الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا وَلِهَذَا كَانَ الصَّوَاب أَن الذّكر وَالْأُنْثَى يَشْتَرِكَانِ فِي مَشْرُوعِيَّة الْعَقِيقَة وَإِن تفاضلا فِي قدرهَا
وَأما أهل الْكتاب فَلَيْسَتْ الْعَقِيقَة عِنْدهم للْأُنْثَى وَإِنَّمَا هِيَ للذّكر خَاصَّة وَقد ذهب إِلَى ذَلِك بعض السّلف قَالَ أَبُو بكر بن الْمُنْذر وَفِي هَذَا الْبَاب قَول ثَالِث قَالَه الْحسن وَقَتَادَة كَانَا لَا يريان عَن الْجَارِيَة عقيقة وَهَذَا قَول ضَعِيف لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَالسّنة تخَالفه من وُجُوه كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْل الَّذِي بعد هَذَا
فَكَانَ الذّبْح فِي مَوْضِعه أفضل من الصَّدَقَة بِثمنِهِ وَلَو زَاد كالهدايا وَالْأَضَاحِي فَإِن نفس الذّبْح وإراقة الدَّم مَقْصُود فَإِنَّهُ عبَادَة مقرونة بِالصَّلَاةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فصل لِرَبِّك وانحر} وَقَالَ {قل إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين} الْأَنْعَام 162 فَفِي كل مِلَّة صَلَاة ونسيكة لَا يقوم غَيرهمَا مقامهما وَلِهَذَا لَو تصدق عَن دم الْمُتْعَة وَالْقرَان بأضعاف أَضْعَاف الْقيمَة لم يقم مقَامه وَكَذَلِكَ الْأُضْحِية وَالله أعلم
الْفَصْل الْعَاشِر فِي تفاضل الذّكر وَالْأُنْثَى فِيهَا وَاخْتِلَاف النَّاس فِي ذَلِك
وَفِيه مَسْأَلَتَانِ الْمَسْأَلَة الأولى الْعَقِيقَة سنة عَن الْجَارِيَة كَمَا هِيَ سنة عَن الْغُلَام هَذَا قَول جُمْهُور أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ وَقد تقدم مَا حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن وَقَتَادَة أَنَّهُمَا كَانَا لَا يريان عَن الْجَارِيَة
عقيقة وَلَعَلَّهُمَا تمسكا بقوله مَعَ الْغُلَام عقيقته وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحسن وَقَتَادَة من حَدِيث سَمُرَة والغلام اسْم الذّكر دون الْأُنْثَى وَيرد هَذَا القَوْل حَدِيث أم كرز أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْعَقِيقَة فَقَالَ عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة لَا يضر كم ذكرانا كن أم إِنَاثًا وَهُوَ حَدِيث صَحِيح صَححهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَحَدِيث عَائِشَة أمرنَا صلى الله عليه وسلم أَن نعق عَن الْغُلَام شَاتين وَعَن الْجَارِيَة شَاة رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَقد تقدم إِسْنَاده
وَقَالَ أَبُو عَاصِم حَدثنَا سَالم بن تَمِيم عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الْيَهُود تعق عَن الْغُلَام وَلَا تعق عَن الْجَارِيَة فعقوا عَن الْغُلَام شَاتين وَعَن الْجَارِيَة شَاة رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من هَذَا الطَّرِيق وَقَالَ مَالك يذبح عَن الْغُلَام شَاة وَاحِدَة وَعَن الْجَارِيَة شَاة وَالذكر وَالْأُنْثَى فِي ذَلِك سَوَاء وَاحْتج لهَذَا القَوْل بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه حَدثنَا أَبُو معمر حَدثنَا عبد الْوَارِث حَدثنَا أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول صلى الله عليه وسلم عق عَن الْحسن وَالْحُسَيْن كَبْشًا
كَبْشًا كَبْشًا قَالَ أَبُو عمر وروى جَعْفَر عَن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن فَاطِمَة ذبحت عَن الْحسن وَالْحُسَيْن كَبْشًا كَبْشًا
قَالَ وَكَانَ عبد الله بن عمر يعق عَن الغلمان والجواري من وَلَده شَاة شَاة وَبِه قَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ كَقَوْل مَالك سَوَاء قَالَ أَبُو عمر وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَجَمَاعَة من أهل الحَدِيث عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة ثمَّ ذكر طرف حَدِيث أم كرز وَحَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده يرفعهُ من أحب أَن ينْسك عَن وَلَده فَلْيفْعَل عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة وَلَا تعَارض بَين أَحَادِيث التَّفْضِيل بَين الذّكر وَالْأُنْثَى وَبَين حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي عقيقة الْحسن وَالْحُسَيْن فَإِن حَدِيثه قد رُوِيَ بلفظين أَحدهمَا أَنه عق عَنْهُمَا كَبْشًا كَبْشًا وَالثَّانِي أَنه عق عَنْهُمَا كبشين وَلَعَلَّ الرَّاوِي أَرَادَ كبشين عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فاقتصر على قَوْله كبشين ثمَّ رُوِيَ بِالْمَعْنَى كَبْشًا كَبْشًا وذبحت أمهما عَنْهُمَا كبشين وَالْحَدِيثَانِ كَذَلِك رويا فَكَانَ أحد الكبشين من النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالثَّانِي من فَاطِمَة واتفقت جَمِيع الْأَحَادِيث
وَهَذِه قَاعِدَة الشَّرِيعَة فَإِن الله سُبْحَانَهُ فَاضل بَين الذّكر وَالْأُنْثَى وَجعل الْأُنْثَى على النّصْف من الذّكر فِي الْمَوَارِيث والديات والشهادات وَالْعِتْق والعقيقة كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ من حَدِيث أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيّمَا امرىء مُسلم أعتق مُسلما كَانَ فكاكه من النَّار يجزىء كل عُضْو مِنْهُ عضوا مِنْهُ وَأَيّمَا امرىء مُسلم أعتق امْرَأتَيْنِ مسلمتين كَانَتَا فكاكه من النَّار يجزىء كل عُضْو مِنْهُمَا عضوا مِنْهُ وَفِي مُسْند الامام أَحْمد من حَدِيث مرّة بن كَعْب السّلمِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَيّمَا رجل أعتق رجلا مُسلما كَانَ فكاكه من النَّار يجزىء بِكُل عُضْو من أَعْضَائِهِ عضوا من أَعْضَائِهِ وَأَيّمَا امْرَأَة مسلمة أعتقت امْرَأَة مسلمة كَانَت فكاكها من النَّار يجزىء بِكُل عُضْو من أعضائها عضوا من أعضائها رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي السّنَن فجرت المفاضلة فِي الْعَقِيقَة هَذَا المجرى لَو لم يكن فِيهَا سنة كَيفَ وَالسّنَن الثَّابِتَة صَرِيحَة بالتفضيل