الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: لا هذا ليس كلاماً هذا دعاء لأن معنى آمين اللهم استجب وهذا مما يدل على قوة متابعتهم لخطيبهم ولهذا تجد الذي ينعس ما يقول آمين بقي علينا رفع الصوت الفقهاء يقولون يأمن سراً والآن كما تسمعون بعض الأحيان يرفعون أصواتهم والإنسان يعني يخاف الله إنه يقول لهم لا ترفعون أصواتكم مع أن الحامل لهم على هذا هو قوة الرجاء والإلحاح على الله عز وجل أما لو أنهم رفعوا أصواتاً منكرة بأن كانوا يرفعون أصواتهم رفعاً بيناً فهذا ينكر عليهم لكن رفعاً يعتبر ابتغى إلى ذلك قواماً ما يقدر الإنسان ينهاهم عن هذا الشيء لكن الفقهاء يقولون يسن سراً.
السائل: بعض الإخوة استشكل وضع مصليات خاصة للنساء في بعض المساجد يصلين فيها في رمضان وكان الصفوف بين النساء والرجال غير متصلة فربما كأن النساء في مبنى منفصل في نفس المسجد بعيد بحيث المسجد محيط به؟
الشيخ: ما في بأس.
باب
صلاة العيدين
القارئ: وهي فرض على الكفاية لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده كانوا يداومون عليها ولأنها من شعائر الإسلام الظاهرة فكانت فرضاً كالجهاد ولا تجب على الأعيان لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر للأعرابي خمس صلوات فقال هل علي غيرها قال (لا إلا أن تطوع) متفق عليه.
الشيخ: وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء القول الأول ما ذكره المؤلف ولم يذكر سواه أنها فرض كفاية.
والقول الثاني أنها سنة واستدل هؤلاء بما استدل به المؤلف على نفي وجوبها على الأعيان وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للأعرابي حين قال هل علي غيرها قال (لا إلا أن تطوع).
والقول الثالث أنها فرض على الأعيان وهذا القول أرجح الأقوال أنها فرض على الأعيان لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها وأمر بها حتى النساء مع أنه لم يأمر النساء بصلاة جماعة قط أمر بها حتى النساء وأن تتجنب الحيض المصلى وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو أقرب الأقوال إلى الصواب أنها فرض عين وأن من تخلف عنها لغير عذر فهو آثم ولما فيها من المصلحة العظيمة وإظاهر الشعيرة وأما حديث هل علي غيرها قال: (لا إلا أن تطوع) فهذا بناءً على أن صلاة العيد لا تجب كل يوم وإنما تجب لسبب وما كان واجباً لسبب فإنه لا ينافي أن يقال إنه لا يجب كما تجب الصلوات الخمس.
القارئ: فإن اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام لتركهم شعائر الإسلام الظاهرة فأشبه تركهم الأذان.
الشيخ: نعم صحيح.
القارئ: ويشترط لوجوبها ما يشترط للجمعة لأنها صلاة عيد فأشبهت الجمعة ولا يشترط لصحتها الاستيطان ولا العدد لأن أنساً كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فصلى بهم ركعتين يكبر فيهما ولأنهما في حق من انتفت فيه شروط الوجوب تطوع فلم يشترط لها ذلك كسائر التطوع وقال القاضي كلام أحمد رضي الله عنه يقتضي أن في اشتراط الاستيطان والعدد وإذن الإمام روايتين.
الشيخ: والظاهر أنه لابد من ذلك ويدل لهذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يسافر ويصادفه يوم العيد ولا يصلي العيد فلابد من أن يكون الإنسان مستوطناً في قرية أو مدينة لكن إذا أقيمت صلاة العيد ولو كنت مسافراً وجب عليك حضورها ووجب عليك أيضاً أن تصليها.
فصل
القارئ: ووقتها من حين ترتفع الشمس ويزول وقت النهي إلى الزوال.
الشيخ: اشترط المؤلف أن ترتفع الشمس ويزول وقت النهي ومتى يزول؟ إذا كان الارتفاع قيد رمح.
القارئ: فإن لم يعلم بها إلا بعد الزوال خرج من الغد فصلى بهم لما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ركباً جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يفطروا فإذا أصبحوا أن يغدو إلى مصلاهم رواه أبو داود.
الشيخ: وهذ أحد الأقسام في قضاء الصلوات من الصلوات من إذا فاتت تقضي أي وقت مثل الصلوات الخمس ومن الصلوات من إذا فاتت لا تقضى ويقضي بدلها مثل الجمعة وكذلك الوتر على القول الراجح فإنه يشفع بركعة ومن الصلوات من إذا فات وقته قضي بعينه في وقت آخر مساوي لوقته الأول كصلاة العيد ومن الصلوات من إذا فاتت لا تقضى كصلاة الكسوف فإنها إذا انجلت الشمس لا تصلى.
القارئ: ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر لما روى عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم الأضحى ويؤخر الفطر ولأن السنة إخراج الفطرة قبل الصلاة ففي تأخير الصلاة توسيع لوقتها ولا تجوز التضحية إلا بعد الصلاة ففي تعجيلها مبادرة إلى الأضحية.
الشيخ: وهذه من الحكمة وهي مراعاة العبادات بعضها مع بعض فتأخير صلاة الفطر مراعاة لاتساع وقت إخراج الفطرة وتعجيل صلاة الأضحى مراعاة لاتساع وقت التضحية.
السائل: بعض الناس إذا فاتته الصلاة المكتوبة يصليها على وقتها في اليوم التالي هل لهذا القول مستند؟
الشيخ: هذا غلط وأبداً لا مستند له ولا أعلم قائلاً به الصلاة إذا فاتت لعذر تقضى متى زال العذر (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها).
