الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَحِيمٌ} [الحشر:10]، وكذلك في سورة الفتح، ذكر الله صفاتهم، وأثنى عليهم، فقال:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} [الفتح:29].
ومن الأحاديث الواردة في فضلهم، قول النبي صلى الله عليه وسلم:((لا تسبوا أصحابي؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) (1)، وهذا فضل عظيم، وقد قاله النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد رضي الله عنه وقد تأخر إسلامه- حينما كان بينه وبين عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه بعض ما يكون، فسبَّ خالدٌ عبدَالرحمن، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وقال له هذا الحديث (2)، وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه من السابقين الأولين، فله الصحبة الخاصة، والمزية العالية.
والصحبة ليست مرتبة واحدة، بل مراتب متفاوتة، فأين من صحب النبي صلى الله عليه وسلم منذ بعثته وحتى وفاته ممن صحبه ساعة؟!
بيان بعض ما لأزواج سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
من الواجبات والحقوق
ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمهات المؤمنين، المطهرات المبرءات من كل سوء، أفضلهن خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت الصديق؛ التي برأها الله سبحانه وتعالى في
(1) رواه البخاري في صحيحه برقم (3673)، ومسلم في صحيحه برقم (2540).
(2)
انظر سبب ورود الحديث في مسلم برقم (2541).
كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم.
الشرح
قوله: ((ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمهات المؤمنين، المطهرات المبرءات من كل سوء)): انتقل الشيخ رحمه الله إلى بيان حقوق أمهات المؤمنين، أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ومجموعهن إحدى عشرة (1)، واللواتي اجتعن في عصمته: تسع، حيث مات صلى الله عليه وسلم وفي عصمته تسع نسوة، وقد سماهن الله عز وجل بهذا اللقب؛ كما في قوله تعالى:{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب:6]، وحرم الله نكاحهن بعده كما في قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب:53]، وقد اجتمع لهن فضل الصحبة، وفضل الزوجية؛ بكونهن أزواجاً له صلى الله عليه وسلم، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة: أنهن أزواجه في الآخرة.
والترضي عنهن: دليل على الاعتراف بفضلهن، والإيمان بفضائلهن، ويدل على معرفة قدرهن؛ رضي الله عنهن.
(1) وهن: (خديجة بنت خويلد - سودة بنت زمعة - عائشة بنت أبي بكر الصديق - حفصة بنت عمر بن الخطاب - زينب بنت خزيمة - أم سلمة هند بنت أبي أمية - زينب بنت جحش - جويرية بنت الحارث - أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان - صفية بنت حيي بن أخطب - ميمونة بنت الحارث). رضي الله عنهن. انظر: زاد المعاد (1/ 102)، والرحيق المختوم (ص 504).
قوله: ((خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت الصديق)): للفضائل الثابتة في حقهن، وأهل السنة والجماعة: منهم من يفضل عائشة على خديجة، ومنهم من يفضل خديجة على عائشة، ومنهم من يقول: كل منهما أفضل من وجه (1).
قوله: ((التي برأها الله سبحانه وتعالى في كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم)): أي من قذفها بالزنا؛ فهو كافر بالله العظيم؛ لأنه تكذيب لله عز وجل، وتكذيب لرسوله صلى الله عليه وسلم، وطعن في جنابه عليه الصلاة والسلام (2).
والذين اشتهر عنهم هذا القذف: هم الرافضة البعداء البغضاء، شر طوائف الأمة على الإطلاق، فيصرح بعضهم بذلك، وبعضهم يستعمل التَّقِيَّة، وإن كانوا يتدينون بها، ويأخذون بها في غالب أحوالهم.
وقد فضحهم الله تعالى في هذه العصور بما يسر من وسائل
(1) قال الشارح فضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك في شرحه على الواسطية (ص 271): ((وأهل السنة مختلفون في المفاضلة بينهما، فقوم فضلوا عائشة، وقوم فضلوا خديجة، ومنهم من قال: إن هذه أفضل من وجه، وهذه أفضل من وجه.
وعندي -والله أعلم- أن القول بتفضيل خديجة؛ قول قوي، لأدلة كثيرة دالة على فضلها، وكلهن فُضْليات، رضي الله عنهن). وراجع شرحه على الطحاوية (ص 374).
(2)
لقوله تعالى في سورة النور: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} وما بعدها من الآيات، انظر: صحيح البخاري برقم (4749)، وصحيح مسلم برقم (2770)، وتفسير ابن كثير (10/ 179).