الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب زكاة الإبل
القارئ: وهي مقدرة بما قدّره به رسول الله صلى الله عليه فروى البخاري بإسناده عن أنس أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له حين وجهه إلى البحرين: (بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطه في أربعٍ وعشرين من الإبل فما دونها الغنم في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض فإن لم يكن بنت مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغ ستاً وثلاثين إلى خمسٍ وأربعين ففيها بنت لبون أنثى فإذا بلغت ستاً وأربعين ففيها حقة طروقة (الفحل) إلى ستين.
الشيخ: في المخطوط (الجمل) نسخة.
فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمسٍ وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليست فيها صدقة إلا أن يشاء ربها فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة).
أوجب فيما دون خمس وعشرين غنماً لأنه لا يمكن المواساة من جنس المال لأن واحدة منها كثير وإخراج جزء تشقيص يضر بالمالك والفقير والإسقاط غير ممكن فعدل إلى إيجاب الشياه جمعاً بين الحقوق وصارت الشياه أصلاً لو أخرج مكانها إبلاً لم يجزئه لأنها عدل عن المنصوص عليه إلى غير جنسه فلم يجزئه كما لو أخرجها عن الشياه الواجبة في الغنم.
ولا يجزيء إلا الجذع من الضأن والثني من المعز لأنها الشاة التي تعلق بها حكم الشرع في سائر موارده المطلقة.
الشيخ: هذه زكاة الإبل بينها بعد أن ذكر الشروط العامة في السائمة ذكر زكاة كل نوع منها على حده
وذكر حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفيه فوائد منها جواز نقل العلم بالكتابة وهذا هو الذي عمل عليه المسلمون من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (اكتبوا لأبي شاة) فكتبوا له وقال أبو هريرة إنه ليس أحد من الناس أكثر حديثاً مني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب وهذا أمر والحمد لله مجمع عليه ولا إشكال فيه.
وفيه أن خطبة الحاجة لا تجب في كل موضع وهي (إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره) إلى آخره لأن أبا بكر لم يذكره في هذا الكتاب المعتمد الذي يسير الناس عليه.
وفيها أن من سئل الزكاة على الوجه الشرعي وجب عليه إعطاؤها وظاهره أنه وإن غلب على ظنه أن ولي الأمر لا يصرفها في مصارفها فإنه لو أعطاها ولي الأمر برئت ذمته والمسؤولية على ولي الأمر إذا سأل الصدقة على وجه شرعي يسلمها لكن إذا أمكن بعد علمه أن ولي الأمر لا يصرفها في مصارفها إذا أمكن أن يخفي ما يخفي منها كان ذلك واجباً عليه أما المصادمة والامتناع وأن يقول لا فلا يجوز لما في ذلك من الفساد.
ومنها حكمة الشرع في إيجاب الزكاة فأوجب فيما دون خمس وعشرين من الإبل أوجب غنماً لأنه لا يحتمل المواساة من جنسها فأوجب فيها الغنم ولكن لو أخرج بدل الغنم إبلاً فيقول المؤلف رحمه الله إنه لا يجزي وفي هذا نظر والصواب أنه يجزيء إلا أن تكون الإبل أقل قيمة من الغنم فهنا لا يصح لأنه ربما يأتي يومٌ من الأيام تكون الغنم أغنى من بنت المخاض حيث أن خمساً وعشرين فيها بنت مخاض وأربع وعشرون فيها
أربع شياه ربما يأتي يوم من الأيام تكون أربع شياه أغلى بكثير من بنت المخاض فهنا لو أخرج عن أربع وعشرين بنت مخاض فإنه لا ينبغي القول بالإجزاء لأنه إنما فعل ذلك فراراً مما يجب أما لو كانت المصلحة للفقير في إخراج بنت مخاض فلا شك أنه يجوز لأننا نعلم والمؤلف رحمه الله يعلم حسب تعليله أنه إنما أوجبت الغنم فيما دون خمس وعشرين رفقاً بالمالك فإذا عاد الأمر إلى العكس رجعنا إلى الأصل وهو أن الأصل أن تكون زكاة الإبل من جنسها وفي هذا الحديث اعتبار الأوقاص وهو ما بين الفرضين هذا يُلْغَى ليس فيه زكاة تسامحاً مع المالك وهنا لم يراع حق الفقير لأن الأصل عدم الوجوب فلم يراع في ذلك جانب الفقير ولا يكمل الكسر فالأوقاص معتبرة في السائمة في الإبل والبقر والغنم وأيضاً.
