المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب دخول المحرم مكة] - تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي - جـ ٤

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌[فَصْلٌ الْمُحْرِمُ يَنْوِي وَيُلَبِّي]

- ‌[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ

- ‌[فَرْعٌ فِي سُنَنِ الطَّوَافِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي وَاجِبَاتِ السَّعْيِ وَكَثِيرٍ مِنْ سُنَنِهِ

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) وَبَعْضِ مُقَدِّمَاتِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مَبِيتِ لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ بِمِنًى

- ‌[فَرْعٌ يُسَنُّ لِمُتَوَلِّي أَمْرِ الْحَجِّ خُطْبَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ النُّسُكَيْنِ وَبَيَانِ وُجُوهِ أَدَائِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ)

- ‌[فَرْعٌ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ الْمَوْجُودِ فِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ عَلَى قَاصِدِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَنْ يَصْحَبَ مَعَهُ هَدْيًا]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ]

- ‌(كِتَابُ الْبَيْعِ)

- ‌[تَنْبِيهٌ هَلْ يَلْزَمُ الْمُحْصَر الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَكَانِ الْإِحْرَامِ بِالْأَدَاءِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْبَيْع]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم بَيْع حَقّ الْمَمَرِّ بِأَرْضٍ أَوْ عَلَى سَطْحٍ]

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ]

- ‌[الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَبَيْعِ الْحَصَاةِ]

- ‌ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ»

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا

- ‌[تَلَقِّي الرُّكْبَانِ فِي الْبَيْعِ]

- ‌[السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ]

- ‌الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ

- ‌[النَّجْشُ فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَيْعُ الْعُرْبُونِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهِ

- ‌(بَابُ الْخِيَارِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ

- ‌(فَرْعٌ) مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ بِالتَّصْرِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ قَبْضُ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ]

- ‌(بَابُ التَّوْلِيَةِ)

- ‌ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ)

- ‌ بَيْعُ (الْمُحَاطَّةِ

- ‌[تَنْبِيهٌ قَالَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ وَبِعْته بِأَحَدَ عَشَرَ وَلَمْ يَقُلْ مُرَابَحَةً]

- ‌[بَابٌ بَيْعُ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ]

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا

- ‌(بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ)

- ‌[بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ]

الفصل: ‌[باب دخول المحرم مكة]

(بَابُ دُخُولِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ وَخُصَّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْ السُّنَنِ الْآتِيَةِ يُخَاطَبُ بِهَا الْحَلَالُ أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ حُذِفَ الضَّمِيرُ فِي نُسَخِ (مَكَّةَ) قِيلَ الْأَنْسَبُ تَبْوِيبُ التَّنْبِيهِ بِبَابِ صِفَةِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ كَثِيرًا مِمَّا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِدُخُولِهَا بَلْ الْحَجُّ عَرَفَةَ وَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِهَا وَيُرَدُّ بِأَنَّ دُخُولَهَا يَسْتَدْعِي كُلَّ ذَلِكَ فَاكْتُفِيَ بِهِ عَنْهُ، وَهُوَ بِالْمِيمِ وَالْبَاءِ لِلْبَلَدِ وَقِيلَ بِالْمِيمِ لِلْحَرَمِ وَبِالْبَاءِ لِلْمَسْجِدِ وَقِيلَ بِالْمِيمِ لِلْبَلَدِ وَبِالْبَاءِ لِلْبَيْتِ أَوْ وَالْمَطَافِ وَهِيَ كَبَقِيَّةِ الْحَرَمِ أَفْضَلُ الْأَرْضِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِذَلِكَ وَمَا عَارَضَهَا بَعْضُهُ ضَعِيفٌ وَبَعْضُهُ مَوْضُوعٌ كَمَا بَيَّنْته فِي الْحَاشِيَةِ وَمِنْهُ خَبَرُ «إنَّهَا أَيْ الْمَدِينَةَ أَحَبُّ الْبِلَادِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى» فَهُوَ مَوْضُوعٌ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ فِيهِ فِي مَكَّةَ إلَّا التُّرْبَةُ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَهُ الْكَرِيمَةَ صلى الله عليه وسلم فَهِيَ أَفْضَلُ إجْمَاعًا حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ وَالتَّفْضِيلُ قَدْ يَقَعُ بَيْنَ الذَّوَاتِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحَظْ ارْتِبَاطُ عَمَلٍ بِهَا كَالْمُصْحَفِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا وَيُسَنُّ الْمُجَاوَرَةُ بِهَا إلَّا لِمَنْ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقِيَامِ بِتَعْظِيمِهَا وَحُرْمَتِهَا وَاجْتِنَابِ مَا يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ وَلِيَسْتَشْعِرَ الْمُقِيمُ بِهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} [الحج: 25] أَيْ مَيْلٍ {بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] فَرَتَّبَ إذَاقَةَ الْعَذَابِ الْمَوْصُوفِ بِالْأَلِيمِ الْمُرَتَّبِ مِثْلُهُ عَلَى الْكُفْرِ فِي آيَاتٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَلَمُ مَقُولًا بِالتَّشْكِيكِ عَلَى مُجَرَّدِ إرَادَةِ الْمَعْصِيَةِ بِهِ وَلَوْ صَغِيرَةً وَلَا نَظَرَ لِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ لِلْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْحَرَمِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْآيَةِ فَتَدَبَّرْهُ مَعَ قَوْلِ بَعْضِ السَّلَفِ إنَّ هَذَا بِعُمُومِهِ مُرَتَّبٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِرَادَةِ بِغَيْرِ الْحَرَمِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُ أَيْ وَفِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِإِلْحَادٍ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَخَذُوا مِنْهُ قَوْلَهُمْ إنَّ السَّيِّئَاتِ تُضَاعَفُ بِهَا كَمَا تُضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ أَيْ تَعْظُمُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا لَا أَنَّهَا تَتَعَدَّدُ لِئَلَّا يُنَافِيَ الْآيَةَ وَالْأَحَادِيثَ الْمُصَرِّحَةَ

[بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّة]

(بَابُ دُخُولِهِ مَكَّةَ)(قَوْلُهُ: وَخُصَّ) أَيْ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَثِيرٌ إلَخْ) بَلْ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ حُذِفَ الضَّمِيرُ إلَخْ) وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْحَذْفَ بِأَنْ يُجْعَلَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الدَّاخِلِ الْمَفْهُومِ مِنْ دُخُولِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ حَيْثُ لَا يُنَاسِبُ إلَّا الْمُحْرِمَ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ كَانَ مُحْرِمًا سم (قَوْلُهُ: تَبْوِيبُ التَّنْبِيهِ) أَيْ لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ (قَوْلُهُ: لَهَا بِهَا) يَعْنِي لِوُقُوفِ عَرَفَةَ بِدُخُولِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَخْ) هَذَا لَا يَرُدُّ دَعْوَى الْمُعْتَرِضِ إلَّا نِسْبِيَّةً، وَإِنَّمَا يَكُونُ رَدًّا لَهُ لَوْ ادَّعَى عَدَمَ الصِّحَّةِ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ: يَسْتَدْعِي كُلَّ ذَلِكَ) فِيهِ تَأَمُّلُ سم (قَوْلُهُ: لِلْبَلَدِ) وَلَهَا نَحْوُ ثَلَاثِينَ اسْمًا وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا نَعْلَمُ بَلَدًا أَكْثَرَ اسْمًا مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لِكَوْنِهِمَا أَفْضَلَ الْأَرْضِ وَكَثْرَةُ الْأَسْمَاءِ تَدُلُّ عَلَى شَرَفِ الْمُسَمَّى نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلِهَذَا كَثُرَتْ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قِيلَ إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَلْفَ اسْمٍ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) إلَى قَوْلِهِ وَلِيُسْتَشْعَرَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَمَا عَارَضَهُ إلَى إلَّا التُّرْبَةَ وَقَوْلَهُ وَالتَّفْضِيلُ إلَى وَتُسَنُّ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ (قَوْلُهُ: عِنْدَنَا إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي تَفْضِيلِ الْمَدِينَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَوْضُوعِ أَوْ مِمَّا عَارَضَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا التُّرْبَةَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ أَفْضَلُ الْأَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالْمُصْحَفِ إلَخْ) مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى فِي كَوْنِ الْمُصْحَفِ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ أَنَّ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى تِلَاوَتِهِ مَثَلًا أَكْثَرُ مِنْ الثَّوَابِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْ لَمْ يَثِقْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ مَحْذُورٍ مِنْهُ بِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقِيَامِ بِتَعْظِيمِهَا وَحُرْمَتِهَا وَاجْتِنَابِ مَا يَنْبَغِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ فَارَقَهَا وَقَعَ مِنْهُ الْمَحْذُورُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا بَلْ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَحْذُورُ فِي غَيْرِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قِيلَ بِتَضَاعُفِ السَّيِّئَةِ فِيهَا، وَهُوَ مَرْجُوحٌ لَكِنَّا، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِالْمُضَاعَفَةِ فَمُفَارَقَتُهَا فِيهِ صَوْنٌ لَهَا عَنْ انْتِهَاكِهَا بِالْمَعَاصِي مَعَ شَرَفِهَا ع ش.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَلَمُ مَقُولًا بِالتَّشْكِيكِ) يَعْنِي أَنَّ الْأَلَمَ يُوجَدُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ وَأَفْرَادِهِ لَكِنَّ حُصُولَ مَعْنَاهُ فِي بَعْضِهَا أَشَدُّ مِنْهُ فِي بَعْضٍ؛ لِأَنَّ الْأَلَمَ عَلَى قَدْرِ الْمَعْصِيَةِ شِدَّةً وَضَعْفًا وَالْكُفْرُ أَشَدُّ الْمَعَاصِي وَ (قَوْلُهُ: عَلَى مُجَرَّدِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِفَرَتَّبَ الْكُرْدِيُّ (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ لِلْقَوَاعِدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ إرَادَةَ الْمَعْصِيَةِ لَيْسَتْ بِمَعْصِيَةٍ إلَّا إنْ صَمَّمَ عَلَيْهَا كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ لَعَلَّ وَجْهَ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا تُقَابَلُ بِهَذَا الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ أَوْ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ تَرْتِيبُ الْوَعِيدِ عَلَى الْإِرَادَةِ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْخُطُورِ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ وَتَصْمِيمٍ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ إنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَى الْهَمِّ بِالْمَعْصِيَةِ إلَّا إذَا صَمَّمَ عَلَى خِلَافٍ فِي التَّصْمِيمِ أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَتَدَبَّرْهُ) أَيْ قَوْله تَعَالَى الْمَذْكُورَ أَوْ قَوْلَ الشَّارِحِ فَرَتَّبَ إلَخْ و (قَوْلُهُ: إنَّ هَذَا) أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُرِدْ} [الحج: 25] إلَخْ و (قَوْلُهُ: مُرَتِّبٌ إلَخْ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَجَاز فِي الْإِسْنَادِ وَحُذِفَ الْمَفْعُولُ.

