الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الطَّهَارَة والنظافة وَأخذ الفضلات المستقذرة الَّتِي يألفها الشَّيْطَان ويجاورها من بني آدم وَله بالغرلة اتِّصَال واختصاص ستقف عَلَيْهِ فِي الْفَصْل السَّابِع إِن شَاءَ الله
وَقَالَ غير وَاحِد من السّلف من صلى وَحج واختتن فَهُوَ حنيف فالحج والختان شعار الحنيفة وَهِي فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا قَالَ الرَّاعِي يُخَاطب أَبَا بكر رضي الله عنه
(أخليفة الرَّحْمَن إِنَّا معشر
…
حنفَاء نسجد بكرَة وَأَصِيلا)
(عرب نرى لله فِي أَمْوَالنَا
…
حق الزَّكَاة منزلا تَنْزِيلا)
الْفَصْل الرَّابِع فِي الِاخْتِلَاف فِي وُجُوبه واستحبابه
اخْتلف الْفُقَهَاء فَقَالَ الشّعبِيّ وَرَبِيعَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد هُوَ وَاجِب وشدد فِيهِ مَالك حَتَّى قَالَ من لم يختتن لم تجز إِمَامَته وَلم تقبل شَهَادَته وَنقل كثير من الْفُقَهَاء عَن مَالك أَنه سنة حَتَّى قَالَ القَاضِي عِيَاض الاختتان عِنْد مَالك وَعَامة الْعلمَاء سنة وَلَكِن السّنة عِنْدهم يَأْثَم بِتَرْكِهَا فهم يطلقونها على مرتبَة بَين الْفَرْض
الْفَرْض وَبَين النّدب وَإِلَّا فقد صرح مَالك بِأَنَّهُ لَا تقبل شَهَادَة الأقلف وَلَا تجوز إِمَامَته وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَأَبُو حنيفَة لَا يجب بل هُوَ سنة وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن أبي مُوسَى من أَصْحَاب أَحْمد هُوَ سنة مُؤَكدَة
وَنَصّ أَحْمد فِي رِوَايَة أَنه لَا يحب على النِّسَاء وَاحْتج الموجبون لَهُ بِوُجُوه أَحدهَا قَوْله تَعَالَى {ثمَّ أَوْحَينَا إِلَيْك أَن اتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} النَّحْل 123 والختان من مِلَّته لما تقدم
الْوَجْه الثَّانِي مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد حَدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج قَالَ أخْبرت عَن عثيم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَنه جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ قد أسلمت قَالَ ألق عَنْك شعر الْكفْر يَقُول احْلق وَأَخْبرنِي آخر مَعَه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لآخر الق عَنهُ شعر الْكفْر واختتن وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مخلد بن خَالِد عَن عبد الرَّزَّاق وَحمله على النّدب فِي إِلْقَاء الشّعْر لَا يلْزم مِنْهُ حمله عَلَيْهِ فِي الآخر
الْوَجْه الثَّالِث قَالَ حَرْب فِي مسائلة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أسلم فليختتن وَإِن كَانَ كَبِيرا وَهَذَا وَإِن كَانَ مُرْسلا فَهُوَ يصلح للاعتضاد
الْوَجْه الرَّابِع مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد ابْن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ عَن آبَائِهِ وَاحِدًا بعد وَاحِد عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ وجدنَا فِي قَائِم سيف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الصَّحِيفَة أَن الأقلف لَا يتْرك فِي الاسلام حَتَّى يختتن وَلَو بلغ ثَمَانِينَ سنة قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا حَدِيث ينْفَرد بِهِ أهل الْبَيْت بِهَذَا الاسناد
