحَدِهِمَا أَيْ: بِعَيْنِهِ ثُمَّ نَسَى فَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ تَرْجِيحُ الْوَقْفِ أَيْ: فِي الْعِوَضِ وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا كَأَنْ قَالَ مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ ثَوْبٌ وَقَعَ الْحَجُّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ الِاسْتِئْجَارُ فِيمَا ذُكِرَ ضَرَبَاتُ اسْتِئْجَارِ عَيْنٍ وَاسْتِئْجَارُ ذِمَّةِ فَالْأَوَّلُ كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحُجَّ عَنِّي أَوْ عَنْ مَيِّتِي هَذِهِ السَّنَةَ، فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَإِنْ أَطْلَقَ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى السَّنَةِ الْحَاضِرَةِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَى مَكَّةَ إلَّا لِسَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْأَوْلَى مِنْ سِنِي إمْكَانِ الْوُصُولِ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ قُدْرَةُ الْأَجِيرِ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَاتِّسَاعُ الْمُدَّةِ لَهُ وَالْمَكِّيُّ وَنَحْوُهُ أَيْ: كَأَهْلِ الْيَمَنِ يَسْتَأْجِرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي كَقَوْلِهِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك تَحْصِيلَ حَجَّةٍ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ فِي هَذَا الضَّرْبِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى الْحَاضِرَةِ فَيَبْطُلُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَا يُشْتَرَطُ قُدْرَتُهُ عَلَى السَّفَرِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَلَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك لِتَحُجَّ عَنِّي بِنَفْسِك صَحَّ وَتَكُونُ إجَارَةَ عَيْنٍ وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ أَعْمَالَ الْحَجِّ أَيْ: مِنْ أَرْكَانٍ وَوَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْمِيقَاتِ وَيُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْقِرَانِ فَالدَّمُ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ، فَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْأَجِيرِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ لِلْقِرَانِ مُعْسِرًا فَالصَّوْمُ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الدَّمِ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ، وَهُوَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَجِّ وَاَلَّذِي فِي الْحَجِّ مِنْهُمَا هُوَ الْأَجِيرُ وَجِمَاعُ الْأَجِيرِ مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ وَتَنْفَسِخُ بِهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ وَيَنْقَلِبُ فِيهِمَا الْحَجُّ لِلْأَجِيرِ كَمُطِيعِ الْمَعْضُوبِ إذَا جَامَعَ فَسَدَ حَجُّهُ وَانْقَلَبَ لَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ فِي فَاسِدِهِ وَالْكَفَّارَةُ وَعَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَنْ نَفْسِهِ بِحَجٍّ آخَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي عَامٍ آخَرَ أَوْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ فِي غَيْرِهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهِمَا الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ وَيَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ بِمَالٍ حَرَامٍ كَمَغْصُوبٍ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي مَغْصُوبٍ أَوْ ثَوْبٍ حَرِيرٍ مُغْنِي.
وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ عَقَّبَ قَوْلَهُ صَحَّ وَتَكُونُ إجَارَةَ عَيْنٍ بِمَا نَصُّهُ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الْإِمَامُ بِبُطْلَانِهَا وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.
وَفِي الْوَنَائِيِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ عَنْ الشَّارِحِ فِي الْحَاشِيَةِ وَالْإِيعَابِ مِثْلُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي مِنْ أَنَّهَا إجَارَةُ عَيْنٍ صَحِيحَةٍ مَا نَصُّهُ وَيَصِحُّ كَوْنُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَجِيرَ ذِمَّةٍ فَتَصِحُّ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى لَا أَجِيرَ عَيْنٍ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلسَّنَةِ الْأُولَى اهـ عِبَارَةُ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ الذِّمِّيَّةِ أَنْ يُبَاشِرَ الْأَجِيرُ عَمَلَ النُّسُكِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لَهُ بِنَفْسِهِ وَلَا قُدْرَتُهُ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَلَا أَنْ يَكُونَ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ خَوْفُ الْأَجِيرِ مَوْتَهُ أَوْ مَرَضَهُ إذْ لَهُ الْإِنَابَةُ فِيهَا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ دُونَ مَا اُسْتُؤْجِرَ بِهِ وَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَكْلُ الزَّائِدِ نَعَمْ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَسْتَأْجِرَ إلَّا عَدْلًا اهـ
[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]
(بَابُ الْمَوَاقِيتِ)(قَوْلُهُ فَإِطْلَاقُهُ) أَيْ: الْمِيقَاتِ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَكَانِ (حَقِيقِيٌّ) أَيْ اصْطِلَاحًا (فَرْعٌ) أَتَى بِأَعْمَالِ الْحَجِّ
كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَفْظِ الدُّعَاءِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اتِّحَادِ الدُّعَاءِ أَيْ كَ اللَّهُمَّ افْعَلْ كَذَا بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا
(بَابُ الْمَوَاقِيتِ) .
(قَوْلُهُ: فَإِطْلَاقُهُ) أَيْ الْمِيقَاتِ عَلَيْهِ أَيْ الْمَكَانِ حَقِيقِيٌّ أَيْ اصْطِلَاحًا (فَرْعٌ) أَتَى بِأَعْمَالِ الْحَجِّ وَتَوَابِعِهِ ثُمَّ شَكَّ
إلَّا عِنْدَ مَنْ يَخُصُّ التَّوْقِيتَ بِالْحَدِّ بِالْوَقْتِ، فَتَوَسُّعٌ (وَقْتُ) إحْرَامِ (الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا أَيْ مَا بَيْنَ مُنْتَهَى غُرُوبِ آخِرِ رَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهِ فِيهِ، وَإِنْ انْتَقَلَ بَعْدَهُ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى تُخَالِفُ مَطْلَعَ تِلْكَ وَوَجَدَهُمْ صِيَامًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ فِي الصَّوْمِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ حَجِّهِ الَّذِي انْعَقَدَ لِشِدَّةِ تَشَبُّثِ الْحَجِّ وَلُزُومِهِ بَلْ قَالَ فِي الْخَادِمِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ.
قَالَ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِطْرَةُ مَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ
وَتَوَابِعِهِ ثُمَّ شَكَّ فِي أَصْلِ نِيَّتِهِ هَلْ كَانَ أَتَى بِهَا أَوْ لَا فَالْقِيَاسُ عَدَمُ إجْزَائِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ مِنْ الْإِجْزَاءِ فَارِقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ قَضَاءَهُ يَشُقُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ سم وَ (قَوْلُهُ: اصْطِلَاحًا) أَيْ: وَلُغَةً، وَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ إلَخْ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى نَحْوِ الصَّوْمِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْقَلْبِ ثُمَّ رَأَيْت اعْتَمَدَهُ ع ش وَالْوَنَّائِيُّ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: إلَّا عِنْدَ مَنْ يَخُصُّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَبَعْضُهُمْ خَصَّهُ بِالزَّمَانِيِّ نَظَرًا لِأَخْذِهِ مِنْ الْوَقْتِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ شَامِلُ لِلزَّمَانِيِّ وَالْمَكَانِيِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْحَدِّ) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: بِالْوَقْتِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحَدِّ.
(قَوْلُهُ: فَتَوَسَّعَ) يَعْنِي فَيُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُ فِي الْمَكَانِ مَجَازًا كُرْدِيٌّ أَيْ: بِعَلَاقَةِ التَّقْيِيدِ ثُمَّ هَذَا بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ اللُّغَةِ وَإِلَّا فَقَدْ صَارَ الْمِيقَاتُ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فِي كُلٍّ مِنْ الزَّمَنِ وَالْمَكَانِ حِفْنِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَقْتِ إحْرَامِ الْحَجِّ إلَخْ) أَيْ: لِمَكِّيٍّ وَغَيْرِهِ وَ (قَوْلُهُ وَذُو الْقَعْدَةِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقُعُودِهِمْ عَنْ الْقِتَالِ فِيهِ وَ (قَوْلُهُ: وَعَشْرُ لَيَالٍ) أَيْ: بِالْأَيَّامِ بَيْنَهَا، وَهِيَ تِسْعَةٌ، وَ (قَوْلُهُ: مِنْ ذِي الْحِجَّةِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُقُوعِ الْحَجِّ فِيهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَا بَيْنَ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا فَسَّرَ بِهِ ذَكَرَهُ ع ش عَنْ الشَّارِحِ وَأَقَرَّهُ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهِ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ فَلَوْ أَحْرَمَ فِي بَلَدٍ بَعْدَ ثُبُوتِ شَوَّالٍ عِنْدَهُ أَوْ تَبَيَّنَ ثُبُوتُهُ بَعْدُ ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ لَمْ يُرَ فِيهَا لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِنْ وَافَقَ أَهْلَهَا فِي الصَّوْمِ أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ الِانْتِقَالِ إلَيْهَا لَمْ يَنْعَقِدْ حَجًّا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَوَجَدَهُمْ) أَيْ: أَهْلَ الْبَلَدِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ حَجِّهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ بُطْلَانَ خُصُوصِ الْحَجِّ أَمَّا أَصْلُ النُّسُكِ فَلَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانُهُ مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ إلَخْ) الْأَوْلَى، وَإِنْ لَزِمَهُ الصَّوْمُ بِأَنْ وَصَلَهَا قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ، فَإِنَّ لُزُومَ الْكَفَّارَةِ إنَّمَا يُتَوَهَّمُ حِينَئِذٍ وَأَمَّا صُورَةُ الْإِمْسَاكِ فَهِيَ فِيمَا إذَا وَصَلَهَا بَعْدَ أَنْ عَيَّدَ فَلَا كَفَّارَةَ قَطْعًا ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْخَادِمِ مُصَرِّحَةً بِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ لَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِمْسَاكِ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِمَا فِي سم مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا انْتَقَلَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي رُئِيَ فِيهَا هِلَالُ شَوَّالٍ فِي الْبَلَدِ الْأَوَّلِ إلَى الْبَلَدِ الثَّانِي فَوَجَدَهُمْ لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ وَقَدْ بَيَّتُوا النِّيَّةَ فَبَيَّتَهَا مَعَهُمْ فَلَوْ جَامَعَ فِي الْبَلَدِ الثَّانِي فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ هَذَا الْيَوْمِ يَوْمَ عِيدٍ فِي حَقِّ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِمْ أَيْضًا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ التَّصْوِيرُ قَوْلَهُ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا جَامَعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ وَلَا كَفَّارَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ.
(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ) أَيْ عَدَمِ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ مَنْ لَزِمَتْهُ) الْأَنْسَبُ مَنْ تَلْزَمُهُ بَصْرِيٌّ أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ أَنْ تَلْزَمَهُ فِطْرَتُهُ.
(قَوْلُهُ: بِغُرُوبِ شَمْسِهِ) أَيْ: الْبَلَدِ
فِي أَصْلِ نِيَّتِهِ هَلْ كَانَ أَتَى بِهَا أَوْ لَا فَالْقِيَاسُ عَدَمُ إجْزَائِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ مِنْ الْإِجْزَاءِ فَارِقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ قَضَاءَهُ يَشُقُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي أَشْهُرِهِ أَوْ قَبْلَهَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ كَانَ حَجًّا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إحْرَامَهُ الْآنَ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيلَ وَالْأَوْلَى الِاحْتِيَاطُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِأَحَدِ نُسُكَيْنِ ثُمَّ نَسِيَهُ اهـ. وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الصَّيْمَرِيُّ أَنَّ الصَّائِمَ لَوْ عَلِمَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَنَّهُ نَوَى الْغَدَ مِنْ رَمَضَانَ وَشَكَّ حِينَئِذٍ هَلْ كَانَتْ نِيَّتُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ بَعْدَهُ حُكِمَ بِصِحَّةِ نِيَّتِهِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ شَكَّ كَمَا لَوْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فَيَنْوِي الْقِرَانَ أَوْ الْحَجَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِحْرَامِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ حَجِّهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ بُطْلَانَ خُصُوصِ الْحَجِّ أَمَّا أَصْلُ النُّسُكِ فَلَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانُهُ مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً.
(قَوْلُهُ: لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ فِي الْبَلَدِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ) قَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ نَوَى الصَّوْمَ قَبْلَ الِانْتِقَالِ فَكَيْفَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ مَعَ دُخُولِ شَوَّالٍ فِي حَقِّهِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ فَهَذَا لَا كَفَّارَةَ بِجِمَاعِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَلَمْ يُفَارِقْهَا إذْ لَمْ تُفْسِدْ صَوْمًا وَكِلَا الْقِسْمَيْنِ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ التَّوَقُّفَ فَمَا مَوْقِعُ هَذَا الْكَلَامِ وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ لَا يُمْكِنُ غَيْرُهُ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى أَنَّهُ قَرِيبٌ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْجِيهِهِ بِسُقُوطِهَا بِالشُّبْهَةِ، فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا انْتَقَلَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي رُئِيَ فِيهَا هِلَالُ شَوَّالٍ فِي الْبَلَدِ الْأَوَّلِ إلَى الْبَلَدِ الثَّانِي فَوَجَدَهُمْ لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ وَقَدْ بَيَّتُوا النِّيَّةَ فَيُبَيِّتُهَا مَعَهُمْ قُلْت عَدَمُ الْكَفَّارَةِ حِينَئِذٍ بَعِيدٌ مَعَ أَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ الْبُعْدِ الْمَذْكُورِ
وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ فِيهِ إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ شَوَّالٍ اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَفِي الْفِطْرَةِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا حَدَثَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ فِي الْبَلَدِ الْأَوَّلِ قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِلَّا فَالْوَجْهُ لُزُومُهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِمَحَلِّ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَأَمَّا الْإِحْرَامُ فِي الثَّانِيَةِ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ عَدَمُ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ انْتَقَلَ إلَيْهَا صَارَ مِثْلَهُمْ فِي الصَّوْمِ فَكَذَا الْحَجُّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا وَلَا تَرِدُ الْكَفَّارَةُ لِمَا عَلِمْت، وَفَجْرِ النَّحْرِ كَذَا فَسَّرَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أَيْ وَقْتُهُ ذَلِكَ وَقَوْلُ جَمْعٍ مُجْتَهِدِينَ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَلَكِنْ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ رَدَّهُ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُمْ وَافَقُونَا عَلَى تَوْقِيتِ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ فَأَيُّ فَارِقٍ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِحْرَامِ.
فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ غَيْرُ الْإِحْرَامِ مِمَّا ذُكِرَ مِثْلَهُ فِي التَّوْقِيتِ بِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْعِ تَقَدُّمِهِ فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ قُلْت: لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَمَا عَلِمْت بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ مَنْعِ تَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ مَنْعُ تَقَدُّمِ غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ وَبِهَذَا يُظْهِرُ انْدِفَاعُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْإِحْرَامِ مُوهِمٌ (وَفِي لَيْلَةِ النَّحْرِ) وَهِيَ لَيْلَةُ عَاشِرِ الْحِجَّةِ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ فِيهَا بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ اللَّيَالِيَ تَبَعٌ لِلْأَيَّامِ وَيَوْمُ النَّحْرِ لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ فِيهِ بِهِ فَكَذَا لَيْلَتُهُ وَيَرُدُّهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ الْمُصَرِّحُ بِخِلَافِهِ وَعَلَى الْأَصَحِّ يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِهِ فِيهَا
الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ) أَيْ: يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ حَجًّا سم.
(قَوْلُهُ: فِي) أَيْ فِي الْبَلَدِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: بِالشُّبْهَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا عَدَمُ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ فِي حَقِّهِ أَصَالَةً بَلْ تَبَعًا لَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَا مَرَّ عَنْ سم آنِفًا.
(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا حَدَثَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ إلَخْ) أَيْ: كَوَلَدٍ أَوْ رَفِيقٍ حَدَثَ فِي الْبَلَدِ الْأَوَّلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ بِاعْتِبَارِ الْبَلَدَيْنِ وَجَبَتْ الْفِطْرَةُ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْبَلَدِ الثَّانِي فَقَطْ بِأَنْ حَدَثَ بَعْدَ غُرُوبِ رَمَضَانَ الْبَلَدِ الْأَوَّلِ فِيهِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ سم.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ حَدَثَ فِي الْبَلْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ وَإِلَّا أَيْضًا (قَوْلُهُ فَكَذَا الْحَجُّ) أَيْ: فَلَا يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ فِيهِ بِالْحَجِّ حَجًّا (فَرْعٌ) مَنْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ الْحَجَّ إنْ كَانَتْ مِنْ شَوَّالٍ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ فَبَانَتْ مِنْ شَوَّالٍ فَحَجٌّ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ وَمَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ مُعْتَقِدًا تَقَدُّمَهُ عَلَى الْوَقْتِ فَبَانَ فِيهِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ أَخْطَأَ الْوَقْتَ كُلُّ الْحَجِيجِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ كَخَطَأِ الْوُقُوفِ أَوْ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً وَجْهَانِ الْأَوْفَقُ الثَّانِي كَذَا فِي الْعُبَابِ أَيْ: وَالنِّهَايَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إطْلَاقَ الْأُولَى يُخَالِفُ نَظِيرَهَا فِيمَا لَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَبَانَ حَيْثُ لَا يَقَعُ عَنْهُ إلَّا بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي مَحَلِّهِ وَالْفَرْقُ شِدَّةُ تَعَلُّقِ الْحَجِّ سم وع ش.
(قَوْلُهُ: لِمَا عَلِمْت) أَيْ مِنْ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ.
(قَوْلُهُ: وَفَجْرِ النَّحْرِ) عُطِفَ عَلَى مُنْتَهَى فِي قَوْلِهِ أَيْ: مَا بَيْنَ مُنْتَهَى غُرُوبِ إلَخْ سم.
(قَوْلُهُ: كَذَا فَسَّرَ بِهِ) أَيْ: بِمَا فِي الْمَتْنِ مِنْ شَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَعَشْرِ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَقَالَ الْكُرْدِيُّ وَضَمِيرُ بِهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ أَيْ: مَا بَيْنَ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: وَقْتَهُ ذَلِكَ) أَيْ: وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ إذْ فِعْلُهُ لَا يَحْتَاجُ لِأَشْهُرٍ وَأَطْلَقَهَا عَلَى شَهْرَيْنِ وَبَعْضِ شَهْرٍ تَغْلِيبًا أَوْ إطْلَاقًا لِلْجَمْعِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ إلَخْ) أَيْ وَيَنْعَقِدُ حَجًّا.
