المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث عشر في ختان النبي صلى الله عليه وسلم - تحفة المودود بأحكام المولود - ت الأرنؤوط

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الْبَاب الأولفِي اسْتِحْبَاب طلب الْوَلَد

- ‌الْبَاب الثَّانِيفِي كَرَاهَة تسخط الْبَنَات

- ‌الْبَاب الثَّالِثفِي اسْتِحْبَاب بِشَارَة من ولد لَهُ ولد وتهنئته

- ‌الْبَاب الرَّابِعفِي اسْتِحْبَاب التأذين فِي أُذُنه الْيُمْنَى وَالْإِقَامَة فِي أُذُنه الْيُسْرَى

- ‌الْبَاب الْخَامِسفِي اسْتِحْبَاب تحنيكه

- ‌الْبَاب السَّادِسفِي الْعَقِيقَة وأحكامها

- ‌الْفَصْل الأول - فِي بَيَان مشروعيتها

- ‌الْفَصْل الثَّانِي - فِي ذكر حجج من كرهها

- ‌الْفَصْل الثَّالِث _ فِي أَدِلَّة الِاسْتِحْبَاب

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي الْجَواب عَن حجج من كرهها

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي اشتقاقها وَمن أَي شَيْء أخذت

- ‌الْفَصْل السَّادِس - هَل تكره تَسْمِيَتهَا عقيقة

- ‌الْفَصْل السَّابِع - فِي ذكر الْخلاف فِي وُجُوبهَا واستحبابها وحجج الطَّائِفَتَيْنِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن - فِي الْوَقْت الَّذِي تسْتَحب فِيهِ الْعَقِيقَة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي بَيَان أَن الْعَقِيقَة افضل من التَّصَدُّق بِثمنِهَا وَلَو زَاد

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي تفاضل الذّكر وَالْأُنْثَى فِيهَا وَاخْتِلَاف النَّاس فِي ذَلِك

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي ذكر الْغَرَض من الْعَقِيقَة وَحكمهَا وفوائدها

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي اسْتِحْبَاب طبخها دون إِخْرَاج لَحمهَا نيئا

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي كَرَاهَة كسر عظامها

- ‌الْفَصْل الرَّابِع عشر فِي السن المجزىء فِيهَا

- ‌الْفَصْل الْخَامِس عشر أَنه لَا يَصح الِاشْتِرَاك فِيهَا وَلَا يجزىء الرَّأْس إِلَّا عَن رَأس هَذَا مِمَّا تخَالف فِيهِ الْعَقِيقَة الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّة

- ‌الْفَصْل السَّادِس عشر هَل تشرع الْعَقِيقَة بِغَيْر الْغنم كَالْإِبِلِ وَالْبَقر أم لَا

- ‌الْفَصْل السَّابِع عشر فِي بَيَان مصرفها

- ‌الْفَصْل الثَّامِن عشر فِي حكم اجْتِمَاع الْعَقِيقَة وَالْأُضْحِيَّة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع عشر فِي حكم من لم يعق عَنهُ أَبَوَاهُ هَل يعق عَن نَفسه إِذا بلغ

- ‌الْفَصْل الْعشْرُونَ فِي حكم جلدهَا وسواقطها

- ‌الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِيمَا يُقَال عِنْد ذَبحهَا

- ‌الْفَصْل الثَّانِي وَالْعشْرُونَ فِي حكم اختصاصها بالأسابيع

- ‌الْبَاب السَّابِعفِي حلق رَأسه وَالتَّصَدُّق بِوَزْن شعره

- ‌الْبَاب الثَّامِنفِي ذكر تَسْمِيَته وأحكامها ووقتها وَفِيه عشرَة فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول فِي وَقت التَّسْمِيَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يسْتَحبّ من الْأَسْمَاء وَمَا يكره مِنْهَا

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي تَغْيِير الِاسْم باسم آخر لمصْلحَة تَقْتَضِيه

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي جَوَاز تكنية الْمَوْلُود بِأبي فلَان

