المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني في ذكر ختان إبراهيم الخليل والأنبياء بعده صلى الله عليهم أجميعن - تحفة المودود بأحكام المولود - ت الأرنؤوط

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الْبَاب الأولفِي اسْتِحْبَاب طلب الْوَلَد

- ‌الْبَاب الثَّانِيفِي كَرَاهَة تسخط الْبَنَات

- ‌الْبَاب الثَّالِثفِي اسْتِحْبَاب بِشَارَة من ولد لَهُ ولد وتهنئته

- ‌الْبَاب الرَّابِعفِي اسْتِحْبَاب التأذين فِي أُذُنه الْيُمْنَى وَالْإِقَامَة فِي أُذُنه الْيُسْرَى

- ‌الْبَاب الْخَامِسفِي اسْتِحْبَاب تحنيكه

- ‌الْبَاب السَّادِسفِي الْعَقِيقَة وأحكامها

- ‌الْفَصْل الأول - فِي بَيَان مشروعيتها

- ‌الْفَصْل الثَّانِي - فِي ذكر حجج من كرهها

- ‌الْفَصْل الثَّالِث _ فِي أَدِلَّة الِاسْتِحْبَاب

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي الْجَواب عَن حجج من كرهها

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي اشتقاقها وَمن أَي شَيْء أخذت

- ‌الْفَصْل السَّادِس - هَل تكره تَسْمِيَتهَا عقيقة

- ‌الْفَصْل السَّابِع - فِي ذكر الْخلاف فِي وُجُوبهَا واستحبابها وحجج الطَّائِفَتَيْنِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن - فِي الْوَقْت الَّذِي تسْتَحب فِيهِ الْعَقِيقَة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي بَيَان أَن الْعَقِيقَة افضل من التَّصَدُّق بِثمنِهَا وَلَو زَاد

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي تفاضل الذّكر وَالْأُنْثَى فِيهَا وَاخْتِلَاف النَّاس فِي ذَلِك

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي ذكر الْغَرَض من الْعَقِيقَة وَحكمهَا وفوائدها

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي اسْتِحْبَاب طبخها دون إِخْرَاج لَحمهَا نيئا

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي كَرَاهَة كسر عظامها

- ‌الْفَصْل الرَّابِع عشر فِي السن المجزىء فِيهَا

- ‌الْفَصْل الْخَامِس عشر أَنه لَا يَصح الِاشْتِرَاك فِيهَا وَلَا يجزىء الرَّأْس إِلَّا عَن رَأس هَذَا مِمَّا تخَالف فِيهِ الْعَقِيقَة الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّة

- ‌الْفَصْل السَّادِس عشر هَل تشرع الْعَقِيقَة بِغَيْر الْغنم كَالْإِبِلِ وَالْبَقر أم لَا

- ‌الْفَصْل السَّابِع عشر فِي بَيَان مصرفها

- ‌الْفَصْل الثَّامِن عشر فِي حكم اجْتِمَاع الْعَقِيقَة وَالْأُضْحِيَّة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع عشر فِي حكم من لم يعق عَنهُ أَبَوَاهُ هَل يعق عَن نَفسه إِذا بلغ

- ‌الْفَصْل الْعشْرُونَ فِي حكم جلدهَا وسواقطها

- ‌الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِيمَا يُقَال عِنْد ذَبحهَا

- ‌الْفَصْل الثَّانِي وَالْعشْرُونَ فِي حكم اختصاصها بالأسابيع

- ‌الْبَاب السَّابِعفِي حلق رَأسه وَالتَّصَدُّق بِوَزْن شعره

- ‌الْبَاب الثَّامِنفِي ذكر تَسْمِيَته وأحكامها ووقتها وَفِيه عشرَة فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول فِي وَقت التَّسْمِيَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يسْتَحبّ من الْأَسْمَاء وَمَا يكره مِنْهَا

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي تَغْيِير الِاسْم باسم آخر لمصْلحَة تَقْتَضِيه

