المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب صلاة الكسوف القارئ: وهي سنة مؤكدة عند كسوف الشمس أو القمر.   الشيخ: - تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة - جـ ٢

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌ ‌باب صلاة الكسوف القارئ: وهي سنة مؤكدة عند كسوف الشمس أو القمر.   الشيخ:

‌باب

صلاة الكسوف

القارئ: وهي سنة مؤكدة عند كسوف الشمس أو القمر.

الشيخ: باب صلاة الكسوف هذا من باب إضافة الشيء إلى سببه لا إلى زمنه لكن صلاة الظهر من باب إضافة الشيء إلى زمنه إذا لم نقل إن دخول الوقت سبب لوجوب الصلاة والكسوف هو احتجاب ضوء الشمس أو القمر بما جعله الله تعالى حجاباً فالشمس تنحجب بالقمر يحول بينها وبين الأرض والقمر ينحجب بالأرض تحول بينه وبين الشمس وذلك أن نور القمر مستفاد من الشمس فإذا وجد حائل يمنع منه انحجب النور وكسف القمر ولهذا تجدون الهلال أول ما يهل تجدونه ليس فيه نور لأن الجزء المقابل للشمس من القمر قليل جداً وكلما قرب من الشمس قلت المواجهة فَقَلَّ النور وتمام المواجهة في ليالي الإبدار ولهذا لا يمكن يوجد كسوف القمر إلا في ليالي الإبدار ولا خسوف الشمس إلا في ليالي الاستسرار أي في آخر الشهر حيث يمكن أن يحول القمر بين الأرض وبين الشمس وأما قول بعض العلماء في الخسوف إنه ذهاب ضوء أحد النيرين أو بعضه ففيه نظر لأنه لا يذهب لكن يكون هناك حجاب ثم إن للكسوف سببين سبب كوني وسبب شرعي أما السبب الكوني فهو ما ذكرنا لكم وهو هذا السبب الحسي كسوف القمر سببه أن الأرض تحول بينه وبين الشمس كسوف الشمس أن القمر يحول بينها وبين الأرض السبب الشرعي لا نعلمه نحن لكن علمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يخوف بهما عباده).

وقول المؤلف عن صلاة الكسوف إنها سنة مؤكدة أفادنا ثلاث فوائد:

الفائدة الأولى أنها ليست بواجبة.

والفائدة الثانية أنها ليست بسنة مطلقة.

ص: 269

والفائدة الثالثة أنها سنة مؤكدة والسنة المؤكدة أقوى من السنة المطلقة وقد اصطلح الحنفيون أصحاب أبي حنيفة على تسمية الواجب بالسنة المؤكدة فإذا قالوا سنة مؤكدة فهي بمعنى واجبة لكن عند الحنابلة وأكثر الأصوليين أن السنة المؤكدة هي التي يطلب فعلها بالتأكيد والصحيح أن صلاة الكسوف واجبة ودليل الوجوب أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج فزعاً يجر رداءه وأمر بالصلاة حتى قال (الصلاة جامعة) واجتمع الناس كلهم وصلى تلك الصلاة الطويلة وعرض عليه ما عرض من آيات الله عز وجل من الجنة والنار وأمر في بعض ألفاظ الحديث بالفزع إلى الصلاة كأن عدواً أغار على المسلمين ففزعوا لدفعه وأمر بالصدقة والاستغفار والتكبير والعتق وكل هذه القرائن تدل على أن صلاتها واجبة وعلى الأقل أن نقول إنها فرض كفاية لا فرض عين أما أن يحصل الكسوف أو الخسوف ويبقى الناس في دنياهم بيعاً وشراءً وتمتعاً وترفهاً وكأن شيئاً لم يكن فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم المبالاة وعدم انصياع الناس إلى تخويف الله عز وجل فالصحيح أنها فرض وأقل ما نقول إنها فرض كفاية فإن قال قائل أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر الصلوات الخمس للأعرابي وقال هل علي غيرها قال (لا إلا أن تطوع) قلنا بلى لكن مراد النبي عليه الصلاة والسلام بذلك الصلاة اليومية المتكررة أما الصلاة التي لها سبب فهذه مقرونة بأسبابها.

