المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن المغيباتالتي يجب الإيمان بها: أشراط الساعة - إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد

[عبد الرحمن بن ناصر البراك]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المعتني

- ‌خطبة الكتاب

- ‌الواجب فيما ثبتمن الأسماء والصفات

- ‌ذم التأويل وأهله

- ‌نقولات عن أئمة السلف فيمنهج الإيمان بالصفات وتقرير مذهبهم

- ‌الأمر بالاقتداء والاتباع،والنهي عن الإحداث والابتداع، والتدليل لذلك

- ‌الاستدلال والتمثيللبعض الصفات الواردة في القرآن

- ‌الاستدلال والتمثيللبعض الصفات الواردة في السنة

- ‌تتمة النصوص في الاستدلال للصفات

- ‌إثبات صفة الكلام لله تعالى

- ‌فصلفي إثبات أن القرآن كلام الله

- ‌فصلفي رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة

- ‌فصلفي القضاء والقدر

- ‌الاعتقاد الحق في الجمع بين الشرع والقدر

- ‌فصلفي بيان الإيمان

- ‌فصلفي تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، والإيمان بالمغيبات

- ‌ومن المغيباتالتي يجب الإيمان بها: أشراط الساعة

- ‌ومن المغيباتالتي يجب الإيمان بها: عذاب القبر ونعيمه

- ‌ومن المغيبات التي يجب الإيمان بها:البعث بعد الموت، والحساب بعده

- ‌ومن المغيباتالتي يجب الإيمان بها: الميزان والحوض والصراط

- ‌الشفاعة

- ‌خلق الجنة والنار ودوامهما

- ‌فصلفي بعض ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الواجبات والحقوق

- ‌بيان بعض ما للخلفاء الراشدينمن الواجبات والحقوق

- ‌أحكام الشهادة لمعين بجنة أو نار

- ‌تكفير المعين

- ‌من أحكام الإمامة

- ‌بيان بعض ما لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلممن الواجبات والحقوق

- ‌بيان بعض ما لأزواج سيد المرسلين صلى الله عليه وسلممن الواجبات والحقوق

- ‌منزلة معاوية رضي الله عنه

- ‌بيان معتقد أهل السنة والجماعةفي وجوب الطاعة لأئمة المسلمين

- ‌موقف أهل السنة والجماعة من البدع وأهلها

- ‌موقف أهل السنة والجماعةمن الخلاف في الفروع

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ومن المغيباتالتي يجب الإيمان بها: أشراط الساعة

‌ومن المغيبات

التي يجب الإيمان بها: أشراط الساعة

ومن ذلك: أشراط الساعة، مثل خروج الدجال، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك مما صح به النقل.

الشرح

قوله: ((ومن ذلك: أشراط الساعة)): ومثل الشيخ أيضاً بأشراط الساعة؛ وهي: علاماتها، كما قال الله تعالى:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَاتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد:18]، وأشراط الساعة مما يجب الإيمان به، وأهل السنة والجماعة يثبتونها ويؤمنون بها.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأشياء كثيرة مما تكون قبل يوم القيامة؛ يعدها العلماء من أشراط الساعة، ومن ذلك: ما جاء في حديث جبريل أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أخبرني عن الساعة))، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((ما المسؤول عنها بأعلم من السائل))، قال:((فأخبرني عن أماراتها؟)) قال: ((أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رِعاء الشاء يتطاولون في البنيان)) (1).

(1) رواه مسلم في صحيحه برقم (8).

ص: 85

وأشراط الساعة عند أهل العلم نوعان:

1 -

صغرى؛ وهي كثيرة جداً، تحدث شيئاً فشيئاً، وقد تتكرر.

2 -

كبرى؛ وهي الأحداث العظيمة الدالة على قرب الساعة، ومنها ما ذكره المؤلف:

قوله: ((مثل خروج الدجال)): وهو الإنسان الشرير، الذي يدَّعي النبوة، ثم يدَّعي الربوبية، ويأتي بأمور خارقة للعادة، وفيها فتنة لأكثر الناس، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته منه (1)، ووصفه ونعته وبيَّنه (2)، وشرع لنا الاستعاذة بالله منه في كل صلاة، كما جاء في الحديث: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع،

وذكر منها: فتنة المسيح الدجال)) (3).

(1) كما في حديث أنس عند البخاري في صحيحه برقم (7131) ومسلم في صحيحه برقم (2933) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بُعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب)). وجاء عند أبي داود في سننه برقم (4319) عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سمع بالدجال فلينأ عنه)).