الْوَجْه الْخَامِس مَا رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر من حَدِيث أبي بَرزَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الأغلف لَا يحجّ بَيت الله حَتَّى يختتن وَفِي لفظ سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن رجل أقلف يحجّ بَيت الله قَالَ لَا حَتَّى يختتن ثمَّ قَالَ لَا يثبت لِأَن إِسْنَاده مَجْهُول
الْوَجْه السَّادِس مَا رَوَاهُ وَكِيع عَن سَالم أبي الْعَلَاء الْمرَادِي عَن عَمْرو ابْن هرم عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الأقلف لَا تقبل لَهُ صَلَاة وَلَا تُؤْكَل ذَبِيحَته
وَقَالَ الإِمَام أَحْمد حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد عَن سَالم الْمرَادِي عَن عَمْرو
ابْن هرم عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس لَا تُؤْكَل ذَبِيحَة الأقلف
وَقَالَ حَنْبَل فِي مسائلة حَدثنَا أَبُو عمر الحوضي حَدثنَا همام عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة قَالَ لَا تُؤْكَل ذَبِيحَة الأقلف قَالَ وَكَانَ الْحسن لَا يرى مَا قَالَ عِكْرِمَة قَالَ وَقيل لعكرمة أَله حج قَالَ لَا قَالَ حَنْبَل قَالَ أَبُو عبد الله لَا تُؤْكَل ذَبِيحَته وَلَا صَلَاة لَهُ وَلَا حج حَتَّى يطهر وَهُوَ من تَمام الْإِسْلَام قَالَ حَنْبَل وَقَالَ أَبُو عبد الله الأقلف لَا يذبح وَلَا تُؤْكَل ذَبِيحَته وَلَا صَلَاة لَهُ وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد حَدثنِي أبي حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الأقلف لَا تحل لَهُ صَلَاة وَلَا تُؤْكَل لَهُ ذَبِيحَة وَلَا يجوز لَهُ الشَّهَادَة قَالَ قَتَادَة وَكَانَ الْحسن لَا يرى ذَلِك
الْوَجْه السَّابِع أَن الْخِتَان من أظهر الشعائر الَّتِي يفرق بهَا بَين الْمُسلم وَالنَّصْرَانِيّ فوجوبه أظهر من وجوب الْوتر وَزَكَاة الْخَيل وَوُجُوب الْوضُوء على من قهقه فِي صلَاته وَوُجُوب الْوضُوء على من احْتجم أَو تقيأ أَو رعف وَوُجُوب التَّيَمُّم إِلَى الْمرْفقين وَوُجُوب الضربتين على الأَرْض وَغير ذَلِك مِمَّا وجوب الْخِتَان أظهر من وُجُوبه وَأقوى حَتَّى إِن الْمُسلمين لَا يكادون
يعدون الأقلف مِنْهُم وَلِهَذَا ذهب طَائِفَة من الْفُقَهَاء إِلَى أَن تَكْبِير يجب عَلَيْهِ أَن يختتن وَلَو أدّى الى تلفة كَمَا سَنذكرُهُ فِي الْفَصْل الثَّانِي عشر إِن شَاءَ الله تَعَالَى
الْوَجْه الثَّامِن أَنه قطع شرع الله لَا تؤمن من سرايته فَكَانَ وَاجِبا كَقطع يَد السَّارِق
الْوَجْه التَّاسِع أَنه لَا يجوز كشف الْعَوْرَة لَهُ لغير ضَرُورَة وَلَا مداواة فَلَو لم يجب لما جَازَ لِأَن الْحَرَام لَا يلْتَزم للمحافظة على الْمسنون
الْوَجْه الْعَاشِر أَنه لَا يسْتَغْنى فِيهِ عَن ترك واجبين وارتكاب محظورين أَحدهمَا كشف الْعَوْرَة فِي جَانب المختون وَالنَّظَر الى عَورَة الْأَجْنَبِيّ فِي جَانب الخاتن فَلَو لم يكن وَاجِبا لما كَانَ قد ترك لَهُ واجبان وارتكب محظوران