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي أَن التَّسْمِيَة حق للْأَب لَا للْأُم

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي الْفرق بَين الِاسْم والكنية واللقب

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي حكم التَّسْمِيَة باسم نَبينَا صلى الله عليه وسلم والتكني بكنيته إفرادا وجمعا

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي جَوَاز التَّسْمِيَة بِأَكْثَرَ من اسْم وَاحِد

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي بَيَان ارتباط معنى الِاسْم بِالْمُسَمّى

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي بَيَان أَن الْخلق يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة بآبائهم لَا بأمهاتهم

- ‌الْبَاب التَّاسِعفِي ختان الْمَوْلُود وَأَحْكَامه وَفِيه أَرْبَعَة عشر فصلا

- ‌الْفَصْل الأول فِي بَيَان مَعْنَاهُ واشتقاقه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر ختان إِبْرَاهِيم الْخَلِيل والأنبياء بعده صلى الله عَلَيْهِم أجميعن

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي مشروعيته وَأَنه من خِصَال الْفطْرَة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي الِاخْتِلَاف فِي وُجُوبه واستحبابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي وَقت وُجُوبه

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي الِاخْتِلَاف فِي كَرَاهِيَة يَوْم السَّابِع

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي حِكْمَة الْخِتَان وفوائده

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي بَيَان الْقدر الَّذِي يُؤْخَذ من الْخِتَان

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي أَن حكمه يعم الذّكر وَالْأُنْثَى

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي حكم جِنَايَة الخاتن وسراية الْخِتَان

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي أَحْكَام الأقلف من طَهَارَته وَصلَاته وذبيحته وشهادته وَغير ذَلِك

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي المسقطات لوُجُوبه

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي ختان النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الرَّابِع عشر فِي الْحِكْمَة الَّتِي لأَجلهَا يُعَاد بَنو آدم غرلًا

- ‌الْبَاب الْعَاشِر فِي ثقب أذن الصَّبِي وَالْبِنْت

- ‌الْبَاب الْحَادِي عشر فِي حكم بَوْل الْغُلَام وَالْجَارِيَة قبل أَن يأكلا الطَّعَام

- ‌الْبَاب الثَّانِي عشر فِي حكم رِيقه ولعابه

- ‌الْبَاب الثَّالِث عشر فِي جَوَاز حمل الْأَطْفَال فِي الصَّلَاة وَإِن لم يعلم حَال ثِيَابهمْ

- ‌الْبَاب الرَّابِع عشر فِي اسْتِحْبَاب تَقْبِيل الْأَطْفَال

- ‌الْبَاب الْخَامِس عشر فِي وجوب تَأْدِيب الْأَوْلَاد وتعليمهم وَالْعدْل بَينهم

- ‌الْبَاب السَّادِس عشرفِي فُصُول نافعة فِي تربية الْأَطْفَال تحمد عواقبها عِنْد الْكبر

- ‌الْبَاب السَّابِع عشرفِي أطوار ابْن آدم من وَقت كَونه نُطْفَة إِلَى استقراره فِي الْجنَّة أَو النَّار

الفصل: ‌الفصل الثالث عشر في ختان النبي صلى الله عليه وسلم

فصل

وَلَا يمْنَع الْإِحْرَام من الْخِتَان نَص عَلَيْهِ الإِمَام أَحْمد وَقد سُئِلَ عَن الْمحرم يختتن فَقَالَ نعم فَلم يَجعله من بَاب إِزَالَة الشّعْر وتقليم الظفر لَا فِي الْحَيَاة وَلَا بعد الْمَوْت

‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي ختان النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَقد اخْتلف فِيهِ على أَقْوَال أَحدهَا أَنه ولد مختونا وَالثَّانِي أَن جِبْرِيل ختنه حِين شقّ صَدره الثَّالِث أَن جده عبد الْمطلب ختنه على عَادَة الْعَرَب فِي ختان أَوْلَادهم وَنحن نذْكر قائلي هَذِه الْأَقْوَال وحججهم فَأَما من قَالَ ولد مختونا فاحتجوا بِأَحَادِيث أَحدهَا مَا رَوَاهُ أَبُو عمر بن عبد الْبر فَقَالَ وَقد رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ولد مختونا من حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس عَن أَبِيه الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ ولد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مختونا مَسْرُورا يَعْنِي مَقْطُوع السُّرَّة فأعجب ذَلِك جده عبد الْمطلب وَقَالَ لَيَكُونن لِابْني هَذَا شَأْن عَظِيم ثمَّ قَالَ ابْن عبد الْبر لَيْسَ إِسْنَاد حَدِيث الْعَبَّاس هَذَا بالقائم قَالَ وَقد رُوِيَ مَوْقُوفا على ابْن عمر وَلَا يثبت أَيْضا قلت حَدِيث ابْن عمر روينَاهُ من طَرِيق أبي نعيم حَدثنَا أَبُو الْحسن أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن خَالِد الْخَطِيب حَدثنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان حَدثنَا عبد الرَّحْمَن ابْن أَيُّوب الْحِمصِي حَدثنَا مُوسَى بن أبي مُوسَى الْمَقْدِسِي حَدثنَا خَالِد بن سَلمَة

ص: 201

عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ ولد النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَسْرُورا مختونا وَلَكِن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان هَذَا هُوَ الباغندي وَقد ضَعَّفُوهُ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَانَ كثير التَّدْلِيس يحدث بِمَا لم يسمع وَرُبمَا سرق الحَدِيث

وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْخَطِيب بِإِسْنَادِهِ من حَدِيث سُفْيَان بن مُحَمَّد المصِّيصِي حَدثنَا هشيم عَن يُونُس بن عبيد عَن الْحسن عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من كَرَامَتِي على الله أَنِّي ولدت مختونا وَلم ير سوءتي أحد قَالَ الْخَطِيب لم يروه فِيمَا يُقَال غير يُونُس عَن هشيم وَتفرد بِهِ سُفْيَان بن مُحَمَّد المصِّيصِي وَهُوَ مُنكر الحَدِيث

قَالَ الْخَطِيب أَخْبرنِي الْأَزْهَرِي قَالَ سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَن سُفْيَان ابْن مُحَمَّد المصِّيصِي وَأَخْبرنِي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ قَالَ قَالَ لنا الدَّارَقُطْنِيّ شيخ لأهل المصيصة يُقَال لَهُ سُفْيَان بن مُحَمَّد الْفَزارِيّ كَانَ ضَعِيفا سيء الْحَال وَقَالَ صَالح بن مُحَمَّد الْحَافِظ سُفْيَان بن مُحَمَّد المصِّيصِي لَا شَيْء وَقد رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر من طَرِيق الْحسن بن عَرَفَة حَدثنَا هشيم عَن يُونُس عَن الْحسن عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من كَرَامَتِي على رَبِّي عز وجل أَنِّي ولدت مختونا لم ير أحد سوءتي وَفِي إِسْنَاده إِلَى الْحسن بن عَرَفَة عدَّة مَجَاهِيل

قَالَ أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر وَقد سَرقه ابْن الْجَارُود وَهُوَ كَذَّاب