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي جَوَاز تكنية الْمَوْلُود بِأبي فلَان

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي أَن التَّسْمِيَة حق للْأَب لَا للْأُم

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي الْفرق بَين الِاسْم والكنية واللقب

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي حكم التَّسْمِيَة باسم نَبينَا صلى الله عليه وسلم والتكني بكنيته إفرادا وجمعا

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي جَوَاز التَّسْمِيَة بِأَكْثَرَ من اسْم وَاحِد

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي بَيَان ارتباط معنى الِاسْم بِالْمُسَمّى

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي بَيَان أَن الْخلق يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة بآبائهم لَا بأمهاتهم

- ‌الْبَاب التَّاسِعفِي ختان الْمَوْلُود وَأَحْكَامه وَفِيه أَرْبَعَة عشر فصلا

- ‌الْفَصْل الأول فِي بَيَان مَعْنَاهُ واشتقاقه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر ختان إِبْرَاهِيم الْخَلِيل والأنبياء بعده صلى الله عَلَيْهِم أجميعن

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي مشروعيته وَأَنه من خِصَال الْفطْرَة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي الِاخْتِلَاف فِي وُجُوبه واستحبابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي وَقت وُجُوبه

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي الِاخْتِلَاف فِي كَرَاهِيَة يَوْم السَّابِع

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي حِكْمَة الْخِتَان وفوائده

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي بَيَان الْقدر الَّذِي يُؤْخَذ من الْخِتَان

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي أَن حكمه يعم الذّكر وَالْأُنْثَى

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي حكم جِنَايَة الخاتن وسراية الْخِتَان

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي أَحْكَام الأقلف من طَهَارَته وَصلَاته وذبيحته وشهادته وَغير ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي المسقطات لوُجُوبه

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي ختان النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع عشر فِي الْحِكْمَة الَّتِي لأَجلهَا يُعَاد بَنو آدم غرلًا

- ‌الْبَاب الْعَاشِر فِي ثقب أذن الصَّبِي وَالْبِنْت

- ‌الْبَاب الْحَادِي عشر فِي حكم بَوْل الْغُلَام وَالْجَارِيَة قبل أَن يأكلا الطَّعَام

- ‌الْبَاب الثَّانِي عشر فِي حكم رِيقه ولعابه

- ‌الْبَاب الثَّالِث عشر فِي جَوَاز حمل الْأَطْفَال فِي الصَّلَاة وَإِن لم يعلم حَال ثِيَابهمْ

- ‌الْبَاب الرَّابِع عشر فِي اسْتِحْبَاب تَقْبِيل الْأَطْفَال

- ‌الْبَاب الْخَامِس عشر فِي وجوب تَأْدِيب الْأَوْلَاد وتعليمهم وَالْعدْل بَينهم

- ‌الْبَاب السَّادِس عشرفِي فُصُول نافعة فِي تربية الْأَطْفَال تحمد عواقبها عِنْد الْكبر

- ‌الْبَاب السَّابِع عشرفِي أطوار ابْن آدم من وَقت كَونه نُطْفَة إِلَى استقراره فِي الْجنَّة أَو النَّار

الفصل: ‌الفصل الثاني في ذكر ختان إبراهيم الخليل والأنبياء بعده صلى الله عليهم أجميعن

التقى الفارسان إِذا تحاذيا وَإِن لم يتضاما وَالْمَقْصُود أَن الْخِتَان اسْم للمحل وَهِي الْجلْدَة الَّتِي تبقى بعد الْقطع وَاسم للْفِعْل وَهُوَ فعل الخاتن وَنَظِير هَذَا السِّوَاك فَإِنَّهُ اسْم للآلة الَّتِي يستاك بهَا وَقد يُطلق الْخِتَان على الدعْوَة إِلَى وليمته كَمَا تطلق الْعَقِيقَة على ذَلِك أَيْضا