السائل: في صلاة العيدين قلتم أن صلاة العيد فرض على الرجال فهل هذا مراد أم أن النساء يدخلن في الوجوب؟
الشيخ: مراد فالنساء ليس فرض عين عليهن مع أنه لو قال قائل أنه فرض عليهن لم يبعد لأن الرسول أمر به حتى الحيض وذوات الخدور وأخرجنا النساء من الوجوب لأن الأصل أن المرأة ليست من أهل الجماعة فيكون أمرها هنا على الاستحباب.
السائل: ماهو الوقت الذي يحل فيه الذبح في الأضحية هل ينتظر إلى انتهاء الصلاة أو الوقت الذي يحل فيه الصلاة؟
الشيخ: لا، لابد أن ينتظر الصلاة ومن لا يصلون ينتظرون تقديراً متى ارتفعت الشمس قيد رمح وأنه حضر الإمام وصلى يعني في مقدار ربع ساعة بعد ارتفاعها قيد رمح يكون قد أدى الصلاة.
فصل
القارئ: ويسن أن يأكل في الفطر قبل الصلاة ويمسك في الأضحى حتى يصلي لما روى بريدة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي رواه الترمذي ويفطر على تمرات وتر لما روى أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات رواه البخاري وفي لفظ ويأكلهن وترا.
الشيخ: هذا أيضاً من السنة في عيد الفطر أن يأكل تمرات وترا وفي عيد الأضحى أن لا يأكل حتى يضحي فيأكل من أضحيته.
وفي هذا الحديث دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يستعمل الوتر في أكله وإلا ما احتاج أن ينص على قوله ويأكلهن وترا فأما قول بعض الناس إذا صببت له شاهي أو قهوة مرتين يقول أوتر فهذا لا أصل له نعم الشراب ورد أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتنفس فيه ثلاثاً وأظن ورد فيه الأمر بذلك لكن تقصد الإيتار في الأكل غير صحيح والدليل هذا الحديث يأكلهن وتراً فإن قال قائل لعل هذا من باب التوكيد قلنا نعم التوكيد يحتاج إلى بناءٍ على أصل فهل الأصل أن الرسول يأكل وتراً يعني يأكل لقمات وتراً التمر وتراً وغير ذلك من الأشياء وتراً هذا خلاف الظاهر.
فصل
في مكان إقامة صلاة العيد
القارئ: والسنة أن يصليها في المصلى لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده كانوا يفعلونها فيه.
الشيخ: عبارة غير المؤلف والسنة أن يصليها في الصحراء وهذا هو الأصح لأنه في المصلى إذا قال قائل أين المصلى قد يكون مصلى في وسط البلد يضعون لهم شيئاً يصلون فيه فالسنة أن يصليها في الصحراء إظهاراً لهذه الشريعة.
القارئ: ويستحب أن يستخلف على ضعفة الناس من يصلي بهم في الجامع لأن علياً رضي الله عنه استخلف أبا مسعود البدري يصلي بضعفة الناس في المسجد وهل يصلي المستخلف ركعتين أو أربعاً؟ على روايتين بناءً على اختلاف الروايات في فعل أبي مسعود فقد رُوي أنه صلى بهم ركعتين ورُوي أنه صلى بهم أربعاً.
الشيخ: والصواب أنه لا يصلي إلا ركعتين ولا يصح قياسه على الجمعة لأن الجمعة إنما كانت أربعاً إذا فاتت الإنسان لأن هذا الوقت وقت الظهر فإذا فاتت الجمعة صلى الظهر أما هذه فليس لها بدل ولهذا كان القول الراجح أنه إذا فاتت الإنسان فإنه لا يقضيها يعني مثلاً لو جئت والإمام قد انتهى من صلاة العيد فلا تصلِّ.
القارئ: وإن كان عذر من مطر أو نحوه صلى في المسجد لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد رواه أبو داود.
فصل
في غسل العيد
القارئ: ويسن الاغتسال للعيد والطيب والتنظف والسواك وأن يلبس أحسن ثيابه لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع (إن هذا يوم جعله الله عيداً للمسلمين فاغتسلوا ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك) فعلل ذلك بأنه يوم عيد ولأن هذا يوم يشرع فيه الاجتماع للصلاة فأشبه الجمعة وقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتم ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة رواه ابن عبد البر إلا أن المعتكف يستحب له الخروج في ثياب اعتكافه ليبقى عليه أثر العبادة.
الشيخ: هذا الفصل بين فيه المؤلف رحمه الله أن الإنسان ينبغي له أن يغتسل ويتطيب ويتنظف بإزالة ما يؤذي من الروائح ويتسوك ويلبس أحسن ثيابه كالجمعة لأن هذا يوم يجتمع فيه المسلمون فينبغي أن يكون الإنسان على أحسن هيئة قالوا ولأنه إذا سن في يوم الجمعة وهي عيد أسبوع متكرر ففي عيد العام من باب أولى لعدم المشقة فإذا أمكن للإنسان أن يخرج متطيباً متنظفاً لابساً أحسن ثيابه فهذا طيِّب.
أما الاغتسال فلا يجسر الإنسان على القول باستحبابه لعدم وروده صريحاً والعبادات ليس فيها قياس لكن إن توقف التنظف على الاغتسال فهو يكون هنا مسنوناً لغيره وليس مسنوناً لذاته.
وأما قوله إلا أن المعتكف يستحب له الخروج في ثياب اعتكافه فهذا يتناقض مع الأثر الذي رواه ابن عبد البر أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعتم ويلبس بردة لأن الرسول كان يعتكف ومع ذلك يتجمل والصواب أن المعتكف كغيره يخرج متجملاً متنظفاً أولاً لأنه لا دليل على استثنائه وثانياً لأنه أبعد عن الرياء فإن الإنسان قد يغويه الشيطان ويدخل في قلبه الرياء.