(قَوْلُهُ: أَخَذُوا مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُرِدْ} [الحج: 25] إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ تَعْظُمُ فِيهَا إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ خِلَافُ الظَّاهِرِ الْمُتَبَادِرِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ

(بَابُ دُخُولِهِ مَكَّةَ)(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَ الضَّمِيرَ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْحَذْفَ بِأَنْ يُجْعَلَ مَرْجِعُهُ الدَّاخِلَ أَيْ دَاخِلَ الْمَفْهُومِ مِنْ دُخُولِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ حَيْثُ لَا يُنَاسِبُ إلَّا الْمُحْرِمَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَلَوْ كَانَ يُنَافِيهِ بَطَلَ فَائِدَةُ قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ إلَخْ) هَذَا لَا يَرُدُّ دَعْوَى الْمُعْتَرِضِ إلَّا نِسْبِيَّةً فَلَيْسَ رَدًّا لِاعْتِرَاضِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ رَدًّا لَهُ لَوْ ادَّعَى عَدَمَ الصِّحَّةِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: يَسْتَدْعِي كُلَّ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَدْعِي الدُّخُولَ فَهُوَ أَعَمُّ وَالْمَطْلُوبُ بَيَانُهُ بِالْوَجْهِ الْأَعَمِّ لَا بِوَجْهِ أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الدُّخُولِ فَدَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ فِي مَحَلِّهَا وَمَا ذُكِرَ فِي رَدِّهَا لَا يَصْلُحُ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُنَافِيَ الْآيَةَ إلَخْ) أَقُولُ لُزُومُ الْمُنَافَاةِ مَمْنُوعَةٌ مَنْعًا ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي الْآيَةِ وَالْأَحَادِيثِ عُمُومٌ وَالْخُصُوصُ لَا يُنَافِيهِ بَلْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحَادِيثُ الْمُصَرِّحَةُ

ص: 64

بِعَدَمِ التَّعَدُّدِ فِي السَّيِّئَةِ وَآيَةُ {وَمَنْ يُرِدْ} [الحج: 25] لَا تَقْتَضِي غَيْرَ ذَلِكَ الْعِظَمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ صَحَّ عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ خَبَرُ «أَنَّ حَسَنَةَ الْحَرَمِ بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ» وَدَلَّتْ الْأَخْبَارُ كَمَا بَيَّنَتْهُ فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَيْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ بِكُلِّ الْحَرَمِ امْتَازَتْ عَلَى الْكُلِّ بِمُضَاعَفَةِ كُلِّ صَلَاةٍ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ إلَى مِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفِ صَلَاةٍ ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ وَبِهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَّا أَفْضَلِيَّةَ السُّكْنَى بِالْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ مَا وَرَدَ مِنْ فَضْلِهَا لَا يُوَازِي هَذَا وَأَفْضَلُ مَوْضِعٍ مِنْهَا بَعْدَ الْمَسْجِدِ بَيْتُ خَدِيجَةَ الْمَشْهُورُ الْآنَ بِزُقَاقِ الْحَجَرِ الْمُسْتَفِيضُ بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ أَنَّ ذَلِكَ الْحَجَرَ الْبَارِز فِيهِ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ بِمَكَّةَ» (الْأَفْضَلُ) لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ أَوْ قِرَانٍ (دُخُولُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ) إنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَهُ لِلِاتِّبَاعِ وَاغْتِنَامًا لِعِظَمِ ثَوَابِ الْعِبَادَاتِ بِهَا فِي عَشْرِ الْحِجَّةِ الَّذِي صَحَّ فِيهِ خَبَرُ «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ فِيهَا أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْعَمَلِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ» (وَأَنْ يَغْتَسِلَ دَاخِلَهَا) أَيْ مَرِيدُ دُخُولِهَا وَلَوْ حَلَالًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ غُسْلُ الْجَائِي (مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ) ، وَهِيَ طَرِيقُ التَّنْعِيمِ الَّتِي يَدْخُلُ مِنْهَا أَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَنَحْوِهِمَا (بِذِي طَوًى) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ أَيْ بِمَاءِ الْبِئْرِ الَّتِي فِيهِ عِنْدَهَا بَعْدَ الْمَبِيتِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ بِهِ لِلِاتِّبَاعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحَلٌّ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ الْمُسَمَّيَيْنِ الْآنَ بِالْحَجُونَيْنِ بِهِ بِئْرٌ مَطْوِيَّةٌ أَيْ مَبْنِيَّةٌ بِالْحِجَارَةِ فَنُسِبَ الْوَادِي إلَيْهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ رِوَايَةٌ تَقْتَضِي أَنَّ اسْمَهُ طُوًى وَرُدَّتْ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ ذُو طُوًى لَا طُوًى وَثَمَّ الْآنَ آبَارٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا الَّتِي إلَى بَابِ سَبِيكَةٍ أَقْرَبَ أَمَّا الدَّاخِلُ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الطُّرُقِ، فَإِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ سُنَّ لَهُ الْغُسْلُ مِنْ ذِي طُوًى أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَمُرُّ بِهَا وَإِلَّا اغْتَسَلَ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهَا (و) أَنْ (يَدْخُلَهَا) كُلُّ أَحَدٍ وَلَوْ حَلَالًا (مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ

أَنَّ تَحْدِيدَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ اطِّلَاعِ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ صِحَّتُهُ وَمَا أَفَادَهُ مِنْ الْمُنَافَاةِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ التَّخْصِيصِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْآيَاتِ مُصَرِّحَةٌ بِتَضْعِيفِ الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهَا فِي الْحَرَمِيَّةِ لِمَا ثَبَتَ فِيهَا بِخُصُوصِهَا ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ قَالَ قَوْلُهُ الْمُصَرِّحَةُ بِعَدَمِ التَّعَدُّدِ أَقُولُ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّهَا لَمْ تُصَرِّحْ بِعَدَمِ التَّعَدُّدِ فِي السَّيِّئَةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ فَرْدٍ إذْ التَّعْبِيرُ فِيهَا بِصِيغَةِ الْعُمُومِ كَمَنْ جَاءَ فِي الْآيَةِ وَصِيغَةُ الْعُمُومِ لَيْسَتْ نَصًّا فِي كُلِّ فَرْدٍ بَلْ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُمْلَةِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ خُرُوجُ بَعْضِ الْأَفْرَادِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ هُوَ الْخَاصُّ فَدَعْوَى الْمُنَافَاةِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَمْنُوعَةٌ مَنْعًا لَا خَفَاءَ فِيهِ نَعَمْ لَهُمْ أَنْ يُجِيبُوا ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما بِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَحَادِيثِ وَالتَّخْصِيصُ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ يُؤْخَذُ دَفْعُهُ مِمَّا أَسْلَفْنَاهُ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ يُؤْخَذُ دَفْعُهُ إلَخْ يَمْنَعُ هَذَا الْأَخْذَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: امْتَازَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ (عَنْ كُلٍّ) أَيْ عَنْ سَائِرِ الْحَسَنَاتِ وَالْعِبَادَاتِ (قَوْلُهُ أَيْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَصْلِيِّ وَغَيْرِهِ وَجَعَلَ ابْنُ حَزْمٍ التَّفْضِيلَ الثَّابِتَ بِمَكَّةَ ثَابِتًا لِجَمِيعِ الْحَرَمِ وَلِعَرَفَةَ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَى مِائَةَ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفِ صَلَاةٍ إلَخْ) أَيْ فِيمَا سِوَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى كَمَا مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ قَوْلِهِ وَقَدْ صَحَّ إلَخْ (كَاَلَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَسْجِدِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأَفْضَلُ بِقَاعِهَا الْكَعْبَةُ الْمُشَرَّفَةُ ثُمَّ بَيْتُ خَدِيجَةَ بَعْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِزُقَاقِ الْحِجْرِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي (وَقَوْلُهُ الْمُسْتَفِيضِ إلَخْ) نَعْتٌ لِزُقَاقِ الْحِجْرِ (قَوْلُهُ: لِمَحْرَمٍ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ بِمَاءٍ إلَى، وَهُوَ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَنْ يَغْتَسِلَ دَاخِلَهَا إلَخْ) إطْلَاقُهُمْ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كَالْمَغْرِبِ نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ) أَيْ وَبِالْقَصْرِ وَيَجُوزُ فِيهَا الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ عَلَى إرَادَةِ الْمَكَانِ أَوْ الْبُقْعَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: عِنْدَهَا) أَيْ يَغْتَسِلُ عِنْدَ الْبِئْرِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحَلٌّ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ إلَخْ) وَأَقْرَبُ إلَى الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى مُغْنِي وَوَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ الْغُسْلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَأَمَّا الْجَائِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ كَالْيُمْنَى فَيَغْتَسِلُ مِنْ نَحْوِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إنَّهُ لَوْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ لِكُلِّ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ لَمْ يَبْعُدْ انْتَهَى وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ وَفِيمَا قَالَهُ الشَّارِحُ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: يَمُرُّ بِهَا) فِي عُمُومِهِ تَوَقُّفٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الدُّخُولَ مِنْهَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَدْخُلُهَا إلَخْ) وَيُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي قَلْبِهِ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ الْخُشُوعِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَيَتَذَكَّرَ جَلَالَةَ الْحَرَمِ وَمَزِيَّتَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُك وَأَمْنُك فَحَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ وَأَمِّنِّي مِنْ عَذَابِك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِك وَأَهْلِ طَاعَتِك وَيَقُولُ عِنْدَ وُصُولِهِ مَكَّةَ اللَّهُمَّ الْبَلَدُ بَلَدُك وَالْبَيْتُ بَيْتُك جِئْت أَطْلُبُ رَحْمَتَك وَأَؤُمُّ طَاعَتَك مُتَّبِعًا لِأَمْرِك رَاضِيًا بِقَدَرِك مُسْلِمًا لِأَمْرِك أَسْأَلُك مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ الْمُشْفِقِ مِنْ عَذَابِك أَنْ تَسْتَقْبِلَنِي بِعَفْوِك وَأَنْ تَتَجَاوَرَ عَنِّي بِرَحْمَتِك وَأَنْ تُدْخِلَنِي جَنَّتَك مُغْنِي وَوَنَّائِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كُلُّ أَحَدٍ) إلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَعَدَمِهِ إلَى، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَقَوْلَهُ

بِعَدَمِ التَّعَدُّدِ فِي السَّيِّئَةِ) بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ فَرْدٍ إذْ التَّعْبِيرُ فِيهَا بِصِيغَةِ الْعُمُومِ كَمَنْ جَاءَ فِي الْآيَةِ وَصِيغَةُ الْعُمُومِ لَيْسَتْ نَصًّا فِي كُلِّ فَرْدٍ بَلْ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُمْلَةِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ خُرُوجُ بَعْضِ الْأَفْرَادِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ هُوَ الْخَاصُّ فَدَعْوَى الْمُنَافَاةِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ مَمْنُوعَةٌ مَنْعًا لَا خَفَاءَ فِيهِ نَعَمْ لَهُمْ أَنْ يُجِيبُوا ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما بِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَحَادِيثِ وَالتَّخْصِيصُ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ دُخُولُهَا) أَيْ مَرِيدُ دُخُولِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّنْوِينُ وَعَدَمُهُ) عِبَارَةُ حَاشِيَتِهِ وَيَجُوزُ صَرْفُهَا وَعَدَمُهُ اهـ

ص: 65

وَتُسَمَّى عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ الْحَجُونَ الثَّانِيَ الْمُشْرِفَ عَلَى الْمَقْبَرَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُعَلَّاةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِهِ وَيَخْرُجُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى طَرِيقِهِ وَلَوْ إلَى عَرَفَةَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ ثَنِيَّةِ كُدًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْآنَ بِبَابِ الشَّبِيكَةِ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا وَرَغْمَ أَنَّ دُخُولَهُ مِنْ الْعُلْيَا اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّهَا بِطَرِيقِهِ تَرِدُهُ الْمُشَاهَدَةُ الْقَاضِيَةُ بِأَنَّهُ تَرَكَ طَرِيقَهُ الْوَاصِلَةَ إلَى الشَّبِيكَةِ وَعَرَّجَ عَنْهَا إلَى تِلْكَ الَّتِي لَيْسَتْ بِطَرِيقِهِ قَصْدًا مَعَ صُعُوبَتِهَا وَسُهُولَةِ تِلْكَ وَلَا يُنَافِي طَلَبُ التَّعْرِيجِ إلَيْهَا السَّابِقُ أَنَّهُ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَجِيئِهِ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ وَلَا مِنْ مِنَى عِنْدَ نَفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ عَدَمُ الْوُقُوعِ فَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَتَعْرِيجُهُ إلَيْهَا قَصْدًا أَوَّلًا مَعْلُومٌ فَقُدِّمَ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ السُّفْلَى إنَّهُ مَعْلُومٌ وَإِلَى عَرَفَةَ أَوْ غَيْرِهَا إنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَقُدِّمَ الْمَعْلُومُ وَمَا قِيسَ بِهِ وَحِكْمَتُهُ الْإِشْعَارُ بِعُلُوِّ قَدْرِ مَا يَدْخُلُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي الْخُرُوجِ بِالْعَكْسِ أَوْ مَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ بِنَائِهِ الْكَعْبَةَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ كَانَ نِدَاؤُهُ عَلَى الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا فَأُوثِرَتْ بِالدُّخُولِ مِنْهَا لِذَلِكَ كَمَا أُوثِرَ لَفْظُ لَبَّيْكَ قَصْدًا لِإِجَابَةِ ذَلِكَ النِّدَاءِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ رِوَايَةُ أَنَّهُ نَادَى عَلَى مَقَامِهِ أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ إلَى بَيْتِهِ فَحُجُّوا فَأَجَابَتْهُ النُّطَفُ فِي الْأَصْلَابِ بِلَبَّيْكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَذَّنَ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا وَمَقَامُهُ هُوَ حِجْرُهُ الْمُنَزَّلُ إلَيْهِ مِنْ الْجَنَّةِ كَمَا يَأْتِي وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ نَدْبُ التَّعْرِيجِ لِمَنْ لَيْسَتْ عَلَى طَرِيقِهِ لِلدُّخُولِ لَا لِلْغُسْلِ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ الدُّخُولِ لَا تَتَأَتَّى إلَّا بِسُلُوكِهَا بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَيُسَنُّ أَنْ يَدْخُلَ وَلَوْ فِي الْعُمْرَةِ نَهَارًا

