الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ وَلَمْ تَنْفَعْهُ نِيَّةُ النَّفْرِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ عَزْمِهِ الْعَوْدَ لَا يُسَمَّى نَفْرًا (وَيَدْخُلُ رَمْيُ) كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْرَاقِ نَهَارِهَا بِنُورِ الشَّمْسِ وَلَيْلِهَا بِنُورِ الْقَمَرِ وَحِكْمَةُ التَّسْمِيَةِ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا، أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ يُشَرِّقُونَ اللَّحْمَ فِيهَا أَيْ: يُقَدِّدُونَهُ، وَهِيَ الْمَعْدُودَاتُ فِي الْآيَةِ لِقِلَّتِهَا وَالْمَعْلُومَاتُ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ (بِزَوَالِ الشَّمْسِ) مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِلِاتِّبَاعِ وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ عَقِبَهُ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَلَمْ يُرِدْ جَمْعَ التَّأْخِيرِ (وَيَخْرُجُ) وَقْتُ اخْتِيَارِهِ (بِغُرُوبِهَا) مِنْ كُلِّ يَوْمٍ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ لَيْلًا (وَقِيلَ يَبْقَى) وَقْتُ الْجَوَازِ وَحِينَئِذٍ فَفِي حَمْلِ الْمَتْنِ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِي لَا يَكُونُ مُقَابِلًا لَهُ حِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى وَقْتِ الْجَوَازِ وَيَكُونُ جَرْيًا عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي تَنَاقَضَ فِيهِ كَلَامُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ.
وَلَك أَنْ تَحْمِلَ الْغُرُوبَ عَلَى غُرُوبِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِيَكُونَ الضَّعِيفُ مُقَابِلًا لَهُ مَعَ جَرَيَانِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُرَادُ حِينَئِذٍ لَازِمٌ وَيَخْرُجُ وَالْمَعْنَى وَيَبْقَى أَيْ: وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى غُرُوبِهَا آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقِيلَ يَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى فَجْرِ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي كُلَّ يَوْمٍ لَا غَيْرُ (إلَى الْفَجْرِ) كَوُقُوفِ عَرَفَةَ وَمَحِلُّهُ فِي غَيْرِ ثَالِثِهَا لِخُرُوجِ وَقْتِ الْجَوَازِ وَغَيْرِهِ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ قَطْعًا
(فَرْعٌ) يُسَنُّ كَمَا مَرَّ لِمُتَوَلِّي أَمْرِ الْحَجِّ خُطْبَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا فَعَلَهَا ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ وَأَجَبْت عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ وَتَكَلُّفٌ يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا الرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ وَخُطْبَةٌ بِهَا أَيْضًا بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا جَوَازَ النَّفْرِ فِيهِ وَغَيْرِهِ وَيُوَدِّعُهُمْ وَتُرِكَتَا مِنْ أَزْمِنَةٍ عَدِيدَةٍ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَنْبَغِي فِعْلُهَا الْآنَ إلَّا بِأَمْرِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لِمَا يُخْشَى مِنْ الْفِتْنَةِ (وَيُشْتَرَطُ) فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَمَا بَعْدَهُ (رَمْيُ السَّبْعِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) يَعْنِي مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً، وَإِنْ اشْتَمَلَتْ كُلُّ مَرَّةٍ عَلَى سَبْعٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ اتَّحَدَتْ الْحَصَاةُ فِي الْمَرَّاتِ السَّبْعِ، أَوْ وَقَعَتْ الْمَرَّتَانِ، أَوْ الْمَرَّاتُ مَعًا فِي الْمَرْمَى وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَلَوْ رَمَى ثِنْتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَوْ وَاحِدَةً بِيَمِينِهِ وَأُخْرَى بِيَسَارِهِ حُسِبَتْ رَمْيَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ وُجِدَ التَّرْتِيبُ فِي الْوُقُوعِ، وَإِنَّمَا حُسِبَتْ فِي الْحَدِّ الضَّرْبَةُ الْوَاحِدَةُ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةٌ بِعَدَدِهَا؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ وَلِوُجُودِ أَصْلِ الْإِيلَامِ الْمَقْصُودِ فِيهِ وَالْغَالِبُ هُنَا التَّعَبُّدُ، أَوْ مُتَرَتِّبَتَيْنِ فَوَقَعَتَا مَعًا فَثِنْتَانِ.
(وَ) فِيمَا بَعْدَهُ (تَرْتِيبُ الْجَمَرَاتِ) بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْأُولَى مِنْ جِهَةِ عَرَفَةَ ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَلَيْسَ فِي عَزْمِهِ الْعَوْدُ لِلْمَبِيتِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ عَزَمَ الْعَوْدَ بِدُونِ قَصْدِ الْمَبِيتِ أَيْ النُّسُكِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَقْصِدْ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْ الْمَبِيتِ وَعَدَمَ الْعَوْدِ سم (قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَحِكْمَةُ إلَى أَوْ لِأَنَّهُمْ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ سُمِّيَتْ إلَى، وَهِيَ الْمَعْدُودَاتُ.
(قَوْلُهُ وَحِكْمَةُ التَّسْمِيَةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ لَمَّا كَانَتْ الْحِكْمَةُ فِي تَسْمِيَتِهَا ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ تُسَمَّى كُلُّ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كُرْدِيٌّ أَيْ أَنْ تُسَمَّى هَذِهِ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ فِي جَمِيعِ شُهُورِ السَّنَةِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُمْ يُشَرِّقُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُمْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْآيَةِ) أَيْ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ وَ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْلُومَاتُ) أَيْ فِي سُورَةِ الْحَجِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِدْ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُقَيِّدَةٌ لِضِيقِ الْوَقْتِ لَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى لَمْ يَضِقْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَفِي حَمْلِ الْمَتْنِ) أَيْ قَوْلُهُ وَيَخْرُجُ بِغُرُوبِهَا.
(قَوْلُهُ: الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) وَافَقَهُمْ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِي) أَيْ قَوْلُ الْمَتْنِ وَقِيلَ يَبْقَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ مَعَ جَرَيَانِهِ عَلَى الْأَصَحِّ)، وَهُوَ أَنْ يَمْتَدَّ وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى) أَيْ الْمَعْنَى الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَيَخْرُجُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى فَجْرِ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي إلَخْ) شَامِلٌ لِآخِرِ يَوْمٍ وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَمَحَلُّهُ إلَخْ سم وَلَك دَفْعُ الْمُنَافَاةِ بِإِرْجَاعِ قَوْلِهِ الْآتِي إلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَالْمَعْنَى وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ بِكُلٍّ مِنْ احْتِمَالَيْهِ فِي غَيْرِ ثَالِثِهَا إلَخْ فَثَالِثُهَا مُسْتَثْنًى عَلَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ: كَوُقُوفِ عَرَفَةَ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ هَذَا إلَى يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا الرَّمْيَ
[فَرْعٌ يُسَنُّ لِمُتَوَلِّي أَمْرِ الْحَجِّ خُطْبَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى]
. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي فَصْلِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.
(قَوْلُهُ: يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا الرَّمْيَ) أَيْ وَالطَّوَافَ وَالنَّحْرَ وَ (قَوْلُهُ: وَالْمَبِيتُ) أَيْ وَمَنْ يُعْذَرُ فِيهِ لِيَأْتُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوهُ مِنْهَا عَلَى وَجْهِهِ وَيَتَدَارَكُوا مَا أَخَلُّوا بِهِ مِنْهَا مِمَّا فَعَلُوهُ كَذَا فِي الْأَسْنَى وَقَوْلُهُ وَيَتَدَارَكُوا إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ فِي خُطْبَةِ السَّابِعِ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِمَا سَبَقَ الْخُطْبَةَ وَلَعَلَّهُ مَأْخَذُهُ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ بِمِنًى.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَمَا بَعْدَهُ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَغَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُوَدِّعُهُمْ) وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ وَمُلَازَمَةِ التَّقْوَى وَالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهَا وَخَتْمِ حَجِّهِمْ بِالِاسْتِقَامَةِ مَا اسْتَطَاعُوا وَأَنْ يَكُونُوا بَعْدَ الْحَجِّ خَيْرًا مِنْهُمْ قَبْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَلَامَةِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ وَلَا يَنْسَوْا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ وَسُنَّ لِكُلِّ حَاجٍّ حُضُورُ هَاتَيْنِ الْخُطْبَتَيْنِ وَالِاغْتِسَالُ لَهُ وَالتَّطَيُّبُ لَهُ إنْ تَحَلَّلَ إنْ فُعِلَتَا وَإِلَّا فَقَدْ تُرِكَتَا مِنْ أَزْمِنَةٍ طَوِيلَةٍ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ) إلَى قَوْلِهِ وَفَسَّرَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَقَوْلَهُ وَفَيْرُوزَجِ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنَّمَا إلَى أَوْ مُرَتَّبَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اتَّحَدَتْ الْحَصَاةُ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا تَتَأَدَّى الرَّمَيَاتُ كُلُّهَا بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ نِهَايَةٌ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِعَدَدِهَا) أَيْ بِعَدَدِ ضَرَبَاتِ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبَتَيْنِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى دَفْعَةً وَاحِدَةً.
(قَوْلُهُ: فَوَقَعَتَا مَعًا إلَخْ) أَيْ أَوْ وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْأُولَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدَهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَرْتِيبُ الْجَمَرَاتِ) أَيْ فِي الْمَكَانِ وَكَذَا فِي الزَّمَانِ وَالْأَبْدَانِ كَأَنْ يُكْمِلَ الثَّلَاثَ عَنْ أَمْسِهِ أَوْ نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ يَوْمِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَقْصِدُ بِالرَّمْيِ الْأَوَّلِ كَوْنَهُ عَنْ الْمَتْرُوكِ الْأَوَّلِ وَبِالثَّانِي عَنْ الثَّانِي، فَإِنْ خَالَفَ وَقَعَ
ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ فِي يَوْمِ النَّفْرِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَتَدَارَكْ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَقْصِدْ قَبْلَ الْغُرُوبِ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْمَبِيتِ وَعَدَمَ الْعَوْدِ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى فَجْرِ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي كُلَّ
فَلَوْ عُكِسَتْ حُسِبَتْ الْأُولَى فَقَطْ فَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً عَمْدًا، أَوْ غَيْرَهُ وَنَسِيَ مَحِلَّهَا جَعَلَهَا مِنْ الْأُولَى فَيُكْمِلُهَا ثُمَّ يُعِيدُ الْأَخِيرَتَيْنِ مُتَرَتِّبَتَيْنِ (وَ) فِي الْكُلِّ (كَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا) لِلِاتِّبَاعِ وَلَوْ حَجَرَ حَدِيدٍ وَنَقْدٍ وَفَيْرُوزَجِ وَيَاقُوتٍ وَعَقِيقٍ وَبِلَّوْرٍ وَفَسَّرَهُ فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهُ جَوْهَرٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُصْطَنَعَ الْمُشْبِهَ لَهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَزَبَرْجَدٍ وَزُمُرُّدٍ، وَإِنْ جُعِلَتْ فُصُوصًا مَثَلًا، وَإِنْ أُلْصِقَتْ بِنَحْوِ خَاتَمٍ فَرَمَاهُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَكَذَّانِ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِرَامٍ وَمَرْمَرٍ، وَهُوَ الرُّخَامُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَقَوْلُ شَارِحٍ لَا يُجْزِئُ الرُّخَامُ سَهْوٌ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّ مِنْهُ نَوْعًا مَصْنُوعًا وَأَنَّ الْمَرْمِيَّ بِهِ مِنْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مِنْ طَبَقَاتِهَا كَإِثْمِدٍ وَلُؤْلُؤٍ وَمُنْطَبِعٍ نَحْوِ نَقْدٍ، أَوْ حَدِيدٍ وَمَرَّ فِي مَبْحَثِ الْمُشَمَّسِ أَنَّ الِانْطِبَاعَ الْمَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ لَكِنَّهُ ثَمَّ يَكْفِي مَا بِالْقُوَّةِ لَا هُنَا لِاخْتِلَافِ الْمَلْحَظَيْنِ وَنُورَةٍ طُبِخَتْ وَوَاضِحٌ حُرْمَةُ الرَّمْيِ بِنَفِيسٍ كَيَاقُوتٍ إنْ نَقَصَ بِهِ قِيمَتُهُ لِحُرْمَةِ إضَاعَةِ الْمَالِ.
وَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ الْمَرْجَانَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مُعْتَرَضٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِي بَحْرِ الْأَنْدَلُسِ كَالشَّجَرَةِ وَنُقِلَ أَنَّ لَهُ جَزِيرَةً يَنْبُتُ فِيهَا كَالشَّجَرِ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي الْمَرْجَانِ الْآنَ أَمَّا الْمَرْجَانُ لُغَةً فَهُوَ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ (وَأَنْ يُسَمَّى رَمْيًا) وَأَنْ يَكُونَ
عَنْ الْمَتْرُوكِ كَمَا لَوْ رَمَى عَنْ غَيْرِهِ قَبْلَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ عَكَسَ) أَيْ بِأَنْ بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الَّتِي تَلِي الْمَسْجِدَ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً إلَخْ) وَلَوْ تَرَكَ حَصَاتَيْنِ لَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُمَا احْتَاطَ وَجَعَلَ وَاحِدَةً مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَوَاحِدَةً مِنْ ثَالِثِهِ، وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلُ مِنْ أَيِّ جَمْرَةٍ كَانَتْ أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَحَصَلَ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَحَدِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَأَحَدِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَيْ وَيَبْقَى عَلَيْهِ رَمْيُ يَوْمٍ، فَإِنْ تَدَارَكَهُ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ اهـ وَأَقُولُ قَوْلُهُمَا مِنْ أَيِّ جَمْرَةٍ كَانَتْ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ الْأَسْوَأُ جَعْلُ الثَّانِيَةِ مِنْ أُولَى ثَالِثِهِ وَكَذَا مَا زَادَهُ النِّهَايَةُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ الْحَاصِلُ إنَّمَا هُوَ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ وَبَعْضِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ سِتُّ رَمَيَاتٍ مِنْ أُولَى أَوَّلِهَا فَيَبْقَى عَلَيْهِ رَمْيُ يَوْمَيْنِ إلَّا هَذِهِ السِّتَّةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) إنْ أَرَادَ بِهِ السَّهْوَ فَقَطْ فَالتَّعْبِيرُ بِهِ أَوْضَحُ أَوْ مَا يَشْمَلُ الْجَهْلَ أَيْضًا فَفِيهِ أَنَّ الْجَهْلَ لَا يُغَايِرُ الْعَمْدَ بَلْ يُجَامِعُهُ وَيُجَامِعُ السَّهْوَ فَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ إنْ أَرَادَ التَّعْمِيمَ بِقَوْلِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا جَاهِلًا أَوْ عَالِمًا وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ صَادِقًا بِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ فَتَحْصُلُ أَرْبَعُ صُوَرٍ بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا) أَيْ وَلَوْ مَغْصُوبًا وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَهُ أَوْ سَرَقَهُ وَرَمَى بِهِ كَفَى ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِي ابْنَ كَجٍّ جَزَمَ بِهِ قَالَ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ) أَيْ الْبِلَّوْرَ (قَوْلُهُ: فَرَمَاهُ) أَيْ نَحْوَ الْخَاتَمِ (بِهَا) أَيْ مُتَلَبِّسًا بِهَذِهِ الْجَوَاهِرِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَرَمَاهَا أَيْ الْجَمْرَةَ بِهِ أَيْ بِنَحْوِ الْخَاتَمِ (قَوْلُهُ: وَكَذَّانَ) هُوَ حَجَرٌ رَخْوٌ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمَرْمِيَّ مِنْهُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ مِنْ الْمَصْنُوعِ أَوْ لَا أَجْزَأَ الرَّمْيُ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ غَيْرَ الْمَصْنُوعِ هُوَ الْغَالِبُ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَصْنُوعِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته مَا سَيَأْتِي مِنْ شُرُوطِ تَيَقُّنِ إصَابَةِ الْمَرْمَى بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مِنْ طَبَقَاتِهَا إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يُسَمَّى حَجْرًا دُونَ مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: كَإِثْمِدٍ إلَخْ) أَيْ وَتِبْرٍ وَزِرْنِيخٍ وَمَدَرٍ وَجِصٍّ وَآجُرٍّ وَخَذْفٍ وَمِلْحٍ نِهَايَةٌ وَوَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمُنْطَبِعٍ نَحْوِ نَقْدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَجَوَاهِرُ مُنْطَبِعَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَحَدِيدٍ فَلَا يُجْزِئُ، وَيُجْزِئُ حَجَرُ نُورَةٍ لَمْ يُطْبَخْ بِخِلَافِ مَا طُبِخَ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا هُنَا) أَيْ لَا يَكْفِي الْمُنْطَبِعُ بِالْقُوَّةِ هُنَا فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْمُنْطَبِعِ بِالْقُوَّةِ الْحَجَرُ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ بِالْعِلَاجِ، وَإِنْ أَثَّرَتْ فِيهِ الْمِطْرَقَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ حَجَرًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَوْ حَجَرَ حَدِيدٍ إلَخْ سم (قَوْلُهُ: وَوَاضِحٌ) إلَى قَوْلِهِ وَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: إنْ نَقَصَ بِهِ إلَخْ) أَيْ تَرَتَّبَتْ عَلَى الرَّمْيِ بِهِ إضَاعَةُ مَالٍ كَكَسْرِهِ وَنَّائِيٌّ وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ إضَاعَةِ الْمَالِ) هَلَّا جَازَتْ هُنَا؛ لِأَنَّهَا لِغَرَضٍ سم وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا ذُكِرَ مَعَ تَيَسُّرِ نَحْوِ الْحَصَاةِ لَا يُعَدُّ غَرَضًا فِي الْعُرْفِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ فَيُجْزِئُ الرَّمْيُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَنُقِلَ أَنَّ لَهُ) أَيْ لِلْمَرْجَانِ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ) أَيْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ فِي
يَوْمٍ) شَامِلٌ لِآخِرِ يَوْمٍ وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَمَحِلُّهُ إلَخْ
. (قَوْلُهُ: لَا هُنَا) أَيْ لَا يَكْفِي الْمُنْطَبِعُ بِالْقُوَّةِ هُنَا فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَهَذَا الْكَلَامُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ضَابِطَ الْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ فِي نَحْوِ النَّقْدِ مَا قَبْلَ الِانْطِبَاعِ بِالْفِعْلِ وَمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ الْإِجْزَاءَ أَيْ بِحَجَرِ الْحَدِيدِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ حَجَرٌ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّ فِيهِ حَدِيدًا كَامِنًا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ بِالْعِلَاجِ اهـ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِحَجَرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَنَحْوِهَا قِطَعَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ الْخَالِصَةِ بَلْ حَجَرٌ حَقِيقَةً يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الْمَذْكُورَاتُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَحِينَئِذٍ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْمُنْطَبِعِ بِالْقُوَّةِ مَا هُوَ نَقْدٌ خَالِصٌ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَيْضًا أَوْ مَا هُوَ حَجَرٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ النَّقْدُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَكْفِي، وَإِنْ أَثَّرَتْ فِيهِ الْمِطْرَقَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ حَجَرًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَنُورَةٍ طُبِخَتْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَمْ تُطْبَخْ وَمِثْلُ الْمَطْبُوخَةِ مَدَرٌ وَآجُرٌّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَوَاضِحٌ حُرْمَةُ الرَّمْيِ بِنَفِيسٍ كَيَاقُوتٍ إنْ نَقَصَ بِهِ قِيمَتُهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ الرَّمْيُ يَكْسِرُهَا وَيُذْهِبُ بَعْضَ مَالِيَّتِهَا وَلَا سِيَّمَا النَّفِيسُ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَالسَّرَفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَهُ أَوْ سَرَقَهُ وَرَمَى بِهِ كَفَى ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِي ابْنَ كَجٍّ جَزَمَ بِهِ قَالَ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ إضَاعَةِ الْمَالِ) هَلَّا جَازَتْ هُنَا؛ لِأَنَّهَا لِغَرَضٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ
بِالْيَدِ إنْ قَدَرَ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ فِي الْمَرْمَى؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَارِدِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجْزَاءِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الرَّأْسِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْحًا بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ وُصُولُ الْبَلَلِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَهُنَا مُجَاهَدَةُ الشَّيْطَانِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِالرَّمْيِ الَّذِي يُجَاهِدُ بِهِ الْعَدُوَّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ «لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْجِمَارِ اللَّهَ رَبَّكُمْ تُكَبِّرُونَ وَمِلَّةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ تَتَّبِعُونَ وَوَجْهَ الشَّيْطَانِ» تَرْمُونَ وَلَا رَمْيُهُ بِنَحْوِ رِجْلِهِ أَوْ قَوْسِهِ أَيْ: مَعَ الْقُدْرَةِ بِالْيَدِ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ لَا يُجْزِئُ بِالْقَوْسِ وَقَوْلِ آخَرِينَ يُجْزِئُ وَكَذَا الرِّجْلُ فَمَنْ قَالَ يُجْزِئُ أَرَادَ إذَا عَجَزَ بِالْيَدِ وَجَعَلَ الْحَصَاةَ بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَرَمَى بِهَا.
