الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الزكاة
القارئ: وهي أحد أركان الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت) متفق عليه.
الشيخ: الأمر كما قال المؤلف رحمه الله إن الزكاة هي أحد أركان الاسلام للحديث وإذا تأملت هذه الأركان وجدتها إما بذل محبوب أو كفٌ عن محبوب أو صبرٌ على عمل فالصلاة صبر على عمل لأن لها شروطاً وأركاناً تحتاج إلى نوعٍ من المشقة والزكاة بذل محبوب لأن المال محبوب للإنسان لقوله تعالى: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) ولقوله: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) وكم من إنسان لا يهمه أن يتعب في بدنه لكن يشق عليه أن يذهب درهمٌ من ماله وثالث كف عن محبوب وذلك في الصوم فإن الإنسان يكف نفسه عما يشتهيه من أكل وشرب ونكاح من أجل أن يتم التكليف ويُعلم أن الإنسان إنما يمتثل طاعة لله عز وجل لا لهوى في نفسه لأن الكثير من الناس لا يهمه أن يصوم لكن يهمه أن يبذل قرشاً واحداً من ماله وبعض الناس بالعكس فلهذا جعل الله عز وجل هذه الأركان العظيمة مبنيةً على هذه الأمور الثلاثة وهي صبر على عمل أو بذل عن محبوب أو كف عن محبوب
القارئ: وتجب على الفور فلا يجوز تأخيرها مع القدرة على أدائها لأنها حق يصرف إلى أدمي توجهت المطالبة به فلا يجوز تأخيرها كالوديعة.
الشيخ: يجب أن تؤدى على الفور متى ثبت الوجوب فإنه لا يجوز تأخير أدائها والتعليل الذي ذكره المؤلف لأنه حق لأدمي توجهت المطالبة به فيجب أداؤه كالوديعة، ولأنها دين في الواقع دين على الإنسان فيجب أن يبادر به، ولأن الإنسان لا يدري ماذا يعرض له؟ قد يتلف المال وتبقي الزكاة في ذمته وقد يموت وتبقى في ذمته ويتهاون الورثة بأدائها فلهذا كان لابد من أن يبادر بدفعها.
القارئ: ومن جحد وجوبها لجهله ومثله يجهل ذلك كحديث عهد بالإسلام عُرِّف ذلك ولا يحكم بكفره لأنه معذور وإن كان ممن لا يجهل مثله ذلك كفر وحكمه حكم المرتد لأن وجوب الزكاة معلوم ضرورة فمن أنكرهها كذب الله ورسوله، وإن منعها معتقداً وجوبها أخذها الإمام منه وعزَّره فإن قدر عليه دون ماله استتابه ثلاثاً فإن تاب وأخرج وإلا قتل وأخذت من تركته وإن لم يمكن أخذها إلا بالقتال قاتله الإمام لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال (لو
منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول لله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها) رواه البخاري وتابعه الصحابة على ذلك فكان إجماعا.
الشيخ: تبين بهذه الجملة أن من جحد وجوب الزكاة نظرنا إن كان مثله يجهله عُرِّف بذلك حتى يعلم أنه واجب ثم إن أصر على إنكاره عومل معاملة من يعلم ذلك وإن كان ممن عاش في الإسلام وعلم وجوب الزكاة ولكنه أنكرها فإنه يكفر كُفرَ ردة والعياذ بالله ويقتل وإن أداها حتى لو أدى الزكاة وأكثر من الزكاة ولكنه قال إنها صدقة وليست واجبة فإنه يكون كافراً مرتداً يقتل ولكن إذا أقر بالوجوب وامتنع عن أدائها فكما قال المؤلف رحمه الله يأخذها الإمام منه ويعزره فلا يكفي مجرد الأخذ بل لا بد من التعزير والتعزير يكون بما يراه الإمام حيث يردعه وأمثاله وقيل إن التعزير أن يؤخذ شطر ماله بناء على حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال (فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا) ثم شطر المال هل المراد المال الذي فيه الزكاة وامتنع من أدائها أو جميع ماله الأول أظهر أي نأخذ شطر ماله الذي فيه الزكاة فإذا امتنع من زكاته وماله عروض أخذنا منه النصف بدلاً من ربع العشر تعزيراً له لكن لو رأى الإمام أن يأخذ شطر ماله كله حتى ما يؤدي زكاته مبالغة في التعزير ورأى أن ذلك أصلح للأمة فلا حرج فإن قدر عليه دون ماله يعنى الرجل موجود لكن المال ما يقدر عليه يقول المؤلف يستتاب ثلاثاً فإن تاب وأخرج وإلا قتل وإذا امتنع قوم من أدائها فإنهم يقاتلون لفعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولكن إذا قتل هل يقتل رده أو يقتل تعزيراً؟ الثاني، لأن الصحيح أنه لا أحد يكفر بترك شيء من أركان الإسلام سوى الشهادتين والصلاة لكنه يقتل من باب التعزير.
السائل: لماذا سمي مانعو الزكاة بالمرتدين إن كان القتل تعزيراً؟
الشيخ: قتلهم لأنهم ارتدوا وقالوا إن هذه جزية ولم يقروا بوجوبها.
القارئ: وإن كتم ماله حتى لا تؤخذ زكاته أخذت منه وعزِّر وفي جميع ذلك يأخذها الإمام من غير زيادة بدليل أن العرب منعت الزكاة فلم ينقل أنها أخذ منهم زيادة عليها وقال أبو بكر يؤخذ معها شطر ماله بدليل ما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول (في كل سائمة في كل أربعين بنت لبون من أعطاها مؤتجراً فله أجرها ومن أبى فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا) رواه أبو داود وقال أحمد وهو عندي صالح.
وهل يكفر من قاتل الإمام على الزكاة؟ فيه روايتان إحداهما يكفر لقول الله لقول الله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)(التوبة: من الآية11) دل هذا على أنه لا يكونون إخواناً في الدين إلا بأدائها ولأن الصديق رضي الله عنه قال لمانعي الزكاة (لا حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار) والثانية لا يكفر لأن الصحابة رضي الله عنهم امتنعوا من قتالهم ابتداءً فيدل على أنهم لم يعتقدوا كفرهم ثم اتفقوا على القتال وبقي الكفر على الأصل.
الشيخ: على الأصل يعنى على عدم الكفر لكن المرتدين في عهد أبي بكر رضي الله عنه منهم من قال إننا لا نسلم الزكاة لأنها جزية أو أخذت الجزية فامتنعوا فهؤلاء يقاتلون قتل المرتد لأنهم جحدوا وجوبها وأما من جحدها بخلاً أو قال إننا لا نسلمها إلا للرسول عليه الصلاة والسلام ولا نسلمه لمن بعده فهؤلاء لايقتلون كفراً ولكنهم يقاتلون ويقتلون حتى يستسلموا.
فصل
القارئ: ولا تجب إلا بشروط أربعة الإسلام فلا تجب على كافر أصلياً كان أو مرتدا لأنها من فروع الإسلام فلا تجب على كافر كالصيام.
الشيخ: لو أن المؤلف رحمه الله استدل بحديث معاذ لكان أحسن لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرْ أن يدعو أهل اليمن إلى الزكاة إلا بعد أن يستجيبوا للتوحيد ثم للصلاة فإن قال قائل وهل يأثم الكافر إذا لم يزكِّ؟ قلنا نعم يأثم لقوله تعالى عنهم: (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) وأعظم ما يطعم المسكين هو الزكاة فدل ذلك على أنهم يعاقبون عليها وهذا هو القول الراجح أن الكفار يعاقبون على سائرِ فروع الإسلام كما يعاقبون على أصله وأن من امتنع من الزكاة مع الإقرار بوجوبها فإنه لا يكفر لقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة فيمن آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته (إنه إذا كان يوم القيامة صُفِّح له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوي بها جنبه وجبينه وظهره كل ما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) وهذا صريح أنه ليس بكافر إذ لو كان كافراً ما رأى سبيله إلى الجنة وعلى هذا فيكون المفهوم من هذه الآية (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ)(التوبة: من الآية11) خص من الزكاة.
السائل: بارك الله فيكم هل إذا امتنع قوم مثلاً من الزكاة ولم يردعهم أخذ شطر مالهم هل للإمام إذا رأى مصلحة أن يقتلهم يعنى أن يصل حد التعذيب إلى القتل؟
الشيخ: نعم إذا كانوا أفراداً يقتلهم.
السائل: ما معنى قول أبي بكر رضي الله عنه والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة؟
الشيخ: المعنى أنهم إذا كانوا يقاتلون على ترك الصلاة فلنقاتلهم على ترك الزكاة.
القارئ: والشرط الثاني الحرية فلا تجب على عبد فإن ملكه سيده مالا وقلنا لا يملك فزكاته على سيده لأنه مالكه وإن قلنا يملك فلا زكاة في المال لأن سيده لا يملكه وملك العبد ضعيف لا يحتمل المواساة بدليل أنه لا يعتق عليه أقاربه إذا ملكهم ولا تجب عليه نفقة قريبه والزكاة إنما تجب بطريق المواساة فلا تجب على مكاتب لأنه عبد وملكه غير تام لما ذكرنا.
الشيخ: هذه المسألة اشتراط الحرية وضدها الرق فالرقيق لا زكاة عليه والتعليل الصحيح أنه لا يملك وأن زكاة ما في يده على سيده ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (من باع عبداً وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع) فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم أن ماله للذي باعه ما لم يشترطه المبتاع وهذا لا ينبغي أن يعدل به قول أي إنسان من الناس إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قال (فماله للذي باعه) فلا حاجة إلى أن يذكر قول آخر في المسألة ونقول إنه لا يملك بالتمليك بلا إشكال.
