الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة: في آداب الخلاف إذا صار خلاف فلابد أن تذكر دليلك أو تعليلك الصحيح وتجيب عن دليل وتعليل المخالف وإلا ما تم لك القول ولو أوردت دليلاً ولم تجب عن دليل خصمك معناها أنك متوقف.
السائل: بارك الله فيكم لو أن للإنسان خلطة مع إنسان في أربعين شاة على النصف وفي بلد آخر أيضاً أربعون شاة مع رجل آخر وبينهما أكثر من مسافة القصر والبلدان مختلفان فهل هذا على قاعدتنا أو لها حكم خاص هذه المسألة؟
الشيخ: لا هذه خلطة أوصاف تكون خلطة أوصاف عليه في البلد الأول نصف شاة وعليه في البلد الثاني نصف شاة.
السائل: كيف يخرج نصف الشاة؟
الشيخ: يُقوَّم أو يتفق مع أصحاب الزكاة ببذل القيمة.
باب زكاة الزروع والثمار
القارئ: وهي واجبة بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر وفيما سقي من النضح نصف العشر) أخرجه البخاري وبالإجماع.
الشيخ: هنا استدل المؤلف رحمه الله على وجوب زكاة الزروع والثمار بالقرآن والسنة والإجماع وهذا من أقوى الأدلة.
القارئ: ولا تجب إلا بخمسة شروط أحدها أن يكون حباً أو ثمرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في حب ولا ثمرٍ حتى تبلغ خمسة أوسق) رواه مسلم وهذا يدل على وجوب الزكاة في الحب والثمر وانتفائها عن غيرهما.
الشيخ: هذا القول هو أرجح الأقوال وقيل إنها تجب في كل ما نبت من الأرض لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (فيما سقت السماء العشر) وما هنا اسم موصول تفيد العموم ولكن يقال نعم هذا عام لا شك إلا أن الأحاديث الأخرى تقيده مثل حديث (ليس فيما دون خمسة أوسق من حب ولا ثمر صدقة) أو باللفظ الذي ساقه المؤلف فهذا يدل على أن موضوع الزكاة هوالحب والثمر.
القارئ: الشرط الثاني: أن يكون مكيلا لتقديره بالأوسق وهي مكايل فيدل ذلك على اعتبارها.
الشيخ: هذا دليله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليس في ما دون خمسة أوسق) فدل هذا على اعتبار التوسيق وأن ما لا يوسق ليس فيها زكاة والوسق هو الحمل ومقداره ستون صاعاً فتكون خمسة الأوسق ثلاثمائة صاع بالصاع النبوي ومن العلماء من يقول إن الزكاة تجب في الحبوب والثمار مطلقاً سواء كانت توسق أو لا يعنى سواء كانت مكيلة أو غير مكيلة يعنى مثلاً الآن البرتقال ثمر لأنه نبات مأكولة يكون من
الشجر فهل فيه زكاة على القول باشتراط التوسيق وأن يكون مكيلاً ليس فيه زكاة والراجح ما عليه عمل الناس الآن في بلادهم.
السائل: ألا يقال إن الثمار لا توسق يعنى كيف يعرف مقدار الزكاة؟
الشيخ: في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام توسق كالتمر وأما البرتقال لا ما يوسق فما فيه زكاة.
القارئ: الشرط الثالث أن يكون مما يدخر لأن جميع ما اتفق على زكاته مدخر ولأن غير المدخر لا تكمل لعدم التمكن من الانتفاع به في المآل فتجيب الزكاة في جميع الحبوب المكيلة المقتات منها والقطاني والأبازير والبزور والقرطم وحب القطن ونحوها وفي التمر والزبيب واللوز والفستق والعناب لاجتماع هذه الأوصاف الثلاثة وقال ابن حامد: لا زكاة في الأبازير والبزور ونحوها ولا تجب في الخضر كالقثاء والبطيخ والباذنجان لعدم هذه الأوصاف فيها وقد روى موسى بن طلحة أن معاذاً لم يأخذ من الخضر صدقة ولا تجب في سائر الفواكه كالجوز والتفاح والإجاص والكمثرى والتين لعدم الكيل فيها وعدم الادخار في بعضها.
وقد روى الأثرم بإسناده (أن عامل عمر رضي الله عنه كتب إليه في كروم فيها من الفرسك ما هو أكثر غلة من الكرم أضعافاً مضاعفه فكتب إليه عمر ليس عليها عشر هي من العضاه) والفرسك: الخوخ.
ولا زكاة في الزيتون لأنه لا يدخر وعنه: فيه الزكاة لقول الله تعالى: (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) وقيل لم يرد بهذه الآية الزكاة لأنها مكية نزلت قبل وجوب الزكاة ولهذا لم تجب الزكاة في الرمان.
