الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيَجْهَرُ) وَلَوْ بِحَضْرَةِ النَّاسِ (لَيْلًا) وَبَعْدَ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا يُعَارِضُهُ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ التَّوَسُّطُ فِي نَافِلَةِ اللَّيْلِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَلَوْ نَوَاهَا مَعَ مَا سُنَّ الْإِسْرَارُ فِيهِ كَرَاتِبَةِ الْعِشَاءِ اُحْتُمِلَ نَدْبُ الْجَهْرِ مُرَاعَاةً لَهَا لِتَمَيُّزِهَا بِالْخِلَافِ الشَّهِيرِ فِي وُجُوبِهَا وَالسِّرُّ مُرَاعَاةٌ لِلرَّاتِبَةِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهَذَا أَقْرَبُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ بَحَثَ أَنَّهُ يُتَوَسَّطُ بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ مُرَاعَاةً لِلصَّلَاتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّوَسُّطَ بَيْنَهُمَا بِفَرْضِ تَصَوُّرِهِ وَأَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا لَيْسَ فِيهِ مُرَاعَاةٌ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِهِ إلَّا فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ أَشْوَاطِهِ وَبَعْضِهَا (وَالصَّلَاةُ) عَقِبَ الطَّوَافِ الْفَرْضِ وَكَذَا النَّفَلُ عِنْدَ جَمْعٍ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَتَى بِهِمَا وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي فِي الْوُجُوبِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ جَمِيعُ السُّنَنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ دَالٍّ عَلَى النَّدْبِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ فِي الْمُوَالَاةِ مَا مَرَّ وَفِي الصَّلَاةِ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَفْرِيقِ كَثِيرٍ بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْ الطَّوَافِ بِلَا عُذْرٍ وَمِنْهُ إقَامَةُ جَمَاعَةٍ مَكْتُوبَةٍ وَفَوْتُ جِنَازَةٍ رَاتِبَةٍ لَا فِعْلُ جِنَازَةٍ وَمَكْتُوبَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا، وَهُوَ فَرْضٌ فَيُكْرَهُ قَطْعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ تَسْقُطُ بِغَيْرِهَا أَيْ ثُمَّ إنْ نُوِيَتْ أُثِيبَ عَلَيْهَا وَإِلَّا سَقَطَ الطَّلَبُ فَقَطْ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِقَوْلِهِمْ لَا يَسْقُطُ طَلَبًا مَا دَامَ حَيًّا وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا نَفَاهَا عِنْدَ فِعْلِ غَيْرِهَا وَبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ طَافَ أَسَابِيعَ فِعْلُهَا عَقِبَ كُلٍّ وَيَلِيهِ مَا لَوْ أَخَّرَهَا إلَى مَا بَعْدَ الْكُلِّ ثُمَّ صَلَّى لِكُلٍّ رَكْعَتَيْنِ وَيَلِيهِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ لِلْكُلِّ وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ تَعَدُّدُهَا بِعَدَدِ الْأَسَابِيعِ، وَالْقِيَامُ فِيهَا وَيَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهٍ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَيَصِحُّ السَّعْيُ قَبْلَهَا اتِّفَاقًا.
(فَرْعٌ) مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ
فِيهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الْفَجْرِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ نَوَاهَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَهَذَا أَقْرَبُ أَيْ تَغْلِيبًا لِلْأَفْضَلِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ بَحَثَ أَنَّهُ يَتَوَسَّطُ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ جَازِمًا بِهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَشْوَاطِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا إلَى؛ لِأَنَّهُ وَقَوْلُهُ وَفَوَّتَ رَاتِبَةً وَقَوْلُهُ وَمَكْتُوبَةً اتَّسَعَ وَقْتُهَا (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا) الْأَنْسَبُ وَأَبْعَاضُهَا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا النَّفَلُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَالْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إذَا كَانَ فَرْضًا، فَإِنْ كَانَ نَفْلًا فَسُنَّةٌ قَطْعًا وَعَلَى الْوُجُوبِ يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهِمَا لِانْتِفَاءِ رُكْنِيَّتِهِمَا وَشَرْطِيَّتِهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّدْبِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْ الطَّوَافِ) أَيْ أَوْ أَنَّهُ أَتَمَّهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) أَيْ، فَإِنْ فَرَّقَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا بِعُذْرٍ لَمْ يَضُرَّ جَزْمًا كَالْوُضُوءِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إقَامَةُ جَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ وَعُرُوضُ حَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا شَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ كَشُرْبِ مِنْ ذَهَبَ خُشُوعُهُ بِعَطَشِهِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفَوْتُ رَاتِبَةٍ) خِلَافًا لِصَرِيحِ الْإِيعَابِ وَظَاهِرِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا فِعْلُ جِنَازَةٍ) قَيَّدَهَا