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ إلَى مِنْ ثَنِيَّةٍ وَقَوْلَهُ وَعَدَمَهُ (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَهِيَ الثَّنِيَّةُ الْعُلْيَا، وَهِيَ مَوْضِعٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ) عِبَارَةُ حَاشِيَتِهِ وَيَجُوزُ صَرْفُهَا وَعَدَمُهُ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ إلَى عَرَفَةَ) جَزَمَ بِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْحَاشِيَةِ وَاعْتَمَدَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّءُوفِ اسْتِثْنَاءَ الْخُرُوجِ لِعَرَفَاتٍ وَإِلَيْهِ مَيْلُ سم وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّعْمِيمِ إنَّهُ غَرِيبٌ بَعِيدٌ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالضَّمِّ إلَخْ) ، وَهِيَ الثَّنِيَّةُ السُّفْلَى وَالثَّنِيَّةُ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي طَلَبُ التَّعْرِيجِ إلَخْ) أَمَّا مَا أَفَادَهُ مِنْ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ لِمَا فِي الْجِعْرَانَةِ فَوَاضِحٌ لِوُقُوعِهَا خِيفَةً وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى دُخُولِهِ مِنْ الْعُلْيَا فِي النَّفْرِ مِنْ مِنَى وَخُرُوجِهِ مِنْ السُّفْلَى فِي الذَّهَابِ إلَى عَرَفَةَ فَيَبْعُدُ عَادَةً كُلَّ الْبُعْدِ وُقُوعُهُ وَعَدَمُ الْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ عَقْلًا ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ سم قَالَ قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ عَدَمُ الْوُقُوعِ لَا يَخْفَى أَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى دَوَرَانٍ كَثِيرٍ فَهُوَ مِمَّا يُسْتَغْرَبُ وَتَقْضِي الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ وَقَوْلُهُ فَقُدِّمَ الْمَعْلُومُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَتَّضِحُ الْمَعْلُومُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَوْ عَمَّ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ الْفَرْقُ مَعَ أَنَّهُ لَا عُمُومَ وَالْفَرْقُ قَرِيبٌ جِدًّا، فَإِنَّ دُخُولَهُ أَوَّلًا مِنْهَا لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ لِتَعْرِيجٍ كَثِيرٍ وَخُرُوجِهِ مِنْ السُّفْلَى لِسَفَرِهِ كَذَلِكَ بِخِلَافِ دُخُولِهِ إلَيْهَا مِنْ مِنَى وَخُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لَدَوَرَانٍ وَتَعْرِيجٍ كَثِيرٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِمَنْ عَرَفَ مَا هُنَاكَ انْتَهَى اهـ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ السَّابِقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَفِي قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِطَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إلَخْ) أَيْ مَجِيئُهُ مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَمِنَى.

(قَوْلُهُ: وَمَا قِيسَ بِهِ) لَعَلَّ الْأَنْسَبَ إسْقَاطُ لَفْظَةِ مَا (قَوْلُهُ: وَحِكْمَتُهُ إلَخْ) أَيْ الدُّخُولِ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ بِالْمَدِّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فِيهِ أَيْ الْخُرُوجِ وَفِي الدُّخُولِ مِمَّا مَرَّ الذَّهَابُ مِنْ طَرِيقٍ وَالْإِيَابُ مِنْ أُخْرَى كَمَا فِي الْعِيدِ وَغَيْرِهِ وَخُصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ لِقَصْدِ الدَّاخِلِ مَوْضِعًا عَلَى الْمِقْدَارِ وَالْخَارِجِ عَكْسَهُ وَلِأَنَّ الْعُلْيَا مَحَلُّ دُعَاءِ إبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام بِقَوْلِهِ {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَانَ الدُّخُولُ مِنْهَا أَبْلَغَ فِي تَحْقِيقِ اسْتِجَابَةِ دُعَاءِ إبْرَاهِيمَ وَلِأَنَّ الدَّاخِلَ مِنْهَا يَكُونُ مُوَاجِهًا لِبَابِ الْكَعْبَةِ وَجِهَتُهُ أَفْضَلُ الْجِهَاتِ اهـ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالْمَعْنَى إلَى وَخُصَّتْ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الدَّاخِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ رِوَايَةَ أَنَّهُ نَادَى إلَخْ) إنْ كَانَ النِّدَاءُ عَلَى الْعُلْيَا بِيَا أَيُّهَا النَّاسُ إلَخْ كَانَ مُنَافِيًا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَاحْتَاجَ إلَى الْجَمْعِ بِاحْتِمَالِ التَّكَرُّرِ، وَإِنْ كَانَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] الْآيَةَ كَمَا رَوَاهُ السُّهَيْلِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَأَقَرُّوهُ فَلَا مُنَافَاةَ أَصْلًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: نُدِبَ التَّعْرِيجُ) إلَى قَوْلِهِ وَمُنَازَعَةُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ الدُّخُولِ) أَيْ السَّابِقِ آنِفًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغُسْلِ) أَيْ، فَإِنَّ حِكْمَتَهُ النَّظَافَةُ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَدْخُلَ إلَخْ) أَيْ وَأَنْ يَحْتَرِزَ فِي دُخُولِهِ عَنْ الْإِيذَاءِ بِدَابَّتِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَيَتَلَطَّفَ بِمَنْ يُزَاحِمُهُ وَيُمَهِّدُ عُذْرَهُ وَأَنْ يَسْتَحْضِرَ عِنْدَ وُصُولِهِ الْحَرَمَ وَمَكَّةَ وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ بِقَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ لِرَبِّ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ دَاعِيًا مُتَضَرِّعًا وَيَتَذَكَّرَ شَرَفَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: نَهَارًا إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَكُونَ دُخُولُ الْمَرْأَةِ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ لَيْلًا أَفْضَلَ مُغْنِي قَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يُسَنُّ الْخُرُوجُ مِنْهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لَكِنْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ دُخُولَهَا نَهَارًا وَالْخُرُوجَ مِنْهَا لَيْلًا اهـ حَاشِيَةُ الْإِيضَاحِ وَقَدْ يُقَالُ إطْلَاقُ قَوْلِهِمْ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ صَادِقٌ بِمَكَّةَ بَصْرِيٌّ أَقُولُ حَدِيثُ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد كَالصَّرِيحِ فِي «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي حَجَّةِ

قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي طَلَبَ التَّعْرِيجِ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الدُّخُولِ مِنْ كَدَاءٍ لِلْجَائِي مِنْ مِنًى وَلَوْ يَوْمَ النَّفْرِ وَالْخُرُوجِ مِنْ كُدَى لِلْخَارِجِ إلَى عَرَفَةَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ عَدَمُ الْوُقُوعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِدَوَرَانٍ كَبِيرٍ فَهُوَ مِمَّا يُسْتَغْرَبُ وَتَقْضِي الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ (قَوْلُهُ: فَقُدِّمَ الْمَعْلُومُ وَمَا قِيسَ بِهِ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَتَّضِحُ تَقْدِيمُ الْمَعْلُومِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَوْ عَمَّ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ الْفَرْقُ مَعَ إنَّهُ لَا عُمُومَ وَالْفَرْقُ قَرِيبٌ جِدًّا، فَإِنَّ دُخُولَهُ أَوَّلًا مِنْهَا لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ لِتَعْرِيجٍ كَبِيرٍ وَخُرُوجُهُ مِنْ السُّفْلَى لِسَفَرِهِ كَذَلِكَ بِخِلَافِ دُخُولِهِ

ص: 66

وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَالذَّكَرُ مَاشِيًا وَحَافِيًا إنْ لَمْ يَخْشَ نَجَاسَةً أَوْ مَشَقَّةً

(و) أَنْ (يَقُولَ) رَافِعًا يَدَيْهِ وَلَوْ حَلَالًا فِيمَا يَظْهَرُ (إذَا أَبْصَرَ الْبَيْتَ) بِالْفِعْلِ أَوْ وَصَلَ نَحْوُ الْأَعْمَى إلَى مَحَلٍّ يَرَاهُ مِنْهُ لَوْ كَانَ بَصِيرًا وَمُنَازَعَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي نَحْوِ الْأَعْمَى مَرْدُودَةٌ (اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً) وَجَاءَ فِي مُرْسَلٍ ضَعِيفٍ وَمَرْفُوعٍ فِيهِ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ «وَبِرًّا» أَيْ زِيَادَةً «فِي زَائِرِيهِ» وَأَعْرَضَ عَنْهُ الْأَصْحَابَ كَأَنَّهُ لِعِلَّةٍ رَأَوْهَا فِيهِ (وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَعِظَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا) هُوَ التَّرْفِيعُ وَالْإِعْلَاءُ (وَتَكْرِيمًا) أَيْ تَفْضِيلًا (وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ «وَكَرِّمْهُ بَدَلَ عَظِّمْهُ» وَكَانَ حِكْمَةُ تَقْدِيمِ التَّعْظِيمِ عَلَى التَّكْرِيمِ فِي الْبَيْتِ وَعَكْسِهِ فِي قَاصِدِهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ فِي الْبَيْتِ إظْهَارُ عَظَمَتِهِ فِي النُّفُوسِ حَتَّى تَخْضَعَ لِشَرَفِهِ وَتَقُومَ بِحُقُوقِهِ ثُمَّ كَرَامَتُهُ بِإِكْرَامِ زَائِرِيهِ بِإِعْطَائِهِمْ مَا طَلَبُوهُ، وَإِنْجَازِهِمْ مَا أَمَّلُوهُ وَفِي زَائِرِهِ وُجُودُ كَرَامَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِإِسْبَاغِ رِضَاهُ عَلَيْهِ وَعَفْوِهِ عَمَّا جَنَاهُ وَاقْتَرَفَهُ ثُمَّ عَظَمَتُهُ بَيْنَ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ بِظُهُورِ تَقْوَاهُ وَهِدَايَتِهِ وَيُرْشِدُ إلَى هَذَا خَتْمُ دُعَاءِ الْبَيْتِ بِالْمَهَابَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ تِلْكَ الْعَظَمَةِ إذْ هِيَ التَّوْقِيرُ وَالْإِجْلَالُ وَدُعَاءُ الزَّائِرِ بِالْبِرِّ النَّاشِئِ عَنْ ذَلِكَ التَّكْرِيمِ إذْ هُوَ الِاتِّسَاعُ فِي الْإِحْسَانِ فَتَأَمَّلْهُ (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ) أَيْ السَّالِمُ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِ الرُّبُوبِيَّةِ وَكَمَالِ الْأُلُوهِيَّةِ أَوْ الْمُسَلِّمُ لِعَبِيدِك مِنْ الْآفَاتِ (وَمِنْك) لَا مِنْ غَيْرِك (السَّلَامُ) أَيْ السَّلَامَةُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَنَقْصٍ (فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ) أَيْ الْأَمْنِ مِمَّا جَنَيْنَاهُ وَالْعَفْوِ عَمَّا اقْتَرَفْنَاهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه بِإِسْنَادٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ

(ثُمَّ يَدْخُلُ) فَوْرًا (الْمَسْجِدَ) وَلَوْ حَلَالًا فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِهِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مِنْهُ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ» وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا بَابُ إبْرَاهِيمَ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ عَرَّجَ لِلدُّخُولِ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا فَيَلْزَمُ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِهِ وَيُرَدُّ بِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِأَنَّ التَّعْرِيجَ إنَّمَا كَانَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ

الْوَدَاعِ مِنْ مَكَّةَ وَفِي أَوَاخِرِ اللَّيْلِ» .

(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الصُّبْحِ) أَيْ أَوَّلَ النَّهَارِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالذَّكَرُ إلَخْ) وَالْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى دُخُولُهَا فِي هَوْدَجِهَا وَنَحْوِهِ نِهَايَةٌ زَادَ الْوَنَائِيُّ وَكَذَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَاشِيًا) أَيْ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ مُغْنِي زَادَ الْوَنَائِيُّ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ عَنْ الْوَظَائِفِ اهـ قَالَ النِّهَايَةُ وَفَارَقَ الْمَشْيُ هُنَا الْمَشْيَ فِي بَقِيَّةِ الطَّرِيقِ بِأَنَّهُ هُنَا أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَالْأَدَبِ وَلَيْسَ فِيهِ فَوَاتُ مُهِمٍّ وَلِأَنَّ الرَّاكِبَ فِي الدُّخُولِ يَتَعَرَّضُ لِلْإِيذَاءِ بِدَابَّتِهِ فِي الزَّحْمَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَحَافِيًا إلَخْ) ، وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهِ وَفِي الْحَاشِيَةِ يُسَنُّ الْحَفَا مِنْ أَوَّلِ الْحَرَمِ وَنَّائِيٌّ

(قَوْلُهُ: رَافِعًا يَدَيْهِ) أَيْ وَوَاقِفًا فِي مَحَلٍّ لَا يُؤْذِي وَلَا يَتَأَذَّى فِيهِ مُسْتَحْضِرًا مَا يُمْكِنُهُ مِنْ الْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ وَالْمَهَابَةِ وَالْإِجْلَالِ وَنَّائِيٌّ وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَالًا) هَلْ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ كَذَلِكَ حَتَّى يُسْتَحَبَّ لَهُ ذَلِكَ الْقَوْلُ كُلَّمَا أَبْصَرَ الْبَيْتَ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَذَلِكَ م ر اهـ سم وَأَقَرَّهُ الشَّيْخُ الرَّئِيسُ قَوْلُ الْمَتْنِ (إذَا أَبْصَرَ الْبَيْتَ إلَخْ) وَالْبَيْتُ كَانَ الدَّاخِلُ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا يَرَاهُ مِنْ رَأْسِ الرَّدْمِ أَيْ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْمُدَّعَى وَالْآنَ لَا يُرَى إلَّا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَالسُّنَّةُ الْوُقُوفُ فِيهِ لَا فِي رَأْسِ الرَّدْمِ لِذَلِكَ بَلْ لِكَوْنِهِ مَوْقِفَ الْأَخْيَارِ نِهَايَةٌ وَحَاشِيَةُ الْإِيضَاحِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر لَا فِي رَأْسِ الرَّدْمِ لِذَلِكَ إلَخْ أَيْ لَا الْوُقُوفُ فِي رَأْسِ الرَّدْمِ فَلَا يُسَنُّ لِأَجْلِ الدُّعَاءِ الْآتِي لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ بَلْ إنَّمَا يُسَنُّ لِكَوْنِهِ مَوْقِفَ الْأَخْيَارِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ سَنَّ الْوُقُوفِ بِهِ لِأَمْرَيْنِ الدُّعَاءُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ وَكَوْنُهُ مَوْقِفَ الْأَخْيَارِ فَحَيْثُ زَالَ الْأَوَّلُ بَقِيَ الثَّانِي فَيُسْتَحَبُّ الْوُقُوفُ اهـ.

عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ بِالْمَحَلِّ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْمُدَّعَى وَيَدْعُو بِمَا أَرَادَ مِنْ خَيْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ وَصَلَ نَحْوُ الْأَعْمَى إلَخْ) أَيْ أَوْ وَصَلَ مَحَلَّ رُؤْيَتِهِ وَلَمْ يَرَهُ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَسْنَى وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (تَشْرِيفًا) أَيْ تَرَفُّعًا وَعُلُوًّا (وَتَعْظِيمًا) أَيْ تَبْجِيلًا (وَتَكْرِيمًا) أَيْ تَفْضِيلًا (وَمَهَابَةً) أَيْ تَوْقِيرًا وَإِجْلَالًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ عَنْ ذَلِكَ الْخَبَرِ وَأَعْمَالِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَبِرًّا) هُوَ الِاتِّسَاعُ فِي الْإِحْسَانِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ كَرَامَتُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْإِظْهَارِ (قَوْلُهُ: بِإِكْرَامِ زَائِرِيهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّكْرِيمَ لَيْسَ لِلْبَيْتِ بِالْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ التَّعْظِيمِ وَبِهِ يَتَّضِحُ تَقْدِيمُ التَّعْظِيمِ سم (قَوْلُهُ: وَفِي زَائِرِهِ) عُطِفَ عَلَى فِي الْبَيْتِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وُجُودُ كَرَامَتِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ كُلٌّ مِنْ التَّكْرِيمِ وَالتَّعْظِيمِ لِلزَّائِرِ بِالْحَقِيقَةِ إلَّا أَنَّ التَّكْرِيمَ دُونَ التَّعْظِيمِ فَبَدَأَ بِهِ تَرَقِّيًا سم (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَظَمَتِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْكَرَامَةِ أَوْ الرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: فِي الْإِحْسَانِ) أَيْ فِي فِعْلِ الْحَسَنِ ع ش.

(قَوْلُهُ: أَيْ السَّالِمُ إلَخْ) الْأَوْلَى بَقَاءُ الْمَصْدَرِ عَلَى ظَاهِرِهِ قَصْدًا لِلْمُبَالَغَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ السَّلَامَةُ إلَخْ) وَمَنْ أَكْرَمْته بِالسَّلَامِ فَقَدْ سَلِمَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ) أَيْ سَلِّمْنَا بِتَحِيَّتِك مِنْ جَمِيعِ الْآفَاتِ وَيَدْعُو بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا أَحَبَّ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَأَهَمُّهَا الْمَغْفِرَةُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ لَهُ وَلِلْأُمَّةِ وَنَّائِيٌّ

(قَوْلُهُ فَوْرًا) إلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ، وَهُوَ إلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَالًا إلَخْ) وَنَقَلَ سم عَنْ م ر، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَنَّائِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) أَحَدُ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ وَشَيْبَةُ اسْمُ رَجُلٍ مِفْتَاحُ الْكَعْبَةِ فِي وَلَدِهِ، وَهُوَ ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ الْجُهَنِيِّ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِبَابِ السَّلَامِ) قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ هُوَ ثَلَاثُ طَاقَاتٍ فِي قُبَالَةِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَبَابِ الْكَعْبَةِ إلَخْ وَفِي تَارِيخِ الْخَمِيسِيِّ عَنْ بَحْرِ الْعَمِيقِ فِيهِ ثَلَاثُ مَدَاخِلَ إلَخْ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِهِ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَشَرْحَيْ الْمَنْهَجِ

إلَيْهَا مِنْ مِنًى وَخُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِدَوَرَانٍ وَتَعْرِيجٍ كَبِيرٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِمَنْ عَرَفَ مَا هُنَاكَ

(قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَالًا) هَلْ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ كَذَلِكَ حَتَّى يُسْتَحَبَّ لَهُ ذَلِكَ الْقَوْلُ كُلَّمَا أَبْصَرَ الْبَيْتَ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ كَذَلِكَ م ر (قَوْلُهُ: ثُمَّ كَرَامَتُهُ بِإِكْرَامِ زَائِرِيهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّكْرِيمَ لَيْسَ لِلْبَيْتِ بِالْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ التَّعْظِيمِ وَبِهِ يَتَّضِحُ تَقْدِيمُ التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: وَفِي زَائِرِهِ وُجُودُ كَرَامَتِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ كُلٌّ مِنْ التَّكْرِيمِ وَالتَّعْظِيمِ لِلزَّائِرِ بِالْحَقِيقَةِ إلَّا أَنَّ التَّكْرِيمَ دُونَ

ص: 67

فَلَا يُنَافِي مَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَلِأَنَّ الدَّوَرَانَ إلَيْهِ لَا يَشُقُّ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجْرِ هُنَا خِلَافٌ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي التَّعْرِيجِ لِلثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَلِأَنَّهُ جِهَةُ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْبُيُوتُ تُؤْتَى مِنْ أَبْوَابِهَا وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ جِهَةُ بَابِ الْكَعْبَةِ أَشْرَفَ جِهَاتِهَا الْأَرْبَعِ وَصَحَّ «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» أَيْ يُمْنُهُ وَبَرَكَتُهُ أَوْ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ إذْ مَنْ قَصَدَ مَلِكًا أَمَّ بَابَهُ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ لِيَعُمَّهُ مَعْرُوفُهُ وَيَزُولَ رَوْعُهُ وَخَوْفُهُ وَيُسَنُّ الْخُرُوجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ وَيُسَمَّى الْآنَ بِبَابِ الصَّفَا وَإِلَى بَلَدِهِ مَثَلًا مِنْ بَابِ الْحُزُونِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَبَابُ الْعُمْرَةِ كَمَا حَرَّرْته فِي الْحَاشِيَةِ

(وَيَبْدَأُ) بَعْدَ تَفْرِيغِ نَفْسِهِ مِنْ أَعْذَارِهَا إلَّا نَحْوَ كِرَاءِ بَيْتٍ مُتَيَسِّرٍ بَعْدُ وَتَغْيِيرُ ثِيَابٍ لَمْ يُشَكَّ فِي طُهْرِهَا (بِطَوَافِ الْقُدُومِ) لِلِاتِّبَاعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ إلَّا لِعَارِضٍ كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَرْضٌ أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْفَوْرُ فِي قَضَائِهَا وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا وَلَمْ تَكْثُرْ بِحَيْثُ يَفُوتُ بِهَا فَوْرِيَّةُ الطَّوَافِ عُرْفًا

وَالرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي مَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ) قَدْ يُقَالُ مُقْتَضَاهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ «دُخُولُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى» ، وَهُوَ يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ حَتَّى عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِهَا، فَإِنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَحْوَالِهِ صلى الله عليه وسلم دُخُولُهُ مِنْ الْعُلْيَا كَمَا صَحَّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَعَامِ الْفَتْحِ فَلْيَكُنْ دُخُولُهُ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَيْضًا فَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْفَتْحِ وَحَجَّةِ الْوَدَاعِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الدَّوَرَانَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لِمَا صَحَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَشُقُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الرَّافِعِيُّ أَطْبَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ الدُّخُولِ مِنْهُ لِكُلِّ قَادِمٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي طَرِيقِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الدُّخُولِ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، فَإِنَّ فِيهِ الْخِلَافَ الْمَارَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّوَرَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ لَا يَشُقُّ بِخِلَافِهِ حَوْلَ الْبَلَدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: جِهَةَ بَابِ الْكَعْبَةِ) أَيْ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَسْنَى وَمُغْنِي وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَهُ الشَّارِحُ لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ الْآتِي وَصَحَّ الْحَجَرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ كَوْنِهِ اسْتِعَارَةً تَمْثِيلِيَّةً بَصْرِيٌّ قَدْ يُقَالُ وَجْهُهُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ إذْ مَنْ قَصَدَ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَشَاعَةً (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا حَرَّرْته فِي الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُمَا اقْتَصَرَا فِي الْخُرُوجِ إلَى بَلَدِهِ عَلَى بَابِ الْعُمْرَةِ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَيَخْرُجُ أَيْ لِلِاعْتِمَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَابِ الْعُمْرَةِ كَمَا عَلَيْهِ م ر وَقَالَ حَجّ فِي الْفَتْحِ وَخَرَجَ مِنْ بَابِ الْعُمْرَةِ أَوْ الْحَزْوَرَةِ، وَهُوَ أَفْضَلُ وَقُيِّدَ فِي الْإِمْدَادِ بِالْخُرُوجِ إلَى بَلَدِهِ فَلَعَلَّ أَفْضَلِيَّةَ بَابِ الْعُمْرَةِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلِاعْتِمَارِ وَأَفْضَلِيَّةَ بَابِ الْحَزْوَرَةِ كَقَسْوَرَةٍ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلْبَلَدِ اهـ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَبْدَأُ) أَيْ نَدْبًا أَوَّلَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: إلَّا نَحْوَ كِرَاءِ بَيْتٍ إلَخْ) أَيْ كَسَقْيِ دَوَابِّهِ وَحَطِّ رَحْلِهِ إذَا أَمِنَ عَلَى أَمْتِعَتِهِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَتَغْيِيرِ إلَخْ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَشُكَّ فِي طُهْرِهَا) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ بِهَا رِيحٌ كَرِيهٌ يَتَأَذَّى بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِطَوَافِ الْقُدُومِ) أَيْ لَا بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذْ تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْهِ وَلَوْ جَلَسَ عَمْدًا قَبْلَهُمَا أَوْ لَمْ يُصَلِّهِمَا أَوْ أَخَّرَهُمَا أَوْ أَخَّرَ الطَّوَافَ حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ فَاتَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ وَلَوْ مَعَ الْقِيَامِ غَيْرَ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ اشْتِغَالُهُ عَنْهَا بِالطَّوَافِ فَإِذَا أَخَّرَ الِاشْتِغَالَ بِهِ حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ فَاتَتْ وَكَذَا تَفُوتُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا إذَا صَرَفَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عَنْهَا بِأَنْ نَوَى بِهِمَا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ دُونَ ثَوَابِ التَّحِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَاهُمَا أَيْضًا أَوْ أَطْلَقَ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا حُصُولُ ثَوَابِ التَّحِيَّةِ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إذَا أَطْلَقَ، وَإِنْ قُلْنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ إذَا أَطْلَقَ فَصَلَّى فَرْضًا أَوْ نَفْلًا آخَرَ م ر اهـ سم بِاخْتِصَارٍ وَعِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَحَيْثُ قَدَّمَ الطَّوَافَ الَّذِي هُوَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ انْدَرَجَتْ تَحِيَّةُ بَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي رَكْعَتَيْهِ أَيْ سَقَطَ طَلَبُهَا وَأُنِيبَ إنْ نَوَاهَا مَعَهُمَا اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَوَقَعَ لِلْجَمَّالِ الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِ الدُّلَجِيَّةِ هُنَا مُوَافَقَةُ الشَّارِحِ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ فَقَطْ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَى وَكَخَشْيَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ مَكْتُوبَةٍ لَا غَيْرِهَا وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ مَنَعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَائِتَةُ فَرْضٍ) أَيْ وَلَوْ بِالنَّذْرِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُكْثِرْ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ

التَّعْظِيمِ فَبَدَأَ بِهِ تَرَقِّيًا

(قَوْلُهُ: وَيَبْدَأُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَا يَبْدَأُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذْ تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ غَالِبًا قَالَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لَا تَحْصُلُ لَهُ التَّحِيَّةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَمَّا تَحِيَّةُ الْبَيْتِ فَهِيَ الطَّوَافُ ثُمَّ قَالَ فِي عِبَارَةٍ عَنْ بَعْضِهِمْ وَتَقُومُ رَكْعَتَا الطَّوَافِ مَقَامَهَا أَيْ التَّحِيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُمَا فَقَدْ فَوَّتَ هَذِهِ التَّحِيَّةَ وَلَوْ اشْتَغَلَ قَبْلَ الطَّوَافِ بِصَلَاةٍ لِنَحْوِ خَوْفِ فَوْتٍ لَمْ يُخَاطَبْ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَيْ لِانْدِرَاجِهَا فِيهَا انْتَهَتْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ طَوَافُ الْقُدُومِ يُسَمَّى التَّحِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْبُقْعَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ الْكَعْبَةِ لَا الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ اهـ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَيَحْصُلُ أَيْ طَوَافُ الْقُدُومِ بِطَوَافِ نَذْرٍ اهـ وَلَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَتَشْبِيهُ ذَلِكَ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ صُوَرِهَا شَرْحُ م ر وَلَوْ جَلَسَ أَيْ عَمْدًا بَعْدَ الطَّوَافِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْهِ فَاتَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ عَمْدًا، وَإِنْ قَصَّرَ م ر وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ تَأْخِيرَ الطَّوَافِ حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ فَاتَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ وَلَوْ مَعَ الْقِيَامِ غَيْرَ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ اشْتِغَالُهُ عَنْهَا بِالطَّوَافِ فَإِذَا أَخَّرَ الِاشْتِغَالَ بِهِ حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ فَاتَتْ وَكَذَا تَفُوتُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا إذَا صَرَفَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عَنْهَا بِأَنْ نَوَى بِهِمَا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ دُونَ ثَوَابِ التَّحِيَّةِ بِخِلَافِ