ولكن لو ملَّكه سيده فهل يملك؟ الظاهر أنه لا يملك وأن تمليك سيده له من باب الإباحة فقط وليس من باب التمليك وهذا هو المذهب لأن الذين يقولون بالفرق بين تمليك سيده وتمليك غيره يقولون إذا ملَّكه غيره فمعلوم أنه سينصرف إلى ملك سيده وإذا ملَّكه السيد فقد رضي أن يخرج جزءاً من ماله لهذا العبد ولكني أقول حتى وإن أخرج فإنما هو إباحة وليس بتمليك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ماله للذي باعه) فالصواب أن العبد لا يملك لا بتمليك سيده ولا بتمليك غيره وبناء على ذلك يكون المال الذي بيده زكاته على سيده.
وأما المكاتب فهو ليس بقنٍّ لأن المكاتب يملك شيئاً من منافعه إذ إنه يملك التصرف في ماله يبيع ويشترى من أجل أن يوفي سيده فهل نقول إنه لا زكاة عليه لأنه إلى الآن لم يتحرر (فالمكاتب عبد ما بقي عليه درهم) أو نقول لما كان له التصرف في ماله بدون مراجعة السيد صار كالمالك فتجب عليه الزكاة ثم إن قدر أن يرجع إلى الرق صارت الزكاة على السيد بعد رجوعه إلى الرق ولعل هذا أقرب أن يقال إن المال الذي بيد المكاتب يلزم المكاتب بدفع زكاته دون الرجوع إلى سيده ثم إذا قُدِّر أنه عجز أن يوفي وعاد هو وماله للسيد وجب على السيد أن يزكى هذا المال يبتدئ به حولاً.
القارئ: فإن عتق وبقي في يده نصاباً استقبل به حولا.
الشيخ: يعني عتقه وبقي في يده نصاباً يعنى بقي المال نصاباً وأحسبُ أن تكون بالرفع وبقي في يده نصابٌ استقبل به حولاً، من الذي يستقبل؟ المكاتب لأنه قبل ذلك ليس بمالك قبل هذا ليس بمالك فمثلاً إذا اتجر هذا المكاتب وفي خلال السنة وجد ما يوفي السيد به فأوفاه وقد مضي ثمانية أشهر من السنة فأوفى السيد وبقي معه ما يبلغ النصاب فزائداً فهل نقول إذا تمت السنة عليك أن تزكي هذا الذي بقي في يدك؟ يقول المؤلف لا بل يستقبل به حولاً فتلغى الأشهر الثمانية التي كانت قبل أن يعتق وعلى ما اخترناه في هذه المسألة نقول يبني على ما سبق فإذا تم الحول من ملكه إياه وجب عليه زكاته.
القارئ: وإن عجز استقبل سيده بماله حولا لأنه يملكه حينئذ وما قبض من نجوم مكاتبه استقبل به حولاً لذلك.
الشيخ: لماذا لا نقول إنها كجملة الديون؟ لأنه من الجائز أن العبد لا يوفي إذ إنه إذا عجز ولم يوفِ لم يبقَ في ذمته شيء للسيد فهو كالدين الذي على معسر أومماطل.
السائل: ألم يتخلف فيه شرط الاستقرار؟
الشيخ: نعم لكن لما عتق تبين استقراره.
السائل: قبل الأجل؟
الشيخ: قبل الأجل نعم لكن إذا ثبت الأمر الواقع تجب الزكاة.
القارئ: وإن ملك المعتق بعضه بجزئه الحر نصابا لزمته زكاته لأنه يملك ذلك ملكاً تاماً فأشبه الحر.
الشيخ: المعتق بعضه يعني أن بعضه حر وبعضه رقيق لكن هل يتصور هذا يعني عبد بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه والثاني باقٍ على ملكه وهو لا يستطيع أن يضمن قيمة ما أعتقه فهذا المعتق لا يستطيع أن يضمن قيمة ما لم يعتقه شريكه فهنا يبقى العبد مبعضاً ثم هل يستسعى فيقال اسعَ من أجل أن توفي حتى تعتق كلك؟ في هذه المسألة خلاف والصحيح أنه يستسعى لكن إذا استسعي فعجز بقي مبعضاً.
القارئ: والشرط الثالث تمام الملك فلا تجب الزكاة في الدين على المكاتب لنقصان الملك فيه فإن له أن يعجز نفسه ويمتنع عن أدائه ولا في السائمة الموقوفة لأن الملك لا يثبت فيها في وجه وفي وجه يثبت ناقصا لا يتمكن من التصرف فيها بأنواع التصرفات وروى مهنا عن أحمد فيمن وقف أرضاً أو غنماً في السبيل فلا زكاة عليه ولا عشر هذا في السبيل إنما يكون ذلك إذا جعله في قرابته وهذا يدل على إيجاب الزكاة فيه إذا كان لمعين لعموم قوله عليه الصلاة والسلام (في كل أربعين شاة شاة).
الشيخ: والصحيح أنها لا تجب الزكاة في الموقف سواء كان على معين أم على سبيل العموم وذلك لأن الموقف عليه المعين لا يملك الوقف ملكاً تاماً إذ لا يملك التصرف فيه ببيع ولا شراء ولا هبة كذلك لو مات لم يورث عنه فملكه ناقص المهم أن هذا الشرط الثالث تمام الملك.
القارئ: ولا تجب في حصة المضارب من الربح قبل القسمة لأنه لا يملكها على رواية وعلى رواية يملكها ملكاً ناقصاً غير مستقر لأنها وقاية لرأس المال ولا يختص المضارب بنمائها واختار أبو الخطاب أنها (جائزة) في حول الزكاة. لثبت الملك فيها.
الشيخ: (جارية) نسخة ثانية لأن جائزة مثل جارية أو قريبة منها في المعنى، المضارب له نصيب من الربح والمضارب الذي هو رب المال له أصل المال ونصيبه من الربح فمثلاً إذا أعطيت رجلاً عشرة آلاف ريال مضاربة وعند تمام الحول صارت خمسة عشر ألف ريال رأس المال عشرة وهذا فيه الزكاة لا إشكال فيه وخمسة آلاف الربح لرب المال منها ألفان وخمسمائة وللمضارب ألفان وخمسمائة تجب الزكاة في نصيب رب المال لأنها نما أصل ثابت أما نصيب المضارب وهو ألفان ونصف فإنها لا تجب فيها الزكاة لماذا؟ قالوا لأن ملكه ليس بتام إذ لو فرض أن هذا المال الذي فيه المضاربة نقص عن رأس المال بل لو كان على قدر رأس المال لم ينقص ولم يزد فإن هذا المضارب لا شيء له فيكون ملكه مزعزعاً ليس مستقراً ثم على فرض أن يقال مادام الحول قد تم وعنده هذا المال فلماذا لا نوجب الزكاة عليه لأنه تم الحول فيقال إن نصيب المضارب ليس على أصل حتى يكون تابعاً له بخلاف نصيب رب المال المضارب فإنه تابع لأصله الذي هو رأس المال وهو ثابت من أول الحول.
الآن هذا رجل مثلاً أعطى رجلاً عشرة آلاف ريال مضاربة وعند تمام الحول صارت خمسة عشر ألفاً ربحت خمسة آلاف اثنان ونصف لرب المال واثنان ونصف للمضارب حصة المضارب ليس فيها شي لماذا؟ لأنه لو قدر أن هذا المضارب الذي عمل كل هذه السنة لم يحصل على ربح لم يكن له شيء فربحه هذا الحاصل وقاية لرأس المال ولذلك لو فرضنا أن في أثناء السنة بلغت العشرة آلاف خمسة عشر ألفاً وفي آخر السنة رجعت إلى عشرة أين نصيب المضارب؟ لا شيء إذاً فملكه غير تام فلا تجب فيه الزكاة يورد علينا مورد يقول إذاً ربح رب المال أيضاً عرضة للخسارة أليس كذلك؟ فلماذا أوجبتم الزكاة فيه قلنا لأنه مبني على أصل تجب فيه الزكاة ثابت فلهذا أوجبناها في حصة رب المال لأن هذا نما ملكه دون المضارب لأنه لم يبن على أصل ثابت ولهذا لو فرضنا أن الرجل تكسب بماله وربح في عشرة آلاف ألفين ونصف هل تجب عليه الزكاة في ألفين ونصف؟ نعم تجب فهذا هو الفرق إذاً حصة المضارب ليس فيها زكاة فإن قسمت يعنى قبل تمام الحول بيوم قسم الربح وقيل يا رب المال خذ ألفين ونصف ويا أيها المضارب خذ ألفين ونصف حينئذٍ تجب الزكاة لماذا؟ لأنه الآن لا يمكن أن يكون وقاية لرأس المال لأن المضارب ملكه ملكاً تاماً.
السائل: بارك الله فيك في ألفين ونصف التي لصاحب رأس المال هل تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب ومر عليه حول جديد؟
الشيخ: لا هي تبع الأول أنا أعطيك فائدة نتاج السائمة وربح التجارة تابع للأصل يعنى مثلاً إنسان عنده أربعين شاة وعند منتصف الحول صارت ثمانين وعند تمام الحول صارت مائة وواحداً وعشرين تجب الزكاة لماذا؟ لأن حول النماء والنتاج حول أصله والدليل عموم الأدلة فالرسول صلى الله عليه وسلم ما كان إذا أرسل السعاة يقول اسألوهم هل هذا النماء جديد أو قديم؟ فيأخذ من الموجود ولو كان هناك اختلاف لسأل وقال هل هذا النتاج تم عليه الحول أو لا؟
السائل: وإذا كان عنده عروض التجارة كمحل مثلاً يقيم ما فيه ولا يحتاج إلى نظر إلى رأس ماله أصله؟
الشيخ: وهو كذلك عروض التجارة إذا تم الحول قوّم ما عندك مما تجب فيه الزكاة سواء زاد عن رأس المال أو نقص
السائل: إذا قسم المال قبل العام بيوم نقول يجب على المضارب في ماله الزكاة كيف تجب الزكاة وهو لم يتم على تمام الملك إلا يوم واحد؟
الشيخ: أي هذا السؤال جيد ولهذا لا يبعد أن يكون هناك قول بأنه يبتديء الحول من جديد لكن هم يقولون لما كان أصله موجوداً والآن زال المحظور الذي هو وقاية رأس المال فوجبت عليه الزكاة.