فِي الْإِيعَابِ وَابْنِ الْجَمَّالِ بِمَا إذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَيُنْدَبُ قَطْعُ النَّفْلِ لِذَلِكَ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ كَذَا قَيَّدَهَا بِذَلِكَ الْمُغْنِي وَالْوَنَّائِيُّ وَقَالَ ع ش، وَإِنْ تَعَيَّنَ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى فَرَاغِهِ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ قَطْعِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَائِلِ بِكَوْنِ هَذِهِ الصَّلَاةِ سُنَّةً وَ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْغَيْرُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَقَطَ الطَّلَبُ) وَقَالَ م ر أَيْ وَالْخَطِيبُ يَحْصُلُ الثَّوَابُ، وَإِنْ لَمْ تَنْوِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ هَذَا) أَيْ سُقُوطُ صَلَاةِ الطَّوَافِ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا نَفَاهَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ الطَّوَافِ أَصْلًا ع ش وَوَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى بِأَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ أَوْ بِأَنْ يَحْمِلَ قَوْلَهُمْ أَيْ لَا يَسْقُطُ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ سَقَطَ طَلَبُهَا نَظَرًا إلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا لَكِنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ بِالنِّسْبَةِ لِقَوَاعِدِ مَذْهَبِ مَنْ أَوْجَبَهَا فَيُسَنُّ فِعْلُهَا بَعْدَ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ احْتِيَاطًا نَظَرًا لِذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِهِ اهـ وَبِحَمْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى هَذَا يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيّ وَيَسْتَغْنِي عَمَّا تَكَلَّفَهُ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ مُقَوٍّ لِلْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ إذَا سَقَطَ فَأَنَّى تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ الِاحْتِيَاطَ وَقَدْ يُجَابُ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَبِأَنَّهُمْ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَوْلِهِمْ إلَخْ وَسَكَتَ عَنْ جَوَابِهِ لِلْعِلْمِ مِنْ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا أَيْ مِنْ النَّفْيِ وَبِأَنَّ السَّاقِطَ بِغَيْرِهَا أَصْلُ الطَّلَبِ لَا كَمَالُهُ سم وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَصْرِيِّ مِنْ الْعَطْفِ عَلَى بِقَوْلِهِمْ إلَخْ وَتَقَدَّمَ آنِفًا مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ) إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الثَّانِي فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَيَلِيهِ مَا لَوْ أَخَّرَهَا إلَخْ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَلِيهِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ إلَخْ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ فَهُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدِ كَوْنِهِمَا عَنْ الْجَمِيعِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحُصُولِ الثَّوَابِ فَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ اشْتِرَاطُهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلْكُلِّ) أَيْ لِلْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي) أَيْ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ صَلَاةِ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَامُ فِيهَا) يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْوَنَائِيِّ وَيَجُوزُ فِعْلُهُمَا مَعَ الْقُعُودِ، وَإِنْ قِيلَ بِالْوُجُوبِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ
[فَرْعٌ فِي سُنَنِ الطَّوَافِ]
. (قَوْلُهُ: السَّكِينَةُ إلَخْ) وَمِنْهَا أَيْضًا نِيَّتُهُ إنْ كَانَ طَوَافَ نُسُكٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ أَوْ نَذْرٍ وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ زَمَنُهُ وَدَخَلَ وَقْتُ مَا عَلَيْهِ فَنَوَى غَيْرَهُ
الْمَحَلِّ أَيْ مَحَلِّهِ الْآنَ لَيْسَ إلَّا عَلَامَةً عَلَى مَحَلِّ الصَّلَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَالْكَلَامُ بَعْدُ مَحَلُّ نَظَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا وَبِأَنَّ السَّاقِطَ بِغَيْرِهَا أَصْلُ الطَّلَبِ