(قَوْلُهُ: فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِحْرَامِ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَصَحِّ يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِهِ فِيهَا إلَخْ)
مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِ هَذَا الْيَوْمِ يَوْمَ عِيدٍ فِي حَقِّ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِمْ وَمَنَعَ عَدَمَ الْمُوَافَقَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا جَامَعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ وَلَا كَفَّارَةَ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ) أَيْ يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ فِيهِ بِالْحَجِّ حَجًّا.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْفِطْرَةِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا كَانَ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ فَرْضُهُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْوُجُوبِ بِغُرُوبِ شَمْسِ هَذَا الْيَوْمِ لَا فِي لُزُومِ الْإِخْرَاجِ فِي الْبَلَدِ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ الْوُجُوبُ، وَإِنْ كَانَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ فِي الْبَلَدِ الْأَوَّلِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْإِخْرَاجُ فِيهَا فِي الثَّانِي، فَإِنْ قُلْت لَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَتِهِ لِلْقَطْعِ بِحُصُولِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِيهِ إمَّا غُرُوبُ هَذَا الْيَوْمِ أَوْ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ وُجِدَا جَمِيعًا فَلَا يَصِحُّ نَفْيُ الْوُجُوبِ قُلْت يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ غُرُوبَ مَا قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ كَوَلَدٍ أَوْ رَقِيقٍ حَدَثَ فِي هَذَا الْيَوْمِ لَكِنْ قَدْ يُنَافِي الْحَمْلَ عَلَى الظَّاهِرِ الْمَذْكُورِ قَوْلَهُ مَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ تَحَقُّقُ اللُّزُومِ عِنْدَهُ وَأَنَّ كَلَامَهُ لَيْسَ إلَّا فِي وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ عَلَى اللُّزُومِ بِاعْتِبَارِ مَا سُنَّ شَأْنُهُ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ بِالْتِزَامِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كُلٍّ مِنْ أَصْلِ الْوُجُوبِ وَمِنْ الْإِخْرَاجِ بَلَدُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ فَلَا يَلْزَمُ فِطْرَتُهُ إذَا لَمْ يُدْرِكْ غُرُوبَ شَمْسِ رَمَضَانَ بِاعْتِبَارِ بَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ أَدْرَكَهَا بِاعْتِبَارِ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُؤَدِّي حِينَئِذٍ بِذَلِكَ الْغَيْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَدْرَكَ وَقْتَ الْوُجُوبِ بِاعْتِبَارِ الْبَلَدِ وَجَبَتْ الْفِطْرَةُ وَلَا كَلَامَ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْبَلَدِ الثَّانِي فَقَطْ بِأَنْ حَدَثَ بَعْدَ غُرُوبِ رَمَضَانَ الْبَلَدِ الْأَوَّلِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ.
(قَوْلُهُ: فَكَذَا الْحَجُّ) أَيْ فَلَا يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ فِيهِ بِالْحَجِّ حَجًّا (فَرْعٌ) مَنْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ الْحَجَّ إنْ كَانَتْ مِنْ شَوَّالٍ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ فَبَانَتْ مِنْ شَوَّالٍ فَحَجٌّ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ وَمَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ مُعْتَقِدًا تَقَدُّمَهُ عَلَى الْوَقْتِ فَبَانَ فِيهِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ أَخْطَأَ الْوَقْتَ كُلُّ الْحَجِيجِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ كَخَطَأِ الْوُقُوفِ أَوْ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً وَجْهَانِ الْأَوْفَقُ الثَّانِي كَذَا فِي الْعُبَابِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إطْلَاقَ الْأُولَى يُخَالِفُ نَظِيرَهَا فِيمَا لَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ مِنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَبَانَ مِنْهُ حَيْثُ لَا يَقَعُ عَنْهُ إلَّا بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي مَحَلِّهِ وَالْفَرْقُ شِدَّةُ تَعَلُّقِ الْحَجِّ.
(قَوْلُهُ: وَفَجْرِ النَّحْرِ) عُطِفَ عَلَى مُنْتَهَى فِي قَوْلِهِ قَبْلُ أَيْ مَا بَيْنَ مُنْتَهَى غُرُوبِ آخِرِ رَمَضَانَ.
(قَوْلُهُ: قُلْت؛ لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إلَخْ) أَقُولُ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الِاقْتِصَارِ وَاتِّجَاهِهِ صِحَّةُ الْإِحْرَامِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ اهـ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَصَحِّ يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِهِ فِيهَا إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَمُرَادُهُمْ أَنَّ هَذَا وَقْتُهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي بَقِيَّةِ
وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِذَا فَاتَهُ تَحَلَّلَ بِمَا يَأْتِي
(فَلَوْ أَحْرَمَ) حَلَالٌ (بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ) الْمَذْكُورِ (انْعَقَدَ عُمْرَةً) مُجْزِئَةً عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ (عَلَى الصَّحِيحِ) عَلِمَ أَوْ جَهِلَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ فَانْصَرَفَ لِمَا يَقْبَلُهُ.
وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ بِوَجْهٍ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الرَّاجِحُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ انْعَقَدَ عُمْرَةً أَيْضًا.
(وَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ) وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا صَحَّتْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ غَيْرِهِ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي الْقَعْدَةِ وَمَرَّةً فِي شَوَّالٍ وَمَرَّةً فِي رَمَضَانَ عَلَى مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَمَرَّةً فِي رَجَبٍ، وَإِنْ أَنْكَرَتْهَا عَائِشَةُ رضي الله عنها وَاعْتَمَرَتْ بِأَمْرِهِ مِنْ التَّنْعِيمِ رَابِعَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ وَصَحَّ:«عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي» وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْإِحْرَامُ بِهَا لِعَارِضٍ كَمُحْرِمٍ بِهَا وَكَحَاجٍّ لَمْ يَنْفِرْ مِنْ مِنًى نَفْرًا صَحِيحًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا
وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ هُنَا عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ إذَا ضَاقَ زَمَنُ الْوُقُوفِ عَنْ إدْرَاكِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ اهـ زَادَ الثَّانِي وَمُرَادُهُمْ أَنَّ هَذَا وَقْتُهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي بَقِيَّةِ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مِصْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ لَمْ يَنْعَقِدْ الْحَجُّ بِلَا شَكٍّ قَالَهُ فِي الْخَادِمِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَمُرَادُهُمْ أَنَّ هَذَا إلَخْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي أَنَّ هَذَا مُرَادُهُمْ بَعْدَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِيمَنْ أَحْرَمَ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْوُقُوفُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر وَمُرَادُهُمْ أَنَّ هَذَا إلَخْ اُنْظُرْ مَا مُرَادُ الشَّارِحِ م ر بِسِيَاقِ هَذَا عَقِبَ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ هَلْ مُرَادُهُ تَعَقُّبُهُ بِهِ أَوْ مُجَرَّدُ إثْبَاتِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَهُمَا أَوْ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ وَحِينَئِذٍ فَمَا وَجْهُ الْمُغَايَرَةِ فَلْيُحَرَّرْ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي مَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ لِكَلَامِ الرُّويَانِيِّ اهـ وَكَذَا عَقَّبَ سم كَلَامَ النِّهَايَةِ بِمَا نَصُّهُ وَقَوْلُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالشَّامِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ: فِي الْحَالِ بِسَبَبِ الْفَوَاتِ اهـ قَضِيَّتُهُ انْعِقَادُ الْحَجِّ وَعَدَمُ انْعِقَادِهِ عُمْرَةً اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ إلَخْ)
(تَنْبِيهٌ) لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ أَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي أَشْهُرِهِ أَمْ قَبْلَهَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ كَانَ حَجًّا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إحْرَامَهُ الْآنَ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَقَالَ سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَخْ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ شَكَّ كَمَا لَوْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فَيَنْوِي الْقِرَانَ أَوْ الْحَجَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِحْرَامِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ إلَخْ) أَيْ الْحَجِّ أَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: حَلَالٌ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيَظْهَرُ إلَى وَعَلِمَ وَقَوْلُهُ وَصَوَّرَ إلَى وَلَا تَنْعَقِدُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَهِيَ أَفْضَلُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: حَلَالٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، فَإِنَّ إحْرَامَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ حَجًّا لِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَلَا عُمْرَةً؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَالِمِ بِالْحَالِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ) قَدْ يُقَالُ تَعَمَّدَ قَصْدَ عِبَادَةٍ لَا تَحْصُلُ لَا يُتَّجَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَلَاعُبًا بِالْعِبَادَةِ كَانَ شَبِيهًا بِهِ سم وَقَدْ يُجَابُ هُوَ أَنَّ الْأَمْرَ هُنَا عَدَمُ بُطْلَانِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ الْبَاطِلُ إنَّمَا هُوَ قَصْدُ الْحَجِّ دُونَ مُطْلَقِ الْإِحْرَامِ.
(قَوْلُهُ: عَلِمْت إلَخْ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الرَّاجِحُ) وَفِي الْوَنَائِيِّ وَيَحْرُمُ إبْدَالُ لَفْظِ الْعُمْرَةِ بِالْحَجِّ سَوَاءٌ قَصَدَ الْعُمْرَةَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْحَاشِيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهِ مُطْلَقًا) كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ تَرْكُ بِهِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِإِرْجَاعِ الضَّمِيرِ لِلنُّسُكِ
. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا صَحَّتْ إلَخْ) الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَمَرَّةً فِي رَجَبٍ وَمَرَّةً فِي رَمَضَانَ وَمَرَّةً فِي شَوَّالٍ» إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ صَحَّتْ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ إلَخْ ثُمَّ تَفْصِيلُهُ بِقَوْلِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إلَخْ يَظْهَرْ لَك مَا فِيهِ مِنْ الْإِيهَامِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَرَّةً فِي رَجَبٍ إلَخْ) أَيْ: فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْقِيتِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَكَحَاجٍّ لَمْ يَنْفِرْ إلَخْ) أَيْ أَمَّا إحْرَامُهُ بِهَا بَعْدَ نَفْرِهِ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ الرَّمْيِ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ بِالنَّفْرِ خَرَجَ مِنْ الْحَجِّ وَصَارَ كَمَا لَوْ مَضَى وَقْتُ الرَّمْيِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ زَادَ الْوَنَائِيُّ وَمَنْ عَلَيْهِ رَمْيُ التَّشْرِيقِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهُ حَلَّ إحْرَامُهُ وَنِكَاحُهُ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَدَلِ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ وَلَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَثَرُ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَمْيٌ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَوْ حَصَاةً؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ التَّحَلُّلَيْنِ هُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ، وَإِنْ خَرَجَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ
الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مِصْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ لَمْ يَنْعَقِدْ الْحَجُّ بِلَا شَكٍّ قَالَهُ فِي الْخَادِمِ قَالَ وَفِي انْعِقَادِهِ عُمْرَةً تَرَدُّدٌ وَالْأَرْجَحُ نَعَمْ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عُلِمَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ فَصْلٌ، وَإِنْ وَجَدَ الْمُحْصَرُ طَرِيقًا وَاسْتَطَاعَ سُلُوكَهُ لَزِمَهُ سُلُوكُهُ، وَإِنْ طَالَ حَتَّى يَصِلَ الْبَيْتَ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَوْتَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّحَلُّلِ هُوَ الْحَصْرُ لَا خَوْفُ الْفَوَاتِ وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالشَّامِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ فِي الْحَالِ بِسَبَبِ الْفَوَاتِ اهـ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلِهَذَا إلَخْ انْعِقَادُ الْحَجِّ وَعَدَمُ انْعِقَادِهِ عُمْرَةً
. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ) قَدْ يُقَالُ تَعَمَّدَ قَصْدَ عِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ لَا تَحْصُلُ لَا يُتَّجَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَلَاعُبًا بِالْعِبَادَةِ كَانَ شَبِيهًا بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الرَّاجِحُ) مِنْ أَيْنَ عَلِمَ ذَلِكَ
لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَاءِ نَفْسِ الْإِحْرَامِ.
وَمِنْ هَذَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى امْتِنَاعُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَنُقِلَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَصُوِّرَ تَعَدُّدُهُ بِصُوَرٍ رَدَدْتهَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَلَا تَنْعَقِدُ كَالْحَجِّ مِمَّنْ أَحْرَمَ بِهَا، وَهُوَ مُجَامِعٌ أَوْ مُرْتَدٌّ وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا لَا سِيَّمَا فِي رَمَضَانَ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الزَّمَنِ الْمَصْرُوفِ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ إلَّا فَرْضًا، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ
(وَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ) وَلَوْ فِي حَقِّ الْقَارِنِ تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ (فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَّةَ) وَلَوْ آفَاقِيًّا (نَفْسُ مَكَّةَ) لَا خَارِجُهَا وَلَوْ مُحَاذِيَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِلْخَبَرِ الْآتِي حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ (وَقِيلَ كُلُّ الْحَرَمِ) لِاسْتِوَائِهِ مَعَهَا فِي الْحُرْمَةِ وَيَرُدُّهُ تَمَيُّزُهَا عَلَيْهِ بِأَحْكَامٍ أُخَرَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي خَبَرِ «فَأَهْلَلْنَا مِنْ الْأَبْطُحِ» لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعِمَارَةَ كَانَتْ تَنْتَهِي إلَيْهِ إذْ ذَاكَ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ خَبَرُ نُزُولِهِ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ الْآنَ مُتَّصِلَةٌ بِأَوَّلِهِ.
فَلَوْ أَحْرَمَ خَارِجَ بُنْيَانِهَا أَيْ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ لِمَنْ سَافَرَ مِنْهَا وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ، لَكِنْ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ
وَبَدَلُ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ وَلَوْ صَوْمًا فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ قَبْلَهُ إحْرَامٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا وَطْءٌ وَلَا مُتَعَلِّقَاتُهُ اهـ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَمْيٌ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَخْ فِي سم مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ وَمَنْ سَقَطَا عَنْهُ أَيْ وَلَمْ يَنْفِرْ فَتَعْبِيرُ كَثِيرٍ بِمِنًى إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ نِهَايَةٌ وَفِي الْوَنَائِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا إلَخْ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَكَحَاجٍّ لَمْ يَنْفِرْ مِنْ مِنًى نَفْرًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَصُورَةُ تَعَدُّدِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ وُقُوعَهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرْدُودٌ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ أَيْ: بِأَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَطُوفَ وَيَسْعَى بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى مِنًى لِحُصُولِ التَّحَلُّلَيْنِ بِمَا فَعَلَهُ وَوَجْهُ رَدِّهِ بَقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ الْمَانِعِ مِنْ حَجِّهِ الْحَجَّةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَرَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ فَلَا تُكْرَهُ فِي وَقْتٍ وَلَا يُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فَقَدْ «أَعْمَرَ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَاعْتَمَرَتْ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم» وَفِي رِوَايَةٍ «ثَلَاثَ عُمَرَ» قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَفِعْلُهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ لَيْسَ بِفَاضِلٍ كَفَضْلِهِ فِي غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُ الْحَجِّ فِيهِمَا مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُكْرَهُ تَكْرِيرُهَا بَلْ يُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ» وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ وَابْنُ عَمْرٍو وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهِيَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ حُرٍّ سم.
(قَوْلُهُ: إلَّا فَرْضًا) أَيْ:؛ لِأَنَّ النَّفَلَ مِنْهَا يَصِيرُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَاجِبًا كُرْدِيٌّ
قَوْلُ الْمَتْنِ (لِلْحَجِّ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ يُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحَاذِيَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ وَالْخَطِيبِ فَقَالُوا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَلَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْآتِي) أَيْ: فِي شَرْحٍ فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ وَ (قَوْلُهُ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعِمَارَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْحَامِلُ عَلَى ارْتِكَابِ هَذِهِ التَّعَسُّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ مَنْزِلُهُمْ الَّذِي قَصَدُوا الْإِقَامَةَ بِهِ إلَى قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ فَهُوَ مَوْضِعُ إهْلَالِهِمْ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ مَكَّةَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ مِنًى إذَا أَرَادُوا الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ يُهِلُّونَ مِنْ مَحَلِّهِمْ فَكَذَا هَؤُلَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا يَرُدُّهُ مَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا خَرَجَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ مِنًى وَلَا دَلِيلَ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ مِنًى إلَخْ فَظَاهِرُ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ بِمَكَّةَ.
(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ إلَخْ) وَأَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ تَرَدُّدٌ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوِزِ مَطْرَحَ الرَّمَادِ وَمَلْعَبَ الصِّبْيَانِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِي تَرْخِيصِ الْمُسَافِرِ مِنْ قَرْيَةٍ لَا سُورَ لَهَا، فَإِنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ أَمْكَنَ الْجَوَابُ بِاحْتِمَالِ أَوْ ظُهُورِ أَنَّ الْأَبْطَحَ أَوْ بَعْضَهُ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ سم.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُعَابَدَةَ مِنْ مَكَّةَ فَلَا يَجُوزُ إقَامَةُ جُمُعَةٍ فِيهَا مَعَ سِعَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِلْجَمِيعِ.
