الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كرضاي، وحب كحبي، والطائفتان منحرفتان عن الصراط المستقيم، والصراط المستقيم: هو ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومن سلك سبيلهم؛ وهم أهل السنة والجماعة.
الاستدلال والتمثيل
لبعض الصفات الواردة في السنة
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا))، وقوله:((يعجب ربك من شاب ليست له صبوة))، وقوله:((يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر، ثم يدخلان الجنة))، فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته؛ نؤمن به، ولا نرده ولا نجحده، ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره، ولا نشبهه بصفات المخلوقين، ولا بسمات المُحْدَثِين، ونعلم أن الله سبحانه لا شبيه له ولا نظير، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11]، وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه.
الشرح
قوله: ((ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا)) (1)، وقوله: ((يعجب ربك من شاب ليست له
(1) حديث متواتر سبق الحديث عنه في (ص 14).
صبوة)) (1)، وقوله:((يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر، ثم يدخلان الجنة)) (2)، فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته؛ نؤمن به، ولا نرده ولا نجحده، ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره، ولا نشبهه بصفات المخلوقين، ولا بسمات المُحْدَثِين،
(1) رواه أحمد في مسنده برقم (17371)، وفي تحقيق المسند:((حسن لغيره)) وساق له بعض الشواهد. وساق الألباني في السلسلة الصحيحة بعض الشواهد له برقم (2843)، وقال بعدها:((فصح الحديث والحمد لله))، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 345 - ح 17954):((رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وإسناده حسن)).
قال الشارح الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله في كتابه توضيح مقاصد الواسطية (ص 171): ((ومن الأدلة القرآنية على إثبات العَجَب: قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ} -بضم التاء-[الصافات:12]، في قراءة صحيحة سبعية، فالضمير في: {عَجِبْتُ} يعود لمن؟ إلى الله تعالى، كما دل على صفة العجب قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد:5]، وهذا الحديث [أي: الذي ذكره شيخ الإسلام في الواسطية وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((عجب ربك من قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ))] كذلك من الأدلة على إثبات صفة العجب، فهو تعالى يوصف بالعجب على المنهج المقرر: إثبات مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية، وليس عجبه تعالى لجهله بالأسباب، فهذا شأن المخلوق الذي يعجب أحياناً لجهله بالسبب، كما يقال:(إذا ظهر السبب بطل العجب)، هذا في عجب المخلوق، أو بعض عجب المخلوق)) ا. هـ.
(2)
قطعة من حديث رواه البخاري في صحيحه برقم (2826)، ومسلم في صحيحه برقم (1890) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وتمامه:((فقالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: ((يقاتل هذا في سبيل الله عز وجل فيستشهد، ثم يتوب الله على القاتل فيسلم؛ فيقاتل في سبيل الله عز وجل فيستشهد)) واللفظ لمسلم.
ونعلم أن الله سبحانه لا شبيه له ولا نظير، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11])): على كل حال هذه العبارات وهذه الكلمات تبين لنا أن الشيخ المؤلف الموفق ابن قدامة رحمه الله جارٍ في هذه النصوص من الآيات والأحاديث في باب الصفات مجرى أهل السنة والجماعة، فنؤمن بهذا كله ولا نرده، نؤمن بكل ما أخبر به الله تعالى من الصفات، من الوجه واليدين والمحبة والرضا والغضب، وما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم كالنزول والضحك والعَجَب، فنؤمن بهذا كله حقاً ولا نرده؛ كما يفعل أصحاب الأهواء من الجهمية ومن وافقهم، ولا نتأوله تأويلاً يخرجها عن ظاهرها، ولا نشبه صفات الله بصفات خلقه، بل نؤمن بأنه سبحانه منزه عن صفات المخلوقين، وسمات المحدثين.
وقوله: ((ولا نشبهه بصفات المخلوقين، ولا بسمات المُحْدَثِين)): إنما هما جملتان بمعنى واحد، ولكنه أراد التنويع في العبارة.
وقد قرر رحمه الله أن المذهب الحق هو الإيمان بهذه النصوص، وإمرارها على ظاهرها، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل، وهذا يبين أن بعض العبارات المتقدمة التي توهم التفويض؛ أنه لا يريد نفي المعنى، ونفي التفسير الصحيح، بل نفي التشبيه والتمثيل، ونفي التأويل الذي يخرج النصوص عن ظاهرها.
قوله: ((وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه)): هذه قاعدة عظيمة في الكيفيات، وإلا فالمؤمن