الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عق عَن الْحسن وَالْحُسَيْن كَبْشًا كَبْشًا ذكره أَبُو دَاوُد وَقد ذكر جرير بن حَازِم عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم عق عَن الْحسن وَالْحُسَيْن كبشين وَذكر يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت عق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْحسن وَالْحُسَيْن يَوْم السَّابِع وَلَو صَحَّ قَوْله لَا تعقي عَنهُ لم يدل ذَلِك على كَرَاهَة الْعَقِيقَة لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أحب أَن يتَحَمَّل عَنْهَا الْعَقِيقَة فَقَالَ لَهَا لَا تعقي عق هُوَ صلى الله عليه وسلم وكفاها الْمُؤْنَة وَأما قَوْلهم إِنَّهَا من فعل أهل الْكتاب فَالَّذِي من فعلهم تَخْصِيص الذّكر بالعقيقة دون الْأُنْثَى كَمَا دلّ عَلَيْهِ لفظ الحَدِيث فانه قَالَ إِن الْيَهُود تعق عَن الْغُلَام شَاتين وَعَن الْجَارِيَة شَاة
الْفَصْل الْخَامِس فِي اشتقاقها وَمن أَي شَيْء أخذت
قَالَ أَبُو عَمْرو فَأَما الْعَقِيقَة فِي اللُّغَة فَذكر أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَغَيره
أَن أَصْلهَا الشّعْر الَّذِي يكون على رَأس الصَّبِي حِين يُولد وَإِنَّمَا سميت الشَّاة الَّتِي تذبح عَنهُ عقيقة لِأَنَّهُ يحلق عَنهُ ذَلِك الشّعْر عِنْد الذّبْح قَالَ وَلِهَذَا قَالَ أميطوا عَنهُ الْأَذَى يَعْنِي بذلك الشّعْر قَالَ أَبُو عبيد وَهَذَا مِمَّا قلت لَك انهم رُبمَا سموا الشَّيْء باسم غَيره إِذا كَانَ مَعَه أَو من سَببه فسميت الشَّاة عقيقة لعقيقة الشّعْر وَكَذَلِكَ كل مَوْلُود من الْبَهَائِم فَإِن الشّعْر الَّذِي يكون عَلَيْهِ حِين يُولد عقيقة وعقة قَالَ زُهَيْر يذكر حمَار وَحش
(أذلك أم أقب الْبَطن جأب
…
عَلَيْهِ من عقيقته عفاء)
قَالَ يَعْنِي صغَار الْوَبر
وَقَالَ ابْن الرّقاع يصف حمارا
(تحسرت عقة عَنهُ فأنسلها
…
واجتاب أُخْرَى جَدِيدا بَعْدَمَا ابتقلا)
قَالَ يُرِيد أَنه لما فطم من الرَّضَاع وَأكل البقل ألْقى عقيقته واجتاب أُخْرَى قَالَ أَبُو عُبَيْدَة الْعَقِيقَة والعقة فِي النَّاس والحمر وَلم يسمع فِي غير
ذَلِك انْتهى كَلَام أبي عبيد وَقد أنكر الامام أَحْمد تَفْسِير أبي عبيد هَذَا للعقيقة وَمَا ذكره عَن الْأَصْمَعِي وَغَيره فِي ذَلِك وَقَالَ إِنَّمَا الْعَقِيقَة الذّبْح نَفسه وَقَالَ وَلَا وَجه لما قَالَ أَبُو عبيد قَالَ أَبُو عَمْرو وَاحْتج بعض الْمُتَأَخِّرين لِأَحْمَد بن حَنْبَل فِي قَوْله هَذَا بِأَن مَا قَالَ أَحْمد من ذَلِك فمعروف فِي اللُّغَة لِأَنَّهُ يُقَال عق إِذا قطع وَمِنْه عق وَالدية إِذا قطعهمَا قَالَ أَبُو عَمْرو وَيشْهد لقَوْل أَحْمد بن حَنْبَل قَول الشَّاعِر
(بِلَاد بهَا عق الشَّبَاب تمائمه
…
وَأول أَرض مس جلدي ترابها)
يُرِيد أَنه لما شب قطعت عَنهُ تمائه وَمثل هَذَا قَول ابْن ميادة
(بِلَاد بهَا نيصت عَليّ تمائمي
…
وقطعن عني حِين أدركني عَقْلِي)
قَالَ أَبُو عَمْرو وَقَول أَحْمد فِي معنى الْعَقِيقَة فِي اللُّغَة أولى من قَول أبي عبيد وَأقرب وأصوب وَالله أعلم انْتهى كَلَام أبي عَمْرو وَقَالَ الْجَوْهَرِي عق عَن وَلَده يعق عقا إِذا ذبح يَوْم أسبوعه وَكَذَلِكَ إِذا حلق عقيقته فَجعل الْعَقِيقَة لأمرين وَهَذَا أولى وَالله أعلم
وَأما قَوْله فِي الحَدِيث لَا أحب العقوق فَهُوَ تَنْبِيه على كَرَاهَة مَا تنفر عَنهُ
