الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أفهم ذَلِك فَهُوَ اللقب وغالب اسْتِعْمَاله فِي الذَّم وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} الحجرات 11 وَلَا خلاف فِي تَحْرِيم تلقيب الْإِنْسَان بِمَا يكرههُ سَوَاء كَانَ فِيهِ أَو لم يكن وَأما إِذا عرف بذلك واشتهر بِهِ كالأعمش وَالْأَشْتَر والأصم والأعرج فقد اضطرد اسْتِعْمَاله على أَلْسِنَة أهل الْعلم قَدِيما وحديثا وَسَهل فِيهِ الإِمَام أَحْمد
قَالَ أَبُو دَاوُد فِي مسَائِله سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل سُئِلَ عَن الرجل يكون لَهُ اللقب لَا يعرف إِلَّا بِهِ وَلَا يكرههُ قَالَ أَلَيْسَ يُقَال سُلَيْمَان الْأَعْمَش وَحميد الطَّوِيل كَأَنَّهُ لَا يرى بِهِ بَأْسا
قَالَ أَبُو دَاوُد سَأَلت أَحْمد عَنهُ مرّة أُخْرَى فَرخص فِيهِ قلت كَانَ أَحْمد يكره أَن يَقُول الْأَعْمَش قَالَ الفضيل يَزْعمُونَ كَانَ يَقُول سُلَيْمَان وَإِمَّا أَن لَا يفهم مدحا وَلَا ذما فَإِن صدر بأب وَأم فَهُوَ الكنية كَأبي فلَان وَأم فلَان وَإِن لم يصدر بذلك فَهُوَ الِاسْم كزيد وَعَمْرو وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَت تعرفه الْعَرَب وَعَلِيهِ مدَار مخاطباتهم وَأما فلَان الدّين وَعز الدّين وَعز الدولة وبهاء الدولة فَإِنَّهُم لم يَكُونُوا يعْرفُونَ ذَلِك وَإِنَّمَا أَتَى هَذَا من قبل الْعَجم
الْفَصْل السَّابِع فِي حكم التَّسْمِيَة باسم نَبينَا صلى الله عليه وسلم والتكني بكنيته إفرادا وجمعا
ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ
قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي وَقَالَ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بَاب قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي قَالَه أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا خَالِد عَن حُصَيْن عَن جَابر قَالَ ولد لرجل منا غُلَام فَسَماهُ الْقَاسِم فَقَالُوا لَا تكنه حَتَّى تسْأَل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي
حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد حَدثنَا سُفْيَان سَمِعت بن الْمُنْكَدر سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول ولد لرجل منا غُلَام فَسَماهُ الْقَاسِم فَقُلْنَا لَا نكنيك بِأبي الْقَاسِم وَلَا ننعمك عينا فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكر لَهُ ذَلِك فَقَالَ اسْم ابْنك عبد الرَّحْمَن
وَفِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أخبرنَا جرير عَن مَنْصُور عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر قَالَ ولد لرجل منا غُلَام
فَسَماهُ مُحَمَّدًا فَقَالَ لَهُ قومه لَا نَدعك تسمي باسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَانْطَلق بِابْنِهِ حامله على ظَهره فَقَالَ يَا رَسُول الله ولد لي غُلَام فسميته مُحَمَّدًا فَقَالَ لي قومِي لَا نَدعك تسمي باسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي فَإِنَّمَا أَنا قَاسم أقسم بَيْنكُم
وَفِي صَحِيحه من حَدِيث أبي كريب عَن مَرْوَان الْفَزارِيّ عَن حميد عَن أنس قَالَ نَادَى رجل رجلا بِالبَقِيعِ يَا أَبَا الْقَاسِم فَالْتَفت إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي لم أعنك إِنَّمَا دَعَوْت فلَانا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي فَاخْتلف أهل الْعلم فِي هَذَا الْبَاب بعد أجماعهم على جَوَاز التسمي بِهِ صلى الله عليه وسلم فَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا يكره الْجمع بَين اسْمه وكنيته فَإِن أفرد أَحدهمَا لم يكره وَالثَّانيَِة يكره التكني بكنيته سَوَاء جمعهَا إِلَى الِاسْم أَو أفرادها