(2)

ومما جاء في وصفه ما رواه البخاري في صحيحه برقم (7131) ومسلم برقم (2933) عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر))، وعند مسلم:(ك ف ر). وفي رواية لمسلم برقم (169): ((ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافئة))، وجاء عند أحمد في مسنده برقم (22764)، وأبي داود في سننه برقم (4320) عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم وصفه بقوله: ((إن مسيح الدجال رجل قصير، أفحج، جعد، أعور، مطموس العين، ليس بناتئة ولا جحراء

))، وجاءت أحاديث كثيرة في وصفه.

(3)

كما روى البخاري في صحيحه برقم (832) عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو قبل السلام بقوله: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المسيح الدجال

)). ومسلم في صحيحه برقم (588) عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع

)).

ص: 86

قوله: ((ونزول عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله)): وهو المسيح ابن مريم، وهو مسيح الهدى، وذاك مسيح الضلالة، فيقتل مسيحُ الهدى مسيحَ الضلالة، كما ثبت في الأحاديث الصحاح (1)، حيث يخرج الدجال، ويعيث في الأرض ما شاء الله (2) فإذا أراد الله إهلاكه نزل المسيح ابن مريم من السماء فيقتله.

ومن الأمور التي يجب الإيمان بها: أن الله رفع عيسى ابن مريم إليه، كما قال الله تعالى:{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء:158]، وأنه ينزل في آخر الزمان، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((والذي نفسي بيده؛ ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع

(1) من ذلك ما رواه مسلم في صحيحه برقم (2137) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فبينما هو -أي: الدجال- كذلك، إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرُودَتَين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله)).

(2)

كما روى مسلم في صحيحه برقم (2137) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يميناً وشمالاً، يا عباد الله فاثبتوا، قلنا: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم)).

ص: 87

الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد)) (1)، وقال الله تعالى في شأن عيسى ابن مريم:{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا} [الزخرف:61]، وقرئ:{لَعَلَمٌ} أي: علامة على قربها (2).

قوله: ((وخروج يأجوج ومأجوج)): وهم يخرجون أيضاً في عهد المسيح ابن مريم عليه السلام، وجاء الإخبار عن قدرتهم وفسادهم وإفسادهم، وقد ذكروا في القرآن؛ كما في قوله تعالى:{إِنَّ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [الكهف:94]، وكما في قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَاجُوجُ وَمَاجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء:96]، فهم مفسدون أشرار، فإذا خرجوا وعاثوا في الأرض فساداً؛ بسفك الدماء، وقتل الأرواح، يتحصن المسلمون منهم، فيسلط الله عليهم داءً يصيبهم فيموتون (3)، ثم يسخر الله طيوراً تأخذ جثثهم وتلقيها حيث شاء الله (4).

(1) رواه البخاري في صحيحه برقم (222)، ومسلم في صحيحه برقم (155)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

جامع البيان لابن جرير (20/ 631)، زاد المسير لابن الجوزي (7/ 325).

(3)

روى مسلم في صحيحه برقم (2137) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعدما ذكر فسادهم وإفسادهم: ((فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فَرْسَى كموت نفس واحدة)).

(4)

في حديث النواس المتقدم: ((فيرسل الله طيراً كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله))، وجاء عند الترمذي في جامعه برقم (2240):((فتحملهم فتطرحهم في المهبل))، قال ابن الأثير في النهاية (998):((المهبل: الهوة الذاهبة في الأرض)).

ص: 88

قوله: ((وخروج الدابة)): وهذه العلامة من العلامات العظيمة التي دل عليها الكتاب والسنة، وذلك كما في قول الله تبارك وتعالى:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [النمل:82]، وكما جاء في الحديث الصحيح (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة

وذكر منها: وخروج الدابة على الناس ضحى)).

قوله: ((وطلوع الشمس من مغربها)): وهذه من الآيات العظام، بينما ينتظر الناس أن تطلع عليهم الشمس من المشرق؛ فإذا بها تطلع من المغرب، وهي (البعض) الذي قال الله فيه:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَاتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَاتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَاتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَاتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام:158]، وجاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون، فيومئذٍ: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا})) (2)، وحينئذٍ يغلق باب التوبة، فالكافر لا يقبل منه إيمان، والعاصي لا تقبل منه توبته، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أول الآيات طلوع الشمس من مغربها، وخروج دابة الأرض من موضعها، فأيتهما خرج أولاً؛ فالأخرى على إثرها)) (3).

(1) رواه مسلم في صحيحه برقم (2941) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.

(2)

رواه البخاري في صحيحه برقم (4635)، ومسلم في صحيحه برقم (157).

(3)

رواه مسلم في صحيحه برقم (2941).

ص: 89