الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الصلاة على الميت
القارئ: وهي فرض على الكفاية لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (صلوا على من قال لا إله إلا الله) ويكفي واحد لأنها صلاة ليس من شرطها الجماعة فلم يشترط لها العدد كالظهر وتجوز في المسجد لأن عائشة رضي الله عنها قالت ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد رواه مسلم وصلي على أبي بكر وعمر في المسجد وتجوز في المقبرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر في المقبرة ويجوز فعلها فرادى لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلي عليه فرادى والسنة فعلها في جماعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها بأصحابه ويستحب أن يصف ثلاثة صفوف لما روى مالك بن هبيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب) وهذا حديث حسن وإن اجتمع نساء فصلين عليه جماعة أو فرادى فلا بأس لأن عائشة رضي الله عنها صلت على سعد ابن أبي وقاص.
الشيخ: الصلاة على الميت كما قال المؤلف رحمه الله فرض كفاية لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بها في حديث أصح مما قاله المؤلف حيث قال (صلوا على صاحبكم) فأمر بالصلاة عليه ولأن الله تعالى قال (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً) وهذا يدل على أن من عادتهم الصلاة على الأموات وليس من شرطها الجماعة فلو صلوا عليها فرادى صح والنبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه الصحابة فرادى لأنهم كرهوا أن يتخذوا إماماً بين يدي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فصاروا يأتون يصلون عليه أفراداً الرجال ثم النساء والصلاة على الميت في المسجد جائزة وليست هي الأفضل بل الأفضل أن يوضع للجنائز مصلى خاص يصلى عليهم فيه لكن نظراً لما اعتاده الناس اليوم حيث يصلون على الأموات في المساجد لأنه أكثر جمعاً وأوسع صار الناس يعتادون هذا ويصلون على الجنائز في المساجد والصلاة على الجنائز في المساجد من باب الجائز وليست من باب السنة أما الصلاة في المقبرة فكذلك هي جائزة أن يصلى على الميت في المقبرة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى على قبر المرأة التي كانت تقم المسجد وهذا يدل على جواز صلاة الجنازة في المقبرة وعلى هذا فيكون هذا مخصصاً لعموم
النهي عن الصلاة في المقبرة ويكون المراد بالنهي عن الصلاة في المقبرة الصلاة التي ليست صلاة جنازة أما هذه فلا بأس بها.
والمؤلف ذكر حديث مالك بن هبيرة أنه كان يصفهم ثلاثة صفوف لكن قد يقال إن معنى الحديث التكثير يعني (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين) المراد بذلك التكثير وفعل مالك بن هبيرة رضي الله عنه كقول بعض العلماء في خطى المسجد أنه ينبغي أن يقصر الخطى من أجل أن تكثر وفي هذا نظر لا في هذا ولا في هذا أما حديث مالك بن هبيرة فإنه يحمل على ما جاء في السنة من وجه آخر أن المراد بذلك تكثير المصلين ثم لو قلنا نجزِّئهم ونجعل الإمام وواحد وخلفهما اثنين وخلفهما اثنين خالفنا السنة في تكميل الصف الأول فالأول فالظاهر لي أن المراد بحديث مالك بن هبيرة التكثير كما يشهد له ما ذكرناه (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيء إلا شفعهم الله فيه) وأما تقارب الخطى فيمن جاء إلى المسجد فهو أيضاً خلاف ظاهر السنة فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (لا يخطو خطوة) والمراد الخطوة المعتادة ولو كان تقصير الخطى مطلوباً لبينه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فصل
القارئ: وأولى الناس بالصلاة عليه من أوصي إليه بذلك لإجماع الصحابة على الوصية بها فإن أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب وابن مسعود أوصى بذلك الزبير وأبو بكرة أوصى به أبا برزة وأم سلمة أوصت سعيد بن زيد وعائشة أوصت إلى أبي هريرة وأوصى أبو سريحة إلى زيد بن أرقم فجاء عمرو بن حريث وهو أمير الكوفة يتقدم فقال ابنه أيها الأمير إن أبي أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم فقدم زيد ولأنها حق للميت فقدم وصيه بها كتفريق ثلثه ثم الأمير لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه) وقال أبو حازم شهدت حسيناً عليه السلام حين مات الحسن.
الشيخ: ليست عندي عليه السلام فالظاهر أنها من الطابع.
القارئ: وقال أبو حازم شهدت حسيناً حين مات الحسن وهو يدفع في قفى سعيد بن العاص ويقول تقدم لولا السنة ما قدمتك وسعيد أمير المدينة ولأنها إمامة في صلاة فأشبهت سائر الصلوات.
الشيخ: قول المؤلف رحمه الله ثم الأمير بناءً على ما كانوا يعهدونه في ذلك الوقت أن الإمام هو الأمير أما في عهدنا الآن فإمام المسجد أحق من الأمير وذلك لأن إمام المسجد هو ذو سلطان في مكانه فيكون هو
أحق نعم لو فرض أنه جاء من فوق الإمام كوزير شؤون المساجد فوزير شؤون المساجد الظاهر أنه أحق من إمام مسجد لأن ولايته على المساجد عامة ولو جاء رئيس الدولة كان أولى أيضاً أما أمير البلدة فالظاهر أن سلطان المسجد هو إمام المسجد.
القارئ: ثم الأب وإن علا ثم الابن وإن سفل ثم أقرب العصبة ثم الرجال من ذوي أرحامه ثم الأجانب وفي تقديم الزوج على العصبة روايتان أشهرهما تقديم العصبة لأن عمر قال لقرابة امرأته أنتم أحق بها ولأن النكاح يزول بالموت والقرابة باقية.
الشيخ: سبق أن النكاح لا يزول بالموت نهائياً بل هناك علاقات كالإرث والعدة والمهر وما أشبه ذلك.
القارئ: والثانية الزوج أحق بها لأن أبا بكرة صلى على امرأته دون أخوتها ولأنه أحق منهم بغسلها فإن استووا فأولاهم أولاهم بالإمامة في المكتوبات للخبر فيه والحر أولى من العبد القريب لعدم ولايته فإن استووا وتشاحوا أقرع بينهم.
الشيخ: الحمد لله أن هذه الأمور التي يفرضها الفقهاء ما توجد الآن والآن يتولى الصلاة على الجنائز إمام المسجد ثم إذا قدمت في غير وقت الصلاة يختار الناس من يرون أنه أقرب إلى التقوى وقدموه ولا شك أن من كان أقرب إلى التقوى أحق لأن المقام يقتضيه إذ أن المقام مقام دعاء وكلما كان الإنسان أتقى لله كان أقرب إلى الإجابة.
فصل
القارئ: ومن شرطها الطهارة والاستقبال والنية لأنها من الصلوات فأشبهت سائرهن والسنة أن يقوم الإمام حذاء رأس الرجل ووسط المرأة لما روي أن أنساً صلى على رجل فقام عند رأسه ثم صلى على امرأة فقام حيال وسط السرير فقال له العلاء بن زياد هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على المرأة مقامك منها ومن الرجل مقامك منه قال نعم وهذا حديث حسن.