‌الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر ختان إِبْرَاهِيم الْخَلِيل والأنبياء بعده صلى الله عَلَيْهِم أجميعن

فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اختتن إِبْرَاهِيم صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة بالقدوم

قَالَ البُخَارِيّ الْقدوم مُخَفّفَة وَهُوَ اسْم مَوضِع وَقَالَ الْمروزِي سُئِلَ أَبُو عبد الله هَل ختن إِبْرَاهِيم عليه السلام نَفسه بقدوم قَالَ بِطرف الْقدوم وَقَالَ أَبُو دَاوُد وَعبد الله بن أَحْمد وَحرب إِنَّهُم سَأَلُوا أَحْمد عَن قَوْله اختتن بالقدوم قَالَ هُوَ مَوضِع وَقَالَ غَيره هُوَ اسْم للآلة وَاحْتج بقول الشَّاعِر

(فَقلت أعيروني الْقدوم لعلني

أخط بِهِ قبرا لأبيض ماجد)

ص: 153

وَقَالَت طَائِفَة من رَوَاهُ مخففا فَهُوَ اسْم الْموضع وَمن رَوَاهُ مُثقلًا فَهُوَ اسْم الْآلَة وَقد رويت قصَّة ختان الْخَلِيل بِأَلْفَاظ يُوهم بَعْضهَا التَّعَارُض وَلَا تعَارض فِيهَا بِحَمْد الله وَنحن نذكرها

فَفِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ اختتن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة بالقدوم وَفِي لفظ اختتن إِبْرَاهِيم بعد ثَمَانِينَ سنة بالقدوم مُخَفّفَة وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد عَن ابْن عجلَان عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مثله وَقَالَ يحيى والقدوم الفأس

وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل قطعه بالقدوم فَقيل لَهُ يَقُولُونَ قدوم قَرْيَة بِالشَّام فَلم يعرفهُ وَثَبت على قَوْله قَالَ الْجَوْهَرِي الْقدوم الَّذِي ينحت بِهِ مخفف قَالَ ابْن السّكيت وَلَا تقل قدوم بِالتَّشْدِيدِ قَالَ والقدوم أَيْضا اسْم مَوضِع مخفف وَالصَّحِيح أَن الْقدوم فِي الحَدِيث الْآلَة لما رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ وَأَبُو سعيد بن أبي عَمْرو قَالَا حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدثنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمقري حَدثنَا مُوسَى بن عَليّ قَالَ سَمِعت أبي يَقُول إِن إِبْرَاهِيم

ص: 154

الْخَلِيل أَمر أَن يختن وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة فَعجل فاختتن بقدوم فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الوجع فَدَعَا ربه فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنَّك عجلت قبل أَن نأمرك بالآلة قَالَ يَا رب كرهت أَن أؤخر أَمرك قَالَ وختن إِسْمَاعِيل وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة وختن إِسْحَاق وَهُوَ ابْن سَبْعَة أَيَّام

وَقَالَ حَنْبَل حَدثنَا عَاصِم حَدثنَا أَبُو أويس قَالَ حَدثنِي أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِبْرَاهِيم أول من اختتن وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين سنة اختتن بالقدوم ثمَّ عَاشَ بعد ذَلِك ثَمَانِينَ سنة وَلَكِن هَذَا حَدِيث مَعْلُول رَوَاهُ يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَوْله وَمَعَ هَذَا فَهُوَ من رِوَايَة أبي أويس عبد الله ابْن عبد الله الْمدنِي وَقد روى لَهُ مُسلم فِي صَحِيحه محتجا بِهِ وروى لَهُ أهل السّنَن الْأَرْبَعَة وَقَالَ أَبُو دَاوُد وَهُوَ صَالح الحَدِيث وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِيهِ عَن ابْن معِين فروى عَنهُ الدوري فِي حَدِيثه ضعف وروى عَنهُ توثيقه وَلَكِن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَغَيرهمَا رووا عَن أبي الزِّنَاد خلاف مَا رَوَاهُ أَبُو أويس وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَصْحَاب الصَّحِيح أَنه اختتن وَهُوَ