وَمَنْ قَالَ لَا يُجْزِئُ أَرَادَ مَا إذَا قَدَرَ بِالْيَدِ أَوْ دَحْرَجَهَا بِرِجْلِهِ إلَى الْمَرْمَى وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْيَدِ وَقَدَرَ عَلَى الرَّمْيِ بِقَوْسٍ فِيهَا وَبِفَمٍ وَبِرِجْلٍ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ قَدَرَ عَلَى الْأَخِيرِينَ فَقَطْ فَهَلْ يَتَخَيَّرُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْفَمُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْيَدِ وَالتَّعْظِيمُ لِلْعِبَادَةِ، أَوْ الرِّجْلُ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ بِهَا مَعْهُودٌ فِي الْحَرْبِ وَلِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةَ تَحْقِيرٍ لِلشَّيْطَانِ الْمَقْصُودِ مِنْ الرَّمْيِ تَحْقِيرُهُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ الثَّالِثَ أَقْرَبُ وَلَوْ قَدْرَ عَلَى الْقَوْسِ بِالْفَمِ وَالرِّجْلِ فَهُوَ كَمَحِلِّهِ فِيمَا ذُكِرَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ بِالْيَدِ بَلْ بِقَوْسٍ فِيهَا وَبِالرِّجْلِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَصَرَّحَ بِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ رَمَى السَّبْعَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ ذَاكَ لِبَيَانِ التَّعَدُّدِ لَا الْكَيْفِيَّةِ وَأَنْ يَقْصِدَ الْمَرْمَى، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ النُّسُكَ وَأَنْ يَتَيَقَّنَ وُقُوعَهُ فِيهِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ إلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا جَمْرَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي كَمَا مَرَّ
النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إنْ قَدَرَ وَقَوْلَهُ وَيُفَرَّقُ إلَى وَلَا رَمْيُهُ.
(قَوْلُهُ: إنْ قَدَرَ) أَيْ عَلَى الرَّمْيِ بِالْيَدِ وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ الْقَوْسُ ثُمَّ الرِّجْلُ ثُمَّ الْفَمُ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا رَمْيُهُ إلَخْ)(فَرْعٌ) هَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ بِالْيَدِ الزَّائِدَةِ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِوُجُودِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْيَدِ فَلَا يَعْدِلُ إلَى غَيْرِهَا ع ش.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ رِجْلِهِ إلَخْ) أَيْ كَالْمِقْلَاعِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ دَحْرَجَهَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَدَرَ بِالْيَدِ.
(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ زَائِدَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَكْفِ بِالْقَوْسِ لِتَشَبُّهِهَا بِالْأَصْلِيَّةِ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ قَدَرَ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ فِي الرَّمْيِ بِالرِّجْلِ أَوْ الْفَمِ حَيْثُ عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَمْيًا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ بِالْيَدِ لِانْتِفَاءِ مُسَمَّى الرَّمْيِ وَأَنَّهُ يَسْتَنِيبُ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ سم.
(قَوْلُهُ: فَهَلْ يَتَخَيَّرُ إلَخْ) لَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلٍّ مَعَ تَعَارُضِ الْمَعَانِي الْآتِيَةِ ثُمَّ رَأَيْته مَالَ إلَى التَّخْيِيرِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الثَّالِثَ) أَيْ تَعَيُّنَ الرِّجْلِ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَحِلِّهِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ وَأَقْرَبِيَّةُ تَعَيُّنِ الرَّمْيِ بِالْقَوْسِ بِالرِّجْلِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ) كَذَا فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ يُغْنِي عَنْهُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْيَدِ وَقَدَرَ عَلَى الرَّمْيِ بِقَوْسٍ إلَخْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ) إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِهَذَا) أَيْ بِاشْتِرَاطِ أَنْ يُسَمَّى رَمْيًا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْصِدَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ الصَّارِفِ، وَإِنْ قَصَدَ الْمَرْمَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُهُ لِيَخْتَبِرَ جَوْدَةَ رَمْيِهِ بِاشْتِرَاطِ قَصْدِ الْمَرْمَى لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ انْتَهَى اهـ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فَلَوْ رَمَى إلَى غَيْرِهِ كَأَنْ رَمَى إلَى الْهَوَاءِ فَوَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَمْ يَكْفِ وَصُرِفَ الرَّمْيُ بِالنِّيَّةِ لِغَيْرِ الْحَجِّ كَأَنْ رَمَى إلَى شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي الْجَمْرَةِ كَصَرْفِ الطَّوَافِ بِهَا إلَى غَيْرِهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلْحَاقَ الرَّمْيِ بِالْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ وَحْدَهُ كَرَمْيِ الْعَدُوِّ فَأَشْبَهَ الطَّوَافَ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ وَأَمَّا السَّعْيُ فَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ أَيْ فَلَا يُقْبَلُ الصَّرْفُ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الْكَافِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا إلَخْ فَمَا قَدَّمَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ أَيْ وِفَاقًا لِلتُّحْفَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَيَقَّنَ وُقُوعَهُ فِيهِ) فَلَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِيهِ وَبَقَاءُ الرَّمْيِ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَقَوْلُهُمَا فَلَوْ شَكَّ فِيهِ إلَخْ قَدْ يُفِيدُ كِفَايَةَ غَلَبَةِ الظَّنِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ع ش وَمَالَ إلَيْهَا الْبَصْرِيُّ لَكِنْ صَرَّحَ الْوَنَائِيُّ بِعَدَمِ كِفَايَةِ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمَرْمَى عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَالَ الطَّبَرِيُّ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي الْمَرْمَى حَدًّا مَعْلُومًا غَيْرَ أَنَّ كُلَّ جَمْرَةٍ عَلَيْهَا عِلْمٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْمِيَ تَحْتَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَبْعُدُ عَنْهُ احْتِيَاطًا وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْجَمْرَةُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى لَا مَا سَالَ مِنْ الْحَصَى فَمَنْ أَصَابَ مُجْتَمَعَهُ أَجْزَاهُ وَمَنْ أَصَابَ سَائِلَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَمَا حَدَّ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّ مَوْضِعَ الرَّمْيِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ إلَّا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ وَرَمْيُ كَثِيرِينَ مِنْ أَعْلَاهَا بَاطِلٌ قَرِيبٌ مِمَّا تَقَدَّمَ اهـ وَقَوْلُهُمَا مِنْ أَعْلَاهَا أَيْ إلَى خَلْفِهَا كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهَا إلَّا جِهَةٌ وَاحِدَةٌ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْفَجْوَتَيْنِ الصَّغِيرَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي جَانِبَيْ شَاخِصِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لَيْسَتَا مِنْ الْمَرْمَى فَلَا يَكْفِي الرَّمْيُ إلَيْهِمَا وَبَعْضُ الْعَامَّةِ يَفْعَلُهُ
بِالْيَدِ إنْ قَدَرَ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَأَنْ يَكُونَ بِالْيَدِ لَا بِالرِّجْلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ سَوَاءٌ أَدَحْرَجَهُ بِهَا أَيْ بِالرِّجْلِ إلَى الْمَرْمَى أَوْ وَضَعَهُ بَيْنَ أَصَابِعِهَا وَرَمَى بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ الَّذِي اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْإِجْزَاءَ فِي الثَّانِيَةِ وَزَعَمَا أَنَّهُ يُسَمَّى رَمْيًا وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّ هَذَا حَيْثُ قَدَرَ عَلَى الرَّمْيِ بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ إجْزَاؤُهُ بِالرِّجْلِ بِأَنْ يَضَعَهُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَيَرْمِيَ بِهِ وَكَالرِّجْلِ الْفَمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الرَّمْيُ بِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ الْأَحْوَطُ الْمَنْعُ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْته فِي الرِّجْلِ اهـ وَقَدْ يُقَالُ فِي الرَّمْيِ بِالرِّجْلِ أَوْ الْفَمِ حَيْثُ عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَمْيًا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ بِالْيَدِ لِانْتِفَاءِ مُسَمَّى الرَّمْيِ وَأَنَّهُ يَسْتَنِيبُ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ (فَرْعٌ) هَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ بِالْيَدِ الزَّائِدَةِ فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْصِدَ الْمَرْمَى إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ الصَّارِفِ وَإِنْ قَصَدَ الْمُرْمَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُهُ لِيَخْتَبِرَ جَوْدَةَ رَمْيِهِ فَاشْتِرَاطُ قَصْدِ الْمُرْمَى لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ كَالْمُصَنِّفِ وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ الْقَطْعِ هُنَا كَمَا ذَكَرَهُ بِخِلَافِهِ فِي
وَأَنْ يَكُونَ الْوُقُوعُ فِيهِ لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَلَوْ وَقَعَ الْحَجَرُ عَلَى مَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي وُقُوعِهِ فِي الْمَرْمَى وَلَوْ احْتِمَالًا كَأَنْ وَقَعَ عَلَى مَحْمَلٍ لَا نَحْوِ أَرْضٍ ثُمَّ تَدَحْرَجَ لِلْمَرْمَى لَغَا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ الرِّيحُ إلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا.
(وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَلَيْكُمْ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ» وَحَصَاتُهُ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا قَدْرَ حَبَّةِ الْبَاقِلَاءِ الْمُعْتَدِلَةِ وَقِيلَ كَقَدْرِ النَّوَاةِ وَيُكْرَهُ بِأَكْبَرَ وَأَصْغَرَ مِنْهُ وَبِهَيْئَةِ الْخَذْفِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهَا الشَّامِلِ لِلْحَجِّ وَغَيْرِهِ كَمَا بَيَّنْته مَعَ رَدِّ مَا اعْتَرَضَهُ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْحَاشِيَةِ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ يُجْزِئُ بِحَجَرٍ قَدْرِ مِلْءِ الْكَفِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ بَلْ وَبِأَكْبَرَ مِنْهُ حَيْثُ سُمِّيَ حَصَاةً أَوْ حَجَرًا يُرْمَى بِهِ فِي الْعَادَةِ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ نَدْبَهَا وَأَنَّهَا وَضْعُ الْحَجَرِ عَلَى بَطْنِ الْإِبْهَامِ وَرَمْيُهُ بِالسَّبَّابَةِ وَأَنْ يَرْمِيَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَنْ يَرْفَعَ الذَّكَرُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى مَا تَحْتَ إبْطِهِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي الْكُلِّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَأَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ مِنْ عُلْوٍ وَيَقِفَ عِنْدَهُمَا بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ دَاعِيًا ذَاكِرًا إنْ تَوَفَّرَ خُشُوعُهُ وَإِلَّا فَأَدْنَى وُقُوفٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ تَفَاؤُلًا بِالْقَبُولِ وَأَنْ يَكُونَ رَاجِلًا فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَرَاكِبًا فِي الْأَخِيرِ وَيَنْفِرُ عَقِبَهُ ثُمَّ يَنْزِلُ بِالْمُحَصَّبِ وَيُصَلِّي بِهِ الْعَصْرَيْنِ وَصَلَاتُهُمَا بِهِ ثُمَّ بِغَيْرِهِ أَفْضَلُ مِنْهَا بِمِنًى وَالْعِشَاءَيْنِ وَيَرْقُدُ رَقْدَةً
فَيَرْجِعُ بِلَا رَمْيٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ الْوُقُوعُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى وُقُوعِهِ لِيَكُونَ التَّيَقُّنُ مُنْسَحِبًا عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا الْآتِي نَعَمْ يُغْتَفَرُ الرِّيحُ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَصْرِيٌّ قَوْلُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ وَيُغْنِي عَنْ الِانْسِحَابِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَ الْحَجَرُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَوْ رَمَى بِحَجَرٍ فَأَصَابَ شَيْئًا كَأَرْضٍ أَوْ مَحْمَلٍ فَارْتَدَّ إلَى الْمَرْمَى لَا بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِهِ فِي الْمَرْمَى بِفِعْلِهِ بِلَا مُعَاوَنَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّ بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ اهـ.
وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ فَعُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ وَقَعَ عَلَى نَحْوِ مَحْمَلٍ وَعُنُقِ بَعِيرٍ ثُمَّ تَدَحْرَجَ مِنْهُ فَلَا يُجْزِئُ وَمَا لَوْ أَصَابَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ إلَى الْمَرْمَى، فَإِنْ كَانَ ارْتِدَادُهُ بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ لَمْ يُجْزِ وَإِلَّا أَجْزَأَ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ رَدَّتْ الرِّيحُ الْحَصَاةَ إلَى الْمَرْمَى أَوْ تَدَحْرَجَتْ إلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ لَمْ يَضُرَّ لَا إنْ تَدَحْرَجَتْ مِنْ ظَهْرِ بَعِيرٍ وَنَحْوِهِ كَعُنُقِهِ وَمَحْمَلٍ فَلَا يَكْفِي اهـ وَقَالَ الْوَنَائِيُّ وَلَوْ كَانَ الرَّمْيُ ضَعِيفًا لَا يَصِلُ بِنَفْسِهِ وَأَوْصَلَتْهُ الرِّيحُ لَا يَكْفِي اهـ فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَعِيفًا لَا يَصِلُ بِنَفْسِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالسُّنَّةُ إلَخْ) أَيْ فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِمُعْجَمَتَيْنِ) أَيْ مَعَ سُكُونِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَحَصَاتُهُ) إلَى قَوْلِهِ لِلنَّهْيِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ كَقَدْرِ النَّوَاةِ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَبِهَيْئَةِ الْخَذْفِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْحَاشِيَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَيَّنْته.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ نَدْبَهَا) أَيْ نَدْبَ هَيْئَةِ الْخَذْفِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَرْمِيهِ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ الْخَذْفِ مُغْنِي وَ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا إلَخْ) مَعْنَاهُ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهَا إلَخْ يَعْنِي قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهَا وَضْعُ الْحَجَرِ إلَخْ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِالسَّبَّابَةِ) أَيْ بِرَأْسِهَا نِهَايَةٌ وَوَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَرْمِيَ) إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ يَنْزِلُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إنْ تَوَفَّرَ إلَى وَأَنْ يَكُونَ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَرْفَعَ الذَّكَرُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يُرَى مَا تَحْتَ إبْطِهِ) أَيْ بَيَاضُ إبْطِهِ لَوْ كَانَ مَكْشُوفًا خَالِيًا مِنْ الشَّعْرِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ إلَخْ) وَأَنْ يَدْنُوَ مِنْ الْجَمْرَةِ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُ حَصَى الرَّامِينَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيَقِفُ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الصَّلَاةِ وَحُضُورِ الْجَمَاعَةِ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ وَأَنْ يَتَحَرَّى مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أَمَامَ الْمَنَارَةِ الَّتِي بِوَسَطِهِ مُتَّصِلَةً بِالْقُبَّةِ، وَهِيَ مُنْهَدِمَةٌ الْآنَ فَيُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ وَمَا حَوَتْ الْقُبَّةُ هُوَ الْمَسْجِدُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَدْ وُسِّعَ مَرَّاتٍ وَنَّائِيٌّ قَالَ بَاعَشَنٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْجَمَالِ وَمِحْرَابُ هَذِهِ الْقُبَّةِ هُوَ مَحَلُّ الْأَحْجَارِ الَّتِي كَانَتْ أَمَامَ الْمَنَارَةِ وَبِقُرْبِهَا قَبْرُ آدَمَ عليه الصلاة والسلام كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو سَعِيدٍ فِي شَرَفِ النُّبُوَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) أَيْ لَا يُسَنُّ الْوُقُوفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ عَقِبَ الرَّمْيِ لِعَدَمِ وُرُودِ الْإِتْبَاعِ فِيهِ لَا أَنَّهُ لَا يَدْعُو عِنْدَهَا مِنْ غَيْرِ وُقُوفٍ أَوْ مَعَ وُقُوفٍ فِي غَيْرِ وَقْتِ الرَّمْيِ فَلَا يُنَافِي مَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ عِنْدَهَا أَيْضًا ثُمَّ رَأَيْت فِي تَارِيخِ مَكَّةَ لِلْقُطْبِ الْحَنَفِيِّ الْمَكِّيِّ وَفِي شَرْحِ الْبَكْرِيِّ عَلَى مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ مَا هُوَ عَيْنُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَفِي الْحِصْنِ الْحَصِينِ لِلْجَزَرِيِّ مَا نَصُّهُ ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا ح س وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِي حَتَّى إذَا فَرَغَ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا موبص وَيَدْعُو عِنْدَ الْجَمَرَاتِ كُلِّهَا وَلَا يُوَقِّتُ شَيْئًا موبص انْتَهَى اهـ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: تَفَاؤُلًا إلَخْ) أَيْ وَلِلِاتِّبَاعِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ رَاجِلًا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ رَاجِلًا لَا رَاكِبًا إلَّا فِي يَوْمِ النَّفْرِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ رَاكِبًا لِيَنْفِرَ عَقِبَهُ اهـ وَعِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَأَنْ يَرْمِيَ رَاجِلًا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَّا يَوْمَ نَفْرِهِ وَرَاكِبًا فِيهِ كَمَا يَرْكَبُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ اهـ وَكُلٌّ مِنْهُمَا شَامِلٌ لِلنَّفْرَيْنِ بِخِلَافِ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ، فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالثَّانِي.
(قَوْلُهُ: بِالْمُحَصَّبِ) هُوَ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ حَاءٍ وَصَادٍ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ اسْمٌ لِمَكَانٍ مُتَّسَعٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى، وَهُوَ إلَى مِنًى أَقْرَبُ وَيُقَالُ لَهُ الْأَبْطَحُ وَالْبَطْحَاءُ وَخَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ وَحَدُّهُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ إلَى الْمَقْبَرَةِ أَسْنَى وَقَوْلَهُ، وَهُوَ إلَى مِنًى إلَخْ صَوَابُهُ إلَى مَكَّةَ إلَخْ بَلْ عِمَارَةُ مَكَّةَ فِي زَمَانِنَا مُتَّصِلَةٌ بِهِ وَمُتَجَاوِزَةٌ عَنْ مَسْجِدِهِ الَّذِي
الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ بِأَنَّ الرَّمْيَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَافْتَقَرَتْ لِنِيَّةٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ بِخِلَافِهِمَا لِاشْتِمَالِ الْحَجِّ عَلَيْهِمَا اهـ كَلَامُ شَرْحِ الْعُبَابِ فَانْظُرْ قَوْلَهُ بِخِلَافِهِ فِي الطَّوَافِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ وَأَنَّهُ يَنْصَرِفُ بِنَحْوِ قَصْدِ غَرِيمٍ ثُمَّ رَأَيْت مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْوُقُوفِ وَلَوْ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ وَنَحْوِهِ وَمَا كَتَبْنَاهُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: لَا نَحْوِ أَرْضٍ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ رَمَى الْحَجَرَ فَأَصَابَ شَيْئًا كَأَرْضٍ أَوْ مَحْمَلٍ أَوْ عُنُقِ بَعِيرٍ فَارْتَدَّ إلَى الْمَرْمَى لَا بِحَرَكَةِ
ثُمَّ يَذْهَبُ إلَى طَوَافِ الْوَدَاعِ لِلِاتِّبَاعِ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْحَجَرِ فِي الْمَرْمَى) فَلَا يَضُرُّ تَدَحْرُجُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فِيهِ لِحُصُولِ اسْمِ الرَّمْيِ (وَلَا كَوْنُ الرَّامِي خَارِجًا عَنْ الْجَمْرَةِ) فَيَصِحُّ رَمْيُ الْوَاقِفِ فِيهَا إلَى بَعْضِهَا لِذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْجَمْرَةَ اسْمٌ لِلْمَرْمَى حَوْلَ الشَّاخِصِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَلَعَ لَمْ يَجُزْ الرَّمْيُ إلَى مَحِلِّهِ
بُنِيَ فِي مَنْزِلِهِ صلى الله عليه وسلم هُنَاكَ (قَوْلُهُ: إلَى طَوَافِ الْوَدَاعِ) أَيْ إنْ كَانَ مُرِيدًا لِلسَّفَرِ حَالًا.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ) إلَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِحُصُولِ اسْمِ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْجَمْرَةَ اسْمٌ لِلْمَرْمِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ قَوْلُهُ الْجَمْرَةُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى حَدَّهُ الْجَمَالُ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّهُ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِ الْجَمْرَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَقَطْ وَهَذَا التَّحْدِيدُ مِنْ تَفَقُّهِهِ وَكَأَنَّهُ قَرَّبَ بِهِ مُجْتَمَعَ الْحَصَى غَيْرَ السَّائِلِ وَالْمُشَاهَدَةُ تُؤَيِّدُهُ، فَإِنَّ مُجْتَمَعَهُ غَالِبًا لَا يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ فُرِشَ فِي جَمِيعِ الْمَرْمَى أَحْجَارٌ فَأُثْبِتَتْ كَفَى الرَّمْيُ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْمَى، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَرْضَ إلَّا أَنَّ الْأَحْجَارَ الْمُثْبَتَةَ فِيهِ صَارَتْ تُعَدُّ مِنْهُ وَيُعَدُّ الرَّمْيُ عَلَيْهَا رَمْيًا عَلَى تِلْكَ الْأَرْضِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بُنِيَ عَلَى جَمِيعِ الْمَرْمَى دِكَّةٌ مُرْتَفِعَةٌ جَازَ الرَّمْيُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تُعَدُّ تَابِعَةً لَهَا فَلَوْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْمُثَبَّتُ أَرْضَ الْجَمْرَةِ فَهَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ عَلَيْهِ أَوْ لَا لِإِمْكَانِ الرَّمْيِ عَلَى الْخَالِي عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ أُلْقِيَ عَلَى أَرْضِ الْمَرْمَى أَحْجَارٌ كِبَارٌ سَتَرَتْهُ بِلَا إثْبَاتٍ فَهَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ عَلَيْهَا لَا يَبْعُدُ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ بُنِيَ عَلَى جَمِيعِ مَوْضِعِ الرَّمْيِ مَنَارَةٌ عَالِيَةٌ لَهَا سَطْحٌ فَهَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ فَوْقَهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ رَمْيًا عَلَى الْأَرْضِ فِيهِ نَظَرٌ سم وَجَزَمَ الشَّلِّيُّ وَابْنُ الْجَمَالِ بِالْإِجْزَاءِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فَقَالَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ هَبَطَ الْمَرْمَى إلَى نَحْوِ الْأَرْضِ أَوْ عَلَا إلَى السَّمَاءِ وَرَمَى فِيهِ أَجْزَأَ نَظِيرُ الطَّوَافِ وَأَنَّهُ لَوْ بُنِيَ عَلَيْهِ دِكَّةٌ أَوْ مَنَارَةٌ عَالِيَةٌ أَوْ سُطْحٌ أَوْ فُرِشَتْ فِيهِ أَوْ بَعْضِهِ أَحْجَارٌ وَثَبَتَتْ أَوْ أُلْقِيَتْ عَلَى أَرْضِهِ وَسَتَرَتْهُ بِلَا إثْبَاتٍ كَفَى الرَّمْيُ عَلَيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَلَعَ لَمْ يَجُزْ الرَّمْيُ إلَى مَحَلِّهِ) أَقُولُ بِالْجَزْمِ بِهَذَا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْقُولٍ مِمَّا لَا يَنْبَغِي بَلْ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ خِلَافُهُ لِلْقَطْعِ بِحُدُوثِ الشَّاخِصِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ عليه الصلاة والسلام وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الظَّاهِرَ ظُهُورًا تَامًّا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَالنَّاسُ فِي زَمَنِهِ لَمْ يَكُونُوا يَرْمُونَ حَوَالَيْ مَحَلِّهِ وَيَتْرُكُونَ مَحَلَّهُ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ نُقِلَ، فَإِنَّهُ غَرِيبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم أَقُولُ جَزَمَ بِذَلِكَ أَيْضًا السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَالْأُسْتَاذُ الْبَكْرِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِهِ لِلْإِيضَاحِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَلَّانَ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ عَنْ الرَّمْلِيِّ وَصَاحِبِ الضِّيَاءِ وَأَقَرَّهُ وَاعْتَمَدَهُ الْعَلَّامَةُ الزَّمْزَمِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ وَالْوَنَّائِيُّ فِي مَنْسَكِهِ وَظَاهِرٌ أَنْ لَيْسَ اتِّفَاقُ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ عَلَى ذَلِكَ
مَا أَصَابَهُ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِهِ فِي الْمَرْمَى بِفِعْلِهِ بِلَا مُعَاوَنَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّ بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ بِأَنْ حَرَّكَ الْمَحْمَلَ صَاحِبُهُ فَنَفَضَهُ أَوْ تَحَرَّكَ الْبَعِيرُ فَدَفَعَهُ فَوَقَعَ فِي الْمَرْمَى إلَى أَنْ قَالَ لَا إنْ تَدَحْرَجَتْ مِنْ ظَهْرِ بَعِيرٍ وَنَحْوِهِ كَعُنُقِهِ وَمَحْمَلٍ فَلَا يَكْفِي لِإِمْكَانٍ أَيْ لِاحْتِمَالِ تَأَثُّرِهَا بِهِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ وَقَعَ عَلَى نَحْوِ مَحْمَلٍ وَعُنُقِ بَعِيرٍ ثُمَّ تَدَحْرَجَ مِنْهُ فَلَا يُجْزِئُ وَمَا لَوْ أَصَابَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ إلَى الْمَرْمَى، فَإِنْ كَانَ ارْتِدَادُهُ بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَهُ لَمْ يُجْزِ وَإِلَّا أَجْزَأَ.
(قَوْلُهُ: اسْمٍ لِلْمَرْمَى) قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ قَوْلُهُ الْجَمْرَةُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى حَدَّهُ الْجَمَالُ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّهُ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِ الْجَمْرَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَقَطْ وَهَذَا التَّحْدِيدُ مِنْ تَفَقُّهِهِ وَكَأَنَّهُ قَرَّبَ بِهِ مُجْتَمَعَ الْحَصَى غَيْرِ السَّائِلِ، وَالْمُشَاهَدَةُ تُؤَيِّدُهُ، فَإِنَّ مُجْتَمَعَهُ غَالِبًا لَا يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجْتَمَعَ الْحَصَى الْمَعْهُودِ الْآنَ بِسَائِرِ جَوَانِبِ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَتَحْتَ شَاخِصِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ هُوَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ إلَخْ اهـ (تَنْبِيهٌ) لَوْ فَرَشَ فِي جَمِيعِ الْمَرْمَى أَحْجَارًا فَثَبَتَتْ كَفَى الرَّمْيُ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْمَى، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَرْضَ إلَّا أَنَّ الْأَحْجَارَ الْمُثْبَتَةَ فِيهِ صَارَتْ تُعَدُّ مِنْهُ وَيُعَدُّ الرَّمْيُ عَلَيْهَا رَمْيًا عَلَى تِلْكَ الْأَرْضِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بَنَى عَلَى جَمِيعِ الْمَرْمَى دِكَّةً مُرْتَفِعَةً جَازَ الرَّمْيُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تُعَدُّ تَابِعَةً لَهَا فَلَوْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْمُثْبَتُ أَرْضَ الْجَمْرَةِ فَهَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ عَلَيْهِ أَوْ لَا لِإِمْكَانِ الرَّمْيِ عَلَى الْخَالِي عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ أُلْقِيَ عَلَى أَرْضِ الْمَرْمَى أَحْجَارٌ كِبَارٌ سَتَرَتْهُ بِلَا إثْبَاتٍ فَهَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ عَلَيْهَا لَا يَبْعُدُ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ بُنِيَ عَلَى جَمِيعِ مَوْضِعِ الرَّمْيِ مَنَارَةٌ عَالِيَةٌ لَهَا سَطْحٌ فَهَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ فَوْقَهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ رَمْيًا عَلَى الْأَرْضِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ السَّيِّدِ فِي حَاشِيَتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ فِي مَسْأَلَةِ إصَابَةِ الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِرَمْيِهِ غَيْرَ الْمَرْمَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْعَلَمِ الشَّاخِصِ سَطْحٌ أَوْ كَانَ فِيهِ طَاقٌ فَاسْتَقَرَّتْ الْحَصَاةُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ اهـ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَخْذُ الْمَذْكُورِ مَمْنُوعًا وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْعُ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ رَمْيًا عَلَى الْجَمْرَةِ؛ لِأَنَّ الشَّاخِصَ لَا يُعَدُّ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مَحِلُّهُ مِنْهَا كَمَا لَوْ رَمَى عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ فِيهَا بِخِلَافِ الدِّكَّةِ تُعَدُّ مِنْهَا وَمِنْ تَوَابِعِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَلَعَ لَمْ يَجُزْ الرَّمْيُ إلَى مَحِلِّهِ) أَقُولُ الْجَزْمُ بِهَذَا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْقُولٍ مِمَّا لَا يَنْبَغِي بَلْ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ خِلَافُهُ لِلْقَطْعِ بِحُدُوثِ الشَّاخِصِ وَأَنَّهُ لَمْ
وَلَوْ قَصَدَهُ لَمْ يُجْزِئْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَرَجَّحَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَهُمْ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ نَعَمْ لَوْ رَمَى إلَيْهِ بِقَصْدِ الْوُقُوعِ فِي الْمَرْمَى وَقَدْ عَلِمَهُ فَوَقَعَ فِيهِ اُتُّجِهَ الْإِجْزَاءُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ غَيْرُ صَارِفٍ حِينَئِذٍ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ صَرَّحَ بِهَذَا بَلْ قَالَ لَا يَبْعُدُ الْجَزْمُ بِهِ
(وَمَنْ عَجَزَ) وَلَوْ أَجِيرَ عَيْنٍ عَلَى الْأَوْجَهِ (عَنْ الرَّمْيِ) لِنَحْوِ مَرَضٍ وَيُتَّجَهُ ضَبْطُهُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي إسْقَاطِهِ لِلْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ إغْمَاءٍ بِأَنْ أَيِسَ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَقْتَهُ وَلَوْ ظَنًّا
إلَّا لِمُسْتَنَدٍ قَوِيٍّ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّ الْجَمْرَةَ مُجْتَمَعُ الْحَصَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَالْمُرَادُ مُجْتَمَعُ الْحَصَى فِي مَوْضِعِهِ الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَتِهِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجْتَمَعَ الْحَصَى الْمَعْهُودَ الْآنَ بِسَائِرِ جَوَانِبِ الْجَمْرَتَيْنِ وَتَحْتَ شَاخِصِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ هُوَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ حَتَّى يُعْرَفَ خِلَافُهُ اهـ وَقَالَ الشَّلِّيُّ وَالزَّمْزَمِيُّ وَيَكْفِي تَوَاطُؤُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى رَمْيِ هَذَا الْمَحَلِّ آخِذِينَ لَهُ عَنْ مِثْلِهِمْ وَمِثْلُهُمْ عَنْ مِثْلِهِمْ وَهَكَذَا إلَى السَّلَفِ الْآخِذِينَ لَهُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُنْقَلْ طَعْنٌ عَنْ أَحَدٍ فِي ذَلِكَ اهـ وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْقُولُ وَلَا يَسَعُنَا مُخَالَفَتُهُ إلَّا بِنَقْلٍ صَرِيحٍ وَأَنَّ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَشِّي مُجَرَّدُ بَحْثٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لِلْقَطْعِ بِحُدُوثِ الشَّاخِصِ إلَخْ لَا يَنْتِجُ مُدَّعَاهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ فِي مَوْضِعِ الشَّاخِصِ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم أَحْجَارٌ مَوْضُوعَةٌ بِأَمْرِهِ الشَّرِيفِ ثُمَّ أُزِيلَتْ بَعْدَهُ وَبُنِيَ الشَّاخِصُ فِي مَوْضِعِهَا وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام بَيَّنَ حُدُودَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَنَصَبَ الْأَعْلَامَ عَلَيْهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ وَتَرَكَ بَيَانَ مَحَلِّ الرَّمْيِ وَتَحْدِيدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَهُ) أَيْ الشَّاخِصَ (لَمْ يَجُزْ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي كُتُبِهِ وَأَقَرَّهُ عَبْدُ الرَّءُوفِ وَقَالَ الْخَطِيبُ فِي شَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ وَالتَّنْبِيهِ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ وَاعْتَمَدَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فِي كُتُبِهِ الْإِجْزَاءَ قَالَ؛ لِأَنَّ الْعَامَّةَ لَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ إلَّا فِعْلَ الْوَاجِبِ وَالرَّمْيَ إلَى الْمَرْمَى وَقَدْ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِ الرَّامِي اهـ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَسَعُ عَامَّةَ الْحَجِيجِ الْيَوْمَ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إلَخْ) ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُمْ الزَّرْكَشِيُّ) اعْتَمَدَ الْمُخَالَفَةَ م ر اهـ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ أَوْ الْحَائِطِ الَّتِي بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ فَأَصَابَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَا يُجْزِئُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ بِفِعْلِهِ مَعَ قَصْدِ الرَّمْيِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مِنْ احْتِمَالَيْهِ أَيْ الْإِجْزَاءِ أَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ رَمَى إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّارِفَ فِي الرَّمْيِ قَصْدُ وُقُوعِ الْمَرْمِيِّ بِهِ فِي غَيْرِ الْمَرْمَى لَا مُطْلَقُ قَصْدِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ رَمَى بِحَصَاةٍ رَجُلًا وَقَصَدَ وُقُوعَهَا فِي الْمَرْمَى وَوَقَعَتْ فِيهِ أَجْزَأَهُ إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاخِصِ وَكَلَامُهُمْ فِي مَبْحَثِ طَوَافِ الْمَحْمُولِ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الضَّارَّ هُنَاكَ قَصْدُ الْغَيْرِ فَقَطْ بَصْرِيٌّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْآخِذِ وَالْمَأْخُوذِ بَعِيدٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ إذْ لَا فَارِقَ إلَخْ ظَاهِرُ الْمَنْعِ كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ بِجَوَازِ قَصْدِ الشَّاخِصِ وَاتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ قَصْدِ رَجُلٍ مَثَلًا وَيَأْتِي آنِفًا عَنْ عَبْدِ الرَّءُوفِ أَنَّ التَّشْرِيكَ يَضُرُّ هُنَا.
(قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ الْإِجْزَاءُ) قَالَ تِلْمِيذُهُ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَكَوْنُ قَصْدِ الْعَلَمِ حِينَئِذٍ غَيْرَ صَارِفٍ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ مَا يُجْزِئُ وَمَا لَا يُجْزِئُ أَصْلًا إلَخْ اهـ وَفِي الْإِيعَابِ نَعَمْ لَوْ قِيلَ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ فِي عَامِّيٍّ عُذِرَ بِجَهْلِهِ جُمْلَةَ الْمَرْمَى لَمْ يَبْعُدْ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَنْ عَجَزَ إلَخْ) اُنْظُرْ أَعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ سم أَقُولُ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ وَشَرْحِهِ لِلرَّمْلِيِّ مِنْ مَجِيئِهَا فِي مَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ مَجِيئُهَا هُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجِيرَ عَيْنٍ) إلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُتَّجَهُ إلَى أَوْ جُنُونٍ وَقَوْلَهُ بِخِلَافِ قَادِرٍ إلَى وَلِحَبْسٍ وَقَوْلَهُ وَقْتَ الرَّمْيِ لَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجِيرَ عَيْنٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ صِحَّةُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ الْعَجْزِ عِنْدَهُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْله وَيُتَّجَهُ ضَبْطُهُ إلَخْ) قَالَ سم سُئِلْتُ عَنْ مَرِيضٍ يُمْكِنُهُ رُكُوبُ دَابَّةٍ إلَى الْمَرْمَى وَالرَّمْيُ عَلَيْهَا أَوْ أَنْ يَحْمِلَهُ أَحَدٌ وَيَرْمِيَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَسْتَنِيبَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهِ الرَّمْيَ بِنَفْسِهِ وَتَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِاسْتِنَابَةُ إنْ لَمْ تَلْحَقْهُ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَلَاقَ بِهِ حَمْلُ الْآدَمِيِّ بِحَيْثُ لَا يُخِلُّ بِحِشْمَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ حُضُورُ الْمُسْتَنِيبِ الْمَرْمَى مُطْلَقًا انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ أَيِسَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَجَزَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ أَيِسَ مِنْ الْقُدْرَةِ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِ طَبِيبٍ أَوْ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ رِوَايَةً بِالطِّبِّ امْتِدَادُ الْمَانِعِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقْتُهُ) ، وَهُوَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَنَّائِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ
يَكُنْ فِي زَمَنِهِ عليه الصلاة والسلام وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الظَّاهِرَ ظُهُورًا تَامًّا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَالنَّاسُ فِي زَمَنِهِ لَمْ يَكُونُوا يَرْمُونَ حَوَالَيْ مَحِلِّهِ وَيَتْرُكُونَ مَحِلَّهُ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ نَقْلٌ، فَإِنَّهُ غَرِيبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُمْ الزَّرْكَشِيُّ) اعْتَمَدَ الْمُخَالَفَةَ م ر
. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَمَنْ عَجَزَ إلَخْ) اُنْظُرْ أَعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجِيرَ عَيْنٍ عَلَى الْأَوْجَهِ)
وَلَا يَنْعَزِلُ النَّائِبُ بِطُرُوِّ إغْمَاءِ الْمُنِيبِ، أَوْ جُنُونِهِ بَعْدَ إذْنِهِ لِمَنْ يَرْمِي عَنْهُ، وَهُوَ عَاجِزٌ آيِسٌ بِخِلَافِ قَادِرٍ عَادَتُهُ الْإِغْمَاءُ قَالَ لِآخَرَ إذَا أُغْمِيَ عَلَيَّ فَارْمِ عَنِّي فَإِنَّهُ يَصِحُّ فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالرَّمْيِ هُوَ وَلَا نَائِبُهُ أَيْ: مَعَ تَقْصِيرِهِ بِتَرْكِهِ الرَّمْيَ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَتْ عَادَتُهُ طُرُوُّ الْإِغْمَاءِ أَثْنَاءَ وَقْتِ الرَّمْيِ بِخِلَافِ اعْتِيَادِهِ طُرُوَّهُ أَوَّلَ وَقْتِهِ، وَبَقَاؤُهُ إلَى آخِرَهُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ أَلْبَتَّةَ إذْ لَا يُمْكِنُهُ بِنَفْسِهِ وَلَا نَائِبِهِ فَلُزُومُ الدَّمِ لَهُ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ فِي هَذَا الْجِنْسِ فَأَلْحَقُوهُ بِالْغَالِبِ وَلِحَبْسٍ وَلَوْ بِحَقٍّ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنْ يُحْبَسَ فِي قَوَدٍ الصَّغِيرُ حَتَّى يَبْلُغَ بِخِلَافِ مَحْبُوسٍ بِدَيْنٍ يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ لِعَدَمِ عَجْزِهِ عَنْ الرَّمْيِ حِينَئِذٍ (اسْتَنَابَ) وَقْتَ الرَّمْيِ لَا قَبْلَهُ وُجُوبًا وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ مُحْرِمًا لَكِنْ إنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ
كَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ أَيَّامَ الرَّمْيِ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ النَّائِبُ بِطُرُوِّ إغْمَاءِ الْمُنِيبِ) أَيْ كَمَا لَا يَنْعَزِلُ عَنْهُ وَعَنْ الْحَجِّ بِمَوْتِهِ وَفَارَقَ سَائِرَ الْوَكَالَاتِ بِوُجُوبِ الْإِذْنِ هُنَا أَمَّا إغْمَاءُ النَّائِبِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ أَسْنَى وَمُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لِغَيْرِهِ فِي الرَّمْيِ عَنْهُ أَوْ أَذِنَ وَلَيْسَ بِعَاجِزٍ آيِسٍ لَمْ يَجُزْ الرَّمْيُ عَنْهُ اتِّفَاقًا لَكِنْ يُسَنُّ لِمَنْ مَعَهُ أَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ بَلْ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ مَعَهُ وَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُهُ الدَّمُ إذَا أَفَاقَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالرَّمْيِ هُوَ وَلَا نَائِبُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي الْخَادِمِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ سم عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَلَا يُرْمَى عَنْ مُغْمًى عَلَيْهِ لَمْ يَأْذَنْ قَبْلَ إغْمَائِهِ حَالَ عَجْزِهِ عَنْ الرَّمْيِ بِمَرَضٍ مَثَلًا لَكِنْ يُسَنُّ لِمَنْ مَعَهُ الرَّمْيُ عَنْهُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بَدَلُهُ، وَهُوَ الدَّمُ ثُمَّ الصَّوْمُ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَالْمَيِّتُ نَعَمْ لِلْوَلِيِّ الرَّمْيُ عَنْ الْمَجْنُونِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا نَائِبِهِ) هَلَّا صَحَّ رَمْيُ الْآخَرِ حَالَ الْإِغْمَاءِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالْعُمُومِ، وَإِنْ فَسَدَ الْخُصُوصُ سم وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ شَرْطَ الْإِذْنِ أَنْ يَكُونَ فِي حَالَةِ الْعَجْزِ وَمَا هُنَا فِي حَالَةِ الْقُدْرَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلِحَبْسٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِنَحْوِ مَرَضٍ وَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحَقٍّ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحْبَسَ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَشَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُحْبَسَ بِحَقٍّ وَحَكَى عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُحْصَرِ أَنَّهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّحَلُّلُ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لَا مُخَالَفَةَ إذْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي حَقِّ عَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهِ وَمَفْهُومُ النَّصِّ وَغَيْرِهِ فِي حَقِّ قَادِرٍ عَلَى ذَلِكَ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا اهـ سم (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْبَسَ إلَخْ) صَنِيعُهُ يُوهِمُ حَصْرَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَصُورَةُ الْمَحْبُوسِ أَنَّهُ يَجِبَ عَلَيْهِ قَوَدُ الصَّغِيرِ، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَبْلُغَ وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الصُّورَةَ إلَخْ اهـ قَالَ ع ش أَيْ كَأَنْ حُبِسَتْ الْحَامِلُ لِقَوَدٍ حَتَّى تَضَعَ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (اسْتَنَابَ) أَيْ مُكَلَّفًا وَلَوْ سَفِيهًا لَا مُمَيِّزًا إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَنَّائِيٌّ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ وُقُوعِ رَمْيِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ عَنْ مُسْتَنِيبِهِ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا هُوَ شَرْطُ إبَاحَةِ الْإِنَابَةِ فَقَطْ دُونَ الْوُقُوعِ عَنْ الْمُنِيبِ لَمْ يَبْعُدْ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَأَقَّتَ الرَّمْيَ إلَخْ) وَلَوْ اسْتَنَابَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ مَا لَمْ يُقَيِّدْ إذْنَهُ بِالرَّمْيِ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ كَالْإِذْنِ قَبْلَ الْوَقْتِ فِي طَلَبِ الْمَاءِ وَإِذْنِ الْمُحْرِمِ فِي تَزْوِيجِهِ سم.
(قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ فَلَا يَسْتَنِيبُ فِي رَمْيِ التَّشْرِيقِ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ يَوْمٍ فَيَوْمٍ إلَى آخِرِ الْأَيَّامِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْرِمًا إلَخْ) وَإِذَا اسْتَنَابَ عَنْهُ مَنْ رَمَى أَوْ حَلَالًا سُنَّ لَهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ الْحَصَى وَيُكَبِّرَ كَذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا تَنَاوَلَهَا النَّائِبُ وَكَبَّرَ بِنَفْسِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ حَتَّى الْحَاضِرُ، وَإِنْ اُسْتُنِيبَ فِي الْمَاضِي كَأَنْ اُسْتُنِيبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي رَمْيِ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ رَمْيُ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ الرَّمْيُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ حَتَّى يَرْمِيَ الْيَوْمَ الْحَاضِرَ عَنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ فَلْيُرَاجَعْ سم.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ إلَخْ) أَيْ فَيَقَعُ رَمْيُ النَّائِبِ عَنْ
أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَرَجَعَ إلَيْهِ م ر بَعْدَ أَنْ كَانَ خَالَفَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ النَّائِبُ بِطُرُوِّ إغْمَاءِ الْمُنِيبِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَمَّا إغْمَاءُ النَّائِبِ فَيَنْعَزِلُ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَادِرٍ عَادَتُهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لِغَيْرِهِ فِي الرَّمْيِ عَنْهُ أَوْ أَذِنَ وَلَيْسَ بِعَاجِزٍ آيِسٍ لَمْ يَجُزْ الرَّمْيُ عَنْهُ اتِّفَاقًا لَكِنْ يُسَنُّ لِمَنْ مَعَهُ أَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ بَلْ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ مَعَهُ وَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُهُ الدَّمُ إذَا أَفَاقَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالرَّمْيِ هُوَ وَلَا نَائِبُهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي الْخَادِمِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالرَّمْيِ هُوَ وَلَا نَائِبُهُ) هَلَّا صَحَّ رَمْيُ الْآخَرِ حَالَ الْإِغْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالْعُمُومِ، وَإِنْ فَسَدَ الْخُصُوصُ.
(قَوْلُهُ: وَلِحَبْسٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلُ لِنَحْوِ مَرَضٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِحَقٍّ إلَخْ أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحْبَسَ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَشَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُحْبَسَ بِحَقٍّ وَحُكِيَ عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُحْصَرِ أَنَّهُ إذَا حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّحَلُّلُ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لَا مُخَالَفَةَ إذْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي حَقِّ عَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهِ وَمَفْهُومُ النَّصِّ وَغَيْرِهِ فِي حَقِّ قَادِرٍ عَلَى ذَلِكَ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ اسْتَنَابَ) لَوْ اسْتَنَابَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ مَا لَمْ يُقَيِّدْ إذْنَهُ بِالرَّمْيِ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ كَالْإِذْنِ قَبْلَ الْوَقْتِ فِي طَلَبِ الْمَاءِ وَإِذْنِ الْمُحْرِمِ فِي تَزْوِيجِهِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ) ظَاهِرُهُ حَتَّى الْحَاضِرَ، وَإِنْ اُسْتُنِيبَ فِي الْمَاضِي كَأَنْ اُسْتُنِيبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي رَمْيِ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ رَمْيُ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ الرَّمْيُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ حَتَّى يَرْمِيَ الْيَوْمَ الْحَاضِرَ عَنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ
الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ وَإِلَّا وَقَعَ لَهُ، وَإِنْ نَوَى مُسْتَنِيبُهُ، أَوْ لَغَا فِيمَا إذَا رَمَى لِلْأُولَى مَثَلًا أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَبْعًا عَنْهُ ثُمَّ سَبْعًا عَنْ مُوَكِّلِهِ وَذَلِكَ كَالِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَجِّ نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا عَجْزٌ يَنْتَهِي لِلْيَأْسِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْبَعْضِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْكُلِّ بَلْ يَكْفِي الْعَجْزُ حَالًا إذَا لَمْ يُرْجَ زَوَالُهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الرَّمْيِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَضُرُّ زَوَالُ الْعَجْزِ عَقِبَ رَمْيِ النَّائِبِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ (فَرْعٌ) لَوْ أَنَابَهُ جَمَاعَةٌ فِي الرَّمْيِ عَنْهُمْ جَازَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ هَلْ يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمْ بِأَنْ لَا يَرْمِيَ عَنْ الثَّانِي مَثَلًا إلَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِ رَمْيِ الْأَوَّلِ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرْمِيَ إلَى الْأُولَى عَنْ الْكُلِّ ثُمَّ الْوُسْطَى كَذَلِكَ ثُمَّ الْأَخِيرَةِ كَذَلِكَ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اُسْتُنِيبَ عَنْ آخَرَ وَعَلَيْهِ رَمْيٌ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْمِيَ عَنْ مُسْتَنِيبِهِ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا تَقَرَّرَ، فَإِنْ قُلْت مَا عَلَيْهِ لَازِمٌ لَهُ فَوَجَبَ التَّرْتِيبُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا عَلَى الْأَوَّلِ فِي مَسْأَلَتِنَا قُلْت قَصْدُ الرَّمْيِ لَهُ صَيَّرَهُ كَأَنَّهُ مَلْزُومٌ بِهِ فَلَزِمَهُ التَّرْتِيبُ رِعَايَةً لِذَلِكَ
(وَإِذَا)(تَرَكَ رَمْيَ) ، أَوْ بَعْضَ رَمْيِ (يَوْمٍ) لِلنَّحْرِ، أَوْ مَا بَعْدَهُ عَمْدًا، أَوْ غَيْرَهُ (تَدَارَكَهُ فِي بَاقِي الْأَيَّامِ) وَيَكُونُ أَدَاءً (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَوَّزَ ذَلِكَ لِلرِّعَاءِ فَلَوْ لَمْ تَصِحَّ بَقِيَّةُ الْأَيَّامِ لِلرَّمْيِ لَتَسَاوَى فِيهَا الْمَعْذُورُ وَغَيْرُهُ كَوُقُوفِ عَرَفَةَ وَمَبِيتِ مُزْدَلِفَةَ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَوَّزَ التَّدَارُكَ لِلْمَعْذُورِ فَلَزِمَ تَجْوِيزُهُ لِغَيْرِهِ أَيْضًا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ لَهُ تَدَارُكَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا لَيْلًا
مُسْتَنِيبِهِ لَكِنْ إلَخْ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ هَذَا لَيْسَ قَيْدًا لِصِحَّةِ الْإِنَابَةِ بَلْ لِوُقُوعِ رَمْيِ النَّائِبِ عَنْ الْمُنِيبِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ السِّيَاقُ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ) هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْمُهِمَّاتِ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَمْيِ الْجَمِيعِ بَلْ إنْ رَمَى الْجَمْرَةِ الْأُولَى صَحَّ أَنْ يَرْمِيَ عَقِبَهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَفِي عِبَارَتِهِمَا إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا الثَّانِي وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ وَبَسَطَ كَلَامَ الْمُهِمَّاتِ وَالْخَادِمِ وَالْكَلَامَ عَلَيْهِمَا سم.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ النَّائِبُ لَمْ يَرْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ بَعْضَ الْجَمَرَاتِ فَرَمَى وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ دُونَ الْمُسْتَنِيبِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَقَعَ لَهُ) أَيْ فِيمَا إذَا اقْتَصَرَ فِي رَمْيِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ عَلَى سَبْعٍ مِنْ الْمَرَّاتِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَغَا إلَخْ) الْأَوْلَى الْوَاوُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى مُسْتَنِيبُهُ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ رَمَى ثَانِيًا وَنَوَى بِهِ نَفْسَهُ بِظَنِّ أَنَّ الْأَوَّلَ وَقَعَ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ فَهَلْ يَقَعُ هَذَا الثَّانِي عَنْ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ لَا يَقَعُ أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا فَيَقَعَ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ الصَّرْفُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ صَرْفًا عَنْ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ مُتَبَرِّعًا فَلَا يَقَعُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي كَمَا قَدْ يُفِيدُهُ قَوْلُ ع ش قَوْلُهُ م ر وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ أَيْ فَيَرْمِي عَنْ الْمُسْتَنِيبِ بَعْدُ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَنَّائِيٌّ وَكُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ زَوَالُ الْعَجْزِ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لَكِنَّهَا تُسَنُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَقِبَ رَمْيِ النَّائِبِ) أَيْ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ رَمَاهُ بِنَفْسِهِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ سم.