السائل: إذا قلنا باستحباب الغسل للعيد فمتى يكون أول وقته؟
الشيخ: إذا أراد أن يخرج بعد صلاة الفجر.
السائل: هل يسوَّر المصلى ويجعل له خطوط باتجاه القبلة؟
الشيخ: إذا خيف أن يمتهن فإنه يسوَّر لأن بعض المصليات صار الناس يمتهنونها يخرجون في أيام الصيف إليها ويجلسون فيها لأنها نظيفة يجلسون فيها يتحدثون باللغو ويشربون الدخان ويلعبون أشياء غير مرضية فلهذا حجَّرها الناس.
فصل
في التبكير إلى صلاة العيد
القارئ: ويستحب أن يبكر إليها المأموم ماشياً مظهراً للتكبير لأن علياً رضي الله عنه قال من السنة أن يأتي العيد ماشيا رواه الترمذي وقال حديث حسن ولأنه أعظم للأجر ويتأخر الإمام إلى وقت الصلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله ولأن الإمام ينتظر ولا ينتظر وإذا غدا من طريق رجع من غيره لأن جابراً قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق رواه البخاري.
الشيخ: هذا أيضاً من الأشياء المستحبة في صلاة العيد أن يخرج إليها مبكراً من حين أن يصلي الفجر حسب ما تيسر له وأن يكون مظهراً للتكبير المطلق: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد هذا في غير الإمام أما الإمام فيسن له أن يتأخر لأن هذا فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكذلك في الجمعة وأما ما يفعله بعض الناس من أئمة الجمع من التقدم إلى المسجد والجلوس حتى يأتي وقت الزوال فهذا خلاف السنة لا شك فبقاء الإمام في بيته أفضل من تقدمه في الجمعة أو في العيد.
وأما مخالفة الطريق فهو سنة واختلف العلماء في علته بعد الاتفاق على أن المؤمن لا يسأل عن علة الحكم الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن كل ما فعله الرسول فهو حكمة لا شك لكن الحكمة والله أعلم إظهار الشعائر في أسواق البلد كلها لأنهم لو كان الناس لا يأتون إلا من الجهة التي يسهل فيها الخروج لامتلأت الأسواق من هذه الجهة وخلت الأسواق من الجهة الأخرى فكان في مخالفة الطريق إظهار للشعائر.
وقيل لأجل أن يشهد له طريقان الأول والثاني.
وقيل من أجل أن يعطي الفقراء الذين يوجدون على الطرقات في هذا وهذا ولكن المعنى الأول أقرب وهو إظهار الشعائر وألحق بعض العلماء في ذلك صلاة الجمعة وقالوا يسن فيها مخالفة الطريق وألحق آخرون صلاة الجماعة وقالوا يسن فيها مخالفة الطريق وألحق في ذلك بعض العلماء كل عبادة حتى لو ذهبت لزيارة قريب أو لعيادة مريض قالوا فيسن أن يخالف الطريق وكل هذه الأقوال ضعيفة وذلك لأن العبادات مبناها على التوقيف وإذا كان الشيء قد وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يفعله علم أن فعله ليس بسنة ومن المعلوم أن الجمعة موجودة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام والجماعة كذلك وعيادة المرضى كذلك ولم يرشد الأمة إلى مخالفة الطريق في هذا فالسنة عدم تقصد مخالفة الطريق إلا في العيدين لكن لو حصل هذا اتفاقاً بدون قصد فإنه لا ينهى عنه.
السائل: قدوم الإمام متأخراً كيف ننزله في حديث (من أتى في الساعة الأولى) الحديث؟
الشيخ: مستثنى بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام والظاهر أنه يأخذ أتم الأجر لأنه لم يتخلف إلا للمتابعة ويحتمل أن يقال إنه ينقص من هذا الوجه كما نقصت الحائض مع تركها للصلاة بأمر الله ويقال أنت أيها الإمام لك ما هو أفضل من ذلك وهو قيادة هذا الجمع وتوجيه هذا الجمع وإرشادهم وتعليمهم.
فصل
في خروج النساء إلى العيد
القارئ: قال ابن حامد ويستحب خروج النساء لما روت أم عطية قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين متفق عليه قال القاضي وظاهر كلام أحمد أن ذلك جائز غير مستحب ولا يلبسن ثوب شهرة ولا يتطيبن لقول النبي صلى الله عليه وسلم (وليخرجن تفلات).
الشيخ: هذا الفصل فيه بيان حكم خروج النساء إلى صلاة العيد فبين رحمه الله أن ذلك مستحب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بذلك ولكن إذا كانت المرأة حائضاً فإنها تعتزل المصلى كما في الحديث واشترط لذلك أن لا يلبسن ثياب شهرة وأن لا يتطيبن لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (وليخرجن تفلات) أي غير متجملات ولا متطيبات فإن فعلن ذلك كان خروجهن حراماً لما في ذلك من الفتنة.
ويستفاد من هذا الحديث أي حديث أم عطية رضي الله عنها أن المسلمين في صلاة العيد يدعون الله عز وجل لقوله ودعوة المسلمين والظاهر أن هذا في خطبة العيد لأنها هي التي يكون فيها الدعاء عاماً.