قَالَ الْبَيْهَقِيّ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب يَقُول سَمِعت الرّبيع بن سُلَيْمَان يَقُول سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول
لَا يحل لأحد أَن يتكنى بِأبي الْقَاسِم كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أَو غَيره وَرُوِيَ معنى قَوْله هَذَا عَن طَاوس قَالَ السُّهيْلي وَكَانَ ابْن سِيرِين يكره أَن يكني أحدا أَبَا الْقَاسِم كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أَو لم يكن
وَقَالَت طَائِفَة هَذَا النَّهْي على الْكَرَاهَة لَا على التَّحْرِيم قَالَ وَكِيع عَن ابْن عون قلت لمُحَمد أَكَانَ يكره أَن يكنى الرجل بِأبي الْقَاسِم وَإِن لم يكن اسْمه مُحَمَّدًا قَالَ نعم وَقَالَ ابْن عون عَن ابْن سِيرِين كَانُوا يكْرهُونَ أَن يكنى الرجل أَبَا الْقَاسِم وَأَن لم يكن اسْمه مُحَمَّدًا قَالَ نعم وسُفْيَان حمل النَّهْي على الْكَرَاهَة جمعا بَينه وَبَين أَحَادِيث الْإِذْن فِي ذَلِك
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى بل ذَلِك مُبَاح وَأَحَادِيث النَّهْي مَنْسُوخَة وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه حَدثنَا النُّفَيْلِي حَدثنَا مُحَمَّد بن عمرَان الحَجبي عَن جدته صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي قد ولدت غُلَاما فسميته مُحَمَّدًا وكنيته أَبَا الْقَاسِم فَذكر لي أَنَّك تكره ذَلِك فَقَالَ مَا الَّذِي أحل اسْمِي وَحرم كنيتي أَو مَا الَّذِي حرم كنيتي وَأحل اسْمِي
وَقَالَ ابْن أبي شيبَة حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ كَانَ مُحَمَّد بن الْأَشْعَث ابْن أُخْت عَائِشَة وَكَانَ يكنى أَبَا الْقَاسِم وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة حَدثنَا الزبير بن بكار حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأودي قَالَ حَدثنِي أُسَامَة بن حَفْص مولى لآل هِشَام ابْن زهرَة عَن رَاشد بن حَفْص قَالَ أدْركْت أَرْبَعَة من أَبنَاء أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كل مِنْهُم يُسمى مُحَمَّدًا ويكنى أَبَا الْقَاسِم مُحَمَّد بن طَلْحَة ابْن عبيد الله وَمُحَمّد بن أبي بكر وَمُحَمّد بن عَليّ بن أبي طَالب وَمُحَمّد ابْن سعد بن أبي وَقاص
قَالَ وَحدثنَا أبي حَدثنَا جرير عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ كَانَ مُحَمَّد ابْن عَليّ يكنى أَبَا الْقَاسِم وَكَانَ مُحَمَّد بن الْأَشْعَث يكنى بهَا وَيدخل على عَائِشَة فَلَا تنكر ذَلِك قَالَ السُّهيْلي وَسُئِلَ مَالك عَمَّن اسْمه مُحَمَّد ويكنى بِأبي الْقَاسِم فَلم ير بِهِ بَأْسا فَقيل لَهُ أكنيت ابْنك أَبَا الْقَاسِم واسْمه مُحَمَّد فَقَالَ مَا كنيته بهَا وَلَكِن أَهله يكنونه بهَا وَلم أسمع فِي ذَلِك نهيا وَلَا أرى بذلك بَأْسا
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى لَا يجوز الْجمع بَين الكنية وَالِاسْم وَيجوز إِفْرَاد كل وَاحِد مِنْهُمَا واحتجت هَذِه الْفرْقَة بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه حَدثنَا
مُسلم بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا هِشَام عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من تسمى باسمي فَلَا يتكنى بكنيتي وَمن تكنى بكنيتي فَلَا يتسمى باسمي
وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن عَمه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تجمعُوا بَين اسْمِي وكنيتي
وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة وَقيل إِن مُحَمَّد بن طَلْحَة لما ولد أَتَى طَلْحَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اسْمه مُحَمَّد أكنيه أَبَا الْقَاسِم فَقَالَ لَا تجمعهما لَهُ هُوَ أَبُو سُلَيْمَان
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى النَّهْي عَن ذَلِك مَخْصُوص بحياته لأجل السَّبَب الَّذِي ورد النَّهْي لأَجله وَهُوَ دُعَاء غَيره بذلك فيظن أَنه يَدعُوهُ واحتجت هَذِه الْفرْقَة بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه حَدثنَا أَبُو بكر وَعُثْمَان ابْنا أبي شيبَة قَالَا حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن فطر عَن مُنْذر عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ قَالَ عَليّ رضي الله عنه يَا رَسُول الله إِن ولد لي بعْدك ولد أُسَمِّيهِ بِاسْمِك وأكنيه بكنيتك قَالَ نعم
وَقَالَ حميد بن زنجوية فِي كتاب الْأَدَب سَأَلت ابْن أبي أويس مَا كَانَ مَالك يَقُول فِي رجل يجمع بَين كنية النَّبِي صلى الله عليه وسلم واسْمه فَأَشَارَ إِلَى شيخ جَالس مَعنا فَقَالَ هَذَا مُحَمَّد بن مَالك سَمَّاهُ مُحَمَّدًا وكناه أَبَا الْقَاسِم وَكَانَ يَقُول إِنَّمَا نهى عَن ذَلِك فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَرَاهِيَة أَن يدعى أحد باسمه وكنيته فيلتفت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَما الْيَوْم فَلَا بَأْس بذلك
قَالَ حميد بن زنجوية إِنَّمَا كره أَن يدعى أحد بكنيته فِي حَيَاته وَلم يكره أَن يدعى باسمه لِأَنَّهُ لَا يكَاد أحد يَدعُوهُ باسمه فَلَمَّا قبض ذهب ذَلِك أَلا ترى أَنه أذن لعَلي إِن ولد لَهُ ولد بعده أَن يجمع لَهُ الِاسْم والكنية وَإِن نَفرا من أَبنَاء وُجُوه الصَّحَابَة جمعُوا بَينهمَا مِنْهُم مُحَمَّد بن أبي بكر
وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي طَالب وَمُحَمّد بن سعد بن أبي وَقاص وَمُحَمّد بن حَاطِب وَمُحَمّد بن الْمُنْذر
وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة فِي تَارِيخه حَدثنَا ابْن الْأَصْبَهَانِيّ حَدثنَا عَليّ ابْن هَاشم عَن فطر عَن مُنْذر عَن ابْن الْحَنَفِيَّة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّه سيولد لَك بعدِي ولد فسمه باسمي وكنه بكنيتي فَكَانَت رخصَة من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعَلي
وللكراهة ثَلَاثَة مآخذ أَحدهَا إِعْطَاء معنى الِاسْم لغير من يصلح لَهُ وَقد أَشَارَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى هَذِه الْعلَّة بقوله إِنَّمَا أَنا قَاسم أقسم بَيْنكُم فَهُوَ صلى الله عليه وسلم يقسم بَينهم مَا أَمر ربه تَعَالَى بقسمته لم يكن يقسم كقسمة الْمُلُوك الَّذين يُعْطون من شاؤوا ويحرمون من شاؤوا وَالثَّانِي خشيَة الالتباس وَقت المخاطبة والدعوة وَقد أَشَارَ إِلَى هَذِه الْعلَّة فِي حَدِيث أنس الْمُتَقَدّم حَيْثُ قَالَ الدَّاعِي لم أعنك فَقَالَ تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي وَالثَّالِث أَن فِي الِاشْتِرَاك الْوَاقِع فِي الِاسْم والكنية مَعًا زَوَال مصلحَة الِاخْتِصَاص والتمييز بِالِاسْمِ والكنية كَمَا نهى أَن ينقش أحد على خَاتمه كنقشه فعلى المأخذ الأول يمْنَع الرجل من فِي حَيَاته وَبعد مَوته وعَلى المأخذ الثَّانِي يخْتَص الْمَنْع بِحَال حَيَاته وعَلى المأخذ الثَّالِث يخْتَص الْمَنْع بِالْجمعِ بَين