السائل: وإذا لم يمر على هذا المال إلا ستة أشهر لأنه من الربح؟
الشيخ: صحيح لكنه هو صار تبعاً هو من الربح لكن ليس هبة مجردة إنما هي نماء لشيء سابق تم له سنة.
القارئ: وفي المغصوب والضال والدين على من لايمكن استفاؤه منه لإعسار أو جحدٍ أو مطل روايتان إحداهما لا زكاة فيه لأنه خارج عن يده وتصرفه أشبه دين الكتابة ولأنه غير تامٍ فأشبه الحلي والثانية فيه الزكاة لأن الملك فيه مستقر ويملك المطالبة به فوجبت الزكاة فيه كالدين على مليء ولا خلاف في وجوب الزكاة في الدين الممكن استيفاؤه ولا يلزمه الإخراج حتى يقبضه فيؤدي لما مضي لأن الزكاة مواساة وليس من المواساة إخراج زكاة ما لم يقبضه.
الشيخ: هذه مسألة زكاة الديون على الغير هل هي واجبة أو لا؟ نقول الديون إما أن تكون على من يمكن استيفاؤه منه شرعاً وعادةً فهذا كالموجود في الصندوق وإما أن يكون على من لا يمكن الاستيفاء منه شرعاً أوعادة فهذا الذي فيه الخلاف، فالأول كما لو كان للإنسان على شخص عشرة ألف ريال هذا الشخص يقول أنا مستعد متى شئت أعطيتك لكن صاحب الدين رجل طيب لا يحب أن يقول لأحد أعطني ماعندك لي فهذا فيه الزكاة لأن إبقاءه في ذمة الرجل باختياره وإرادته فكأنه في صندوقه ولكن لا يلزمه إخراج الزكاة حتى يقبضه فإذا قبضه زكاه لما مضى فلو قدر أنه بقي في ذمة المدين خمس سنوات فقبضه يؤديه خمس سنوات وهل يخصم منه قدر زكاته؟ الجواب لا لأنه أبقاه باختياره أما إذا كان على من لا يمكن مطالبته شرعاً أو عادة أو كان جاحداً أو مماطلاً ففيه روايتان عن الإمام أحمد وهما قولان في المذهب فالمذهب أن الزكاة فيه واجبة تجب ولكن لا يلزمه أداؤها حتى يقبضه فيزكي لما مضى ولو بقي عشر سنوات.
والقول الثاني أنه لا زكاة عليه في ذلك لأن المال ليس بيده ولا يمكنه أن يطالب به وإذا طالب فقد عجز وهذا القول هو الصحيح لأننا سواء قلنا إن الزكاة مواساة وهذا لا تحتمله المواساة أو قلنا إن الزكاة عبادة فيقال هذا مال لم يقدر عليه فلا زكاة عليه فيه ولكن هل يلزمه إذا قبضه أن يزكي في الحال لسنة واحدة أو يستأنف فيه حولاً جديداً؟ في ذلك خلاف منهم من يقول إنه يستأنف به حولاً جديداً لأنه قبل ذلك كان في حكم المعدوم فكأنه ملكه الآن فيستأنف به حولاً جديداً ومنهم من قال بل يزكيه لسنة واحدة قياساً على الثمرة التي قال الله فيها: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) وهذا ليس كالذي استجد ملكه فيه لأن الذي استجد ملكه فيه لم يملكه لا حقيقةً ولا حكماً أما هذا فهو ملكه حكماً فلهذا لو مات فإنه يورث من بعده وهذا أقرب إلى الصواب أنه يزكيه لسنة واحدة ولو بقي في ذمة المدين عشر سنوات ثم يدخله في ماله فصار الآن الحكم في زكاة الدين نقول أولاً إذا كان الدين على من لا تمكن مطالبته أو على من يعجز عن استخراجه منه شرعاً أو عادة ففيه قولان للعلماء الأول وجوب الزكاة فيه والثاني عدم الوجوب وعلى القول الأول لا يلزم الإخراج حتى يقبضه ولكن الصحيح أنه لا زكاة عليه فيه وأنه إذا قبضه زكّاه لسنة واحدة ثم أدخله في ملكه أما إذا كان على موسر يمكن أن يطالب ولو قال أعطني أعطاه بسهولة فالصحيح بل هو قول واحد أنه يلزمه زكاته لكن لا يلزمه إلا إذا قبضه.
السائل: قول المؤلف لو أنه غير تام لأشبه الحلي، التشبيه هذا ما وجهه؟
الشيخ: وجه ذلك أن الحلي على القول بأنه لا زكاة فيه يقول لأنه هذا ليس متمحضاً للثمنية بل هو مستعمل فملكه فيه غير تام لكن هذا غير صحيح يعنى أن هذا القياس غير صحيح أولاً لأن ملك الإنسان للحلي ملك تام لا شك فيه لكن نقله الاستعمال إلى حكم الأشياء المستعملة هذا على القول بعدم الوجوب وأما إذا قلنا بالوجوب فإن القياس لا يصح إطلاقاً.
السائل: ما تفسير العجز عجز العادة وعجز الشرع؟
الشيخ: نعم العجز العادي أن يكون من عليه الدين لا تمكن مطالبته إما لقرابته كالأب وإما لسلطانه وإما لمماطلته وتغيبه وما أشبه ذلك والشرعي أن يكون حاضراً وفياً لكن ليس عنده شيء.
القارئ: وظاهر كلام أحمد رضي الله عنه أنه لا فرق بين الحال والمؤجل لأن المؤجل مملوك له تصح الحوالة به والبراءة منه.
الشيخ: هذا هو الحق أنه لا فرق بين الحال والمؤجل لأن المؤجل إنما أجله صاحبه باختياره والغالب أن المؤجل لابد أن يكون فيه زيادة يعنى إذا بيعت السلعة الآن نقداً بعشرة فالغالب أنك إذا بعت بمؤجل ستبيعه بأكثر فيكون التأجيل فيه مصلحة لك فالصواب أن الدين المؤجل كالدين الحال ولا فرق وهذا هو ظاهر كلام الإمام أحمد وأما قول بعض الناس في المؤجل أنا لا أزكي إلا رأس المال فإن هذا غلط يعنى بعض الناس الآن يبيع البيت الذي يساوي مائة نقداً بمئتين إلى سنتين مثلاً يقول أنا لا أزكي إلا مائة هذا غلط لأنك أنت الذي أجلت وأنت الذي أخذت الربح فيجب عليك أن تزكي الجميع.
السائل: بارك الله فيك الدين الذي يؤخذ أقساط كيف يزكى إذا كان على
الشيخ: كلما قبض شيئاً زكاه، المليء جائز أنه يفتقر وجائز أن يماطل أو ينسى ويجحد.
السائل: أحسن الله إليك ما المقصود بقوله (لاخلاف)؟
الشيخ: لما ذكر القولين في الأول قال لا خلاف يعنى أن القولين متفقان في هذا القول يعنى لا خلاف في هذا أما على كون إجماعاً فالله أعلم.
السائل: هل المراد بالحلي إذا كانت على مدين؟
الشيخ: لا ليس هو مراده الحلي على مدين بل مراده الحلي الذي يُلبس.
القاريء: ولو أجر داره سنين بأجرة ملكها من حين العقد وجرت في حول الزكاة وحكمها حكم الدين.
الشيخ: هذه أيضاً مسألة تقع كثيراً إذا أجر داره سنين بأجرة يقول إنه يملكها من حين العقد وعلى هذا فيكون حكمها حكم الدين لكن في النفس من هذا شيء لأن الأجرة تملك شيئاً فشيئاً ولهذا لو تلفت العين المؤجرة انفسخت الإجارة ولم يملك فالظاهر أن يقال إن الأجرة إذا تمت المدة حينئذٍ ملكها ملكاً تاماً وإذا لم تتم المدة فإنه إنما يملكها شيئاً فشيئاً فإذا أجر بيته لمدة سنة وأوفاه صاحب البيت عند تمام السنة فعلى كلام المؤلف يجب إخراج الزكاة فوراً لأنها تم لها سنة من حين العقد وعلى القول الثاني لا يلزمه لأنه لم يستقر إلا بعد تمام المدة وعلى هذا القول يستأنف فيها حولاً جديداً لكن شيخ الإسلام رحمه الله ذهب مذهباً آخر وقال إن قبض الأجرة بمنزلة الثمرة فمتى قبض الأجرة وجب عليه الزكاة وإن لم يتم حولها وهذا القول أقرب إلى الصواب وأسلم من الحسابات والشك فلو قيل بأنه إذا قبض الأجرة زكاها فوراً ثم أدخلها في ماله لكان هذا أقرب إلى الصواب وأقرب إلى الضبط أيضاً فالأقوال إذاً ثلاثة:
الأول أنه يزكيه من حين العقد فإذا قبضه عند رأس الحول زكاه فوراً.
والثاني أنه لا يلزمه حتى يتم لها حول من استيفائها لأنه قبل ذلك عرضة للانفساخ أوغير ذلك.
