الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفُسر بذلك يوم الحسرة (1)، كما في قوله تعالى:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم:39].
وأما ما نسب إلى بعض أهل السنة من القول بفناء النار: فهو قول ليس عليه دليل ظاهر، بل الأدلة تقتضي دوام الجنة والنار.
وأما قول الله تبارك وتعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:107]، فأحسن ما قيل في جوابه: أن فيه بيان أن خلود أهل الجنة وأهل النار فيهما: إنما ذلك بمشيئته سبحانه، فلو شاء لأفنى الجنة، ولو شاء لأفنى النار، فالأمر إليه، وهو بمشيئته، لكنه أخبر بخلودهما سبحانه.
فصل
في بعض ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الواجبات والحقوق
ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وسيد المرسلين، لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته، ولا يقضى بين الناس يوم القيامة إلا بشفاعته، ولا يدخل الجنة أمة إلا بعد أمته، صاحب لواء الحمد (2)، والمقام المحمود، والحوض المورود، وهو
(1) فسره بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، كما في تتمة حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
(2)
روى الإمام أحمد في مسنده برقم (2546) والترمذي في جامعه (3148) وابن ماجه في سننه برقم (4308) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن نفسه يوم القيامة: ((وبيدي لواء الحمد ولا فخر)). من حديث أبي سعيد وابن عباس وأنس رضي الله عنهم أجمعين.
إمام النبيين وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم (1)، أمته خير الأمم.
الشرح
بعد أن ذكر المؤلف رحمه الله بعض ما يتعلق بالقرآن، وبعض ما يتعلق باليوم الآخر، أتبع ذلك بما يجب اعتقاده في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فهو: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمي القرشي، الواجب الإيمان به، وأنه عبد الله ورسوله، فلا يصح إيمان أحد حتى يشهد بأنه عبدالله ورسوله، وأنه رسول الله إلى الناس كافة، كما قال الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ:28]، وأنه خاتم النبيين، كما قال الله تعالى:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40].
فلا طريق إلى الله بعد مبعثه إلا باتباعه، فكل من طلب القربى إلى الله، وطلب النجاة من عذابه، والفوز بمرضاته؛ من غير طريق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه خاسر، كما قال الله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85]، فلا هدى ولا رحمة ولا سعادة ولا فوز ولا فلاح إلا باتباعه صلى الله عليه وسلم، وهو رسول الله إلى جميع الناس، ولا بد من الإيمان بذلك، وكل من دان بغير شريعته فهو كافر هالك شقي إذا مات على ذلك، وهو من أهل النار.
(1) روى الإمام أحمد في مسنده برقم (21245) والترمذي في جامعه برقم (3616) وابن ماجه في سننه برقم (4314) من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم غير فخر)).