الْوَجْه الْحَادِي عشر مَا احْتج بِهِ الْخطابِيّ قَالَ أما الْخِتَان فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ مَذْكُورا فِي جملَة السّنَن فَإِنَّهُ عِنْد كثير من الْعلمَاء على الْوُجُوب وَذَلِكَ أَنه شعار الدّين وَبِه يعرف الْمُسلم من الْكَافِر وَإِذا وجد المختون بَين جمَاعَة قَتْلَى غير مختونين صلى عَلَيْهِ وَدفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين
الْوَجْه الثَّانِي عشر أَن الْوَلِيّ يؤلم فِيهِ الصَّبِي ويعرضه للتلف بِالسّرَايَةِ وَيخرج من مَاله أُجْرَة الخاتن وَثمن الدَّوَاء وَلَا يضمن سرايته بالتلف وَلَو لم يكن وَاجِبا لما جَازَ ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يجوز إِضَاعَة مَاله وإيلامه الْأَلَم الْبَالِغ وتعريضه للتلف بِفعل مَا لَا يجب فعله بل غَايَته أَن يكون مُسْتَحبا وَهَذَا ظَاهر بِحَمْد الله
الْوَجْه الثَّالِث عشر أَنه لَو لم يكن وَاجِبا لما جَازَ للخاتن الْإِقْدَام عَلَيْهِ وَإِن أذن فِيهِ المختون أَو وليه فَإِنَّهُ لَا يجوز لَهُ الْإِقْدَام على قطع عُضْو لم يَأْمر الله وَرَسُوله بِقطعِهِ وَلَا أوجب قطعه كَمَا لَو أذن لَهُ فِي قطع أُذُنه أَو إصبعه فَإِنَّهُ لَا يجوز لَهُ ذَلِك وَلَا يسْقط الْإِثْم عَنهُ بِالْإِذْنِ وَفِي سُقُوط الضَّمَان عَنهُ نزاع
الْوَجْه الرَّابِع عشر أَن الأقلف معرض لفساد طَهَارَته وَصلَاته فَإِن القلفة تستر الذّكر كُله فيصيبها الْبَوْل وَلَا يُمكن الِاسْتِجْمَار لَهَا فصحة الطَّهَارَة وَالصَّلَاة مَوْقُوفَة على الْخِتَان وَلِهَذَا منع كثير من السّلف وَالْخلف إِمَامَته وَإِن كَانَ مَعْذُورًا فِي نَفسه فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَة من بِهِ سَلس الْبَوْل وَنَحْوه
فالمقصود بالختان التَّحَرُّز من احتباس الْبَوْل فِي القلفة فتفسد الطَّهَارَة وَالصَّلَاة وَلِهَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس فِيمَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَغَيره لَا تقبل لَهُ صَلَاة وَلِهَذَا يسْقط بِالْمَوْتِ لزوَال التَّكْلِيف بِالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاة
الْوَجْه الْخَامِس عشر أَنه شعار عباد الصَّلِيب وَعباد النَّار الَّذين تميزوا بِهِ عَن الحنفاء والختان شعار الحنفاء فِي الأَصْل وَلِهَذَا أول من اختتن إِمَام الحنفاء وَصَارَ للختان شعار الحنيفية وَهُوَ مِمَّا توارثه بَنو إِسْمَاعِيل وَبَنُو إِسْرَائِيل عَن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل صلى الله عليه وسلم فَلَا يجوز مُوَافقَة عباد الصَّلِيب القلف فِي شعار كفرهم وتثليثهم
فصل
قَالَ المسقطون لوُجُوبه قد صرحت السّنة بِأَنَّهُ سنة كَمَا فِي حَدِيث شَدَّاد ابْن أَوْس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ الْخِتَان سنة للرِّجَال مكرمَة للنِّسَاء رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد
قَالُوا وَقد قرنه صلى الله عليه وسلم بالمسنونات دون الْوَاجِبَات وَهِي الاستحداد وقص الشَّارِب وتقليم الْأَظْفَار ونتف الْإِبِط
قَالُوا وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ قد أسلم مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس
الْأسود والأبيض والرومي والفارسي والحبشي فَمَا فتش أحدا مِنْهُم أَو مَا بَلغنِي أَنه فتش أحدا مِنْهُم وَقَالَ الإِمَام أَحْمد حَدثنَا الْمُعْتَمِر عَن سلم ابْن أبي الذَّيَّال قَالَ سَمِعت الْحسن يَقُول يَا عجبا لهَذَا الرجل يَعْنِي أَمِير الْبَصْرَة لَقِي أشياخا من أهل كيكر فَقَالَ مَا دينكُمْ قَالُوا مُسلمين فَأمر بهم ففتشوا فوجدوا غير مختونين فختنوا فِي هَذَا الشتَاء وَقد بَلغنِي أَن بَعضهم مَاتَ وَقد أسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الرُّومِي والفارسي والحبشي فَمَا فتش أحدا مِنْهُم
قَالُوا وَأما استدلالكم بقوله تَعَالَى {ثمَّ أَوْحَينَا إِلَيْك أَن اتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} النَّحْل 123 فالملة هِيَ الحنيفية وَهِي التَّوْحِيد وَلِهَذَا بَينهَا بقوله {حَنِيفا وَمَا كَانَ من الْمُشْركين}
وَقَالَ يُوسُف الصّديق أَنِّي تركت مِلَّة قوم لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وهم بِالآخِرَة هم كافرون وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب مَا كَانَ لنا أَن نشْرك بِاللَّه من شَيْء يُوسُف 37 و 38 وَقَالَ تَعَالَى {قل صدق الله فاتبعوا مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا وَمَا كَانَ من الْمُشْركين} آل عمرَان 95 فالملة فِي هَذَا كُله هِيَ أصل الايمان من التَّوْحِيد والإنابة إِلَى
الله وإخلاص الدّين لَهُ وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أَصْحَابه إِذا أَصْبحُوا أَن يَقُولُوا أَصْبَحْنَا على فطْرَة الْإِسْلَام وَكلمَة الْإِخْلَاص وَدين نَبينَا مُحَمَّد وملة أَبينَا إِبْرَاهِيم حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ من الْمُشْركين
قَالُوا وَلَو دخلت الْأَفْعَال فِي الْملَّة فمتابعته فِيهَا أَن تفعل على الْوَجْه الَّذِي فعله فَإِن كَانَ فعلهَا على سَبِيل الْوُجُوب فاتباعه أَن يَفْعَلهَا كَذَلِك وان كَانَ فعلهَا على وَجه النّدب فاتباعه أَن يَفْعَلهَا على وَجه النّدب فَلَيْسَ مَعكُمْ حِينَئِذٍ إِلَّا مُجَرّد فعل إِبْرَاهِيم وَالْفِعْل هَل هُوَ على الْوُجُوب أَو النّدب فِيهِ النزاع الْمَعْرُوف والأقوى أَنه إِنَّمَا يدل على النّدب إِذا لم يكن بَيَانا لواجب فَمَتَى فَعَلْنَاهُ على وَجه النّدب كُنَّا قد اتبعناه قَالُوا وَأما حَدِيث عثيم ابْن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن جده ألق عَنْك شعر الْكفْر واختتن فَابْن جريج قَالَ فِيهِ أخْبرت عَن عثيم بن كُلَيْب قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي هَذَا الَّذِي قَالَ ابْن جريج فِي هَذَا الْإِسْنَاد أخْبرت عَن عثيم بن كُلَيْب أَنما حَدثهُ ابراهيم بن أبي يحيى فكنى عَن اسْمه وَإِبْرَاهِيم هَذَا مُتَّفق على ضعفه بَين أهل الحَدِيث مَا خلا الشَّافِعِي وَحده قَالُوا وَأما مُرْسل الزُّهْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من أسلم فليختتن وَأَن كَانَ كَبِيرا فمرسيل الزُّهْرِيّ عِنْدهم من أَضْعَف الْمَرَاسِيل لَا تصلح للاحتجاج. .