الشيخ: والحكمة والله أعلم أن الرأس مقدمة البدن فكان وقوفه عنده أولى من بقية البدن وأما وسط المرأة فلأن القيام عنده أستر لها وهذا بناءً على أن نعوش النساء لا يكون عليهن مكبة فإذا قام الإمام عند وَسَطها ستر وسطها عمن وراءه هذا والله أعلم الحكمة في ذلك وقوله (هكذا رأيت) الجملة هذه استفهامية حذف منها أداة الاستفهام والتقدير (أهكذا) ولهذا أمثلة كثيرة في القرآن وغير القرآن (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ) التقدير (أهم ينشرون) ولهذا كان ينبغي أن يقف الإنسان عند قوله تعالى (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ) لأنه لو وصل لظن الظان أن جملة ينشرون صفة لآلهة وليس كذلك.
القارئ: ويجوز أن يصلي على جماعة دَفْعة واحدة ويقدم إلى الإمام أفضلهم ويسوى بين رؤوسهم فإن اجتمع رجال ونساء وصبيان وخناثى قدم الرجال وإن كانوا عبيداً ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء لما روى عمار مولى الحارث بن نوفل قال شهدت جنازة صبي وامرأة فقدم الصبي مما يلي القوم ووضعت المرأة وراءه فصلى عليهما وفي القوم أبو سعيد الخدري وابن عباس وأبو قتادة وأبو هريرة فسألتهم فقالوا السنة رواه أبو داود ولأنهم هكذا يصفون في صلاتهم وقال الخرقي يقدم النساء على الصبيان لحاجتهن إلى الشفاعة ويسوى بين رؤوسهم لأن ابن عمر كان يسوي بين رؤوسهم وعن أحمد ما يدل على أنه يجعل صدر الرجل حذاء وسط المرأة واختاره أبو الخطاب ليقف كل واحد منهما موقفه.
الشيخ: وهذا هو الأقرب فالآن إذا اجتمع أصناف رجال ونساء وقدمناهم بين يدي الإمام فمن الذي يلي الإمام؟ الرجال ثم الصبيان ثم النساء وكيف نضعهم أمامه؟ المذهب أن رأس الرجل يكون بحذاء وسط المرأة ليكون موقف الإمام مطابقاً للسنة في كل جنازة على حدة والقول الثاني تكون رؤوسهم سواءً ويقف الإمام عند الرأس لأن هذا موقف الإمام من جنازة الرجل فكان أحق بالمراعاة من جنازة المراة والأول أقرب للصواب.
السائل: هل لإمام المسجد أن يقدم أحد أقرباء الميت في الصلاة عليه؟
الشيخ: لا بأس لا سيما إذا كان القريب مشهوراً بالتقى والعبادة والعلم فهنا قد يحسن أنه يقدم.
السائل: ذكرنا أنه يجوز الصلاة في المقبرة على القبر وبعض العلماء يقول إنه يقتصر فقط على الصلاة على القبر كما ورد وأما الصلاة على الجنازة التي لم تدفن بعد داخل المقبرة فيبقى على الأصل وهو النهي فيصلى عليها خارج المقبرة ثم تدخل المقبرة؟
الشيخ: الأول أصح أنه يصلى على الجنائز في المقبرة كما يصلى على القبور لأن الصلاة على القبور أعظم وإذا كان الشرع أجاز أن يصلي الإنسان إلى القبر وهو منهي عنه بعينه (لا تصلوا إلى القبور) ففي مكان القبور من باب أولى.
السائل: هل نقول إن الأصل عدم الصلاة فلما استثنيت هذه الحالة بقي على الأصل؟
الشيخ: لا ما دام عندنا قياس صحيح جلي فنأخذ به ولهذا صلاة الجنازة ليست صلاة مطلقة بل يقال صلاة جنازة فهي مقيدة.
مسألة: الأصل أن ما ثبت للرجال ثبت للنساء وأنه كما يكفن الرجل بثلاثة أثواب كذلك المرأة.
فصل
القارئ: وأركان صلاة الجنازة ستة، القيام لأنها صلاة مكتوبة فوجب القيام فيها كالظهر.
الشيخ: القيام في الصلاة معروف أنه ركن من أركانها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً) الحديث وهذه صلاة فتدخل في العموم المعنوي أو العموم اللفظي أما العموم اللفظي فظاهر وأما العموم المعنوي فالقياس والمؤلف رحمه الله جعلها من باب العموم المعنوي.
القارئ: الثاني أربع تكبيرات لأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشي أربعا متفق عليه.
الشيخ: هذا الاستدلال غير كافي في الواقع لأن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب لكن كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه حرف واحد أنه اقتصر على أقل من ثلاث بل حافظ عليها وربما زاد يدل هذا على وجوب الأربع ويستأنس لهذا بقوله (صلوا كما رأيتموني أصلي) أما مجرد أنه كبر على النجاشي أربعاً فهذا لا يدل على الوجوب لأنه فعل والفعل لا يدل على الوجوب على القول الراجح.
القارئ: الثالث أن يقرأ في التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن) وصلى ابن عباس على جنازة فقرأ بأم القرآن وقال إنه من السنة أو من تمام السنة حديث صحيح رواه البخاري ولأنها صلاة يجب فيها القيام فوجبت فيها القراءة كالظهر الرابع أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية لما روى أبو أمامة بن سهل عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى يقرأ في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة ولا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سراً في نفسه رواه الشافعي في مسنده وليس في الصلاة عليه شيء مؤقت وإن صلى كما يصلي في التشهد فحسن.
الشيخ: ليس في الصلاة عليه يعني على من؟ على النبي صلى الله عليه وسلم شيء مؤقت أي معين بل لو قال اللهم صل على محمد أو صلى الله على محمد أو الصلاة والسلام على محمد كفى لكن لا شك أن ما جاءت به السنة أفضل فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل كيف نصلي عليك قال قولوا (اللهم صل على محمد) إلى آخره.
القارئ: الخامس أن يدعو للميت في الثالثة لذلك ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء) رواه أبو داود ولأنه المقصود فلا يجوز الإخلال به وما دعا به أجزأه السادس التسليم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (تحليلها التسليم).
الشيخ: هذا الترتيب إذا صح فيه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو أمامه بن سهل عن رجل من أصحاب النبي فظاهر وإن لم يصح فهو أيضاً مناسب لأن المقصود بالصلاة على الميت هو الدعاء له والدعاء من سننه الثناء على الله عز وجل ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم الدعاء فهنا الثناء على الله عز وجل بماذا؟ بقراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التكبيرة الثانية والدعاء للميت في الثالثة لكن يبدأ بالدعاء العام لأنه أعم وأشمل والدعاء العام يدخل فيه الميت الذي بين يديه فأنت تقول (اللهم اغفر لحينا وميتنا) ومنهم هذا الميت ثم تدعو له بخصوصه فتقول له اللهم اغفر له وارحمه وهذا مناسب جداً وقد ذكرنا له نظيراً وهو التحيات في التشهد تبدأ بالثناء على الله ثم بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ثم بالسلام عليك ثم بالسلام على عباد الله الصالحين وبَدَأْت بالسلام عليك دون العموم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ابدأ بنفسك) ولأن الرسول علم الأمة هكذا قال (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين).
السائل: حديث ابن عباس فيه زيادة وسورة معه كذلك يعني الفاتحة وسورة فهل يجوز قراءة سورة مع الفاتحة؟
الشيخ: يجوز أن يقرأ مع الفاتحة سورة قصيرة أحياناً.