ويستفاد منه أن مصلى العيد مسجد لأنه ذكر شيئاً من لوازم ذلك وهو أن الحيض يعتزلن المصلى ولو لم يكن له أحكام المساجد لم يعتزلن المصلى ويتفرع على ذلك لو أن الرجل لو أتى إلى مصلى العيد فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إذا أتى أحدكم مسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) فإن قال قائل إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى صلاة عيد فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما قلنا نعم لم يصلِّ قبلهما لأنه بادر بصلاة العيد فأغنت عن تحية المسجد وإذا أردتم أن تستدلوا بمثل هذا الاستدلال فنقول لكم أيضاً الجمعة ليس فيها تحية مسجد لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصلي الجمعة ولا يصلي قبلها ولا بعدها فالصواب أن مصلى العيد مسجد وأن له أحكام المساجد في كل شيء فيحرم على الجنب أن يمكث فيه ويحرم فيه البيع والشراء ويحرم على المرأة الحائض أن تجلس فيه.
فصل
في الأذان والإقامة لصلاة العيد
القارئ: وليس لها أذان ولا إقامة لما روى عطاء قال أخبرني جابر أن لا أذان للصلاة يوم الفطر ولا إقامة ولا نداء ولا شيء لا نداء يومئذ ولا إقامة متفق عليه وقال جابر بن سمرة صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة ولا مرتين بلا أذان ولا إقامة رواه مسلم
الشيخ: هذا أيضاً من أحكام صلاة العيد أنه ليس لها أذان ولا إقامة لأنها ليست كالفرائض المتعينة وقال بعض العلماء إنه ينادى لها الصلاة جامعة قياساً على الكسوف لكن هذا قياس مع الفارق وهو أيضاً صادم للنص أما كونه قياساً مع الفارق فلأن الكسوف يأتي بغتة وربما يكون الناس في غفلة فيحتاجون إلى التنبيه لقولهم الصلاة جامعة وأما العيد فإنه لا يأتي بغفلة يكون معروفاً إن كان عيد الفطر فهو إذا تم رمضان فما بعده العيد وإن كان عيد الأضحى فقد سبق العلم به من قبل وأما النص فلأن صلاة العيد وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم ينقل أنه كان ينادي لها بهذا أي بقوله الصلاة جامعة وعلى هذا فلا يشرع أن ينادي لها الصلاة جامعة لكن لو فرض أن ثبوت العيد لم يكن إلا بعد طلوع الشمس فهل لنا أن نمشي في الأسواق ننبه الناس الجواب نعم لا بأس أما أن نأتي بصيغة استعملت في الكسوف في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونضعها في هذا المكان فلا.
فصل
في فرائض وسنن صلاة العيد
القارئ: وصلاة العيد ركعتان يقرأ في كل ركعة منهما بالحمد لله وسورة ويجهر بالقراءة بلا خلاف قال عمر رضي الله عنه صلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى رواه الإمام أحمد في المسند ويسن أن يقرأ فيهما بـ (سَبِّحِ) و (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) لحديث النعمان بن بشير ومهما قرأ أجزأه.
الشيخ: أو يقرأ فيهما (ق) و (اقْتَرَبَتِ) لأن هذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قرأ (ق) و (اقْتَرَبَتِ) لكن ينبغي أن يلاحظ حال الناس في هذه الحال إذا كان هناك برد يؤذي الناس فلا يقرأ (ق) و (اقْتَرَبَتِ) لأن ذلك يشق عليهم كذلك إذا كان الحر شديداً كما لو لم يعلم بالعيد إلا بعد أن ارتفعت الشمس فلا يطيل عليهم أيضاً بقراءة ق واقتربت وكذلك أيضاً لو خاف من نزول مطر بأن تكون السماء مغيمة فالمهم أنه من السنة أن يقرأ في ركعتي العيد (ق) و (اقْتَرَبَتِ) ولكن ينبغي له أن يراعي أحوال الناس، في الفطر لو أطال لا بأس لكن في الأضحى إذا أطال فقد يشق على الناس بتأخيرهم عن ذبح ضحاياهم.
القارئ: ويكبر في الأولى سبع تكبيرات منها تكبيرة الإحرام وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام لما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (التكبير في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة الركوع) رواه أبو داود واعتدنا بتكبيرة الإحرام لأنها في حال القيام ولم نعتد بتكبيرة القيام لأنها قبله.
الشيخ: أظن هذا واضح، الجملة الأولى فيها تكبيرات سبع أضفنا تكبيرة الإحرام إلى الست الزوائد لأنها أي تكبيرة الإحرام تكون في حال القيام وفي الثانية خمس تكبيرات ولم نضف إليها تكبيرة القيام لأن تكبيرة القيام تكون قبل استتمام القيام فليست من تكبيرات القيام.
القارئ: ويسن أن يرفع يديه مع كل تكبيرة لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة وفي العيد رواه الأثرم.
الشيخ: أما تكبيرة الجنائز فواضح أنه يرفع مع كل تكبيرة لتمييز الانتقال بالفعل كما يميز بالقول فإن كل تكبيرة بعدها ذكر غير التكبيرة الأولى فلابد من تميز الانتقال بالقول وبالفعل ولهذا كان من السنة أن يرفع يديه في كل تكبيرة في الجنازة وقد صح ذلك عن ابن عمر موقوفاً وكذلك مرفوعاً كما حققه الشيخ عبد العزيز بن باز في حاشية فتح الباري وأما العيد فكذلك أيضاً يسن رفع اليدين في التكبير لأن هذا تكبير في حال القيام فأشبه تكبيرة الإحرام وهذا من جهة القياس أما السنة فقد وردت في ذلك أيضاً لكنه يحتاج إلى تخريج كما سيكون ذلك إن شاء الله تعالى.