قَالَ ابْن أبي حَاتِم حَدثنَا أَحْمد بن سِنَان قَالَ مَكَان يحيى بن سعيد الْقطَّان لَا يرى إرْسَال الزُّهْرِيّ وَقَتَادَة شَيْئا وَيَقُول هُوَ بِمَنْزِلَة الرّيح وقرىء على عَبَّاس الدوري عَن يحيى بن معِين قَالَ مَرَاسِيل الزُّهْرِيّ لَيست بِشَيْء قَالُوا وَأما حَدِيث مُوسَى بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن آبَائِهِ فَحَدِيث لَا يعرف وَلم يروه أهل الحَدِيث ومخرجه من هَذَا الْوَجْه وَحده تفرد بِهِ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن آبَائِهِ بِهَذَا السَّنَد فَهُوَ نَظِير أَمْثَاله من الْأَحَادِيث الَّتِي تفرد بهَا غير الْحفاظ المعروفين بِحمْل الحَدِيث قَالُوا وَأما حَدِيث أبي بَرزَة فَقَالَ ابْن الْمُنْذر حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس حَدَّثتنَا أم الْأسود عَن منية عَن جدها أبي بَرزَة فَذكره قَالَ ابْن الْمُنْذر هَذَا إِسْنَاد مَجْهُول لَا يثبت قَالُوا وَأما استدلالكم بقول ابْن عَبَّاس الأقلف لَا تُؤْكَل ذَبِيحَته وَلَا تقبل لَهُ صَلَاة فَقَوْل صَحَابِيّ تفرد بِهِ
قَالَ أَحْمد وَكَانَ يشدد فِيهِ وَقد خَالفه الْحسن الْبَصْرِيّ وَغَيره وَأما قَوْلكُم إِنَّه من الشعائر صَحِيح لَا نزاع فِيهِ وَلَكِن لَيْسَ كل مَا كَانَ من الشعائر يكون وَاجِبا فالشعائر منقسمة إِلَى وَاجِب كالصلوات الْخمس وَالْحج وَالصِّيَام وَالْوُضُوء وَإِلَى مُسْتَحبّ كالتلبية وسوق الْهَدْي
وتقليده وَإِلَى مُخْتَلف فِيهِ كالأذان وَالْعِيدَيْنِ وَالْأُضْحِيَّة والختان فَمن أَيْن لكم أَن هَذَا من قسم الشعائر الْوَاجِبَة
وَأما قَوْلكُم أَنه قطع شرع الله لَا تؤمن سرايته فَكَانَ وَاجِبا كَقطع يَد السَّارِق من أبرد الأقيسة فَأَيْنَ الْخِتَان من قطع يَد اللص فيا بعد مَا بَينهمَا وَلَقَد أبعد النجعة من قَاس أَحدهمَا على الآخر فالختان إكرام المختون وَقطع يَد السَّارِق عُقُوبَة لَهُ وَأَيْنَ بَاب الْعُقُوبَات من أَبْوَاب الطهارات والتنظيف
وَأما قَوْلكُم يجوز كشف الْعَوْرَة لَهُ لغير ضَرُورَة وَلَا مداواة فَكَانَ وَاجِبا لَا يلْزم من جَوَاز كشف الْعَوْرَة وُجُوبه فَإِنَّهُ يجوز كشفها لغير الْوَاجِب إِجْمَاعًا كَمَا يكْشف لنظر الطَّبِيب ومعالجته وَإِن جَازَ ترك المعالجة وَأَيْضًا فَوجه الْمَرْأَة عَورَة فِي النّظر وَيجوز لَهَا كشفه فِي الْمُعَامَلَة الَّتِي لَا يجب ولتحمل الشَّهَادَة عَلَيْهَا حَيْثُ لَا تجب وَأَيْضًا فَإِنَّهُم جوزوا لغاسل الْمَيِّت حلق عانته وَذَلِكَ يسْتَلْزم كشف الْعَوْرَة أَو لمسها لغير وَاجِب
وَأما قَوْلكُم إِن بِهِ يعرف الْمُسلم من الْكَافِر حَتَّى إِذا وجد المختون بَين جمَاعَة قَتْلَى غير مختونين صلي عَلَيْهِ دونهم لَيْسَ كَذَلِك فَإِن بعض الْكفَّار يختتنون وهم الْيَهُود فالختان لَا يُمَيّز بَين الْمُسلم وَالْكَافِر إِلَّا إِذا كَانَ فِي مَحل لَا يختتن فِيهِ إِلَّا الْمُسلمُونَ وَحِينَئِذٍ فَيكون فرقا بَين الْمُسلم وَالْكَافِر وَلَا
يلْزم من ذَلِك وُجُوبه كَمَا لَا يلْزم وجوب سَائِر مَا يفرق بَين الْمُسلم وَالْكَافِر
وَأما قَوْلكُم إِن الْوَلِيّ يؤلم فِيهِ الصَّبِي ويعرضه للتلف بِالسّرَايَةِ وَيخرج من مَاله أُجْرَة الخاتن وَثمن الدَّوَاء فَهَذَا لَا يدل على وُجُوبه كَمَا يؤلمه بِضَرْب التَّأْدِيب لمصلحته وَيخرج من مَاله أُجْرَة الْمُؤَدب والمعلم وكما يضحى عَنهُ