(قَوْلُهُ: مُتَّصِلَةٌ بِأَوَّلِهِ) وَالْعِمَارَةُ فِي زَمَنِنَا مُتَجَاوِزَةٌ عَنْ الْمُحَصَّبِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا قَالُوهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ: الْأَصَحُّ مِنْ أَنَّهُ نَفْسُ مَكَّةَ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَاءِ نَفْسِ الْإِحْرَامِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحَصِّلْ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَفَاتَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ امْتَنَعَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ تَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ الثَّانِي عَلَى الْإِتْيَانِ وَلَوْ صَوْمًا وَذَلِكَ نَفْسُ الْإِحْرَامِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ حُرٍّ
. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعِمَارَةَ كَانَتْ تَنْتَهِي إلَيْهِ إذْ ذَاكَ، بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ إلَخْ) وَأَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ تَرَدُّدٌ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي تَرْخِيصِ الْمُسَافِرِ مِنْ قَرْيَةٍ لَا سُورَ لَهَا، فَإِنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ أَمْكَنَ الْجَوَابُ بِاحْتِمَالِ أَوْ ظُهُورِ أَنَّ الْأَبْطُحَ أَوْ بَعْضَهُ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ كَانَ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَحْثًا اهـ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ قِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِمُحَاذَاتِهَا كَسَائِرِ الْمَوَاقِيتِ فِي عَدَمِ الْإِسَاءَةِ وَعَدَمِ الدَّمِ الِاكْتِفَاءُ بِمُحَاذَاتِهَا يَمِينًا وَشِمَالًا، وَإِنْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فِي بُعْدِهِ عَنْهَا لِوُجُودِ الْمُحَاذَاةِ الْكَافِيَةِ فِي سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ مَعَ ذَلِكَ وَبِالْإِحْرَامِ خَارِجَهَا مِنْ جِهَةِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا أَوْ إلَى مُحَاذَاتِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَمُرُّ بِهَا أَوْ بِمُحَاذَاتِهَا وَذَلِكَ كَافٍ فِي سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ وَكُلٌّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ
وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ كَذَا قَالُوهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا تَكْفِيهِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ الْجِهَةِ الَّتِي خَرَجَ إلَيْهَا أَبْعَدَ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ هُنَا الْوُصُولُ لِلْمِيقَاتِ أَوْ مُحَاذَاتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ جِهَةِ خُرُوجِهِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِيقَاتٌ فَيَكْفِي الْوُصُولُ إلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِعَيْنِ الْمِيقَاتِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا فِيهِ إسَاءَةٌ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ فَشَدَّدَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ وَلِأَنَّهُ يُبْعِدُهُ عَنْهَا مَرْحَلَتَيْنِ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا فَصَارَ كَالْآفَاقِيِّ فَتَعَيَّنَ مِيقَاتُ جِهَتِهِ أَوْ مُحَاذِيهِ
. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْآفَاقِيَّ الْمُتَمَتِّعَ لَوْ دَخَلَ مَكَّةَ وَفَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ عُمْرَتِهِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى مَحَلٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَرْحَلَتَانِ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَوْ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ جَازَ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى أَنْ يَدْخُلَهَا بَلْ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مَحَلِّهِ لَزِمَهُ دُخُولُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ الْوُصُولِ إلَى الْمِيقَاتِ أَوْ مِثْلِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ إذَا كَانَ مِيقَاتُ الْمُتَمَتِّعِ الْآفَاقِيِّ فِي مَكَّةَ فَأَحْرَمَ خَارِجَهَا لَزِمَهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ أَيْضًا مَا لَمْ يَعُدْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلْمِيقَاتِ أَوْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ
يَسْقُطُ الدَّمُ نِهَايَةٌ أَيْ: إذَا كَانَ الْعَوْدُ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ وَصَلَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَخْ) أَيْ: فِي السُّقُوطِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ إلَّا إذَا وَصَلَ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ وَفِي عَدَمِ الْإِسَاءَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَلَعَلَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِسَاءَةِ بِوُصُولِ مِيقَاتٍ إنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ الْعَوْدَ إلَيْهَا لِلْإِحْرَامِ مِنْهَا أَوْ مُحْرِمًا بِخِلَافِ مَا إذَا فَارَقَهَا بِقَصْدِ الْإِحْرَامِ خَارِجَهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْوُصُولِ لِمِيقَاتٍ وَلَا قَصَدَ الْعَوْدَ إلَيْهَا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ، وَإِنْ وَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمِيقَاتٍ أَوْ عَادَ إلَيْهَا وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي عَدَمُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ سم وَوَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ) شَامِلٌ لِسَائِرِ الْجِهَاتِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّ قَوْلَهُمْ تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ لَمْ يُرِيدُوا فِيهِ اعْتِبَارَ الْوُصُولِ لِعَيْنِ الْمِيقَاتِ بَلْ يَكْفِي الْوُصُولُ لِمُحَاذِيهِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَتَعَيَّنُ الْوُصُولُ لِلْمِيقَاتِ أَوْ مُحَاذَاتِهِ سم.
(قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: عَدَمِ كِفَايَةِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ لِلْمِيقَاتِ إلَخْ) أَيْ: أَوْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ بَصْرِيٌّ وَبَاعَشَنٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُحَاذَاتِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمِيقَاتِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى الْوُصُولِ إلَخْ (فَيَكْفِي الْوُصُولُ) أَيْ: قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِعَيْنِ الْمِيقَاتِ) أَيْ: فِي الْأُولَى سم (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِي جِهَةِ خُرُوجِهِ مِيقَاتٌ أَبْعَدُ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ لَا عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ فَلَوْ كَانَ هَذَا الْخَارِجُ مِنْ مَكَّةَ آفَاقِيًّا مُتَمَتِّعًا وَصَلَ لِمَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنْ كَانَ مِيقَاتًا سَقَطَ عَنْهُ الدَّمَانِ أَيْ: دَمُ التَّمَتُّعِ وَدَمُ تَرْكِ الْمِيقَاتِ، وَهُوَ مَكَّةُ وَإِلَّا أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ مِيقَاتًا، فَإِنْ كَانَ فِي جِهَةٍ بِهَا مِيقَاتٌ فَدَمُ التَّمَتُّعِ دُونَ الْمِيقَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا إلَخْ) أَيْ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ (قَوْلُهُ أَوْ مُحَاذِيهِ) أَيْ: أَوْ مِثْلُ مَسَافَتِهِ بَصْرِيٌّ وَبَاعَشَنٍ
(قَوْلُهُ مِنْ مِيقَاتِهِ) أَيْ: مِيقَاتِ جِهَةِ خُرُوجِهِ أَيْ: أَوْ مُحَاذِيهِ أَوْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ إنْ كَانَ فِيهَا مِيقَاتٌ وَإِلَّا فَمِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَأَيْت قَالَ سم قَوْلُهُ مِنْ مِيقَاتِهِ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِيقَاتُ جِهَةٍ أَوْ مُحَاذِيهِ اهـ أَيْ: أَوْ مِثْلُ مَسَافَتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَخْ سم وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مَرْحَلَتَانِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْوُصُولُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ دُخُولُهَا (قَوْلُهُ إلَى الْمِيقَاتِ إلَخْ) أَيْ: أَوْ مُحَاذِيهِ.
(قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ خَارِجَهَا) لَعَلَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ إذْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَرْحَلَتَانِ لَمْ يَتَأَتَّ التَّأْخِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَعُدْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلْمِيقَاتِ إلَخْ بَلْ تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ
الشَّارِحِ كَشَارِحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا إلَخْ الشَّامِلُ لِلْخَارِجِ فِي سَائِرِ الْجِهَاتِ لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَ الْمُحَاذَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ إلَخْ) أَيْ فِي السُّقُوطِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ إلَّا إذَا وَصَلَ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ وَفِي عَدَمِ الْإِسَاءَةِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْإِسَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مِيقَاتٍ وَإِلَّا فَلَا إسَاءَةَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَعَلَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِسَاءَةِ بِوُصُولِ مِيقَاتٍ إنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ الْعَوْدِ إلَيْهَا لِلْإِحْرَامِ مِنْهَا أَوْ مُحْرِمًا بِخِلَافِ مَا إذَا فَارَقَهَا بِقَصْدِ الْإِحْرَامِ خَارِجَهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْوُصُولِ لِمِيقَاتٍ وَلَا قَصْدِ الْعَوْدِ إلَيْهَا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ، وَإِنْ وَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمِيقَاتٍ أَوْ عَادَ إلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي عَدَمُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِاحْتِمَالِ حَالَةِ الْجَوَازِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّ قَوْلَهُمْ تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ لَمْ يَرِدْ فِيهِ اعْتِبَارُ الْوُصُولِ لِعَيْنِ الْمِيقَاتِ، بَلْ يَكْفِي الْوُصُولُ لِمُحَاذِيهِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَتَعَيَّنُ الْوُصُولُ لِلْمِيقَاتِ أَوْ مُحَاذَاتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَى قَوْلِهِ فَيَكْفِي الْوُصُولُ إلَيْهَا إلَخْ إذْ هَذِهِ الْكِفَايَةُ لَا تَخْتَصُّ بِمَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ خُرُوجِهِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ كِفَايَةَ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ الْمِيقَاتَ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ) شَامِلٌ لِسَائِرِ الْجِهَاتِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِعَيْنِ الْمِيقَاتِ) أَيْ فِي الْأُولَى
. (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ) مِمَّاذَا عُلِمَ؟ .
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِيقَاتُ جِهَتِهِ أَوْ مُحَاذِيهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَرَّرَ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَرَّرَ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي جِهَةِ خُرُوجِهِ مِيقَاتٌ كَفَاهُ الْإِحْرَامُ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مُطْلَقًا عَدَمُ وُجُوبِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ، بَلْ يَكْفِي الْإِحْرَامُ بِهِ مِمَّا دُونَهُ إذَا كَانَ مَرْحَلَتَيْنِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الدَّمِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ جَوَازُ الْإِحْرَامِ مِنْهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ خَارِجَهَا) لَعَلَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا
وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته نَعَمْ قَوْلُهُ لِلْمِيقَاتِ يُحْمَلُ عَلَى مَا حَمَلْت عَلَيْهِ قَوْلَهُمْ مِيقَاتَ الْآفَاقِيِّ
. (وَأَمَّا غَيْرُهُ فَمِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ) تَصْغِيرُ الْحَلْفَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَاحِدَةُ الْحَلْفَاءِ نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِأَبْيَارِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ لِزَعْمِ الْعَامَّةِ أَنَّهُ قَاتَلَ الْجِنَّ فِيهَا عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ (وَمِنْ الشَّامِ) إذَا لَمْ يَسْلُكُوا طَرِيقَ تَبُوكَ (وَمِصْرُ وَالْمَغْرِبُ الْجُحْفَةُ) ، وَهِيَ بُعَيْدَ رَابِغٍ شَرْقِيَّ الْمُتَوَجِّهِ إلَى مَكَّةَ نَحْوَ خَمْسِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ وَالْإِحْرَامُ مِنْ رَابِغٍ الَّذِي اُعْتِيدَ لَيْسَ مَفْضُولًا لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ انْبِهَامِ الْجُحْفَةِ عَلَى أَكْثَرِ الْحُجَّاجِ وَلِعَدَمِ مَائِهَا، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ جُعِلَتْ مِيقَاتًا مَعَ نَقْلِ حِمَى الْمَدِينَةِ أَنَّهَا أَوَائِلُ الْهِجْرَةِ لِكَوْنِهَا مَسْكَنَ الْيَهُودِ بِدُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى لَوْ مَرَّ بِهَا طَائِرٌ حُمَّ قُلْت مَا عُلِمَ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَأْمُرُ بِمَا فِيهِ ضَرَرٌ يُوجِبُ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهَا مُدَّةَ مَقَامِ الْيَهُودِ بِهَا ثُمَّ زَالَتْ بِزَوَالِهِمْ مِنْ الْحِجَازِ أَوْ قَبْلَهُ حِينَ التَّوْقِيتِ بِهَا.
(وَمِنْ تِهَامَةَ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ وَمِنْ نَجْدِ الْيَمَنِ وَنَجْدِ الْحِجَازِ قَرْنٌ)
الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته) دَعْوَى الصَّرَاحَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ فَأَحْرَمَ إلَخْ فَعِبَارَتُهَا مُسَاوِيَةٌ لِلْعِبَارَةِ السَّابِقَةِ بَصْرِيٌّ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التَّعَجُّبِ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ عَيْنُ قَوْلِ الشَّارِحِ بَلْ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مَحَلِّهِ إلَخْ مَآلًا.
(قَوْلُهُ: يُحْمَل عَلَى مَا حَمَلْت إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْحَمْلُ السَّابِقُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ إذْ الْكَلَامُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ إحْرَامُهُ مِنْ دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا حَمَلْت عَلَيْهِ إلَخْ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ كُرْدِيٌّ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَمَّا غَيْرُهُ إلَخْ)، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ عِنْدَ إرَادَتِهِ الْحَجَّ نِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (ذُو الْحُلَيْفَةِ) أَيْ: إنْ سَلَكَ طَرِيقَهَا وَإِلَّا بِأَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْجُحْفَةِ فَهِيَ مِيقَاتُهُ إنْ مَرَّ بِعَيْنِ الْجُحْفَةِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ كَقَصَبَةٍ وَطَرَفَةٍ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ حِلْفَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ انْتَهَى اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِزَعْمِ الْعَامَّةِ إلَخْ) أَيْ: وَلَا أَصْلَ لَهُ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ بَلْ تُنْسَبُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ حَفَرَهَا بَاعَشَنٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ إلَخْ) وَتَصْحِيحُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ أَقْصَى عُمْرَانِ الْمَدِينَةِ وَحَدَائِقِهَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ وَالرَّافِعِيُّ أَنَّهَا عَلَى مِيلٍ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُمْرَانِهَا الَّذِي كَانَ مِنْ جِهَةِ الْحُلَيْفَةِ، وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ عَلَى نَحْوِ عَشْرِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ فَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمِنْ الشَّامِ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ وَيَجُوزُ تَرْكُ الْهَمْزِ وَالْمَدِّ مَعَ فَتْحِ الشِّينِ ضَعِيفٌ وَأَوَّلُهُ نَابْلُسُ وَآخِرُهُ الْعَرِيشُ قَالَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ غَيْرُهُ حَدُّهُ طُولًا مِنْ الْعَرِيشِ إلَى الْفُرَاتِ وَعَرْضًا مِنْ جَبَلِ طَيٍّ مِنْ نَحْوِ الْقِبْلَةِ إلَى بَحْرِ الرُّومِ وَمَا سَامَتَ ذَلِكَ مِنْ الْبِلَادِ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَسْلُكُوا طَرِيقَ تَبُوكَ) سَكَتَ عَنْ مِيقَاتِهِمْ إذَا سَلَكُوهَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْإِيعَابِ فِي الْإِيجَارِ لِلْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ مُخْتَلِفَا الْمِيقَاتِ كَالْجُحْفَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ لِأَهْلِ الشَّامِ، فَإِنَّهُمْ تَارَةً يَمُرُّونَ بِهَذَا وَتَارَةً يَمُرُّونَ بِهَذَا فَالرَّاجِحُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمِيقَاتِ وَيُحْمَلُ عَلَى مِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ اهـ أَنَّهُ ذُو الْحُلَيْفَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمِصْرُ) وَهِيَ الْمَدِينَةُ الْمَعْرُوفَةُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَحَدُّهَا طُولًا مِنْ بَرْقَةَ الَّتِي فِي جَنُوبِ الْبَحْرِ الرُّومِيِّ إلَى أَيْلَةَ وَمَسَافَةُ ذَلِكَ قَرِيبُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَعَرْضُهُ مِنْ مَدِينَةِ أُسْوَانَ وَمَا سَامَتَهَا مِنْ الصَّعِيدِ الْأَعْلَى إلَى رَشِيدٍ وَمَا حَاذَاهَا مِنْ مَسَاقِطِ النِّيلِ فِي بَحْرِ الرُّومِ وَمَسَافَةُ ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا سُمِّيَتْ بِاسْمِ مَنْ سَكَنَهَا أَوَّلًا، وَهُوَ مِصْرُ بْنُ نُوحٍ نِهَايَةٌ وَفِي الْمُغْنِي وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى الْغَزِّيِّ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّهُمَا زَادَا ابْنَ سَامٍ قَبْلَ ابْنِ نُوحٍ قَوْلُ الْمَتْنِ (الْجُحْفَةُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى خَمْسِينَ فَرْسَخًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَهِيَ أَوْسَطُ الْمَوَاقِيتِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا أَيْ: أَزَالَهَا فَهِيَ الْآنَ خَرَابٌ وَلِذَلِكَ بَدَّلُوهَا الْآنَ بِرَابِغٍ شَيْخُنَا وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ بُعَيْدُ رَابِغٍ إلَخْ) تَصْغِيرُ بَعْدَ فَالْإِحْرَامُ مِنْ رَابِغٍ حَرَامٌ قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَبَيْنَهُمَا قَرِيبٌ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْإِحْرَامُ) إلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَفْضُولًا وَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِلَيْسَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ انْبِهَامِ الْجُحْفَةِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ فَلَوْ عَرَفَ وَاحِدٌ عَيْنَهَا يَقِينًا كَانَ تَوَجُّهُهُ إلَى الْإِحْرَامِ مِنْهَا أَفْضَلَ انْتَهَى وَبِمُحَاذَاتِهَا مِنْ الطَّرِيقِ بَنِي عَلَمَانٍ فِي زَمَانِنَا عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ وَاحِدٌ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهَا كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: بِدُعَائِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نَقَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ زَالَتْ) يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا وَحَذْفُ قَوْلِهِ بِزَوَالِهِمْ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ إشْكَالَ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ زَوَالِهِمْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: حِينَ التَّوْقِيتِ إلَخْ) وَقَدْ «أَقَّتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَوَاقِيتَ عَامَ حَجِّهِ» نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمِنْ تِهَامَةِ الْيَمَنِ) أَيْ: مِنْ الْأَرْضِ الْمُنْخَفِضَةِ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ فَالتِّهَامَةُ اسْمٌ لِلْأَرْضِ الْمُنْخَفِضَةِ وَيُقَابِلُهَا نَجْدٌ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْأَرْضُ الْمُرْتَفِعَةُ وَالْيَمَنُ الَّذِي هُوَ إقْلِيمٌ مَعْرُوفٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى نَجْدٍ وَتِهَامَةَ وَفِي الْحِجَازِ مِثْلُهُمَا وَهُمَا الْمُرَادَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ شَيْخُنَا وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي إلَّا أَنَّ الْآخَرَيْنِ قَالَا إذَا أُطْلِقَ نَجْدٌ فَالْمُرَادُ نَجْدُ الْحِجَازِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ.