القارئ: ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين وإن أحب قال الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي الأمي وآله وسلم تسليما لأنه يجمع بين ما ذكرناه وموضع التكبير بعد الاستفتاح وقبل الاستعاذة والقراءة في الركعتين وعنه أنه قبل الاستفتاح أيضا اختارها الخلال وصاحبه والأول أولى لأن الاستفتاح لافتتاح الصلاة فيكون في أولها والاستعاذة للقراءة فتكون في أولها وعنه أنه يوالي بين القراءتين يجعلها في الأولى بعد التكبير وفي الثانية قبله لما روى علقمة أن عبد الله بن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوما فقال لهم إن هذا العيد قد دنى فكيف التكبير فيه فقال عبد الله تبدأ وتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر إلى أن قال وتركع ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وذكر الحديث فقال أبو موسى وحذيفة صدق ووجه الأولى أنه تكبير في إحدى ركعتي العيد فكان قبل القراءة كالأولى.
الشيخ: قوله كالأولى يعني كالركعة الأولى وهذا هو المعمول به الآن أن التكبير في الثانية يكون في أولها ولا يكون في آخرها وأما القول الثاني فيكون التكبير في آخرها من أجل أن تتساوى لها القراءتان وهذا التعليل كما تعلمون عليل لأن توالي القراءتين مستحيل إذ بين القراءة الأولى والثانية ركوع وسجود وقعود وقيام فالصواب أن التكبيرة في الثانية كالتكبيرة في الأولى يكون في الأول.
فصل
في السهو عن بعض التكبيرات
القارئ: وتكبيرات العيد الزوائد والذكر بينها سنة لا يؤثر تركها عمداً وإن والى بين التكبير كان جائزا وإن نسي التكبير حتى شرع في القراءة لم يعد إليه لأنه سنة فلا يعود إليها بعد شروعه في القراءة كالاستفتاح.
الشيخ: إذاً لو والى بين التكبير فقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر فلا بأس وإن حمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه بينها فحسن.
السائل: بعض البلاد يكون مصلى العيد فيها غير ثابت فكل عيد يكون في مكان آخر فهل يأخذ حكم المسجد؟
الشيخ: ظاهر الأحاديث أن المراد بمصلى العيد الذي ثبت لأن مصلى العيد في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ثابت أما المصلى المتنقل فيحتاج إلى تأمل.
السائل: قد يقول قائل أن منع الحيّض لأن لا يلوثوا المصلى لا لأنه مسجد؟
الشيخ: هذا لا يصح ولا يشترط في المصلى أن يكون مسوراً ما دام معد للصلاة فيه فهو مصلى.
السائل: ما ضابط اعتزال الحيَّض عن المصلى؟
الشيخ: ضابطه إن كان مسوراً كما هو الغالب في مصليات العيد الآن فأن لا تدخل من داخل السور وإن كان غير مسور فأن لا تكون في المكان الذي يصلي فيه الناس غالباً.
فصل
في خطبتي العيد
القارئ: فإذا سلم خطب خطبتين كخطبتي الجمعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ويفارق خطبتي الجمعة في أربعة أشياء أحدها أن محلهما بعد الصلاة لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة متفق عليه.
الثاني أنه يسن أن يستفتح الأولى بتسع تكبيرات متواليات والثانية بسبع ويكثر التكبير في أضعاف الخطبة لما روى سعد مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر بين أضعاف الخطبة يكثر التكبير بين خطبتي العيدين.
الثالث أن يحثهم في الفطر على إخراج الفطرة ويبين لهم ما يخرجونه ووقته وجنسه وفي الأضحى يرغبهم في الأضحية ويبين لهم ما يجزئ فيها ووقت ذبحها ويحثهم على الإطعام منها لأنه وقت هذا النسك فيشرع تبيينه.
الرابع أنهما سنة لا يجب استماعهما ولا الإنصات لهما لما روى عبد الله بن السائب قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال (إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب) رواه أبو داود ويستحب أن يجلس عقيب صعوده ليستريح وقيل لا يجلس لأن الجلوس في الجمعة لموضع الأذان ولا أذان ههنا.
الشيخ: وهذا هو الصحيح أنه لا يجلس هذا الفصل فيه مسائل بيَّن فيها المؤلف رحمه الله ما تفارق فيه خطبة العيدين خطبتي الجمعة فبيَّن أن محلها بعد الصلاة وهذا أمر متفق عليه ولا إشكال فيه وقد قدمها بعض ولاة بني أمية فأنكر عليه الصحابة وقال لا يصح هذا فتعلل بأن الناس ينفرون عن سماع الخطبة بعد الصلاة ولكن هذه العلة عليلة والصواب أن محلها بعد الصلاة في كل حال والفرق بينها وبين خطبة الجمعة أن خطبة الجمعة شرط لصحة الصلاة والشرط يتقدم المشروط أما هذا فهو تكميل والتكميل يكون بعد الأصل.
الثاني أنه يسن أن يستفتح الأولى بتسع تكبيرات متواليات والثانية بسبع وهذا محل خلاف بين العلماء فمنهم من قال بذلك لكنه روي بحديث في صحته نظر لأنه مرسل وبعض العلماء يقول يبدأ خطبتي العيد بالاستفتاح بالحمد كسائر الخطب لأن هذا هو سنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الفرق الثالث أنه يحثهم في الفطر على إخراج زكاة الفطر وفي الأضحى يبين لهم الأضحية أما الأول ففيه نظر لأنه إذا بين أحكام زكاة الفطر في هذا الوقت فقد فات وقتها لأنه لا يجوز تأخير إخراجها إلى ما بعد الصلاة والصواب أن بيان أحكام زكاة الفطر إنما يكون في آخر خطبة من خطب رمضان أما في خطبة صلاة عيد الفطر فلا وجه له أما الأضحية فنعم يبين لهم ما يجب عليهم فيها لأن وقتها لم يفت بعد ولكن قد يقول قائل إن هذا ليس فرقاً بين خطبة الجمعة وخطبة العيد لأن ذكر هذه الأشياء في خطبة العيد من أجل المناسبة خطبة الجمعة أيضاً ينبغي أن تكون مناسبة للوقت ولحال الناس وحينئذٍ فقد اجتمعت خطبة العيد وخطبة الجمعة في المعنى فلا فرق.