قَالَ الْخلال بَاب الْأُضْحِية عَن الْيَتِيم أَخْبرنِي حَرْب بن اسماعيل قَالَ قلت لِأَحْمَد يضحى عَن الْيَتِيم قَالَ نعم إِذا كَانَ لَهُ مَال وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي سَمِعت أَبَا عبد الله يسئل عَن وَصِيّ يتيمة يَشْتَرِي لَهَا أضْحِية قَالَ لَهَا مَال قَالَ نعم قَالَ يَشْتَرِي لَهَا قَوْله لَو لم يكن وَاجِبا لما جَازَ للخاتن الْإِقْدَام عَلَيْهِ إِلَى آخِره ينْتَقض بإقدامه على قطع السّلْعَة والعضو التَّالِف وَقلع السن وَقطع الْعُرُوق وشق الْجلد للحجامة والتشريط فَيجوز الْإِقْدَام على مَا يُبَاح للرجل قطعه فضلا عَمَّا يسْتَحبّ لَهُ وَيسن وَفِيه مصلحَة ظَاهِرَة
وقولكم إِن الأقلف معرض لفساد طَهَارَته وَصلَاته فَهَذَا إِنَّمَا يلام عَلَيْهِ إِذا كَانَ بِاخْتِيَارِهِ وَمَا خرج عَن اخْتِيَاره وَقدرته وَلم يلم عَلَيْهِ وَلم تفْسد طَهَارَته كسلس الْبَوْل والرعاف وسلس الْمَذْي فَإِذا فعل مَا يقدر عَلَيْهِ من الِاسْتِجْمَار والاستنجاء لم يُؤَاخذ بِمَا عجز عَنهُ
قَوْلكُم إِنَّه من شعار عباد الصلبان وَعباد النيرَان فموافقتهم فِيهِ مُوَافقَة فِي شعار دينهم جَوَابه أَنهم لم يتميزوا عَن الحنفاء بِمُجَرَّد ترك الْخِتَان وَإِنَّمَا امتازوا بِمَجْمُوع مَا هم عَلَيْهِ من الدّين الْبَاطِل وموافقة الْمُسلم فِي ترك الْخِتَان لَا يسْتَلْزم موافقتهم فِي شعار دينهم الَّذِي امتازوا بِهِ عَن الحنفاء
قَالَ الموجبون الْخِتَان علم الحنيفية وشعار الْإِسْلَام وَرَأس الْفطْرَة وعنوان الْملَّة وَإِذا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد قَالَ من لم يَأْخُذ شار بِهِ فَلَيْسَ منا فَكيف من عطل الْخِتَان وَرَضي بشعار القلف عباد الصلبان وَمن أظهر مَا يفرق بَين عباد الصلبان وَعباد الرَّحْمَن الْخِتَان وَعَلِيهِ اسْتمرّ عمل الحنفاء من عهد إمَامهمْ إِبْرَاهِيم إِلَى عهد خَاتم الْأَنْبِيَاء فَبعث بتكميل الحنيفية وتقريرها لَا بتحويلها وتغيرها
وَلما أَمر الله بِهِ خَلِيله وَعلم أَن أمره المطاع وَإنَّهُ لَا يجوز أَن يعطل ويضاع بَادر إِلَى امْتِثَال مَا أَمر بِهِ الْحَيّ القيوم وختن نَفسه بالقدوم مبادرة إِلَى الِامْتِثَال وَطَاعَة لذِي الْعِزَّة والجلال وَجعله فطْرَة بَاقِيَة فِي عقبَة إِلَى أَن يَرث الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَلذَلِك دَعَا جَمِيع الْأَنْبِيَاء من ذُريَّته أممهم إِلَيْهَا حَتَّى عبد الله وَرَسُوله وكلمته ابْن الْعَذْرَاء البتول فَإِنَّهُ اختتن مُتَابعَة لإِبْرَاهِيم
الْخَلِيل وَالنَّصَارَى تقر بذلك وتعترف أَنه من أَحْكَام الْإِنْجِيل وَلَكِن اتبعُوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وَضَلُّوا عَن سَوَاء السَّبِيل
حَتَّى لقد أذن عَالم أهل بَيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عَبَّاس أذانا سَمعه الْخَاص وَالْعَام أَن من لم يختتن فَلَا صَلَاة لَهُ وَلَا تُؤْكَل ذَبِيحَته فَأخْرجهُ من جملَة أهل الْإِسْلَام وَمثل هَذَا لَا يُقَال لتارك أَمر هُوَ بَين تَركه وَفعله بِالْخِيَارِ وَإِنَّمَا يُقَال لما علم وُجُوبه علما يقرب من الِاضْطِرَار وَيَكْفِي فِي وُجُوبه أَنه رَأس خِصَال الحنيفية الَّتِي فطر الله عباده عَلَيْهَا ودعت جَمِيع الرُّسُل إِلَيْهَا فتاركه خَارج عَن الْفطْرَة الَّتِي بعث الله رسله بتكميلها وَمَوْضِع فِي تعطيلها مُؤخر لما اسْتحق التَّقْدِيم رَاغِب فِي مِلَّة أَبِيه إِبْرَاهِيم {وَمن يرغب عَن مِلَّة إِبْرَاهِيم إِلَّا من سفه نَفسه وَلَقَد اصطفيناه فِي الدُّنْيَا وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين إِذْ قَالَ لَهُ ربه أسلم قَالَ أسلمت لرب الْعَالمين} الْبَقَرَة 131 - 132 فَكَمَا أَن الْإِسْلَام رَأس الْملَّة الحنيفية وقوامها فالاستسلام لأَمره كمالها وتمامها