فصل
القارئ: وسننها سبع رفع اليدين مع كل تكبيرة لأن عمر كان يرفع يديه في تكبيرة الجنازة والعيد ولأنها تكبيرة لا يتصل طرفها بسجود ولا قعود فسن فيها الرفع كتكبيرة الإحرام.
الشيخ: وهذا هو الصحيح أنه يرفع يديه في كل تكبيرة من تكبيرات الجنائز أولاً لأنه صح عن ابن عمر بل صح مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما صححه الشيخ عبد العزيز بن باز في حاشيته على فتح الباري وثانياً لأنه لو لم يرفع يديه لكان الانتقال إلى ركن آخر بدون حركة خلاف الصلوات فكل الصلوات ليس فيها انتقال من ركن إلى ركن إلا بحركة إما ركوع أو سجود أو قيام أو قعود وهنا ينتقل من قراءة الفاتحة إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا اقتصر على مجرد التكبير صار انتقال بلا حركة وهذا خلاف المعهود في الصلوات فالقياس والحديث كلاهما يدل على أن من السنة أن يرفع الإنسان يديه في كل تكبيرة في صلاة الجنازة.
القارئ: والثاني الاستعاذة قبل القراءة لقول الله تعالى (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
الشيخ: بارك الله فيكم هذه مسألة مهمة إذا قرأت القرآن فاستعذ لكن إذا ذكرت القرآن على أنه شاهد فلا حاجة للاستعاذة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دائماً يستشهد بالآيات ولا يستعيذ لأنه لم يقصد القراءة إنما قصد الاستشهاد أو الاستدلال والعجب أن بعض الناس يقول لقول الله تبارك وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) ما قال الله هكذا هل قال الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) لا ولذلك هذه من الأخطاء التي ترد على بعض الناس الذين يريدون أن يستمسكوا بالسنة ونعم ما أرادوا لكن يجب أن تطبق السنة حيث جاءت السنة فنحن إذا شاهدنا حديث (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار) قالوا أفلا نتكل يا رسول الله قال (لا) اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) وليس بالحديث ثم استعاذ وقرأ وأمثلة كثيرة لهذا لكن لو فرض أنه من السنة وأنه ثابت أو قال أحد بعموم قوله (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) يشمل ما قرأه استشهاداً وما قرأه تعبداً وتحفظاً قلنا لا تقل قال الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (فإذا فرغت فانصب) قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى (فإذا فرغت فانصب) فاجعل الاستعاذة منك ثم قل قال الله عز وجل.
القارئ: الثالث الإسرار بالقراءة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسر بها الرابع أن يدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما روى أبو إبراهيم الأشهلي عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة قال (اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا) حديث صحيح وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وزاد (اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته فتوفه على الإيمان اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده).
الشيخ: وهذا هو الصواب أما قول بعض الفقهاء اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على السنة أظن هذا لفظه فهذا ليس بصحيح والصحيح ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان وإنما اختار النبي صلى الله عليه وسلم للحياة الإسلام وللموت الإيمان لأن الحساب إنما يكون على ما في القلب وآخر لحظة في الدنيا التي يموت عليها الإنسان هي التي يبعث عليها يوم القيامة نسأل الله أن يختم لنا ولكم بالإيمان أما الحياة فالحياة مع مجتمع فيكفي الإسلام ظاهراً حتى وإن كان الإنسان منافقاً لأن المقصود الإسلام ظاهراً يعني أن يستسلم الناس لله عز وجل ظاهراً وحسابهم على الله عز وجل ولهذا اختار النبي عليه الصلاة والسلام الفرق بين الحياة والموت ففي الحياة قال أحيه على الإسلام وفي الموت قال توفه على
الإيمان فإذا قال قائل النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أحييته منا) وهذا ينافي قولنا الاستسلام ولو ظاهراً قلنا إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه) فجعل المنافقين من أصحابه لأنهم أصحاب له ظاهراً فيكون منا فالمنافق منا ظاهراً وإن كان عدونا فإبليس مثلاً أمر الله الملائكة أن تسجد لآدم وإبليس أبى وهذا يدل على أن الخطاب موجه إليه مع أن الله يقول (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ) لكن إبليس كان معهم وليس منهم لأنه خلق من نار وهم خلقوا من نور فليس منهم أصلاً ولا عملاً ولذلك استكبر وهم سجدوا لكنه وجِّه الخطاب إليه معهم لأنه مندمج فيهم متشبِّه بهم.
القارئ: وفي آخر (اللهم أنت ربها وأنت خلقتها وأنت هديتها للإسلام وأنت قبضتها وأنت أعلم بسرها وعلانيتها جئناك شفعاء فاغفر له) رواه أبو داود وعن عوف بن مالك قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت رواه مسلم.
الشيخ: الله أكبر هذا دعاء عظيم من النبي عليه الصلاة والسلام لأن قوله (أبدله داراً خيراً من داره) واضح داراً خيرا من داره لأن دار الدنيا دار شقاء وتعب وعناء وكدر ولا يكاد يمضي على الإنسان يوماً يسر فيه إلا والذي بعده يساء فيه كما قال الشاعر:
فيوم علينا ويوم لنا
…
ويوم نساء ويوم نسر
لكن دار الآخرة ليس فيها ذلك إذا كان الإنسان من أهل الجنة جعلني الله وإياكم منهم فالدار خير من دار الدنيا (أهلاً خيراً من أهله) هذه قد يكون فيها إشكال من خيرٌ من أهله؟ الحور وعلى كل حال الحور مختلف هل هم خير أو بنو آدم خير؟ لكن الخيرية تكون ببدل العين وتكون ببدل الوصف وهنا إذا غير الله وصف أهلك من سوء معاملة إلى حسن معاملة فإنه يقال إن الله أبدلك بخير منهم أليس الله يقول (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) مع أن الأرض هي الأرض ما تبدلت لكن تغيرت وكذلك يقال (زوجاً خيراً من زوجه) لا يعني ذلك أن زوجه لا يكونون معه لا، فهم يكونون معه لكن يبدل الله تعالى أحوالهم بحال أخرى غير الحال التي كانوا عليها في الدنيا، وقوله (حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت) هل هذا من باب تمني الموت المنهي عنه؟ الجواب لا بل لا بد من تمني هذا الدعاء لأنه لا يدري ربما يصلي عليه من لا يدعو هذا الدعاء وربما لا يصلي عليه النبي عليه الصلاة والسلام.
القارئ: وإن كان طفلاً جعل مكان الاستغفار له اللهم اجعله لوالديه ذخرا وفرطاً وسلفاً وأجرا اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم فإن لم يعلم شراً من العبد قال اللهم لا نعلم إلا خيرا.
الشيخ: هذا الدعاء للطفل جمعه بعض العلماء رحمهم الله من عدة أحاديث وأتوا به فقوله اللهم اجعله ذخراً لوالديه وفرطاً وسلفاً وأجرا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من مات له ثلاثة من الولد واثنان من الولد كانوا ستراً له من النار وأما قوله الحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم فهو أيضاً بناء على أن صبيان المؤمنين عند إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما جاء ذلك في بعض ألفاظ حديث المعراج وأما قوله (قه برحمتك عذاب الجحيم) فقد أشكل على أهل العلم وقالوا كيف يدعى له بأن يقيه الله عذاب الجحيم مع أنه لا يعذب إذ أنه قد رفع عنه القلم؟ فأجاب بعضهم بأن هذا يكون عند الورود ورود الناس على جهنم في الصراط فإن الإنسان قد يتعذب من ذلك المرور ومنهم الأطفال ولكنه جواب يهتز ليس ثابتاً ولو دعا لوالديه بالرحمة والثواب والأجر لكان كافياً.