(قَوْلُهُ: صَيَّرَهُ كَأَنَّهُ مَلْزُومٌ إلَخْ) يَمْنَعُ هَذَا وَمَا فُرِّعَ عَلَيْهِ سم.
(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْمِيَ إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ سم عَنْ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ أَنَّ هَذَا أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْمُهِمَّاتِ وَثَانِيهِمَا الْجَوَازُ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْخَادِمِ وَفِي عِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِهِ وَقِيَاسُهُ عَدَمُ لُزُومِ التَّرْتِيبِ هُنَا بِالْأَوْلَى
. (قَوْلُهُ: لِلنَّحْرِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَعَ الْمَتْنِ وَإِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا تَدَارَكَهُ فِي بَاقِي الْأَيَّامِ مِنْهَا فِي الْأَظْهَرِ اهـ زَادَ الْمُغْنِي وَكَذَا يَتَدَارَكُ رَمْيَ يَوْمِ النَّحْرِ فِي بَاقِي الْأَيَّامِ إذَا تَرَكَهُ وَالْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْهَا فِي الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ وَالثَّانِي أَوْ الْأَوَّلَيْنِ فِي الثَّالِثِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ) إلَى قَوْلِهِ وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِلرِّعَاءِ) أَيْ وَأَهْلِ السِّقَايَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَوُقُوفِ عَرَفَةَ) أَيْ كَمَا فِي وُقُوفِ عَرَفَةَ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْأَيَّامِ وَالْأَيَّامُ حَقِيقَةٌ لَا تَتَنَاوَلُهَا اللَّيَالِي مُغْنِي
فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ) هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْمُهِمَّاتِ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَمْيِ الْجَمِيعِ بَلْ إنْ رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى صَحَّ أَنْ يَرْمِيَ عَقِبَهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَفِي عِبَارَتِهِمَا إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا الثَّانِي وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ وَبَسَطَ كَلَامَ الْمُهِمَّاتِ وَالْخَادِمِ وَالْكَلَامَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى مُسْتَنِيبُهُ) أَيْ كَالْحَجِّ لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ فِي الطَّوَافِ عَنْ الْغَيْرِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا، فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَيْرِ لَعَلَّ الْمُرَادَ الْمَحْمُولُ إذَا نَوَاهُ لَهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الطَّوَافَ لَمَّا كَانَ مِثْلَ الصَّلَاةِ أَثَّرَتْ فِيهِ نِيَّةُ الصَّرْفِ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الرَّمْيِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَبِيهًا بِالصَّلَاةِ وَقِيَاسُ السَّعْيِ أَنْ يَكُونَ كَالرَّمْيِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى مُسْتَنِيبُهُ) فِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِنَابَةِ أَنْ تَقَعَ فِي الْوَقْتِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ طَوَافٌ دَخَلَ وَقْتُهُ إذَا طَافَ نَاوِيًا طَوَافًا آخَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَطُوفَ حَامِلًا وَيَنْوِيَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَحْمُولِ فَيَقَعَ لِذَلِكَ الْمَحْمُولِ أَوْ نَاوِيًا غَيْرَ الطَّوَافِ كَلُحُوقِ غَرِيمٍ انْصَرَفَ عَنْ الطَّوَافِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا صَرَفَ الطَّوَافَ إلَى طَوَافٍ آخَرَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَنْصَرِفْ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمَحْمُولِ فَيَنْصَرِفُ لَهُ أَوْ إلَى غَيْرِ طَوَافٍ انْصَرَفَ وَالرَّمْيُ كَالطَّوَافِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ، فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى رَمْيٍ آخَرَ لَمْ يَنْصَرِفْ كَأَنْ قَصَدَ بِهِ مُسْتَنِيبَهُ أَوْ إلَى غَيْرِ الرَّمْيِ كَأَنْ قَصَدَ إصَابَةَ دَابَّةٍ فِي الْمَرْمَى انْصَرَفَ وَلَا يَظْهَرُ فِي الرَّمْيِ نَظِيرُ الْمَحْمُولِ فِي الطَّوَافِ لِيَتَأَتَّى اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ أَيُّ حَاجَةٍ إلَى مَا مَرَّ عَنْ م ر مِنْ الْإِشْكَالِ وَالْفَرْقِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الرَّمْيِ) وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كَالْيَوْمِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ زَوَالُ الْعَجْزِ عَقِبَ رَمْيِ النَّائِبِ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ لَكِنْ تُسَنُّ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْحَجِّ بِأَنَّ الرَّمْيَ تَابِعٌ وَيُجْبَرُ بِدَمٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ.
(قَوْلُهُ: صَيَّرَهُ كَأَنَّهُ مَلْزُومٌ
وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ اضْطِرَابٍ فِي ذَلِكَ جَوَازُهُ فِيهِمَا بِخِلَافِ تَقْدِيمِ رَمْيِ يَوْمٍ عَلَى زَوَالِهِ، فَإِنَّهُ مُمْتَنِعٌ كَمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَزْمُ الرَّافِعِيِّ بِجَوَازِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ كَالْإِمَامِ ضَعِيفٌ، وَإِنْ اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ مَذْهَبًا وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ مِنْ الْفَجْرِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي غُسْلِهِ.
وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ أَيَّامَ مِنًى كُلَّهَا كَالْوَقْتِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّأْخِيرِ دُونَ التَّقْدِيمِ وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الرَّمْيِ الْمَتْرُوكِ وَبَيْنَ يَوْمِ التَّدَارُكِ حَتَّى يُجْزِئَ رَمْيُ يَوْمِهِ عَنْ يَوْمِهِ وَلِهَذَا لَوْ رَمَى عَنْهُ قَبْلَ التَّدَارُكِ انْصَرَفَ لِلْمَتْرُوكِ لَا لِيَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ النُّسُكِ وَكَذَا مَا مَرَّ فِي النَّائِبِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ قَصَدَ الرَّمْيَ لِشَخْصٍ فِي الْجَمْرَةِ، فَإِنَّهُ يَلْغُو؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ نُسُكًا أَصْلًا وَلَوْ رَمَى لِكُلِّ جَمْرَةٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ حَصَاةً عَنْ يَوْمِهِ وَأَمْسِهِ لَغَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ وَالْقِيَاسُ حُسْبَانُ سَبْعَةٍ مِنْهَا فِي كُلِّ جَمْرَةٍ عَنْ أَمْسِهِ لِفَقْدِ الصَّارِفِ وَالتَّعْيِينُ لَيْسَ شَرْطًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ عَنْ يَوْمِهِ لِفَقْدِ التَّرْتِيبِ (وَلَا دَمَ) مَعَ التَّرْتِيبِ، وَإِنْ قُلْنَا قَضَاءً لِلْجَبْرِ بِالْإِتْيَانِ بِهِ (وَلَا) يَتَدَارَكُهُ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ (وَالْمَذْهَبُ تَكْمِيلُ الدَّمِ فِي ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ) فَأَكْثَرَ حَتَّى لَوْ تَرَكَ الرَّمْيَ مِنْ أَصْلِهِ كَفَاهُ دَمٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ كَحَلْقِ الرَّأْسِ كُلِّهِ مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ رَمْيَ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ بِرَأْسِهَا وَفِي الْحَصَاةِ مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ رَمْيِهِ أَوْ اللَّيْلَةِ مُدٌّ وَفِي الْحَصَاتَيْنِ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ اللَّيْلَتَيْنِ لِمَنْ بَاتَ الثَّالِثَةَ مُدَّانِ، فَإِنْ عَجَزَ فَفِيهِ خَبْطٌ طَوِيلٌ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيَّنْته مَعَ مَا فِيهِ وَمَعَ بَيَانِ الْمُعْتَمَدِ فِي الْحَاشِيَةِ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) اعْتَمَدَ هَذَا الْمُعْتَمَدَ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: كَمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ) قَدْ يُفِيدُ هَذَا التَّعْبِيرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِمُقَابِلِهِ الْآتِي وَلَعَلَّهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ نَوْعَ قُوَّةٍ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ لَا الصَّحِيحِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الضَّعِيفِ مِنْ جَوَازِ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَبْلَ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ إلَخْ) وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الرَّمْيِ قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى الضَّعِيفِ جَوَازُ النَّفْرِ قَبْلَهُ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْأَوَّلَ لِحِكْمَةٍ لَا تُوجَدُ فِي الثَّانِي كَتَيَسُّرِ النَّفْرِ عَقِبَ الزَّوَالِ قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ فِي سَيْرِهِمْ وَلَا يَسَعُ لِأَمْثَالِنَا قِيَاسُ نَحْوِ النَّفْرِ عَلَى نَحْوِ الرَّمْيِ.
(قَوْلُهُ: فِي غُسْلِهِ) أَيْ الرَّمْيِ.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) إلَى قَوْلِهِ لِفَقْدِ الصَّارِفِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا إلَى وَلَوْ رَمَى وَقَوْلَهُ كَذَا إلَى وَالْقِيَاسُ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ) أَيْ حَيْثُ أَخَّرَ الْمَتْرُوكَ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ سم وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ رُمِيَ عَنْهُ قَبْلَ التَّدَارُكِ انْصَرَفَ إلَخْ) أَيْ إنْ قَصَدَ خِلَافَهُ وَقُلْنَا بِاشْتِرَاطِ فَقْدِ الصَّارِفِ وَبِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ خِلَافًا لِمَنْ أَطَالَ فِي مَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ الرَّمْيَ إلَى غَيْرِهِ بَلْ إلَى مُجَانِسِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَنْ عَلَيْهِ طَوَافُ الرُّكْنِ فَنَوَى بِهِ طَوَافَ الْوَدَاعِ مَعَ وُقُوعِهِ لِلرُّكْنِ سم.
(قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ) أَيْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: فَارَقَا) أَيْ التَّارِكُ وَالنَّائِبُ.
(قَوْلُهُ: مَعَ التَّرْتِيبِ) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِبَارَةُ ابْنِ شُهْبَةَ وَكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ مَعَ التَّدَارُكِ، وَهِيَ وَاضِحَةٌ وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الرَّمْيِ الْمَتْرُوكِ وَرَمْيِ يَوْمِ التَّدَارُكِ فَتَرْجِعُ إلَى مَا ذَكَرُوهُ لَكِنَّ تَعْبِيرَهُمْ أَوْضَحُ مِنْ التَّسَاوِي بِحَسَبِ الْمَآلِ فَتَدَبَّرْهُ لَا يُقَالُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الدَّمَ عَلَى الْمُقَابِلِ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى التَّرْتِيبِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا قَضَاءً إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَعَ التَّدَارُكِ سَوَاءٌ أَجَعَلْنَاهُ أَدَاءً أَمْ قَضَاءً لِحُصُولِ الِانْجِبَارِ بِالْمَأْتِيِّ بِهِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ فِي رَمْيِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ يَوْمِ النَّحْرِ مَعَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: لِتَرْكِهِ) إلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ عَجَزَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْحَصَاةِ إلَخْ) وَلَوْ أَخْرَجَ ثُلُثَ الدَّمِ فِي الْحَصَاةِ أَوْ ثُلُثَيْهِ فِي الْحَصَاتَيْنِ أَجْزَأَ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ الْمُدِّ فِي الْحَصَاةِ أَيْ وَاللَّيْلَةِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الشَّاةِ انْتَهَى اهـ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ بَاتَ الثَّالِثَةَ) أَيْ أَوْ تَرَكَ مَبِيتَهَا لِعُذْرٍ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبَ إلَخْ) يُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْقِيَاسَ تَنْزِيلُ الْمُدِّ مَنْزِلَةَ مَا نَابَ عَنْهُ، وَهُوَ ثُلُثُ الدَّمِ فِي كَوْنِهِ مُرَتَّبًا فَلَا يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى إخْرَاجِهِ الْعُدُولُ لِثُلُثِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ فَيَصُومُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلُ الدَّمِ أَصَالَةً مَعَ جَبْرِ الْمُنْكَسِرِ لَكِنَّ تِلْكَ الْعَشَرَةَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ فَيَصُومُ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْحَجِّ أَيْ قَبْلَ رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا وَجَبَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَجِّهِ وَسَبْعَةَ أَعْشَارِهَا إذَا رَجَعَ فَالْمُعَجَّلُ يَوْمٌ وَعُشْرَا يَوْمٍ وَالْمُؤَخَّرُ يَوْمَانِ وَثَمَانِيَةُ أَعْشَارِ يَوْمٍ فَيُعَجِّلُ يَوْمَيْنِ وَيُؤَخِّرُ ثَلَاثَةً إلَخْ وَقَوْلَهُ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْعَشَرَةِ مَعَ جَبْرِ الْمُنْكَسِرِ يُتَأَمَّلُ لِمَ وَجَبَ جَبْرُ الْمُنْكَسِرِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى مَا يَكُونُ فِي الْحَجِّ وَمَا يَكُونُ إذَا رَجَعَ وَهَلَّا قَسَمَ قَبْلَ الْجَبْرِ ثُمَّ جَبْرُ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُنْكَسِرِ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ لِيَكُونَ الْوَاجِبُ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ بَعْدَ الْجَبْرِ مَا ذَكَرَهُ فَلْيُحَرَّرْ بُرْهَانُ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَلْزِمُ لِلْجَبْرِ أَوَّلًا وَثَانِيًا سم عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْمُدِّ صَامَ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ بِتَكْمِيلِ الْمُنْكَسِرِ، وَإِنَّمَا جَبَرْنَاهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَعْشَارًا؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يُعْهَدْ إيجَابُ بَعْضِهِ فَثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا يَوْمَانِ بِتَكْمِيلِ الْمُنْكَسِرِ عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إنْ تَعَدَّى بِالتَّرْكِ وَسَبْعَةُ أَعْشَارِهَا ثَلَاثَةٌ فِي وَطَنِهِ أَوْ مَا يُرِيدُ تَوَطُّنَهُ هَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ
إلَخْ) يَمْنَعُ هَذَا وَمَا فُرِّعَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ اضْطِرَابِ إلَخْ) اعْتَمَدَ هَذَا الْمُعْتَمَدَ م ر.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الرَّمْيِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ أَخَّرَ الْمَتْرُوكَ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ رَمَى عَنْهُ قَبْلَ التَّدَارُكِ انْصَرَفَ لِلْمَتْرُوكِ) أَيْ، وَإِنْ قَصَدَ خِلَافَهُ وَقُلْنَا بِاشْتِرَاطِ فَقْدِ الصَّارِفِ وَبِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ خِلَافًا لِمَنْ أَطَالَ فِي مَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ الرَّمْيَ إلَى غَيْرِهِ بَلْ إلَى مُجَانِسِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَنْ عَلَيْهِ طَوَافُ الرُّكْنِ فَنَوَى بِهِ الْوَدَاعَ مِنْ وُقُوعِهِ لِلرُّكْنِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ قَصْدَ دَابَّةٍ أَوْ إنْسَانٍ فِي الرَّمْيِ ع ش قَالَ فِي الرَّوْضِ وَصَرْفُ النِّيَّةِ فِي الرَّمْيِ كَصَرْفِهَا فِي الطَّوَافِ قَالَ فِي شَرْحِهِ يَعْنِي صَرْفَ الرَّمْيِ إلَيْهِ لِغَيْرِ النُّسُكِ كَأَنْ رَمَى إلَى شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي الْجَمْرَةِ كَصَرْفِ الطَّوَافِ بِهَا إلَى غَيْرِهِ قَالَ وَأَمَّا السَّعْيُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ أَيْ فَلَا يَنْصَرِفُ بِالصَّرْفِ اهـ.