(قَرْنٍ) جَبَلٌ عِنْدَ الطَّائِفِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ قِيلَ وَالْمُحْرِمُ الْآنَ مَسِيلٌ مَعْرُوفٌ مُحَاذٍ لِبَعْضِ الْجِبَالِ ثَمَّ لَكِنْ لَا يُعْرَفُ مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ اهـ وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ الِاحْتِيَاطُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَنَّائِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (يَلَمْلَمُ) بِالتَّحْتِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ وَيُقَالُ أَلَمْلَمَ وَيَرَمْرَمَ جَبَلٌ مِنْ
دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ إذْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَرْحَلَتَانِ لَمْ يَتَأَتَّ التَّأْخِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يَعُدْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلْمِيقَاتِ إلَخْ
بِإِسْكَانِ الرَّاءِ (وَمِنْ الْمَشْرِقِ) الْعِرَاقِ وَغَيْرِهِ (ذَاتُ عِرْقٍ) وَيُسَنُّ لَهُمْ الْإِحْرَامُ مِنْ الْعَقِيقِ قُبَيْلَهَا لِخَبَرٍ فِيهِ ضَعِيفٍ وَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَذَلِكَ لِلنَّصِّ الصَّحِيحِ فِي الْكُلِّ حَتَّى ذَاتِ عَرْقٍ وَتَوْقِيتُ عُمَرَ رضي الله عنه بِهَا اجْتِهَادٌ وَافَقَ النَّصَّ وَعَبَّرَ بِالْمُتَوَجِّهِ لِيُوَافِقَ الْخَبَرَ «هُنَّ لَهُنَّ» أَيْ لِأَهْلِهِنَّ «وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ» مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ الْأَجِيرُ، فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِ مَنْ أَحْرَمَ عَنْهُ إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِهِ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ أَقْرَبَ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَالْحَطُّ وَرَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَأَنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الشَّرْعَ سَوَّى بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، لَكِنْ مَفْهُومُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذَا عَدَلَ أَجِيرٌ عَنْ مِيقَاتٍ مُعَيَّنٍ لَفْظًا أَوْ شَرْعًا إلَى آخَرَ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ أَبْعَدَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَقْرَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَبِهِ يَتَرَجَّحُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفَرَّعَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ
جِبَالِ تِهَامَةِ جَنُوبَيْ مَكَّةَ مَشْهُورٌ فِي زَمَانِنَا بِالسَّعْدِيَّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِإِسْكَانِ الرَّاءِ) أَيْ: وَقَوْلُ الصِّحَاحِ بِفَتْحِهَا وَأَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ مِنْهَا مَرْدُودٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ لِقَبِيلَةٍ مِنْ مُرَادٍ كَمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ قَالَ الْمِنَاوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ جَبَلٌ أَمْلَسُ كَأَنَّهُ بَيْضَةٌ فِي تَدْوِيرِهِ مُطِلٌّ عَلَى عَرَفَةَ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَالَ الْمِنَاوِيُّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ: كَخُرَاسَانَ وَنَّائِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (ذَاتُ عِرْقٍ) هِيَ جَبَلٌ قُبَيْلَ السَّيْلِ لِلْآتِي مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ بَعْدَ وَادِي الْعَقِيقِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ تَقْرِيبًا وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَقَالَ الْوَنَائِيِّ يَلَمْلَمُ جَبَلٌ مِنْ تِهَامَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ وَنِصْفٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: اجْتِهَادٌ وَافَقَ النَّصَّ) مُرَادُهُ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا وَقَعَ لِلْأَصْحَابِ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ ذَلِكَ بِالنَّصِّ أَوْ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ رضي الله عنه كَمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي الْمُغْنِي رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: «هُنَّ لَهُنَّ» إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْخَبَرِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لِأَهْلِهِنَّ) وَالْخَبَرُ يَشْمَلُ ذَلِكَ صَرِيحًا سم.
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى) إلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ أَحْرَمَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: الْأَجِيرُ) أَيْ وَالْمُتَبَرِّعُ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِ مَنْ أَحْرَمَ عَنْهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ مَرَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ بِإِزَائِهِ إذَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ مِنْ مَكَّةَ حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَأَقَرَّهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ أَيْ: أَوْ مَا قَيَّدَ بِهِ مِنْ أَبْعَدَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ انْتَهَى شَرْحُ الْمَنْهَجِ أَقُولُ، فَإِنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ مِنْ مِثْلِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ أَمَّا لَوْ عُيِّنَ لَهُ مَكَانٌ لَيْسَ مِيقَاتًا لِأَحَدٍ كَأَنْ قَالَ لَهُ أَحْرِمْ مِنْ مِصْرَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ بِمُجَاوَزَتِهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اللُّزُومِ لَكِنْ يُحَطُّ قِسْطٌ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ كَانَ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ بِتَمَامِهَا مِنْ مِصْرِ مَثَلًا عَشَرَةً وَمِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ تِسْعَةٌ حُطَّ مِنْ الْمُسَمَّى عُشْرُهُ اهـ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَيَلْزَمُ الْأَجِيرَ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يُحْرِمَ مِمَّا عُيِّنَ لَهُ فِي الْعَقْدِ إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَأَبْعَدَ مِنْهُ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ دُونِ مِيقَاتِ مُسْتَأْجِرِهِ وَلَوْ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ الْعَوْدُ إلَى مِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ وَلَوْ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَيُحَطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَسَافَةَ الْمَتْرُوكَةَ بِاعْتِبَارِ السَّيْرِ وَالْأَعْمَالِ، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ فَسَدَ الْعَقْدُ، فَإِنْ فَعَلَ وَقَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْإِذْنِ وَالدَّمُ عَلَى الْمَعْضُوبِ أَوْ الْوَلِيِّ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ الْمَيِّتِ إذْ هُوَ مُقَصِّرٌ بِتَعْيِينِ ذَلِكَ وَكَذَا الْمُتَبَرِّعُ فَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَكِّيٌّ أَوْ تَبَرَّعَ عَنْ مَيِّتٍ آفَاقِيٍّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ وَفِيهِ مَا ذُكِرَ أَيْ: الْحَطُّ وَالدَّمُ اهـ. قَالَ بَاعَشَنٍ قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ إلَخْ أَيْ: الْأَعْلَى مَا عَلَيْهِ الْجَمَّالُ الطَّبَرِيُّ وَتَبِعَهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْإِيعَابِ وَالْحَاشِيَةِ فَيَكْفِي وَلَا دَمَ وَلَا حَطَّ وَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الدَّمُ إلَخْ أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْجَمَّالِ الطَّبَرِيِّ وَقَوْلُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ إلَخْ هَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَرَّ عَنْ الْجَمَّالِ الطَّبَرِيِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمِيقَاتِ الْأَجِيرِ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَمَشَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ اهـ بَاعَشَنٍ عِبَارَةُ الرَّئِيسِ قَوْلُهُ وَفِيهِ مَا ذُكِرَ أَيْ خِلَافًا لِلْجَمَّالِ الطَّبَرِيِّ وَجَمَاعَةٍ حَيْثُ قَالُوا مِيقَاتُهُ مِيقَاتُ الْأَجِيرِ أَوْ الْمُتَبَرِّعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّ إلَخْ) أَيْ وَنُقِلَ أَنَّ النَّصَّ عَلَّلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ مَفْهُومُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ إلَخْ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ شَيْءٌ) خَبَرُ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِهِ إلَخْ) بِهَذَا الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ يَتَرَجَّحُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ) هَذَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي مُعْظَمِ كُتُبِهِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ وَالْجَمَّالُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَاعْتَمَدَ الشَّارِحُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَالْإِيعَابِ الِاكْتِفَاءَ بِمِيقَاتِ آفَاقِيٍّ يَمُرُّ عَلَيْهِ الْأَجِيرُ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَاعْتَمَدَهُ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ وَأَقُولُ إنَّمَا يَظْهَرُ التَّرْجِيحُ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعْيِينُ لَفْظِيًّا بِأَنْ عَيَّنُوا فِي الْعَقْدِ مِيقَاتَ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ شَرْعِيًّا بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمِيقَاتِ، فَإِنَّهُ لَا عُدُولَ حِينَئِذٍ، فَإِنَّ مِيقَاتَ الْأَجِيرِ
بَلْ تَعَيَّنَ الْإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: لِيُوَافِقَ الْخَبَرَ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْمُتَوَجِّهَ.
(قَوْلُهُ: أَهْلِهِنَّ) وَالْخَبَرُ يَشْمَلُ ذَلِكَ صَرِيحًا.
(قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِأَنَّ مُقْتَضَى اعْتِبَارِ بَلَدِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى أَقْرَبَ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِيقَاتُهُ أَقْرَبَ مِنْ مِيقَاتِ طَرِيقِهِ جَازَ لَهُ مُجَاوَزَتُهُ بِلَا إحْرَامٍ إلَى مُحَاذَاةِ مِيقَاتِ بَلَدِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ وَلَا أَرَاهُمْ يَسْمَحُونَ بِذَلِكَ وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِيءُ ذَلِكَ لَوْ سَلَكَ طَرِيقَ بَلَدِ
عَلَى ذَلِكَ فَرْعًا طَوِيلًا فِي مَكِّيٍّ اُسْتُؤْجِرَ عَنْ آفَاقِيٍّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَأَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ وَتَرَكَ مِيقَاتَ الْمُسْتَأْجَرِ عَنْهُ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ مَا مَرَّ بِالْأُولَى وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَكَّةَ مِيقَاتٌ شَرْعِيٌّ وَأَصَحُّهُمَا عَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَالْحَطُّ، وَإِنْ عَيَّنَهَا لَهُ الْوَلِيُّ فِي الْإِجَارَةِ وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ مِيقَاتٌ أَبْعَدُ لَزِمَهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا
(وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ) مَنْ هُوَ فَوْقَ الْمِيقَاتِ أَوْ فِيهِ إلَّا الْمَكِّيَّ لِمَا يَأْتِي فِيهِ (مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) لِيَقْطَعَ بَاقِيَهُ مُحْرِمًا وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَالْإِحْرَامُ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِهَا أَفْضَلُ لِلِاتِّبَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ حَقٌّ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ هُوَ الْمَسْجِدُ الْمَوْجُودُ آثَارُهُ الْيَوْمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ اهـ.
(وَيَجُوزُ) الْإِحْرَامُ (مِنْ آخِرِهِ) لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَالْعِبْرَةُ بِالْبُقْعَةِ لَا بِمَا بَنَى وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهَا
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا) فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ فَهُوَ مِيقَاتُهُ، وَإِنْ حَاذَى غَيْرَهُ أَوْ لَا أَوْ (لَا يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ، فَإِنْ حَاذَى) بِالْمُعْجَمَةِ (مِيقَاتًا) أَيْ سَامَتَهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ) ، فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ وَضْعُ الْمُحَاذَاةِ اجْتَهَدَ وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَظْهِرَ
مِيقَاتٌ شَرْعِيٌّ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: فِي مَكِّيٍّ) أَيْ: فِيمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَلَوْ آفَاقِيًّا.
(قَوْلُهُ: مِنْ مَكَّةَ) أَيْ: أَوْ مِنْ نَحْوِ التَّنْعِيمِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ مَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ الدَّمِ وَالْحَطِّ.
(قَوْلُهُ: بِالْأَوْلَى) أَيْ:؛ لِأَنَّ مَكَّةَ لَيْسَتْ مِيقَاتًا لِغَيْرِ مَنْ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى مُقَابِلِهِ) أَيْ الَّذِي رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ بَاعَشَنٍ وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ جَوَازِ الْعُدُولِ لِلْأَقْرَبِ أَنَّ الْمَكِّيَّ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْحَجِّ عَنْ آفَاقِيٍّ جَازَ الْإِحْرَامُ مِنْ مَكَّةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهُ الْجَمَّالُ الطَّبَرِيُّ لَكِنْ اعْتَمَدَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ لُزُومَ الْخُرُوجِ إلَى الْمِيقَاتِ وَلَوْ أَقْرَبَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ الْعُدُولِ، فَإِنْ خَالَفَ لَزِمَهُ الدَّمُ وَالْحَطُّ اهـ وَلَا يَسَعُ لِأَهْلِ مَكَّةَ إلَّا تَقْلِيدُ مَا اعْتَمَدَهُ الْجَمَّالُ الطَّبَرِيُّ وَإِلَّا فَيَأْثَمُونَ عِنْدَ عَدَمِ الْخُرُوجِ إلَى الْمِيقَاتِ بِتَرْكِ الدَّمِ وَتَرْكِ الْحَطِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَهَا لَهُ الْوَلِيُّ إلَخْ) بَلْ هُوَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْوَنَائِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ مِيقَاتٌ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأَبْعَدِ مِنْ مِيقَاتِ الْأَجِيرِ وَمِيقَاتِ الْمُنَابِ عَنْهُ وَمَا شَرَطَهُ فَيَجِبُ الْأَبْعَدُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي حَالَةِ الِاسْتِوَاءِ وَأَنَّ لَهُ الْعُدُولَ عَمَّا وَجَبَ مِنْ مِيقَاتٍ شَرْعِيٍّ أَوْ نَذْرِيٍّ أَوْ شَرْطِيٍّ إلَى مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِيقَاتًا بَاعَشَنٍ
(قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ: فِي أَوَائِلِ فَصْلِ الْمُحْرِمِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِيهِ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ قَوْلُ الْمَتْنِ (مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) ، وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِيَقْطَعَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ شَيْئًا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَمِنْ مَسْكَنِهِ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ، وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِهَا إلَخْ) وَقِيلَ مِنْ الْبَيْدَاءِ وَنَّائِيٌّ أَيْ: الَّذِي قُدَّامَ ذِي الْحُلَيْفَةِ بَاعَشَنٍ.
(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَيُلْحَقُ بِهِ بِنَاءً عَلَى اسْتِثْنَائِهِ كُلُّ مَسْجِدٍ بِمِيقَاتِ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُسَنُّ الْإِحْرَامُ عَقِبَ رَكْعَتَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ نَدْبُهُ إذَا تَوَجَّهَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْهِ بِالْمَسْجِدِ ثُمَّ إنْ قَرُبَ طَرَفُ الْمِيقَاتِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ، وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ يَطُولُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَرَكْعَتَيْهِ حَتَّى لَوْ تُنْسَبَا إلَيْهِ عُرْفًا تَوَجَّهَ إلَى مَا دُونِهِ وَأَحْرَمَ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ لَا مَا بَنَى إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بِنَقْضِهَا، وَإِنْ سُمِّيَ بِاسْمِهَا وَنَّائِيٌّ وَنِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: إلَى مِيقَاتٍ) أَيْ: عَيْنَهُ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَيَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْبُقْعَةِ أَوْ مِنْ مُحَاذِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً لَكِنْ إنْ حَاذَى أَحَدَهُمَا وَمَرَّ بِعَيْنِ الْآخَرِ فَالْعِبْرَةُ بِالثَّانِي إذْ الْمُرُورُ بِالْعَيْنِ أَقْوَى مِنْ الْمُحَاذَاةِ كَمَا إذَا حَاذَى ذَا الْحُلَيْفَةِ وَمَرَّ بِعَيْنِ الْجُحْفَةِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا إلَخْ) أَيْ بِمُفْرَدِهِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِمَا أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَمَامُهُ وَالثَّانِيَ وَرَاؤُهُ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: مَوْضِعُ الْمُحَاذَاةِ) أَيْ: أَوْ الْمِيقَاتِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: اجْتَهَدَ) أَيْ: إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ فِي التَّحَرِّي إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ كَالْأَعْمَى نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَيَعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ
الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَحُوا بِذَلِكَ لِأَجْلِ مُرُورِهِ عَلَى مِيقَاتٍ شَرْعِيٍّ لَا نَظَرًا لِجَانِبِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ اهـ وَقَضِيَّةُ الْجَوَابِ عَنْ الثَّانِي الْتِزَامُ أَنَّهُمْ لَا يَسْمَحُونَ بِمَا ذُكِرَ وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ مِصْرِيٌّ بِمِصْرَ عَنْ مَكِّيٍّ مَاتَ بِمَكَّةَ أَوْ عَضَبَ بِهَا، وَهُوَ مُقِيمٌ بِهَا بَعْدُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَةُ الْجُحْفَةِ لِلْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ الَّتِي هِيَ مِيقَاتُ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مَدَنِيٌّ عَنْ مِصْرِيٍّ حَيْثُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مُجَاوَزَةُ ذِي الْحُلَيْفَةِ لِلْإِحْرَامِ مِنْ الْجُحْفَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْجَوَابُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَحْجُوجَ عَنْهُ فِي صُورَتِنَا لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ الَّتِي قَبْلَ مِيقَاتِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ نَائِبَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ قَبْلَ مِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ فِي الْجَوَابِ عَنْ الثَّانِي الْتِزَامُ أَنَّهُمْ يَسْمَحُونَ بِمَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِمْ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ عَنْهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُشْتَرَطُ أَيْ فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ ذِكْرُ الْمِيقَاتِ وَيُحْمَلُ عَلَى مِيقَاتِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ اهـ. قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِهَذَا رَدَّ طَرِيقَةٍ ضَعِيفَةٍ حَكَاهَا بَعْدُ، وَهِيَ إنْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ مُخْتَلِفَا الْمِيقَاتِ أَوْ طَرِيقٌ يُفْضِي إلَى مِيقَاتَيْنِ كَالْعَقِيقِ وَذَاتِ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَكَالْجُحْفَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ لِأَهْلِ الشَّامِ، فَإِنَّهُمْ تَارَةً يَمُرُّونَ بِهَذَا وَتَارَةً يَمُرُّونَ بِهَذَا اُشْتُرِطَ بَيَانُهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَالرَّاجِحُ لَا يُشْتَرَطُ وَيُحْمَلُ عَلَى مِيقَاتِ بَلَدِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ اهـ. وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي حَالِ الِاسْتِوَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ وَأَنْ يَعْتَبِرَ مَا سَلَكَهُ بِالْفِعْلِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ حُكْمُ أَجِيرِ أَهْلِ الرُّومِ الَّذِينَ تَارَةً يَمُرُّونَ عَلَى مِصْرَ وَتَارَةً عَلَى الشَّامِ
. (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ إلَخْ) قَالَ الشَّارِحُ فِي الْحَاشِيَةِ وَكَأَنَّهُ أَيْ السُّبْكِيُّ اعْتَمَدَ فِي
لِيَتَيَقَّنَ الْمُحَاذَاةَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ تَعَيَّنَ الِاحْتِيَاطُ (أَوْ) حَاذَى (مِيقَاتَيْنِ) بِأَنْ كَانَ إذَا مَرَّ عَلَى كُلٍّ تَكُونُ الْمَسَافَةُ مِنْهُ إلَيْهِ وَاحِدَةً (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا) مِنْ مَكَّةَ، وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا لَيْسَ لَهُ انْتِظَارُ الْوُصُولِ إلَى مُحَاذَاةِ الْأَقْرَبِ إلَيْهَا كَمَا لَيْسَ لِلْمَارِّ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ، فَإِنْ اسْتَوَتْ مَسَافَتُهُمَا فِي الْقُرْبِ إلَى طَرِيقِهِ وَإِلَى مَكَّةَ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا مَا لَمْ يُحَاذِ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَإِلَّا فَمِنْهُ.