القارئ: لما روى أبو مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى يخوف الله بهما عباده وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم).

ص: 270

الشيخ: إنما قال (لموت أحد من الناس) لأن الشمس كسفت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام حين مات ابنه إبراهيم وابنه إبراهيم مات وله ستة عشر شهراً وحزن عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وفاضت عيناه وقال (العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك أو قال بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) فقال الناس كسفت لموت إبراهيم لأن عندهم عقيدة فاسدة في الجاهلية أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا إذا مات عظيم أو ولد عظيم فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذه العقيدة لأنه لا أثر للحوادث الأرضية على الأحوال الفلكية الأحوال الفلكية عُلْيا مهما حدث في الأرض فإنه لا يؤثر فيها لكن قد يعاقب الله أهل الأرض بأحوال فلكية كالصواعق والبَرَد وما أشبه ذلك لكن أن تكون سبباً فاعلاً ما يحدث في الأرض حتى يتغير الجو هذا ليس بصحيح أبداً.

واستفدنا من قوله (فإذا رأيتم منها شيئاً) أنه لو قدر أن الشمس كسفت بعد أن غابت فإنه لا صلاة ولو كسفت قبل أن تخرج فلا صلاة ولو كان هناك غيم ثقيل حجب رؤيتها عنا فلا صلاة حتى وإن علمنا بتقرير الفلكين أن هناك كسوفاً فإننا لا نأخذ بقولهم حتى نرى إذا رأيتموه وقد يحجب الله سبحانه وتعالى رؤية الشمس كاسفة أو القمر رحمة بالناس فيكون هذا حجاباً من الله عز وجل أن يخوف هؤلاء القوم فلا تلزم الصلاة في هذه الحال.

ص: 271

وقوله (حتى ينكشف) هل هي تعليل أو غاية؟ هل المعنى صلوا وادعوا لينكشف ما بكم أو استمروا في ذلك حتى ينكشف؟ هذا فيه احتمال فإن قلنا لينكشف فمعناه أننا نكتفي بأقل صلاة لأننا أوجدنا السبب وإذا قلنا حتى ينكشف فإننا نصلي حتى ينكشف وعلى هذا فإذا علمنا أن الكسوف سيطول وقته فحينئذٍ نطيل في الصلاة إذا جعلنا حتى للغاية وإذا انتهينا من الصلاة ولم ينجلِ؟ فهنا اختلف العلماء منهم من يقول تعاد الصلاة ومنهم من يقول لا تعاد أما إذا جعلناها للتعليل فمن المعلوم أن أدنى صلاة تكون سبباً فيجزئ من ذلك ركعتان مثلاً ولو خفيفتين ولكن الأظهر أنها للغاية وأننا مأمورون أن نصلي حتى ينكشف ما بنا.

القارئ: وعن عائشة رضي الله عنها قالت خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث منادياً فنادى الصلاة جامعة وخرج إلى المسجد فصف الناس وراءه وصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات متفق عليهما.

الشيخ: هذا أيضاً من آيات الله الشرعية أن صلى صلاة لا نظير لها صلى ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان والصلوات الأخرى في كل ركعة ركوع واحد وسجودان لكن لما كانت هذه الصلاة سببها آية كونية جعلها النبي صلى الله عليه وسلم آية شرعية خارجة عن المألوف والمعهود.

القارئ: وتجوز جماعة وفرادى لإطلاق الأمر بها في حديث أبي مسعود والجماعة أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لها في جماعة وينادى لها الصلاة جامعة للحديث وتفعل في المسجد للخبر ولأن في وقتها ضيقا فلو خرجوا إلى المصلى خيف فواتها.

الشيخ: هذه مسائل:

أولاً أن كونها جماعة أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم نادى لها قال (الصلاة جامعة) وجمَّع بهم صلوات الله وسلامه عليه.