الْقُلُوب من الْأَسْمَاء وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَدِيد الْكَرَاهَة لذَلِك جدا حَتَّى كَانَ يُغير الِاسْم الْقَبِيح بالْحسنِ وَيتْرك النُّزُول فِي الأَرْض القبيحة الِاسْم والمرور بَين الجبلين الْقَبِيح اسمهما وَكَانَ يحب الِاسْم الْحسن والفأل الْحسن
وَفِي الْمُوَطَّأ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ للقحة من يحلب هَذِه فَقَامَ رجل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا اسْمك فَقَالَ لَهُ الرجل مرّة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اجْلِسْ ثمَّ قَالَ من يحلب هَذِه فَقَامَ رجل آخر فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا اسْمك فَقَالَ حَرْب فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اجْلِسْ ثمَّ قَالَ من يحلب هَذِه فَقَامَ رجل فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم مَا اسْمك فَقَالَ يعِيش فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم احلب رَوَاهُ مُرْسلا فِي موطئِهِ
وأسنده ابْن وهب فِي جَامعه فَقَالَ حَدثنِي ابْن لَهِيعَة عَن الْحَارِث ابْن يزِيد عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن يعِيش الْغِفَارِيّ قَالَ دَعَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِنَاقَة فَقَالَ من يحلبها فَقَامَ رجل فَقَالَ مَا اسْمك قَالَ مرّة قَالَ اقعد فَقَامَ آخر فَقَالَ مَا اسْمك قَالَ جَمْرَة قَالَ اقعد ثمَّ قَامَ رجل فَقَالَ مَا اسْمك قَالَ يعِيش قَالَ احلبها
قَالَ أَبُو عمر هَذَا من بَاب الفأل الْحسن لَا من بَاب الطَّيرَة وَعِنْدِي فِيهِ وَجه آخر وَهُوَ أَن بَين الِاسْم والمسمى علاقَة ورابطة تناسبه وقلما يتَخَلَّف ذَلِك فالألفاظ قوالب للمعاني والأسماء أَقْوَال المسميات
(وَقل إِن أَبْصرت عَيْنَاك ذَا لقب
…
إِلَّا وَمَعْنَاهُ إِن فَكرت فِي لقبه)
فقبح الِاسْم عنوان قبح الْمُسَمّى كَمَا أَن قبح الْوَجْه عنوان قبح الْبَاطِن وَمن هَاهُنَا وَالله أعلم أَخذ عَمْرو بن الْخطاب رضي الله عنه مَا ذكره مَالك أَنه قَالَ لرجل مَا اسْمك فَقَالَ جَمْرَة فَقَالَ ابْن من قَالَ ابْن شهَاب قَالَ مِمَّن قَالَ من الحرقة قَالَ أَيْن مسكنك قَالَ بحرة النَّار قَالَ بأيتها قَالَ بِذَات لظى فَقَالَ عمر أدْرك أهلك فقد احترقوا فَكَانَ كَمَا قَالَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه
وَقد ذكر ابْن أبي خَيْثَمَة من حَدِيث بُرَيْدَة كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يتطير فَركب بُرَيْدَة فِي سبعين رَاكِبًا من أهل بَيته من بني أسلم فلقي النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلًا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من أَنْت قَالَ أَنا بُرَيْدَة فَالْتَفت إِلَى أبي بكر
وَقَالَ يَا أَبَا بكر برد أمرنَا وَصلح ثمَّ قَالَ مِمَّن قلت من أسلم قَالَ لأبي بكر الْآن سلمنَا ثمَّ قَالَ مِمَّن قَالَ من سهم قَالَ خرج سهمك وَلما رأى سُهَيْل بن عَمْرو مُقبلا يَوْم صلح الْحُدَيْبِيَة قَالَ سهل أَمر كم وانْتهى فِي مسيره إِلَى جبلين فَسَأَلَ عَن اسمهما فَقَالَ مخز وفاضح فَعدل عَنْهُمَا وَلم يسْلك بَينهمَا وَغير اسْم عاصية بجميلة وَاسم أَصْرَم بزرعة
قَالَ أَبُو دَاوُد فِي السّنَن وَغير النَّبِي صلى الله عليه وسلم اسْم الْعَاصِ وعزيز وعتلة وَشَيْطَان وَالْحكم وغراب وشهاب فَسَماهُ هشاما وسمى حَربًا أسلم وسمى المضطجع المنبعث وَأَرْض عفرَة سَمَّاهَا خضرَة وَشعب الضَّلَالَة سَمَّاهُ شعب الْهدى وَبَنُو الزِّينَة سماهم بني الرشدة
وَهَذَا بَاب عَجِيب من أَبْوَاب الدّين وَهُوَ الْعُدُول عَن الِاسْم الَّذِي تستقبحه