وَعَدَمُ الْكَلَامِ إلَّا فِي خَيْرٍ كَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ بِرِفْقٍ إنْ قَلَّ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لَا الشُّكْرِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ، وَهِيَ تَحْرُمُ فِيهَا وَلَا تُطْلَبُ فِيمَا يُشْبِهُهَا وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ كَمَا فِي الْخِصَالِ وَمِنْهُ مَعَ تَشْبِيهِهِمْ الطَّوَافَ بِالصَّلَاةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ وَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ الظَّاهِرَة فِي أَنَّهُ يُسَنُّ وَيُكْرَهُ فِيهِ كُلُّ مَا يُتَصَوَّرُ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَمَكْرُوهَاتِهَا يُؤْخَذُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي يَدَيْ الطَّائِفِ إنْ دَعَا رَفَعَهُمَا وَإِلَّا فَجَعَلَهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ بِكَيْفِيَّتِهِمَا ثَمَّ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الطَّوَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ أَفْضَلُ مِنْ الْجُلُوسِ ذَاكِرًا إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ فِي الْأَخْبَارِ أَنَّ لِفَاعِلِهِ ثَوَابَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ وَلَمْ يَرِدْ فِي الطَّوَافِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ وَلِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ كَرِهَ الطَّوَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَمْ يَكْرَهْ أَحَدٌ تِلْكَ الْجِلْسَةَ بَلْ أَجْمَعُوا عَلَى نَدْبِهَا وَعَظِيمِ فَضْلِهَا، وَالِاشْتِغَالُ بِالْعُمْرَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ بِالطَّوَافِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا اسْتَوَى زَمَانُهُمَا كَمَا مَرَّ
عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا أَوْ قُدُومًا أَوْ وَدَاعًا وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ النَّذْرِ كَمَا فِي وَاجِبَاتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَقَوْلُهُمْ إنَّ الطَّوَافَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ أَيْ إذَا صَرَفَهُ لِغَيْرِ طَوَافٍ آخَرَ كَطَلَبِ غَرِيمٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْكَلَامِ إلَّا فِي خَيْرٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْجَمَّالِ عَلَى الْإِيضَاحِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ بِغَيْرِ الذِّكْرِ إلَّا كَلَامًا هُوَ مَحْبُوبٌ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ مَكْرُوهٍ أَوْ مُحَرَّمٍ أَوْ إفَادَةِ عِلْمٍ لَا يَطُولُ الْكَلَامُ فِيهِ وَهَذَا الْقَيْدُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الْوَاجِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِعْلُ ذَلِكَ وَإِزَالَةُ هَذَا بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ انْتَهَى اهـ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ إلَخْ) أَيْ وَجَوَابِ مُسْتَفْتٍ وَيُكْرَهُ الْبَصْقُ فِيهِ بِلَا عُذْرٍ وَجَعْلُ يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُتَكَتِّفًا وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى فِيهِ إلَّا فِي حَالَةِ تَثَاؤُبِهِ فَيُسْتَحَبُّ وَتَشْبِيكُ أَصَابِعِهِ أَوْ تَفَرْقُعُهَا وَكَوْنُهُ حَاقِبًا أَوْ حَاقِنًا أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ لَهُ وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مُنْتَقِبَةً وَلَيْسَتْ مُحْرِمَةً وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى تَنْقِيبٍ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِهِ لَهَا كَوُجُودِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهِ وَكَرَاهَةُ الشُّرْبِ أَخَفُّ نِهَايَةٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَيْسَتْ إلَى قَوْلِهِ وَالْأَكْلُ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَيُكْرَهُ الْبَصْقُ فِيهِ أَيْ فِي الطَّوَافِ وَإِذَا فَعَلَهُ فَلْيَكُنْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ أَمَّا إلْقَاؤُهُ فِي أَرْضِ الْمَطَافِ فَحَرَامٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَقَوْلُهُ م ر وَجَعْلُ يَدَيْهِ إلَخْ وَهَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُنَافَاةً لِمَا كَانَ عَلَيْهِ هَيْئَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ) أَيْ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا الشُّكْرُ إلَخْ) أَقَرَّهُ ابْنُ الْجَمَّالِ وَالْوَنَّائِيُّ وَالْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ وَقَالَ الْبَصْرِيُّ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا ذَكَرَهُ وَمِمَّا يَدْفَعُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ إلَخْ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ تَعْلِيمُ الْجَاهِلِ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيمَ فِي الصَّلَاةِ حَرَامٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الطَّوَافَ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ سَجْدَةُ الشُّكْرِ (قَوْلُهُ فِي الْخِصَالِ) اسْمُ كِتَابِ كُرْدِيٍّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ سُنَّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي يُؤْخَذُ إلَخْ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ إلَخْ) أَيْ التَّشْبِيهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: كُلَّمَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي طَوَافِهِ خَاشِعًا خَاضِعًا حَاضِرَ الْقَلْبِ مُلَازِمًا لِلْأَدَبِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ مُسْتَحْضِرًا فِي قَلْبِهِ عَظَمَةَ مَنْ هُوَ طَائِفٌ بِبَيْتِهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَصُونَ نَظَرَهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ وَقَلْبَهُ عَنْ احْتِقَارِ مَنْ يَرَاهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ وَالْمَرْضَى مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ) وَمِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ كَمَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ وَيَسْأَلَهُ عَنْ حَالِهِ وَأَهْلِهِ أَيْ إذَا لَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ كَإِفَادَةِ الْعِلْمِ بَلْ أَوْلَى وَبَحَثَ ابْنُ جَمَاعَةَ تَقْيِيدَهُ أَيْضًا بِغَيْرِ الْمُشْتَغِلِ بِالذِّكْرِ وَإِلَّا لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ كَالْمُلَبِّي بَلْ أَوْلَى، وَإِنَّمَا تَأْتِي الْأَوْلَوِيَّةُ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا فِيهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي جَوَابِ السَّلَامِ عَلَى الْقَارِئِ وَيُسَنُّ لِلطَّائِفِ وَمَنْ قَرُبَ مِنْهُ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِقِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ شَوَّشَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ السَّامِعِ لَهُ بِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ كُرِهَ لَهُ عَلَى مَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَا تَبْعُدُ الْحُرْمَةُ إنْ تَحَقَّقَ تَأَذِّيهِ بِذَلِكَ وَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا كَرَاهَةُ الضَّحِكِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَدَبِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ كَرَاهَةِ جَعْلِ يَدَيْهِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ مُكْتَتِفًا اهـ حَاشِيَةُ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: وَمَكْرُوهَاتُهَا) أَيْ كَوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَة وَالْمَشْيِ عَلَى رِجْلٍ وَالنَّظَرِ إلَى السَّمَاءِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ إلَخْ) سُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ هَلْ الْأَفْضَلُ لِمُصَلِّي الصُّبْحِ بِمَكَّةَ الْمُكْثُ ذَاكِرًا حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَمْ الطَّوَافُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ الطَّوَافُ انْتَهَى وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْقُرَى لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «طَوَافَانِ لَا يُوَافِقُهُمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ يُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ طَوَافٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَرَاغُهُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَطَوَافٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَرَاغُهُ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ» أَخْرَجَهُ الْأَزْرَقِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنْدِيُّ انْتَهَى ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ نَقَلَ إفْتَاءَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ بِمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ أَبْدَى فِي الْمُرَادِ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي الْحَدِيثِ احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا مُطْلَقُ الْبَعْدِيَّةِ فَيَشْمَلُ مَنْ أَتَى بِأُسْبُوعٍ قُبَيْلَ الطُّلُوعِ أَوْ الْغُرُوبِ ثَانِيهِمَا اسْتِيعَابُ الزَّمَنِ ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرُ وَإِلَّا لَقَالَ قَبْلَ الطُّلُوعِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ انْتَهَى اهـ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالِاشْتِغَالُ بِالْعُمْرَةِ إلَخْ) وَهَلْ الْأَفْضَلُ التَّطَوُّعُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالطَّوَافِ أَوْ الصَّلَاةُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الطَّوَافُ أَفْضَلُ وَظَاهِرُ قَوْلِ غَيْرِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ
لَا كَمَالُهُ
وَالْوُقُوفُ أَفْضَلُ مِنْهُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» أَيْ مُعْظَمُهُ كَمَا قَالُوهُ وَلِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْحَجِّ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ جَاءَ فِيهِ مِنْ حَقَائِقِ الْقُرَبِ وَعُمُومِ الْمَغْفِرَةِ وَسَعَةِ الْإِحْسَانِ مَا لَمْ يَرِدْ فِي الطَّوَافِ وَاغْتِفَارُ الصَّارِفِ فِيهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لِعَظِيمِ الْعِنَايَةِ بِحُصُولِهِ رِفْقًا بِالنَّاسِ لِصُعُوبَةِ قَضَاءِ الْحَجِّ لَا لِكَوْنِهِ قُرْبَةً غَيْرِ مُسْتَقِلَّةٍ بَلْ عَدَمُ اسْتِقْلَالِهِ مِمَّا يَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لِعِزَّتِهِ لَا يُوجَدُ إلَّا مُقَوَّمًا لِلْحَجِّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ بَلْ هُوَ أَفْضَلُهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ فَانْدَفَعَ ادِّعَاءُ أَفْضَلِيَّةِ الطَّوَافِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُهُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِ التَّطَوُّعِ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ.
(وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ مُحْدِثًا (مُحْرِمًا) لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ صَغِيرًا لَمْ يُمَيِّزْ لَكِنْ إنْ كَانَ حَامِلُهُ الْوَلِيَّ أَوْ مَأْذُونَهُ الْمُتَطَهِّرَ أَيْضًا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ طَوَافِهِ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْوَالِي أَوْ مَأْذُونِهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ (وَطَافَ بِهِ حُسِبَ لِلْمَحْمُولِ) إنْ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَوُجِدَتْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ فِيهِ وَنَوَاهُ الْحَامِلُ لَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَصْرِفْهُ الْمَحْمُولُ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَرَاكِبِ بَهِيمَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ نَوَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا فَلَا يَقَعُ لَهُ وَقَدْ يَقَعُ لِلْحَامِلِ إنْ وُجِدَ فِيهِ شَرْطُهُ (وَكَذَا لَوْ حَمَلَهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ الْوَاحِدُ
ابْنُ عَبَّاسٍ الصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَالطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ مُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْوُقُوفُ أَفْضَلُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَرْوَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّفَا وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ حَتَّى الْوُقُوفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ أَفْضَلُهَا الْوُقُوفُ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَسْنَى وَنَحْوُهُ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ زَادَ فِيهَا وَقَدْ يُقَالُ الطَّوَافُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَالْوُقُوفُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رُكْنًا لِلْحَجِّ لِفَوَاتِهِ بِهِ وَتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَيْهِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَلَامُ الزَّرْكَشِيّ عَلَى الثَّانِي بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْحَجِّ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُجْبَرُ بِشَيْءٍ بِاتِّفَاقٍ بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ سم وَقَدْ يُقَالُ بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ كَذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَاغْتِفَارُ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ الْمُخَالِفِ (قَوْلُهُ: لِعَظِيمِ إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ (وَقَوْلُهُ: رِفْقًا) عِلَّةٌ لَهُ وَ (قَوْلُهُ: لِصُعُوبَةٍ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ، وَ (قَوْلُهُ: لَا لِكَوْنِهِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لِعَظِيمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِأَفْضَلِيَّةِ الْوُقُوفِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفُهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مُشَابَهَتُهُ لِلصَّلَاةِ فِي الْمَشْرُوطِ وَمَشْرُوعِيَّةِ التَّطَوُّعِ بِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ إلَخْ) أَيْ لِمَرَضٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ لَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَطُفْ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ بُحِثَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ حَتَّى قَالَ إلَى وَيَأْتِي وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ، فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ لِإِحْرَامِهِ فَكَمَا لَوْ حَمَلَ حَلَالٌ حَلَالًا وَسَيَأْتِي نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فِي شَرْحٍ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالْمُحْرِمِ الْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ طَوَافِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: وَاحِدًا إلَخْ) أَيْ الْمُحْرِمُ الْمَحْمُولُ (قَوْلُهُ: وَوُجِدَتْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ) أَيْ لِلطَّوَافِ (فِيهِ) أَيْ الْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ: وَنَوَاهُ الْحَامِلُ لَهُ) أَيْ لِلْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ عَدَمُ النِّيَّةِ، وَكَذَا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِنِيَّةِ النَّفْسِ فَقَطْ فِيهِمَا مُطْلَقُ النِّيَّةِ لَا تَقْيِيدُهَا بِالنَّفْسِ، فَإِنْ قَصَدَهُ فَهُوَ مَحْضُ تَأْكِيدٍ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ شُهْبَةَ نَقَلَ هُنَا عَنْ الْكِفَايَةِ مَا نَصُّهُ: وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْحَامِلُ شَيْئًا أَوْ نَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ إلَخْ فَعَبَّرَ عَنْ صُورَةِ الْإِطْلَاقِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَنْوِ الْحَامِلُ شَيْئًا، وَهُوَ عَيْنُ مَا اسْتَظْهَرْنَاهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَصْرِفْهُ الْمَحْمُولُ عَنْ نَفْسِهِ) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ ابْنَ شُهْبَةَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لَا غَنَاءَ. قَوْلُهُ وَوُجِدَتْ الشُّرُوطُ إلَخْ عَنْهُ إذْ مِنْ جُمْلَةِ مَا سَبَقَ فَقْدُ الصَّارِفِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ نَوَاهُ) أَيْ الْحَامِلُ سم (قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ لَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَقَعَ لَهُ أَيْ لِلْحَامِلِ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ فِي حَقِّهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَقَعُ لِلْحَامِلِ إنْ وُجِدَ فِيهِ إلَخْ) يُفْهَمُ أَنَّهُ قَدْ لَا يَقَعُ لَهُ مَعَ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ، وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، فَإِنْ أَرَادَ الِاحْتِرَازَ عَمَّا لَوْ صَرَفَهُ مَعَ تَوَفُّرِهَا فَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَامِلِ أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ نَفْسَهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ مَحْمُولِهِ وَقَعَ لَهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَصَدَ الْمَحْمُولَ فَقَطْ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ كَانَ حَلَالًا أَوْ مُحْرِمًا طَافَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مُحْرِمًا لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَقَعَ لَهُ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَلَوْ حَمَلَ طَائِفٌ أَوْ أَكْثَرُ جَامِعٌ لِشُرُوطِ الطَّوَافِ حَلَالٌ أَوْ مُحْرِمٌ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ أَوْ دَخَلَ وَلَمْ يَطُفْ سَوَاءٌ الْقُدُومَ وَالْإِفَاضَةَ وَطَوَافَ الْعُمْرَةِ، وَغَيْرَهَا مُحْرِمًا لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ، وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ إنْ نَوَاهُ الْحَامِلُ أَوْ أَطْلَقَ إلَّا إنْ أَطْلَقَ وَكَانَ الْحَامِلُ كَالْمَحْمُولِ فَلِلْحَامِلِ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْحَامِلُ نَفْسَهُ فَقَطْ أَوْ كِلَيْهِمَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالتُّحْفَةِ فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ صُورَةً سَبْعَةٌ لِلْمَحْمُولِ وَتِسْعَةٌ لِلْحَامِلِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ الْمَحْمُولِ نَفْسَهُ وَلَوْ نَوَى أَحَدُ حَامِلَيْنِ نَفْسَهُ وَالْآخَرُ الْمَحْمُولَ لَمْ يَقَعْ لِلْمَحْمُولِ وَلَا لِلْحَامِلِ الْآخَرِ بَلْ لِلْحَامِلِ النَّاوِي نَفْسَهُ وَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الْحَامِلِ مُحْدِثٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَشَرْطُ حَمْلِ غَيْرِ الْوَلِيِّ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ إذْنُ الْوَلِيِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ فَلَا يَصِحُّ الطَّوَافُ لِغَيْرِ مُمَيِّزٍ مَحْمُولٍ أَوْ رَاكِبٍ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ نَحْوِ سَفِينَةٍ إلَّا إنْ كَانَ الْحَامِلُ أَوْ السَّائِقُ أَوْ الْقَائِدُ أَوْ الْجَاذِبُ الْوَلِيَّ أَوْ مَأْذُونَهُ وَحَمْلُ الْوَلِيِّ أَوْ مَأْذُونِهِ لَهُ يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا مَرَّ مِنْ الْأَقْسَامِ. اهـ.
وَفِي هَامِشٍ لَهُ مَا نَصُّهُ وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحَامِلَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ إمَّا حَلَالٌ أَوْ مُحْرِمٌ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ
(قَوْلُهُ: وَلِتَوَقُّفِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا إلَخْ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْكَافِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي أَحْكَامِ الْمَحْمُولِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ إذْ لَا وَجْهَ لِلنَّظَرِ مَعَ كَوْنِهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ الصَّارِفِ كَالطَّوَافِ، وَإِنْ حَمَلَهُ فِي الْوُقُوفِ أَجْزَأَ فِيهِمَا يَعْنِي مُطْلَقًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ نَوَاهُ) أَيْ الْحَامِلُ