الشيخ: قال الله تعالى: (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) الحصاد المعرف إنما هو للزروع فقط وأما الثمر فيقال فيها الجذاذ وما ذكر معه يقال فيها اللقلاط فلو قال قائل هذه الآية لا تدل على وجوب الزكاة في هذه الأشياء لأن قوله: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) يختص بالزرع بدليل أن الرمان مذكور فها وليس فيه زكاة وأما قوله لأنها مكية نزلت قبل وجوب الزكاة فهذا موضع خلاف بين العلماء هل الزكاة فرضت في مكة أولا؟ فمنهم من يقول إنها فرضت في مكة لكن كانت على حسب إرادة الإنسان وجوده وكرمه ولم تفرض فيها الأنصبة ومقدار الواجب إلا في المدينة وهذا قول قوي لأن فيه آيات كثيرة مكية تشير إلى الزكاة وبقي عندنا كلام المؤلف في التين يقول التين ليس فيه زكاة لأنه لا يدخر ولكنه جرى على الناس زمان في هذه البلاد وغيرها أنه يدخر حتى كانوا يجعلونه كالتمر في وسط الجصاص وهي عبارة عن حجرة صغيرة يوضع فيها التمر ويرص بالأحجار ويكون جيداً في أيام الشتاء كان الناس يكنزون التين كما يكنز التمر تماماً فيما سبق ولهذا كان القول الراجح في التين أن الزكاة واجبة فيه وهل العنب فيه زكاة أولا؟ فيه زكاة، لأنه يتخذ منه زبيب والزبيب مكيل مدخر وبعض التمر لا يتخذ منه الادخار لا يدخر ولا يؤكل إلا رطباً فهل فيه الزكاة؟ نعم فيه الزكاة لأن الأصل في جنسه أنه مدخر أما العنب الذي لا يأتي منه الزبيب فمن العلماء من قال إنه لا زكاة فيه وأعنابنا الموجود عندنا لا يتخذ منه الزبيب فلا زكاة فيه على هذا القول والراجح والله أعلم أن القول بالوجوب أحسن لأن كون نوع من هذه الثمار لا يدخر لا يدل على أن جنس الثمار غير مدخر.
مسألة: المعدن ليس من جنس الخارج من الأرض فالمعدن ذهب أو فضة فتجب فيه الزكاة بمقتضى نصوص وجوب الزكاة بالذهب والفضة.
السائل: ما الدليل على شرط الادخار؟
الشيخ: التوسيق (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) لأنه لا يوسق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا ما كان مدخراً.
القارئ: ولا زكاة في تبن ولا ورق ولا زهر لأنه ليس بحب ولا ثمر ولا مكيل وعنه في القطن والزعفران زكاة لكثرته وفي الورس والعصفر وجهان بناءً على الزعفران وقال أبو الخطاب تجب الزكاة في الصعتر والإشنان لأنه مكيل مدخر والأول أولى لأنه ليس بمنصوص عليه ولا في معنى المنصوص.
الشرط الرابع: أن ينبت بإنبات الآدمي في أرضه فأما النابت بنفسه كبزرِ قطونا والبطم وحب الإشنان والثمام فلا زكاة فيه ذكره ابن حامد لأنه إنما يملك بحيازته والزكاة إنما تجب ببدو الصلاح ولم يكن مُلكاً له حينئذ فلم تجب زكاتها كما لو اتهبه وقال القاضي: فيه الزكاة لاجتماع الأوصاف الأول فيه وما يلتقطه اللقاطون من السنبل لا زكاة فيه نص عليه أحمد رضي الله عنه وقال هو بمنزلة المباحات ليس فيه صدقة وما يأخذه الإنسان أجرة بحصاده أو يوهب له لا زكاة عليه فيه لما ذكرنا.
الشيخ: لكن لو بقي عنده حتى تم عليه الحول نظرنا إن أراد به التجارة فعليه الزكاة وإن أراد به دفع الحاجة فلا زكاة عليه.
القارئ: ومن استأجر أرضا أو استعارها فالزكاة عليه فيما زرع لأن الزرع ونفع الأرض له دون المالك ومن زرع في أرض موقوفة عليه فعليه العشر لأن الزرع طلق غير موقوف فإن كان الوقف للمساكين فلا عشر فيه لأنه ليس لواحد معين إنما يملك المسكين ما يعطاه منه فلم يلزمه عشره كما لو أخذ عشر الزرع غيره.
الشيخ: هذه مسائل مهمة إذا أستأجر أرضاً أو استعارها وزرع فيها فزكاة الزرع على المستعير والمستأجر لأنه هو مالك الزرع الذي فيه الزكاة ومن زرع في أرض موقوفة يعني شخص قال هذه وقف على ذريتي فزرع فيها يقول فعليه العشر وذلك لأن الزرع ملك له والوقف إنما هو في الأرض وإن كان الوقف للمساكين فلا عشر فيه أيضاً يعني لا زكاة فيه والسبب أن المساكين هم أهل الزكاة إذا أردنا أن نصرف الزكاة فهم أولي الناس بها ولهذا يقول لأنه ليس لواحد معين إنما يملك المسكين ما يعطى منه فلم يلزمه عشره كما لو أخذ عشر الزرع غيره يعني فلا زكاة عليه الذي أخذ العشر.
مسألة: إذا زرع في أرض موقوفة عليه فعليه الزكاة في الزرع وإذا كانت الأرض موقوفة على المساكين فلا زكاة فيها بناءً على أن الخلطة لا تؤثر إلا في المواشي وهذه الأرض لعموم الناس فلا تجب الزكاة.
السائل: بارك الله فيكم ما ظهر وجه الحصر من قوله صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في حب ولا ثمر حتى تبلغ خمسة أوسق) ألا يقال هذا ذكر للمثال فقط؟
الشيخ: وجه الحصر أن الرسول قال (لا زكاة في حبٍ ولا ثمر) قال مفهومه أن غيرهما لا زكاة فيه أصلاً سواء بلغ هذا النصاب أم لم يبلغ.
مسألة: المراد بالعشر جنس الزكاة ولهذا لوعبر بلفظ الزكاة لكان أحسن.