الرابع أنهما سنة يعني خطبتي العيدين لا يجب استماعهما ولا الإنصات لهما ثم ذكر الأثر أما كونهما سنة فهذا هو الظاهر لأنهما كما قلنا أولاً من باب التكميل في الصلاة وهما يشبهان من بعض الوجوه خطبة صلاة الكسوف وخطبة صلاة الكسوف سنة وأما كونه لا يجب استماعهما ولا الإنصات لهما ففيه نظر بل هما في الاستماع والإنصات كخطبتي الجمعة لأننا لو قلنا لك أن تتكلم وتخاطب غيرك والناس يستمعون إلى الخطبة لزم من ذلك إيذاء المسلمين ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله هما في تحريم الكلام كخطبتي الجمعة لكن للإنسان أن يقوم وينصرف بخلاف خطبتي الجمعة فإنه يجب على الإنسان أن يحضر ليستمعهما لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) وبقي عليه فرق أهم من ذلك كله وهو أن خطبة العيد واحدة وخطبتي الجمعة اثنتان وذلك أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخطب مرتين إلا في حديث ضعيف وأكثر الأدلة تدل على أنه يخطب خطبة واحدة لكن إذا خشي الإنسان من أذىً يلحقه في ذلك وكانت عادة أهل البلد أن يخطبوا خطبتين فليخطب خطبتين لأن هذا قد ورد فيه هذا الحديث وإن كان ضعيفاً ولأنه عادة الناس.
فصل
في التنفل
القارئ: ولا يتنفل قبل الصلاة ولا بعدها في موضع الصلاة لا في المسجد ولا في المصلى إماماً كان أو مأموما لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلها ولا بعدها متفق عليه ولا بأس أن يصلي بعد رجوعه لما روى أبو سعيد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين رواه ابن ماجه.
الشيخ: هذا الحديث في حكم التنفل في مصلى العيد المؤلف رحمه الله قال لا يتنفل وكلمة لا يتنفل يحتمل أن تكون للتحريم ويحتمل أن تكون للكراهة لكن الظاهر أن مراده الكراهة وما استدل به على الكراهة لا يدل عليها في الواقع كون الرسول لم يفعل يدل على أن الفعل ليس بسنة لكن لا يدل على أن الفعل مكروه وفرق بين أن نقول الفعل ليس بسنة أو أن نقول الفعل مكروه والذي يظهر أنه لا دلالة في الحديث اطلاقاً على ما ذهب إليه المؤلف لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ قبلهما حيث أنه شرع في الصلاة فلا حاجة أن يصلي قبلهما ولا بعدهما لأنه لما انتهت الخطبة انصرف ولهذا نقول إن الإنسان إذا دخل إلى مصلى العيد فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين إن كان بعد ارتفاع الشمس قيد رمح فقد زال وقت النهي ولا إشكال وإن كان قبل ذلك فوقت النهي باق لكن القول الراجح أن ما كان له سبب من التطوع فإنه لا ينهى عنه وقد سبق بحث هذه المسألة وعلى هذا فنقول من جاء إلى مصلى العيد قبل طلوع الشمس أو بعد طلوع الشمس فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين صحيح أنه إذا صلى ركعتين تحية المسجد فإنه لا يسن أن يتنفل يعني لا نقول قم صلِّ حتى يحضر الإمام كما نقول ذلك في صلاة الجمعة بل نقول اقتصر على تحية المسجد وأما بعد الرجوع فإن صح حديث ابن ماجة هذا فهو ظاهر أنه يصلي ركعتين وإن لم يصح فالظاهر والله أعلم أن الرسول صلى ركعتي الضحى لأنه أحياناً يصلي ركعتي الضحى.
فصل
فيمن فاته بعض التكبيرات
القارئ: ومن سبق بالتكبير أو ببعضه لم يقضه لأنه سنة فات محلها وقال ابن عقيل يأتي به لأن محله القيام وقد أدركه وإن أدركه في الركوع تبعه ولم يقض التكبير وجهاً واحدا وإن أدركه في التشهد قام إذا سلم الإمام فقضى ركعتين يكبر فيهما وإن أدركه في الخطبة استمع ثم قضى الصلاة إن أحب وفي صفة القضاء ثلاث روايات إحداهن يقضيها على صفتها لحديث أنس ولأنه قضى صلاة فكان على صفتها كغيرها الثانية يصليها أربعاً بسلام واحد إن أحب أو بسلامين لما روى الأثرم عن عبد الله بن مسعود قال من فاته العيد فليصل أربعا ولأنها صلاة عيد فإذا فاتت صليت أربعاً كالجمعة الثالثة هو مخير بين ركعين وأربع لأنه تطوع نهار فكانت الخيرة إليه فيه كالضحى.
الشيخ: هذا الفصل تضمن مسائل:
أولاً إذا سبق الإنسان بالتكبير أو ببعضه بالتكبير بأن أتى بعد انتهاء التكبير كله فهنا إذا دخل مع الإمام لابد أن يكبر تكبيرة الإحرام هل يقضي هذا التكبير يقول المؤلف رحمه الله لا يقضيه لأنه سنة فات محلها ونحن نقول أيضاً لا يقضيه لأنه سنة فات محلها ولأن الإمام يقرأ وقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن نقرأ والإمام يقرأ إلا في فاتحة الكتاب فيكون التعليل من وجهين الوجه أنه سنة فات محلها والوجه الثاني يقرأ.