في هذا الحديث بيان أنه إذا زادت عن مائة وعشرين صار في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ففي مائة وعشرين ثلاث بنات لبون لو قال إنسان حقتان وألغى الكسر فهذا لا يجوز وفي مائة وثلاثين بنتا لبون وحقة.
وفي مائة وأربعين حقتان وبنت لبون وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق وفي مائة وستين أربع بنات لبون وفي مائة وسبعين حقة وثلاث بنات لبون وفي مائة وثمانين حقتان وبنتا لبون، في مائة وتسعين ثلاث حقات وبنت لبون وفي مائيتين يتساوى الفرضان إن شاء أخرج خمس بنات لبون وإن شاء أربع حقاق وعلى هذا فقس كل ما زادت عشراً فسوف يتغير الفرض ولابد فإن جعلت الفرض واحداً مع زيادة العشر فاعلم أنك مخطيء في الإبل كلما زادت عشراً بعد مائة وعشرين فسوف يتغير الفرض ولابد فإن حسبت ولم يتغير الفرض فاعلم أن حسابك غلط واشترط المؤلف رحمه الله أنه لابد أن يكون جذعاً من الضأن وثني من الماعز وذلك لأن الشاة إذا أطلقت في عرف الشرع فالظاهر أن هذا هو السن المعتبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) وعلى هذا فلا تجوز السخلة لابد من جذع من الضأن أو ثني من الماعز والجذع من الضأن له ستة أشهر والثني من الغنم له سنة.
السائل: هل يُعتبرمابين المائة والعشرين والمائة والثلاثين؟
الشيخ: ما بين العقد والعقد بين العشرة والعشرين والثلاثين والأربعين ما فيه شيء لأنه وقص لكن إذا زاد عشراً لابد أن يتغير الفرض إذا زاد عن العشرين والمائة فاعتبر العقود في كل أربعين بنت لبون الآن مثلاً مائة وعشرون في كل أربعين بنت لبون عندنا من الأربعينات ثلاث بنات لبون إذا زادت ووصلت إلى مائة وثلاثين جاءت الحقة وتنقص بنات اللبون فالواجب حقة وبنت لبون.
السائل: ذكر المؤلف تعليل عند ذكر عدم إخراج الزكاة في الشياه المعلوفة بكونها لا تقتنى للنماء هل فيها زكاة بسبب آخر؟
الشيخ: زكاة المعلوفة إذا كانت للتجارة فهي عروض تجارة لأنها للنماء حتى لو كانت بعيراً واحداً أو شاة واحدة لكن إذا كان الإنسان أعدها لبيته يشرب اللبن ويأكل الأولاد أو يبيع ما زاد عن حاجته من أولادها أو من لبنها فهذه للاقتناء وليس على المؤمن في عبده ولا فرسه صدقه ولهذا تجب أحياناً الإنسان عنده بقرة لو يعطى بها الدنيا كلها ما باعها لأنه اتخذها لنفسه بخلاف التاجر فالتاجر لا يهمه فهو يشتري هذه اليوم ويبيع غداً ولاحظوا أن كلام المؤلف في السائمة وأما التجارة فالمعتبر فيها هو قيمته ولو فرض أن الغنم رخصت حتى لا تساوي الأربعون نصاباً من الفضة فليس فيها زكاة.
السائل: بارك الله فيك هل يشترط في المخرج من الإبل من بهيمة الأنعام ما يشترط في سنة الأضحية من السلامة من العيوب؟
الشيخ: يقول المؤلف لابد أن يكون المخرج بصفة المخرج عنه الطيب طيباً والرديء رديئاً والمتوسط متوسطاً فإن كان مختلفاً فالوسط.