فصل
القارئ: الشرط الخامس: أن يبلغ نصاباً قدره خمسة أوسق لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) والوسق: ستون صاعا لما روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الوسق ستون صاعا) رواه أبو داود والصاع خمسة أرطال وثلث والمجموع ثلاثمائة صاعٍ وهي ألف وستمائة رطل بالعراقي والرطل مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع وهو بالرطل الدمشقي المقدر بستمائة درهم ثلاثمائة واثنان وأربعون رطلا وستة أسباع رطل.
والأوساق مكيلة وإنما نقل إلى الوزن ليحفظ وينقل قال أحمد وزنتُه يعني الصاع فوجدته خمسة أرطال وثلثاً حنطا وهذا يدل على أنه قدره من الحبوب الثقيلة فإن كان ماوجبت فيه الزكاة موزونا كالقطن والزعفران اعتبر بالوزن لأنه موزون ذكره القاضي وحكي أنه قال إذا بلغت قيمته قيمة خمسة أوسق من أدنى ما تخرجه الأرض ففيه الزكاة.
الشيخ: مقدر بالكيل هذا الأصل فالمكاييل نقلها العلماء رحمهم الله إلى الوزن لأن الوزن يبقى والمكيال ربما يزيد أو ينقص وتختلف الأصواع باختلاف البلدان فتجد مثلاً بعض الناس يكون الصاع عندهم صاعين في بلد آخر لكن الوزن مضبوط ويبقى عندنا اشكال في الوزن أن الموزون يختلف فبعضه ثقيل وبعضة خفيف فهل نعتبر الخفيف؟ إن اعتبارنا الخفيف معناه أنه سوف يزيد عن الصاع لأن الخفيف خفيف وإن اعتبرنا الثقيل فسوف ينقص عن الصاع قالوا إنه يقدر بالبر الجيد الذي يكون وزنه وزن العدس وكيفية ذلك أن تاخذ إناءً تجعل فيه العدس أو البر الجيد فتزن الإناء أولاً خالياً ثم تزنه بعد أن تضع فيه العدس أو البر فيكون الوزن على هذا وهذا سهل وقد قدرت أنا بحسب الكسر فبلغ الصاع ألفين وأربعين جراماً يعني كيلوين وأربعين جراماً هذا بالنسبة للبر الجيد وعلى هذا فقس وجدنا مكيال يقال إنه مد النبي عليه الصلاة والسلام كان قديماً وجد في بعض المحلات عندنا في عنيزة هذا المد مأخوذ من كذا من كذا من كذا من كذا إلى أن قال إنه مأخوذ من مد زيد بن ثابت عن مد النبي عليه الصلاة والسلام ما نعلم هل هذا صحيح أو لا؟ إنما نحن قدرناه بالوزن ووجدناه مقارباً أو موافقاً تماماً وعلى هذا يكون ثلاثمائة صاع تكون بالنسبة للكيلوات ستمائة واثنا عشر كيلواً بالبر الرزين يعني الجيد الدجن لا بالخفيف وعلى هذا الشعير خفيف أخف من البر وعلى هذا فينقص في الوزن بمعنى أن الصاع يكون أقل من هذا الوزن، كلما خف نقص الوزن وكلما ثقل لابد أن تزيد الوزن لأن الصاع حجم وليس وزناً.
القارئ: فإن كان الحب قيمته قيمة خمسة أوسق مما يدخر في قشره كالأرز فإن علم أنه يخرج عن النصف فنصابه عشرة أوسق مع قشره وإن لم يعلم ذلك أو شك في بلوغ النصاب خُيِّر بين أن يستظهر ويخرج عشره قبل قشره وبين قَشْرِه واعتباره بنفسه والعلس: نوع من الحنطة يزعم أهله أنه إذا خرج من قشره لا يبقى بقاء الحنطة ويزعمون أنه يخرج عن النصف فنصابه عشرة أوسق مع قشره ويعتبر أن يبلغ النصاب من الحب مصفَّى ومن الثمار يابسا.
الشيخ: كلام المؤلف رحمه الله في مسألة القشر يقول إذا كان بعض الحبوب يدخر في قشره وأنه إذا أزيل القشر لم يبق مدة طويلة فينظر هذا القشر هل يساوي النصف إذا قيل نعم يساوي النصف نصابه عشرة أوسق لأن نصاب الحب الخالص خمسة وهذا نصابه عشرة وإذا قالوا يساوي أقل من النصف كالربع مثلاً يكون نصابه سبعة ونصف وعلى هذا فقس لأن بعض الحبوب لابد أن تبقى بقشرها وبالنسبة للبر إذا بقي بقشره فإنه تطول مدته ولهذا أرشد يوسف عليه الصلاة والسلام الملك الذي رأى: (سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَات) أمرهم أن يبقوه في سنبله حتى لا يفسد.
القارئ: وعنه: يعتبر النصاب في الثمرة رطبا ثم يخرج منه قدر عشر رطبه تمراً ولا يصح لأنه إيجاب لزيادة عن العشر والنص يرد ذلك.
الشيخ: يعني مثلاً لو كان هذا النخل يؤخذ رطباً والآن حولنا الكيل للوزن فهل نعتبر هذا الرطب بالوزن أولا؟ يقول لا نعتبره بالوزن لا يصح اعتباره بالوزن لأنه إيجاب لزيادة عن العشر والنص يرد ذلك إذا حولته إلى الوزن صار معناه أن القليل يبلغ النصاب فيكون العشر الواجب يكون عشرين أو أكثر وذلك لزيادة وزنه والصحيح أنه يعتبر الرطب تمراً لأن هذا هو وقت الجذاذ كما قال المؤلف من الثمار يابساً.
فصل
القارئ: وتضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض (ليكمل) النصاب.