والثالث أنه إذا قبضها زكاها فوراً كزكاة الثمرة لأن حقيقة الأمر أن الأجرة بالنسبة للعقار ثمرة هذا هو الحقيقة فقول الشيخ رحمه الله هو أقرب الأقوال الثلاثة
السائل: ما الفرق بين الأقوال؟
الشيخ: الفرق أنه إذا كانت المدة نصف سنة مثلاً نصف سنة وقبض الأجرة فعلى المذهب لا زكاة فيها لأنه لم يتم لها حول وعلى ما اختاره الشيخ تجب الزكاة كذلك لو قبضه بعد سنتين فعلى المذهب يزكي لسنتين وعند الشيخ لسنة واحدة سنة القبض.
السائل: المستأجر يمكن يذهب إلى البيت فيرجع عن الإجارة فما تم الملك؟
الشيخ: لا إذا قبض الأجرة بعد تمام المدة يعنى بعد استيفاء المنفعة ليست أجرة مقدمة لأن الأجرة المقدمة عرضة للسقوط.
السائل: إذاً لابد أن ينتهي الحول؟
الشيخ: لا فالحول أو ستة أشهر أو شهر واحد ليس بلازم على ما اختاره الشيخ أن يتم الحول.
القارئ: وحكم الصداق على الزوج حكم الدين على الموسر والمعسر لأنه دين وسواء في هذا قبل الدخول وبعده لأنها مالكة لها.
الشيخ: فيه احتمال أنه يسقط المهر فيما لو تبين به عيب قبل الدخول سقط المهر أو إذا طلق قبل الدخول يسقط النصف لكن يقولون إن الأصل عدم عدم السقوط.
القارئ: فإن أسر رب المال وحيل بينه وبين ماله أو نسي المودِع لمن أودع ماله فعليه فيه الزكاة لأن تصرفه في ماله نافذ ولهذا لو باع الأسير ماله أو وهبه صح.
الشيخ: المسألة فيها خلاف فمن العلماء من يقول إنه إذا نسي المال وبقي على ذلك سنوات ثم ذكر فإنه ليس عليه زكاة في المدة التي كان ناسياً فيها وهذا هو الصحيح لأنها قد حيل بينه وبين ماله بالنسيان أما إذا حبس هو عن المال فهذا محل نظر لأن العلة هنا ليست في المال ولكن في صاحب المال فقد يقال بوجوب الزكاة عليه لأنه يملك التصرف فيه يملك أن يبيعه ولو كان محبوساً عنه ويملك أن يهبه وقد يقال إنه لا زكاة عليه لأنه كالذي حيل بينه وبين ماله لكن الاحتياط أن يزكي.
القارئ: وإذا حصل الضال في يد الملتقط فهو في حول التعريف على ما ذكرناه وفيما بعده يملكه الملتقط فزكاته عليه دون ربه ويحتمل أن لا تلزمه زكاته ذكره ابن عقيل لأن ملكه غير مستقر إذ لمالكه انتزعه منه عند مجيئه والأول أصح لأن الزكاة تجب في الصداق قبل الدخول وفي المال الموهوب للابن مع جواز الاسترجاع.
الشيخ: وبناءاً على ذلك فلو أن إنساناً وجد دراهم وعرفها سنة كاملة ولم يأتِ صاحبها فبعد تمام السنة تكون للواجد للملتقط من حين تمام الحول حول التعريف يبتدئ حول الزكاة ونماؤها بعد ذلك لمن بعد تمام الحول حول التعريف للواجد فنقول أنت الآن لك نماؤها فعليك زكاتها وأما نماؤها قبل ذلك فهو لصاحبها فإذا جاء صاحبها بعد تمام الحول وبعد أن تصرف وباع واشترى فيها ونمت فله من ماله ما تم عليه الحول فلو كانت اللقطة أصلها مائة وعند تمام الحول صارت مائتين وعند وجود صاحبها صارت ثلاثمائة كم يأخذ صاحبها؟
يأخذ مئتين وأما المئة الثالثة التي صارت بعد تمام السنة أي سنة التعريف فهي للواجد والظاهر أن ما ذكره المؤلف أصح وذلك لأن النظير الذي ذكره واضح فيه فالزكاة تجب في الصداق على المرأه قبل الدخول مع أنه عرضة للسقوط كله أو بعضه وكذلك المال الموهوب للابن يجب على الابن أن يزكيه مع أن أباه يمكن أن يرجع فيه لأن للأب أن يرجع فيما وهبه لابنه ومع ذلك تجب فيه الزكاة.
القارئ: فإن أبرت المرأه زوجها من صداقها عليه أو أبرأ الغريم غريمه من دينه ففيها روايتان إحداهما على المبريء زكاة ما مضى لأنه تصرف فيه أشبه ما لو أحال به أو قبضه والثانية زكاته على المدين لأنه ملك ما ملك عليه قبل قبضه منه فكأنه لم يزل ملكه عنه ويحتمل أن لا تجب الزكاة على واحد منهما لأن المبريء لم يقبض شيئا ولا تجب الزكاة على رب الدين قبل قبضه والمدين لم يملك شيئا لأن من أسقط عنه شيئاً لم يملكه بذلك فأما ما سقط من الصداق قبل قبضه بطلاق الزوج فلا زكاة فيه لأنها لم تقبضه ولم يسقط بتصرفها فيها بخلاف التي قبلها وإن سقط لفسخها النكاح احتمل أن يكون كذلك لأنها لم تتصرف فيه واحتمل أن يكون كالموهوب لأن سقوطه بسبب من جهتها.
الشيخ: هذه مسائل مهمة المسألة الأول إذا أبرأ الإنسان غريمه من دينه فهل تجب عليه الزكاة أي على المبريء أو على المبرأ أو لا تجب على واحد منهما؟ في المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول أنها تجب على المبريء لأن الإبراء كالقبض ومعلوم أن الرجل إذا قبض دينه وجب عليه زكاته.
والقول الثاني لا تجب لأن الرجل لم يملك شيئاً حتى نقول إنه تجب عليه الزكاة لكن تجب على المبرأ حتى لو فرض أنه كان فقيراً فإنها تجب عليه لأنه يكون كالدين.
والقول الثالث الاحتمال الذي ذكره المؤلف أنها لا تجب على واحد منهما أما رب المال فلأنه لم يملكه ولم يقبضه وأما المدين فإنه كذلك لم يملكه فلا زكاة عليه فيه ولكن يبتدئ فيه حولاً وما ذكره المؤلف احتمالاً هو الأقرب أنها لا تجب لا على رب المال لأنه لم يقبضه ولا على المدين لأنه لم يملكه وعلى هذا فيبتدئ به المدين حولاً جديداً.
المسألة الثانية يقول رحمه الله فأما ما سقط من الصداق قبل قبضه بطلاق الزوج فلا زكاة فيه لأنها لم تقبضه فلم يسقط بتصرفها فيه بخلاف التي قبلها يعنى كأن مورداً أورد أليس المرأه إذا تنصف صداقها قبل الدخول فإنه لا زكاة عليها في النصف الذي عاد للزوج أجاب بأن هناك فرقاً بين هذا وبين الإبراء لأن سقوط الدين عن المدين بالإبراء إنما سقط بفعل المبريء وأما سقوط نصف الصداق فإنه لم يسقط بفعل المرأه وإنما سقط بفعل الزوج لأن الزوج إذا طلق قبل الدخول صار للمرأه نصف الصداق فقط فإن سقط كله مثل أن يسلم الرجل قبل الدخول فإنه ينفسخ النكاح على المشهور من المذهب وحينئذٍ يسقط المهر لأن الفرقه هنا من قبل الزوجة فالزوج هو الذي أسلم وفيه رأى آخر يمر علينا إن شاء الله تعالى وبناء على ذلك هل تجب عليها الزكاة أم لا؟ نقول لا تجب لأنها لم تملكه ملكاً تاماً اللهم إلا أن يبقى حولاً كاملاً فيجب عليها الزكاة في هذا الحول.
السائل: إذا أبراءت المرأة زوجها من صداقها فما الحكم؟
الشيخ: هي كالمدين.
السائل: يا شيخ بالنسبة للقطة المال لم أتصور يعني نماؤها كيف وهو لا يجوز له أن يتصرف فيه إلا على سبيل التعريف فقط يعنى كيف إذا مر عليه سنة حول كامل فنماؤها لصاحبها كيف يتصرف فيها حتى ينمو في التجارة لا يجوز له أن يعنى يتاجر فيها وهو لم يملكها؟
الشيخ: ألا يجوز أن يكون النماء من كسبه إذا كان رقيقاً مثلاً أو كان ماشية والدراهم ما يمكن إلا إذا كان أُذن له في التصرف فيه من قبل الحاكم أو ما أشبه ذلك.
السائل: الزوج إذا أسلم كان هو سبب في انفساخ العقد كيف تكون الزكاة في صداق الزوجة وهي أصلاً غير مسلمة؟
الشيخ: نعم هي غير مسلمة فليس عليها زكاة إذاً لا يصح المثال هنا إلا أن تسلم فتبتدئ حولاً أي نعم تنبيه طيب في هذه الصور يمكن تكون بالعكس أن يكفر الزوج وهي مسلمة بمعنى أنه عقد عليها وهما مسلمان ثم يكفر يتصور هذا.
القارئ: الشرط الرابع الغنى بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل (أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) متفق عليه ولأن الزكاة تجب مواساة للفقراء فوجب أن يعتبر الغنى ليتمكن من المواساة والغنى المعتبر ملك نصابٍ خالٍ عن دين فلا يجب على من لا يملك نصابا لما روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة ولا فيما دون خمس أواقٍ صدقة) متفق عليه.
الشيخ: الشرط الرابع الغنى والغنى في كل موضع بحسب فمثلاً الغنى في الأخذ من الزكاة غير الغنى في وجوب الزكاة فالإنسان قد تجب عليه الزكاة وهو من أهل الزكاة الذين يأخذونها والمراد بالغنى هنا ملك نصاب زكوي أن يملك نصاباً زكوياً ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ ابن جبل (أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) هذا دليل أثري والدليل النظري وهو غير مسلم تماماً ولأن الزكاة تجب مواساة للفقراء فيجب أن يعتبر الغنى ليتمكن من المواساة والغنى المعتبر ملك النصاب لكن قوله خالٍ عن دين هذا محل خلاف يعنى لو كان عند الإنسان نصاب وعليه دين بقدره فعلى كلام المؤلف لا يكون غنياً لأنه لابد أن يملك نصاباً خالياً من الدين لكن هذا فيه نظر كما سبق ودليل أنه لابد من ملك النصاب قول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة يعنى من الإبل ولا فيما دون خمس أواقٍ (يعني من الفضة) صدقة) متفق عليه.
القارئ: ومن ملك نصاباً وعليه دين يستغرقه أو ينقصه فلا زكاة فيه إن كان من الأموال الباطنة وهي الناض وعروض التجارة رواية واحدة لأن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال بمحضر من الصحابة: (هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم) رواه أبو عبيد في الأموال ولم ينكر فكان إجماعا ولأنه لا يستغني به ولا تجب الصدقة إلا عن ظهر غنى، وإن كان من الأموال الظاهرة وهي المواشي والزروع والثمار ففيه ثلاثة روايات: إحداهن لا تجب فيها الزكاة لذلك.
والثانية فيها الزكاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يبعث سعاته فيأخذون الزكاة من رؤوس الأموال الظاهرة من غير سؤال عن دين صاحبه) بخلاف الباطن.
الثالثة أن ما استدانه على زرعه لمؤنته حسبه وما استدان لأهله لم يحسبه لأنه ليس من مؤنة الزرع فلا يحسبه على الفقراء فإن كان له مالان من جنسين وعليه دين يقابل أحدهما جعله في
مقابلة ما يقضي منه وإن كانا من جنس جعله في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته تحصيلاً لحظهم.
الشيخ: الذي عليه الدين هل تجب الزكاة في المال الذي بيده؟ في هذا تفصيل إن كان المال باطناً وهو ما لا يظهر للناس فلا زكاة عليه فيه على ما ذهب إليه المؤلف وقيل بل عليه الزكاة لأن الزكاة واجبة في المال لا في الذمة فكانت واجبة ومثال ذلك رجل بيده مئتا درهم وهي نصاب وعليه دين يبلغ مائة درهم فهل عليه زكاة إن قلنا بأن الدين يمنع وجوب الزكاة فلا زكاة عليه لأنه لم يبقَ عنده بعد الدين إلا مائة والمائة دون النصاب.
والقول الثاني إنه تجب عليه الزكاة تجب عليه الزكاة وذلك لأن الزكاة واجبة في المال كما قال الله تبارك وتعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل (أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) ولأن النفوس متعلقة بالمال الذي بين يدي الإنسان لاسيما إذا كان صاحب عروض تجارة مشهوراً وهذا القول أقرب إلى الصواب فيقال أخرج زكاة مالك وإذا كنت محتاجاً إلى قضاء الدين أعطيناك من الزكاة ولا مانع من أن يكون الإنسان تجب عليه الزكاة وتحل له الزكاة ولو قيل بأن ما وجب أولاً قدم فإن كان الدين قد حل قبل وجوب الزكاة فهو أحق بالوفاء وإذا كان لم يحل بل حلت الزكاة قبله فهي أحق مثال ذلك لو كان على الإنسان دين مؤجل يحل بعد تمام الحول فهنا نقدم الزكاة لسبق حق الفقراء ولو حل قبل تمام الحول نقدم الدين لو قيل بهذا لكان قولاً جيداً ويكون فيه أيضاً مصلحة وهو حث أهل الشح والبخل على المبادرة بقضاء الدين وهذا قول لا بأس به.
أما الأموال الظاهرة وهي التي تظهر للناس وهي الحبوب والثمار والمواشي (بهيمة الأنعام) هذه أموال ظاهرة لأن الحبوب مزارع تشاهد والثمار نخيل تشاهد أيضاً والمواشي كذلك ففيها الروايات الثلاثة التي ذكر المؤلف الأول أنه لا زكاة فيها إذا كان على صاحبها دين ينقص النصاب والثاني عليه الزكاة بكل حال والثالثة فيه التفصيل إن كان الدين لمصلحة المال فلا زكاة عليه كالذي استدان لمؤنة الزرع والحرث والجز وما أشبه ذلك وكذلك بالنسبة للماشية استدان لتحصيل الماء لها وحملها إلى المرعى وما أشبه ذلك وإن كان لأمر خارج فإنه لا يمنع الوجوب وهذا قول وسط بين القولين لكن الأقرب أن الدين لا يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يبعث السعاة لقبضها ولا يسألون الناس هل عليكم ديون أم لا) ولأنه ظاهر تتعلق به أطماع الفقراء ولأنه قد يدعي صاحبه أن عليه دين وليس كذلك.
فصل
القارئ: وتجب الزكاة في مال الصبي والمجنون لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ابتغوا في أموال اليتامى كيلا تأكلها الزكاة) أخرجه الترمذي وفي إسناده مقال وروي موقوفاً على عمر رضي الله عنه ولأن الزكاة تجب مواساة وهما من أهله ولهذا تجب عليهما نفقة القريب ويعتق عليهما ذو الرحم وتخرج عنهما زكاة الفطر والعشر فأشبها البالغ العاقل.
الشيخ: الصحيح ما ذكره المؤلف رحمه الله من وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون ولا يعارض هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق) وذلك لأن ما ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام باعتبار التكليف البدنى والزكاة تكليف مالي تتعلق به الزكاة فتجب الزكاة في أموالهما ثم ذكر المؤلف رحمه الله لهذا نظائر وهو وجوب نفقة القريب عليهما لأن الحق تعلق بآخر وهو القريب وكذلك يقال في فعل الزكاة تعلقت حقوقهم في المال.
ثانياً يعتق عليهما ذو الرحم يعنى لو ملكا ذا رحم عتق عليهما وصورة المسألة أن الإنسان إذا اشترى أخاه من السوق وجد أخاه يباع رقيقاً فاشتراه عتق عليه بغير اختيار وكذلك كل ذي رحم منه فالصغير والمجنون لو ملكا ذا رحم بهبة أو نحوها فإنه يعتق عليهما مع أنه إذا عتق سيخرج عن ملكهما لكنه يعتق لأن هذا من الحقوق المالية ونحن كما رأيتم مثلنا بالإرث والهبة لأنه بالشراء لا يجوز لوليهما أن يشترى من يعتق عليهما لما في ذلك من إضاعة مالهما ولكن إذا وهب لهما أحد ذا رحم ملكاها ولكن يعتق عليهما وأيضاً يخرج عنهما زكاة الفطر وهما ليس بالغين ولا عاقلين.
السائل: الأموال الباطنة والدين على القول بأن الذي سبق في الوجوب يقدم فإذا كان وجوبهما في وقت واحد أيهما يقدم؟
الشيخ: هذا إذا لم يكن له مدة يجب المبادرة في قضائه فيكون سابقاً على الزكاة.
السائل: كيف نجمع بين وجوب الزكاة على المجنون والصغير وبين أنه لا يجوز إخراج الزكاة إلا بنية المزكي والمجنون لا نية له؟
الشيخ: نعم المجنون لا نية له والصغير أيضاً الذي دون التميز لا نية له لكن وليهما يخرجها.
السائل: ولكن لو أخرج رجل عن رجل آخر هل هو مثله؟
الشيخ: هذا ضرورة ولي المجنون وولي الصبي يخرج عنهما للضرورة.
السائل: عروض التجارة من الأموال الظاهرة أم الباطنة؟
الشيخ: هذه من الأموال الباطنة لأن الزكاة تجب في قيمتها وهي باطنة ما هي ظاهرة لكنه في الحقيقة قريبة من الأموال الظاهرة لأن مثل صاحب المتجر كل الناس يشاهدونه ويقولون هذا غني هذا عنده متجر عظيم لكنهم يعدونها من الأموال الباطنة الأموال الظاهرة ثلاثة فقط الحبوب والثمار والمواشي.
فصل
القارئ: ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء لقوله صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) يدل بمفهومه على وجوبها فيه عند تمام الحول ولأنه لو أتلف النصاب بعد الحول ضمنها ولو لم تجب لم يلزمه ضمانها كقبل الحول فإن تلف النصاب بعد الحول لم تسقط الزكاة سواء فرط أو لم يفرط لأنه مال وجب في الذمة فلم يسقط بتلف النصاب كالدين، وروى عنه التميمي وابن المنذر أنه إن تلف قبل التمكن سقطت الزكاة لأنها عبادة تعلقت بالمال فتسقط بتلفه قبل إمكان الأداء كالحج ولأنه حق تعلق بالعين فسقط بتلفها من غير تفريط كالوديعة والجاني فإن تلف بعض النصاب قبل التمكن سقط من الزكاة بقدره، وإن تلف الزائد عن النصاب (في السائمة) لم يسقط شيء لأنها تتعلق بالنصاب دون العفو، ولا تسقط الزكاة بموت من تجب عليه لأنه حق واجب تصح الوصية به فلم يسقط بالموت كدين الآدمي.
الشيخ: هذا الفصل خلاصته أنه هل يشترط لوجوب الزكاة إمكان الأداء أو لا؟ سبق أن الدين على القول الراجح إذا كان على معسر لا تجب فيه الزكاة لأن إمكان الأداء منه متعذر فتسقط الزكاة لكن إذا كان المال بين يديه فهل يشترط إمكان الأداء أو لا؟ المؤلف يقول إنه لا يشترط ولكن على هذا القول لو تلفت بعد تمام الحول وبعد وجوبها فهل يضمنها أو لا؟ المؤلف رحمه الله يرى أنه يضمنها ولكن الصواب أنه لا يضمنها حتى لو قلنا إنه لا يشترط إمكان الأداء فإنه لا يضمنه إلا أن يتعدى أو يفرط وأما تعليله بقوله ولأنه لو أتلف النصاب بعد الحول ضمنها فهذا غريب منه رحمه الله لأنه إذا أتلف النصاب بعد الحول هو الذي اعتدى عليه فيضمن حق أهل الزكاة فالصواب أن الزكاة تجب إذا تم الحول ولكن لو تلفت المال بعد تمام الحول بدون تعدٍ ولا تفريط فإنه لا ضمان عليه لأن هذا يشبه الوديعة والوديعة إذا تلفت بلا تعدٍ ولا تفريط فإنه لا ضمان على المودع كذلك صاحب المال فإن الزكاة عنده بمنزلة الوديعة والأمانة فإذا تلف المال بلا تعدٍ ولا تفريط فلا ضمان فإن قال قائل هو مفرط بكل حال لأنه أخّرَ المبادرة بإخراجها نقول ما جرت العادة بتأخيره كنصف اليوم ونحوه فهذا لا يعد تفريطاً أما إذا أخرها كثيراً حتى تلف المال أو احترق فحينئذٍ يكون مفرطاً فعليه الضمان وكلامنا فيما إذا لم يكن مفرطاً ولا متعدياً فإنه لا ضمان عليه لأن الزكاة في يده أمانة فهو كالمودع هذه خلاصة هذا الفصل أما إذا تلف بعض النصاب فهو على التفصيل هذا إذا تلف بعض النصاب بعد تمام الحول بتعدٍّ أو تفريط وجب عليه زكاة ماله كله الباقي والتالف وإن تلف بلا تعدٍّ ولا تفريط فإنه يجب عليه زكاة الباقي فقط لأن الزكاة وجبت عند تمام الحول ولكنه لا يضمن ما تلف وإن مات قبل أن تؤدى الزكاة فسينتقل المال إلى الورثة فهل عليهم زكاة مورثهم؟ الجواب نعم لأنها دين عليه وحق ثابت فعليهم أن يؤدوها إلى أهلها لكن لو
كان الرجل الميت تعمد عدم الزكاة يعنى هو نفسه يقول إنه ليس بمزكٍّ ليس تهاوناً في إخراجها لأن أحياناً يتراخى في إخراجها ويقول أخرجها غداً أو أخرجها بعد غد فيفاجئه الموت فهذا لا شك أنه يخرج عنه أحياناً يقول لا مالي ما فيه زكاة مثلاً ويتعمد عدم الإخراج فهل يجب على الورثة إذا مات أن يخرجوا الزكاة عنه؟ في هذا خلاف فيه قولان المشهور عند عامة العلماء أنها يجب إخراجها لأنها دين وقد وجبت عليه وتعلق بها حق الغير فيجب وإن كانت في هذه الحال لا تبرأ ذمته ويعتبر كالذي منعها بالمرة وذهب بعض أهل العلماء إلى أنها لا تخرج وأن الإثم عليه والورثة ليس لهم إلا صافي المال وهذا رجل تعمد أن لا يخرجها ولكن الأقرب أنها تخرج لتعلق حق أهلها بها لكنها لا تبرأ بها ذمته ولا ينفعه هذا الإخراج عند الله عز وجل لأنه قد تعمد أن لا يزكي والعجب أن بعض الناس يكون محافظاً على الصلوات محافظاً على صلة الرحم محافظاً على كل الأخلاق الفاضلة ولكن يمنع الزكاة والعياذ بالله وهذا حرمان عظيم تجده كريماً في غير الزكاة ولكن في الزكاة يكون بخيلاً وهذا والعياذ بالله من سوء العمل.
السائل: أحسن الله إليك رجل عنده مواشٍ مثلاً وعنده إبل عشرة إبل واحدة منها ضاعت ولا زال في طلبها في شهر الزكاة أو واحدة منها مريضة يعنى مرضاً لا يرجى برؤه؟
الشيخ: المسألة الأول عنده عشر من الإبل ضاعت واحدة منها قبل تمام الحول إذاً المتيقن الآن زكاة خمس وفي الخمس شاة أما الأربعة الباقي فلا زكاة عليه فيها حتى يجد الضائع ولكن إذا وجد الضائع فهل يبتدئ به حولاً أو يزكي على كل حال نقول هذا مبنى على ما سبق وقد قررنا أن الصواب أنه يزكيه لسنة واحدة فلو فرض أن هذا الضائع بقي أربع سنوات ما وجده ثم وجده فيزكيه لسنة واحدة على القول الراجح عرفت وأما المريضة مرضاً لا يرجى برؤه فهي كالصحيحة يعنى لا بد أن تخرج الزكاة فيها.
السائل: لما حال عليها الحول جحد الزكاة قال لا زكاة في مالي ثم مات هل الورثة يزكون عنه؟
الشيخ: لا هذا كافر مات كافراً.
السائل: من أخرج زكاة ماله وعين ثم تلفت قبل أن يسلمها؟
الشيخ: ينظر إن كان مفرطاً فعليه الزكاة يخرج هذه الزكاة التي عينها وإن كان ليس بمفرط فلا زكاة عليه.
السائل: في المسألة السابقة إذا كان أولاده مسلمين فإنهم لا يرثون لأن الكفر مانع من التوارث؟
الشيخ: نعم هذا على رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فهو يرى أن المرتد يورث ما نرجح هذا القول وشيخ الإسلام رحمه الله يقول إن الصحابة رضي الله عنهم ورثوا ورثة المرتدين في زمن أبي بكر رضي الله عنه لكن الصواب أنه لا توارث بين المسلم والكافر لأن حديث أسامة ابن زيد ثابت في الصحيحين (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم).
السائل: إذا وجب الدين في الأموال الباطنة ووجبت الزكاة في آن واحد يتحاصان في المثال الذي ذكرنا إذا كان بيده مائتا درهم ووجبت به الزكاة وعليه مائة؟
الشيخ: نعم كم زكاة المئتين؟ ربع العشر خمسة يكون الدين يؤخذ اثنين ونصف وأهل الزكاة اثنين ونصف والمائه يؤديها هذه لابد منها.
فصل
القارئ: وفي محل الزكاة روايتان إحداهما: أنها تجب في الذمة لأنه يجوز إخراجها من غير النصاب ولا يمنع التصرف فيه فأشبهت الدين.
والثانية: يتعلق بالعين لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) وفي للظرفية.
الشيخ: وكذلك حديث معاذ (أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) وكذلك قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً).
القارئ: فإن ملك نصاباً مضت عليه أحوال لم تؤد زكاته وقلنا هي في الذمة لزمته الزكاة لما مضى من الأحوال لأن النصاب لم ينقص وإن قلنا تتعلق بالعين لم يلزمه إلا زكاة واحد لأن الزكاة الأولى تعلقت بقدر الفرض فينقص النصاب في الحول الثاني وهذا ظاهر المذهب نقله الجماعة عن أحمد
الشيخ: وهذا أيضاً بناءاً على أن الدين يمنع الزكاة وإذا قلنا إنه لا يمنع الزكاة فإنه يؤدي عن كل ما مضى مثاله إنسان عنده أربعون شاة مضى عليها خمسة أحوال إن قلنا الزكاة في المال فإنها سوف تنقص واحدة في الحول الأول وتكون الأحوال الأربعة دون النصاب لا زكاة فيها وإذا قلنا في الذمة فقد وجبت في أمر خارج عن عين المال فتجب الزكاة لكل السنوات الخمس لأن الأربعين لم تنقص والراجح أن الزكاة تجب في كل السنوات الخمسة فهي تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة وإذ قلنا بذلك استفدنا فائدة عظيمة وهي أن المالك لا يتأخر بعد هذا في إخراج الزكاة وهو إذا أخرجها أول الحول نقصت عن النصاب فلا تلزمه الزكاة فيما بعدها.
القارئ: فإن كان المال زائداً عن نصابٍ نقص منه كل حول بقدر الفرض ووجبت الزكاة فيما بقي فإن ملك خمساً من الإبل لزمه لكل حول شاة لأن الفرض يجب من غيرها فلا يمكن (تعلقه) بعينها
الشيخ: عندنا (تعلقها) في النص وما في النسخة الأخرى يصلح (تعلقها) للزكاة لأن الحديث عن الزكاة والتذكير له وجه.
القارئ: وإن ملك خمساً وعشرين من الإبل فعليه للحول الأول ابنة مخاض وفيما بعد ذلك لكل حول أربع شياه.
فصل
القارئ: وتجب الزكاة في خمسة أنواع أحدها المواشي ولها ثلاثة شروط:
أحدها أن تكون من بهيمة الأنعام لأن الخبر ورد فيها وغيرها لا يساويها في كثرة نمائها ودرها ونفعها ونسلها فاحتملت المواساة منها دون غيرها ولا زكاة في الخيل والبغال والحمير والرقيق لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) متفق عليه ولأنه لا يطلب درها ولا تقتني في الغالب إلا للزينة والاستعمال لا للنماء
الشيخ: وهذا مشروط بما إذا لم تكن عروض تجارة فإن كانت عروض تجارة وجبت الزكاة فيها
القارئ: ولا زكاة في الوحش لذلك وعنه في بقر الوحش الزكاة لدخولها في اسم البقر والأول أولى لأنها لا تدخل في إطلاق اسم البقر ولا تجوز التضحية بها ولا تقتنى لنماء ولا در فأشبهت الظباء.
وما تولد بين الوحشي والأهلي فقال أصحابنا فيه الزكاة تغليباً للإيجاب والأولى أن لا تجب لأنها لا تقتنى للنماء والدر أشبهت الوحشية ولأنها لا تدخل في إطلاق اسم البقر والغنم.
الشيخ: ولأن الأصل البراءة فلا تجب إلا بيقين لا يقال للناس بالاحتياط في هذا ونوجب الزكاة لأن الاحتياط لم يوجد سببه فهذه ليست أصلاً محلاً للزكاة حتى نسلك باب الاحتياط في إيجاب الزكاة فيها.
السائل: يقول بعض العلماء أن استحقاق الزكاة في الدين متعلق بالعين؟
الشيخ: لا ما هو بصحيح فقد سبق لنا الخلاف في هذا سبق أن في المسألة ثلاثة أقوال وأنه لولا العمومات لقلنا إن القول الوسط هو الصحيح وهو أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة كالمواشي والزرع والثمار ويمنع الزكاة في غيرها وهذا القول اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله لكن ظاهر النصوص أنها متى ما وجد النصاب وجبت الزكاة سواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة.
السائل: إذا قدم الرجل الزكاة قبل تمام الحول ثم بعد ذلك أراد أن يقدم زكاته في نفس الوقت كل سنة هل له ذلك؟
الشيخ: له ذلك لأن معناه يقدم كل سنة بسنته
السائل: حتى ولو ظن أنه ربما لو انتظر إلى تمام الحول يزيد ماله؟
الشيخ: إذا زاد يخرج الزيادة وإن نقص فقد اختار التطوع هو بنفسه وأخرج زكاته.
السائل: من عنده مال محرّم فهل عليه الزكاة؟
الشيخ: أما إذا كان يريد أن يتلف هذا المال المحرم كإنسان عنده دخان مثلاً كراتين دخان إن كان يريد أن يتلفها فلا زكاة عليه وأما إذا كان يبقيها فعليه الزكاة لأنه يعتبر أن هذا مال ولا يمكن أن نجازيه على فعل محرم بأن نسقط الزكاة عنه.
القارئ: الشرط الثاني: الحول لأن ابن عمر رضي الله عنهما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داود.
ولأن الزكاة إنما تجب في مال نامٍ فيعتبر له حول يكمل النماء فيه وتحصل الفائدة منه فيواسي من نمائه فإن هلك النصاب أو واحدة منها في الحول أو باعها انقطع الحول.
الشيخ: هذا إذا كانت للنماء أما إذا كانت للتجارة فإنه لا ينقطع الحول ببيعها وذلك لأن الأموال التجارية المقصود منها القيمة فسواء كانت هذه العين أو هذه العين أو هذه العين.
القارئ: ثم إن نتجت له أخرى مكانها أو رجع إليه ما باع استأنف الحول سواء ردت إليه ببيع أو إقالة أو باعها بالخيار فردت به لأن الملك يزول بالبيع، والرد تجديد ملك، وإن قصد بشي من ذلك الفرار من الزكاة لم تسقط لأنه قصد إسقاط نصيب من انعقد سبب استحقاقه فلم يسقط كالطلاق في مرض الموت.
الشيخ: يعنى مثلاً إنسان لما قارب تمام الحول وعنده أربعون شاة ذهب فباع واحدة لتسقط عنه الزكاة نقول هذا إذا كان متحايلاً لإسقاط الزكاة فإن الزكاة لا تسقط والقاعدة عندنا أن كل من تحيل لإسقاط واجب فإن الواجب لا يسقط وكل من تحيل لاستباحة محرم فإن المحرم لا يباح هذه قاعدة يجب أن نفهمها في كل المسائل في الطلاق وفي النكاح وفي البيوع وفي أي شيء (كل من تحيل لإسقاط واجب أو لاستباحة محرم فإنه لا يباح).
القارئ: وإن نُتجت واحدة ثم هلكت واحدة لم ينقطع الحول لأنه لم ينقص وإن خرج بعضها ثم هلكت أخرى قبل خروج بقيتها انقطع الحول لأنها لم يثبت لها حكم الوجود في الزكاة حتى يخرج جميعها.
الشيخ: خرج بعضها قصده في الانتاج انتاج الولادة هذه خرج بعضها ثم هلكت أخرى قبل خروج بقيتها انقطع الحول لأنها لم يثبت لها حكم وجود في الزكاة حتى يخرج جميعها هذه مثلاً شاة تولد طهر بعض الولد وماتت الشاة الأخرى انقطع الحول لأنه لا يحكم بوجودها إلا إذا انتهى خروجها
السائل: إذا ولدت واحدة ثم ماتت واحدة صارت أربعين أيجب أن يخرج الزكاة وهذه التي نتجت ليست بسائمة؟
الشيخ: نعم هي تبع لأمها نتاج السائمة تبع لأمها.
القارئ: وإن أبدل نصاباً بجنسه لم ينقطع الحول لأنه لم يزل في ملكه نصابٌ من الجنس جارٍ في حول الزكاة فأشبه ما لو نتج النصاب نصابا ثم ماتت الأمهات.
الشيخ: هذا عنده أربعون شاة كل واحد ولدت واحداً وبعد أن ولدت واحداً ماتت كل الأربعين فالحول لم ينقطع لأن هذه الأربعين وجدت قبل موت الأمهات.
القارئ: وإن باع عيناً بورق انبنى على ضم أحدهما إلى الآخر فإن قولنا يضم لم ينقطع الحول لأنهما كالجنس الواحد وإن قلنا لا يضم أنقطع الحول لأنهما جنسان.
الشيخ: والصحيح أنهما جنسان إلا أموال الصيارف لأن أموال الصيارف يريدون بها التجارة فهي عروض التجارة
السائل: أموال الصيارف أليست جنس واحد؟
الشيخ: لا، ذهب وفضة.
السائل: إذا فقد بعض الشياه قبل تمام الحول ثم وجدها بعد تمام الحول؟
الشيخ: تجب الزكاة لأن هذا الضالة في حكم ملكه
السائل: إذا ماتت في أثناء الولادة؟
الشيخ: في الولادة ماتت قبل أن يخرج بقية الولد ثم خرجت بقية الولد أو أخرجت لأن الغالب إذا ماتت ما عاد تخرج إلا بإخراج فهنا نقول انقطع الحول لماذا لأن الأم ماتت فنقص النصاب قبل أن توجد السخلة.
القارئ: وما نتج من النصاب فحوله حول النصاب لما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال (اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه).
الشيخ: يعنى يرجع بها على يديه لأن الرعاة في البر إذا ولدت البهائم أتوا بالأولاد يحملونها على أيديهم إلا إذا كان هناك مثلاً بهيمة كحمار يجعلون فيه الأولاد يعنى هذا عادة الرعاة فإن راعي الغنم يستصحب معه حماراً له مراحل أي رحل يكون مثلاً زمبيل كبير إذا ولدت الغنم وضع الأولاد في هذه المراحل فمعنى قوله يروح بها يعنى يرجع بها على يديه حامل لها على يديه تذهب نحن جربنا هذا كانت غنمنا تذهب في الصباح وتأتي بالسخلة في آخر النهار.
القارئ: ولأنه من نماء النصاب فلم يفرد عنه بحول كربح التجارة.
الشيخ: يعنى السخلة ويصلح (لأنه) بضمير المذكر.
القارئ: وإن ماتت الأمهات فتم الحول على السخال وهي نصاب وجبت فيها الزكاة لأنها جملة جارية في الحول لم تنقص عن النصاب أشبه ما لو بقي من الأمهات نصاب.
وإن ملك دون النصاب وكمل بالسخال احتسب الحول من حين (كمال) النصاب.
الشيخ: عندي من حين (كمل) نسخة.
القارئ: وعنه يحتسب من حين ملك الأمهات والأول المذهب لأن النصاب هو السبب فاعتبر مضي الحول على جميعه.
الشيخ: وهذا هو الصحيح أنه لا يحتسب إلا من تمام النصاب أما قبل ذلك فليس بشيء.
القارئ: وأما المستفاد بإرث أو عقد فله حكم نفسه لأنه مال ملكه أصلاً فيعتبر لها الحول شرطاً كالمستفاد من غير الجنس.
الشيخ: قوله (المستفاد بإرث أو عقد له حكم نفسه) يعنى في الحول لا في كمال النصاب وعلى هذا فإذا كان عند الإنسان مائة درهم ملكها في محرم ثم مات مورثه في أثناء السنة وحصل على مائة درهم من الميراث فهنا نقول المائة الدرهم التي حصل عليها في نصف السنة لا تجب زكاتها إلا إذا تم حولها ولكن فيها الزكاة وإن كانت دون النصاب لأنها تابعة للأول فهي تابعة للأول في النصاب وليست تابعة لها في الحول
مثلاً مائتا درهم فيها زكاة ملكها في محرم تجب زكاتها في محرم الثاني لكنه في جمادى الثانية مات لها وارث وملك مائة درهم صار عنده الآن ثلاثمائة جاء محرم الثاني نقول زكِّ عن مائتين أما المائة الثالثة لا تزكيها إلا إذا جاء جمادى الثانية فإذا قال هذه مائة لم تبلغ النصاب قلنا لكنها تضم إلى ما عندك في تكميل النصاب لا في الحول وأما ربح التجارة فيضم إلى أصله في النصاب وفي الحول وكذلك نتاج السائمة يضم إلى أصله في الحول وفي النصاب.
ومثال السائمة هذا إنسان عنده مائة وخمسين شاة فيها شاتان وفي أثناء السنة جاءت بمائة وخمسين سخلة وإحداها جاءت بسخلتين فيها ثلاث شياه لكن نقول النتاج هذا تابع للأمهات مع أنه لم يحصل إلا في نصف السنة.
ومثال ربح التجارة إنسان اشترى أرضاً بمائة ألف وفي أثناء الحول باعها بمائة وخمسين نقول إذا تم حول شرائه الأول ففيها الزكاة في الجميع في المائة والخمسين لأن الخمسين ربح التجارة يتبع الأصل في الحول وفي النصاب ونتاج السائمة يتبع الأصل في الحول والنصاب والمستفاد من غير ذلك يتبع الأصل في النصاب لا في الحول.
السائل: هذا رجل عنده أربعون شاة وماتت شاة قبل الحول ثم نتجت أخرى بعد تمام الحول؟
الشيخ: يبتدئ الحول من جديد لأنه نقص النصاب قبل أن تلد.
السائل: قول المؤلف (أو عقد) ماذا يعني؟
الشيخ: مثلاً إنسان عنده بيت فالبيت الذي يسكنه ما فيه زكاة ثم باعه في أثناء الحول بدراهم والدراهم فيها الزكاة فقد استفاد الدراهم التي فيها الزكاة بعقد كذلك الهبة لو وُهب في أثناء الحول فقد استفاد المال بالهبة وهي عقد لأن البيت الذي يسكنه ما فيه زكاة ما هو تجارة لو كان إنسان يبيع بالعقارات وباع هذا البيت الذي اشتراه للتجارة فإن هذا يتبع الأصل.
السائل: من أين نأخذ التفريق؟
الشيخ: التفريق من الأدلة هذا واضح.
القارئ: ولا يبني الوارث حوله على حول الموروث لأنه ملك جديد فإن كان عنده ثلاثون من البقر فاستفاد عشراً في أثناء الحول فعليه في الثلاثين إذا تم حولها تبيع لكمال حولها فإذا تم حول العشرة ففيها ربع مسنة لأنها تم نصاب المسنة ولم يمكن إيجابها لانفراد الثلاثين بحكمها فوجب في العشرة (بقسطها منها)
الشيخ: عندي بالعشر (بقسطها منه) في المخطوط أصح لأن (ها) لمؤنث و (عشر) لمؤنث كذلك التي قبلها (إذا تم حول العشرة) والصواب إذا تم حول العشر.
وتصوير المسألة يقول رحمه الله إن كان عنده ثلاثون من البقر ففيها تبيع أو تبيعة فاستفاد عشراً في أثناء الحول بعقد كهبة إذا وهب له إنسان عشراً من البقر أو مات مورثه فملك بالإرث عشراً من البقر فعليه في الثلاثين تبيع لكمال حولها.
ولو ملك في محرم ثلاثين بقرة وفي جمادى الأولى ملك عشر بقرات صار عنده الآن أربعين يزكى الثلاثين في محرم الثاني وفيه تبيع أو تبيعه ونزكى العشر في جمادى الثانية لكن فيها ربع مسنة لأن في الأربعين مسنةً وهذه عشر من أربعين فيكون عليه ربع مسنة فهنا تبعت العشر ما سبقها في النصاب لا في الحول قلنا في النصاب لأنها لولا تبعيتها في النصاب له لم يجب فيها شيء لأنها عشر والعشر ليس فيها شيء لكن تتبعه في النصاب دون الحول فنقول إذا تم حول الثلاثين فعليك تبيع أو تبيعة ولا يجب عليك في العشر شيء فإذا تم حول العشر فعليك ربع مسنة لأنها الآن إذا تم حولها أو أضافتها إلى الثلاثين صارت أربعين وفي الأربعين مسنة عليك إذاً في هذه العشر ربع مسنة
السائل: لماذا لا يخرج عن أربعين مسنة؟
الشيخ: إذا شاء أن يخرج مسنة بأن عجل زكاة الثلاثين لايوجد مانع يعنى لو قال ليس بكلفة أن أبحث عن ربع مسنة أريد أن أخرج الآن مسنة كاملة عن الأربعين ويكون بالنسبة للثلاثين معجل ما فيه مانع.
فيكون مسنة وتكون بالنسبة للعشر معجلة لكن لو أراد أن يؤخر ولما وجبت الزكاة في العشر قال لا حاجة إلى أن أتكلف وأبحث عن ربع مسنة أريد أن أخرج الآن مسنة كاملة عن الأربعين قلنا لا بأس ويكون هذا من باب التعجيل.
القاريء: وإن ملك أربعين من الغنم في المحرم وأربعين في صفر وأربعين في ربيع فتم حول الأولى فعليه شاة لأنها نصاب كامل مضى عليه حول لم يثبت له حكم الخلطة في جميعه فوجب فيه شاة كما لو لم يملك غيرها فإذا تم حول الثاني ففيه وجهان أحدهما لا شيء فيه ولا في الثالث لأنه لو ملكها مع الأول لم يجب فيه شيء.
الشيخ: لماذا لم يجب فيه شيء؟ لأنها وقص ستكون الفريضة في مائة وعشرين ومائة وعشرين فيها شاة كالأربعين.
القارئ: فكذلك إذا ملكه بعده لأنه يحصل وقصاً بين نصابين والثاني فيه الزكاة لأنه نصاب منفرد بحول فوجبت زكاته كالأول.
وفي قدرها وجهان أحدهما: شاة لذلك والثاني: نصف شاة لأنه لم ينفك عن خلطة في جميع الحول وفي الثالث ثلث شاة لأنه لم ينفك عن خلطة لثمانين فكان عليه بالقسط وهو ثلث شاة.
الشيخ: والظاهر أن الأول أصح لأنه لو كان ملكها كلها جميعاً لم يكن عليه شيء وتجدد ملك بعض النصاب لا يؤثر فالوجه الأول هو الأصح أن يقال ليس عليك شيء فإذا تم حول الثالث فعليه شاة إن تم حول الأول وإلا ننتظر أيضاً.
ولو ملك في محرم أربعين إذا جاء محرم الثاني فيها شاة لتمام الحول وملك في صفر أربعين إذا جاء صفر هل يجب عليه شاة أو ربع شاة أو ماذا؟ وكذلك إذا ملك الأربعين الثالثة في ربيع الأول نقول الراجح أنه ليس عليه فيها شيء لأنها لو ملكها جميعاً في محرم لم يكن عليه إلا شاة واحدة فكذلك إذا تجدد ملك الأربعين والأربعين لم يجب عليه إلا شاة واحدة لأنه كما قلنا في القاعدة يتبع ما قبلها في النصاب دون الحول هذا إذا تبع ما قبله في النصاب فهو وقص ما فيه شيء.
السائل: لوكانت متفرقة شيء منها في المدينة وفي مكة فهل يجب على الثلاثة حول واحد أو ماذا؟
الشيخ: ظاهر الحديث لا يجمع بين المتفرق ولا يفرق بين مجمتع خشية الصدقة أن لكل واحد حكماً.
السائل: لو كانت في نفس البلد؟
الشيخ: لا إذا كانت ترجع إلى مرعى يعني تأوي إلى شيء واحد مرعى واحد ومحلب واحد فهي خلطة ما فيها شيء لكن لو فرضنا أن إنساناً له في مكة وله في الرياض وله في القصيم صار لكل واحد حكم.
القارئ: وإن ملك عشرين من الإبل في محرم وخمساً في صفر وخمساً في ربيع فعليه في العشرين عند حولها أربع شياه وفي الخَمْس الأولى عند حولها خُمُس بنت مخاض، وفي الخمْس الثانية ثلاثة أوجه أحدها لا شيء فيها والثاني عليه سدس بنت مخاض والثالث عليه شاة.
الشيخ: ما يترجح لي في هذا شيء لأن فيها كسوراً سدس بنت مخاض أو عليه شاة لأنها مستقلة خَمْس الإبل فيها شاة.
القارئ: الشرط الثالث السوم وهو أن تكون راعية، ولا زكاة في المعلوفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (في الإبل السائمة في كل أربعين بنت لبون وفي سائمة الغنم في كل أربعين شاة) فيدل على نفي الزكاة عن غير السائمة ولأن المعلوفة لا تقتنى للنماء فلم يجب فيها شيء كثياب البِذْلة.
الشيخ: هنا يحسن للمؤلف أن يقول فلا زكاة لأن الأحسن هنا (الفاء) دون الواو لأن هذه جملة مفرعة على ما قبلها والعطف بالفاء في التفريع أولى من العطف بالواو لاحتمال الاستئناف في الواو بخلاف الفاء ومن ثَمّ قلنا إن قول الله تبارك وتعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) إنه يعم ما إذا كان الأخوة محجوبين بالأب لأن هذه الجملة مفرعة على ما سبق ومتصل بها وأن ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وشيخنا عبد الرحمن السعدي في أنه إذا كان الأخوة محجوبين بالأب فإنهم لا يحجبون الأم إلى السدس قول ضعيف مخالف لظاهر الآية ومخالف لرأي جمهور العلماء فالمهم أن الفاء تدل على ارتباط ما بعدها بما قبلها على كل حال لابد.
الشرط الثالث: أن تكون سائمة والسوم هو الرعي ومنه قوله تعالى: (وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ) أى تسيمون الأنعام أى ترعونها فلا زكاة في المعلوفة.
القارئ: ويعتبر السوم في معظم الحول لأنها لا تخلو من علف في بعضه فاعتباره في الحول كله يمنع الوجوب بالكلية فاعتبر في معظمه
الشيخ: إذاً لابد أن تكون سائمة الحول أو أكثره فمثلاً سبعة أشهر مع خمسة تكون سائمة وخمسة أشهر مع سبعة ليست سائمة وست مع ست ليست سائمة يعنى لابد أن يكون الرعي أكثر الحول.
القارئ: وإن غصبها غاصب فعلَّفها معظم الحول فلا زكاة فيها لعدم السوم المشترط وإن غصب معلوفة فأسامها ففيه وجهان أحدهما: لا زكاة فيها لأن مالكها لم يسمها فلم يلزمه زكاتها كما لو علفها.
والثاني: تجب زكاتها لأن الشرط تحقق فأشبه ما لو كمل النصب في يد الغاصب.