المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فإن لا تكنه أو يكنها فإنّه … أخوها غذته أمّه - تفسير آيات الأحكام - السايس

[محمد علي السايس]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌أمّا بعد

- ‌وعملنا في الكتاب

- ‌سوره الفاتحة

- ‌القول في البسملة

- ‌شرح المفردات

- ‌شرح المفردات

- ‌حكم قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة

- ‌الأحكام التي تؤخذ من الفاتحة

- ‌من سورة البقرة

- ‌ما يؤخذ من الآية من الأحكام

- ‌أقسام النسخ

- ‌الأحكام

- ‌الأحكام

- ‌الأحكام

- ‌الأحكام

- ‌المرتد

- ‌ما هي الخمر

- ‌تحريم الميسر

- ‌الاحكام

- ‌سبب تحريم الربا

- ‌الأحكام

- ‌من سورة آل عمران

- ‌من سورة النساء

- ‌خاتمة

- ‌آيات المواريث

- ‌ميراث الأولاد

- ‌ميراث الأبوين

- ‌مسألة العمريتين

- ‌ميراث الأزواج والزوجات

- ‌ميراث الكلالة

- ‌ما يحرم من النساء

- ‌السبع اللاتي حرّمن من النسب

- ‌السبع المحرمات بغير النسب

- ‌تحريم ذوات الأزواج

- ‌شرح المفردات

- ‌من سورة المائدة

- ‌شرح المفردات

- ‌الأحكام

- ‌الأحكام

- ‌ الأحكام

- ‌وهاهنا أمور

- ‌الأحكام

- ‌الأحكام

- ‌من سورة الأنعام

- ‌من سورة الأعراف

- ‌من سورة الأنفال

- ‌ما يستنبط من الآية

- ‌ما يستفاد من الآيات

- ‌من سورة التوبة

- ‌يؤخذ من الآية ما يأتي

- ‌بيان الأصناف الثمانية

- ‌سبب النزول

- ‌من سورة النحل

- ‌من سورة الإسراء

- ‌من سورة الحج

- ‌ما في الآيات من الأحكام

- ‌ما في الآية من الأحكام وأقوال العلماء في ذلك

- ‌ولمن أجاز مطلقا حجج:

- ‌من سورة النور

- ‌حدّ الزنى

- ‌أدلة الخوارج والرد عليها

- ‌دليل الظاهرية والرد عليهم

- ‌أقوال الفقهاء في النفي

- ‌أقوال الفقهاء في حد الذمي المحصن

- ‌الكلام فيمن يلي الحد

- ‌حكم اللواط والسحاق وإتيان البهائم

- ‌صفة الجلد

- ‌تحريم الشفاعة في الحدود

- ‌حضور الحد

- ‌الكلام في نكاح الزناة والمشركين

- ‌حد القذف

- ‌اللعان

- ‌سبب نزول آيات اللعان

- ‌شروط المتلاعنين

- ‌كيفية اللعان

- ‌ما يترتب على اللعان

- ‌الاستئذان في دخول البيوت

- ‌حكم النظر وإبداء الزينة

- ‌الترغيب في النكاح

- ‌مكاتبة الأرقاء

- ‌الإكراه على البغاء

- ‌الكلام في بلوغ الصبي

- ‌من سورة لقمان

- ‌من سورة الأحزاب

- ‌الأحكام

- ‌من سورة سبأ

- ‌من سورة ص

- ‌من سورة الأحقاف

- ‌من سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌من سورة الحجرات

- ‌من سورة الواقعة

- ‌من سورة المجادلة

- ‌من سورة الحشر

- ‌من سورة الممتحنة

- ‌من سورة الجمعة

- ‌من سورة الطلاق

- ‌من سورة التحريم

- ‌من سورة المزمل

الفصل: فإن لا تكنه أو يكنها فإنّه … أخوها غذته أمّه

فإن لا تكنه أو يكنها فإنّه

أخوها غذته أمّه بلبانها

وقد ضعّفوا بعض أحاديث الحجازيين، وحملوا الأخرى على أنّ الأنبذة سمّيت خمرا فيها مجازا.