القارئ: الخامس أن يقف بعد الرابعة قليلاً وهل يسن فيها ذكر على روايتين.
الشيخ: على روايتين عن أحمد رحمه الله فالمذهب أنه لا ذكر فيها يقف ثم يسلم والوقوف ليس طويلاً أيضاً وقوف بقدر ما يتراد إليه نفسه ثم يسلم وقيل بل فيها ذكر ثم ما هذا الذكر؟ قيل إنه يقول اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله وقيل إنه يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وكل هذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام لكنه استحسان من بعض العلماء المهم هل فيها ذكر أو لا؟ المذهب ليس فيها ذكر والرواية الثانية عن أحمد أن فيها ذكراً وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أن الروايتين متساويتان لأنه لم يقدم واحدة على الأخرى بل قال على روايتين فمن قال ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة فحسن لأن شيخ الإسلام رحمه الله قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يختم بهذا الدعاء دعاءه.
القارئ: السادس أن يضع يمينه على شماله لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فوضع يمينه على شماله السابع الالتفات على يمينه في التسليمة.
فصل
القارئ: ولا يسن الاستفتاح لأن مبناها على التخفيف ولا قراءة شيء بعد الفاتحة لذلك وعنه يسن الاستفتاح.
الشيخ: ولو أنه ذكر المؤلف القول بأنه لا بأس أن يقرأ بعد الفاتحة شيئاً في بعض الأحيان لكان هذا جيداً لأنه ثبت فيقال إذا قرأ شيئاً بعد الفاتحة فحسن في بعض الأحيان ولا سيما إذا كان مأموماً وأطال الإمام القراءة فلابد أن يقرأ المأموم ولا يسكت فيقرأ ما يظن أنه يكمله قبل تكبيرة الإمام.
القارئ: ولا يسن تسليمة ثانية لأن عطاء بن السائب قال إن النبي صلى الله عليه وسلم سلَّم على الجنازة تسليمة واحدة رواه الجوجزاني ولأنه إجماع قال أحمد التسليم على الجنازة تسليمة واحدة عن ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيه اختلاف إلا عن إبراهيم.
الشيخ: الظاهر إنه إبراهيم النخعي لأنه من أفقه التابعين.
القارئ: ولا تسن الزيادة على أربع تكبيرات لأنها المشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وجمع عمر الناس على أربع تكبيرات وقال هو أطول الصلاة فإن كبر خمساً جاز وتبعه المأموم لأن زيد بن أرقم كبر على جنازة خمسا وقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبرها رواه مسلم وعنه لا يتابع فيها اختاره ابن عقيل لأنها زيادة غير مسنونة.
الشيخ: هذا غريب أن تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ثم يقال غير مسنونة بل يسن أن يكبر خمساً أحياناً وإن كان أكثر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أن يكبر أربعاً هذا هو الأكثر وهو الأغلب لكن لو كبر خمساً لحديث زيد بن أرقم أحياناً فلا بأس وهذا من نشر السنة ولكن يبقى أن يقال ماذا يقول ما بين الرابعة والخامسة؟ لا أعلم في هذا شيئاً لكن اجتهاداً مني إذا أردت أن أكبر خمساً جعلت الدعاء العام بعد التكبيرة الثالثة والدعاء الخاص بعد التكبيرة الرابعة وهذا نرجو الله أن نكون موفقين فيه إلى الصواب.
القارئ: وإن كبر ستاً أو سبعا ففيه روايتان إحداهما يجوز ويتابعه المأموم فيها لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كبر سبعا وكبر عليٌ على أبي قتادة سبعا والثانية لا يجوز ولا يتبعه المأموم فيها لأن المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه خلافها لكن لا يسلم قبله وينتظره حتى يسلم معه لأنها زيادة قول مختلف فيه فلم يجز له مفارقة إمامه إذا اشتغل به كالقنوت في الصبح وإن زاد على سبع لم يتابعه ولم يسلم قبله قال أحمد وينبغي أن يسبح به
الشيخ: يعني إذا جاوز السبع لأنه لم يرد أكثر من السبع.
السائل: الزيادة على أربع تكبيرات هل هي راجعة إلى اختيار الإمام أو إلى صلاح المصلى عليه؟
الشيخ: لا راجعة إلى اختيار الإمام وهي سنة فإذا رأى أن يبينها للناس بالفعل فعل لأن البيان بالفعل غالباً يكون أثبت.
السائل: إذا كبر الإمام ثلاثاً وسلم فماذا ينبغي على المأموم؟
الشيخ: يجب عليه أن ينبهه.
السائل: إذا لم ينبه؟
الشيخ: إذا لم ينتبه يكبر المأموم ويحصل به فرض الكفاية.
السائل: ورد أنه كبر على النجاشي تسعاً فهل هذه الرواية لا تصح؟
الشيخ: هذه شاذة لأن التي في الصحيحين أنه كبر عليه أربعاً.
فصل
القارئ: فإن كبر على جنازة فجئ بأخرى كبر الثانية عليهما ثم إن جئ بثالثة كبر الثالثة عليهن ثم إن جئ برابعة كبر الرابعة عليهن ثم يتمم بسبع تكبيرات ليحصل للرابعة أربع تكبيرات فإن جيء بأخرى لم يكبر عليها لئلا يفضي إلى زيادة التكبير على سبع أو نقصان الخامسة من أربع وكلاهما غير جائز.
الشيخ: قدمت جنازة فكبر عليها التكبيرة الأولى ثم جيء بأخرى فالأخرى كم تحتاج؟ أربع تكبيرات وستكون للأولى خمس ثم جيء بثالثة فتحتاج إلى أربع فتكون تكبيرات الأولى ستاً والثانية خمساً ثم جيء بالرابعة فيكبر عليها أربعاً وتكون للأولى سبعاً وللثانية ستاً وللثالثة خمساً وللرابعة أربعاً فإذا جيء بخامسة الآن ما تدخل معها لأنه يلزم من ذلك إما الزيادة على السبع بالنسبة للأولى وإما النقص عن الأربع بالنسبة للأخيرة وحينئذٍ يقال لا تدخلونها مع الجنائز وهذه مسائل ربما تقع في زمن الأوبئة وكثرة الأموات أما مع الأمراض والموت المعتاد فالظاهر أن هذا لا يقع لأن الجنائز يؤتى بها جميعاً ويصلى عليها صلاة واحدة.
القارئ: وإن أراد أهل الأولى رفعها قبل سلام الإمام لم يجز لأن السلام ركن لم يأتِ به ويقرأ في التكبيرة الرابعة الفاتحة وفي الخامسة يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو لهم في السادسة لتكمل الأركان لجميع الجنائز.
الشيخ: نعم يدعو لهم في السادسة هذا إن لم يدعو للأول فإن دعا للأول فقد انتهى لكنه سوف يبدأ بالفاتحة وهي محل الصلاة على الرسول بالنسبة للأولى ثم إذا جاءت الثالثة قرأ الفاتحة لها وهي بالنسبة للثانية محل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وللأولى محل الدعاء للميت حتى يصل إلى الرابعة فيقرأ الفاتحة ثم يمضي في بقية الدعاء.