وفيه أيضاً أنه لو أدوها فرادى لم يكن هناك مظهر خوف من الناس لأن كل إنسان يصلي في بيته ولا يدروا عنه.

ص: 272

وفي قوله تفعل في المسجد دون مصلى يعني مصلى العيد بل تفعل في المسجد ولكن هل تفعل في كل مسجد كما هو حال الناس اليوم أو في الجوامع؟ الجواب الثاني تفعل في جوامع هذا هو الأفضل لكن إذا خيف أن يتكاسل الناس عنها إذا قيل صلوا في الجوامع فلا بأس أن تصلى في كل مسجد.

وقوله (الصلاة جامعة) أهي بالنصب أو بالرفع؟ يجوز الوجهان الصلاةَ جامعةً أي احضروا الصلاة جامعة ويجوز الصلاةُ جامعةٌ على أنها مبتدأ وخبر.

فصل

في صفة صلاة الكسوف

القارئ: وصفتها أن يكبر للإحرام ويستفتح ثم يقرأ الفاتحة وسورة البقرة أو نحوها ثم يركع فيسبح نحواً من مائة آية ثم يرفع فيسمع ويُحَمِّد ويقرأ الفاتحة وآل عمران أو نحوها ثم يركع فيسبح نحواً من سبعين آية ثم يرفع فيسمع ويحمد ثم يسجد سجدتين يسبح فيهما نحواً من الركوع ثم يقوم إلى الثانية فيقرأ الفاتحة وسورة النساء ثم يركع ويسبح نحواً من خمسين آية ثم يرفع فيسمع ويحمد ويقرأ الفاتحة وسورة المائدة ثم يركع فيسبح نحواً من أربعين آية ثم يرفع ويسمع ويحمد ثم يسجد سجدتين نحواً من ركوعه ويتشهد ويسلم وليس هذا التقدير في القراءة والتسبيح منقولاً عن أحمد رضي الله عنه ولا هو متعين وما قرأ به بعد أم الكتاب فيها أجزأه.

الشيخ: المؤلف رحمه الله معروف أنه مؤلف للكتابة على مذهب الإمام أحمد لكن لورعه لما ذكر هذا التقدير قال إنه ليس منصوصاً عن الإمام أحمد لئلا يظن الظان أن هذا منصوص عليه من كلام الإمام أحمد ولكنه ليس منصوصاً عليه وعلى حسب تقدير المؤلف يكون الإنسان قرأ في صلاة الكسوف ستة أجزاء وربع تقريباً فإذا قال قائل هذا تطويل على الناس قلنا من طال عليه القيام فليجلس ولن نفوت المصلحة العامة من أجل هذا وأيضاً هي سنة إذا قلنا هي فرض كفاية صارت فيما زاد عمن تحصل بهم الكفاية سنة فإذا شاء انصرف.

ص: 273

القارئ: لكن يستحب ذلك ليقارب فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيما روت عائشة رضي الله عنها قالت خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد فقام وكبر وصف الناس وراءه فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة ثم كبر فركع ركوعاً طويلا ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم قام فقرأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر فركع ركوعاً هو أدنى من الركوع الأول ثم قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم سجد ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات فانجلت الشمس متفق عليه وفي رواية أخرى فرأيت أنه قرأ في الأولى بسورة البقرة وفي الثانية سورة آل عمران.

الشيخ: قولها فرأيت يعني ظننت فرأى هنا بمعنى ظن.

القارئ: ويجهر بالقراءة ليلاً كان أو نهاراً لأن عائشة روت أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الخسوف رواه أبو داود، ولأنها صلاة شرع لها الجمع الكثير فسن لها الجهر كالعيد.

الشيخ: فإن قال قائل كيف تقدر بسورة البقرة وهو قد جهر بها لأنه يلزم من جهره بها أن تكون مسموعة معلومة قلنا قد نعلم أن الإمام يقرأ جهراً ولكن لا ندري ماذا يقول لبعدنا عنه وهذا كثيراً ما يقع فلا يلزم من سماع الإمام أنه يجهر أن نسمع كل كلمة يقولها حتى نقول إنه قرأ بشيء معين.