ص: 202

فَرَوَاهُ عَن الْحسن بن عَرَفَة وَمِمَّا احْتج بِهِ أَرْبَاب هَذَا القَوْل مَا ذكره مُحَمَّد ابْن عَليّ التِّرْمِذِيّ فِي معجزات النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ وَمِنْهَا أَن صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب قَالَت أردْت أَن أعرف أذكر هُوَ أم أُنْثَى فرأيته مختونا وَهَذَا الحَدِيث لَا يثبت وَلَيْسَ لَهُ إِسْنَاد يعرف بِهِ وَقد قَالَ أَبُو الْقَاسِم عمر بن أبي الْحسن بن هبة الله بن أبي جَرَادَة فِي كتاب صنفه فِي ختان الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يرد بِهِ على مُحَمَّد بن طَلْحَة فِي تصنيف صنفه وَقرر فِيهِ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ولد مختونا وَهَذَا مُحَمَّد بن عَليّ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم لم يكن من أهل الحَدِيث وَلَا علم لَهُ بِطرقِهِ وصناعته وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ الْكَلَام على إشارات الصُّوفِيَّة والطرائق وَدَعوى الْكَشْف على الْأُمُور الغامضة والحقائق حَتَّى خرج فِي الْكَلَام على ذَلِك عَن قَاعِدَة الْفُقَهَاء وَاسْتحق الطعْن عَلَيْهِ بذلك والإزراء وَطعن عَلَيْهِ أَئِمَّة الْفُقَهَاء والصوفية وأخرجوه بذلك عَن السِّيرَة المرضية وَقَالُوا إِنَّه أَدخل فِي علم الشَّرِيعَة مَا فَارق بِهِ الْجَمَاعَة فاستوجب بذلك الْقدح والشناعة وملأ كتبه بالأحاديث الْمَوْضُوعَة وحشاها بالأخبار الَّتِي لَيست بمروية وَلَا مسموعة وَعلل فِيهَا خَفِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة الَّتِي لَا يعقل مَعْنَاهَا بعلل مَا أضعفها وَمَا أوهاها

وَمِمَّا ذكره فِي كتاب لَهُ وسمه بِالِاحْتِيَاطِ أَن يسْجد عقب كل صَلَاة يُصليهَا سَجْدَتي السَّهْو وَإِن لم يكن سَهَا فِيهَا وَهَذَا مِمَّا لَا يجوز فعله بِالْإِجْمَاع

ص: 203

وفاعله مَنْسُوب إِلَى الغلو والابتداع وَمَا حَكَاهُ عَن صَفِيَّة بقولِهَا فرأيته مختونا يُنَاقض الْأَحَادِيث الْأُخَر وَهُوَ قَوْله لم ير سوءتي أحد فَكل حَدِيث فِي هَذَا الْبَاب يُنَاقض الآخر وَلَا يثبت وَاحِد مِنْهَا وَلَو ولد مختونا فَلَيْسَ من خَصَائِصه صلى الله عليه وسلم فَإِن كثيرا من النَّاس يُولد غير مُحْتَاج إِلَى الْخِتَان

قَالَ وَذكر أَبُو الْغَنَائِم النسابة الزيدي أَن أَبَاهُ القَاضِي أَبَا مُحَمَّد الْحسن ابْن مُحَمَّد بن الْحسن الزيدي ولد غير مُحْتَاج إِلَى الْخِتَان قَالَ وَلِهَذَا لقب بالمطهر قَالَ وَقَالَ فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ خلق أَبُو مُحَمَّد الْحسن مطهرا لم يختن وَتُوفِّي كَمَا خلق وَقد ذكر الْفُقَهَاء فِي كتبهمْ أَن من ولد كَذَلِك لَا يختن وَاسْتحْسن بَعضهم أَن يمر الموسى على مَوضِع الْخِتَان ختان الْقَمَر يشيرون فِي ذَلِك إِلَى أَن النمو فِي خلقَة الْإِنْسَان يحصل فِي زِيَادَة الْقَمَر وَيحصل النُّقْصَان فِي الْخلقَة عِنْد نقصانه كَمَا يُوجد فِي ذَلِك الجزر وَالْمدّ فينسبون النُّقْصَان الَّذِي حصل فِي القلفة إِلَى نُقْصَان الْقَمَر

قَالَ وَقد ورد فِي حَدِيث رَوَاهُ سيف بن مُحَمَّد ابْن أُخْت سُفْيَان الثَّوْريّ عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْن صياد

ص: 204

ولد مَسْرُورا مختونا وَسيف مطعون فِي حَدِيثه وَقيل إِن قَيْصر ملك الرّوم الَّذِي ورد عَلَيْهِ امْرُؤ الْقَيْس ولد كَذَلِك وَدخل عَلَيْهِ امْرُؤ الْقَيْس الْحمام فَرَآهُ كَذَلِك فَقَالَ يهجوه