ص: 155

ابْن ثَمَانِينَ سنة وَهَذَا أولى بِالصَّوَابِ وَهُوَ يدل على ضعف الْمَرْفُوع وَالْمَوْقُوف

وَقد أجَاب بَعضهم بِأَن قَالَ الرِّوَايَتَانِ صحيحتان وَوجه الْجمع بَين الْحَدِيثين يعرف من مُدَّة حَيَاة الْخَلِيل فَإِنَّهُ عَاشَ مِائَتي سنة مِنْهَا ثَمَانُون غير مختون وَمِنْهَا عشرُون وَمِائَة سنة مختونا فَقَوله اختتن لثمانين سنة مَضَت من عمره والْحَدِيث الثَّانِي اختتن لمِائَة وَعشْرين سنة بقيت من عمره فِي هَذَا الْجمع نظر لَا يخفى فَإِنَّهُ قَالَ أول من اختتن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين سنة وَلم يقل اختتن لمِائَة وَعشْرين سنة وَقد ذكرنَا رِوَايَة يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا عَلَيْهِ أَنه اختتن وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين سنة وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة المرفوعة عَن أبي هُرَيْرَة تخَالف هَذَا على أَن الْوَلِيد بن مُسلم قد قَالَ أَخْبرنِي الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى ابْن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ قَالَ اختتن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ابْن عشْرين وَمِائَة سنة ثمَّ عَاشَ بعد ذَلِك ثَمَانِينَ سنة وَهَذَا حَدِيث مَعْلُول فقد رَوَاهُ جَعْفَر بن عون وَعِكْرِمَة بن إِبْرَاهِيم عَن يحيى بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَوْله وَالْمَرْفُوع الصَّحِيح أولى مِنْهُ والوليد بن مُسلم مَعْرُوف بالتدليس

قَالَ هَيْثَم بن خَارِجَة قلت للوليد بن مُسلم قد أفسدت حَدِيث

ص: 156

الْأَوْزَاعِيّ قَالَ كَيفَ قلت تروي عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن نَافِع وَعَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ وَعَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن سعيد وَغَيْرك يدْخل بَين الْأَوْزَاعِيّ وَبَين نَافِع عبد الله بن عَامر الْأَسْلَمِيّ وَبَينه وَبَين الزُّهْرِيّ إِبْرَاهِيم بن ميسرَة وقرة وَغَيرهمَا فَمَا يحملك على هَذَا قَالَ أنبل الْأَوْزَاعِيّ أَن يروي عَن مثل هَؤُلَاءِ قلت فَإِذا روى الْأَوْزَاعِيّ عَن هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء ضِعَاف أَصْحَاب أَحَادِيث مَنَاكِير فأسقطتهم أَنْت وصيرتها من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن الثِّقَات ضعفت الْأَوْزَاعِيّ فَلم يلْتَفت إِلَى قولي وَقَالَ أَبُو مسْهر كَانَ الْوَلِيد بن مُسلم يحدث بِأَحَادِيث الْأَوْزَاعِيّ عَن الْكَذَّابين ثمَّ يدلسها عَنْهُم وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ الْوَلِيد بن مُسلم يروي عَن الْأَوْزَاعِيّ أَحَادِيث هِيَ عِنْد الْأَوْزَاعِيّ عَن شُيُوخ ضعفاء عَن شُيُوخ قد أدركهم الْأَوْزَاعِيّ مثل نَافِع وَعَطَاء وَالزهْرِيّ فَيسْقط أَسمَاء الضُّعَفَاء ويجعلها عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء

وَقَالَ الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة ابْنه عبد الله كَانَ الْوَلِيد رفاعا وَفِي رِوَايَة الْمروزِي هُوَ كثير الْخَطَأ وَقد روى هَذَا الحَدِيث من غير هَذَا الطَّرِيق من نُسْخَة نبيط بن شريط عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أول من أضَاف الضَّيْف إِبْرَاهِيم