السائل: يكرر قراءة الفاتحة؟
الشيخ: نعم سيكررها ضرورة.
السائل: قوله (اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده) هل نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم يخالف ما ورد من إخلاص الدعاء للميت.
الشيخ: لا، إخلاص الدعاء للميت معناه أنه يدعو له بإخلاص وحضور قلب ولهذا كان الرسول يقول (اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا
…
) إلى آخره.
السائل: هل الفاتحة والدعاء أركان بحيث تبطل صلاة من لم يقرأ الفاتحة ويدعو؟
الشيخ: أما الفاتحة فركن لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وهذا عام في الجنازة وغيرها.
فصل
القارئ: ومن سبق ببعض الصلاة فأدرك الإمام بين تكبيرتين دخل معه كما يدخل في سائر الصلوات وعنه أنه ينتظر تكبير الإمام فيكبر معه لأن كل تكبيرة كركعة فلا يشتغل بقضائها فإذا سلم الإمام قضى ما فاته لقول النبي صلى الله عليه وسلم (وما فاتكم فاقضوا) قال الخرقي يقضيه متتابعا فإن سلم ولم يقضه فلا بأس لأن ابن عمر رضي الله عنه قال لا يقضي ولأنها تكبيرات متوالية حال القيام فلم يجب قضاء ما فات منها كتكبيرات العيد وقال القاضي وأبو الخطاب يقضيه على صفته إلا أن ترفع الجنازة فيقضيه متواليا لعدم من يدعى له فإن سلم ولم يقضه فحكى أبو الخطاب عنه رواية أنها لا تصح قياساً على سائر الصلوات.
الشيخ: هذا الفصل فيما إذا سبق الإنسان في صلاة الجنازة فذكر فيه مسائل أولاً هل يدخل مع الإمام على أي حال وجده؟ ذكر فيه قولين والصواب أنه يدخل معه على أي حال وجده لعموم قول النبي صلى
الله عليه وسلم (فما أدركتم فصلوا) ولكن دخل معه الآن هل يقرأ الفاتحة لأن هذه أول تكبيرة بالنسبة للمسبوق أو يدعو بما يدعو به الإمام الآن؟ يحتمل وجهين الوجه الأول أن يبدأ بقراءة الفاتحة لأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ولأنه لو قرأ الفاتحة لا يظهر فيه مخالفة الإمام بخلاف ما لو دخل معه في أثناء الفريضة ثم قضى ما فاته فإنه يظهر فيه مخالفة الإمام تماماً ويحتمل أن يقال إنه يقرأ ما يدعو به الإمام لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ما أدركتم فصلوا) ولأنه ربما لا يتمكن بعد تسليم الإمام من قضاء ما فاته فيفوت ما هو أعظم مقصود بالصلاة على الميت وهو الدعاء للميت.
ثانياً إذا قضاه فإذا سلم الإمام فهل يقضي متتابعاً أو يقضي ويدعو أو يسلم هذه ثلاث احتمالات نقول إذا كانت الجنازة سوف تبقى حتى يتمكن من التكبير والدعاء فليقض على حسب ما فاته فإذا قال قائل كيف تبقى الجنازة نقول يمكن أن تبقى الجنازة فيما إذا كان العدد محصوراً وحضر خمسة وصار الذين يقضون عشرة فإنه يمكن أن تبقى الجنازة لا ترفع حتى يتم هؤلاء العشرة ما فاتهم أو يكون هناك زحام شديد فينتظرون في حملها حتى يخف الزحام المهم إذا كان يمكن أن يقضي ما فاته على صفته قبل أن ترفع الجنازة فإنه يَفْعل وإذا كان لا يمكن فعندنا الآن حالان الحال الأولى أن يتابع التكبير ويسلم والحال الثانية أن يسلم مع الإمام فنقول أما سلامه مع الإمام فقد ذكر المؤلف أنها تبطل الصلاة به لأنه سلم قبل إتمامها وأما متابعة التكبير فقد ذكر أنه يتابع ولكن الذي يظهر أن له الخيار إما أن يتابع التكبير وينتهي قبل أن ترفع وإما أن يسلم مع الإمام لأنه لما انتهت صلاة الإمام انتهى الفرض أي فرض؟ فرض الكفاية فالآن قُضِيت الفريضة فيبقى ما عداه تطوعاً والإنسان يجوز له أن يخرج من التطوع لكن لا شك أن المتابعة أحسن من كونه يصلي مع الإمام دون أن يقضي ما فاته.
السائل: ما صفة متابعة التكبير؟
الشيخ: كيفية المتابعة الله أكبر الله أكبر الله أكبر متوالية ويسلم بدون دعاء هذا إذا كان يخشى أن ترفع الجنازة أما إن كان ستبقى يكمل ما فاته على صفته.
السائل: إذا دخل مع الإمام والجنازة لم ترفع ثم سلم الإمام فماذا يفعل؟
الشيخ: إذا سلم الإمام يبدأ بقراءة الفاتحة ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
فصل
في الاسراع بالدفن
القارئ: وإذا صلي عليه بودر إلى دفنه ولم ينتظر حضور أحد إلا الولي فإنه ينتظر ما لم يخش عليه التغيير فإن حضر من لم يصل عليه صُلِّيَ عليه جماعة وفرادى قال أحمد رضي الله عنه ولا بأس بذلك قد فعله عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن صلى مرة لم يستحب له.
الشيخ: إذن لا وجه لمن أنكر إعادة الصلاة على الميت جماعة ما دام قد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم فهم خير قدوة فإذا فاتت الإنسان الصلاة على الميت صلى عليه وحده إن لم يكن معه أحد وإن كان معه أحد صلوا عليه جماعة ولكن هل يسن للمصلين أن يعيدوا الصلاة معهم؟ فيها قولان فمن العلماء من قال يكره ومنهم من قال يسن لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معه فإنها لكما نافلة) والعمل على الأول الآن أي أن من صلى عليها لا يعيدها مع الآخرين.
القارئ: ولا بأس بذلك قد فعله عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن صلى مرة لم يستحب له إعادتها لأنها نافلة وصلاة الجنازة لا يتنفل بها.
الشيخ: هذا غير مسلم أي قوله صلاة الجنازة لا يتنفل بها لأننا نقول إن في كلام المؤلف شيء من التناقض أليس قال إنه لا بأس بإعادة الجماعة عليها والثانية نافلة ففي كلامه نظر.
القارئ: ومن فاتته الصلاة عليه حتى دفن صلى على قبره لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه مر مع النبي صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فأمهم وصلوا خلفه متفق عليه.
الشيخ: لكن هل هذا سنة في كل ميت أو إذا كان هناك خصيصة من قرابة أو نفع من الميت أو ما أشبه ذلك؟ الظاهر الثاني لأننا لا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على كل من مات ولم يحضر جنازته إلا المرأة التي كانت تقم المسجد وكذلك لو كان إنسان له قريب مات ولم يحضر جنازته فصلى على قبره فلا بأس أما أن يقال يصلى على كل من مات بحيث تخرج كل يوم للمقابر تصلي على من دفن وأنت لم تحضر الصلاة عليه فهذا فيه نظر.