أَمَّا إذَا لَمْ تَسْتَوِ مَسَافَتُهُمَا إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ طَرِيقِهِ وَأَحَدِهِمَا إذَا مَرَّ عَلَيْهِ مِيلَانِ وَالْآخَرُ إذَا مَرَّ عَلَيْهِ مِيلٌ فَهَذَا هُوَ مِيقَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ
(وَإِنْ) لَمْ يُحَاذِ شَيْئًا مِنْ الْمَوَاقِيتِ (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيقَاتَ دُونَهُمَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي حَاضِرِ الْحَرَمِ أَنَّ الْمَسَافَةَ مِنْهُ لَا مِنْ مَكَّةَ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمَرْحَلَتَيْنِ هُنَا بَدَلٌ عَنْ أَقْرَبِ مِيقَاتٍ إلَى مَكَّةَ وَأَقْرَبُ مِيقَاتٍ إلَيْهَا عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهَا لَا مِنْ الْحَرَمِ فَاعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ مَكَّةَ لِذَلِكَ لَا يُقَالُ الْمَوَاقِيتُ مُسْتَغْرِقَةٌ لِجِهَاتِ مَكَّةَ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ عَدَمُ مُحَاذَاتِهِ لِمِيقَاتٍ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْمُحَاذَاةِ فِي ظَنِّهِ دُونَ نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُتَصَوَّرُ بِالْجَائِي مِنْ سِوَاكُنَّ إلَى جِدَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمُرَّ بِرَابِغٍ وَلَا بِيَلَمْلَمَ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ أَمَامَهُ فَيَصِلُ جِدَّةَ قَبْلَ مُحَاذَاتِهِمَا، وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ فَتَكُونُ هِيَ مِيقَاتَهُ
. (وَمَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الْمَوَاقِيتِ «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» ، فَلَوْ جَاوَزَ مَسْكَنَهُ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ بِأَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ
عِلْمٍ ثُمَّ يَجْتَهِدُ إنْ عَلِمَ أَدِلَّةَ الْمُحَاذَاةِ وَإِلَّا قَلَّدَ مُجْتَهِدًا اهـ.
(قَوْلُهُ: لِيَتَيَقَّنَ الْمُحَاذَاةَ) أَيْ: أَوْ أَنَّهُ فَوْقَ الْمِيقَاتِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِظْهَارُ إنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ كَانَ قَدْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَوَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَكَوْنُ مَا ذُكِرَ سُنَّةٌ جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحَيْ الْبَهْجَةِ وَالْخَطِيبُ فِي شَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ وَالتَّنْبِيهِ وَالْجَمَّالُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحَيْ الزَّبَدِ وَالْبَهْجَةِ زَادَ الشَّارِحُ حَجّ فِي سَائِرِ كُتُبِهِ وُجُوبَ الِاحْتِيَاطِ عَلَيْهِ إذَا تَحَيَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ وَكَانَ قَدْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ الْحَجُّ أَوْ خَافَ فَوْتَهُ وَأَقَرَّ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَسْنَى وَالْجَمَّالُ الرَّمْلِيُّ فِي شُرُوحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَالْإِيضَاحِ وَالدُّلَجِيَّةِ وَرَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ وَفِي شَرْحِهِ لِابْنِ عَلَّانٍ لَوْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ وَكَانَ الِاسْتِظْهَارُ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عُذْرًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِظْهَارِ حِينَئِذٍ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّمِ وَعَدَمُ الْعِصْيَانِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُجَاوَزَةِ وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي إطْلَاقِهِمْ اسْتِحْبَابَ الِاسْتِظْهَارِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ فَمَحَلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ رُفْقَةٍ وَأَمِنَ عَلَى مُحْتَرَمٍ وَفَقَدَ عَارِفًا يُقَلِّدُهُ انْتَهَى اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَفْسِيرُ مُرَادٍ وَإِلَّا فَمُحَاذَاةُ الْمِيقَاتَيْنِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ سم أَيْ: كَمَا يَظْهَرُ بِمُرَاجَعَةِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إذَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ طَرِيقِهِ، وَ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) يَعْنِي مِنْ طَرِيقِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا) أَيْ كَأَنْ كَانَ الْأَبْعَدُ مُنْحَرِفًا أَوْ وَعْرًا فَلَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْأَبْعَدِ أَوْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ سَقَطَ الدَّمُ أَوْ إلَى الْآخَرِ أَيْ: الَّذِي هُوَ الْأَقْرَبُ لَمْ يَسْقُطْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) أَيْ: إذَا حَاذَى الْأَبْعَدَ أَوْ لَا سم (قَوْلُهُ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ) أَيْ عَيْنِهِ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُحَاذِ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ) وَيُتَصَوَّرُ مُحَاذَاةُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْآخَرِ مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ الِاسْتِوَاءَ الْمَذْكُورَ بِنَحْوِ انْحِرَافِ طَرِيقِ أَحَدِهِمَا إلَى مَكَّةَ سم وَكُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ تَسْتَوِ مَسَافَتُهُمَا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ إذَا مَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَحَدِهِمَا إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى طَرِيقِهِ وَ (قَوْلُهُ: وَالْآخَرِ إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أَحَدِهِمَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَهَذَا مِيقَاتُهُ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ أَوَّلًا بِالْقُرْبِ إلَيْهِ ثُمَّ بِالْبُعْدِ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ بِالْمُحَاذَاةِ أَوَّلًا، فَإِنْ انْتَفَى جَمِيعُ ذَلِكَ فَمِنْ مُحَاذَاتِهِمَا كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ
قَوْلُ الْمَتْنِ (مِنْ مَكَّةَ) أَيْ: وَتَحْصُلُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَعْرِفُ تِلْكَ الْمَسَافَةَ أَوْ بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِيهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ: التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: قِيَاسُ مَا يَأْتِي) أَيْ: فِي فَصْلِ الْأَرْكَانِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَسَافَةَ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمَوْصُولِ (وَقَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ قِيَاسُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ: مَكَّةَ.
(قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ يُتَصَوَّرُ) أَيْ: عَدَمُ الْمُحَاذَاةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِلُ جِدَّةَ قَبْلَ مُحَاذَاتِهِمَا إلَخْ) قَالَ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ لَا بُدَّ مِنْ مُحَاذَاةِ الْجُحْفَةِ عِنْدَ وُصُولِ جِدَّةَ أَوْ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا فَهَلَّا اُعْتُبِرَتْ الْمُحَاذَاةُ وَلَوْ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ
إحْرَامِهِ مِنْهُ أَيْ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِيَةَ فِي آدَابِ الْإِحْرَامِ وَسَيَأْتِي عَنْهُ نَفْسِهِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْكَثِيرَةَ الشَّهِيرَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَحْرَمَ عِنْدَ انْبِعَاثِ رَاحِلَتِهِ أَيْ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْبُخَارِيِّ «ثُمَّ رَكِبَ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ عز وجل وَسَبَّحَ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ» عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ ضَعِيفَةٌ كَمَا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَفِي اسْتِثْنَاءِ ذِي الْحُلَيْفَةِ نَظَرٌ فِي هَذَا النَّظَرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ صَحِيحٌ كَمَا هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ هَلْ الْمُعَارَضَةُ لَازِمَةٌ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ اتِّصَالِ الْبَيْدَاءِ بِالْمَسْجِدِ، بَلْ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ نَعَمْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاؤُهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْبَيْدَاءِ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّتِهَا، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَبْعَدَ مِنْ مَكَّةَ اتِّبَاعًا لَهُ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ وَيُلْحَقُ بِهِ بِنَاءً عَلَى اسْتِثْنَائِهِ كُلُّ مَسْجِدٍ بِمِيقَاتِ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُسَنُّ الْإِحْرَامُ عَقِبَ رَكْعَتَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ نَدْبُهُ إذَا تَوَجَّهَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْهِ بِالْمَسْجِدِ ثُمَّ إنْ قَرُبَ طَرَفُ الْمِيقَاتِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ، وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ يَطُولُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَرَكْعَتَيْهِ حَتَّى لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ عُرْفًا تَوَجَّهَ إلَى مَا دُونِهِ وَأَحْرَمَ اهـ.
. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ إذَا مَرَّ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَفْسِيرُ مُرَادٍ وَإِلَّا فَمُحَاذَاةُ الْمِيقَاتَيْنِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ انْتِظَارُ الْوُصُولِ إلَى مُحَاذَاةِ الْأَقْرَبِ) أَيْ إذَا حَاذَى الْأَبْعَدَ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُحَاذِ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ) أَيْ وَيُتَصَوَّرُ مُحَاذَاةُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ
نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ هَذَا دَمُ إسَاءَةٍ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ حَاضِرٍ وَلَا غَيْرِهِ بِخِلَافِ دَمِ التَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ، وَفِيمَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ كَلَامٌ مُهِمٌّ ذَكَرْته فِي الْحَاشِيَةِ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ مِنْهُ أَنَّ مِيقَاتَهُمْ الْجُحْفَةُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ بَدْرٌ مِيقَاتٌ لِأَهْلِهَا فَكَيْفَ أَخَّرَ الْمِصْرِيُّونَ إحْرَامَهُمْ عَنْهُ
. (وَمَنْ بَلَغَ مِيقَاتًا) مَنْصُوصًا أَوْ مُحَاذِيَهُ أَوْ جَاوَزَ مَحَلَّهُ الَّذِي هُوَ مِيقَاتُهُ (غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ أَرَادَهُ فَمِيقَاتُهُ مَوْضِعُهُ) وَلَا يُكَلَّفُ الْعَوْدَ إلَى الْمِيقَاتِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَعَ قَوْلِهِ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ وَمَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي فِي الْعُمْرَةِ أَنَّ مَنْ أَرَادَهَا، وَهُوَ بِالْحَرَمِ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ إلَّا حِينَئِذٍ.
(وَإِنْ بَلَغَهُ مُرِيدًا) لِلنُّسُكِ وَلَوْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مَثَلًا، وَإِنْ أَرَادَ إقَامَةً طَوِيلَةً بِبَلَدٍ قَبْلَ مَكَّةَ (لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ) إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ غَيْرَ نَاوٍ الْعَوْدَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِثْلِهِ (بِغَيْرِ إحْرَامٍ) أَيْ بِالنُّسُكِ الَّذِي أَرَادَهُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ فِي الْمَجْمُوعِ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ الْمِيقَاتِ ثُمَّ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ أَدْخَلَ عَلَيْهَا حَجًّا وَقَضِيَّةُ
جِدَّةَ إلَخْ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ
. (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحٍ وَقِيلَ كُلُّ الْحَرَمِ كُرْدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ) أَيَّ قَرْيَةٍ كَانَتْ أَوْ مَحَلَّةٍ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي أَوْ مَنْزِلًا مُفْرَدًا اهـ.
(قَوْلُهُ: كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ) أَيْ، فَإِنَّهُمْ بَعْدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَقَبْلَ الْجُحْفَةِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ مِيقَاتَهُمْ الْجُحْفَةُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَالْمُخْتَصَرِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَا قِيلَ بَدْرٌ مِيقَاتٌ لِأَهْلِهَا) أَيْ: فَتَكُونُ مِيقَاتًا لِمَنْ يَأْتِي عَلَيْهَا كَأَهْلِ مِصْرَ فَكَيْفَ أَخَّرَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَوْ جَاوَزَ مَحَلَّهُ) عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ وَالتَّقْدِيرُ وَمَنْ بَلَغَ مِيقَاتًا وَجَاوَزَهُ أَوْ جَاوَزَ إلَخْ كُرْدِيٌّ وَيُغْنِي عَنْ التَّقْدِيرِ ادِّعَاءُ أَنَّ الشَّارِحَ حَمَلَ بَلَغَ عَلَى مَعْنَى جَاوَزَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَمَنْ بَلَغَ يَعْنِي جَاوَزَ مِيقَاتًا مِنْ الْمَوَاقِيتِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا أَوْ مَوْضِعًا جَعَلْنَاهُ مِيقَاتًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِيقَاتًا أَصْلِيًّا اهـ.
(قَوْلُهُ مَحَلَّهُ) ضَمِيرُهُ لِمَنْ الْمُقَدَّرِ بِالْعَطْفِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي مِيقَاتِهِ مَوْضِعُهُ) أَيْ: مَوْضِعُ الْإِرَادَةِ وَيُسَمَّى الْمِيقَاتَ الْعَنْوِيَّ أَوْ الْإِرَادِيَّ، وَهُوَ مِثْلُ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ فِي الْحُكْمِ كَالْمِيقَاتِ الشَّرْطِيِّ، وَهُوَ مَا عُيِّنَ لِلْأَجِيرِ وَالنَّذْرِيَّ، وَهُوَ مَا عَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ إنْ كَانَ كُلٌّ فَوْقَ الشَّرْعِيِّ، فَإِنْ كَانَ دُونَهُ لَغَا الشَّرْطُ وَفَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ النَّذْرُ وَتَعَيَّنَ الْمِيقَاتُ الشَّرْعِيُّ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ) أَيْ: فِي شَرْحِ ذَاتِ عِرْقٍ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مِمَّنْ أَرَادَ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِ صلى الله عليه وسلم إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ) تَتِمَّتُهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ.
(قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ إلَخْ) تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ الْمَتْنِ بِمَا يَأْتِي فِي الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ إلَخْ) أَيْ لِوُجُوبِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ إلَخْ) أَيْ: قَصْدُ الْعُمْرَةِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِنْ بَلَغَهُ) أَيْ وَصَلَ إلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِلنُّسُكِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ فِي الْعَامِ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: لِلنُّسُكِ) أَيْ: الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ شَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ: أَوْ الْمُطْلَقِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ كَمَا يَأْتِي عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَمَنْ بَلَغَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ حَجَرٌ وَقَالَ م ر أَيْ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ مُرِيدًا لِلْحَجِّ فِي عَامِهِ أَوْ الْعُمْرَةِ مُطْلَقًا اهـ قَالَ بَاعَشَنٍ وَاعْتَمَدَهُ مَا قَالَهُ م ر الزِّيَادِيُّ وَالْحَلَبِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ السَّيِّدِ عُمَرَ يَمِيلُ إلَيْهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ نَظْمِ الدِّمَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ إقَامَةً طَوِيلَةً إلَخْ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ أَنْشَأَ السَّفَرَ بِقَصْدِ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ وُجُوبَ الْإِحْرَامِ عَلَى مَنْ مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ لِلنُّسُكِ مَعَ إنْشَاءِ السَّفَرِ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْحَرَمِ كَجُدَّةِ وَالطَّائِفِ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَحَرَجٌ تَأْبَاهُ مَحَاسِنُ الشَّرِيعَةِ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّنْ قَصَدَ النُّسُكَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَدَخَلَ مَكَّةَ بِهَذَا الْقَصْدِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ لِلدُّخُولِ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الدَّاخِلَ إلَى مَكَّةَ بِالْقَصْدِ الْمَذْكُورِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَجِبُ عَلَى مُقَابِلِهِ انْتَهَى هَكَذَا رَأَيْته أَطْلَقَ النُّسُكَ الْمَقْصُودَ فِي الْقَابِلِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْحَجِّ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَفِي فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ سُئِلَ عَمَّنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ مَعَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِبَنْدَرِ جِدَّةَ شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَهَلْ تُبَاحُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ لِتَخَلُّلِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بِجُدَّةِ أَمْ لَا تُبَاحُ لَهُ الْمُجَاوَزَةُ فَأَجَابَ مَنْ بَلَغَ مِيقَاتًا مُرِيدًا نُسُكًا لَمْ تَجُزْ لَهُ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَإِنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ بِبَنْدَرٍ بَعْدَ الْمِيقَاتِ شَهْرًا مَثَلًا لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْإِقَامَةَ بِالْبَنْدَرِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ اهـ قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَنْدَرُ فِي جِهَةِ الْحَرَمِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنْ مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَاصِدًا الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ نَاوِيًا الْإِقَامَةَ بِبَنْدَرِ الصَّفْرَاءِ أَوْ بَدْرٍ أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ إلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ انْتَهَتْ قَالَ بَاعَشَنٍ عَنْ السَّيِّدِ أَحْمَدَ جَمَلِ اللَّيْلِ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ فِي ذَلِكَ نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي مَحَلِّ إنْشَاءِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ يَجِبُ كَوْنُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَعَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ يَجُوزُ إنْشَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَقَامَ بِهِ شَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الْجَمَّالِ الْمُوَافِقَ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيهِ حَرَجٌ شَدِيدٌ لَا سِيَّمَا فِيمَا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِي نَحْوِ الصَّفْرَاءِ نَحْوَ سَنَةٍ.
(قَوْلُهُ: إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ غَيْرِنَا وَإِلَخْ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ
الْآخَرِ مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ الِاسْتِوَاءَ الْمَذْكُورَ بِنَحْوِ انْحِرَافِ طَرِيقِ أَحَدِهِمَا إلَى مَكَّةَ
. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ لَمْ يَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ) عِبَارَةُ الْإِيضَاحِ، فَإِنْ جَاوَزَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ عَصَى وَلَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ قَالَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَتِهِ
تَعْلِيلِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ قَاصِدًا لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا بَعْدُ لَزِمَهُ الدَّمُ، وَإِنْ لَمْ يَطْرَأْ لَهُ قَصْدُهُ إلَّا بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ فَلَا.
وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَا لَوْ قَصَدَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ أَوْ عَكْسُهُ هَذَا كُلُّهُ إنْ أَمْكَنَ مَا قَصَدَهُ وَإِلَّا كَأَنْ نَوَى الْحَجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ تَعَيَّنَتْ الْعُمْرَةُ، وَفِي الْأَوَّلِ أَعْنِي الْمُرِيدَ ثُمَّ الْمُدْخِلَ إشْكَالٌ أَجَبْت عَنْهُ فِي الْحَاشِيَةِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى أَخَّرَ مَا نَوَاهُ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ كَنِيَّةِ الْقِرَانِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي صُورَتِنَا فَلَا دَمَ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَإِنَّ تَأْخِيرَهُ لَهُ مَعَ نِيَّتِهِ وَإِمْكَانِهِ تَقْصِيرٌ أَيُّ تَقْصِيرٍ فَلَمْ يَكُنْ يَصْلُحُ الْإِدْخَالُ لِرَفْعِهِ وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَمَّا إذَا جَاوَزَهُ مُرِيدُ الْعَوْدِ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالْمُجَاوَزَةِ إنْ عَادَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسَاءَةِ ارْتَفَعَ بِعَوْدِهِ وَتَوْبَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعُدْ وَبِهَذَا جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ قَوْلِ جَمْعٍ لَا تَحْرُمُ الْمُجَاوَزَةُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ حُرْمَتَهَا
تَعْلِيلِهِ) مُبْتَدَأٌ وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الْمَجْمُوعِ وَ (قَوْلُهُ: تَفْصِيلٌ إلَخْ) خَبَرُهُ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ) الْأَوْلَى أَنَّ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلًا.
(قَوْلُهُ: جَرَى عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: التَّفْصِيلِ وَكَذَا ضَمِيرُ حَاصِلِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ قَاصِدًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ يُؤْخَذُ مِنْ التُّحْفَةِ وَالْفَتَاوَى أَنَّ مَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ مُرِيدًا لَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْقِرَانِ ابْتِدَاءً وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَجَبَ الدَّمُ لِلْإِسَاءَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ فَوْرًا لِسُقُوطِ دَمِهَا لَا لِسُقُوطِ دَمِ الْقِرَانِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ وَقَبْلَ النُّسُكِ سَقَطَا، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى تَلَبَّسَ بِنُسُكٍ غَيْرِ عَرَفَةَ سَقَطَ دَمُ الْقِرَانِ فَقَطْ وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا حَجَّ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ وَأَحْرَمَ مِنْهَا فِيهَا وَجَبَ الدَّمُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ فِي الْأُولَى بِحَجٍّ فِي وَقْتِهِ أَوْ بِعُمْرَةٍ فِي مِيقَاتِهِ بَعْدَهَا مَكَّةُ وَلَوْ أَرَادَ الْحَجَّ فِي الْأُولَى فَحَجَّ الثَّانِيَةَ فَلَا دَمَ وَلَوْ أَرَادَ حَجَّ الْأُولَى وَمَرَّ بِالْمِيقَاتِ فِي أَشْهُرِهِ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَجَبَ الدَّمُ إنْ لَمْ يَعُدْ فِي إحْرَامِ الْحَجِّ لِلْمِيقَاتِ أَوْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ فَأَحْرَمَ بِحَجٍّ وَجَبَ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَجِّ الْمِيقَاتُ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لَزِمَهُ الدَّمُ اهـ قَالَ بَاعَشَنٍ قَوْلُهُ وَجَبَ الدَّمُ لِلْإِسَاءَةِ مَرَّ عَنْ النَّشِيلَيْ أَنَّهُ لَا دَمَ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَهَذَا مُحْرِمٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ حَجَّ الْأُولَى وَمَرَّ بِالْمِيقَاتِ فِي أَشْهُرٍ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَجَبَ الدَّمُ إلَخْ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ بِمَا أَرَادَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ وَقَدْ مَرَّ مُخَالَفَةُ عَبْدِ الرَّءُوفِ وَالنَّشِيلَيْ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ) يَعْنِي مَعَ الْعُمْرَةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ سم قَوْلُهُ أَوْ عَكْسَهُ يُتَأَمَّلُ اهـ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ) أَيْ: فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الدَّمُ) أَيْ: دَمُ الْإِسَاءَةِ بِالْمُجَاوَزَةِ بِلَا نِيَّةِ الْحَجِّ.
(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِالْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ) أَيْ: وَحْدَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ)، وَهُوَ مَا لَوْ قَصَدَ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَيْ: وَحْدَهَا.
(قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ) أَيْ: مِنْ الْمَقِيسِ بِصُورَتِهِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ مُمْكِنَةٌ دَائِمًا.
(قَوْلُهُ: فِي الْعَامِ الْقَابِلِ) أَيْ: أَوْ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَعْنِي الْمُرِيدَ ثُمَّ الْمُدْخِلَ) أَيْ: بِلَا قَيْدِ إمْكَانِ مَا أَرَادَهُ حِينَ الْمُجَاوَزَةِ.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَخَّرَ.
(قَوْلُهُ: فِي صُورَتِنَا) أَيْ: فِي الْمُرِيدِ ثُمَّ الْمُدْخِلِ بِدُونِ قَيْدِ الْإِمْكَانِ وَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا) أَيْ: الْمُرِيدِ ثُمَّ الْمُدْخِلِ مَعَ الْإِمْكَانِ.
(قَوْلُهُ: تَقْصِيرٌ إلَخْ) مَرَّ عَنْ بَاعَشَنٍ عَنْ النَّشِيلَيْ خِلَافُهُ وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ وَسُكُوتُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ: بِالنُّسُكِ الَّذِي أَرَادَهُ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ) أَيْ: فِي شَرْحِ ذَاتِ عِرْقٍ وَاسْتَدَلَّ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي بِالْإِجْمَاعِ.
(قَوْلُهُ: مُرِيدًا الْعَوْدَ إلَيْهِ) أَيْ: مُحْرِمًا أَوْ لِيُحْرِمَ مِنْهُ سم.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّلَبُّسِ إلَخْ) ظَرْفٌ لِلْعَوْدِ.
(قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ السَّنَةِ) أَيْ: الَّتِي أَرَادَ النُّسُكَ فِيهَا وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَوْدِ أَوْ بِالتَّلَبُّسِ.
(قَوْلُهُ: إنْ عَادَ) وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي نَحْوُهُ وَفِي شَرْحَيْ الْإِيضَاحِ لِلْجَمَّالِ الرَّمْلِيِّ وَابْنِ عَلَّانٍ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْعَوْدَ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ لَا إثْمَ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ عَادَ فَلَا دَمَ أَيْضًا وَإِلَّا لَزِمَهُ الدَّمُ وَإِذَا عَصَى وَذَبَحَ الدَّمَ، فَإِنَّمَا يَقْطَعُ دَوَامَ الْإِثْمِ لَا أَصْلَهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوْبَةِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ قَوْلِ جَمْعٍ لَا تُحْرِمُ إلَخْ) الَّذِي يُتَّجَهُ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى إطْلَاقِهِ ثُمَّ إذَا أَحْرَمَ وَلَمْ يَعُدْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَأْثَمُ مِنْ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُمْ الْآتِي يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ مَكَّةَ إلَخْ يُؤَيِّدُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَرْحَيْ الْإِيضَاحِ لِلرَّمْلِيِّ وَابْنِ عَلَّانٍ
مُقْتَضَاهُ الْعِصْيَانُ، وَإِنْ عَادَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ جُمْهُورَ الْأَصْحَابِ لِزَوَالِ الْإِسَاءَةِ بِالْعَوْدِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهَلْ يَكُونُ مُسِيئًا بِالْمُجَاوَزَةِ إذَا عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ حَيْثُ سَقَطَ الدَّمُ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْفُرُوعِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسِيئًا؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ فِيهِ مُحَرَّمًا إلَى أَنْ قَالَ السَّيِّدُ عَنْ السُّبْكِيّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ كَوْنَهُ مُسِيئًا خِلَافًا لِمَا قَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَأَوَّلَ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسِيئًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ حُكْمَ الْإِسَاءَةِ ارْتَفَعَ بِرُجُوعِهِ وَتَوْبَتِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَبْقَى خِلَافٌ إلَى أَنْ قَالَ السَّيِّدُ قُلْت يَتَعَيَّنُ اعْتِبَارُ نِيَّةِ الْعَوْدِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْإِسَاءَةِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ يُتَّجَهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ إلَى أَنْ قَالَ وَقَدْ اسْتَدَلَّ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّ الْمَكِّيَّ يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ بِنَاءً عَلَى سُقُوطِ الدَّمِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَكِّيَّ لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ بِخِلَافِ هَذَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ انْتَهَكَ الْمَكِّيُّ حُرْمَةَ الْمِيقَاتِ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا انْتَهَكَ ذَلِكَ بِالْمُجَاوَزَةِ وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ فَاسْتَوَيَا، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي إثْمِ الْمَكِّيِّ إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ بِلَا نِيَّةِ الْخُرُوجِ لِأَدْنَى الْحِلِّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ خَرَجَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: مُرِيدُ الْعَوْدِ إلَيْهِ) أَيْ مُحْرِمًا أَوْ لِيُحْرِمَ
قَوْلُ الْمُحَشِّي: لِزَوَالِ إلَخْ) لَعَلَّهُ عِلَّةٌ لِشَيْءٍ سَقَطَ مِنْ الْعِبَارَةِ وَتَعْلِيلُهُ بِمَا ذَكَرَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ إلَيْهِ بَانَ أَنْ لَا إسَاءَةَ أَصْلًا.
وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ فِيمَا يَأْتِي يَرْفَعُ الْإِثْمَ مِنْ أَصْلِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ دَفْنَ الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ الْمَجْعُولُ كَفَّارَةً لَهُ بِالنَّصِّ لَا يَرْفَعُ إثْمَهُ مِنْ أَصْلِهِ بَلْ يَقْطَعُ دَوَامَهُ وَاسْتِمْرَارَهُ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ التَّقْيِيدَ قَوْلُهُمْ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ، فَإِنْ قُلْت يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ أَنَّ نِيَّتَهُ الْعَوْدُ لَا تُفِيدُهُ رَفْعُ الْإِثْمِ إلَّا إنْ عَادَ، قَوْلُهُمْ لَوْ ذَهَبَ مِنْ الصَّفِّ بِنِيَّةِ التَّحَرُّفِ أَوْ التَّحَيُّنِ جَازَ وَلَا يَلْزَمُهُ تَحْقِيقُ قَصْدِهِ بِالْعَوْدِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ ثَمَّ بِنِيَّةِ ذَلِكَ زَالَ الْمَعْنَى الْمُحَرِّمُ لِلِانْصِرَافِ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ أَهْلِ الصَّفِّ أَوْ خِذْلَانِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا هُنَا فَالْمَعْنَى الْمُحَرِّمُ لِلْمُجَاوَزَةِ، وَهُوَ تَأَدِّي النُّسُكِ بِإِحْرَامٍ نَاقِصٍ مَوْجُودٌ، وَإِنْ نَوَى الْعَوْدَ فَاشْتَرَطَ تَحْقِيقَهُ لِمَا نَوَاهُ بِالْعَوْدِ حَيْثُ لَا عُذْرَ وَإِلَّا فَالْإِثْمُ بَاقٍ عَلَيْهِ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ مَا لَوْ جَاوَزَهُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَحَلِّ مَسَافَتِهِ إلَى مَكَّةَ مِثْلَ مَسَافَةِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَائِيَ مِنْ الْيَمَنِ فِي الْبَحْرِ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ مِنْ مُحَاذَاةِ يَلَمْلَمُ إلَى جِدَّةَ؛ لِأَنَّ مَسَافَتَهَا إلَى مَكَّةَ كَمَسَافَةِ يَلَمْلَمُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ بِخِلَافِ الْجَائِي فِيهِ مِنْ مِصْرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ عَنْ مُحَاذَاةِ الْجُحْفَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ مِنْ الْبَحْرِ بَعْدَ الْجُحْفَةِ أَقْرَبُ إلَى مَكَّةَ مِنْهَا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَبِهِ يُعْلَمُ أَيْضًا أَنَّ مِثْلَ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ يُجْزِئُ الْعَوْدُ إلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِيقَاتًا
وَيَأْتِي عَنْ سم وَالْوَنَّائِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيلُهُ) أَيْ: تَعْلِيلُ قَوْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسَاءَةِ إلَخْ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنْظِيرَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ دَلَّ عَلَى تَحَقُّقِ الْإِسَاءَةِ ثُمَّ ارْتِفَاعِ حُكْمِهَا وَأَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ بَانَ عَدَمُ تَحَقُّقِهَا وَحِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ الْبِنَاءِ فِي قَوْلِهِ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ إلَخْ، فَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ رَفْعَ الْعَوْدِ فِيمَا يَأْتِي تَضَمَّنَ الْإِسَاءَةَ لَكِنْ يَرْتَفِعُ إثْمُهَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّفْعَ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ سَوَاءٌ أُرِيدَ الرَّفْعُ مِنْ الْأَصْلِ أَوْ رَفْعُ الِاسْتِمْرَارِ سم (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ) أَيْ: ذَلِكَ التَّعْلِيلُ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ التَّقْيِيدَ إلَخْ) حَاصِلُ قَوْلِهِ أَمَّا إذَا جَاوَزَهُ إلَى هُنَا أَنَّ تَقْيِيدَ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ غَيْرَنَا وَالْعَوْدُ إلَخْ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ لَكِنْ تَعْلِيلُ مَفْهُومِ الْقَيْدِ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ فَسَادٌ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْقَيْدِ أَنَّهُ بِالْعَوْدِ بَعْدَ نِيَّتِهِ لَا إسَاءَةَ أَصْلًا وَالتَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِسَاءَةَ ثَبَتَتْ ثُمَّ ارْتَفَعَ حُكْمُهَا بِالْعَوْدِ وَنِيَّتِهِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَلَوْ بُنِيَ عَلَى مَا يَأْتِي وَأُرِيدَ مِنْهُ رَفْعُ الْإِثْمِ مِنْ أَصْلِهِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ لَكِنْ الْمُتَّجَهُ فِيمَا يَأْتِي عَدَمُ رَفْعِ الْإِثْمِ فَاتَّضَحَ أَنَّ التَّعْلِيلَ فَاسِدٌ وَمَفْهُومُ الْقَيْدِ صَحِيحٌ وَبِهَذَا الْمَفْهُومِ جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ قَوْلِ الْجَمْعِ وَإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ نِيَّةَ الْعَوْدِ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا تَقَرَّرَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) كَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ بِعَدَمِ الْعَوْدِ فِيمَا ذُكِرَ يَأْثَمُ بِالْمُجَاوَزَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ وَيَجْعَلَ الْإِثْمَ بِعَدَمِ الْعَوْدِ أَيْ: بِلَا عُذْرٍ سم وَفِي الْوَنَائِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: زَالَ الْمَعْنَى الْمُحَرَّمُ إلَخْ) زَوَالُ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِلنِّيَّةِ سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ خُذْ؛ لِأَنَّ إلَخْ) أَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ تَأَدِّي النُّسُكِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مُوجِبٌ لِلدَّمِ فَقَطْ دُونَ الْإِثْمِ، وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ التَّجَاوُزُ بِلَا نِيَّةِ الْعَوْدِ وَلِذَا يَأْثَمُ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: مِثْلَ مَسَافَةِ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ: أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَائِيَ مِنْ الْيَمَنِ فِي الْبَحْرِ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَخْ) وَمِمَّنْ قَالَ بِالْجَوَازِ النَّشِيلَيْ مُفْتِي مَكَّةَ وَالْفَقِيهُ أَحْمَدُ بِلْحَاجٍّ وَابْنُ زِيَادٍ الْيَمَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَمِمَّنْ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بَامَخْرَمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْأَشْخَرُ وَتِلْمِيذُ الشَّارِحِ عَبْدُ الرَّءُوفِ قَالَ؛ لِأَنَّ جِدَّةَ أَقَلُّ مَسَافَةً بِنَحْوِ الرُّبُعِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَقَالَ ابْنُ عَلَّانٍ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَرْجِعُ لِنَظَرٍ فِي الْمَدَارِكِ حَتَّى يَعْمَلَ فِيهِ بِالتَّرْجِيحِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مَحْسُوسٌ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ لِمَعْرِفَتِهِ بِذَرْعِ حَبْلٍ طَوِيلٍ إلَخْ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ مِنْ مُحَاذَاةِ يَلَمْلَمُ إلَى رَأْسِ الْمَعْرُوفِ قَبْلَ مَرْسَى جِدَّةَ، وَهُوَ حَالُ تَوَجُّهِ السَّفِينَةِ إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى جِدَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْ يَلَمْلَمُ بِنَحْوِ الرُّبُعِ وَقَوْلُهُمْ إنَّ جِدَّةَ وَيَلَمْلَمَ مَرْحَلَتَانِ مُرَادُهُمْ أَنَّ كُلًّا لَا يَنْقُصُ عَنْ مَرْحَلَتَيْنِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْمَسَافَتَانِ كَمَا حَقَّقَهُ مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَيْنِ وَهُمْ عَدَدٌ كَادُوا أَنْ يَتَوَاتَرُوا فَمَا فِي التُّحْفَةِ مِنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى جِدَّةَ فَهُوَ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْمَسَافَةَ فَلَا يَغْتَرُّ بِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ عَبْدُ الرَّءُوفِ بْنُ يَحْيَى الزَّمْزَمِيُّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَلَوْ أَخْبَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَحْقِيقَهُ الْأَمْرَ مَا أَفْتَى بِهِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ الْجَمَّالِ وَمَا فِي التُّحْفَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى اتِّحَادِ الْمَسَافَةِ الظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِهِمْ، فَإِذَا تَحَقَّقَ التَّفَاوُتُ فَهُوَ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ قَطْعًا بِدَلِيلِ صَدْرِ كَلَامِهِ النَّصِّ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. وَأَيْضًا كُلُّ مَحَلٍّ مِنْ الْبَحْرِ بَعْدَ رَأْسِ الْعَلَمِ أَقْرَبُ إلَى مَكَّةَ مِنْ يَلَمْلَمُ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ فِي الْجُحْفَةِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ بِخِلَافِ الْجَائِي فِيهِ مِنْ مِصْرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ مِنْ مُحَاذَاةِ الْجُحْفَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ مِنْ الْبَحْرِ بَعْدَ الْجُحْفَةِ أَقْرَبُ إلَى مَكَّةَ مِنْهَا اهـ وَعِبَارَةُ بَاعَشَنٍ وَلَا وَجْهَ لِمَا فِي التُّحْفَةِ إلَّا إنْ قِيلَ إنَّ مَبْنَى الْمَوَاقِيتِ عَلَى التَّقْرِيبِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُعَلِّلُ بِهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ صَالِحٍ تَبَعًا لِشَيْخِهِ إدْرِيسَ الصَّعِيدِيِّ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْإِحْرَامِ إلَى
مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ الْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي قَوْلُهُمْ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّنْظِيرِ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ دَلَّ عَلَى تَحَقُّقِ الْإِسَاءَةِ ثُمَّ ارْتِفَاعِ حُكْمِهَا وَأَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ، بَلْ بِأَنَّ عَدَمَ تَحَقُّقِهَا وَحِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ الْبِنَاءِ فِي قَوْلِهِ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ إلَخْ، فَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ إنْ رَفَعَ الْعَوْدَ فِيمَا يَأْتِي تَضَمَّنَ تَحَقُّقَ الْإِسَاءَةِ لَكِنْ يَرْتَفِعُ إثْمُهَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّفْعَ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ سَوَاءٌ أُرِيدَ الرَّفْعُ مِنْ الْأَصْلِ أَوْ رَفْعُ الِاسْتِمْرَارِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ قُلْت يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) كَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ بِعَدَمِ الْعَوْدِ فِيمَا ذُكِرَ يَأْثَمُ بِالْمُجَاوَزَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ وَيَجْعَلَ الْإِثْمَ بِعَدَمِ الْعَوْدِ.