وقال ابن عقيل يأتي به لأن محله قيام وقد أدركه فيقال نعم هو محل القيام لا شك لكن أدركه محله لانشغاله بمتابعة إمامه فقول ابن عقيل رحمه الله ضعيف.
إن أدركه في الركوع تبعه ولم يقض التكبير وجهاً واحداً لأنه فاته محله حقيقة فلا يقضيه وجهاً واحداً يقول وإن أدركه في التشهد قام إذا سلم الإمام فصلى ركعتين يكبر فيهما يكبر في الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام وستاً زوائد وفي الثانية خمساً زوائد.
وإن أدركه في الخطبة استمع ثم قضى الصلاة إن أحب وقوله إن أحب يدل على أن قضاء الصلاة ليس بواجب وهو كذلك لكن في صفة القضاء ثلاثة أقوال:
الأول وهي رواية عن أحمد أن يقضيها على صفتها وهذا أصح الأقوال الثلاثة إذا قلنا بالقضاء وذلك لأن القضاء يحكي الأداء.
الثانية أن يقضيها أربعاً إما بسلامين أو بسلام واحد وذكر فيه الأثر عن ابن مسعود لكنه قول ضعيف ولا يصح قياسه على الجمعة لأن الجمعة إذا فاتت بقي فرض الوقت وهو الظهر أما هنا فليس للوقت فرض والثالث أنه مخير بين أن يقضيها ركعتين أو أربع ركعات وهذه أيضاً ضعيفة فالصواب أننا إذا قلنا بالقضاء فإنه يقضيها على صفتها وهذا هو المشهور من المذهب لكن الصحيح أنه لا يقضيها لا على صفتها ولا أربعاً لا بسلام واحد ولا بسلامين وذلك لأنها صلاة شرعت على وجه الاجتماع فلا تشرع على وجه الانفراد ولا يرد علينا قضاء الجمعة لأن الجمعة لا تقضى أيضاً وإنما تصلى فريضة الوقت وهي الظهر.
فصل
في التكبير يوم الفطر
القارئ: ويشرع التكبير في العيدين.
الشيخ: هذا العنوان غلط كيف يقول في التكبير يوم الفطر والمؤلف يقول في العيدين هذا ما يصلح.
القارئ: ويشرع التكبير في العيدين لقول الله تعالى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) وعن علي رضي الله عنه أنه كان يكبر حتى يسمع أهل الطريق قال القاضي والتكبير في الفطر مطلق غير مقيد على ظاهر كلامه يعني لا يختص بأدبار الصلوات وقال أبو الخطاب يكبر من غروب الشمس إلى خروج الإمام إلى الصلاة وهل يكبر بعد صلاة العيد على روايتين.
الشيخ: التكبير سنة في عيد الفطر لأمر الله تعالى به لقوله (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) ولكنه مطلق ليس مقيداً بأدبار الصلوات فيكبر من غروب الشمس إلى شروع الإمام في الصلاة ويجهر به في الأسواق والبيوت والمساجد وأما النساء فلا تجهر به بل تقوله سراً.
فصل
في التكبير يوم الأضحى
القارئ: فأما التكبير في الأضحى فهو على ضربين مطلق ومقيد.
فأما المطلق فالتكبير في جميع الأوقات من أول العشر إلى آخر أيام التشريق وأما المقيد فهو التكبير في أدبار الصلوات من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق قيل لأحمد بأي حديث تذهب إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق قال بالإجماع عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم وقد روي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم عرفة ثم أقبل علينا فقال (الله أكبر) ومد التكبير إلى آخر أيام التشريق وصفة التكبير المشروع الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد لأن هذا يروى عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما قال أبو عبد الله اختياري تكبير ابن مسعود وذكر مثل هذا ولأن في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر تكبيرتين ولأنه تكبير خارج الصلاة فكان شفعاً كتكبير الأذان.
الشيخ: ومن العلماء من قال يكبر ثلاثاً لأنه وتر والله عز وجل وتر يحب الوتر وأرى أن الأمر في هذا واسع إن شاء كبر ثلاثاً الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد وإن شاء كبر مرتين وإن شاء كبر ثلاثاً واثنتين يكون المجموع خمساً أي وتراً فالأمر في هذا واسع إنما فهمنا من كلام المؤلف رحمه الله أن التكبير المطلق من أول دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق والمقيد من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق فيجتمع من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق فيها مطلق ومقيد وقال غيره من أصحابنا رحمهم الله المطلق من أول أيام ذي الحجة إلى غروب الشمس في اليوم التاسع ثم يبدأ التكبير المطلق بليلة العيد إلى أن يأتي الإمام أما بعد ذلك فليس فيه إلا مقيد وعلى هذا القول يجتمع فيما بين فجر يوم عرفة إلى فجر يوم النحر مطلق ومقيد وينفرد المطلق بما قبل فجر يوم عرفة ابتداءً من أول شهر ذي الحجة وينفرد المقيد بما بعد صلاة العيد إلى عصر آخر أيام التشريق وفرق أيضاً بعض العلماء بابتداء المقيد فقال للمحلين من فجر يوم عرفة وللمحرمين بالحج من ظهر يوم العيد وقالوا لأنه من فجر يوم عرفة إلى فجر يوم العيد يكون الإنسان مشتغلاً بالتلبية إذ أن تلبية الحاج لا تنقطع إلا إذا شرع في رمي جمرة العقبة وكما قلت لكم الأمر في هذا واسع حتى لو أن الإنسان لم يكبر التكبير المقيد وجعل بعد الصلاة الأذكار المعروفة ثم بعد ذلك كبر فلا حرج كلها ذكر لله.