الشيخ: (لتكميل) نسخة في المخطوط.
القارئ: كما ذكرنا في الماشية فيضم العلس إلى الحنطة والسلت إلى الشعير.
الشيخ: هذه أنواع من الشعير والحنطة عندنا الحنطة الآن تسمى اللقيمي ومعيه وكنده وأمريكية كنده أي تأتي من كندا وأمريكية تأتي من أمريكا كل هذه جنس واحد وهي أنواع.
القارئ: لأنهما نوعا جنس واحد ويضم زرع العام الواحد بعضه إلى بعض سواء اتفق وقت إطلاعه وإدراكه أو اختلف فيقدم بعضه على بعض ويضم الصيفي إلى الربيعي، ولو حصدت الذرة ثم نبتت مرة أخرى ضم أحدهما إلى الآخر لأنه زرع عام واحد فضم بعضه إلى بعض لأنه كالمتقارب وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض لذلك فإن كان له نخل يحمل حملين في العام ضم أحدهما إلى الآخر كالزرع وقال القاضي في موضع: لا يضم حمل الثاني إلى شيء، والأول أولى.
الشيخ: على كل حال ذكره الفقهاء رحمهم الله ولا أدري هل هو واقع أو لا؟ لأن المعروف أن ثمرة النخل يكون في السنة مرة واحدة لكن ذكر بعض المؤرخين في ترجمة أنس بن مالك رضي الله عنه الذي دعى له النبي صلى الله عليه وسلم أن يبارك الله له في ماله أنه كان له بستان يحمل في السنة مرتين.
فصل
القارئ: ولا يضم جنس إلى غيره لأنهما جنسان متخلفان فلا يضم بعضها إلى بعض كالماشية وعنه: تضم كل الحبوب بعضها إلى بعض اختارها أبو بكر لأنها تتفق في قدر النصاب والمخرج والمنبت والحصاد أشبهت أنواع الجنس وعنه: تضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض اختارها الخرقي والقاضي لأنها تتقارب في المنفعة فأشبهت نوعي الجنس وهذا ينتقض بالتمر والزبيب لا يضم أحدهما إلى الآخر مع ما ذكرناه.
الشيخ: مسألة الضم المذهب أنه لا يضم جنس إلى آخر إلا في الذهب والفضة فيضم أحدهما إلى الآخر فإذا كان عنده نصف نصاب من الفضة ونصف نصاب من الذهب كُمِّل أحدهما بالأخر وأما الحبوب والثمار فلا يضم الجنس إلى آخر لأن كل جنس مستقل بنفسه والصواب أنه لا يضم حتى الذهب والفضة لا يضم أحدهما إلى الآخر فإذا كان عنده عشرة دنانير وعنده ثلاث أواقٍ من الفضة فالصواب أنه لا يكمل هذا بهذا وأن كل جنس لها حكمه الخاص فالمذهب لا يضم إلا الذهب والفضة فقط وما سواه لا يضم فمثلاً إذا كان عنده نصف نصاب من شعير ونصف نصاب من حنطة فلا شيء عليه والصحيح أنه لا شيء عليه حتى في الذهب والفضة وأنه لا يضم جنس إلى آخر لأن الشارع قدر فقال في الفضة: (فإن لم يكن إلا تسعون ومائة فليس فيه صدقة إلا أن يشاء ربها) وقال (ليس فيما دون خمس أوقٍ من الورق صدقة).
السائل: أحسن الله إليك إذا كان عنده ذهب ومبلغ من المال كلاهما لا يبلغ النصاب لوحده فهل يضم الذهب إلى المال؟
الشيخ: لا يضمه إلا إذا كان المال للتجارة فلو كان عند الإنسان مثلاً ثلث نصاب من الذهب وثلث نصاب من الفضة وثلث نصاب من الماشية فإنه لا يضم بعضها إلى بعض وإذا كان عنده نصف نصاب من المال الأوراق النقدية ونصف نصاب ذهب فإنه يضم.
السائل: الأوراق تعتبر ذهباً؟
الشيخ: هي تعتبر ذهباً فإن كانت لا تعتبر ذهباً وإنما تعتبر فضة فإنها لا تضم.
فصل
القارئ: وقدر الزكاة: العشر فيما سقي بغير كلفة كماء السماء والعيون والأنهار ونصف العشر فيما سقي بكلفة كالدوالي والنواضح وغيرها للحديث الذي في أول الباب ولأن للكلفة تأثيراً في تقليل النماء فيؤثر في الزكاة كالعلف في الماشية فإن سقي نصف الستة بكلفة ونصفها بما لا كلفة فيه ففيه ثلاثة أرباع العشر وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر بالأكثر لأن اعتبار السقي في عدد مراته وقدر ما يشرب في كل مرة يشق ويتعذر فاعتبر بالأكثر كالسوم وقال ابن حامد: يجب بالقسط لأن ما وجب فيه بالقسط عند التماثل وجب عند التفاضل كزكاة الفطر عن العبد المشترك.
وإن جهل المقدار غلبنا إيجاب العشر نص عليه لأنه الأصل.
الشيخ: ما سقي بلا مؤنة ففيه العشر كالذي يشرب بعروقه أو كالذي يشرب بماء المطر أو بالأنهار هذا فيه العشر كاملاً لقلة مؤنته وما سقي بكلفة ففيه نصف العشر وما سقي نصف السنة بكلفة ونصف السنة بدون كلفة ففيه ثلاث أرباع العشر فإن اختلف بأن كان سقي ثمانية أشهر بكلفة وأربعة أشهر بلا كلفة اعتبر الأكثر قدراً والمؤلف لم يتعرض للنفع هنا وقال ابن حامد ما ذكر يجب بالقسط فإذا كان ثمانية أشهر وأربعة أشهر فإنه يقسم العشر ثلاثة أقسام ولكن المذهب أقرب إلى الصواب وأقرب إلى التصور والراحة فإن جهلنا المقدار فإنه يغلب ما فيها الأحظ للفقراء وهو العشر كاملاً.
