الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا بُد للبنية مِنْهَا فَلَو كَانَ الْخِتَان من بَاب المندوبات لَكَانَ بِمَنْزِلَة كشفها لما لَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ وَهَذَا لَا يجوز
وَأما قَوْلكُم إِن الْوَلِيّ يخرج من مَال الصَّبِي أُجْرَة الْمعلم والمؤدب فَلَا ريب أَن تَعْلِيمه وتأديبه حق وَاجِب على الْوَلِيّ فَمَا أخرج مَا لَهُ إِلَّا فِيمَا لَا بُد لَهُ من صَلَاحه فِي دُنْيَاهُ وآخرته مِنْهُ فَلَو كَانَ الْخِتَان مَنْدُوبًا مُحصنا لَكَانَ إِخْرَاجه بِمَنْزِلَة الصَّدَقَة التَّطَوُّع عِنْده وبذله لمن يحجّ عَنهُ حجَّة التَّطَوُّع وَنَحْو ذَلِك وَأما الْأُضْحِية عَنهُ فَهِيَ مُخْتَلف فِي وُجُوبهَا فَمن أوجبهَا لم يخرج مَاله إِلَّا فِي وَاجِب وَمن رَآهَا سنة قَالَ مَا يحصل بهَا من جبر قلبه وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ وتفريحه أعظم من بَقَاء ثمنهَا فِي ملكه
الْفَصْل الْخَامِس فِي وَقت وُجُوبه
وَوَقته عِنْد الْبلُوغ لِأَنَّهُ وَقت وجوب الْعِبَادَات عَلَيْهِ وَلَا يجب قبل ذَلِك
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد بن جُبَير قَالَ سُئِلَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما مثل من أَنْت حِين قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَنا يَوْمئِذٍ مختون وَكَانُوا لَا يختنون الرجل حَتَّى يدْرك وَقد اخْتلف فِي سنّ ابْن عَبَّاس عِنْد
وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الزبير والواقدي ولد فِي الشّعب قبل خُرُوج بني هَاشم مِنْهُ قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين وَتُوفِّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَله ثَلَاث عشرَة سنة
وَقَالَ سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا ابْن عشر سِنِين وَقد قَرَأت الْمُحكم يَعْنِي الْمفصل قَالَ أَبُو عمر روينَا ذَلِك عَنهُ من وُجُوه قَالَ وَقد رُوِيَ عَن ابْن إِسْحَاق عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا ختين أَو مختون وَلَا يَصح قلت بل هُوَ أصح شَيْء فِي الْبَاب وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه كَمَا تقدم لَفظه وَقَالَ عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد حَدثنَا أبي حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق قَالَ سَمِعت سعيد بن جُبَير يحدث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا ابْن خمس عشرَة سنة قَالَ عبد الله قَالَ أبي وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب
قلت وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ قَالَ أَقبلت رَاكِبًا على أتان وَأَنا يَوْمئِذٍ قد ناهزت الِاحْتِلَام وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى إِلَى غير جِدَار فمررت بَين يَدي بعض الصَّفّ 0000 الحَدِيث وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكثر أهل السّير
وَالْأَخْبَار أَن سنه كَانَ يَوْم وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثَلَاث عشرَة سنة فَإِنَّهُ ولد فِي الشّعب وَكَانَ قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين وَأقَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ عشرا وَقد أخبر أَنه كَانَ يَوْمئِذٍ مختونا
قَالُوا وَلَا يجب الْخِتَان قبل الْبلُوغ لِأَن الصَّبِي لَيْسَ أَهلا لوُجُوب الْعِبَادَات الْمُتَعَلّقَة بالأبدان فَمَا الظَّن بِالْجرْحِ الَّذِي ورد التَّعَبُّد بِهِ وَلَا ينْتَقض هَذَا بالعدة الَّتِي تجب على الصَّغِيرَة فَإِنَّهَا لَا مؤونة عَلَيْهَا فِيهَا إِنَّمَا هِيَ مُضِيّ الزَّمَان قَالُوا فَإِذا بلغ الصَّبِي وَهُوَ أقلف أَو الْمَرْأَة غير مختونة وَلَا عذر لَهما ألزمهما السُّلْطَان بِهِ وَعِنْدِي أَنه يجب على الْوَلِيّ أَن يختن الصَّبِي قبل الْبلُوغ بِحَيْثُ يبلغ مختونا فَإِن ذَلِك لَا يتم الْوَاجِب إِلَّا بِهِ
وَأما قَول ابْن عَبَّاس كَانُوا لَا يختنون الرجل حَتَّى يدْرك أَي حَتَّى يُقَارب الْبلُوغ كَقَوْلِه تَعَالَى {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن بِمَعْرُوف أَو فارقوهن بِمَعْرُوف} الْبَقَرَة 65 وَبعد بُلُوغ الْأَجَل لَا يَتَأَتَّى الْإِمْسَاك وَقد صرح ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَوْم موت النَّبِي صلى الله عليه وسلم مختونا وَأخْبر فِي حجَّة الْوَدَاع الَّتِي عَاشَ بعْدهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بضعَة وَثَمَانِينَ يَوْمًا أَنه كَانَ قد ناهز الِاحْتِلَام وَقد أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْآبَاء أَن يأمروا أَوْلَادهم بِالصَّلَاةِ لسبع وَأَن يضربوهم على تَركهَا لعشر فَكيف يسوغ لَهُم ترك ختانهم حَتَّى يجاوزوا الْبلُوغ وَالله أعلم