القارئ: ويعتبر كونها في صفة الإبل ففي السمان الكرام شاة سمينة كريمة وفي اللئام والهزال لئيمة هزيلة لأنها سببها فإن كانت مراضاً لم يجوز إخراج مريضة لأن المخرج من غير جنسها ويخرج شاة صحيحة على قدر المال ينقص من قيمتها على قدر نقيصة الإبل.
الشيخ: المريضة في الحقيقة أولاً أن لحمها ليس بطيب وثانياً أنها عرضة للهلاك القريب لأنها مريضة ولا حاجة تدعوا إلى ذلك لأنه من غير جنس المال والكلام الآن في إخراج الغنم عن الإبل أما لو كان يريد أن يخرج من الإبل والإبل كلها مراض أخرج مريضة لأنه لا يكلف أكثر مما عنده.
القارئ: ولا يعتبر كونه من جنس غنمه ولا غنم البلد لأنها ليست سبباً لوجوبها فلم يعتبر كونها من جنسها كالأضحية.
الشيخ: في هذا فيه نظر يعني لو كان عنده غنم من غنم البلد وأتي بغنم أخرى هذا فيه نظر لأن الأغنام تختلف وكذلك الإبل تختلف فالصواب أنه لابد أن تكون من نوعها والنوع أخص من الجنس.
القارئ: ولا يجزيء فيها الذكر كالمخرجة عن الغنم، ويحتمل أن يجزيء لأنها شاة مطلقة فيدخل فيها الذكر كالأضحية.
الشيخ: القاعدة في المذهب أنه لا يجزيء الذكر ولابد من أن يكون أنثى إلا إذا كان النصاب كله ذكوراً فقالوا إنه يجزيء الذكر وهذا أيضاً فيه نظر لأن الصواب أنه يعتبر ما قرره الشرع مثل بنت مخاض لا يخرج عنها ابن مخاض حتى لو كان النصاب كله ذكوراً فإنه لابد أن يخرج ما نص عليه الشرع أما المذهب فحجتهم رحمهم الله يقولون إننا لا نكلفه أن يخرج من غير جنس إبله فيقال إذا قدرنا أن الإبل كلها جمال من أين تأتي بنت المخاض؟ هو مضطر للشراء الآن ونقول له مادام أنك تريد أن تشتري فاشتر لأن هذه الإبل ما هي والده حتى يكون عنده بنت مخاض فلابد من الشراء وحينئذٍ اشتر ما نص عليه الشرع.
القارئ: فإن عدم الغنم لزمه شراء شاة وقال أبو بكر يجزئه عشرة دراهم لأنها بدل الشاة في الجبران ولا يصح لأن هذا إخراج قيمة فلم يجز كما في الشاة المخرجة عن الغنم وليست الدراهم في الجبران بدلاً بدليل إجزائها مع وجود الشاة.
الشيخ: عندي في المخطوط لأنها بدل (شاة الجبران) وما عندي أصح أو لأنها بدل شاة في الجبران والجبران هو أن الإنسان إذا فقد سناً وجب عليه أخرج ما دونه وزاد شاتين أو عشرين درهماً فقدره النبي عليه الصلاة والسلام بعشرين درهماً ولكن الصواب أن هذا تقدير ويختلف باختلاف الأوقات ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم الشاة عن عشرة دراهم لكن في عهدنا الآن الشاة تبلغ المئات فالصواب أنه يجبر بشراء الشاة.
فصل
القارئ: فإذا بلغت خمساً وعشرين أمكنت المواساة من جنسها فوجبت فيها بنت مخاض وهي التي لها سنة ودخلت في الثانية سميت بذلك لأن أمها ماخض أي: حامل بغيرها قد (حان ولادتها).
الشيخ: عندي في المخطوط (قد حان ولادها).