ص: 157

وَأول من لبس السَّرَاوِيل إِبْرَاهِيم وَأول من اختتن إِبْرَاهِيم بالقدوم وَهُوَ ابْن عشْرين وَمِائَة سنة وَهَذِه النُّسْخَة ضعفها أَئِمَّة الحَدِيث

وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الحَدِيث ضَعِيف مَعْلُول لَا يُعَارض مَا ثَبت فِي الصَّحِيح وَلَا يَصح تَأْوِيله بِمَا ذكره هَذَا الْقَائِل لوجوه أَحدهَا أَن لَفظه لَا يصلح لَهُ فَإِنَّهُ قَالَ اختتن وَهُوَ ابْن عشْرين ومائه سنة الثَّانِي أَنه قَالَ ثمَّ عَاشَ بعد ذَلِك ثَمَانِينَ سنة الثَّالِث أَن الَّذِي يحْتَملهُ على تَفْسِير واستكراه قَوْله اختتن لمِائَة وَعشْرين سنة وَيكون المُرَاد بقيت من عمره لَا مَضَت وَالْمَعْرُوف فِي مثل هَذَا الِاسْتِعْمَال إِنَّمَا هُوَ إِذا كَانَ الْبَاقِي أقل من الْمَاضِي فَإِن الْمَشْهُور من اسْتِعْمَال الْعَرَب فِي خلت وَبقيت أَنه من أول الشَّهْر إِلَى نصفه يُقَال خلت وخلون وَمن نصفه إِلَى آخِره بقيت وبقين فَقَوله لمِائَة وَعشْرين بقيت من عمره مثل أَن يُقَال لاثْنَتَيْنِ وَعشْرين لَيْلَة بقيت من الشَّهْر وَهَذَا لَا يسوغ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

والختان كَانَ من الْخِصَال الَّتِي ابتلى الله سُبْحَانَهُ بهَا إِبْرَاهِيم خَلِيله فأتمهن وأكملهن فَجعله إِمَامًا للنَّاس وَقد روى أَنه أول من اختتن كَمَا تقدم وَالَّذِي فِي الصَّحِيح اختتن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة وَاسْتمرّ الْخِتَان بعده فِي الرُّسُل وأتباعهم حَتَّى فِي الْمَسِيح فَأَنَّهُ اختتن وَالنَّصَارَى تقر بذلك وَلَا

ص: 158

تجحده كَمَا تقر بِأَنَّهُ حرم لحم الْخِنْزِير وَحرم كسب السبت وَصلى إِلَى الصَّخْرَة وَلم يصم خمسين يَوْمًا وَهُوَ الصّيام الَّذِي يسمونه الصَّوْم الْكَبِير

وَفِي جَامع التِّرْمِذِيّ ومسند الإِمَام أَحْمد من حَدِيث أبي أَيُّوب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَربع من سنَن الْمُرْسلين الْحيَاء والتعطر والسواك وَالنِّكَاح قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب وَاخْتلف فِي ضَبطه فَقَالَ بَعضهم الْحيَاء بِالْيَاءِ وَالْمدّ وَقَالَ بَعضهم الْحِنَّاء بالنُّون

وَسمعت شَيخنَا أَبَا الْحجَّاج الْحَافِظ الْمزي يَقُول وَكِلَاهُمَا غلط وَإِنَّمَا هُوَ الْخِتَان فَوَقَعت النُّون فِي الْهَامِش فَذَهَبت فَاخْتلف فِي اللَّفْظَة قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْمحَامِلِي عَن الشَّيْخ الَّذِي روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ بِعَيْنِه فَقَالَ الْخِتَان قَالَ وَهَذَا أولى من الْحيَاء والحناء فَإِن الْحيَاء خلق والحناء لَيْسَ من السّنَن وَلَا ذكره النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي خِصَال الْفطْرَة وَلَا ندب أليه بِخِلَاف الْخِتَان

ص: 159