المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأولالتعريف بالتاريخ - تسديد الإصابة فيما شجر بين الصحابة

[ذياب الغامدي]

فهرس الكتاب

- ‌أقْوَالٌ مَأثُوْرَةٌ

- ‌تقريظ

- ‌البَابُ الأوَّل

- ‌الفَصْلُ الأوَّلُالتَّعْرِيْفُ بالتَّارِيْخِ

- ‌الفَصْلُ الثَّانِيأهَمِيَّةُ التَّارِيْخِ

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُخُطُوْرَةُ الكَلامِ في التَّارِيْخِ دُوْنَ عِلْمٍ

- ‌البَابُ الثَّاني

- ‌الفَصْلُ الأوَّلُمَوْضُوْعُ الفِتْنَةِ، وَمَوْقِعَةُ (الجَمَلِ، وصِفِّيْنَ)

- ‌مَوْقِعَةُ الجَمَلِ

- ‌خُلاصَةُما جَاءَ في مَوْقِعَةِ الجَمَلِ

- ‌مَوْقِعَةُ صِفِّيْنَ

- ‌تَحْقِيْقُ قِصَّةِ الحَكَمَيْنِ رضي الله عنهما

- ‌سَبَبُ القِتَالِ بَيْنَ عَلِيٍّ ومُعَاوِيَةَ رضي الله عنهما

- ‌خُلاصَةُ ما جَاءَ في صِفِّيْنَ

- ‌الفَصْلُ الثَّاني عَدَدُ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ حَضَرُوا الفِتْنَةَ

- ‌البابُ الثَّالِثُمُجْمَلُ ما دَارَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وذَلِكَ في ثَلاثَةِ أُمُوْرٍ

- ‌الأمْرُ الأوَّلُ: تَحْدِيْدُ بِدَايَةِ التَّشَاجُرِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌الأمْرُ الثَّاني: الدَّافِعُ الَّذِي حَمَلَ الصَّحَابةَ رضي الله عنهم على التَّشَاجُرِ بَيْنَهُم

- ‌الأمْرُ الثَّالِثُ: وُجُوْبُ السُّكُوْتِ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌البَابُ الرَّابِعُ

- ‌الفَصْلُ الأَوَلُفَضَائِلُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌مَا وَقَعَ بَينَ الصَّحَابَةِ قَدْ دَلَّتْ عَلَيْهالنُّصُوصُ الشَّرْعَيَّةُ

- ‌أقْوَالُ النَّاسِ فِيْمَا وَقَعَ في صِفِّيْنَ

- ‌أيُّهُمَا أوْلَى بالحَقِّ عَلِيٌّ أمْ مُعَاوِيَةُ

- ‌الفَصْلُ الثَّانيوُجُوْبُ مَحَبَّةِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُوُجُوْبُ الدُّعَاءِ والاسْتِغْفَارِ لِلصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُعَدَالَةُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌الفَصْلُ الخَامِسُحُكْمُ مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم

- ‌أقْوَالُ أهْلِ العِلْمِ في حُكْمِ مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ

- ‌حُكْمُ منْ سَبَّ أزْوَاجَ النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌المَطْلَبُ الأوَّلُ: حُكْمُ مَنْ سَبَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها

- ‌المَطْلَبُ الثَّاني: حُكْمُ مَنْ سَبَّ غَيْرَ عَائِشَةَ مِنْ أزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الفَصْلُ السَّادِسُفَضَائِلُ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه

- ‌الشُّبهُ الَّتِي قِيْلَتْ حَوْلَ مُعَاوِيَةَ، والرَّدُّ عَلَيْهَا

- ‌البَابُ الخَامِسُ أقْوَالُ السَّلَفِ في وُجُوبِ السُّكُوْتِ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌البَابُ السَّادِسُ الآثَارُ السِّلْبِيَّةُ مِنْ نَشْرِ ما حَصَلَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ

- ‌البَابُ السَّابِعُ الإِيْرَادَاتُ

- ‌الإِيْرَادُ الأَوَّلُ:

- ‌الإيْرَادُ الثَّانِي:

- ‌البَابُ الثَّامِنُ خُلاصَةُ البَحْثِ

- ‌ثبت المراجع

الفصل: ‌الفصل الأولالتعريف بالتاريخ

‌الفَصْلُ الأوَّلُ

التَّعْرِيْفُ بالتَّارِيْخِ

إنَّ فَنَّ التَّارِيْخِ مِنْ الفُنُوْنِ الَّتي تَتَدَاوَلُهَا الأُمَمُ والأجْيَالُ، وتُشَدُّ إلَيْهِ الرَّكَائِبُ والرِّحَالُ، وتَسْمُوْ إلى مَعْرِفَتِهِ السَّوَقَةُ والأغْفَالُ، وتَتَنَافَسُ فِيْهِ المُلُوْكُ والأقْيَالُ، ويَتَسَاوَى في فَهْمِهِ العُلَمَاءُ والجُهَّالُ.