أَوْ الْمُتَعَدِّدُ (مُحْرِمٌ) كَذَلِكَ (قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ) مَا تَضَمَّنَهُ إحْرَامُهُ مِنْ طَوَافِ قُدُومٍ أَوْ رُكْنٍ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْحَلَالِ فَيَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الْحَلَالِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْمُحْرِمُ الْحَامِلُ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الشَّانُّ أَوْ الْحَامِلُ (إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) أَيْ الْمَحْمُولِ يَكُونُ الطَّوَافُ خَاصَّةً حَيْثُ لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَكُونُ الْحَامِلُ كَالدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الطَّوَافِ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ لِغَرَضٍ آخَرَ (وَإِنْ قَصَدَهُ) جَمِيعَهُ (لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا) أَوْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَهُ كُلٌّ لِنَفْسِهِ أَوْ تَعَدَّدَ الْحَامِلُ وَقَصَدَ أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ وَالْآخَرُ الْمَحْمُولَ عَلَى الْأَوْجَهِ (فَلِلْحَامِلِ) يَكُونُ (فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَطَوَافُهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي قَوْلِهِمَا أَوَّلُهُمَا بِمَا بَالَغَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَوْهِيمِهِ فِيهِ حَتَّى قَالَ إنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ ثِقَةً كَثِيرُ الْوَهْمِ فِي النَّقْلِ وَالْفَهْمِ، وَإِنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ النِّزَاعِ مَعَ التَّسَاهُلِ حُبُّ التَّغْلِيطِ. اهـ. وَالْإِسْنَوِيُّ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُطْلَقَ فِيهِ ذَلِكَ لَكِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ وَيَأْتِي ذَلِكَ التَّفْصِيلُ فِي السَّعْيِ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ فَقْدُ الصَّارِفِ كَالطَّوَافِ وَخَرَجَ بِحَمَلَ مَا لَوْ جَذَبَ مَا هُوَ عَلَيْهِ كَخَشَبَةٍ أَوْ سَفِينَةٍ، فَإِنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِكُلٍّ بِطَوْفِ الْآخَرِ لَكِنْ بُحِثَ جَرَيَانُ تِلْكَ الْأَحْكَامِ هُنَا أَيْضًا، وَلَهُ وَجْهٌ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْجَاذِبُ الْمَشْيَ لِأَجْلِ الْجَذْبِ بَطَلَ طَوَافُهُ
طَوَافِهِ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَالْمَحْمُولُ لَهُ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ أَنَّهُ مُحْرِمٌ لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي لِلْحَامِلِ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ لِلْمَحْمُولِ أَوْ يُطْلِقَ أَوْ يَنْوِي لِأَنْفُسِهِمَا أَوْ لِنَفْسِهِ وَهَذِهِ أَيْضًا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ فِي نِيَّةِ الْحَامِلِ تُضْرَبُ فِي أَحْوَالِهِ الْأَرْبَعَةِ تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ يُقَالُ إنْ نَوَى الْحَامِلُ لِلْمَحْمُولِ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ الطَّوَافُ لِلْمَحْمُولِ فَهَذِهِ صُورَتَانِ تُضْرَبَانِ فِي أَحْوَالِ الْحَامِلِ فَتَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ مَا إذَا أَطْلَقَ الْحَامِلُ النِّيَّةَ، وَكَانَ الْحَامِلُ كَالْمَحْمُولِ لِكَوْنِهِ مُحْرِمًا لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَأَمَّا إذَا نَوَى لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا وَقَعَ الطَّوَافُ لِلْحَامِلِ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ إذَا ضُرِبَتَا فِي أَحْوَالِ الْحَامِلِ كَانَتْ ثَمَانِيَةً. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُتَعَدِّدُ) الْوَاو بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ قَوْلَ الْمَتْنِ (إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) اُسْتُشْكِلَ بِقَوْلِهِمْ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ أَوْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنِ الْوَقْتِ أَوْ لَا فَنَوَى غَيْرَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ لِلْإِفَاضَةِ أَوْ الْمَنْذُورِ فِي وَقْتِهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ، وَأَجَابَ ابْنُ الْمُقْرِي فَقَالَ لَعَلَّ الشَّرْطَ فِي الصَّرْفِ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ إلَى غَيْرِ طَوَافٍ أَمَّا إذَا صَرَفَهُ إلَى طَوَافٍ آخَرَ فَلَا يَنْصَرِفُ سَوَاءٌ قَصَدَ بِهِ نَفْسَهُ أَمْ غَيْرَهُ سم (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَهُ كُلٌّ) أَيْ مِنْ الْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي؛ لِأَنَّهُ الطَّائِفُ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ حَلَالٌ حَلَالًا وَنَوَيَا وَقَعَ لِلْحَامِلِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُقَاسُ بِالْمُحْرِمَيْنِ الْحَلَالَانِ النَّاوِيَانِ فَيَقَعُ لِلْحَامِلِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ طَافَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ مُعْتَقِدٌ أَنَّ إحْرَامَهُ عُمْرَةٌ فَبَانَ حَجًّا وَقَعَ عَنْهُ كَمَا لَوْ طَافَ عَنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ طَوَافٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي السَّعْيِ) أَيْ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ فَيَقَعُ لَهُمَا مُطْلَقًا إذْ لَا يَضُرُّ فِيهِ الصَّارِفُ وَنَّائِيٌّ وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ هُنَا وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي وَلِلنِّهَايَةِ فِي مَبْحَثِ الرَّمْيِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ وَأَمَّا السَّعْيُ فَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَالْوُقُوفِ. اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ ضَعِيفٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا لَوْ جَذَبَ مَا هُوَ عَلَيْهِ) يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ إذَا أُرْكِبَ غَيْرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَسَاقَهُ أَوْ قَادَ الْمَرْكُوبَ وَ (قَوْلُهُ: أَوْ سَفِينَةً) يَنْبَغِي أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَسِيرُ لَهَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْمَسَافَةِ حِينَئِذٍ لَا يُنْسَبُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَكَذَا يُقَالُ لَوْ رَكِبَا دَابَّةً وَسَيَّرَهَا أَحَدُهُمَا سم (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِكُلٍّ إلَخْ) أَيْ فَيَقَعُ لِلْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ مُطْلَقًا، فَإِنَّهُ إلَخْ نِهَايَةٌ أَيْ سَوَاءٌ نَوَى الْحَامِلُ نَفْسَهُ أَوْ هُمَا أَوْ أَطْلَقَ أَمَّا لَوْ نَوَى الْمَحْمُولَ فَقَطْ فَقَدْ صُرِفَ فِعْلُهُ عَنْ طَوَافِ نَفْسِهِ
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) اُسْتُشْكِلَ بِقَوْلِهِمْ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ أَوْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنِ الْوَقْتِ أَوْ لَا فَنَوَى غَيْرَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ لِلْإِفَاضَةِ أَوْ الْمَنْذُورِ فِي وَقْتِهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ وَأَجَابَ ابْنُ الْمُقْرِي فَقَالَ لَعَلَّ الشَّرْطَ فِي الصَّرْفِ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ إلَى غَيْرِ طَوَافٍ أَمَّا إذَا صَرَفَهُ إلَى طَوَافٍ آخَرَ فَلَا يَنْصَرِفُ سَوَاءٌ قَصَدَ بِهِ نَفْسَهُ أَمْ غَيْرَهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْحَامِلَ جَعَلَ نَفْسَهُ آلَةً لِمَحْمُولِهِ فَانْصَرَفَ فِعْلُهُ عَنْ الطَّوَافِ، وَالْوَاقِعُ لِمَحْمُولِهِ طَوَافُهُ لَا طَوَافُ الْحَامِلِ كَمَا فِي رَاكِبِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ النَّاوِي فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ، فَإِنَّهُ أَتَى بِطَوَافٍ لَكِنَّهُ صَرَفَهُ لِطَوَافٍ آخَرَ فَلَمْ يَنْصَرِفْ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ خَاصٌّ بِالْمَحْمُولِ وَالثَّانِيَ بِغَيْرِهِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ نَفْسِهِ كَانَ الْمُرَادُ عَلَى وَجْهِ الْآلِيَّةِ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِمَا لَوْ اسْتَنَابَ الْعَاجِزُ عَنْ الرَّمْيِ مَنْ لَمْ يَرْمِ عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ يَقَعُ رَمْيُ النَّائِبِ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْمُسْتَنِيبَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الرَّمْيَ مَحْضُ فِعْلِ النَّائِبِ فَلَمْ يَنْصَرِفْ عَنْهُ مَعَ كَوْنِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ لِلْمَحْمُولِ طَوَافٌ وَالْحَامِلُ كَالدَّابَّةِ كَمَا قَرَّرُوهُ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ) بَقِيَ مَا لَوْ صَرَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ إلَى الْحَامِلِ وَصَرَفَ الْحَامِلُ عَنْ نَفْسِهِ إلَى الْمَحْمُولِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ لِلْحَامِلِ أَخْذًا مِنْ جَوَابِ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ فِيمَا مَرَّ كَقَوْلِهِ فِيهِ أَمَّا إذَا صَرَفَهُ إلَى طَوَافٍ آخَرَ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَخْ.
وَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّهُ لَمَّا صَرَفَهُ الْمَحْمُولُ عَنْ نَفْسِهِ إلَى الْحَامِلِ صَارَ الْحَامِلُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَرَفَهُ لِطَوَافِ غَيْرِ الْمَحْمُولِ، وَمَنْ عَلَيْهِ طَوَافٌ وَصَرَفَ الطَّوَافَ لِطَوَافٍ آخَرَ لَمْ يَنْصَرِفْ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَلِلْحَامِلِ فَقَطْ) شَامِلٌ لِصُورَةِ مَا إذَا قَصَدَهُ أَحَدُ الْحَامِلَيْنِ لِلْمَحْمُولِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَوْ جَذَبَ مَا هُوَ عَلَيْهِ) يَتَّجِهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ إذَا أُرْكِبَ غَيْرَهُ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَسَاقَهُ أَوْ قَادَ الْمَرْكُوبَ (قَوْلُهُ: أَوْ سَفِينَةً) يَنْبَغِي أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ، وَإِنْ كَانَ السَّيْرُ لَهَا