القارئ: فإن عدمها أخرج ابن لبون ذكراً وهو الذي لها سنتان ودخل في الثالثة سمي بذلك لأن أمه لبون أي ذات لبن وصار نقص الذكورية مجبوراً بزيادة السن فإن عدمه أيضاً لزمه شراء بنت مخاض لأنهما استويا في العدم فأشبه ما لو استويا في الوجود ولأن تجويز ابن لبون للرفق به إغناءً له عن كلفة الشراء ولم يحصل الإغناء عنها هاهنا فرجع إلى الأصل ومن لم يجد إلا بنت مخاض معيبة فهو كالعادم لأنه لا يمكن إخراجها وأن وجدها أعلى من صفة الواجب أجزأته فإن أخرج ابن لبون لم يجزئه لأن ذلك مشروط بعدم ابنة مخاض مجزئة.
وأن اشترى بنت مخاض على صفة الواجب جاز ولا يجبر نقص الذكورية بزيادة السن في غير هذا الموضع وقال القاضي: يجوز أن يخرج عن بنت لبون حقة وعن الحقة جذعاً مع عدمهما لأنه أعلى، وأفضل فيثبت الحكم فيها بالتنبيه ولا يصح لأنه لا نص فيهما وقياسهما على ابن لبون ممتنع لأن زيادة سنة يمتنع بها من صغار السباع ويرعى الشجرة بنفسه ويرد الماء ولا يوجد هذا في غيره.
فصل
القارئ: فإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها بنت لبون وفي ست وأربعين حقة وهي التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة سميت بذلك لأنها استحقت أن يطرقها الفحل وتركب وبهذا قال في الحديث (طروقة الفحل)
الشيخ: عندي في المخطوط (طروقة الجمل) نسخة.
القارئ: وفي إحدى وستين جذعة وهي التي ألقت سناً ولها أربع سنين ودخلت في الخامسة وهي أعلى سن يؤخذ في الزكاة
الشيخ: إذاً الثنية ما تدخل فإنه ليس في الزكاة ما تبلغ سن الثنية لأن الثنية لها خمس سنوات والجذعة أربع سنوات.
القارئ: وفي ستٍ وسبعين ابنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان إلى عشرين ومائة وإذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون وعنه (لا يعتبر) الفرض حتى تبلغ ثلاثين ومائة.
الشيخ: عندي في المخطوطة (لا يتغير) وهو أحسن.
القارئ: فيكون فيها حقة وبنتا لبون والصحيح الأول لأن في حديث الصدقات الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عند آل عمر بن الخطاب (فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون) وهذا نص وهو حديث حسن ولو زادت جزءاً من بعير لم يتغير الفرض به لذلك ولأن سائر الفروض لا تتغير بزيادة جزء ثم في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة للحديث الصحيح.
السائل: قول المؤلف (لا يتغير الفرض حتى تبلغ ثلاثين ومائة) ما معناه؟
الشيخ: يعنى مائة وواحد وعشرون ما يتغير، الفرض كمائة وعشرين حتى تبلغ مائة وثلاثين يعنى بدل مائة وعشرين نجعله مائة وثلاثين لكن الصحيح الأول لأن هو الذي دل عليه حديث أبي بكر رضي الله عنه أن مائة وإحدى وعشرين يتغير به الفرض.
السائل: الحديث السابق ظاهره بأن الأنثى أفضل من الذكر والناس يعرفون أن الذكر لاسيما في إكرام الضيف أفضل من الأنثى فهل إذا نزل به ضيف وتوفر له هذا وهذا فهل يقدم الأنثى؟
الشيخ: أولاً أن كون الذكر أفضل من الأنثى عند الناس غير مسلّم ولهذا إذا رأى اللحمة الشديدة المضغ قالوا هذه لحمة جمل وإذا رأى اللحمة الهشة قالوا هذه لحمة أنثى.
السائل: إذا كان عليهم زكاة بنت مخاض وليس عندهم وإنما عندهم ابن لبون فهل يجزيء؟
الشيخ: يجوز من باب أولى عن بنت مخاض يعنى الممنوع حقة عن بنت لبون فلا يقاس على ابن لبون عن بنت مخاض.