(قَوْلُهُ: زَالَ الْمَعْنَى الْمُحَرِّمُ لِلِانْصِرَافِ مِنْ كَسْرِ إلَخْ)
لَكِنْ عَبَّرَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِمِثْلِ مَسَافَتِهِ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ وَأَخَذَ بِمُقْتَضَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ هُوَ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ بِقَوْلِهِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْمِيقَاتِ، وَفِي الْخَادِمِ فِيمَنْ مِيقَاتُهُ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ فَسَلَكَ طَرِيقًا لَا مِيقَاتَ لَهَا وَجَاوَزَ مُسِيئًا وَقَدَرَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى مِيقَاتٍ فَهَلْ يُجْزِئُهُ الْعَوْدُ لِمَرْحَلَتَيْنِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ مَا عَدَلَ عَنْهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ عَيْنَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَدَلَ عَنْ مِيقَاتٍ مَنْصُوصٍ، فَإِنَّهُ كَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلتَّعْيِينِ مَعْنَى فَإِذَا خُولِفَ هَذَا؛ لِأَنَّ رِعَايَةَ الْمُعَيَّنِ قَدْ تَعْسُرُ فَلَا أَقَلَّ مِنْ رِعَايَةِ مِثْلِ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِمِثْلِ مَسَافَتِهِ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ هَذَا غَايَةُ مَا يُوَجَّهُ بِهِ كَلَامُ هَؤُلَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ الْأَوْجَهُ مَدْرَكًا إجْزَاءُ مِثْلِ الْمَسَافَةِ مُطْلَقًا وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّعْيِينَ لِأَجْلِ تَعَيُّنِ عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِتَعَيُّنِ مِثْلِ مَسَافَتِهِ لَا غَيْرُ فَتَأَمَّلْهُ
(فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا بِلَا إحْرَامٍ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا (لَزِمَهُ الْعَوْدُ) وَلَوْ مُحْرِمًا كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ (لِيُحْرِمَ مِنْهُ) تَدَارُكًا لِإِثْمِهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ.
وَلَا يَتَعَيَّنُ الْعَوْدُ إلَى عَيْنِهِ بَلْ يُجْزِئُ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ إحْرَامَهُ عَمَّا أَرَادَهُ فِيهِ بَعْدَ الْمِيقَاتِ أَجْزَأَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَإِلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّهُ مِيقَاتُهُ وَلَا نَظَرَ لِخُصُوصِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعَوْدِ تَدَارُكُ مَا فَوَّتَهُ، وَهُوَ
جِدَّةَ وَيُفْتَى بِهِ أَوْ يَكُونُ جَبَلُ يَلَمْلَمُ مُمْتَدًّا بَعْدَ السَّعْدِيَّةِ بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَ آخِرِهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ.
وَقَدْ سَمِعْت مِنْ بَعْضِ الثِّقَاتِ أَنَّ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ صَالِحٍ الْمَذْكُورُ كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ يَلَمْلَمُ جَبَلٌ مُحَاذٍ لِلسَّعْدِيَّةِ وَسَمِعْت أَنَّ بِحِذَاءِ السَّعْدِيَّةِ جَبَلَيْنِ أَحَدَهُمَا بَيْنَ طَرَفِهِ الْمُحَاذِي لِمَكَّةَ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَكْثَرُ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ وَالثَّانِيَ مُمْتَدٌّ لِجِهَةِ مَكَّةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ بِاعْتِبَارِ طَرَفِهِ الَّذِي بِجِهَتِهَا مَرْحَلَتَانِ فَأَقَلُّ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ الْأَخِيرُ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ مِنْ جِدَّةَ فَحَرِّرْ جَبَلَ يَلَمْلَمُ، فَإِنْ تَحَقَّقَ وَتَحَقَّقَتْ الْمُفَارَقَةُ الَّتِي يَقُولُونَهَا فَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ بَلْ يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُ التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّ مَسَافَتَهَا أَيْ جِدَّةَ كَمَسَافَةِ يَلَمْلَمُ إلَى مَكَّةَ اهـ.
فَإِذَا تَحَقَّقَ التَّفَاوُتُ بَطَلَ الْمُسَاوَاةُ وَبَطَلَ مَا بُنِيَ عَلَيْهَا مِنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى جِدَّةَ، وَهُوَ وَاضِحٌ إلَّا إنْ ثَبَتَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لِلَّذَيْنِ سُقْنَاهُمَا اهـ أَقُولُ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ مَبْنَى الْمَوَاقِيتِ عَلَى التَّقْرِيبِ، كَلَامُ التُّحْفَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَغَيْرُهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ وَالْأَمْرُ الثَّانِي، وَهُوَ كَوْنُ جَبَلِ يَلَمْلَمُ مُمْتَدًّا بَعْدَ السَّعْدِيَّةِ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهِ الْأَخِيرَ مِنْ الْجَبَلَيْنِ اللَّذَيْنِ بِحِذَاءِ السَّعْدِيَّةِ الَّذِي بَيْنَ طَرَفِهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ فَأَقَلُّ وَقَدْ نَصَّ التُّحْفَةُ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا مِيقَاتَ أَقَلُّ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ جَبَلَ يَلَمْلَمُ، وَإِنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ مِنْ الْجَبَلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ الَّذِي بَيْنَ طَرَفِهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَكْثَرُ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ عَبَّرَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ إلَخْ) وَتَبِعَهُمْ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَالْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ وَالْوَنَّائِيُّ.
(قَوْلُهُ: بِأَحَدِهِمَا) أَيْ: بِالْعَوْدِ إلَى مِيقَاتٍ أَوْ إلَى مَرْحَلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَا عَدَلَ عَنْهُ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ ابْتِدَاءَ مَرْحَلَتَيْنِ فِي طَرِيقِهِ الَّتِي سَلَكَهَا.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ) أَيْ: الْعَوْدُ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ (قَوْلُهُ كَلَامُ هَؤُلَاءِ إلَخْ) أَيْ الْجَمْعِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: إجْزَاءُ مِثْلِ الْمَسَافَةِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ ع ش وَالْوَنَّائِيُّ وَالْكُرْدِيُّ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ أَوَّلًا
قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ، فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ مَا مُنِعَ مِنْهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ جَاوَزَهُ) إلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ إلَى وَسَاوَى، وَقَوْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلَهُ وَالْأَصَحُّ إلَى أَوْ كَانَ بِهِ، وَقَوْلَهُ أَوْ خَافَ إلَى وَلَوْ قَدَرَ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ جَاوَزَهُ) أَيْ إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ (تَنْبِيهٌ) مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ لِزِيَارَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزَارَ ثُمَّ وَصَلَ ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْمِيقَاتِ قَاصِدًا نُسُكًا حَالًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ بِذَلِكَ النُّسُكِ أَيْ: إنْ أَمْكَنَ أَوْ بِنَظِيرِهِ أَيْ: إنْ لَمْ يُمْكِنْ وَإِلَّا لَزِمَهُ الدَّمُ بِشَرْطِهِ أَيْ: إنْ لَمْ يَعُدْ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِالنُّسُكِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْمِيقَاتِ قَاصِدًا وَطَنَهُ أَوْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَخْطِرْ لَهُ قَصْدُ مَكَّةَ لِنُسُكٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ الْحَجُّ، وَهُوَ بِمَكَّةَ حَجَّ أَوْ أَنَّهُ رُبَّمَا خَطَرَتْ لَهُ الْعُمْرَةُ، وَهُوَ بِمَكَّةَ فَيَفْعَلُهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ قَاصِدًا الْحَرَمَ بِمَا قُصِدَ لَهُ مِنْ النُّسُكِ، وَإِنَّمَا هُوَ قَاصِدُهُ لِمَعْنًى آخَرَ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَاسِيًا إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ جَاوَزَهُ مُغْمًى عَلَيْهِ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ بِالْإِغْمَاءِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْعِبَادَةِ فَسَقَطَ أَثَرُ الْإِرَادَةِ السَّابِقَةِ رَأْسًا سم وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ قَالَ الْوَنَائِيُّ وَالْبَصْرِيُّ وَمِثْلُ السَّاهِي النَّائِمُ وَغَيْرُ الْأَهْلِ لِلْعِبَادَةِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلًا) وَلَا يُتَصَوَّرُ وَإِلَّا كُرِهَ هُنَا إذْ مَحَلُّ النِّيَّةِ الْقَلْبُ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ أَخْبَرَهُ بِالْإِحْرَامِ حَيْثُ أَمِنَ غَائِلَتَهُ وَإِلَّا فَلَا وَالدَّمُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِهَا إنْ عَلِمَ بِإِحْرَامِهِ وَنَّائِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَزِمَهُ الْعَوْدُ) أَيْ: بِقَصْدِ تَدَارُكِ الْوَاجِبِ وَنَّائِيٌّ أَيْ: لَا مُتَنَزِّهًا أَوْ أَطْلَقَ وَهَذَا شَرْطٌ لِدَفْعِ الْإِثْمِ دُونَ الدَّمِ بَاعَشَنٍ.
(قَوْلُهُ: تَدَارُكًا لِإِثْمِهِ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ مُكَلَّفًا عَامِدًا بِالْحُكْمِ وَمِنْهُ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ جَوَازُ إحْرَامِهِ عَلَى إذْنِ غَيْرِهِ كَالْقِنِّ وَالزَّوْجَةِ فِي النَّقْلِ أَوْ تَقْصِيرِهِ أَيْ: فِي النَّاسِي وَالْجَاهِلِ الْمَعْذُورِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ الْعَوْدُ إلَى عَيْنِهِ إلَخْ) فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْهُ مِثَالٌ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ) أَيْ: مُطْلَقًا وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَقَالَ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَمَّا أَرَادَهُ فِيهِ) أَيْ: عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَرَادَ الْإِحْرَامَ فِيهِ يَعْنِي عَنْ الْمِيقَاتِ الْعَنْوِيَّ وَتَقَدَّمَ اسْتِثْنَاءُ مَنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ، وَهُوَ بِالْحَرَمِ فَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمِيقَاتِ) حَالٌ عَنْ قَوْلِهِ مَا أَرَادَهُ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَرَادَ.
(قَوْلُهُ: لِخُصُوصِهِ بِهِ) أَيْ: خُصُوصِ الْعَوْدِ بِالْمِيقَاتِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ:
زَوَالِ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِلنِّيَّةِ
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا) بَقِيَ مَا لَوْ جَاوَزَهُ مُغْمًى عَلَيْهِ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ
حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَسَاوَى الْجَاهِلُ وَالنَّاسِي غَيْرَهُمَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ يَسْتَوِي فِي وُجُوبِ تَدَارُكِهِ الْمَعْذُورُ وَغَيْرُهُ نَعَمْ اُسْتُشْكِلَ مَا إذَا قِيلَ فِي النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَأُجِيبَ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ قَصْدُهُ إلَى حِينِ الْمُجَاوَزَةِ فَبِسَهْوٍ حِينَئِذٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي لُزُومِ الدَّمِ وَعَدَمِهِ بِحَالِهِ عِنْدَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْمِيقَاتِ وَحِينَئِذٍ فَالسَّهْوُ إنْ طَرَأَ عِنْدَ ذَلِكَ الْجُزْءِ فَلَا دَمَ أَوْ بَعْدَهُ فَالدَّمُ (إلَّا إذَا) كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَأَنْ (ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ الْعَوْدِ بِأَنْ خَشِيَ فَوْتَ الْحَجِّ لَوْ عَادَ (أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا) أَوْ خَافَ انْقِطَاعًا عَنْ الرُّفْقَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُجَرَّدَ الْوَحْشَةِ هُنَا لَا تُعْتَبَرُ، أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ يَشُقُّ مَعَهُ الْعَوْدُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً.
أَوْ خَافَ عَلَى مُحْتَرَمٍ بِتَرْكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لِلضَّرَرِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَكَذَا الْأَخِيرَةُ إنْ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ مُحْتَرَمٍ كَعُضْوٍ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْعَوْدِ مَاشِيًا بِلَا مَشَقَّةٍ أَوْ بِهَا، لَكِنَّهَا تُحْتَمَلُ عَادَةً لَزِمَهُ وَلَوْ فَرَّقَ مَرْحَلَتَيْنِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ بِتَعَدِّيهِ هُنَا (فَإِنْ لَمْ يَعُدْ لَزِمَهُ دَمٌ) إنْ اعْتَمَدَ مُطْلَقًا أَوْ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ أَوْ فِي الْقَابِلَةِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَأَدَّتْ بِإِحْرَامٍ نَاقِصٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا أَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ بَعْدَ تِلْكَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ لِنَقْصِ النُّسُكِ لَا بَدَلَ عَنْهُ وَفَارَقَتْ الْعُمْرَةُ الْحَجَّ بِأَنَّ إحْرَامَهُ فِي سَنَةٍ لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهَا بِخِلَافِهَا، فَإِنَّ وَقْتَ إحْرَامِهَا لَا يَتَأَقَّتُ وَلَوْ جَاوَزَهُ كَافِرٌ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ وَلَمْ يَعُدْ لَزِمَهُ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ أَوْ قِنٌّ
التَّدَارُكُ (حَاصِلٌ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْعَوْدِ إلَى مِثْلِ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ: لُزُومِ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ فِي النَّاسِي إلَخْ) أَيْ: وَبِالْأَوْلَى فِي نَحْوِ النَّائِمِ (قَوْلُهُ لِلْإِحْرَامِ) مُتَعَلِّقٌ بِالنَّاسِي.
(قَوْلُهُ: وَأُجِيبُ إلَخْ) أَقَرَّهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ آخِرِ جُزْءٍ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ تَتَبُّعِ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَتْ الْإِرَادَةُ فِي جُزْءٍ مِنْ الْمِيقَاتِ وَجَبَ الْإِحْرَامُ وَهَذَا لَا يُنَافِي السَّهْوَ فِي جُزْءٍ آخَرَ بَصْرِيٌّ وَوَنَّائِيٌّ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ نَحْوَ النَّاسِي فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمِيقَاتِ لَا يَلْزَمُهُ عَوْدٌ وَلَا دَمٌ بِاتِّفَاقٍ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا) أَيْ: بِأَنْ خَافَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَدَخَلَ فِي الْمَالِ مَا لَوْ كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي يَخَافُ عَلَيْهِ فِي رُجُوعِهِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الدَّمِ الَّذِي يَلْزَمُهُ حَيْثُ لَمْ يَعُدْ أَوْ دُونَهَا وَقِيَاسُ مَا فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَافَ عَلَى مَالٍ يُسَاوِي ثَمَنَ مَاءِ الطَّهَارَةِ لَا يُعْتَبَرُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَيَجِبُ الْعَوْدُ، وَإِنْ خَافَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا إسْقَاطٌ لِمَا ارْتَكَبَهُ وَمَا فِي التَّيَمُّمِ طَرِيقٌ لِلطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ أَضْيَقُ مِمَّا هُنَا فَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ وَلَا إثْمَ بِعَدَمِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْوَنَائِيُّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ إلَخْ) أَيْ: أَوْ كَانَ سَاهِيًا عَنْ لُزُومِ الْعَوْدِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ) بِبَاءِ الْجَرِّ وَفِي نُسْخَةِ الْبَصْرِيِّ مِنْ الشَّرْحِ يَتْرُكُهُ بِالْيَاءِ عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ عَلَى مُحْتَرَمٍ يَتْرُكُهُ أَيْ: أَوْ يَسْتَصْحِبُهُ فَذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ لِلْغَالِبِ اهـ وَعِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْعَوْدِ إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى مُحْتَرَمٍ يَتْرُكُهُ أَوْ يَسْتَصْحِبُهُ أَوْ بُضْعٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَرَمًا كَزَانٍ مُحْصَنٍ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) يَعْنِي مَسْأَلَةَ خَشْيَةِ الْفَوَاتِ بَصْرِيٌّ أَيْ: وَلَوْ ظَنًّا وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَرَ إلَخْ) أَيْ: تَارِكُ الْمِيقَاتِ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَنَّائِيٌّ وَهَذَا التَّعْمِيمُ قَدْ يُنَافِي مَا يَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي آنِفًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِتَعَدِّيهِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فَرَّقَ مَرْحَلَتَيْنِ إلَخْ) قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ قَدْ تَعَدَّى بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيُفِيدُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَفَارَقَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ: فِي الْحَجِّ مَاشِيًا مِنْ التَّقْيِيدِ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ لَمْ يَعُدْ) أَيْ: لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ دَمٌ) أَيْ: بِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ الْوَنَائِيُّ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ الْمُجَاوَزَةُ الْمُحَرَّمَةُ وَلَمْ يُحْرِمْ إلَّا مِنْ آخِرِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا دَمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ أَثِمَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ اعْتَمَرَ) إلَى قَوْلِهِ وَمُجَاوَزَةُ الْوَلِيِّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ فِي الْقَابِلَةِ إلَى بِخِلَافِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ سَنَتِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ السَّنَةِ) أَيْ: سَنَةِ الْمُجَاوَزَةِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْقَابِلَةِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ عِبَارَةُ بَاعَشَنٍ قَوْلُهُ أَوْ فِي الْقَابِلَةِ خَالَفَهُ الشِّهَابَانِ الرَّمْلِيُّ وَابْنُ قَاسِمٍ وَقَالَا لَا دَمَ فِيمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدٌ لِلْحَجِّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَأَحْرَمَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ عَوْدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ) إشَارَةٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حَجَّ فِي الْقَابِلِ مِنْ غَيْرِ الْمِيقَاتِ كَمَكَّةَ وَإِلَّا فَلَا دَمَ فَلْيُرَاجَعْ سم.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا إلَخْ) أَيْ: الثَّلَاثَةَ مِنْ الْعُمْرَةِ مُطْلَقًا وَالْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَفِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بَعْدَ تِلْكَ السَّنَةِ) أَيْ: فِي غَيْرِ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ كُرْدِيٌّ أَقُولُ وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ اسْمِ الْإِشَارَةِ هُنَا إلَى كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ دَمٌ إلَخْ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قِنٌّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ مَرَّ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَلَا دَمَ اهـ.
