الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البَابُ الثَّامِنُ خُلاصَةُ البَحْثِ
البَابُ الثَّامِنُ خُلاصَةُ البَحْثِ
هَذِهِ خُلاصَةٌ جَمَعْنَاها بَيْنَ يَدَيْ القَارِئ بَعْدَ انْتِقَاءٍ مُحَرَّرٍ، فِيْها إجْمَالُ ما حَوَتْهُ الأبْوَابُ والفُصُوْلُ، بَعْدَ بَحْثٍ وتَحْقِيْقٍ تَأخُذُ بِيَدِ القَارِئ إلى رِيَاضِ الحَقِّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الكِتَابُ، والسُّنَّةُ، والإجْمَاعُ، وأقْوَالُ السَّلَفِ نَحْوُ: أصْحَابِ الرَّسُوْلِ صلى الله عليه وسلم، فَهِيَ إجْمَاعَاتٌ واتِّفاقَاتٌ يَأخُذُ بَعْضُها برِقَابِ بَعْضٍ وللهِ الحَمْدُ، فَهَاكَهَا في نُقَاطٍ ثَمَانٍ:
الأوْلى: أجْمَعَ أهْلُ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ على أنَّ أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ وطَلْحَةَ والزُّبَيْرَ رضي الله عنهم لَمْ يَقْصُدُوا بِخُرُوْجِهِم إلى البَصْرةِ إلَاّ الإصْلاحَ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ.
الثَّانِيَةُ: وأجْمَعُوا (أيْضًا) على أنَّ عَائِشَةَ وطَلْحَةَ والزُّبَيْرَ لَمْ يَدَّعُوْا الخِلافَةَ لأحَدٍ مِنْهُم، ولَمْ يُنازِعُوا عَلِيًّا في خِلافَتِهِ.
وأنَّ الصُّلْحَ قَدْ حَصَلَ بَيْنَهُم، وهُوَ أخْذُ القَصَاصِ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه.
الثَّالِثَةُ: أنَّ ما وَقَعَ في (الجَمَلِ) مِنْ قِتَالٍ بَيْنَ عَليٍّ، وبَيْنَ عَائِشَةَ وطَلْحَةَ والزُّبَيْرِ كَانَ دُوْنَ عِلْمٍ مِنْهُم؛ بَلْ أصْحَابُ الفِتْنَةِ مِنَ الثُّوَّارِ والأعْرَابِ هُمُ الَّذِيْنَ انْشَبُوْا الحَرْبَ بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ مَكْرًا وزُوْرًا، فَعِنْدَئِذٍ وَقَعَ القِتَالُ بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ ظَنًّا مِنْهُما أنَّ الوَاحِدَ مِنْهُم يَدْفعُ عَنْهُ صَوْلَةَ الآخَرِ.
الرَّابِعَةُ: أنَّ مُعَاوِيَةَ بنَ أبي سُفْيَانَ رضي الله عنه لَمْ يُقَاتِلْ أو يُنَازِعْ عَليًّا رضي الله عنه على خِلافَةٍ، أو أفْضَلِيَّةٍ قَطُّ، اللَّهُمَّ أنَّه لَمْ يُعْطِ عَليًّا البَيْعَةَ حَتَّى يَقْتُلَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، أو يُسَلِّمَهُم إلَيْه، كَمَا أنَّ عَليًّا رضي الله عنه لَمْ يُقْدِمْ عَلَى القِتَالِ حَتَّى أمْهَلَ مُعَاوِيَةَ عَسَاهُ يَرْضَى بتَقْدِيْمِ البَيْعَةِ أوَّلاً.