السائل: سنية التكبير هل من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم أو من فعل الصحابة؟
الشيخ: لا هو داخل في عموم قوله تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) وقالوا إن شهر ذي الحجة هو الشهر الذي يكون فيه الذبح فصار التكبير منه وبعض العلماء يقول لا يبتدئ التكبير إلا إذا رأى الذبائح لقوله (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ) فلا يبتدئ بالتكبير إلا إذا رأى الذبائح مثل يأتي للمبيع ويرى فيها الغنم والإبل والبقر تباع للأضحية فيكبر فوجه كونه سنة العمل كما قال الإمام أحمد إجماع الناس هذا عمل من قديم.
فصل
في موضع التكبير المقيد
القارئ: وموضعه عقيب أدبار الصلوات المفروضات ولا يشرع عقيب النوافل لأنه لا أذان لها فلم يكبر بعهدها كصلاة الجنازة وإن سبق الرجل ببعض الفريضة كبر إذا سلم وإن صلاها كلها وحده ففيه روايتان إحداهما يكبر لأنه ذكر مشروع للمسبوق فأشبه التسليمة الثانية والثانية لا يكبر لأن ابن عمر كان لا يكبر إذا صلى وحده وقال ابن مسعود إنما التكبير على من صلى في الجماعة ولأنه مخصوص بوقت فخص بالجماعة كالخطبة والمسافر كالمقيم في التكبير والمرأة كالرجل قال البخاري النساء كن يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز مع الرجال في المسجد ويخفضن أصواتهن حتى لا يسمعهن الرجال وعن أحمد رضي الله عنه أنها لا تكبر ومن فاتته صلاة في أيام التكبير فقضاها فيها كبر وإن قضاها بعدها لم يكبر لأن التكبير مقيد بالوقت.
الشيخ: التكبير المقيد أدبار الصلوات المفروضة ولكن هل يكون قبل الاستغفار وقبل اللهم أنت السلام ومنك السلام أو بعده نقول يكون بعد ذلك أي بعد أن يستغفر ويقول اللهم أنت السلام ومنك السلام.
وإذا كان مسبوقاً ببعض الفريضة كبر إذا سلم.
وإن فاتته الفريضة مع الجماعة ففيه روايتان إحداهما يكبر والثانية لا يكبر وكما قلنا أولاً إن الأمر في هذا واسع فإذا كبر فلا بأس ولا ينهى عنه وإذا لم يكبر فلا بأس ولا يؤمر به.
أما قول المسافر كالمقيم فصحيح والمرأة كالرجل لكنها تخفض صوتها ولا سيما إذا كان عندها رجال من غير محارمها.
أما إذا قضى الصلاة بعد خروج وقتها فإن كان في زمن التكبير كبر وإن كان بعد انتهاء زمن التكبير فإنه لا يكبر لأنه فات وقته فلو أنه ذكر ليلة أربعة عشر أنه صلى عصر يوم الثالث عشر بغير وضوء فهنا يجب عليه القضاء فقضى في ليلة الرابع عشر فإنه لا يكبر لأنه فات وقت التكبير كما قال المؤلف رحمه الله.
فصل
القارئ: ويكبر مستقبل القبلة فإن أحدث قبل التكبير لم يكبر لأن الحدث يقطع الصلاة.
الشيخ: والصحيح أنه يكبر فلو أحدث إنسان فيه ريح ضيقت عليه من حين ما سلم أطلقها فإنه يكبر لأنه لا يشترط للتكبير أن يكون على طهارة نعم لو أنه طال الوقت وانفصل التكبير عن الصلاة فهنا نقول سنة فات محلها.
القارئ: وإن نسي التكبير استقبل القبلة وكبر ما لم يخرج من المسجد ويستحب الاجتهاد في العمل الصالح في أيام العشر لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما العمل الصالح في أيام أفضل منه في العشر) قالوا ولا الجهاد في سبيل الله قال (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء) أخرجه البخاري.
الشيخ: الأمر كما قال المؤلف أنه ينبغي في الأيام العشر أن يجتهد في كل عمل صالح ومن ذلك الصوم والعجب من بعض طلبة العلم أنهم قالوا إنه لا يشرع الصوم في هذه الأيام وقال بعضهم إنه حرام فجعلها كأيام العيدين وأيام التشريق والعلة قالوا إن عائشة تقول ما رأيته صام العشر قط فيقال الرد على هذا من وجوه:
الوجه الأول أن أم المؤمنين حفصة أخبرت أنه كان يصومها قال الإمام أحمد والمثبت مقدم على النافي.
ثانياً أن الصوم من العمل الصالح وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما من أيام العمل الصالح فيهن أفضل من هذه الأيام العشر) ولا يخفى على أحد أن الصوم من العمل الصالح بل من أفضل الأعمال الصالحة حتى إن الله جل وعلا اختصه لنفسه قال (الصوم لي) فيدخل في العموم وقد بينا فيما سبق أن العموم ثابت شامل لكل أفراده بنص السنة حيث قال عليه الصلاة والسلام في قول المصلي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (إنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض).
ثالثاً أن يقال الكراهة أو التحريم تحتاج إلى دليل مستقل وعدم الفعل لا يتضمن النهي
فلو فرض أنه ليس في السنة (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله) فإنا نقول تحتاج الكراهة إلى دليل لأن عدم فعل الرسول لها لا يدل على الكراهة بل يدل على أن السنة تركها لكن إذا كان هناك أدلة تقتضي أن السنة الصوم فإنه يؤخذ بها.