فصل
وَأما قَوْله فِي الحَدِيث الْخِتَان سنة للرِّجَال مكرمَة للنِّسَاء فَهَذَا حَدِيث يرْوى عَن ابْن عَبَّاس بِإِسْنَاد ضَعِيف وَالْمَحْفُوظ أَنه مَوْقُوف عَلَيْهِ ويروى أَيْضا عَن الْحجَّاج بن أَرْطَاة وَهُوَ مِمَّن لَا يحْتَج بِهِ عَن أبي الْمليح
ابْن أُسَامَة عَن أَبِيه عَنهُ وَعَن مَكْحُول عَن أبي أَيُّوب عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكره ذكر ذَلِك كُله الْبَيْهَقِيّ ثمَّ سَاق عَن ابْن عَبَّاس أَنه لَا تُؤْكَل ذَبِيحَة الأقلف وَلَا تقبل صلَاته وَلَا تجوز شَهَادَته ثمَّ قَالَ وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يُوجِبهُ وَأَن قَوْله الْخِتَان سنة أَرَادَ بِهِ سنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سنة وَأمر بِهِ فَيكون وَاجِبا انْتهى
وَالسّنة هِيَ الطَّرِيقَة يُقَال سننت لَهُ كَذَا أَي شرعت فَقَوله الْخِتَان سنة للرِّجَال أَي مَشْرُوع لَهُم لَا أَنه ندب غير وَاجِب فَالسنة هِيَ الطَّرِيقَة المتبعة وجوبا واستحبابا لقَوْله صلى الله عليه وسلم من رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني وَقَوله عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من بعدِي
وَقَالَ ابْن عَبَّاس من خَالف السّنة كفر وَتَخْصِيص السّنة بِمَا يجوز تَركه اصْطِلَاح حَادث وَإِلَّا فَالسنة مَا سنه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأمته من وَاجِب
ومستحب فَالسنة هِيَ الطَّرِيقَة وَهِي الشَّرِيعَة والمنهاج والسبيل
وَأما قَوْلكُم إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قرنه بالمسنونات فدلالة الاقتران لَا تقوى على مُعَارضَة أَدِلَّة الْوُجُوب ثمَّ إِن الْخِصَال الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث مِنْهَا مَا هُوَ وَاجِب كالمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق والاستنجاء وَمِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَحبّ كالسواك وَأما تقليم الْأَظْفَار فَإِن الظفر إِذا طَال جدا بِحَيْثُ يجْتَمع تَحْتَهُ الْوَسخ وَجب تقليمه لصِحَّة الطَّهَارَة وَأما قصّ الشَّارِب فالدليل يقتضى وُجُوبه إِذا طَال وَهَذَا الَّذِي يتَعَيَّن القَوْل بِهِ لأمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِهِ وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم من لم يَأْخُذ شَاربه فَلَيْسَ منا
وَأما قَول الْحسن الْبَصْرِيّ قد أسلم مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس فَمَا فتش أحدا مِنْهُم فَجَوَابه أَنهم استغنوا عَن التفتيش بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ من الْخِتَان فَإِن الْعَرَب قاطبة كلهم كَانُوا يختتنون وَالْيَهُود قاطبة تختتن وَلم يبْق إِلَّا النَّصَارَى وهم فرقتان فرقة تختتن وَفرْقَة لَا تختتن وَقد علم كل من دخل فِي الْإِسْلَام مِنْهُم وَمن غَيرهم أَن شعار الْإِسْلَام الْخِتَان فَكَانُوا يبادرون اليه بعد الْإِسْلَام كَمَا يبادرون إِلَى الْغسْل وَمن كَانَ مِنْهُم كَبِيرا يشق عَلَيْهِ وَيخَاف التّلف سقط عَنهُ وَقد سُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَن ذَبِيحَة الأقلف