السائل: هل يعتبر الحرث والبذر في الكلفة؟
الشيخ: لا يعتبر إلا بالسقي لأن الحرث والبذر وما أشبه ذلك ما يتكرر يكون أول مرة وينتهي.
السائل: بارك الله فيك إذا كان السقي بكلفة بسيطة مثلاً كمن على الأنهار ويصرفها إلى أرضه؟
الشيخ: العبرة باستخراج الماء وليست العبرة بتصريفه ولهذا لابد أن يصرف الماء حتى ولوكان بغير كلفة لابد أن يكون هناك سواقي وأحواض يكون فيها ماء فالعبرة باستخراج الماء.
السائل: إذا حفر البئر ونبع الماء من نفسه؟
الشيخ: لا هو بغير كلفة فالآن مثلاً المطاق الآن هذه بغير كلفة يعني فيه مثلاً ناس يركزون مواسير في الأرض ثم تتفجر وتمشي على سطح الأرض هذه بغير كلفة لكن ما يسمونه الدينمو هذا بكلفة.
القارئ: وإن اختلف الساعي ورب المال في قدر شربه فالقول قول رب المال من غير يمين لأن الناس لا يستحلفون على صدقاتهم فإن كان لها حائطان فسقى أحدهما بمؤنة والآخر بغير مؤنة ضم أحدهما إلى الآخر في كمال النصاب وأخذ من كل واحد فرضه ويجب فيما زاد على النصاب بحسابه قل أو كثر لأنه يتجزأ فوجب فيه بحسابه كالأثمان.
الشيخ: هذا بخلاف الماشية، الماشية سبق أن فيها وقصاً وهو ما بين الفرضين وأن أربعين وستين ليس فيها إلا شاة لكن ما سوى الماشية فإنه لا وقص فيها فيكون ما زاد بحسابه.
فصل
القارئ: فإذا بدأ الصلاح في الثمار وأشتد الحب وجبت الزكاة لأنه حينئذٍ يقصد للأكل والاقتيات به فأشبه اليابس وقيل: لا يقصد لذلك فهو كالرطبة فإن تلف قبل ذلك أو أتلفه فلا شيء فيه لأنه تلف قبل الوجوب فأشبه ما لو أتلف السائمة قبل الحول إلا أن يقصد بإتلافها الفرار من زكاتها فتجب عليه لما ذكرنا.
الشيخ: مثلاً إنسان عنده نخيل تبلغ النصاب أتتها جائحة قبل أن يبدو صلاحها فأتلفتها فليس عليه زكاة أيضاً هو نفسه لو أتلفها بمعنى أنه جزها وهي خضراء لم يبدُ فيه الصلاح وباعها هل عليه زكاة؟ لا ليس عليه زكاة لأنه لم يبدُ صلاحها إلا إذا قصد الفرار من الزكاة فإنه يلزم بها لأن كل من تحيل لإسقاط واجب فإنه يلزم بذلك الواجب.
القارئ: وإن تلفت بعد وجوبها وقبل حفظها في بيدرها وجرينها بغير تفريط فلا ضمان عليه سواء خرصت أم لم تخرص لأنها في حكم ما لم تثبت اليد عليه ولو تلفت بجائحة رجع بها المشتري على البائع وإن أتلفها أو فرط فيها ضمن نصيب الفقراء بالخرص أو بمثل نصيبهم وإن أتلفها أجنبي ضمن نصيب الفقراء بالقيمة لأن رب المال عليه تخفيف هذا بخلاف الأجنبي والقول في تلفها وقدرها والتفريط فيها قول رب المال لأنه خالص حق الله تعالى فلا يستحلف فيه كالحد وإن تلفت بعد جعلها في الجرين فحكمها حكم تلف السائمة بعد الحول.
الشيخ: إذاً صارت المسألة لها ثلاث حالات قبل بدو الصلاح إذا تلفت بإتلافه أو بفعل الله عز وجل فليس فيها زكاة ما لم يقصد بإتلافها الفرار من الزكاة فعليه والحال الثانية تلفت بعد بدو الصلاح وقبل وضعها في الجرين فإن كان بتفريط منه أو تعدٍ منه فعليه ضمان الزكاة وإن لم يكن فلا زكاة عليه والثالثة إذا تلفت بعد إيوائها الجرين ووضعها في البيدر فعليه الضمان مطلقا سواء تلفت بتعد منه آو تفريط أو بلا تعد
ولا تفريط والصحيح أن الحال الثالثة كالحال الثانية يعني إذا تلفت بغير تعد ولا تفريط فإنه لا ضمان عليه لأنها بقيت في يده أمانة إلا إذا فرط في تأخير دفعها إلى مستحقها فعليه الضمان.
في الحال الثالثة لايضمن لأن هذا المال الذي بيده وهو ليس بمتعد ولا مفرط فهو كالوديعة.
السائل: إن كان الماء يخرج بدون مؤنة لكن تأخذ عليه الدولة مقابل؟
الشيخ: فيه العشر لأنه إذا ظلم فلا يظلم غيره لا هذا ضريبة الدولة أصلاً ما تأخذ ضريبة على شيء نافع.