(قَوْلُهُ:
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوَاحِدَةِ يَوْمَانِ وَيَجِبُ كَوْنُهُمَا عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إنْ تَعَدَّى بِالتَّرْكِ وَثَلَاثَةٌ إذَا رَجَعَ وَفِي الثِّنْتَيْنِ ثَلَاثَةٌ قَبْلَ رُجُوعِهِ كَذَلِكَ وَخَمْسَةٌ بَعْدَهُ أَمَّا تَرْكُ حَصَاةٍ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهُ تَدَارُكٌ مِنْ يَوْمٍ بَعْدَهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ يَوْمُ النَّحْرِ وَغَيْرُهُ فَيَلْزَمُهُ بِهِ دَمٌ لِإِلْغَاءِ مَا بَعْدَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ
(وَإِذَا أَرَادَ) الْحَاجُّ، أَوْ الْمُعْتَمِرُ وَغَيْرُهُ الْمَكِّيُّ وَغَيْرُهُ (الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ) ، أَوْ مِنًى عَقِبَ نَفْرِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ طَافَ لِلْوَدَاعِ عَقِبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ عِنْدَ عَوْدِهِ إلَيْهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ فَقَدْ وَهِمَ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يُسَمَّى طَوَافَ وَدَاعٍ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ النُّسُكِ
حَجّ وَقِيلَ يَصُومُ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَتُبْسَطُ أَثْلَاثًا فَيَلْزَمُهُ يَوْمٌ فِي الْحَجِّ وَثَلَاثَةٌ إذَا رَجَعَ فَفِي ذَلِكَ الْجَبْرُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَرَدَّهُ فِي الْإِمْدَادِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَجِبُ فِي الْمُدَّيْنِ الْوَاجِبَيْنِ ثُلُثَا الْعَشَرَةِ وَهُمَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ بِالتَّكْمِيلِ فَثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا ثَلَاثَةٌ عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَسَبْعَةُ أَعْشَارِهَا خَمْسَةٌ بِوَطَنِهِ أَوْ مَا يُرِيدُ تَوَطُّنَهُ أَفَادَهُ فِي التُّحْفَةِ وَذَكَرَ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مَا نَصُّهُ سُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي حَاجٍّ تَرَكَ حَصَاةً أَوْ حَصَاتَيْنِ وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ فِي الْحَصَاةِ مُدٌّ فَأَعْسَرَ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ فَأَجَابَ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا اهـ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إنْ تَعَدَّى بِالتَّرْكِ (قَوْلُهُ: أَمَّا تَرْكُ حَصَاةٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِذَا)(أَرَادَ) أَيْ بَعْدَ قَضَاءِ مَنَاسِكِهِ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ لِسَفَرٍ وَلَوْ مَكِّيًّا طَوِيلٍ أَوْ قَصِيرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ طَافَ لِلْوَدَاعِ طَوَافًا كَامِلًا فَلَا وَدَاعَ عَلَى مُرِيدِ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بَعْدَهُ وَلَا عَلَى مُرِيدِ السَّفَرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ وَلَا الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ الْخَارِجِ لِلتَّنْعِيمِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا فِيمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ وَمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِيمَنْ أَرَادَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فِيمَنْ خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ مَحَلٍّ يُقِيمُ فِيهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْعِمْرَانِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ مِنْ مِنًى لَزِمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَهُ قَبْلَ عَوْدِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْحَاجّ) إلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا بَيَّنْته إلَى الْمَتْنِ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ مِنًى إلَى قَوْلِهِ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) ، وَهُوَ الْحَلَالُ وَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالُ الْوَاوِ بِأَوْ.
(قَوْلُهُ: الْمَكِّيُّ إلَخْ) أَيْ كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ وَكَانَ الْأَوْلَى هُنَا إبْدَالَ الْوَاوِ بِأَوْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ مِنْ مِنًى (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ) أَيْ بِالطَّوَافِ الْمَذْكُورِ وَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَمَّى إلَخْ) مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِمُطْلَقِ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَمَّى طَوَافَ وَدَاعٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا وَدَاعَ عَلَى مُرِيدِ السَّفَرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ اهـ وَ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ النُّسُكِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى أَهْل مِنًى إذَا خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إلَى مِنًى؛ لِأَنَّهُمْ، وَإِنْ قَصَدُوا وَطَنَهُمْ لَكِنَّهُمْ قَصَدُوهُ قَبْلَ فَرَاغِ أَعْمَالِ مِنًى وَإِذَا صَارُوا فِيهِ سَقَطَ الْوَدَاعُ إذْ لَا مُفَارَقَةَ لِمَكَّةَ حِينَئِذٍ وَلَوْ قَصَدُوا الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى لِيَأْتُوا بِأَعْمَالِهَا ثُمَّ يَسِيرُونَ مِنْهَا مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَهَلْ عَلَيْهِمْ وَدَاعٌ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُمْ مَا فَرَغُوا مِنْ الْأَعْمَالِ إلَّا وَهُمْ فِي وَطَنِهِمْ وَمُفَارَقَةُ الْوَطَنِ بَعْدَ مَكَّةَ لَا تُوجِبُ وَدَاعًا وَلَوْ اسْتَمَرُّوا بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوَاحِدَةِ يَوْمَانِ إلَخْ) يُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ بَعْدَمَا مَهَّدَهُ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْقِيَاسُ تَنْزِيلُ الْمُدِّ مَنْزِلَةَ مَا نَابَ عَنْهُ، وَهُوَ ثُلُثُ الدَّمِ فِي كَوْنِهِ مُرَتَّبًا فَلَا يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى إخْرَاجِهِ الْعُدُولُ لِثُلُثِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ فَيَصُومُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلُ الدَّمِ أَصَالَةً مَعَ جَبْرِ الْمُنْكَسِرِ لَكِنَّ تِلْكَ الْعَشَرَةَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ فَيَصُومُ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ الْعَشَرَةِ فِي الْحَجِّ أَيْ قَبْلَ رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا وَجَبَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَجَّةٍ وَسَبْعَةَ أَعْشَارِهِ إذَا رَجَعَ فَالْمُعَجَّلُ يَوْمٌ وَعُشْرَا يَوْمٍ وَالْمُؤَخَّرُ يَوْمَانِ وَثَمَانِيَةُ أَعْشَارِ يَوْمٍ فَيُعَجِّلُ يَوْمَيْنِ وَيُؤَخِّرُ ثَلَاثَةً أَخْذًا مِمَّا فِي الرَّوْضَةِ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْعَشَرَةِ مَعَ جَبْرِ الْمُنْكَسِرِ يُتَأَمَّلُ لِمَ وَجَبَ جَبْرُ الْمُنْكَسِرِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى مَا يَكُونُ فِي الْحَجِّ وَمَا يَكُونُ إذَا رَجَعَ وَهَلَّا قَسَمَ قَبْلَ الْجَبْرِ ثُمَّ جَبَرَ مَا يَقَعُ مِنْ الْكَسْرِ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ بَعْدَ الْجَبْرِ دُونَ مَا ذَكَرَهُ فَلْيُحَرَّرْ بُرْهَانُ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَلْزِمُ لِلْجَبْرِ أَوَّلًا وَثَانِيًا
. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنًى عَقِبَ نَفْرِهِ مِنْهَا) وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ بَعْدَ أَعْمَالِهَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى مَنْ نَفَرَ قَبْلَ أَعْمَالِهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَقَالَ وَلَا أَيْ وَلَا وَدَاعَ عَلَى مُرِيدِ السَّفَرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ اهـ.
وَقَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ النُّسُكِ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى أَهْلِ مِنًى إذَا خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إلَى مِنًى؛ لِأَنَّهُمْ، وَإِنْ قَصَدُوا وَطَنَهُمْ لَكِنَّهُمْ قَصَدُوهُ قَبْلَ فَرَاغِ أَعْمَالِ مِنًى وَإِذَا صَارُوا فِيهِ سَقَطَ الْوَدَاعُ إذْ لَا مُفَارَقَةَ لِمَكَّةَ حِينَئِذٍ وَلَوْ قَصَدُوا الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى لِيَأْتُوا بِأَعْمَالِهَا ثُمَّ يَسِيرُونَ مِنْهَا مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَهَلْ عَلَيْهِمْ وَدَاعٌ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُمْ مَا فَرَغُوا مِنْ الْأَعْمَالِ إلَّا وَهُمْ فِي وَطَنِهِمْ وَمُفَارَقَةُ الْوَطَنِ بَعْدَ مَكَّةَ لَا تُوجِبُ وَدَاعًا وَلَوْ اسْتَمَرُّوا بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ ثُمَّ خَرَجُوا إلَى مِنًى فَهَلْ يَجِبُ الْوَدَاعُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْوُجُوبُ مُحْتَمَلٌ فَلْيُرَاجَعْ جَمِيعُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ النُّسُكِ) هَلْ مِثْلُ الْفَرَاغِ تَفْوِيتُ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ مَعَ مُكْثِهِ بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ جَمِيعِ الْمَنَاسِكِ) لَوْ فَرَغَ جَمِيعُ النُّسُكِ
إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ مُطْلَقًا، أَوْ دُونَهَا، وَهُوَ وَطَنُهُ، أَوْ لِيَتَوَطَّنَهُ وَإِلَّا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنْته ثَمَّ وَلَا فَرْقَ فِي الْقِسْمَيْنِ بَيْنَ مَنْ نَوَى الْعَوْدَ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ (طَافَ وُجُوبًا كَمَا يَأْتِي لِلْوَدَاعِ) طَوَافًا كَامِلًا لِثُبُوتِهِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا وَفِعْلًا وَلْيَكُنْ آخِرَ عَهْدِهِ بِبَيْتِ رَبِّهِ كَمَا أَنَّهُ أَوَّلُ مَقْصُودٍ لَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ عُمُومِهِ لِذِي النُّسُكِ وَغَيْرِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ، وَإِنْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي رَدِّهِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ إنَّهُ مِنْهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ أَرَادَ مِنْ تَوَابِعِهَا كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَ الْأَجِيرَ فِعْلُهُ وَاتُّجِهَ أَنَّهُ حَيْثُ وَقَعَ إثْرَ نُسُكِهِ لَمْ تَجِبْ لَهُ نِيَّةٌ نَظَرًا لِلتَّبَعِيَّةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ لِانْتِفَائِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِهِ فِي النُّسُكِ عَدَمُ طَلَبِهِ فِي غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ السِّوَاكَ سُنَّةٌ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا.
وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنْ عُمْرَانِ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ فَطَرَأَ لَهُ السَّفَرُ لَمْ يَلْزَمْهُ دُخُولُهَا لِأَجْلِ طَوَافِ الْوَدَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ حَالَ خُرُوجِهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ (وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَهُ)
وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثُمَّ خَرَجُوا إلَى مِنًى فَهَلْ يَجِبُ الْوَدَاعُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْوُجُوبُ مُحْتَمَلٌ فَلْيُرَاجَعْ جَمِيعُ ذَلِكَ (فَرْعٌ) هَلْ مِثْلُ الْفَرَاغِ تَفْوِيتُ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ مَعَ مُكْثِهِ بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَلَوْ لَزِمَهُ الصَّوْمُ بَدَلَ الرَّمْيِ فَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَرَادَ السَّفَرَ إلَى بَلَدِهِ وَأَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ السَّبْعَةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا بَلَدُهُ فَلَوْ أَرَادَ السَّفَرَ قَبْلَ صَوْمِهِ الثَّلَاثَةَ وَأَنْ يَصُومَهَا أَيْضًا بِبَلَدِهِ أَوْ فِي سَفَرِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ فَلْيُرَاجَعْ سم وَقَوْلَهُ هَلْ مِثْلُ الْفَرَاغِ إلَخْ أَقَرَّهُ الْوَنَائِيُّ.
(قَوْلُهُ: إلَى مَسَافَةِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْخُرُوجِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلِيَتَوَطَّنَهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَوْ مَحَلٌّ يُقِيمُ فِيهِ اهـ وَعِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ أَوْ يُرِيدُ إقَامَةً بِهِ تَقْطَعُ السَّفَرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثَمَّ) أَيْ فِي الْحَاشِيَةِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي الْقِسْمَيْنِ) أَيْ الْمُسَافِرِ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَالْمُسَافِرِ إلَى مَا دُونَهَا، وَهُوَ وَطَنُهُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (طَافَ إلَخْ) فَلَا وَدَاعَ عَلَى مُرِيدِ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَلَا عَلَى مُرِيدِ السَّفَرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَعْمَالِ وَلَا عَلَى الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ الْخَارِجِ لِلتَّنْعِيمِ وَنَحْوِهِ لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وُجُوبًا إلَخْ) يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الصَّغِيرِ هَلْ يَلْزَمُ وَلِيَّهُ أَنْ يَطُوفَ بِهِ لِلْوَدَاعِ أَوْ لَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَوْ لَيْسَ مِنْهَا وَلَكِنَّهُ خَرَجَ بِهِ أَثَرَ نُسُكٍ وَجَبَ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُنَا بِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا فَهُوَ مِنْ تَوَابِعِهَا وَيَحْتَمِلُ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ لَا يَجِبَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ أَثَرَ نُسُكٍ فَلَا وُجُوبَ هَذَا مَا ظَهَرَ الْآنَ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّيَ سم ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْغَايَةِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ لَمْ نَرَ فِيهِ نَقْلًا وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ إنْ قُلْنَا إنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَاسِكِ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى اهـ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْمَنَاسِكِ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَ الْأَجِيرَ إلَخْ) خِلَافًا لِظَاهِرِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فِعْلُهُ) أَيْ وَيَحُطُّ عَنْهُ تَرْكَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُهُ فَتْحُ الْجَوَّادِ (قَوْلُهُ: وَاتُّجِهَ أَنَّهُ إلَخْ) سَبَقَ لَهُ فِي مَبْحَثِ نِيَّةِ الطَّوَافِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ مَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ إذَا وَقَعَ أَثَرَ نُسُكٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ فَرَاجِعْهُ وَاسْتَوْجَهَ فِي الْحَاشِيَةِ اشْتِرَاطَهَا، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ التَّامِّ فَتَحَرَّرْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ آرَاءٍ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَثَرَ نُسُكِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ بَعْدَ نُسُكٍ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ جِدًّا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ لَهُ نِيَّةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَجِبُ النِّيَّةُ فِي النَّفْلِ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ سم وَكَذَا جَرَى النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ سَوَاءٌ وَقَعَ أَثَرَ نُسُكٍ أَوْ لَا وَنَقَلَ الْوَنَائِيُّ عَنْ الْمُخْتَصَرِ مِثْلَهُ وَاعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ سم وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ أَفْهَمَ الْمَتْنُ مَعَ قَيْدِهِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ مُطْلَقًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عُمْرَانِ مَكَّةَ إلَخْ) أَيْ أَوْ مِنْ عُمْرَانِ مِنًى وَقْتَ النَّفْرِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ النَّفْرِ كَذَا فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ تِلْمِيذُهُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ بَصْرِيٌّ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا الْوَنَائِيُّ.
(قَوْلُهُ: هُوَ مُحْتَمَلٌ) لَعَلَّهُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ قَرِيبٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَهُ إلَخْ) لَوْ فَارَقَ عَقِبَهُ مَكَّةَ إلَى مَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ وَعَادَ وَدَخَلَهَا فَوْرًا ثُمَّ خَرَجَ فَهَلْ يَحْتَاجُ هَذَا الْخُرُوجُ لِوَدَاعٍ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ جَدِيدٌ أَوْ لِبُطْلَانِ الْوَدَاعِ السَّابِقِ بِعَوْدِهِ إلَى مَكَّةَ وَيَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَوْدُهُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ كَأَخْذِ حَاجَةٍ لِلسَّفَرِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَاكِثِ لِحَاجَةِ السَّفَرِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَحْتَاجُ لِإِعَادَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ وَأَطْلَقَ م ر فِي تَقْرِيرِهِ فِي
لَكِنْ فَاتَهُ الرَّمْيُ وَلَزِمَهُ الصَّوْمُ بَدَلَهُ فَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَرَادَ السَّفَرَ إلَى بَلَدِهِ وَأَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ السَّبْعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْبَدَلِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَحِلَّهَا بَلَدُهُ وَلَوْ تَوَقَّفَ لُزُومُ الْوَدَاعِ عَلَيْهَا لَزِمَ سُقُوطُهُ عَنْهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ فَلَوْ أَرَادَ السَّفَرَ قَبْلَ صَوْمِهِ الثَّلَاثَةَ وَأَنْ يَصُومَهَا أَيْضًا بِبَلَدِهِ أَوْ فِي سَفَرِهِ فَهَلْ يَصِحُّ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَيَلْزَمُهُ وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ بَدَلًا عَنْهَا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: أَرَادَ أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ كَوْنِهِ مِنْ تَوَابِعِهَا أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ عَنْهَا وَذَلِكَ مُنَافٍ لِمَشْرُوعِيَّتِهِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ وَيُجَابُ بِالْمَنْعِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ تَابِعًا لِشَيْءٍ وَمُسْتَقِلًّا أَيْضًا كَالسِّوَاكِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ لَهُ نِيَّةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَجِبُ أَيْ النِّيَّةُ فِي النَّفْلِ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَهُ إلَخْ)
كَرَكْعَتَيْهِ وَالدُّعَاءِ الْمَنْدُوبِ عَقِبَهُمَا ثُمَّ عِنْدَ الْمُلْتَزِمِ، وَإِنْ أَطَالَ فِيهِ بِغَيْرِ الْوَارِدِ، وَإِتْيَانُ زَمْزَمَ لِيَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، فَإِنْ مَكَثَ لِذَلِكَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ فِعْلِ جَمَاعَةٍ أُقِيمَتْ عَقِبَهُ وَفِعْلِ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ كَشِرَاءِ زَادٍ وَشَدِّ رَحْلٍ، وَإِنْ طَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ وَإِلَّا كَعِيَادَةٍ، وَإِنْ قَلَّتْ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ بَلْ الْمَنْصُوصَ اغْتِفَارُ مَا بِقَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَيْ: أَقَلَّ مُمْكِنٍ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ سَائِرِ الْأَغْرَاضِ إذَا لَمْ يُعَرِّجْ لَهَا لَزِمَتْهُ وَلَوْ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا بِخِلَافِ مَنْ مَكَثَ بِالْإِكْرَاهِ، أَوْ نَحْوِ إغْمَاءٍ عَلَى الْأَوْجَهِ (وَهُوَ وَاجِبٌ) عَلَى كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا لِمَا مَرَّ (يُجْبَرُ تَرْكُهُ) ، أَوْ تَرَكَ خُطْوَةً مِنْهُ (بِدَمٍ) كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ فِيمَا هُوَ تَابِعٌ لِلنُّسُكِ وَلِشَبَهِهِ بِهَا صُورَةً فِي غَيْرِهِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَنَاسِكِ أَنْ لَا دَمَ فِيهِ عَلَى مُفَارِقِ مَكَّةَ فِي غَيْرِ النُّسُكِ نَعَمْ الْمُتَحَيِّرَةُ لَا دَمَ عَلَيْهَا لِلشَّكِّ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهَا بِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا لِلْحَيْضِ.