(إِنِّي حَلَفت يَمِينا غير كَاذِبَة

لأَنْت أغلف إِلَّا مَا جنى الْقَمَر)

يعيره أَنه لم يختتن وَجعل وِلَادَته كَذَلِك نقصا وَقيل إِن هَذَا الْبَيْت أحد الْأَسْبَاب الباعثة لقيصر على أَن سم امرء الْقَيْس فَمَاتَ

وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي فِيمَن ولد بِلَا قلفة

(فدَاك نكس لَا يبض حجره

مخرق الْعرض حَدِيد ممصره)

(فِي ليل كانون شَدِيد خصره

عض بأطراف الزبانى قمره)

يَقُول هُوَ أقلف لَيْسَ بمختون إِلَّا مَا قلص مِنْهُ الْقَمَر وَشبه قلفته بالزبانى وَهِي قرنا الْعَقْرَب وَكَانَت الْعَرَب لَا تَعْتَد بِصُورَة الْخِتَان من غير ختان وَترى الْفَضِيلَة فِي الْخِتَان نَفسه وتفخر بِهِ

قَالَ وَقد بعث الله نَبينَا صلى الله عليه وسلم من صميم الْعَرَب وَخَصه بِصِفَات الْكَمَال من الْخلق وَالنّسب فَكيف يجوز أَن يكون مَا ذكره من كَونه مختونا مِمَّا يُمَيّز بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ويخصص وَقيل إِن الْخِتَان من الْكَلِمَات الَّتِي ابتلى الله بهَا خَلِيله صلى الله عليه وسلم فأتمهن وأكملهن وَأَشد النَّاس بلَاء الْأَنْبِيَاء ثمَّ الأمثل فالأمثل وَقد عد النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْخِتَان من الْفطْرَة وَمن الْمَعْلُوم أَن الِابْتِلَاء بِهِ مَعَ الصَّبْر

ص: 205

مِمَّا يُضَاعف ثَوَاب الْمُبْتَلى بِهِ وأجره والأليق بِحَال النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن لَا يسلب هَذِه الْفَضِيلَة وَأَن يُكرمهُ الله بهَا كَمَا أكْرم خَلِيله فَإِن خَصَائِصه أعظم من خَصَائِص غَيره من النَّبِيين وَأَعْلَى

وختن الْملك إِيَّاه كَمَا روينَاهُ أَجْدَر من أَن يكون من خَصَائِصه وَأولى هَذَا كُله كَلَام ابْن العديم وَيُرِيد بختن الْملك مَا رَوَاهُ من طَرِيق الْخَطِيب عَن أبي بكرَة أَن جِبْرِيل ختن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين طهر قلبه وَهُوَ مَعَ كَونه مَوْقُوفا على أبي بكرَة لَا يَصح إِسْنَاده فَإِن الْخَطِيب قَالَ فِيهِ أَنبأَنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الْوَاحِد بن عُثْمَان بن مُحَمَّد البَجلِيّ أَنبأَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نصير حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن عُيَيْنَة الْبَصْرِيّ حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد الْمَدَائِنِي حَدثنَا مسلمة بن محَارب بن سليم بن زِيَاد عَن أَبِيه عَن أبي بكرَة وَلَيْسَ هَذَا الْإِسْنَاد مِمَّا يحْتَج بِهِ

وَحَدِيث شقّ الْملك قلبه صلى الله عليه وسلم قد رُوِيَ من وُجُوه مُتعَدِّدَة مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا أَن جِبْرِيل ختنه إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث فَهُوَ شَاذ غَرِيب قَالَ ابْن العديم وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات أَن جده عبد الْمطلب ختنه فِي الْيَوْم السَّابِع قَالَ وَهُوَ على مَا فِيهِ أشبه بِالصَّوَابِ وَأقرب إِلَى الْوَاقِع

ص: 206