السائل: أحسن الله إليك بعض أصحاب المزارع يزعمون أن عليهم مصاريف أخرى غير الماء؟
الشيخ: هذا لايعتبر كلفة لأن السنه إنما جاءت (فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بالنضح نصف عشر) نقتصر عليه أما إذا كان عليه نفقات أخرى لغير الماء فلا يمكن أن ينقص حق الفقراء.
فصل
القارئ: ويستحب للإمام أن يبعث من يخرص الثمار عند بدو الصلاح لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد لله بن رواحة إلى يهود فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يوكل منه رواه أبو داود وعن عتاب بن أسيد أنه قال أمرنا رسول الله أن نخرص العنب كما نخرص النخل فيؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ زكاة النخل تمرا رواه أبو داود ويجزيء خارص واحد لحديث عائشة ولأنه يفعل ما يؤديه إليه اجتهاده فجاز أن يكون واحداً كالحاكم ويعتبر أن يكون مسلماً أميناً غير متهم ذا خبرة فإن كانت الثمرة أنواعا خرص كل نوع على حدته لأن الأنواع تختلف (منها) ما يكثر رطبه.
الشيخ: (فمنها) نسخة في المخطوط.
القارئ: ويقل يابسه ومنها خلاف ذلك فإن كانت نوعاً واحداً خير بين خرص كل شجرة منفردة وبين خرص الجميع دفعة واحدة ثم يعرِّف المالك قدر الزكاة ويخيره بين حفظها إلى الجذاذ وبين التصرف فيها وضمان حق الفقراء فإن اختار حفظها فعليه زكاة ما يؤخذ منها قل أو كثر لأن الفقراء شركاؤه فليس عليه أكثر من حقهم منها وإن اختار التصرف ضمن حصة الفقراء بالخرص فإن ادعى غلط الساعي في الخرص دعوى محتملة فالقول قوله بغير يمين وإن ادعى غلطاً كثيراً لا يحتمل مثله لم يلتفت إليه لأنه يعلم كذبه فإن اختار التصرف فلم يتصرف أو تلفت فهو كما لو لم يخير لأن الزكاة أمانة فلا تصير مضمونة بالشرط كالوديعة.
الشيخ: إذا عرَّفه بالزكاة يخيَّر بين حفظها إلى الجذاذ وبين التصرف فيها وضمان حق الفقراء يعني أن يقول إما أن يبقى التمر كما هو إلى الجذاذ وإما أن تبيعه لكن تضمن تمراً بدله يعني ما هو لازم يخرج من عين الرطب والتمر.
فصل
القارئ: ويخرص الرطب والعنب لحديث عتاب ولأن الحاجة داعية إلى أكلهما رطبين وخرصهما ممكن لظهور ثمرتهما واجتماعها في أفنانها وعناقيدها ولم يسمع بالخرص في غيرهما ولا هو في معناهما لأن الزيتون ونحوه حبه متفرق في شجره مستتر بورقه.
الشيخ: وعلى هذا فلا يخرص الزرع من باب أولى وعمل الناس اليوم على خرص الثمار والزروع وذلك لأنه وإن كان في الزرع جهالة لكون الحب مستتراً بالقشر لكنه جهالة قريبة ليس جهالة كثيرة ولهذا يجوز بيع الحب في سنبله مع اشتراط العلم في البيع فإذا لم يمنع من ذلك إجماع فإن خرص الزروع كخرص الثمار.
فصل
القارئ: وعلى الخارص أن يترك في الخرص الثلث أو الربع توسعة على رب المال لحاجته إلى الأكل منها والإطعام ولأنه قد يتساقط منها وينتابها الطير والمارة وقد روى سهل بن أبي حثمة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع) رواه أبو داود وعن مكحول قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث الخراص قال (خففوا على الناس فإن في المال العرية والواطئة والأكلة) رواه أبوعبيد.
الشيخ: ذكر المؤلف رحمه الله تعالى أن الخارص يدع الثلث أو الربع فهل المراد أنه لا يخرص إلا الثلثين أو الثلاثة أرباع؟ أو أن المعني أن يدع الثلث أي ثلث الزكاة أو الربع ربع الزكاة الأقرب هذا وأن الخارص مأمور بأن لا يأخذ الزكاة كلها بل يدع الثلث أو الربع وذلك لأن رب المال قد يكون له أقارب وأصحاب ومعارف يحب أن يعطيهم من الزكاة فإذا أخذت الزكاة كلها منه لن يبق لهؤلاء المعارف والأقارب شيء وهذا الذي ذكرناه يؤيده أن الأحاديث الصحيحة التي أصح من هذا الحديث قدّر فيها النبي عليه الصلاة والسلام العشر أو نصف العشر بدون ذكر حذف شيء منه وعلى هذا نقول فيما يسقى بلا مؤنة العشر كاملاً لكن ينبغي للخارص أن يدع الثلث من أجل أن يؤديه صاحب الزرع أو الثمر وما يسقى بمؤنة فيه نصف العشر كما جاء في الحديث فيجب إخراج العشر أو نصفه ثم يقال للخارص دع الثلث من الزكاة أو الربع لصاحبها.
القارئ: فالعرية نخلات يهب رب المال ثمرتها لإنسان والواطئة: السابلة والأكلة: أرباب الأموال ومن تعلق بهم فإن لم يترك الخارص شيئاً فله الأكل بقدر ذلك ولا يحتسب عليهم وإن لم يخرص عليهم فأخرج رب المال خارصاً فخرص وترك قدر ذلك جاز ولهم أكل الفريك من الزرع ونحوه مما جرت العادة بمثله ولا يحتسب عليهم.