السائل: ما معنى منبوذ؟
الشيخ: المنبوذ معناه كأنه وحده ليس مقرباً إلى القبور.
مسألة: من شرط صلاة الجنازة حضور الجنازة بين يدي المصلي.
القارئ: ولا يصلى على القبر بعد شهر إلا بقليل لأن أكثر ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على أم سعد بن عبادة بعدما دفنت بشهر رواه الترمذى ولأنه لا يعلم بقاؤه أكثر من شهر فتقيد به.
الشيخ: هذه المسألة يقول المؤلف رحمه الله أنه لا يصلى على القبر بعد أن يمضي على دفنه شهر واستدل بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على أم سعد بن عبادة بعدما دفنت بشهر لكن لا دليل في هذا على التقييد لأن ما وقع اتفاقاً أي مصادفة ليس تحديداً وهذه قاعدة معروفة أن ما وقع اتفاقاً فلا أسوة فيه مطلقاً وعلى هذا فنقول يصلي ولو بعد الشهر ولكن إلى متى؟ أقرب ما يقال إنه إذا كان هذا الرجل قد مات وأنت ممن تصح صلاته على الميت فصل عليه وأما إذا مات قبل أن تولد أو قبل أن تميز فلا تصل عليه لأنك غير مخاطب بالصلاة عليه في هذه الحال أصلاً فهذا أقرب ما يحدد به الصلاة على القبر أو على الميت فإن فاتت المدة وصار الإنسان يحب أن يدعو للميت نقول له ادع الله له ما في مانع زر قبره وادع الله له عند قبره فإن هذا لا بأس به فقد زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه بعد سنوات عديدة لكن كلامنا على الصلاة ولهذا لا يسن لنا الآن أن نذهب إلى البقيع ونصلي على أمير المؤمين عثمان ولا أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر صلاة الجنازة لأنهم ماتوا قبلنا بأزمان كثيرة.
فصل
في الصلاة على الغائب
القارئ: وتجوز الصلاة على الغائب وعنه لا تجوز لأن حضوره شرط بدليل ما لو كانا في بلد واحد والأول المذهب لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي اليوم الذي مات فيه فصف بهم في المصلى وكبر بهم أربعا متفق عليه فإن كان الميت في أحد جانبي البلد لم يصل عليه من في الجانب الآخر لأنه يمكن حضوره فأشبه ما لو كانا في جانب واحد وقال ابن حامد يجوز قياساً على البعيد وتتوقت الصلاة على الغائب بشهر لأنه لا يعلم بقاؤه أكثر منه أشبه من في القبر.
الشيخ: هذه المسألة الصلاة على الغائب فيها خلاف فمن العلماء من يقول إنه تسن الصلاة على الغائب وعبر المؤلف هنا بتجوز دفعاً للمنع لا نفياً للاستحباب فمن العلماء من يقول يصلي على كل غائب حتى إن بعض العلماء من المبالغة في هذا القول إذا أراد أن ينام صلى صلاة الجنازة على كل من مات في هذا اليوم من المسلمين وهذه بدعة لا إشكال فيها فإنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن العلماء من
قال لا يصلى على غائب اكتفاءً بصلاة الحاضر ومن العلماء من فصل وقال إنه إذا كان الغائب الذي مات له غناء في المسلمين إما علم أو مال أو دفاع أو ما أشبه ذلك من المصالح العامة فإنه يصلى عليه وإلا فلا والحجة كلها بصلاة النبي عليه الصلاة والسلام على النجاشي لأننا نعلم علم اليقين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على كل أحد مات غائباً أبداً ولا الصحابة لكن صلى على النجاشي وهذا هو الذي حفظ عنه ولم يحفظ عنه أنه صلى على غيره فلماذا صلى عليه؟ قيل إنه صلى عليه لما فيه من تلقي المهاجرين من المسلمين ونصرهم وهو مؤمن ما في شك وقيل إنه صلى عليه لأنه لم يوجد من يصلي عليه في بلده فصلى عليه صلاة الغائب فعندنا الآن الصلاة على كل ميت بدعة هذه واحدة الصلاة على من فيه مصلحة ومنفعة للمسلمين هذه وقعت من الرسول عليه الصلاة والسلام لكن ما العلة؟ إن قلنا إن العلة أن النجاشي كان فيه غناء ونفع للمسلمين الذين هاجروا إليه قلنا من لم يكن كذلك فلا يصلى عليه وإن قلنا العلة أنه لم يصل عليه لأنه في بلد نصرانية قلنا من صلي عليه في بلده ولو كان من أنفع عباد الله لعباد الله لم يصل عليه وهذا هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيميه ووجه رجحانه أنه قد مات من المسلمين من فيه غناء عظيم للمسلمين من قتال وغيره ولم يحفظ أنه صُلِّي على أحد منهم فبطلت هذه العلة وثبتت العلة الأولى وهي أن النجاشي رحمه الله لم يصل عليه وعلى هذا فلو أن إنسان قتل في معركة ولم يعلم أين هو _ دفن مع هؤلاء الذين قتلوا ولم يعلم أين مصيره _ فإننا نصلي عليه وبناءً على ذلك ما قيل من أن سبعمائة نفر قتلوا في حرب البسناويين مع الصرب فهؤلاء لا نعلم هل صلي عليهم أم لا؟ فلابد أن نصلي عليهم لأننا لا نعلم هل صلي عليهم أم لا وليس قتلهم في المعركة حتى نقول إنهم شهداء ولكنه بعد المعركة والاستيلاء على البلد فهؤلاء يصلى عليهم وجوباً ويسقط الفرض بصلاة واحد من
المسلمين عليهم كذلك من فقد وأيُس من حياته ولم ندر عنه فهذا يصلى عليه صلاة الغائب لماذا؟ لأنه لم يصل عليه أما من كان قد صلي عليه وعلمت الصلاة عليه فهذا لا يصلى عليه وهذا التفصيل هو الصحيح في هذه المسالة ولكن إلى متى نصلي عليه نقول ما دامت الفريضة لم تؤدى فنصلي عليه متى علمنا ذلك ولو بعد مائة سنة فهذا ليس كالصلاة على القبر كما سبق هذا لا تقييد له ما دام هذا الرجل لم يصل عليه فلابد أن يصلى عليه ولو طالت المدة.
القارئ: فإن كان الميت في أحد جانبي البلد لم يصل عليه من في الجانب الآخر لأنه يمكن حضوره فأشبه ما لو كانا في جانب واحد وقال ابن حامد يجوز قياساً على البعيد.
الشيخ: الصواب أنه لا يجوز إذا كان في بلد واحد فإنه إما أن يمشي إلى المكان الذي فيه الميت وإما أن يدع الصلاة.
القارئ: وتتوقت الصلاة على الغائب بشهر لأنه لا يعلم بقاؤه أكثر منه أشبه من في القبر.
الشيخ: سبق لنا الكلام على هذا أيضاً وبينا أن الصحيح أنه غير مؤقت ثم قوله إنه لا يعلم بقاؤه أكثر من شهر يقال إذا كان لا يعلم فما هو الأصل؟ الأصل البقاء إذا كان لا يعلم.
فصل
القارئ: ويصلى على كل مسلم لما تقدم إلا شهيد المعركة.