وَفِي سم بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ عَنْ حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلسَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ وَالشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَهَذَا الْكَلَامُ كَالصَّرِيحِ فِي تَصْوِيرِ عَدَمِ وُجُوبِ الدَّمِ فِيمَا إذَا جَاوَزَ الصَّبِيُّ مُرِيدًا النُّسُكَ ثُمَّ أَحْرَمَ، وَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ الْعَبْدُ كَذَلِكَ، وَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيُّ أَوْ السَّيِّدُ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّصْوِيرِ وُجُوبُ الدَّمِ إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ فَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَالْكَافِرِ فِيمَا ذُكِرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ اهـ لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ أَوْ السَّيِّدُ اهـ. وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ أَنَّهُ
بِالْإِغْمَاءِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْعِبَادَةِ فَسَقَطَ أَثَرُ الْإِرَادَةِ السَّابِقَةِ رَأْسًا.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ) أَيْ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ إلَخْ وَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حَجَّ فِي الْقَابِلِ مِنْ غَيْرِ الْمِيقَاتِ كَمَكَّةَ وَإِلَّا فَلَا دَمَ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قِنٌّ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَهَلْ التَّفْصِيلُ يَجْرِي فِي الصَّبِيِّ فَيُفْصَلُ بَيْنَ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ وَغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلُ يُحْمَلُ الْكَلَامُ الْمُخْتَلِفُ فِي الْمَسْأَلَةِ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ قِنٌّ
كَذَلِكَ ثُمَّ عَتَقَ وَأَحْرَمَ لَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْإِرَادَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ وَمُجَاوَزَةُ الْوَلِيِّ بِمُوَلِّيهِ مُرِيدًا النُّسُكَ بِهِ فِيهَا الدَّمُ عَلَى الْأَوْجَهِ بِالتَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ.
(وَإِنْ أَحْرَمَ ثُمَّ عَادَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ عَادَ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ سَقَطَ) عَنْهُ (الدَّمُ) لِقَطْعِهِ الْمَسَافَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الدَّمَ وَجَبَ ثُمَّ سَقَطَ بِالْعَوْدِ، وَهُوَ وَجْهٌ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ عَادَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَإِلَّا بَانَ أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَصْلًا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ دَفَعَ الدَّمَ لِلْفَقِيرِ وَشَرَطَ الرُّجُوعَ إنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ
يَلْزَمُ الْوَلِيَّ كُلُّ دَمِ الْمَوْلَى أَنَّ الدَّمَ هُنَا عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ.
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: مُرِيدًا لِلنُّسُكِ.
(قَوْلُهُ: لَا دَمَ عَلَيْهِ) قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَقِيَاسُهُ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ كَذَلِكَ فَلَوْ جَاوَزَتْ الْمِيقَاتَ مُرِيدَةً لِلنُّسُكِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَلَا دَمَ، وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُحْرِمَ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ انْتَهَى اهـ سم وَفِي الْوَنَائِيِّ مَا يُوَافِقُهُ إلَّا أَنَّهُ قَيَّدَ النُّسُكَ بِالنَّفْلِ.
(قَوْلُهُ: وَمُجَاوَزَةُ الْوَلِيِّ بِمُوَلِّيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَلَوْ نَوَى نَحْوُ الْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ مُوَلِّيهِ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ فَجَاوَزَ بِهِ الْمِيقَاتَ ثُمَّ أَحْرَمَ عَنْهُ بَعْدَهُ أَوْ أَذِنَ لِمُمَيِّزٍ فَأَحْرَمَ وَجَبَ الدَّمُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ إنْ لَمْ يَعُدْ بِهِ إلَى الْمِيقَاتِ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ مَعَهُ أَمَّا لَوْ عَنَّ لَهُ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ فَأَحْرَمَ عَنْهُ أَوْ أَذِنَ فَلَا شَيْءَ وَإِرَادَةُ الْمَوْلَى لِلْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ لَاغِيَةٌ، فَإِنْ كَمَّلَ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ فَمِيقَاتُهُ حَيْثُ عَنَّ لَهُ وَلَوْ بِعَرَفَةَ وَوَكِيلُ الْوَلِيِّ إنْ قَصَّرَ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الْإِحْرَامِ لَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَالدَّمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فِي الْمُجَاوَزَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْوَلِيِّ، وَوَلِيُّ الْكَافِرِ مَعَ مُوَلِّيهِ كَهُوَ فِي إرَادَتِهِ لِنَفْسِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ لِيَتْبَعَهُ فَيُحْرِمَ عَنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالتَّفْصِيلِ إلَخْ) أَيْ: إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ فِي سَنَتِهَا وَلَمْ يَعُدْ بِهِ إلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِنْ أَحْرَمَ إلَخْ) أَيْ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَ (قَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ عَادَ إلَخْ) أَيْ: سَوَاءٌ أَكَانَ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ لَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ.
(قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ) قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ رُكْنًا كَانَ كَالْوُقُوفِ وَطَوَافِ الْعُمْرَةِ أَوْ مَسْنُونًا عَلَى صُورَةِ الرُّكْنِ كَطَوَافِ قُدُومٍ بِخِلَافِ مَسْنُونٍ عَلَى صُورَةِ الْوَاجِبِ كَمَبِيتِ مِنًى لَيْلَةَ التَّاسِعِ كَمَا رَجَّحَهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ أَوْ لَا عَلَى صُورَةِ شَيْءٍ كَالْإِقَامَةِ بِنَمِرَةَ يَوْمِ التَّاسِعِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَسْنُونٍ عَلَى صُورَةِ الْوَاجِبِ إلَخْ يَأْتِي عَنْ الْوَنَائِيِّ خِلَافُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (سَقَطَ الدَّمُ) وَحَيْثُ سَقَطَ الدَّمُ بِالْعَوْدِ لَمْ تَكُنْ الْمُجَاوَزَةُ حَرَامًا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمُجَاوَزَةُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَخْ) صَرَّحَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ بِتَرْجِيحِ الْوُقُوفِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَصْلًا) أَيْ:؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ تَعَلَّقَ بِفَوَاتِ الْعَوْدِ وَلَمْ يَفُتْ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَقُولُ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَمَا صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْعَوْدِ بَعْدُ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ دَفَعَ الدَّمَ لِلْفَقِيرِ وَشَرَطَ الرُّجُوعَ إلَخْ) أَيْ: وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ
كَذَلِكَ إلَخْ) لَمْ يَزِدْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ ذِكْرِ الرَّوْضِ مَسْأَلَةَ الْكَافِرِ الْمَذْكُورَةَ عَلَى قَوْلِهِ هُوَ مَا نَصُّهُ وَكَالْكَافِرِ فِيمَا ذُكِرَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ اهـ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَفِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلسَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ فِي قَوْلِ الْإِيضَاحِ، فَإِنْ جَاوَزَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ عَصَى إلَخْ مَا نَصُّهُ الثَّانِي أَيْ مِنْ الْأُمُورِ أَشْعَرَ قَوْلُهُ عَصَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَالِغِ أَمَّا الصَّبِيُّ إذَا مَرَّ بِالْمِيقَاتِ مُرِيدًا النُّسُكَ فَجَاوَزَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ حَتَّى لَوْ بَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ غَيْرَ مُفْتَقِرٍ فِي إحْرَامِهِ إلَى إذْنِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا؛ لِأَنَّهُمْ سَوَّوْا بَيْنَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فِيمَا سَبَقَ حَتَّى لَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ قُلْت وَقِيَاسُهُ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ كَذَلِكَ فَلَوْ جَاوَزَتْ الْمِيقَاتَ مُرِيدَةً لِلنُّسُكِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَلَا دَمَ، وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُحْرِمَ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَلَوْ نَوَى الْوَلِيُّ أَنْ يَعْقِدَ الْإِحْرَامَ لِلصَّبِيِّ فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَلَمْ يَعْقِدْهُ لَهُ ثُمَّ عَقَدَهُ لَهُ فَفِي الدَّمِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ وَيَكُونُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ. وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَتِهِ نَحْوَهُ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا الْكَلَامُ كَالصَّرِيحِ فِي تَصْوِيرِ عَدَمِ وُجُوبِ الدَّمِ فِيمَا إذَا جَاوَزَ الصَّبِيُّ مُرِيدُ النُّسُكِ ثُمَّ أَحْرَمَ، وَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ الْعَبْدُ كَذَلِكَ، وَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيُّ أَوْ السَّيِّدُ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّصْوِيرِ وُجُوبُ الدَّمِ إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ، فَإِنْ قُلْت قَوْلُ السَّيِّدِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ يَقْتَضِي صِحَّةَ إحْرَامِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ مَعَ أَنَّ إحْرَامَ الصَّبِيِّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا يَصِحُّ قُلْت يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ فِي إحْرَامِهِ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُ عَنْ بُلُوغِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ أَوْ السَّيِّدُ هَذَا وَالْوَجْهُ تَصْوِيرُ مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ بِمَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ أَمَّا إذَا جَاوَزَ مُرِيدُ النُّسُكِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ إذْ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، فَإِرَادَتُهُ ذَلِكَ قَبْلَ إذْنِهِ لَغْوٌ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْعِبْرَةَ إنَّمَا هِيَ بِإِرَادَةِ الْوَلِيِّ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ دَفَعَ الدَّمَ لِلْفَقِيرِ وَشَرَطَ الرُّجُوعَ إنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ) وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ بِعَوْدِهِ لَمْ تَكُنْ مُجَاوَزَتُهُ مُحَرَّمَةً كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ
(وَإِلَّا) يَعُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنْ عَادَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ أَيْ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ الْحَجَرَ فَلَا عِبْرَةَ بِمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا أَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ (فَلَا) يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْهُ لِتَأَدِّي نُسُكِهِ بِإِحْرَامٍ نَاقِصٍ
. (وَالْأَفْضَلُ) لِمَنْ فَوْقَ الْمِيقَاتِ وَلَيْسَ بِحَائِضٍ وَلَا نُفَسَاءَ (أَنْ يُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَقَدْ فَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (وَفِي قَوْلٍ مِنْ الْمِيقَاتِ قُلْت الْمِيقَاتُ أَظْهَرُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَخَّرَ إحْرَامَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى الْحُلَيْفَةِ» إجْمَاعًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَذَا فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ تَغْرِيرٍ بِالْعِبَادَةِ لِمَا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى وَاجِبَاتِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَقَدْ يَجِبُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ كَأَنْ نَذَرَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ كَمَا يَجِبُ الْمَشْيُ بِالنَّذْرِ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا وَكَمَا مَرَّ فِي أَجِيرٍ مِيقَاتُ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ أَبْعَدُ مِنْ مِيقَاتِهِ وَقَدْ يُسَنُّ كَمَا لَوْ خَشِيَتْ طُرُوُّ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ عِنْدَ الْمِيقَاتِ وَكَمَا لَوْ قَصَدَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لِلْخَبَرِ الضَّعِيفِ «مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» شَكَّ الرَّاوِي
(وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْحَرَمِ مِيقَاتُ الْحَجِّ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ «مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ» (وَمَنْ بِالْحَرَمِ) مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا (يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا بِأَنْ يَجْتَهِدَ وَيَعْمَلَ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَحْدِيدِ الْحَرَمِ فِيهِ وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَجِدْ عَلَامَةً لِلِاجْتِهَادِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الِاحْتِيَاطُ بِأَنْ يَصِلَ إلَى أَبْعَدِ حَدٍّ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ (وَلَوْ بِخُطْوَةٍ) مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَرْسَلَ عَائِشَةَ مَعَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رضي الله عنهما فَاعْتَمَرَتْ مِنْ التَّنْعِيمِ» وَلَوْ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ لَمَا أَرْسَلَهَا لِضِيقِ الْوَقْتِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْ خُطْوَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.
وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْخُطْوَةَ تَصْدُقُ بِمُجَرَّدِ نَقْلِ الْقَدَمِ عَنْ مَحَلِّهِ إلَى مُلَاصِقِهِ وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ وَوَاضِحٌ مِنْ نَظَائِرِهِ، ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ رِجْلًا فَقَطْ إلَى الْحِلِّ اُشْتُرِطَ اعْتِمَادُهُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا وَلَوْ أَرَادَ مَنْ بِمَكَّةَ الْقِرَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ مُوَافِقٌ كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَوْلَى التَّأْنِيثُ اهـ.
مِنْ هَامِشٍ
لَا يَرْجِعُ وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ يَرْجِعُ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَعُدْ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا يَجِبُ الْمَشْيُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ: بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ) أَيْ: أَوْ الْوَدَاعِ الْمَسْنُونِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِعَرَفَةَ أَوْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَنَّائِيٌّ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ الْجَمَّالِ.
(قَوْلُهُ: بِمَا تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ النِّيَّةِ قَبْلَ مُحَاذَاةِ الْحَجَرِ ثُمَّ مُحَاذَاتِهِ وَاسْتِلَامِهِ وَتَقْبِيلِهِ وَالسُّجُودِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ) أَيْ: أَوْ الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيْلَةَ التَّاسِعِ وَنَّائِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ عَبْدِ الرَّءُوفِ وَابْنِ الْجَمَّالِ خِلَافُهُ
. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِحَائِضٍ إلَخْ) أَيْ: وَلَا جُنُبٍ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (قُلْت وَالْمِيقَاتُ) أَيْ: الْقَوْلُ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْهُ أَفْضَلُ سم وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَ إلَخْ) أَيْ: وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِهِ صلى الله عليه وسلم كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ تَغْرِيرًا إلَخْ) ، وَإِنَّمَا جَازَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ دُونَ الزَّمَانِيِّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْعِبَادَةِ بِالْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْهُ بِالْمَكَانِ وَلِأَنَّ الْمَكَانِيَّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ بِخِلَافِ الزَّمَانِيِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ نَذَرَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ إلَخْ) وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِيقَاتِ فَكَيْفَ انْعَقَدَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَانِعُ مِنْ الِانْعِقَادِ هُوَ الْمَكْرُوهُ لَا مَا كَانَ غَيْرُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَكَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحِ ذَاتِ عِرْقٍ.
(قَوْلُهُ: فِي أَجِيرٍ) بِالتَّنْوِينِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُسَنُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ صُوَرٌ مِنْهَا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَالْأَفْضَلُ لَهُمَا الْمِيقَاتُ كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا مَا لَوْ شَكَّ فِي الْمِيقَاتِ لِخَرَابِ مَكَانِهِ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ النَّذْرِ الْمُتَقَدِّمَةُ اهـ
. (قَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ) أَيْ: فِي شَرْحِ ذَاتِ عِرْقٍ وَ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) مَقُولُ الْقَوْلِ.
(قَوْلُهُ: مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَخْ) أَيْ لِلْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْتَهِدَ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَجِدْ مُخْبِرًا عَنْ عِلْمٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ أَنَّهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ وَإِلَّا لَزِمَهُ وَأَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اثْنَانِ يَأْتِي مَا مَرَّ ثَمَّةَ حَاشِيَةُ الْإِيضَاحِ.
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَخْ) أَيْ: لِجِهَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إلَخْ) أَيْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِالِاجْتِهَادِ.
(قَوْلُهُ: إلَى أَبْعَدِ حَدٍّ إلَخْ) لَعَلَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ إلَى مُحَاذِي أَبْعَدَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الْحَرَمِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ بِخُطْوَةٍ) أَيْ: بِقَلِيلٍ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَوْ أَقَلَّ اهـ، وَهِيَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِرَدِّهِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ جِهَةٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ إلَى وَلَوْ أَرَادَ.
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الْخُرُوجَ وَ (قَوْلُهُ: لِضِيقِ الْوَقْتِ) أَيْ بِرَحِيلِ الْحُجَّاجِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ قِيلَ إلَخْ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَتْ الْقَدَمَانِ ابْتِدَاءً مَوْضُوعَيْنِ بِحَيْثُ خَرَجَتْ رُءُوسُ أَصَابِعِهِمَا فَقَطْ فَرَفَعَ مَا عَدَا رُءُوسَهُمَا وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، فَإِنَّهُ يَكْفِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ خَارِجٌ وَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بَعْدَ ذَلِكَ خُطْوَةً كَمَا لَا يَخْفَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ تِلْكَ الْخُطْوَةَ كِنَايَةٌ عَنْ مُطْلَقِ الْقِلَّةِ سم بِحَذْفٍ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي
تَكُونَ الْمُجَاوَزَةُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ شَرْحُ م ر
. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ قُلْت الْمِيقَاتُ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْهُ أَفْضَلُ
(قَوْلُهُ وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ) يُمْكِنُ مَنْعُهُ بِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ زَحْزَحَ قَدَمَيْهِ الْمُلَاصِقَتَيْنِ لِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَرَمِ حَتَّى خَرَجَتْ رُءُوسُ أَصَابِعِهِمَا فَقَطْ عَنْ الْحَرَمِ ثُمَّ اعْتَمَدَ عَلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِمَا وَرَفَعَ مَا عَدَاهَا، فَإِنَّهُ يَكْفِي ذَلِكَ وَلَا يُعَدُّ خُطْوَةً وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ يُعَدُّ فَيَرِدُ مَا لَوْ كَانَتْ الْقَدَمَانِ ابْتِدَاءً مَوْضُوعَتَيْنِ بِحَيْثُ خَرَجَتْ رُءُوسُ أَصَابِعِهِمَا فَقَطْ فَرَفَعَ مَا عَدَا رُءُوسَهُمَا وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، فَإِنَّهُ يَكْفِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ خَارِجٌ وَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بَعْدَ ذَلِكَ خُطْوَةً كَمَا لَا يَخْفَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ تِلْكَ الْخُطْوَةَ كِنَايَةٌ عَنْ مُطْلَقِ الْقِلَّةِ
(قَوْلُهُ