والمؤلف رحمه الله استدل على أن القراءة جهر بحديث عائشة وعلل ذلك بأنها صلاة شرع لها الجمع الكثير فسن لها الجهر كالعيد وكالجمعة أيضاً وهذا يدل على أنه إذا كانت الصلاة مما يجتمع له فإنه يجهر بها وذلك لأنه أقوى في الاتحاد إذ أن هؤلاء الجمع الكثير ينصتون لإمام واحد وهذه والله أعلم هي الحكمة من كون بعض الصلوات النهارية جهرية لأنها تجمع الناس الكثير فيكون سكوتهم وإنصاتهم لهذا الإمام المعين أقوى في الاتحاد على هذا الإمام.

ص: 274

القارئ: وإن صلى في كل ركعة ثلاث ركوعات على نحو ما ذكرنا جاز لأن عائشة روت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ست ركعات وأربع سجدات رواه مسلم.

الشيخ: على كل حال هذا الحديث لا يصح سواء من حديث ابن عباس أو من حديث عائشة لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلى في كل ركعة ثلاث ركوعات ووجه ذلك أن الكسوف بالاتفاق لم يحصل في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا مرة واحدة والثابت في الصحيحين أنه صلى ركعتين في كل ركعة ركوعان وما عدا ذلك فإنه شاذ لا يصح ومعروف أن من شروط صحة الحديث أن لا يكون شاذاً فكل ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى أكثر من ركوعين في كل ركعة فهو حديث لا يصح نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

القارئ: وإن جعل في كل ركعة أربع ركوعات جاز أيضاً لأنه يروى عن علي وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم والمختار الأول لأنه أصح وأشهر.

الشيخ: ما هو الأول؟ ركوعان في كل ركعة هذا هو الأصح لكن روى مسلم في صحيحه عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أنه صلى في كسوف ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات وفعل علي رضي الله عنه مما يحتج به وكأنه رضي الله عنه رأى الزيادة لأنه ظن أن الكسوف سيستمر طويلاً فزاد ولكنا نختار كما اختار المؤلف رحمه الله أن يصلي ركعتين في كل ركعة ركوعان فقط.

القارئ: ووقتها من حين الكسوف إلى حين التجلي فإن فاتت لم تقضَ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صلوا حتى يكشف الله ما بكم) وإن تجلت وهو في الصلاة أتمها وخففها وإن سلم قبل انجلائها لم يصلِّ أخرى واشتغل بالذكر والدعاء وإن استترت بغيم صلى لأن الأصل بقاء الكسوف وإن غابت كاسفة فهو كانجلائها لأنه ذهب وقت الانتفاع بنورها وإن طلعت الشمس والقمر خاسف فكذلك لما ذكرنا وإن غاب ليلاً.

ص: 275

الشيخ: يعني لا يصلى فلو طلعت الشمس وخسف القمر فإنه لا يصلى للكسوف لأنه ذهب وقت سلطانه ولأن ذلك لا يؤثر لأنه قد اتضح النهار فلا يصلى لها لكن هذا في الغالب نادر جداً لأن الغالب أن القمر يغيب قبل طلوع الفجر في زمن الإبدار لكن ربما يتأخر ويكون قريباً من المغرب أي من الغروب فتخرج الشمس قبل أن يغرب ولو طلع الفجر ثم خسف القمر يصلى أو لا؟ أما إذا قلنا بأن صلاة الكسوف لا تصلى في وقت النهي فإنه لا يصلى لأنهم صلوا الفجر وكذلك إن قلنا إن وقت النهي يدخل بطلوع الفجر فلا يصلى ولو كان قبل صلاة الفجر لكن الصحيح أنه يصلى إذا خسف بعد الفجر قبل الصلاة أو بعد الصلاة مباشرة فإنه يصلى لأن ذلك يظهر أثره في الجو بخلاف ما إذا طلعت الشمس فإنه لا يظهر له أثر.

