الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن كل من قام مقام من قبله فهو خليفة له، وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله أن معاوية أول ملوك المسلمين (1)، لأن الذين قبله هم الخلفاء الراشدون، الذين كانت خلافتهم خلافة نبوة، أما بعدهم: فهو مُلك، لكن هؤلاء الملوك يسمون خلفاء، كما يقال: خلفاء بني أمية، وخلفاء بني العباس، وهكذا؛ فيوصفون بهذا الاعتبار.
فاجتمع لمعاوية رضي الله عنه فضل الصحبة، وفضل كتابة الوحي، وفضل المصاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم، من جهة أنه أخ لأم المؤمنين، فرضي الله عنه ورحمه.
بيان معتقد أهل السنة والجماعة
في وجوب الطاعة لأئمة المسلمين
(2)
ومن السنة: السمع والطاعة لأئمة المسلمين، وأمراء المؤمنين، برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله، فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله، ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه
(1) كما في مجموع الفتاوى (4/ 478) حيث قال: ((واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة، وهو أول الملوك؛ كان ملكه ملكاً ورحمة؛ كما جاء في الحديث: ((يكون الملك نبوة ورحمة، ثم تكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملك ورحمة
…
)). وانظر تخريج هذا الحديث في السلسلة الصحيحة للألباني (1/ 8 - ح 5).
(2)
انظر ما سبق بيانه في (ص 5).
الناس، ورضوا به، أو غلبهم بسيفه، حتى صار خليفة، وسمي أمير المؤمنين؛ وجبت طاعته، وحرمت مخالفته، والخروج عليه، وشق عصا المسلمين.
الشرح
قوله: ((ومن السنة)): التي تواترت فيها الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومضى عليها السلف الصالح، والتابعون لهم بإحسان من أهل السنة والجماعة:((السمع والطاعة لأئمة المسلمين، وأمراء المؤمنين، برهم وفاجرهم)).
قوله: ((ما لم يأمروا بمعصية الله، فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله)): فالطاعة التي تجب لهم: هي الطاعة في المعروف، فلا يطاعون -هم ولا غيرهم- في معصية الله عز وجل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إنما الطاعة في المعروف)) (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره؛ إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)) (2)، هذا الذي عليه أهل السنة والجماعة (3).
قوله: ((ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا
(1) رواه البخاري في صحيحه برقم (4340)، ومسلم في صحيحه برقم (1840)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(2)
رواه البخاري في صحيحه برقم (7144)، ومسلم في صحيحه برقم (1839)، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
(3)
انظر شرح الطحاوية لفضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك (ص 268).
به، أو غلبهم بسيفه، حتى صار خليفة، وسمي أمير المؤمنين؛ وجبت طاعته، وحرمت مخالفته، والخروج عليه، وشق عصا المسلمين)): أشار المؤلف رحمه الله إلى ما تثبت به الولاية، والإمامة الكبرى:
- فمن ولي أمر المسلمين، واجتمعوا عليه، ورضوا به؛ بأن يكون تولى برضاهم واختيارهم: فقد ثبتت إمامته، ووجب له السمع والطاعة.
- وكذلك: من غلبهم بسيفه، ثم اجتمع عليه الناس، فإنه تثبت بذلك ولايته، ويستقر الأمر، ولا يحل لأحد الخروج عليه؛ لأن الخروج عليه حينئذٍ فساد عريض، ويفتح بهذا باب التناحر بين الأمة، وسفك الدماء، وانتهاك الحرمات، وهذا هو الذي درج عليه أهل السنة والجماعة؛ من عدم الخروج على ولاة الأمور؛ وإن كانوا فجاراً، أو وقع منهم ظلم؛ فيطاعون بالمعروف، ويعانون على ما شرع الله، كما جاء في الصحيح عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال:((بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله؛ إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم من الله فيه برهان)) (1).
وهذا موطن قد غلط فيه كثير من الناس، جهلاً وهوى وخطأ، فيجب على الإنسان أن يدين بالسمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف، وأن يدين بتحريم الخروج عليهم، وأن لا يعين أحداً
(1) رواه البخاري في صحيحه برقم (7056)، ومسلم في صحيحه برقم (1709).