وَذكر لَهُ حَدِيث ابْن عَبَّاس لَا تُؤْكَل فَقَالَ ذَلِك عِنْدِي إِذا ولد بَين أبوين مُسلمين فَكبر وَلم يختتن وَأما الْكَبِير إِذا أسلم وَخَافَ على نَفسه الْخِتَان فَلهُ عِنْدِي رخصَة
وَأما قَوْلكُم إِن الْملَّة هِيَ التَّوْحِيد فالملة هِيَ الدّين وَهِي مَجْمُوعَة أَقْوَال وأفعال واعتقاد وَدخُول الْأَعْمَال فِي الْملَّة كدخول الْإِيمَان فالملة هِيَ الْفطْرَة وَهِي الدّين ومحال أَن يَأْمر الله سُبْحَانَهُ بِاتِّبَاع إِبْرَاهِيم فِي مُجَرّد الْكَلِمَة دون الْأَعْمَال وخصال الْفطْرَة وَإِنَّمَا أَمر بمتابعه فِي توحيده وأقواله وأفعاله وَهُوَ صلى الله عليه وسلم اختتن امتثالا لأمر ربه الَّذِي أمره بِهِ وابتلاه بِهِ فوفاه كَمَا أَمر فَإِن لم نَفْعل كَمَا فعل لم نَكُنْ متبعين لَهُ وَأما قَوْلكُم فِي حَدِيث عثيم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن جده بِأَنَّهُ من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى فالشافعي كَانَ حسن الظَّن بِهِ وَغَيره يُضعفهُ فَحَدِيثه يصلح للاعتضاد بِحَيْثُ يتقوى بِهِ وَإِن لم يحْتَج بِهِ وَحده وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي مُرْسل الزُّهْرِيّ فَإِذا لم يحْتَج بِهِ وَحده فَإِن هَذِه المرفوعات والموقوفات والمراسيل يشد بَعْضهَا بَعْضًا وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي حَدِيث مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَشبهه
وَأما قَوْلكُم إِن ابْن عَبَّاس تفرد بقوله فِي الأقلف لَا تُؤْكَل ذَبِيحَته وَلَا صَلَاة لَهُ فَهَذَا قَول صَحَابِيّ وَقد احْتج الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيرهم بأقوال الصَّحَابَة وصرحوا بِأَنَّهَا حجَّة وَبَالغ الشَّافِعِي فِي ذَلِك وَجعل مخالفتها بِدعَة كَيفَ وَلم يحفظ عَن صَحَابِيّ خلاف ابْن عَبَّاس وَمثل هَذَا التَّشْدِيد والتغليظ لَا يَقُوله عَالم مثل ابْن عَبَّاس فِي ترك مَنْدُوب يُخَيّر الرجل بَين فعله وَتَركه
وَأما قَوْلكُم إِن الشعائر تَنْقَسِم إِلَى مُسْتَحبّ وواجب فَالْأَمْر كَذَلِك وَلَكِن مثل هَذَا الشعار الْعَظِيم الْفَارِق بَين عباد الصَّلِيب وَعباد الرَّحْمَن الَّذِي لَا تتمّ الطَّهَارَة إِلَّا بِهِ وَتَركه شعار عباد الصَّلِيب لَا يكون إِلَّا من أعظم الْوَاجِبَات
وَأما قَوْلكُم أَيْن بَاب الْعُقُوبَات من بَاب الْخِتَان فَنحْن لم نجْعَل ذَلِك أصلا فِي وجوب الْخِتَان بل اعْتبرنَا وجوب أَحدهمَا بِوُجُوب الآخر فَإِن أَعْضَاء الْمُسلم وظهره وَدَمه حمى إِلَّا من حد أَو حق وَكِلَاهُمَا يتَعَيَّن إِقَامَته وَلَا يجوز تعطيله وَأما كشف الْعَوْرَة لَهُ فَلَو لم تكن مصْلحَته أرجح من مفْسدَة كشفها وَالنَّظَر إِلَيْهَا ولمسها لم يجز ارْتِكَاب ثَلَاث مفاسد عَظِيمَة لأمر مَنْدُوب يجوز فعله وَتَركه وَأما المداواة فَتلك من تَمام الْحَيَاة وأسبابها الَّتِي