فصل
القارئ: فإذا بلغت مئتين اتفق الفرضان أربع حقاق أو خمس بنات لبون أيهما أخرج أجزأه وإن كان الآخر أفضل منه والمنصوص عنه فيها أربع حقاق وهذا محمول على أن ذلك فيها بصفة التخيير لأن في كتاب الصدقات الذي عند آل عمر رضي الله عنه فإذا كانت مئتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أيُّ السنين وُجدت عنده أخذت منه ولأنه اتفق الفرضان في الزكاة فكانت الخيرة لرب المال كالخيرة في الجبران.
الشيخ: الجبران شاتان أو عشرون درهماً.
القارئ: وإن كان المال ليتيم لم يخرج عنه إلا أدنى السنين لتحريم التبرع بمال اليتيم فإن أراد إخراج الفرض من السنين على وجه يحتاج إلى التشقيص كزكاة لمئتين لم يجز وإن لم يحتج إليه كزكاة ثلاثمائة يخرج عنها حقتين وخمس بنات لبون جاز.
الشيخ: زكاة المئتين خمس بنات لبون أو أربع حقاق وقوله (لم يجز وإن لم يحتج إليه كزكاة ثلاثمائة يخرج منها حقتين وخمس بنات لبون جاز) الظاهرأن قصده في ذلك لو أخرج خمس بنات لبون في المئتين وأربع حقاق وقال أنا أريد أن أخرج ثلاث حقاق وبنت لبون وقيمة نصف بنت اللبون لأنه ينقص زكاة عشر مما عنده وقال نريد نسلم جزء بنت لبون أو ما أشبه ذلك ما يصح فالتشقيص معناه أن يجعل الشيء أشقاصاً أى أجزاءً مثلاً الآن نقول في المئتين خمس بنات لبون أو أربع حقاق وقال أخرج حقتين ويقابلهن مئة من الإبل ولو قال سأخرج بنتي لبون فيقابلهن ثمانين من الإبل ويبقى عشرون والعشرون يريد أن يخرج عنهن نصف بنت لبون نقول ما يصلح هذا لأن هذا تشقيص يعنى تجزئه.
وقول المؤلف (وإن لم يحتج إليه كزكاة ثلاثمائة يخرج عنها حقتين، وخمس بنات لبون) هذه ما فيها تشقيص والحاصل أنه لا يمكن أن يخرج عن الزكاة شيئا يحتاج إلى مشاركة لأن في ذلك ضرراً على رب المال وعلى أصحاب الزكاة حيث قد يحصل نزاع بينهم عند التقويم أو ما أشبه ذلك.
القارئ: وإن وجدت أحدى الفريضتين دون الأخرى أو كانت الأخرى ناقصة تعين إخراج الكاملة لأن الجبران بدل لا يصار إليه مع وجود الفرض الأصلي وإن احتاجت كل فريضة إلى جبران أخرج ما شاء منها فإن كان عنده ثلاث حقاق وأربع بنات لبون فله إخراج الحقاق وبنت اللبون مع الجبران أو بنات اللبون وحقة ويأخذ الجبران وإن أعطى حقة وثلاث بنات لبون مع الجبران لم يجزئه لأنه يعدل عن الفرض مع وجوده إلى الجبران ويحتمل الجواز فإن كان الفرضان معدومين أو معيبين فله العدول إلى غيرهما مع الجبران فيعطي أربع جذعات ويأخذ ثماني شياه أو يخرج خمس بنات مخاض وعشر شياه وإن اختار أن ينتقل من الحقاق إلى بنات المخاض مع الجبران أو من بنات اللبون إلى الجذعات مع الجبران لم يجز لأن الحقاق وبنات اللبون منصوص عليهن (فلا تصعد) إلى الحقاق بجبران ولا ولا ينزل إلى بنات اللبون بجبران.
الشيخ: (فلا يصعد) نسخة بالمخطوط.
الشيخ: هذه مسائل يمكن بالحساب تدرك فمن أخرج أقل فعليه الجبران ومن أخرج أكثر، فله الجبران تعرف بالحساب.