الخَامِسَةُ: أنَّ مُعَاوِيَةَ بنَ أبي سُفْيَانَ رضي الله عنه اجْتَهَدَ في تَأخِيْرِ البَيْعَةِ، وتَقْدِيْمِ أخْذِ القَصَاصِ مِنَ القَتَلةِ وللمُجْتَهِدِ أجْرُهُ، وحَسْبُنا أنَّ مُعَاوِيَةَ مِنْ أهْلِ الاجْتِهَادِ، مَعَ ما عِنْدَهُ مِنْ صِدْقِ نِيَّةٍ، وبَذْلِ وُسْعٍ فِيْمَا أقْدَمَ عَلَيْه، عِلْمًا أنَّ دَعْوَاهُما حَقٌّ، إلَاّ أنَّ عَلِيًّا كَانَ أقْرَبَ إلى الحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنهما.
السَّادِسَةُ: أنَّ عَدَدَ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ حَضَرَوْا أيَّامَ الفِتْنَةِ (الجَمَلَ وصِفَّيْنَ) قَلِيْلٌ جِدًّا، لا يَكَادُوْنَ يَتَجَاوَزُونَ الثَّلاثِيْنَ قَطْعًا،
وهُمْ أيْضًا مَعَ حُضُوْرِهِم هَذا لَمْ يُقَاتِلْ مِنْهُم أحَدٌ، أمَّا أكَابِرُ الصَّحَابةِ رَضِيَ اللهُ عَنِ الجَمِيْعِ فَلَمْ يَدْخُلُوْا في فِتْنَةٍ قَطُّ!
السَّابِعَةُ: أجْمَعَ أهْلُ السُّنَّةِ قَاطِبَةً على وُجُوْبِ مَحَبَّةِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، والدُّعَاءِ لَهُم، وأنَّهُم كُلَّهم عُدُوْلٌ بلا اسْتِثْنَاءٍ سَوَاءٌ مَنْ لابَسَ الفِتْنَةَ مِنْهُم أو لا، وأنَّ سَبَّهُم زَنْدَقَةٌ ورِدَّةٌ، وأنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه أفْضَلُ مُلُوكِ المُسْلِمِيْنَ قَاطِبَةً بَعْدَ الخُلَفَاءِ الأرْبَعَةِ (أبي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ، وعَليٍّ)، وأنَّ مُلْكَهُ مُلْكُ رَحْمَةٍ.
الثَّامِنَةُ: أجْمَعَ أهْلُ السُّنَّةِ على الكَفِّ والإمْسَاكِ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، والسُّكُوْتِ عَمَّا حَصَلَ بَيْنَهُم مِنْ قِتَالٍ وحُرُوْبٍ.
وعَدَمِ البَحْثِ والتَّنْقِيْرِ عَنْ أخْبارِهِم أو نَشْرِها بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ لِمَا لَهَا أثَرٌ سَيْئٌ في إثَارَةِ الفِتْنَةِ والضَّغائِنِ، وإيْغَارِ الصُّدُوْرِ عَلَيْهِم، وسُوْءِ الظَّنِّ بِهِم مِمَّا يُقَلِّلُ الثِّقَةَ بِهِم
…
!
* * *
وأخِيْرًا:
هَذا ما أحْبَبْتُ رَسْمُه في كِتَابِي: (تَسْدِيْدِ الإصَابَةِ فِيْمَا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ)
مِنْ خِلالِ ثَمانِيَةِ أبْوَابٍ، والثَّمانِيَةُ أيْضًا في ثَمَانِ نُقَاطٍ عَسَى أنْ تَكُوْنَ سَبَبًا لدُخُوْلِي مِنْ أيِّ أبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمانِيَةِ، اللَّهُمَّ أمِيْنَ!
واللهَ أسْألُ أنْ يُرِيَنا الحَقَّ حَقًّا ويَرْزُقَنا اتِّبَاعَهُ، والباطِلَ بَاطِلاً ويَرْزُقَنا اجْتِنَابَهُ آمِيْنَ!
والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى عَبْدِهِ ورَسُولِهِ الأمِيْنِ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ المَيَامِيْنِ!
وكَتَبَهُ
ذِيابِ بنِ سَعْدٍ آلِ حَمْدَانَ الغَامِدِيِّ