الشيخ: قول المؤلف رحمه الله يصلى على كل مسلم لابد نعرف متى يصلى عليه نقول يصلى عليه منذ خلق وخرج من بطن أمه حياً ولا يمكن أن يخرج من بطن أمه حياً إلا إذا تم له أربعة شهور وعلى هذا فالسقط إذا بلغ أربعة أشهر فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين وإن سقط قبل أربعة أشهر فإنه يدفن في أي مكان من الأرض ولا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه لأنه لم يكن بشراً الآن وقوله على كل مسلم خرج به من ليس بمسلم سواء كان كافراً أصلياً أو كافراً مرتداً ببدعة أو ترك عمل يُكَفِّر كالصلاة وما أشبه ذلك وقوله إلا شهيد المعركة لم يستثن رحمه الله سوى شهيد المعركة وقوله صحيح لا يستثنى من أموات المسلمين في عدم الصلاة إلا شهيد المعركة الذي قتل في المعركة وذلك لسببين:
السبب الأول أن شهيد المعركة قد غفر له يغفر له كل شيء إلا الدين والصلاة يقصد بها الشفاعة لمن؟ للميت وشهيد المعركة لا يحتاج إلى شفاعة لأنه مغفور له كل شيء إلا الدين ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يفتح الله عليه يسأل عمن عليه دين لم يخلف وفاؤه فلا يصلي عليه.
السبب الثاني في شهيد المعركة أن شهيد المعركة ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصل على شهداء أحد حتى إنهم نقل بعضهم إلى المدينة فأمر بردهم إلى مصارعهم حتى يبعث يوم القيامة من مصرعه بثيابه التي قتل فيها فعندنا الآن دليل أثري ودليل نظري مبني على الأثر أيضاُ وغير ذلك من الشهداء الذين ثبتت بهم السنة يغسل ويكفن ويصلى عليه كغيره من الناس حتى المقتول ظلماً يغسل ويكفن ويصلى عليه وأما من قال من العلماء أن المقتول ظلماً لا يصلى عليه فقوله ضعيف.
القارئ: وإن لم يوجد إلا بعض الميت غسل وصلي عليه وعنه لا يصلى عليه كما لا يصلى على يد الحي إذا قطعت والمذهب الأول لأن عمر رضي الله عنه صلى على عظام بالشام وصلى أبو عبيدة على رؤوس.
الشيخ: إذا وجد بعض ميت فإن كان قد صلي على جملته لم يصل على هذا البعض لماذا؟ لأنه قد صلي عليه وهذا البعض ليس ذا نفس مستقلة وإن كان لم يصل على جملته مثل رجل فُقِدَ في الحرب ولم يوجد إلا يده أو رجله أو رأسه فإننا نصلي عليه أما إذا قطع بعض الحي فإننا لا نصلي عليه لأن الجسد باقي حياً
فهذا هو التفصيل في المسألة إذا وجد بعض حي؟ فالجواب لا يصلى عليه وإذا وجد بعض ميت؟ نظرنا إن كان قد صلي على جملته لم نصل عليه وإلا صلينا عليه.
القارئ: ولا يصلي الإمام على الغال ولا على قاتل نفسه لما روى جابر بن سمرة قال أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه رواه مسلم وعن زيد بن خالد قال توفي رجل من جهينة يوم خيبر فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (صلوا على صاحبكم إن صاحبكم غل من الغنيمة) احتج به أحمد ويصلي عليهما سائر الناس لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صلوا على صاحبكم) قال الخلال الإمام ها هنا أمير المؤمين وحده وعن أحمد رضي الله عنه أن إمام كل قرية واليهم وأنكر هذا الخلال وخطَّأَ ناقله.
الشيخ: هذان صنفان من الناس الغال وقاتل النفس وينبغي أن نضيف إليهما المدين هؤلاء الثلاثة لا يصلي عليهم الإمام الذي هو أمير المؤمنين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهما عقوبة لهما ونكالاً لغيرهما لئلا يتجرأ أحدً على الغلول أو على قتل نفسه أما غيره من الناس أي غير الإمام فإنه يصلي عليهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صلوا على صاحبكم) أما المدين وهو الثالث فينبغي للإمام إذا قدم إليه شخص مدين أن يسأل هل خلف وفاءً إن قالوا نعم صلى عليه أو ضمنه أحد صلى عليه وإلا ترك الصلاة عليه ولو أن الناس فعلوا هذا لارتدع كثير من الناس عن الاستدانة إلا للضرورة وهذا من حكمة الشرع أن لا نصلي على المدين إذا لم يكن له وفاء لكن لا يصلي أمير المؤمنين فهل غيره مثله؟ الذي نرى أن من له كلمة في البلد من أمير أو قاض أو عالم أو غيرهم إذا ترك الصلاة فقد أصاب السنة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بقي أن يقال المقتول حداً كالمرجوم مثلاً وقطاع الطريق وما أشبهه من المسلمين هل يصلى عليهم؟ الجواب نعم يصلى عليهم حتى الإمام يصلي عليه اللهم إلا أن يرى في ترك الصلاة عليه مصلحة مثل أن يدع الصلاة على قاطع الطريق فهذا حق.
السائل: أحسن الله إليكم الجنين هل هو حي في جميع أطواره؟
الشيخ: لا ليس حياً قال النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن ذكر مائة وعشرين يوماً قال (ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح) فالحياة التي أنت تريد يعني أنه نامي صحيح هو ينمو لا شك لكن نموه كنمو الشعر.
فصل
القارئ: ولا تجوز الصلاة على كافر لقول الله تعالى (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) وقوله سبحانه (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى) ومن حكمنا بكفره من أهل البدع لم يصل عليه قال أحمد لا أشهد الجهمي ولا الرافضي ويشهدهما من أحب.