(وَفِي قَوْلٍ سُنَّةٌ لَا تُجْبَرُ) أَيْ: لَا يَجِبُ جَبْرُهَا كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذَا تَحِيَّةٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ دَخَلَ تَحْتَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ إذْ لَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَفَعَلَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْهُ (فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَخَرَجَ بِلَا وَدَاعٍ) عَمْدًا، أَوْ غَيْرَهُ (وَعَادَ قَبْلَ) بُلُوغِ نَحْوِ وَطَنِهِ، أَوْ (مَسَافَةَ الْقَصْرِ)
جَوَابِ سَائِلٍ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ سم وَالْقَلْبُ إلَى التَّفْصِيلِ أَمْيَلُ.
(قَوْلُهُ: كَرَكْعَتَيْهِ) إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ إلَى لَزِمَتْهُ.
(قَوْلِهِ كَرَكْعَتَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَبَعْدَ رَكْعَتَيْهِ إلَخْ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ مَكَثَ لِذَلِكَ) أَيْ لِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا وَكَذَا ضَمِيرُ قَوْلِهِ عَقِبَهُ.
(قَوْلُهُ: كَشِرَاءِ زَادٍ) أَيْ وَأَوْعِيَتِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ مَكَثَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ لِحَاجَةٍ لَا تَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ كَعِيَادَةِ إلَخْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَقَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ إذَا لَمْ يُعَرِّجْ لَهَا لَا تَقْطَعُ الْوَلَاءَ بَلْ يُغْتَفَرُ صَرْفُ قَدْرِهَا فِي سَائِرِ الْأَغْرَاضِ وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَيَجْرِي ذَلِكَ هُنَا بِالْأَوْلَى وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَنَّ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي تَعَدُّدِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي الِاعْتِكَافِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ الْإِعَادَةُ سم.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا) أَيْ بِأَنَّ الْمُكْثَ يَضُرُّ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ مَكَثَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ مَكَثَ مُكْرَهًا بِأَنْ ضُبِطَ أَوْ هُدِّدَ بِمَا يَكُونُ إكْرَاهًا فَهَلْ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ مَكَثَ مُخْتَارًا فَيَبْطُلُ الْوَدَاعُ أَوْ نَقُولُ الْإِكْرَاهُ يُسْقِطُ أَثَرَ هَذَا اللُّبْثِ فَإِذَا أَطْلَقَ وَانْصَرَفَ فِي الْحَالِ جَازَ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ عَقِبَ الْوَدَاعِ أَوْ جُنَّ لَا بِفِعْلِهِ الْمَأْثُومِ بِهِ وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْإِعَادَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا اهـ وَأَقَرَّهُ سم وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ م ر وَلَوْ مَكَثَ مُكْرَهًا إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ فِي طَوَافِ وَدَاعٍ أَثَرَ نُسُكٍ وَلِشَبَهِهِ بِهَا صُورَةً فِي غَيْرِهِ وَهَذَا عَلَى مُصَحَّحِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي إذْ لَوْ تَمَّ لَزِمَ الدَّمُ فِي تَرْكِ الْمَنْذُورِ وَلَوْ قَالَ وَلِشَبَهِهِ بِهِ أَيْ بِالْوَاقِعِ أَثَرَ نُسُكٍ لَكَانَ أَنْسَبَ فِي الْجُمْلَةِ فَتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ) إلَى قَوْلِهِ وَبِهِ فَارَقَتْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ نَحْوِ وَطَنِهِ وَقَوْلَهُ أَيْ بِأَنْ إلَى وَعَوْدُهُ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمُتَحَيِّرَةُ إلَخْ) مُقْتَضَى تَصْرِيحِهِ هُنَا بِنَفْيِ الدَّمِ وَعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ وَقَوْلِ فَتْحِ الْجَوَادِ أَيْ وَالنِّهَايَةِ وَلِمُتَحَيِّرَةٍ فِعْلُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِعْلُ الطَّوَافِ، وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ عُمُومُ قَوْلِهِمْ هِيَ كَطَاهِرٍ فِي الْعِبَادَاتِ يَشْمَلُهُ وَعَدَمُ لُزُومِ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ قِسْمٌ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا يَلْزَمُ مَعَ الشَّكِّ ثُمَّ رَأَيْته قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ تَطُوفُ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِوُجُوبِ الدَّمِ أَمْ بِعَدَمِهِ وَلَهُ وَجْهٌ إذْ هِيَ فِي الْعِبَادَاتِ كَطَاهِرٍ وَلَا يُنَافِيهِ سُقُوطُ الدَّمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لِمَعْنًى آخَرَ لَا يُقَالُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا الْمُكْثُ فَكَيْفَ تُؤْمَرُ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ اسْتَثْنَى الْفَرْضَ وَهَذَا مِنْهُ بَصْرِيٌّ أَقُولُ صَرَّحَ الْوَنَائِيُّ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِلشَّكِّ إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لَا دَمَ عَلَيْهَا) أَيْ إلَّا إنْ وَقَعَ التَّرْكُ فِي مَرَدِّهَا الْمَحْكُومِ بِأَنَّهُ طُهْرٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْجَوَادِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ وَفِي الْوَنَائِيِّ مِثْلُهُ إلَّا قَوْلَهُ كَذَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ يَجِبُ جَبْرُهَا) أَيْ لَا خِلَافَ فِي الْجَبْرِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَخَرَجَ) أَيْ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِوُجُوبِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَعَادَ إلَخْ) أَيْ وَطَافَ لِلْوَدَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَأَمَّا إذَا عَادَ لِيَطُوفَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ فَلَا وَجْهَ لِإِسْقَاطِ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَرَّرُ انْتَهَى مُغْنِي وَنَحْوُهُ فِي النِّهَايَةِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ يَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سُقُوطِهِ مِنْ الْعَوْدِ وَالطَّوَافِ وَهَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَوْدُ بِقَصْدِ الْإِعْرَاضِ عَنْ السَّفَرِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ سَفَرَهُ لَمْ يَكُنْ مُوجِبًا بِحَسْبِ نَفْسِ الْأَمْرِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ بَصْرِيٌّ أَقُولُ ظَاهِرُ كَلَامِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَنَّهُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَكَلَامُ الْوَنَائِيِّ كَالصَّرِيحِ
لَوْ فَارَقَ عَقَبَةَ مَكَّةَ إلَى مَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ وَعَادَ وَدَخَلَهَا فَوْرًا ثُمَّ خَرَجَ فَهَلْ يَحْتَاجُ هَذَا الْخُرُوجُ لِوَدَاعٍ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ جَدِيدٌ أَوْ لِبُطْلَانِ الْوَدَاعِ السَّابِقِ بِعَوْدِهِ إلَى مَكَّةَ أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَوْدُهُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ كَأَخْذِ حَاجَةٍ لِلسَّفَرِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَاكِثِ لِحَاجَةِ السَّفَرِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَحْتَاجُ لِإِعَادَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ وَأَطْلَقَ م ر فِي تَقْرِيرِهِ فِي جَوَابِ سَائِلٍ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْإِعَادَةِ إنْ تَمَكَّنَ وَإِلَّا فَلَا شَرْحَ م ر (قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ أَوْ جَهْلًا وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيَظْهَرُ فِيمَنْ خَرَجَ تَارِكًا لَهُ عَامِدًا عَالِمًا وَقَدْ لَزِمَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ لَهُ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ أَيْ وَقَبْلَ وُصُولِ وَطَنِهِ لَمْ يَأْثَمْ وَإِلَّا أَثِمَ، وَإِنْ
مِنْ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ الْوَدَاعَ لِلْبَيْتِ فَنَاسَبَ اعْتِبَارُ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ نِسْبَةً إلَيْهِ مِنْ الْحَرَمِ وَقِيلَ مِنْ الْحَرَمِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ (سَقَطَ الدَّمُ) أَيْ: بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْعُدْ عَنْ مَكَّةَ بُعْدًا يَقْطَعُ نِسْبَتَهُ عَنْهَا وَعَوْدُهُ هُنَا دُونَ مَا يَأْتِي وَاجِبٌ إنْ أَمْكَنَهُ (أَوْ) عَادَ وَقَدْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ سَوَاءٌ أَعَادَ مِنْهَا، أَوْ (بَعْدَهَا) ، وَإِنْ فَعَلَهُ (فَلَا) يَسْقُطُ الدَّمُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِمَا ذُكِرَ
(وَلِلْحَائِضِ) وَالنُّفَسَاءِ وَمِثْلُهُمَا مُسْتَحَاضَةٌ نَفَرَتْ فِي نَوْبَةِ حَيْضِهَا وَذُو جُرْحٍ نَضَّاحٍ يُخْشَى مِنْهُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ (النَّفْرُ بِلَا) طَوَافِ (وَدَاعٍ) تَخْفِيفًا عَنْهَا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ نَعَمْ إنْ ظَهَرَتْ، أَوْ انْقَطَعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْجُرْحِ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ مَا لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فِيهِ مِمَّا مَرَّ لَزِمَهَا الْعَوْدُ لِتَطُوفَ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا لِلْإِذْنِ لَهَا فِي الِانْصِرَافِ
فِيهِ عِبَارَتُهُ وَفِي تَرْكِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ خُطْوَةً عَمْدًا أَوْ سَهْوًا دَمٌ لَازِمٌ كَدَمِ التَّمَتُّعِ مَا لَمْ يَعُدْ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْهَا أَوْ وُصُولُهُ مَحَلَّ إقَامَتِهِ أَصْلًا أَوْ عَزْمًا وَنِيَّةً وَيَطُفْ أَيْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْعَوْدُ وَالطَّوَافُ مَعًا وَإِلَّا فَلَا دَمَ إنْ وُجِدَا مَعًا، فَإِنْ وُجِدَ الْعَوْدُ فَقَطْ فَالدَّمُ وَيَجِبُ الْعَوْدُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّهِمَا، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا لَهُ أَوْ جَاهِلًا بِوُجُوبِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مَكَّةَ) أَيْ أَوْ مِنًى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا يَأْتِي) أَيْ فِي تَفْسِيرِ حَاضِرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيَظْهَرُ فِيمَنْ خَرَجَ تَارِكًا لَهُ عَامِدًا عَالِمًا وَقَدْ لَزِمَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ لَهُ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ أَيْ وَقَبْلَ وُصُولِ وَطَنِهِ لَمْ يَأْثَمْ وَإِلَّا أَثِمَ، وَإِنْ عَادَ فَالْعَوْدُ مُسْقِطٌ لِلدَّمِ لَا لِلْإِثْمِ انْتَهَى اهـ سم عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَتَرْكُ طَوَافِ الْوَدَاعِ بِلَا عُذْرٍ يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا لَا دَمَ وَلَا إثْمَ وَذَلِكَ فِي تَرْكِ الْمَسْنُونِ مِنْهُ وَفِيمَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِ النُّسُكِ وَفِيمَنْ خَرَجَ مِنْ عُمْرَانِ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ طَرَأَ لَهُ السَّفَرُ ثَانِيهَا عَلَيْهِ الْإِثْمُ وَلَا دَمَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَرَكَهُ عَامِدًا عَالِمًا وَقَدْ لَزِمَهُ بِغَيْرِ عَزْمٍ عَلَى الْعَوْدِ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الدَّمُ فَالْعَوْدُ مُسْقِطٌ لِلدَّمِ لَا لِلْإِثْمِ ثَالِثُهَا عَلَيْهِ الْإِثْمُ وَالدَّمُ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَوْدُهُ هَهُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَصِلْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (دُونَ مَا يَأْتِي) أَيْ دُونَ مَا إذَا وَصَلَهَا (وَاجِبٌ) أَيْ، وَإِنْ خَرَجَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لِطَوَافِ الْوَدَاعِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ) هَلَّا قَالَ أَوْ وَطَنَهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ مَنْ سَفَرُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ كَالْمُرَحِّلَتَيْنِ فِيمَا تَقَرَّرَ فَيَجِبُ الْعَوْدُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ وَيَسْقُطُ بِهِ الدَّمُ لَا إنْ عَادَ بَعْدَ وُصُولِهِ سَوَاءٌ أَيِسَ أَمْ لَا خِلَافًا لِشَيْخِنَا انْتَهَى اهـ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ نَحْوِ وَطَنِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ إسْقَاطِهِ هُنَا اهـ وَقَدْ يُقَالُ تَرَكَهُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهِ فِي مُقَابِلِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ الطَّوَافَ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ أَوْ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقَدْ بَلَغَ إلَخْ مَعَ حَذْفِ إنْ.
(قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِبُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ نَحْوِ وَطَنِهِ
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا مُسْتَحَاضَةٌ نَفَرَتْ فِي نَوْبَةِ حَيْضِهَا) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي نَوْبَةِ طُهْرِهَا قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا كَالْمَجْمُوعِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ إذَا نَفَرَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ، فَإِنْ كَانَ يَوْمَ حَيْضِهَا فَلَا طَوَافَ عَلَيْهَا أَوْ طُهْرِهَا لَزِمَهَا وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ دَمًا فَانْصَرَفَتْ بِلَا وَدَاعٍ ثُمَّ جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ نُظِرَ إلَى مَرَدِّهَا السَّابِقِ فِي الْحَيْضِ، فَإِنْ بَانَ أَنَّهَا تَرَكَتْهَا فِي طُهْرِهَا فَالدَّمُ أَوْ فِي حَيْضِهَا فَلَا دَمَ انْتَهَى اهـ سم عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَأَمَّا الْمُسْتَحَاضَةُ، فَإِنْ سَافَرَتْ فِي نَوْبَةِ حَيْضِهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ إنْ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَذُو جُرْحٍ إلَخْ) أَيْ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوُهُ وَلَا يُكَلَّفُ الْحَشْوَ وَالْعَصْبَ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهَا إلَخْ) وَلَوْ رَجَعَتْ لِحَاجَةٍ بَعْدَمَا طَهُرَتْ اُتُّجِهَ وُجُوبُ الطَّوَافِ نِهَايَةٌ وَوَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِلْإِذْنِ إلَخْ) وَمَنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ تَبْقَى عَلَى إحْرَامِهَا، وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَعْوَامٌ نَعَمْ لَوْ عَادَتْ إلَى بَلَدِهَا أَيْ شَرَعَتْ فِي الْعَوْدِ فِيهِ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ عَادِمَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْوُصُولُ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ كَانَ حُكْمُهَا كَالْمُحْصَرِ فَتَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ شَاةٍ وَتَقْصِيرٍ وَتَنْوِي التَّحَلُّلَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَيَّدَهُ بِكَلَامٍ فِي الْمَجْمُوعِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ شَافِعِيَّةً تُقَلِّدُ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْ أَحْمَدَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَهُ فِي أَنَّهَا تَهْجُمُ وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَلْزَمُهَا بَدَنَةٌ وَتَأْثَمُ بِدُخُولِهَا الْمَسْجِدَ حَائِضًا وَيُجْزِئُهَا هَذَا الطَّوَافُ عَنْ الْفَرْضِ لِمَا فِي بَقَائِهَا عَلَى الْإِحْرَامِ مِنْ الْمَشَقَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ فَتَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ شَاةٍ إلَخْ أَيْ وَيَبْقَى الطَّوَافُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعُودَ فَتُحْرِمَ وَتَأْتِيَ بِهِ، فَإِنْ مَاتَتْ وَلَمْ تَعُدْ حَجَّ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ مَنْصُورٌ الطَّبَلَاوِيُّ سُئِلَ شَيْخُنَا سم
عَادَ فَالْعَوْدُ مُسْقِطٌ لِلدَّمِ لَا لِلْإِثْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ) هَلَّا قَالَ أَوْ وَطَنَهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّ الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ مَنْ سَفَرُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ كَالْمُرَحِّلَتَيْنِ فِيمَا تَقَرَّرَ فَيَجِبُ الْعَوْدُ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ سَوَاءٌ أَيِسَ أَمْ لَا خِلَافًا لِشَيْخِنَا اهـ.
. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا مُسْتَحَاضَةٌ نَفَرَتْ فِي نَوْبَةِ حَيْضِهَا) بِخِلَافِهِ فِي نَوْبَةِ طُهْرِهَا قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا كَالْمَجْمُوعِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ إذَا نَفَرَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ، فَإِنْ كَانَ يَوْمَ حَيْضِهَا فَلَا طَوَافَ عَلَيْهَا أَوْ طُهْرِهَا لَزِمَهَا وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ دَمًا فَانْصَرَفَتْ بِلَا وَدَاعٍ ثُمَّ جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ نُظِرَ إلَى مَرَدِّهَا السَّابِقِ فِي الْحَيْضِ، فَإِنْ بَانَ أَنَّهَا تَرَكَتْهَا
وَبِهِ فَارَقْت مَا مَرَّ فِيمَنْ خَرَجَ بِلَا وَدَاعٍ وَأَلْحَقَ بِهَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ مَنْ خَافَ نَحْوَ ظَالِمٍ، أَوْ غَرِيمٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ وَفَوَّتَ رُفْقَةً، وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ بَحَثَ وُجُوبَ الدَّمِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ مَنْعَهَا عَزِيمَةٌ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ
(وَيُسَنُّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ) لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهَا مُبَارَكَةٌ وَأَنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» أَيْ: فِيهَا قُوَّةُ الِاغْتِذَاءِ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ لَكِنْ مَعَ الصِّدْقِ كَمَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه بَلْ نَمَا لَحْمُهُ وَزَادَ سِمَنُهُ زَادَ أَبُو دَاوُد وَالطَّيَالِسِيُّ «وَشِفَاءُ سَقَمٍ» أَيْ: حِسِّيٍّ، أَوْ مَعْنَوِيٍّ وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ شُرْبُهُ وَأَنْ يَقْصِدَ بِهِ نَيْلَ مَطْلُوبَاتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ لِخَبَرِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» سَنَدُهُ حَسَنٌ بَلْ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ أَئِمَّةٌ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ طَعَنَ فِيهِ بِمَا لَا يُجْدِي
عَنْ امْرَأَةٍ شَافِعِيَّةِ الْمَذْهَبِ طَافَتْ لِلْإِفَاضَةِ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ جَاهِلَةً بِذَلِكَ أَوْ نَاسِيَةً ثُمَّ تَوَجَّهَتْ إلَى بِلَادِ الْيَمَنِ فَنَكَحَتْ شَخْصًا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا فَسَادُ طَوَافِهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تُقَلِّدَ أَبَا حَنِيفَةَ لِتَصِيرَ بِهِ حَلَالًا وَتَتَبَيَّنَ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَتَضَمَّنُ صِحَّةَ التَّقْلِيدِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَفْتَى بِالصِّحَّةِ وَأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَلَمَّا سَمِعْت عَنْهُ ذَلِكَ اجْتَمَعْت بِهِ، فَإِنِّي كُنْت أَحْفَظُ عَنْهُ خِلَافَهُ فِي الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ فَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَقَدَهُ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ أَيْضًا تَبَعًا لَهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَأَشْبَاهُهَا وَمُرَادُهُ بِأَشْبَاهِهَا كُلُّ مَا كَانَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَثَلًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى بَعْضِ الْمَذَاهِبِ الْمُعْتَبَرَةِ فَإِذَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهٍ فَاسِدٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَصَحِيحٌ عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْحَالِ جَازَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَائِلَ بِصِحَّتِهِ فِيمَا مَضَى وَفِيمَا يَأْتِي فَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ، فَإِنَّهُ مُهِمٌّ جِدًّا وَيَنْبَغِي أَنَّ إثْمَ الْإِقْدَامِ بَاقٍ حَيْثُ فَعَلَهُ عَالِمًا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إلَخْ) وَالْأَظْهَرُ الْإِلْحَاقُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَبَحَثَ لُزُومَ الْفِدْيَةِ شَرْحُ م ر اهـ سم وَبَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَلَا يَسْقُطُ أَيْ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِالْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ وَالْخَوْفِ مِنْ ظَالِمٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ اخْتِصَاصِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مُحْتَرَمٍ وَالْخَوْفُ مِنْ غَرِيمٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَحَثَ وُجُوبَ الدَّمِ) قَالَ الشَّارِحُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ النَّفْرِ تَرْكُ الدَّمِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَنْعَهَا) أَيْ مِنْ الْمَسْجِدِ سم
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَنُّ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُسَنُّ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ فَيُلْصِقُ بَطْنَهُ وَصَدْرَهُ بِحَائِطِ الْبَيْتِ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى الْجِدَارِ فَيَجْعَلُ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْبَابَ وَالْيُسْرَى مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ أَيْ بِالْمَأْثُورِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك وَالْعَبْدُ عَبْدُك وَابْنُ أَمَتِك حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى صَيَّرْتنِي فِي بَلَدِك وَبَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِك حَتَّى أَعَنْتنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِك، فَإِنْ كُنْت رَضِيت عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا وَإِلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي وَيَبْعُدَ عَنْهُ مَزَارِي وَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي الْعَمَلَ بِطَاعَتِك مَا أَبْقَيْتنِي وَمَا زَادَ فَحَسَنٌ وَقَدْ زِيدَ فِيهِ وَاجْمَعْ لِي خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّكَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ اُسْتُحِبَّ لَهَا الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ تَمْضِي وَيُسَنُّ أَنْ يَزُورَ الْأَمَاكِنَ الْمَشْهُورَةَ بِالْفَضْلِ بِمَكَّةَ، وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا وَأَنْ يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْبَيْتِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ «إنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ رَحْمَةٍ تَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ» .
وَحِكْمَةُ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهَا السِّرَاجُ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرَةٌ إذْ الطَّائِفُونَ جَمَعُوا بَيْنَ ثَلَاثٍ طَوَافٍ وَصَلَاةٍ وَنَظَرٍ فَصَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ سِتُّونَ وَالْمُصَلُّونَ فَاتَهُمْ الطَّوَافُ فَصَارَ لَهُمْ أَرْبَعُونَ وَالنَّاظِرُونَ فَاتَهُمْ الطَّوَافُ وَالصَّلَاةُ فَصَارَ لَهُمْ عِشْرُونَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الصَّدَقَةِ وَأَنْوَاعِ الْبِرِّ وَالْقُرُبَاتِ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ هُنَاكَ بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَنُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا بِمَكَّةَ فِي الطَّوَافِ وَالْمُلْتَزَمِ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ وَفِي الْبَيْتِ وَعِنْدَ زَمْزَمَ وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَفِي السَّعْيِ وَخَلْفَ الْمَقَامِ وَفِي عَرَفَاتٍ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَعِنْدَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي فِي نُسُكٍ أَوْ لَا نِهَايَةٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ م ر وَحِكْمَةُ ذَلِكَ إلَى وَيُسْتَحَبُّ وَقَوْلَهُ م ر وَظَاهِرُهُ إلَخْ قَالَ الْمُغْنِي وَلَفْظُ فَمُنَّ الْآنَ يَجُوزُ فِيهِ ضَمُّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدُ النُّونِ، وَهُوَ الْأَجْوَدُ وَكَسْرُ الْمِيمِ وَتَخْفِيفُ النُّونِ مَعَ فَتْحِهَا وَكَسْرِهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ مِنْهَا أَيْ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ بَيْتُ الْمَوْلِدِ وَبَيْتُ خَدِيجَةَ وَمَسْجِدُ دَارِ الْأَرْقَمِ وَالْغَارُ الَّذِي فِي ثَوْرٍ وَاَلَّذِي فِي حِرَاءٍ وَقَدْ أَوْضَحَهَا الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَعْنَوِيٍّ) أَيْ كَالذُّنُوبِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْصِدَ بِهِ نَيْلَ مَطْلُوبَاتِهِ إلَخْ) فَقَدْ شَرِبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَنَالُوا مَطْلُوبَهُمْ وَيُسَنُّ الدُّخُولُ إلَى الْبِئْرِ وَالنَّظَرُ فِيهِ وَأَنْ يَنْزِعَ مِنْهَا بِالدَّلْوِ الَّذِي
فِي طُهْرِهَا فَالدَّمُ أَوْ فِي حَيْضِهَا فَلَا دَمَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إلَخْ) وَالْأَظْهَرُ الْإِلْحَاقُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَبَحَثَ لُزُومَ الْفِدْيَةِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَنْعَهَا) أَيْ مِنْ الْمَسْجِدِ
وَيُسَنُّ عِنْدَ إرَادَةِ شُرْبِهِ الِاسْتِقْبَالُ وَالْجُلُوسُ وَقِيَامُهُ صلى الله عليه وسلم لِبَيَانِ الْجَوَازِ ثُمَّ اللَّهُمَّ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَك مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ لِكَذَا اللَّهُمَّ فَافْعَلْ لِي ذَلِكَ بِفَضْلِك ثُمَّ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى وَيَشْرَبُهُ وَيَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ» أَيْ: يَمْتَلِئُ وَيُكْرَهُ نَفَسُهُ عَلَيْهِ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «آيَةُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ» وَأَنْ يَنْقُلَهُ إلَى وَطَنِهِ اسْتِشْفَاءً وَتَبَرُّكًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَيُسَنُّ تَحَرِّي دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَمَا فِي الْحَجَرِ مِنْهَا وَأَنْ يُكْثِرَ الدُّعَاءَ وَالصَّلَاةَ فِي جَوَانِبِهَا مَعَ غَايَةٍ مِنْ الْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ وَغَضِّ الْبَصَرِ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَلَوْ لِلْغُرَبَاءِ كَمَا مَرَّ وَأَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ بِمَكَّةَ لِأَنَّ بِهَا نَزَلَ أَكْثَرُهُ وَمِنْ الِاعْتِمَارِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ كَمَا مَرَّ (وَ) يُسَنُّ بَلْ قِيلَ يَجِبُ وَانْتَصَرَ لَهُ وَالْمُنَازِعُ فِي طَلَبِهَا ضَالٌّ مُضِلٌّ (زِيَارَةُ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) لِكُلِّ أَحَدٍ كَمَا بَيَّنْت ذَلِكَ مَعَ أَدِلَّتِهَا وَآدَابِهَا وَجَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي كِتَابٍ حَافِلٍ لَمْ أُسْبَقْ إلَى مِثْلِهِ سَمَّيْته الْجَوْهَرَ الْمُنَظَّمَ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ الْمُكَرَّمِ وَقَدْ صَحَّ خَبَرُ «مَنْ زَارَنِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّمَا الْأَوْلَى فِي حَقِّ مُرِيدِ الْحَجِّ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْحَجِّ أَوْ عَكْسُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْلَى لِمَنْ مَرَّ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَلِمَنْ وَصَلَ مَكَّةَ وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ وَالْأَسْبَابُ مُتَوَفِّرَةٌ تَقْدِيمُهَا، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ سُنَّ كَوْنُهَا (بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ) وَمَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ مِنْ قَصْرِ نَدْبِ الزِّيَارَةِ، أَوْ هِيَ وَمَا قَبْلَهَا عَلَى الْحَاجِّ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهَا لِلْحَجِيجِ آكَدُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُمْ لَهَا وَقَدْ أَتَوْا مِنْ أَقْطَارٍ بَعِيدَةٍ وَقَرِبُوا مِنْ الْمَدِينَةِ قَبِيحٌ جِدًّا كَمَا يَدُلُّ لَهُ خَبَرُ «مَنْ حَجَّ
عَلَيْهَا وَيَشْرَبُ وَأَنْ يَنْضَحَ مِنْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَصَدْرِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقِيَامُهُ إلَى ثُمَّ اللَّهُمَّ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ إلَى وَأَنْ يَنْقُلَهُ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ الْجَوَازِ) أَيْ أَوْ لِلِازْدِحَامِ وَنَّائِيٌّ زَادَ الْمِنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ وَابْتِلَالِ الْمَكَانِ مَعَ احْتِمَالِ النَّسْخِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ شَرِبَ قَائِمًا قَالَ قَدْ رَأَيْته صَنَعَ ذَلِكَ ثُمَّ سَمِعْته بَعْدَ ذَلِكَ يَنْهَى عَنْهُ وَحَيْثُ عَلِمْت أَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ عَرَفْت سُقُوطَ قَوْلِ الْبَعْضِ أَنَّهُ يُسَنُّ الشُّرْبُ مِنْ زَمْزَمَ قَائِمًا اتِّبَاعًا لَهُ وَزَعَمَ أَنَّ النَّهْيَ مُطْلَقٌ وَشُرْبُهُ مِنْ زَمْزَمَ مُقَيَّدٌ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ رُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ النَّهْيَ مُطْلَقًا بَلْ عَامٌّ فَالشُّرْبُ مِنْ زَمْزَمَ قَائِمًا مِنْ أَفْرَادِهِ فَدَخَلَ تَحْتَ النَّهْيِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اللَّهُمَّ إنَّهُ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إلَخْ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا شَرِبَهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ اهـ.
(قَوْلُهُ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» ) هَلْ هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ شَرِبَهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ ع ش أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ.
(قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ لِكَذَا إلَخْ) وَيَذْكُرُ مَا يُرِيدُ دِينًا وَدُنْيَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالشَّارِبِ نَفْسِهِ فَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ تَعَدِّي ذَلِكَ إلَى الْغَيْرِ فَإِذَا شَرِبَهُ إنْسَانٌ بِقَصْدِ وَلَدِهِ وَأَخِيهِ مَثَلًا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ إذَا شَرِبَهُ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ مَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَشْرَبُهُ) أَيْ مَصًّا، فَإِنَّ الْعَبَّ يُوَرِّثُ وَجَعَ الْكَبِدِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا) أَيْ وَيَحْمَدُ بَعْدَ كُلِّ نَفَسٍ كَمَا يُسَمِّي أَوَّلَ كُلِّ شُرْبٍ وَقَالَ السَّيِّدُ الشَّلِّيُّ وَالْأَوْلَى شُرْبُهُ لِشِفَاءِ قَلْبِهِ مِنْ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ وَلِتَحْلِيَتِهِ بِالْأَخْلَاقِ الْعَلِيَّةِ اهـ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْحَجَرِ فَيَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ ثَلَاثًا وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ كَالْمُتَحَزِّنِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ مُسْتَدْبِرَ الْبَيْتِ وَلَا يَمْشِي الْقَهْقَرَى وَلَا مُنْحَرِفًا وَلَا مُلْتَفِتًا وَنَّائِيٌّ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَنْصَرِفَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ مُسْتَدْبِرَ الْبَيْتِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ وَيُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ إلَى أَنْ يَغِيبَ عَنْهُ كَالْمُتَحَزِّنِ الْمُتَأَسِّفِ عَلَى فِرَاقِهِ وَيَقُولُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ وَصَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ اهـ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ ضَعَّفَ سَنَّ الِالْتِفَاتِ فَقَالَ وَقِيلَ يَخْرُجُ، وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ إلَى أَنْ يَغِيبَ عَنْهُ مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِهِ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَقِيلَ يَلْتَفِتُ إلَيْهِ بِوَجْهِهِ مَا أَمْكَنَهُ كَالْمُتَحَزِّنِ عَلَى فِرَاقِهِ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُقْرِي اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَضَلَّعَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إلَخْ) أَيْ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى النِّسَاءِ اتِّفَاقًا وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ:)(وَيُسَنُّ تَحَرِّي دُخُولِ الْكَعْبَةِ) أَيْ مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يَتَأَذَّ بِزِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ حَافِيًا وَأَنْ لَا يَرْفَعَ بَصَرَهُ إلَى سَقْفِهِ وَلَا يَنْظُرُ إلَى أَرْضِهِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى وَحَيَاءً مِنْهُ وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْصِدَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَمْشِيَ بَعْدَ دُخُولِهِ الْبَابَ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قَبْلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَ إلَخْ) أَيْ فِي دَاخِلِ الْكَعْبَةِ.
(قَوْلُهُ: وَغَضِّ الْبَصَرِ) أَيْ مِنْ النَّظَرِ إلَى سَقْفِهِ أَوْ أَرْضِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُنَازِعُ إلَخْ) ، وَهُوَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْفِرْقَةِ الضَّالَّةِ الْمَشْهُورَةِ فِي زَمَنِنَا بِالْوَهَّابِيَّةِ خَذَلَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: وَمَا أَوْهَمَتْهُ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ مَقَالٌ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهَا لِلْحَجِيجِ آكَدُ) وَحُكْمُ الْمُعْتَمِرِ كَالْحَاجِّ فِي تَأَكُّدِهَا لَهُ وَتُسَنُّ زِيَارَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَزِيَارَةُ الْخَلِيلِ صلى الله عليه وسلم وَيُسَنُّ لِمَنْ قَصَدَ الْمَدِينَةَ الشَّرِيفَةَ لِزِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُكْثِرَ فِي طَرِيقِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَيَزِيدَ فِيهِمَا إذَا أَبْصَرَ أَشْجَارَهَا مَثَلًا وَيَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَهُ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ وَيَتَقَبَّلَهَا مِنْهُ وَأَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ دُخُولِهِ كَمَا مَرَّ وَيَلْبَسُ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَصَدَ الرَّوْضَةَ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ وَصَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بِجَنْبِ الْمِنْبَرِ وَشَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ فَرَاغِهِمَا عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ ثُمَّ يَأْتِي الْقَبْرَ الشَّرِيفَ فَيَسْتَقْبِلُ رَأْسَهُ وَيَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ وَيَبْعُدُ عَنْهُ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ وَيَقِفُ نَاظِرًا إلَى أَسْفَلِ مَا يَسْتَقْبِلُهُ فِي مَقَامِ الْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ فَارِغَ الْقَلْبِ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .