الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
الجمع بين الصلاتين
الشيخ: أولاً يجب أن نعلم أن الجمع لا يجوز إلا لسبب لأن الله تعالى يقول (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأوقات وفصلها تفصيلاً تاماً فلا يجوز أن نخرج صلاة عن وقتها ولا أن نقدمها على وقتها إلا بدليل من الشرع وليس في الشرع ما يدل على جواز الجمع مطلقا بل لا يجوز الجمع إلا لسبب يقتضيه إما أن يكون في عدمه فوات مصلحة أو شيء من الحرج والمشقة فالجمع لأجل المطر لأنه يلزم من عدمه فوات مصلحة وهي الجماعة إذ يمكن كل واحد أن يصلي في بيته ويسلم من المشقة والجمع للمرض هذا من أجل الحرج والمشقة فله سببان إما فوات مصلحة مقصودة للشرع وإما حصول مشقة أما بدون ذلك فإنه لا يجوز الجمع فمن جمع تقديماً فصلاته باطلة ومن جمع تأخيراً فهو آثم وصلاته باطلة على القول الصحيح لأنه عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله.
القارئ: وأسباب الجمع ثلاثة أحدها السفر المبيح للقصر لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق متفق عليه وهذا لفظ مسلم وخص الخرقي الجمع بهذه الحالة إذا ارتحل قبل دخول وقت الأولى أخرها حتى يجمعها مع الثانية في وقت الثانية وروي نحوه عن أحمد والمذهب جواز الجمع لمن جاز له القصر في نزوله وسيره وله الخيرة بين تقديم الثانية فيصليها مع الأولى وبين تأخير الأولى إلى الثانية لما روى معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جمعيا وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم سار وإذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب قال الترمذي هذا حديث حسن وروى ابن عباس نحوه وروى أنس نحوه أخرجه البخاري ولأنها رخصة من رخص السفر فلم يعتبر فيها وجود السير كسائر الرخص.
الشيخ: هذه المسألة اختلف فيها العلماء هل يجوز الجمع للنازل أو هو خاص بالسائر فاختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجماعة من العلماء إلى أن الجمع للمسافر السائر لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجمع إذا جد به السير ولأن السائر هو الذي يحتاج إلى الجمع وأما النازل فلا ولكن الصحيح أنه يجوز للنازل والسائر لكنه في حق السائر سنة وفي حق النازل رخصة فهذا هو الفرق بينهما السائر نقول اقتدِ بالرسول عليه الصلاة والسلام إن ارتحلت قبل أن تزيغ الشمس فأخر الظهر وإن ارتحلت بعد أن تزيغ الشمس فعجل العصر وكذلك يقال في المغرب إن ارتحلت قبل الغروب فأخر المغرب وإن ارتحلت بعد الغروب فعجل العشاء هذا هو الصحيح وأما النازل فله أن يجمع ولعل ظاهر حديث أبي جحيفة في نزول النبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح بمكة يدل عليه حيث ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من قبة له من أدم وركزت له العنزة فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين فظاهر هذا أنه جمع مع أنه كان نازلاً وكذلك نزوله في تبوك فإنه ذكر أنه يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ولأن هذا أيسر على المسافر بلا شك فكونه يصلي جمعاً أيسر من كونه يصلي كل صلاة في وقتها ركعتين فإذا جاز للإنسان أن يقصر الصلاة فجواز الجمع من باب أولى فالتحقيق في هذه المسألة أن يقال من كان سائراً فالجمع في حقه سنة ومن كان نازلاً فالجمع في حقه رخصة.
القارئ: فإن جمع بينهما في وقت الأولى اعتبر ثلاثة شروط أن ينوي الجمع عند الإحرام بالأولى لأنها نية يفتقر إليها فاعتبرت عند الإحرام كنية القصر وفيه وجه آخر أنه يجزئه أن ينوي قبل الفراغ من الأولى لأنه موضع الجمع بين الصلاتين فإذا لم تتأخر النية عنه جاز وقال أبو بكر لا يحتاج الجمع إلى نية كقوله في القصر وقد مضى الكلام معه.
الشيخ: والصواب قول أبي بكر أنه لا يحتاج الجمع إلى نية وكذلك القصر لا يحتاج إلى نية أما القصر فقد سبق الكلام فيه وبينا أنه هو الأصل في صلاة المسافر وما كان الأصل فإنه لا يحتاج إلى نية وأما الجمع فكذلك لأنه إذا وجد سببه صار الوقت أعني وقت الصلاتين وقتاً واحداً فلا حاجة إلى النية.
السائل: ذكرنا أن القول الراجح في الجمع أنه لا يجوز إلا لسبب فكيف نرد على بعض الناس الذين يحتجون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير عذر ولا مطر في المدينة يقولون إن هذا دليل على أن الجمع جائز مطلقاً فكيف نرد عليهم؟
الشيخ: كيف نرد على من قال من صلى فالويل له لقول الله تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) نقول كمل الآية نقول كمل حديث ابن عباس يقول ابن عباس أراد أن لا يحرج أمته وهذا واضح أن العلة هو الحرج فإذا انتفى الحرج فالواجب أن تصلى كل صلاة بوقتها ثم نقول تتبع المتشابهات منهج أهل الزيغ (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) فعندنا أدلة كالنهار وضوحاً في وجوب فعل كل صلاة في وقتها فكيف ندع هذه الأدلة الواضحة من أجل دليل مشتبه مع أنه لا دلالة فيه كما عرفت.
القارئ: الشرط الثاني أن لا يفرق بينهما إلا تفريقاً يسيرا لأن معنى الجمع المتابعة والمقارنة ولا يحصل ذلك مع الفرق الطويل والمرجع في طول الفرق وقصره إلى العرف فإن احتاج إلى وضوء خفيف لم تبطل وإن صلى بينهما سنة الصلاة فعلى روايتين.
الشيخ: يعني هل يبطل أو لا والمذهب أنه يبطل إذا صلى راتبة بينهما واختار شيخ الإسلام رحمه الله أن هذا ليس بشرط وقال إن معنى الجمع هو الضم وليس المراد ضم كل صلاة إلى أخرى وإنما المراد ضم وقت الثانية إلى وقت الأولى فله أن يجمع ولو طال الفصل بين الأولى والثانية لأن الجمع هو الضم وليس المتابعة نعم المقارنة قريبة من معنى الضم ولكنه يرى رحمه الله أن الضم ليس ضم إحدى الصلاتين للأخرى ولكنه ضم وقت إحدى الصلاتين إلى وقت الأخرى فيجوِّز التفريق.
القارئ: الشرط الثالث وجود العذر حال افتتاح الأولى والفراغ منها وافتتاح الثانية لأن افتتاح الأولى موضع النية وبافتتاح الثانية يحصل الجمع فاعتبر العذر فيهما فإن انقطع العذر في غير هذه المواضع لم يؤثر وإن جمع في وقت الثانية اعتبر أن ينوي التأخير للجمع في وقت الأولى إلى أن يبقى منه قدر فعلها واستمرار العذر إلى وقت الثانية ولا يعتبر وجوده في وقت الثانية لأنها صارت في غير وقتها وقد جوز له التأخير ولا تعتبر المواصلة بينهما في أصح الوجهين لأن الثانية مفعولة في وقتها فهي أداء على كل حال والأولى معها كصلاة فائتة.
الشيخ: يقول رحمه الله الشرط الثالث وجود العذر في ثلاث مواضع عند افتتاح الأولى وعند الفراغ منها وعند افتتاح الثانية فإذا جمع العشاء إلى المغرب فلابد أن يكون العذر موجوداً عند افتتاح المغرب وعند السلام منها وعند افتتاح العشاء والتعليل كما ذكر المؤلف أما كونه يشترط عند افتتاح الأولى فلأنه لابد للجمع من النية وإذا لم يكن السبب موجوداً عند افتتاحها فكيف ينوي الجمع وأما افتتاح الثانية فلأنه هو الذي يحصل به الجمع فاعتبرت النية فيه فاعتبر وجود العذر فيه والصحيح أن ذلك ليس بشرط وأنه متى وجد العذر عند افتتاح الثانية جاز الجمع فلو صلى المغرب وليس عنده نية الجمع أو صلى المغرب وليس هناك مطر وبعد سلامه من المغرب أمطرت السماء فنوى الجمع فلا بأس بذلك وقد عمل بهذا شيخنا رحمه الله عبد الرحمن بن سعدي حيث صلى ذات يوم صلاة المغرب ولما خرج الناس رجعوا إليه وقالوا إنها تمطر مطراً شديداً فأمر المؤذن فأقام الصلاة وصلى العشاء مع أنه لم ينو الجمع عند افتتاح الأولى ولم يوجد العذر أيضاً فالحاصل أن الصحيح أنه متى وجد العذر المبيح للجمع في وقت لا يحصل به التفريق فإنه يجوز أن يجمع بل قال بعض العلماء حتى لو لم يوجد العذر إلا بعد وقت طويل من سلامه من الأولى فله أن يجمع يعني أنه متى وجد العذر قبل خروج الوقت وقت الأولى جاز الجمع وهذا لا شك أنه من أوسع المذاهب ومن أيسرها على الناس لكن النفس لا تطيب بالقول به أي أنه إذا وجد العذر بعد مدة طويلة من الأولى فإنه يجوز لا أستطيع أن أجسر الآن على القول بهذا أما إذا وجد العذر بعد السلام الأولى بمدة قصيرة لا يحصل بها التفريق فلا شك في جواز الجمع.
إن جمع في وقت الثانية يقول لابد أن ينوي التأخير للجمع في وقت الأولى وظاهر كلامه ولو وجد السبب فلابد أن ينوي الجمع في وقت الأولى مثاله إنسان مسافر والسفر يبيح الجمع فهل يشترط أن ينوي الجمع في وقت الأولى؟ يرى المؤلف أنه لابد منه لأنه لو لم ينوه لكان قد أخر الأولى عن وقتها بدون نية الجمع وهذا حرام ولكن الصحيح أنه ما دام العذر موجوداً فإنه لا حاجة إلى أن ينوي جمع التأخير لأن وجود العذر مسوغ للجمع تقديماً أو تأخيراً فإذا كان مسافراً فوقت الأولى والثانية صار وقتاً واحداً فإن شاء صلاهما في وقت الأولى وإن شاء صلاهما في وقت الثانية.
وأما قول المؤلف رحمه الله لأن الثانية مفعولة في وقتها فهي أداء على كل حال والأولى معها كصلاة الفائتة في هذا نظر ظاهر بل الأولى مصلاة في وقتها كالثانية ووجه ذلك أن الوقت صار واحداً للأولى والثانية فمن جمع في وقت الأولى صار كمن قدم الصلاة في أول وقتها ومن جمع في وقت الثانية صار كمن أخر الصلاة إلى آخر وقتها.
فصل
القارئ: والسبب الثاني المطر يبيح الجمع بين المغرب والعشاء لأن أبا سلمة قال من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء وكان ابن عمر يجمع إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء ولا يجمع بين الظهر والعصر للمطر قال أحمد ما سمعت بذلك وهذا اختيار أبي بكر وذكر بعض أصحابنا وجهاً في جوازه قياساً على صلاة الليل ولا يصح لأن المشقة في المطر إنما تعظم في الليل لظلمته فلا يقاس عليه غيره.
الشيخ: ولكن الصحيح أن نقول إن الجمع بين الظهر والعصر للمطر ثبت بالسنة لا قياساً على المغرب والعشاء ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال جمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر وهذا يدل على أنه كان يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء للمطر وهذا هو الصحيح وقوله إنه لا مشقة إلا مع الظلمة يقتضي أنه في عصرنا الحالي الآن لا جمع ولا بين المغرب والعشاء لأن الإضاءة موجودة ويقتضي أيضاً أنه في أيام البيض لا يجمع بين المغرب والعشاء لوجود الإضاءة وإن كان ليس كإضاءة الشمس ولكن العلة هي المشقة فإذا وجدت المشقة بين الظهرين أو بين العشائين ثبت الحكم وهو الجمع.
القارئ: والمطر المبيح للجمع هو الذي يبل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه والثلج مثله في هذا.
الشيخ: وأما الذي لا يبل الثياب مثل النقط الصغيرة قليلة فهذا لا يجوز فيه الجمع والدليل على هذا أن ابن عباس لما حدث بالحديث الذي سمعتم قيل له ما أراد إلى ذلك؟ قال أراد أن لا يحرج أمته أي أن لا يلحقها الحرج وهذا يدل على أنه لابد من أذية بالمطر والمطر النقط اليسيرة لا تبل الثياب لا سيما في أيام الصيف أو مع الهواء فلا بد أن تبل الثياب وقوله تلحقه المشقة في الخروج فيه الظاهر أن هذا يترجح أنه ليس بشرط لأن بلل الثياب سوف يكون فيه مشقة وأذى ولا سيما في أيام الشتاء.
القارئ: فأما الطل والمطر الذي لا يبل الثياب فلا يبيح الجمع لعدم المشقة فيه وهل يجوز الجمع لمن يصلي منفردا أو لمقيم في المسجد أو لمن طريقه إليه في ظلال؟ على وجهين أحدهما لا يجوز لعدم المشقة والثاني يجوز لأن العذر العام لا يعتبر فيه حقيقة المشقة كالسفر.
الشيخ: الصحيح أن من يصلي منفرداً كالذي يعذر بترك الجماعة ويصلي في بيته وكالنساء لا يجوز له الجمع والدليل أن الأصل وجوب فعل الصلاة في وقتها فإذا لم يوجد سبب يبيح إخراجها عن وقتها فإنه لا يجوز العدول عن الأصل فمن صلى في بيته لعذر أو كان ليس من أهل حضور الجماعة فإنه لا يجمع وفي جواز الجمع مع الرخصة في أن يصلي الإنسان في بيته دليل على أهمية الجماعة وأنه يجوز الجمع لتحصيل الجماعة وقلت ذلك ليترتب عليه ما يلي لو كنا جمعاً وسنتفرق قبل دخول وقت الثانية فهل لنا أن نصلي جماعة جمعاً؟ الظاهر نعم لا فرق لأننا نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام إنما جمع من أجل الجماعة، وأما مجرد المطر والوحل فقد كان يقول (صلوا في رحالكم) فإذا كان الناس لم يجتمعون وهم في بيوتهم قلنا لهم صلوا في رحالكم أما إذا اجتمعوا فنقول اجمعوا والذي أشرت إليه يقع كثيراً يكونوا جماعة الآن مجتمعين وسيصلون إلى منتهى سيرهم أو منتهى اجتماعهم ويتفرقون فيقولون هل نصلي الجماعة ونجمع أو نصلي الجماعة في الصلاة الحضارة والصلاة الباقية نصليها فرادى؟ نقول لكم أن تجمعوا لتحصيل الجماعة.
السائل: كيف يعرف تأخير الجمع في يوم المطر؟
الشيخ: لا في يوم المطر الأرفق التقديم اللهم إلا أن يكون في وقت الأولى مطر شديد لا يستطيع الناس معه الخروج فيؤخرون لعلها تخف لكن هذا ينبغي أن لا يكون وارداً فالجمع للمطر الأرفق بالناس أن يكون تقديماً.
السائل: إذا نزل مطر بعد صلاة الجمعة ولا يمكننا جمع العصر مع الجمعة فهل تسقط الجماعة في العصر؟
الشيخ: نقول من حضر صلينا بهم ومن كان عليه مشقة سقطت عنه الجماعة.
السائل: إذا كان كل الجماعة طريقهم للمسجد ظلال فهل يجوز لهم الجمع؟
الشيخ: الظاهر أنه لا يجوز أن يجمعوا لأن المشقة غير موجودة الآن.
القارئ: والوحل بمجرده مبيح للجمع لأنه يساوي المطر في مشقته وإسقاطه للجمعة والجماعة فهو كالمطر وفيه وجه آخر أنه لا يبيح لاختلافهما في المشقة.
الشيخ: والصحيح أنه يبيح الجمع الوحل يعني الزلق الصحيح أنه يبيح وقد يكون هذا أشد من المطر لأنه ربما يزلق الإنسان ثم يتأثر ينكسر أو ينجرح أو ما أشبه ذلك فالصواب أنه يجوز الجمع للوحل ولكن الآن في الوقت الحاضر عندنا في المدن لا في القرى هل يوجد الوحل؟ لا يوجد الآن الطرقات مزفلته لكن ربما يكون وحل غير الزلق وهو أن بعض الشوارع يكون غير متساوي فتجد مثلاً مناقع كثيرة تؤذي الناس فإذا كان يحصل أذية من هذه المناقع الكثيرة فإنه يجوز الجمع لأنه ليس فيه وحل لكن فيه مشقة بخوض هذه المياه وربما يكون الشارع ممراً للسيارات ثم ما ظنك إذا جاء صاحب السيارة قد أسرع إلى مائة وعشرين مثلاً أين يذهب هذا الماء؟ في الثياب.
القارئ: وفي الريح الشديدة في الليلة المظلمة وجهان.
الشيخ: والأصح أنه إذا كان فيه مشقة فإنه يجمع وأنه إذا كانت الريح باردة برداً يؤذي الناس فإنه يجمع وإن لم تكن شديدة أحياناً في أيام الشتاء يكون فيه ريح ما هي شديدة عاصفة لكنها تؤذي الناس تصل إلى العظم فمثل هذا لا شك في جواز الجمع من أجله لأن العلة هي المشقة بترك الجمع فمتى وجدت المشقة بترك الجمع جاز الجمع الآن فهمنا أن السبب الثاني لا يجوز فيه الجمع إلا بين المغرب والعشاء فقط ولكن الصحيح أنه يجوز بين المغرب والعشاء وبين الظهر والعصر ولا فرق لأن المشقة موجودة في هذا وهذا ولكن ما رأيكم في عامل يشتغل وقال أنا أريد أن أجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء وأصليها إذا حضرت إلى النوم يجوز أو لا يجوز؟ هذا لا يجوز حتى فيما يظهر لي أنه لا يجوز أن يجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء اللهم إلا إذا لحقه بترك الجمع ضرر كما لو ألزم بعمل إن لم ينجزه في هذا الوقت فإنه يُبطَّل ويفصل ويكون في ذلك ضرر عليه في معاشه فهذا يجوز له الجمع.
السائل: جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين مع أنه لم يكن بينه وبين المسجد إلا الصوت ألا يدل على جواز الجمع؟
الشيخ: العبرة بالجماعة ليس بالإمام العبرة بالجماعة.
السائل: في أيام الشتاء يغلب على الأيام أن تكون باردة؟
الشيخ: لا البرودة بدون ريح لا تجوز لأن البرودة بدون ريح زد ثوباً أو ثوبين وتسلم لكن مع الريح الريح وإن كان عليك ثياب تدخل مع الثياب.
السائل: يقول بعض الناس للإمام إذا نزل مطر خفيف: أحيوا السنة واجمعوا؟
الشيخ: الذي يقول للناس إذا نزل المطر الخفيف أحيوا السنة واجمعوا نقول هذا أخطأ السنة وذلك أن ابن عباس لما سئل ما أراد إلى ذلك لم يقل أراد أن يخير الناس بل قال أراد أن لا يحرج أمته فعلم من هذا أن ابن عباس الذي روى هذا الحديث فهم أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لدفع الحرج فإذا لم يكن حرج فالواجب الرجوع إلى النصوص المحكمة وهي وجوب فعل الصلاة في وقتها وهذه حقيقة من مساوئ طلب العلم الذي لا يتمعن فيه الإنسان ولا يتدبر تجده يأخذ بظاهر اللفظ مع أن في الحديث ما يدل على خلاف مأخذه فيكون كالذي قال (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) نقول اقرأ الحديث اقرأ آخره حتى يتبين لك.
السائل: إذا كان في جماعة مسجد يعرفون أنهم كلهم يستطيعون الإتيان بالسيارات في وقت المطر فهل يجب عليهم الصلاة بدون جمع؟
الشيخ: الظاهر أنه يجوز لهم الجمع لأن الحضور على الراحلة ليس بواجب، والسيارات ليست كالظلال هذه سيخرجون من البيت وهي تمطر والمطر بينه وبين السيارة ثم إذا نزل إلا إذا كانت السيارة تريد أن تدخل إلى المسجد فهذا شيء ثاني.
فصل
القارئ: والسبب الثالث المرض يبيح الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء إذا لحقه بتركه مشقة وضعف لأن ابن عباس قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر متفق عليه وقد أجمعنا على أن الجمع لا يجوز لغير عذر فلم يبق إلا المرض ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سهلة بنت سهيل وحمنة بنت جحش بالجمع بين الصلاتين لأجل الاستحاضة وهو نوع مرض ثم هو مخير بين التقديم والتأخير أي ذلك كان أسهل عليه فعله لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم إذا ارتحل بعد دخول الوقت ويؤخر إذا ارتحل قبله طلباً للأسهل فكذلك المريض وإن كان الجميع عنده واحدا فالأفضل التأخير فأما الجمع في المطر فلا تحصل فائدة الجمع فيه إلا بتقديم العشاء إلى المغرب فيكون ذلك الأولى والله سبحانه وتعالى أعلم.
الشيخ: نعم إذا جاز الجمع فالأفضل أن يراعي السهولة ما كان أسهل وأيسر فهو أفضل إما التقديم وإما التأخير إلا أن بعضهم استثنى في مزدلفة التأخير مطلقاً وفي عرفة التقديم مطلقاً ولا وجه لهذا الاستثناء لأن عرفة الأسهل فيها التقديم لا شك إذ أن الناس بعد هذه الصلاة سوف ينصرفون إلى مواقفهم كل على موقفه وكذلك في مزدلفة الأفضل الأيسر التأخير لا شك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما وصل إليها بعد دخول العشاء ولهذا صلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره وحط رحله ثم صلى العشاء لأنه أيسر له وعلى هذا فلا استثناء في القاعدة أن الأفضل إذا جاز الجمع فعل ما هو الأيسر مطلقاً وإذا كان كذلك علم أن المسافر النازل الأفضل أن لا يجمع وإن جمع فلا بأس وأما المسافر السائر فالأفضل أن يجمع حسب ما تيسر له إما جمع تقديم أو جمع تاخير هذا هو القول الصحيح في مسألة الجمع في السفر.
السائل: من به سلس البول هل يحق له الجمع؟