الشيخ: الآيتان (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) هذه في المنافقين فمن علم نفاقه فإنه لا يجوز للمسلمين أن يصلوا عليه ولا أن يدفنوه مع المسلمين ولا أن يقوموا على قبره بالاستغفار له بعد الدفن إذا علمنا نفاقه أياً كان حتى لو كان أباك أو أمك كذلك أيضاً قال الله تعالى (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى) ما كان بمعنى أنه ممتنع شرعاً غاية الامتناع كما قال تعالى (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) فإذا جاء الكون المنفي فمعناه أنه مستحيل شرعاً أو قدراً أو هما (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) يعني أن يطلبوا من الله المغفرة فمن طلب من الله المغفرة لمشرك فإنه معتد في الدعاء لأنه طلب مالا يمكن شرعاً وهذا من الاعتداء في الدعاء والله تعالى يقول (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) وقوله (وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى) حتى لو كان أباك أو أمك أو ابنك أو ابنتك لا تستغفر لهم وهذا ليس عقوقاً هذا طاعة لله عز وجل لقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ربه جلا وعلا أن يستغفر لأمه فلم يأذن له وأقرب الناس إلى الله من؟ الرسول عليه الصلاة والسلام وأحق الناس بالشفقة وحسن الصحبة من؟ الأم ومع وجود هذا السبب المقتضي التام لم يأذن له الله تعالى أن يستغفر لها مع أنها أمه ولا نعلم أن شفاعة الرسول نفعت أباه ولا أمه بينما نفعت عمه سبحان الله لماذا؟ لأن عمه حصل منه من الدفاع عن الإسلام وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يحصل من أبيه وأمه فلذلك شفع في عمه لكن لم تقبل على سبيل الإطلاق وإنما خفف عنه مع أنه يرى نفسه أشد الناس عذاباً فكأنه لم يخفف عنه فالذي خفف عنه وهو يرى أنه أشد الناس عذاب ما كأنه خفف
وكان في ضحضاح من نار يغلي منهما دماغه عليه نعلان يغلي منهما دماغه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم من الله جلا وعلا أن يزور قبر أمه فأذن له سبحان الله لكن يقف على قبرها ولا يقول اللهم اغفر لها لماذا؟ لأنها كافرة ورضى الله قبل كل شيء لا يمكن أن يستغفر لها لكن وقف على قبرها اعتباراً فبكى عليه الصلاة والسلام وأبكى من حوله لأنها أمه لكن رضا الرب عز وجل فوق كل شيء ما استغفر لها إطلاقاً صلوات الله وسلامه عليه والذين آمنوا كذلك لا يمكن أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى فلو مات ابن لشخص هو أعز الأبناء عنده في خدمته وطوعه لكنه لا يصلي فإنه لا يجوز له أن يستغفر له ولا أن يصلي عليه لماذا؟ لأنه كافر وطاعة الله ورسوله أحب إلينا من طاعة أنفسنا وأهوائنا هذا هو المؤمن حقاً
فلذلك قال تعالى (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) وإبراهيم لما استغفر لأبيه كما في قوله تعالى (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) أجاب الله عنه في نفس الآية (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ) والأنبياء أحق الناس بالوفاء بالوعد فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) اللهم اجعل رضاك مقدم على رضاءنا يا رب العالمين هكذا المؤمن أما قول المؤلف ومن حكمنا بكفره من أهل البدع لم يصل عليه هذه عبارة عامة كل بدعي حكمنا عليه بالكفر فلا نصلي عليه لكن يبقى النظر ما هي البدعة المكفرة وغير المكفرة؟ ثم هل تنطبق على هذا أي التكفير لأنه عالم معاند أو لا تنطبق لأنه جاهل متبع؟ المسألة تحتاج إلى تحرير وتبيين وبيان ما البدعة المكفرة؟ وهل هذا كافر بها أو لا؟ لكن الإمام أحمد رحمه الله لورعه انظر كيف كان كلامه قال أحمد لا أشهد الجهميه ولا الرافضيه ويشهدهما من أحب يعني لأنه يقول ولا أمنع الناس فهو لورعه لا يشهد الجهمي ولا يشهد الرافضي لأنه يرى أنهما كافران ولكن من سواه لا يمنعهم يقول يشهدهما من أحب وهذا من ورعه لأن بعض الناس الذين هم دون الإمام أحمد بمراحل بل الإمام أحمد بالثريا وهم بالثرى لا يرضون أن أحداً يخالف أهواءهم أليس كذلك يوجد الآن أناس ما بلغوا من العلم ولا ربع ربع ربع ما عند الإمام أحمد ومع ذلك لا يرضون أن أحداً يخالفهم بل من خالفهم فهو مبتدع ضال يحذر الناس عنه الله المستعان إن هذا الذي يقول هكذا أو يعتقد هكذا هو المتبدع الضال إلا بشرط إذا التزم به فإننا نعذره ونقول امش على ما أردت والشرط أن يقول إنه رسول الله فالواجب
الطاعة والاتباع إذا قال هكذا فعلى كل حال هذا ما له إلا السيف لأنه كذب الله ورسوله وإجماع المسلمين لكن لا يمكن أن يقول إنه رسول الله نقول إذا تنزلت عن الرسالة فهل أنت معصوم؟ وهل أنت أوسع الناس علماً؟ وهل أنت أدق الناس فهماً؟ وهل أنت أتقى الناس؟ ما يمكن أن يدعي هذا لنفسه إذن أنت والناس سواء أنت مجتهد إما أن تصيب أو تخطئ ثم إني أقول وأكرر يا إخوان إذا أحد اعترض على رأي رأيته أنت فهذا لا يضرك شيئاً لأنه إن كان الصواب معك فقد باء بإثم الخطأ حيث أضل الناس بالمعارضة عن الحق ويبوء بإثمه (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ) وإن كان الخطأ منك فاحمد الله أن الله يسر للأمة الإسلامية من يمنع الخطأ عنها أما كون الإنسان إذا عارضه أحد قال أبداً هذا مخطئ هذا ضال هذا مبتدع هذا فيه كذا هذا غلط فالإنسان الذي يريد الحق حقاً لا يهتم فيمن رد عليه أو فيمن عارضه ويقول الحمد لله إن كان الحق معي فقد باء بالإثم وإن كان الحق معه فقد سَلِمْتُ أنا وبدل ما يتبعني مائة ألف مثلاً إذا أحد رد علي يتبعني كم؟ خمسين ألف أو أقل فأنا الآن بدل ما أبوء بإثم مائة ألف أسلم من خمسين ألفاً لكن أين العقل الذي يتمكن الإنسان به من الحكم هذا وبعض الناس إذا رد عليه أحد أعوذ بالله انتفخ قال يا لله هات الحبر والقلم هات الأوراق ثم قام يكثر من الرد على الثاني ثم ذاك أيضاً يرد عليه ثم هكذا نحن المسلمين فيما بيننا يرد بعضنا على بعض وليت الأمر يقتصر على رد ومردود لكل واحد منهم حزب أو أحزاب يتهارشون ويتهاوشون ربما هذا المتبوع لا يرضى أن هؤلاء الأتباع
يفعلون ما فعلوا لكن نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الشيطان الرجيم يعني ما وجد الإنسان لعب بهذه الامة إلا بالتحريش كما جاء في الحديث الصحيح (أن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم) هذا التحريش بدل ما يعبدون الأصنام ويتفرقون فيها صاروا يتفرقون في التحريش وهذه مشكلة ولذلك وقع في شَرَكِها من وقع من الناس اليوم بدأ كل واحد ينبري إلى قول أو إلى اتجاه معين أو منهج معين ثم يتبعه عليه آخرون ويكون القتال بين من؟ بين الأتباع ربما يتصالح الرؤوس ولكن الكرعان وما أشبه ذلك ما تتصالح وهذا من الخطأ.
أولاً لا يجوز أن نعلق طريقنا ومنهجنا بشخص معين إلا من كان معه الحق نتبعه لكن نتروى وننتظر هل هذا المنهج الذي وثقنا بصاحبه هل هو سليم أو غير سليم؟ هل هو على منهج السلف أو غير منهج السلف؟ إذا كان غير سليم فالواجب على المؤمن أن يتبع السليم وإذا كان على غير طريق السلف فالواجب على المؤمن أيضاً أن يتبع طريق السلف هم خير الأمة وهم القدوة لكن هكذا أراد الله عز وجل والمهم أن كلام الإمام أحمد رحمه الله يدل على أنه ناصح أمين لا يصلي على الجهمي والرافضي لكن يقول يصلي عليهما ويشهدهما من أحب ما يحجر الناس على رأيه.
السائل: العلمانيون يظهرون الإسلام في شيء من القول وفي بعض الكتابات وربما شهود أيضاً بعض الصلوات لكن المشهور عنهم والمستفيض والمتواتر كراهيتهم للإسلام والتنفير منه ومحاربته بما يستطيعون فهل يصلى على مثل هؤلاء؟