لِهَذَا نَجِدُ النُّفُوْسَ تَشْرَئِبُّ إلى مَعْرِفَةِ بِدَاياتِ الأشْيَاءِ، وتُحِبُّ سمَاعَ أخْبَارِ الأنْبِيَاءِ، وتَحِنُّ إلى مُطَالَعَةِ سِيَرِ المُلُوْكِ والحُكَمَاءِ، وتَرْتَاحُ إلى ذِكْرِ ما جَرَى لِلْقُدَمَاءِ (1).

* * *

«إلَاّ أنَّ التَّارِيْخَ الإسْلامِيَّ تَارِيْخُ دِيْنٍ وعَقِيْدَةٍ قَبْلَ أنْ يَكُوْنَ تَارِيْخَ دُوَلٍ، ومَعَارِكَ، ونُظُمٍ سِيَاسِيَّةٍ؛ لأنَّ العَقِيْدَةَ هِيَ الَّتي أنْشَأتْ هَذِهِ الكَيَانَاتِ مِنْ الدُّوَلِ والمُجْتَمَعَاتِ بِنُظُمِهَا السَّيَاسِيَّةِ، والإدَارِيَّةِ، والتَّعْلِيْمِيَّةِ، والاقْتِصَادِيَّةِ وغَيْرِهَا

!

(1) انْظُرْ «مُقَدِّمَةَ ابنِ خُلْدُوْنٍ» (1/ 3)، و «المُنْتَظَمَ» لابنِ الجَوْزِيِّ (1/ 115).

ص: 17

ولِذَلِكَ فإنَّ المُسْلِمَ عِنْدَمَا يُدَوِّنُ واقِعَاتِ التَّارِيْخِ وأحْدَاثَهُ، وعِنْدَمَا يَدْرُسُهَا يَنْبَغِيْ أنْ لا يَكُوْنَ تَدْوِينُهُ ودِرَاسَتُهُ بِدُوْنِ غَايَةٍ واضِحَةٍ، وهَدَفٍ يَخْدِمُ عَقِيْدَتَهُ، وتَصَوُّرَهُ الإيْمَانِيِّ.

وأنَّهُ لا بُدَّ أنْ يَرْبُطَ عَمَلَهُ التَّارِيْخِيَّ بِعَقِيْدَتِهِ ومَنْهَجِهِ لِكَيْ يَسْتَفِيْدَ مِنَ الأحْدَاثِ التَّارِيْخِيَّةِ دُرُوْسًا وتَوْجِيْهَاتٍ مُثْمِرَةً، وَلِكَيْ يُدْرِكَ مِنْ خِلالِ الوَقَائِعِ سُنَنَ اللهِ، وقَدَرَهُ وهَيْمَنَتَهُ عَلَى الكَوْنِ، ومِثْلُ هَذِهِ المَعْرِفَةِ والإدْرَاكِ تَزِيْدُ مِنْ إيْمَانِهِ وطَاعَتِهِ للهِ، وتُتِيْحُ لَهُ الحُصُولَ عَلَى الثَّمَرَاتِ الَّتي يَرْجُوْهَا المُسْلِمُ مِنْ دِرَاسَةِ تَارِيْخِهِ.

فَالْتِزَامُ البَاحِثِ بِمَنْهَجِ العَقِيْدَةِ؛ يَرْسُمُ لَهُ طَرِيْقَةَ التَّعَامُلِ مَعَ الحَدَثِ، وكَيْفِيَّةَ مُعَالجَتِهِ ودَرْسِهِ، وأَخْذَ العِظَةِ مِنْهُ» (1).

* * *

فَلَمَّا كَانَ هَذَا شَأنُ التَّارِيْخِ بِعَامَّةٍ؛ أرَدْنَا أنْ نَقِفَ مَعَ تَعْرِيْفِهِ كَيْ يَتَسَنَّى لنَا فَهْمُهُ وتَصَوُّرُهُ.