القارئ: فإن غاب ليلاً وهو كاسف لم يصلِّ كالشمس إذا غابت وقال القاضي يصلي لأن وقت سلطانه باق.

الشيخ: والصواب الأول أنه إذا كسف بعد غروبه فإنه لا يصلى.

فصل

في الخطبة لصلاة الكسوف

القارئ: وقال القاضي لم يذكر لها أحمد خطبة ولا رأيته لأحد من أصحابنا وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالصلاة دون الخطبة.

الشيخ: وقال بعض العلماء إن لها خطبة بعدية راتبة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى وخطب ولأن الحاجة داعية إلى التذكير وعظ الناس فيكون لها خطبة ويخطب قائماً كما يخطب قائماً في خطبة الجمعة والذي يظهر أنه لا ينبغي أن يفوت الخطبة لأن الناس في حاجة إلى ذلك لا سيما في مثل عهدنا حيث إن الناس غفلوا وأعرضوا ولم يهتموا بهذه الأمور.

فصل

في اجتماع الكسوف والجنازة

القارئ: وإذا اجتمع الكسوف والجنازة بدئ بالجنازة لأنه يخاف عليها وإذ اجتمع مع المكتوبة في آخر وقتها بدئ بها لأنها آكد وإن كان في أول وقتها بدئ بصلاة الكسوف لأنه يخشى فواتها وإن اجتمع هو والوتر وخيف فواتهما بدئ بالكسوف لأنه آكد.

ص: 276

الشيخ: لأنه آكد ولأنه يمكن قضاء الوتر بخلاف الكسوف، الوتر إذا فات لعذر شرعي فإنه يقضى في النهار والكسوف لا يقضى ففيه سببان.

فصل

في الصلاة للآيات

القارئ: ولا يصلى لغير الكسوف من الآيات لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من خلفائه إلا أن أحمد رضي الله عنه قال يصلي للزلزلة الدائمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل الخسوف بأنه آية يخوف الله بها عباده والزلزلة أشد تخويفاً فأما الرجفة فلا تبقى مدة تتسع للصلاة.

الشيخ: هذه المسألة مما اختلف فيها العلماء هل يصلى للآيات المزعجة غير الكسوف كالزلازل والصواعق والرياح الشديدة المستمرة أو لا يصلى إلا للكسوف؟ في هذا أقوال للعلماء والصحيح أن كل ما خرج عن المعهود مما فيه التخويف فإنه يصلى له مثل الزلزلة الدائمة أو الصواعق الدائمة أو الرياح الشديدة العاصفة أو غير ذلك مما يعد خارجاً عن المعهود مخوفاً للعباد لقول النبي صلى الله عليه وسلم (يخوف الله بهما) يعني بالشمس والقمر (عباده).

السائل: في موضوع الصلاة لهذه الطوارئ كالريح وغيرها فقد جاء أن النبي عليه الصلاة والسلام كان ذات مرة في غزوة من الغزوات وأخبر الصحابة بأنه ستهب ريح شديدة وأمرهم أن لا يخرجوا من رحالهم ولم يصلِّ عليه الصلاة والسلام هذه الصلاة مع شدة الريح؟

الشيخ: نعم لكنها ليست خارجة عن المعهود لكن إذا كانت خارجة عن المعهود بأن كانت دائمة ومستمرة وعاصفة فإنه يصلى لها وكذلك الرعد الشديد الصواعق وغير ذلك كل ما يخوف الله به العباد مما خرج عن المعهود فإنه يصلى له.

السائل: كيف تكسف الشمس بعد الغروب؟

الشيخ: نعم تكسف أما في عهدنا الآن فواضح يعرفونها أما فيما سبق فلعلهم يشاهدون ابتداء الكسوف.

السائل: بالنسبة للنساء هل يصلين جماعة أو فرادى في الليل صلاة الكسوف؟

ص: 277