فصل
القارئ: ومن وجبت عليه فريضة فعدمها فله أن يخرج فريضة أعلى منها بسنة ويأخذ شاتين أو عشرين درهما أو فريضة أدنى منها بسنة أو معها شاتان وعشرون درهماً.
الشيخ: بالرفع يصلح ومعها شاتين التقدير يدفع معها شاتين أو عشرين درهم لكن مادام الأولى شاتان فالأصل في العطف أن يكون المعطوف مساوياً للمعطوف عليه عشرون درهم.
القارئ: لما روى أنس في كتاب الصدقات الذي كتبه أبو بكر رضي الله عنه قال: (ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهماً ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطى شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقه فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما فأما إن وجبت عليه جذعة فأعطى مكانها ثنية بغير جبران جاز.
وإن طلب جبراناً لم يعط لأن زيادة سن الثنية غير معتبر في الزكاة وإن عدم بنت المخاض لم يقبل منه فصيل بجبران ولا غيره لأنه ليس بفرض ولا أعلي منه.
والخيرة في النزول والصعود والشياه والدراهم إلى رب المال للخبر فإن شاء أعطى شاة وعشرة دراهم أوأخذ ذلك جاز وذكره القاضي لأن الشاة مقام عشرة دراهم فكانت الخيرة إليه فيهما مفردين ويحتمل المنع لأن الشارع جعل له الخيرة له في شيئين وتجويز هذا يجعل له الخيرة في ثلاثة أشياء.
الشيخ: عندي في المخطوط (من أراد إعطاء شاة وعشرة دراهم)، يعنى إن شاء أعطى شاتين أو عشرين درهماً أو شاة وعشرة.
القارئ: وإن كان النصاب مريضاً لم يجز له الصعود إلى الفرض الأعلى بجبران لأن الشاتين جعلتا جبراناً لما بين صحيحين فيكون أكثر مما بين المريضين وإن أراد النزول ويدفع الجبران جاز لأنه متطوع بالزيادة ومن وجبت عليه فرض فلم يجد إلا أعلى منه بسنتين أو أنزل منه بسنتين فقال القاضي يجوز أن يصعد إلى الأعلى ويأخذ أربع شياه أو أربعين درهما أو ينزل إلى الأنزل ويخرج معه أربع شياه أو أربعين درهماً لأن الشارع جوز له الانتقال إلى الذي يليه وجوز الانتقال من الذي يليه إلى ما يليه إذا كان هو الفرض وهاهنا لو كان موجوداً أجزأ فإذا عدم جاز العدول إلى ما يليه وقال أبو الخطاب لا يجوز لأن النص إنما ورد بالانتقال إلى ما يليه فأما إن وجد سناً يليه لا يجوز له الانتقال إلى الأبعد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الأقرب مقام الفرض ولو وجد الفرض لم ينتقل عنه فكذلك إذا وجد الأقرب لم ينتقل عنه.
الشيخ: الظاهر أن كلام أبي الخطاب أحسن فمثلاً إنسان عليه فرض ولكنه ليس عنده فينتقل إلى الفرض الذي يليه من بنت المخاض إلى بنت لبون لكن ما عنده بنت لبون وعنده حقة ينتقل إلى الحقة لكن هل يأخذ جبرانين أو لا؟ هذا هو محل إشكال فعند القاضي يجوز أن يأخذ جبرانين لأنه لو انتقل من السن الذي عنده إلى الذي يليه استحق شاتين ولو انتقل من السن الذي يليه مكان الواجب استحق شاتين فتكون شاتان لهذا ولهذا أربع شياه هذا إذا كان معدوماً أما إذا كان موجوداً فلا إشكال أنها لا يجوز لأنه لو كان عنده بنت لبون والواجب عليه بنت مخاض وعنده بنت لبون وحقة فهنا نقول لا يمكن أن يأخذ جبرانين إذا أخرج الحقة لأنه أمكنه الأصل.
مسألة: لا يمكن أن يذبح التبيع الذي وجب عليه لابد أن يعطيه المستحق حياً وله أن يقول للفقراء المستحقين للزكاة يا فلان ويا فلان ويا فلان هذا العجل بينكم.