الشيخ: جرت العادة أن أهل الزرع إذا استوى الزرع أخذوا سنبلات وفركوها وأكلوها هذا الفريك فما جرت به العادة فلا بأس أن يأخذوه وإن لم تؤخذ منهم الزكاة وتؤخذ الزكاة مما بقي وذلك لأن ما جرت به العادة فإنه يجرى على العادة ويسامح فيها.
فصل
القارئ: فإذا احتيج إلى قطع الثمرة قبل كمالها لخوف العطش أو غيره أو لتحسين بقية الثمرة جاز قطعها لأن العشر وجب مواساة فلا يكلف منه ما يهلك أصل المال ولأن حفظ الأصل أحظ للفقراء من حفظ الثمرة لتكرر حقهم فيها كما هو أحظ للمالك فإن كفى التجفيف لم يجز قطعها وإن لم يكف جاز قطعها كلها.
الشيخ: أنا عندي في المخطوط (فإن كفى التخفيف) نسخة والتخفيف أقرب للصواب.
القارئ: وإن كانت الثمرة عنبا لا يجيء منه زبيب أو زبيبه رديء كالخمري أو رطب لا يجي منه تمر جاز (كالبرنبا) قطعه.
الشيخ: أنا عندي في الخطوط ألف بعد الراء (كالبرابنا)، هذا معروف نوع من التمر وعلى كل حال يوجد رطب ما يمكن أن يكون تمراً إذا يبس ما ينفع ولا يوكل فإذا كان هذا النوع الرطب موجوداً في البستان فهو الذي أراد المؤلف.
القارئ: قال أبو بكر: وعليه قدر الزكاة في جميع ذلك يابسا وذكر أن أحمد نص عليه وقال القاضي: لا يلزمه ذلك لأن الفقراء شركاؤه فلم يلزمه مواساتهم من غير جنس ماله.
الشيخ: وقول القاضي أصح يعني مثلاً على قول القاضي يجوز أن يخرج رطباً بدلاً عن التمر في هذا النخل الذي لا يأتي رطبه تمراً وكذلك العنب إذا قلنا بوجوب الزكاة في العنب الذي لا يأتي منه زبيب فإنه يجوز أن يخرج الزكاة عنباً رطباً لأن الزكاة وجبيت مواساةً بين الغني والفقير.
القارئ: ويتخير الساعي بين مقاسمة رب المال الثمرة قبل الجذاذ بالخرص ويأخذ نصيبهم شجرات منفردة وبين مقاسمة الثمرة بعد جذها بالكيل ويقسم الثمرة في الفقراء وبين بيعها للمالك أو لغيره قبل الجذاذ وبعده ويقسم ثمنها في الفقراء فإن أتلفها رب المال فعليه قيمتها لأنه لا يلزمه تجفيفها فأشبه الأجنبي.
الشيخ: هذا إذا كان قبل تعيينها وأما إذا عينها المالك وقال للعامل هذه صدقتي فإنه لا يجوز له أن يشتريها بعد ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن شراء الرجل صدقته) وقال: (إن هذا مثله مثل الكلب يقي ثم يعود في قيئه) لكن لو أن العامل قال لرب النخل: القيمة أنفع للفقراء فلنقدر الثمرة كلها بقيمتها فإذا كانت تساوي عشرة آلاف وهي مما تسقى بمؤنة فالواجب خمسمائة وإذا كان مما لا يسقى بمؤنة فالواجب ألف وهذا طيب لا بأس لأنه أحياناً يكون العامل ليس عنده مكان يجبي فيه التمر وثانياً ربما يكون الفقراء لا يريدون التمر يريدون المال النقد فإذا رأى العامل ذلك فله أن يفعل ومن ذلك ما كان معهوداً عندنا الآن في أن الرجل يبيع ثمرة نخله كله فحينئذ لا يكلف أن يشتري تمراً من السوق ليدفعه للفقراء بل نقول ما دام بعت ثمرة نخلك كله فإنك تخرج من الثمن نصف العشر إن كان يسقى بمؤنة والعشر كاملاً إن كان يسقى بلا مؤنة فصار يخرج القيمة فيما إذا طلبها الساعي ولكن هل للساعي طلبها؟ نقول: نعم إذا رأى أن ذلك أصلح للفقراء فلا بأس وكذلك إذا كان لمصلحة المالك بحيث يكون المالك قد باع بستانه كله ولم يكن عنده إلا ثمن البستان فنقول لا بأس أن يأخذ العامل الزكاة من القيمة.
مسألة: بعض العلماء قال إن الرطب الذي لا يتمر والعنب الذي لا يزبب ليس فيه زكاة لأن هذا يشبه الفاكهة لكن الفقهاء الذين يرون الوجوب يقولون: هذا أصله أنه يتمر في الرطب وأنه يكون زبيباً في العنب والنادر لاحكم له.
السائل: متى يكون الخرص؟
الشيخ: إما قبل أن يتمر إذا بدأ به التمر أو إذا أتمر نهائياً.
السائل: وإذا بدا صلاحه هل يخرص؟
الشيخ: لا ما يصلح إذا بدأ الصلاح لأنه لا يمكن ضبطه.