ص: 68

وَإِلَّا قَدَّمَ الطَّوَافَ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَخَشْيَةِ فَوْتِ رَاتِبَةٍ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ مَكْتُوبَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ تُسَنُّ لَهُ مَعَهُمْ، فَإِنْ أُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ مَكْتُوبَةٌ لَا غَيْرُهَا قَطَعَهُ وَصَلَّى وَتُؤَخِّرُ جَمِيلَةٌ وَغَيْرُ بَرْزَةٍ الطَّوَافَ إلَى اللَّيْلِ مَا لَمْ تَخْشَ طُرُوُّ حَيْضٍ يَطُولُ وَلَوْ مَنَعَهُ النَّاسُ صَلَّى التَّحِيَّةَ كَمَا لَوْ دَخَلَ وَلَمْ يُرِدْهُ

(وَيَخْتَصُّ طَوَافُ الْقُدُومِ) ، وَهُوَ سُنَّةٌ وَقِيلَ وَاجِبٌ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ تَرْكُهُ بِحَلَالٍ مُطْلَقًا و (وَبِحَاجٍّ) أَيْ مُحْرِمٍ بِحَجٍّ مَعَهُ عُمْرَةٌ أَمْ لَا (دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ)

إطْلَاقُهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ الْوَاجِبِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَ الطَّوَافُ) لَا يُقَالُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ وَجَبَ قَضَاؤُهَا فَوْرًا؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ ظَاهِرَهُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ: أَوْ مَكْتُوبَةٍ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ فَوْتَ الْمَكْتُوبَةِ لَوْ بَدَأَ بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا سم (قَوْلُهُ: أَوْ جَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي نَافِلَةٍ سم عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَلَمْ تَقُمْ الْجَمَاعَةُ الْمَشْرُوعَةُ وَلَوْ فِي نَفْلٍ وَلَمْ تَقْرُبْ إقَامَتُهَا بِحَيْثُ لَا يَفْرُغُ قَبْلَهَا وَحِينَئِذٍ يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ يَفْرُغُ مِنْهَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَإِلَّا انْتَظَرَهَا قَائِمًا اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَالْمُرَادُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ بِأَنْ يُصَلِّيَ مُؤَدَّاةً خَلْفَ مُؤَدَّاةٍ أَوْ مَقْضِيَّةً خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ مِثْلِهَا نَقَلَهُ ابْنُ الْجَمَّالِ عَنْ الْإِيعَابِ وَفِي الْإِيعَابِ أَيْضًا نَعَمْ إنْ تَيَقَّنَ حُصُولَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى مُسَاوِيَةٍ لِتِلْكَ فِي سَائِرِ صِفَاتِ الْكَمَالِ اتَّجَهَ أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالطَّوَافِ حِينَئِذٍ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ فَضِيلَتَيْنِ تَحِيَّةِ الْبَيْتِ وَالْجَمَاعَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أُقِيمَتْ فِيهِ) أَيْ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: جَمَاعَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ عَلَى جِنَازَةٍ وَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَوْ عَرَضَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهِ لَكَانَ أَعَمَّ إذَا تَذَكَّرَ الْفَائِتَةَ وَضَيَّقَ وَقْتَ الْمُؤَدَّاةِ إذَا عَرَضَ لَهُ فِي أَثْنَائِهِ يَقْطَعُهُ لَهُ أَيْضًا اهـ.

وَفِي حَاشِيَتِهِ لِلْإِيضَاحِ أَيْ وَالْمُغْنِي أَنَّ الطَّوَافَ الْمَنْدُوبَ يُقْطَعُ لِلْفَرْضِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ اهـ قَالَ الرَّوْضُ وَشَرْحُهُ هَذَا أَيْ الْبَدْءُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ إنْ لَمْ تُقَمْ جَمَاعَةُ الْفَرِيضَةِ وَلَمْ يَضِقْ وَقْتُ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ رَاتِبَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ، فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَدَّمَهُ عَلَى الطَّوَافِ وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ اهـ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا جَمَاعَةُ الْفَرِيضَةِ وَمَا ضَاقَ وَقْتُهُ مِمَّا ذُكِرَ لَا مَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهُ وَانْظُرْ حُكْمَ هَذَا التَّقْدِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِطَوَافِ الْفَرْضِ سم وَقَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَالْوَنَاءِ مَا يُوَافِقُهُ وَقَوْلُهُ وَانْظُرْ إلَخْ عِبَارَةُ وَالْوَنَّائِيِّ وَيُكْرَهُ تَفْرِيقُ الطَّوَافِ كَالسَّعْيِ بِلَا عُذْرٍ لَهُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأُولَى وَالْعُذْرُ كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ مَكْتُوبَةٍ مُؤَدَّاةٍ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ وَعُرُوضَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَشُرْبِ مَنْ ذَهَبَ خُشُوعُهُ بِعَطَشِهِ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ لَا جِنَازَةٍ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَرَاتِبَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتُؤَخِّرُ) أَيْ نَدْبًا (جَمِيلَةٌ) أَيْ مِنْ النِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ بَرْزَةٍ) أَيْ وَاَلَّتِي لَا تَبْرُزُ لِلرِّجَالِ وَجَرَى الْمِنَحُ وَالْإِيعَابُ وَشَرْحَا الْإِيضَاحِ لِلْجَمَّالِ الرَّمْلِيِّ وَابْنُ عَلَّانَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَاتِ الْهَيْئَةِ وَالْبَرْزَةِ فَيُنْدَبُ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ يَتَأَكَّدُ ذَلِكَ لِلْجَمِيلَةِ وَالشَّرِيفَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمَا اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنَعَهُ إلَخْ) أَيْ لَوْ مَنَعَ مِنْ الطَّوَافِ النَّاسُ الدَّاخِلَ الْمَرِيدَ لِلطَّوَافِ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ كَنَجَاسَةٍ وَنَّائِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (طَوَافُ الْقُدُومِ) وَيُسَمَّى أَيْضًا طَوَافَ الْقَادِمِ وَطَوَافَ الْوُرُودِ وَطَوَافَ الْوَارِدِ وَطَوَافَ التَّحِيَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِحَلَالٍ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِحَلَالٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِيَخْتَصُّ وَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ وَعَلَيْهِ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ دُخُولَهَا عَلَى الْمَقْصُورِ نَحْوُ نَخُصُّك يَا اللَّهُ بِالْعِبَادَةِ شَيْخُنَا (مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَحْوَ صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ دَخَلَ بِهِ وَلِيُّهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مُحْرِمٌ إلَخْ) وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الصَّغِيرِ إذَا دَخَلَ بِهِ وَلِيُّهُ وَهَلْ يُشْرَعُ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ أَوْ لَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا شُرِعَ لَهُ مُطْلَقًا مُمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِكَوْنِهِ مِنْ تَوَابِعِ النُّسُكِ، وَإِنْ كَانَ حَلَالًا، فَإِنْ

مَا إذَا نَوَاهُمَا أَيْضًا أَوْ أَطْلَقَ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا حُصُولُ ثَوَابِ التَّحِيَّةِ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إذَا أَطْلِقَ، وَإِنْ قُلْنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ إذَا أَطْلَقَ فَصَلَّى فَرْضًا أَوْ نَفْلًا آخَرَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ م ر (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَدَّمَ الطَّوَافَ) لَا يُقَالُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ وَجَبَ قَضَاؤُهَا فَوْرًا لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ ظَاهِرَهُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَكْتُوبَةً) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ فَوْتَ الْمَكْتُوبَةِ لَوْ بَدَأَ بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ جَمَاعَةً تُسَنُّ لَهُ مَعَهُمْ) شَامِلٌ جَمَاعَةَ النَّافِلَةِ، وَهُوَ مَعَ قَوْلِهِ، فَإِنْ أُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ مَكْتُوبَةٌ الْمُخْرِجُ الْجَمَاعَةَ النَّافِلَةَ يَقْتَضِي الْفَرْقَ فِي جَمَاعَةِ النَّافِلَةِ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالْأَثْنَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَمَاعَةٍ) أَيْ وَلَوْ فِي نَافِلَةِ تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ عَلَى الظَّاهِرِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ عَلَى جِنَازَةٍ وَقَالَ فِيهِ وَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَوْ عَرَضَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهِ لَكَانَ أَعَمَّ إذَا تَذَكَّرَ الْفَائِتَةَ وَضِيقَ وَقْتِ الْمُؤَدَّاةِ إذَا عَرَضَ لَهُ فِي أَثْنَائِهِ يَقْطَعُهُ لَهُ أَيْضًا اهـ.

وَفِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الطَّوَافَ الْمَنْدُوبَ يُقْطَعُ لِلْفَرْضِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَمَّا قَالَ الرَّوْضُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ ثُمَّ قَالَ هَذَا إنْ لَمْ تُقَمْ جَمَاعَةُ الْفَرِيضَةِ وَلَمْ يَضِقْ وَقْتُ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَوْ رَاتِبَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ، فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَدَّمَهُ عَلَى الطَّوَافِ وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَفُوتُ وَالطَّوَافُ لَا يَفُوتُ اهـ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا جَمَاعَةَ الْفَرِيضَةِ وَمَا ضَاقَ

ص: 69

؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَالْمُعْتَمِرُ دَخَلَ وَقْتَ طَوَافِهِمَا الْمَفْرُوضِ فَلَمْ يَصِحَّ تَطَوُّعُهُمَا، وَهُوَ عَلَيْهِمَا كَأَصْلِ الْحَجِّ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ دَخَلَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ سُنَّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ وَبِطَوَافِ الْفَرْضِ يُثَابُ عَلَيْهِ إنْ قَصَدَهُ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ هُنَا وَمِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ أَنَّ مَنْ دَخَلَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ لَا يَفُوتُ طَوَافُ الْقُدُومِ فِي حَقِّهِ إلَّا بِالْوُقُوفِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ قَضَاءٌ وَنَدْبُهُ لِمَنْ وَقَفَ وَدَخَلَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ إنَّمَا هُوَ لِهَذَا الدُّخُولِ لَا لِدُخُولِهِ الَّذِي قَبْلَ الْوُقُوفِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْيَاءَ تَدْخُلُ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ كَالْمَقْصُورِ فَلَا اعْتِرَاضَ

(وَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ)

كَانَ مُمَيِّزًا شُرِعَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَلَا بَصْرِيٌّ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ يَظْهَرُ وَجْهُهُ عَمَّا يَأْتِي عَنْ ع ش عَنْ قَرِيبٍ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَصِحَّ تَطَوُّعُهُمَا إلَخْ) فَلَوْ قَصَدَ طَوَافَ الْقُدُومِ فَقَطْ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ وَلَا يَنْصَرِفُ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: كَأَصْلِ الْحَجِّ) أَيْ وَالْعُمْرَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ إلَخْ) فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ فَفِي أَثْنَائِهِ دَخَلَ نِصْفُ اللَّيْلِ فَأَرَادَ أَنْ يُكَمِّلَهُ هَلْ يَنْصَرِفُ مَا أَتَى بِهِ لِلْفَرْضِ الْأَقْرَبِ نَعَمْ ثُمَّ يُكَمِّلُ النَّفَلَ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنَّ إتْيَانَهُ بِالْفَرْضِ الْمَذْكُورِ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ ابْنُ الْجَمَّالِ اهـ وَنَّائِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ طَوَافَ الْفَرْضِ لِشُمُولِ نِيَّةِ النُّسُكِ لَهُ وَلَا يَضُرُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَصْدِ طَوَافِ الْقُدُومِ فِي حُصُولِ طَوَافِ الْفَرْضِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَوَى بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ طَوَافَ الْقُدُومِ وَقَعَ عَنْ تَحِيَّةِ الْكَعْبَةِ حَتَّى يُثَابَ عَلَيْهَا مَعَ وُقُوعِهِ عَنْ الْفَرْضِ أَيْضًا فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَنَّ مَعْنَى حُصُولِهَا بِغَيْرِهَا أَنَّهَا إنْ نُوِيَتْ مَعَهُ حَصَلَ ثَوَابُهَا وَإِلَّا سَقَطَ طَلَبُهَا انْتَهَى وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْعُمْرَةِ طَوَافَ قُدُومٍ إلَّا أَنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي طَوَافِهَا سم (قَوْلُهُ: كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ) قِيَاسُ التَّشْبِيهِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا صَلَّى فَرْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْبَهْجَةِ سم وَقَوْلُهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إلَخْ أَيْ كَالرَّمْلِيِّ وَالْخَطِيبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ لِهَذَا الدُّخُولِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ يَأْتِي بِهِ مَنْ ذُكِرَ، وَإِنْ أَتَى بِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: تَدْخُلُ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ خِلَافَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ اعْتَرَضَ عَلَى تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ مَقْلُوبٌ وَصَوَابُهُ وَيَخْتَصُّ حَاجٌّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفَ بِطَوَافِ الْقُدُومِ، فَإِنَّ الْبَاءَ تَدْخُلُ عَلَى الْمَقْصُورِ انْتَهَى لَكِنَّ هَذَا أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ فَالتَّعْبِيرُ بِالصَّوَابِ خَطَأٌ اهـ قَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ إيرَادِ الْجَلَالِ عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْقَصْرَ إضَافِيٌّ لِإِخْرَاجِ الْمُعْتَمِرِ وَالْحَاجِّ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُتَلَبِّسِ بِنُسُكٍ اهـ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمَ) أَيْ وَلَوْ مَكِّيًّا أَوْ عَبْدًا

وَقْتُهُ مِمَّا ذُكِرَ لَا مَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهُ وَانْظُرْ حُكْمَ هَذَا التَّقْدِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِطَوَافِ الْفَرْضِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَالْمُعْتَمِرُ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا طَوَافَ لِلْقُدُومِ بَعْدَ الْوُقُوفِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَا عَلَى الْمُعْتَمِرِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ الْمَفْرُوضَ عَلَيْهِمَا قَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ وَخُوطِبَا بِهِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ أَدَائِهِ أَنْ يَتَطَوَّعَا بِطَوَافٍ قِيَاسًا عَلَى أَصْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا نَحْنُ فِيهِ الصَّلَاةَ حَيْثُ أَمَرَ بِالتَّحِيَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ فَطَوَافُ الْقُدُومِ مُخْتَصٌّ بِحَلَالٍ دَخَلَ مَكَّةَ وَبِحَاجٍّ دَخَلَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ إلَى أَنْ قَالَ قَوْلُ الْأَصْلِ وَيُجْزِي طَوَافُ الْعُمْرَةِ عَنْ طَوَافِ الْقُدُومِ أَيْ تَحِيَّةِ الْبَيْتِ وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ طَوَافُ قُدُومٍ كَالْحَاجِّ الَّذِي دَخَلَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. اهـ.

وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَا يُشْرَعُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ اللُّزُومُ وَإِلَّا فَاللُّزُومُ مَنْفِيٌّ عَنْ الْحَاجِّ الَّذِي دَخَلَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَذَا الْكَلَامُ قَدْ يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: إنَّ قَصْدَهُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ طَوَافَ الْفَرْضِ، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهُ لِشُمُولِ نِيَّةِ النُّسُكِ لَهُ وَلَا يَضُرُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَصْدِ طَوَافِ الْقُدُومِ فِي حُصُولِ طَوَافِ الْفَرْضِ بَلْ قَالُوا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ مَثَلًا فَصَرَفَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَنْصَرِفْ وَيَقَعُ عَنْ الْإِفَاضَةِ إلَّا أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ يَزِيدُ بِحُصُولِ مَا قَصَدَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ الْفَرْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَطَالَ هُنَا بِمَا مِنْهُ مَا نَصُّهُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْقَمُولِيِّ إذَا نَوَى بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ طَوَافَ الْقُدُومِ وَقَعَ عَنْ التَّحِيَّةِ أَيْ تَحِيَّةِ الْكَعْبَةِ حَتَّى يُثَابَ عَلَيْهَا فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَنَّ مَعْنَى حُصُولِهَا بِغَيْرِهَا أَنَّهَا إنْ نُوِيَتْ مَعَهُ حَصَلَ ثَوَابُهَا وَإِلَّا سَقَطَ طَلَبُهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ أَنَّ الطَّوَافَ انْصَرَفَ بِهَذِهِ النِّيَّةِ عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ طَوَافَ الْفَرْضِ لَا يَنْصَرِفُ بِطَوَافِ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ وَقَعَ عَنْ التَّحِيَّةِ مَعَ وُقُوعِهِ عَنْ الْفَرْضِ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ، وَهِيَ إلَى آخِرِ مَا بَسَطَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْعُمْرَةِ طَوَافَ قُدُومٍ إلَّا أَنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي طَوَافِهَا (قَوْلُهُ: كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ) قِيَاسُ التَّشْبِيهِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا صَلَّى فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِدُخُولِهِ الَّذِي قَبْلَ الْوُقُوفُ) كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ الدُّخُولِ وَلَا يَكُونُ قَضَاءً بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِمُجَرَّدِ الْوُقُوفِ بَلْ مَعَ دُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ) أَيْ أَوْ الْحَرَمَ وَلَوْ مَكِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ أُنْثَى

ص: 70