* * *

(1) انْظُرْ «مَنْهَجَ كِتَابَةِ التَّارِيْخِ الإسْلامِيِّ» للشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ صَامِلٍ السُّلمِيِّ، فكِتَابُه هَذا يُعَدُّ مِنْ أنْفَعِ الكُتُبِ المَنْهَجِيَّةِ في تَحْقِيْقِ وتَقْرِيْرِ مَنَاهِجِ كِتَابةِ التَّارِيْخِ الإسْلامِيِّ، فكَانَ جَدِيْرًا أنْ يَنْظُرَ فِيْهِ أهْلُ الاخْتِصَاصِ المُشْتَغِلِيْنَ بالتَّارِيْخِ الإسْلامِيِّ، وأنْ يَكُوْنَ قَانَونًا للمَعَايِيْرِ الكِتَابيَّةِ في التَّارِيْخِ الإسْلامِيِّ، (6،197).

ص: 18

فالتَّارِيْخُ في اللُّغَةِ: الإعْلامُ بالوَقْتِ، يُقَالُ أرَّخْتُ الكِتَابَ ووَرَّخْتُهُ بِمَعْنى، أي بَيَّنِتُ وَقَتَ كِتَابَتِهِ.

قَالَ الجَوْهَرِيُّ: التَّأرِيْخُ تَعْرِيْفُ الوَقْتِ، والتَّوْرِيْخُ مِثْلُهُ، يُقَالُ: أَرَّخْتُ ووَرَّخْتُ، وقِيْلَ اشْتِقَاقُهُ مِنَ الأَرْخِ؛ يَعْنِي بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وكَسْرِهَا، وَهُوَ صِغَارُ الأُنْثَى مِنْ بَقَرِ الوَحْشِ؛ لأنَّهُ شَيْءٌ حَدَثَ كَمَا يَحْدُثُ الوَلَدُ

(1).

* * *

وفي الاصْطِلاحِ: «فَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ العُلَمَاءِ في تَحْدِيْدِ تَعْرِيْفٍ لَهْ، ولَعَلَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلى كَثْرَةِ المَوْضُوْعَاتِ الَّتي تَدْخُلُ في مَفْهُوْمِ التَّارِيْخِ.

ومِنَ المُلاحَظِ أنَّ المُؤَرِّخِيْنَ في القُرُوْنِ الثَّلاثَةِ الأوْلى مِنَ الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ لَمْ يُدَوِّنُوا تَعْرِيْفًا كامِلاً لِعِلْمِ التَّارِيْخِ، وإنَّمَا كانُوا يَكْتَفُوْنَ بِذِكْرِ

(1) انْظُرْ «الإعْلانَ بالتَّوْبِيْخِ» للسَّخَاوِيِّ ص (16)، و «الصِّحَاحَ» للجَوْهَرِيِّ (1/ 200)، و «لِسَانَ العَرَبِ» لابنِ مَنْظُوْرٍ (3/ 481).

ص: 19

فَوَائِدِهِ وأغْرَاضِهِ، وَمِنَ المَعْلُوْمِ أنَّ العِلْمَ قَدْ يُعرَّفُ بِبَعْضِ أنْوَاعِهِ، أو أمْثِلَتِهِ، أوْ بِذِكْرِ غَايَاتِهِ» (1).

إلَاّ أنَّنا مَعَ هَذَا الخِلافِ، والنَّظَرِ في جُمْلَةِ التَّعَارِيْفِ عِنْدَ أهْلِ العِلْمِ نَسْتَطِيْعُ أنْ نَخْرُجَ بتَعْرِيْفٍ جَامِعٍ للتَّارِيْخِ: وهُوَ مَعْرِفةُ أحْوَالِ الطَّوَائِفِ وبُلْدَانِهِم، ورُسُومِهِم وعَادَاتِهِم، وصَنَائِعِ أشْخَاصِهِم وأنْسَابِهِم، ووَفَياتِهِم إلى غَيْرِ ذَلِكَ (2).

(1)«مَنْهَجُ كِتَابَةِ التَّارِيْخِ الإسْلامِيِّ» للشَّيْخِ مُحَمَّدِ السُّلمِيِّ (54).

(2)

انْظُرْ «كَشْفَ الظُّنُوْنِ» لحاجِي خَلِيْفَةَ (1/ 255)، و «مِفْتَاحَ السَّعَادَةِ ومِصْبَاحَ السِّيَادَةِ» لطَاشِ كُبْرَى زَادَه (1/ 231)، و «الإعْلانَ بالتَّوْبِيْخِ» للسَّخَاوِيِّ، (18).

ص: 20