فصل
القارئ: وما عدا ذلك لا يجوز إخراج الواجب من ثمرته إلا يابسا ومن الحبوب إلا مصفى لأنه وقت الكمال وحالة الادخار، فإن كان نوعاً واحداً أخرج عشره منه جيداً كان أو رديئا لأن الفقراء بمنزلة الشركاء فيه وإن كان أنواعاً أخرج لكل نوع حصته لذلك ولا يجوز إخراج الرديء عن الجيد ولا يلزم إخراج الجيد عن الرديء لما ذكرنا ولا مشقة في هذا لأنه لا يحتاج إلى تشقيص وقال أبو الحطاب: إن شق ذلك لكثرة الأنواع واختلافها أخذ من الوسط وإن أخرج رب المال الجيد عن الرديء جاز وله ثواب الفضل لما ذكرنا في السائمة.
الشيخ: أراد المؤلف رحمه الله كيف يخرج زكاة الثمار فقال إنه يخرج من كل نوع بحصته فإذا قدرنا أن هذا البستان فيه برحي وفيه شقراء وفيه أم الحمام فإنه يجب أن يخرج من البرحي وحدها زكاتها ومن الشقراء وحدها زكاتها ومن أم الحمام كذلك حتى لو كانت نخلة واحدة من نوع فإنه يخرج زكاتها منها هذا هو المشهور من المذهب وقال بعض أهل العلم أنه إذا كثرت الأنواع وشق أن يخرج من كل نوع زكاته فإنه يخرج من الوسط فلا يخرج الطيب ولا يلزمه إخراج الطيب ولا يجزئه إخراج الرديء وهذا القول لا شك أنه أقرب إلى الصواب من الأول وأما ما يفعله بعض الناس عندنا تجد البستان ثمانين في المائة من النوع الجيد وعشرين في المائة من النوع الرديء فيخرج الزكاة من النوع الرديء فهذا حرام ولا تجزئه الزكاة لقول الله تعالى: (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) والسلامة من هذا كله أن يخرج من القيمة لأنه إذا أخرج من القيمة قدر قيمة كل البستان رديئه وجيده ثم أخرج من القيمة وبذلك تبرأ الذمة.
فصل
القارئ: فأما الزيتون فإن لم يكن ذا زيت أخرج عشر حبه وإن كان ذا زيت فأخرج من حبه جاز كسائر الحبوب وإن أخرج زيتاً كان أفضل لأنه يكفي الفقراء مؤنته ويخرجه في حال الكمال والادخار.
فصل
القارئ: ويجوز لرب المال بيعه بعد وجوب زكاته لأن الزكاة إن كانت في ذمته لم يمنع التصرف في ماله.
الشيخ: ونسخة في المخطوطة (لم تمنع).
القارئ: كالدين وإن تعلقت بالمال لكنه تعلق ثبت بغير اختياره فلم يمنع التصرف فيه كأرش الجناية فإن باعه فزكاته عليه دون المشتري ويلزمه إخراجها عما تلزمه لو لم يبعه.
الشيخ: يلزمه يعني الإخراج.
فصل
القارئ: ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة، الخراج في رقبتها والعشر في غلتها لأن الخراج مؤنه الأرض فهو كالأجرة في الإجارة ولأنهما حقان يجبان لمستحقين فيجتمعان كالكفارة والقيمة في قتل الصيد المملوك على المحرم.
وقال الخرقي: يؤدي الخراج ثم يزكي ما بقي لأن الخراج دين في مؤنة الأرض فأشبه ما استدانه لينفقه على زرعه وقد ذكرنا فيما استدانه رواية أخرى: أنه لا يحتسب به فكذلك يخرَّج هاهنا.
الشيخ: ولعل هذا مبني على القول بأن الدين يمنع وجوب الزكاة أو لا يمنع؟ وسبق أن في ذلك ثلاثة أقوال للعلماء، منهم من قال: يمنع ومنهم من قال: لا يمنع ومنهم من فرق بين الأموال الظاهرة والأموال الباطنة، لكن ماهو الخراج؟ إذا فتحت البلاد عنوة فإن الإمام يخير فيها بين أن يقسمها بين الغانمين وبين أن يوقفها على المسلمين ويضرب عليها خراجاً مستمراً تؤخذ ممن هي في يده والثاني فعله عمر رضي الله عنه قال: لأن المسلمين الذين لم يوجدوا الآن لهم حق فيها وعلى هذا فإذا فتحوا أرضاً عنوة يعني بالسيف والقوة غنموا الأراضي لأن الأراضي تكون للمسلمين - هذه المزارع - فتبقى الأرض إذا ضرب عليها الإمام خراجاً بأن قال مثلاً كل كيلو عليه مائة ريال كل سنة هذا هو الخراج فيجتمع في الأرض الخراجية عشر وخراج العشر الذي هو الزكاة والخراج الذي هو حق بيت المال وضرب مثلاً لذلك بالصيد المملوك إذا قتله المحرم فإن عليه الجزاء كما قال الله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) فإذا قتل المسلم غزالاً لشخص فالغزال من الصيد المحرم فيحرم على المحرم أن يقتلها والغزال لشخص مالك لها نقول يجب في هذه الغزال الجزاء حق لله وتجب القيمة أو المثل حقٌ للآدمي فاجتمع فيها ضمانان ولو قتلها خطأً فعليه قيمتها لمالكها وليس عليه جزاء لقوله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ).
فصل
القارئ: ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ولا عشر عليهم في الخراج منها لأنهم من غير أهل الزكاة فأشبه مالو اشتروا سائمة ويكره بيعها لهم لئلا يفضي إلى إسقاط الزكاة وعنه: يمنعون شراءها لذلك اختارها الخلال وصاحبه فعلى هذا إن اشتروها ضوعف العشر عليهم كما لو اتجروا إلى غير بلدانهم ضوعف عليهم ما يؤخذ من المسلمين.