قالوا: يدلّ على أنه لا يحرم من الأنبذة إلا ما أسكر ما

أخرجه الطحاوي عن أبي موسى قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ومعاذ إلى اليمن، فقلنا: يا رسول الله، إنّ بها شرابين يصنعان من البرّ والشّعير أحدهما يقال له: المزّ، والآخر يقال له: البتع فما نشرب؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «اشربا ولا تسكرا» «1» .

قالوا: ويدلّ من جهة النظر لما ذكرناه من أن قليل الأنبذة ليس بحرام أنّ الله ذكر في علّة تحريم الخمر قوله: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فوجب لهذه العلة ألا يحرم من المسكرات إلا القدر المسكر، لأنه هو الذي توجد فيه هذه العلة، ولكن انعقد الإجماع على تحريم قليل الخمر وكثيرها، فوجب أن يبقى قليل الأنبذة على الإباحة.

ونحن إذا تأملنا في أدلّة الفريقين ما ذكر منها وما لم يذكر ترجّح عندنا قول الحجازيين، لأنّ الصحابة لمّا سمعوا تحريم الخمر فهموا منه تحريم الأنبذة، وهم كانوا أعرف الناس بلغة العرب ومراد الشّارع. وقد ثبت ذلك من حديث أنس «2» قال: كنت ساقي القوم حين حرّمت الخمر في منزل أبي طلحة، وما كان خمرنا يومئذ إلا الفضيخ، فحين سمعوا تحريم الخمر أهرقوا الأواني وكسّروها، والفضيخ نقيع البسر.

وقد اتفقوا مع الحجازيين على أنّ الله حرم من عصير العنب الكثير للسّكر، والقليل، لأنّه ذريعة إلى الكثير، فوجب أن يكون كذلك في سائر الأنبذة، حيث لا فارق.

‌تحريم الميسر

قد ذكر الله الميسر مع الخمر هنا، كما ذكره معها في آية المائدة [90] ، فما قلناه في دلالة الآية على تحريم الخمر يقال أيضا في الميسر.

وقد ذكرنا أصل الميسر واشتقاقه، وأنه كان يطلق على ضرب القداح على أجزاء الجزور قمارا، ثم أطلق على النرد وكل ما فيه قمار. ونريد هنا أن نبيّن صفة الميسر عند العرب باختصار.

(1) انظر شرح معاني الآثار للطحاوي (4/ 220) .

(2)

رواه البخاري في الصحيح (5/ 225) ، 65- كتاب التفسير، 10- باب قوله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ حديث رقم (4617) ، ومسلم في الصحيح (3/ 1570) ، 36- كتاب الأشربة، 1- باب تحريم الخمر حديث رقم (3/ 1980) .

ص: 135

قد كانت للقداح التي يضربونها على الجزور عشرة، ذوات الحظوظ منها سبعة:

أسماؤها: الفذّ، التّوأم، الرّقيب، الحلس، النافس، المسبل، المعلّى.

والأغفال التي لا حظّ لها ثلاثة، وأسماؤها: السّفيح، المنيح، الوغد.

وكانت القداح ذوات الحظوظ مختلفة الحظوظ، فكان للفذ منها نصيب، وللتوأم نصيبان، وهكذا إلى السابع المعلّى، فله سبعة أنصباء وكانت على كل قدح منها علامة تدلّ عليه وعلى حظه، فعلى الفذّ فرض، وعلى التوأم فرضان، وهكذا.

والفرض: الحز.

وكان الأيسار سبعة على عدد القداح، لكلّ واحد قدح، وكانوا يضعون القداح في خريطة، ويجلجلونها فيها حتى تختلط، ثم يخرج واحد من فم الخريطة، فإن كان الذي خرج الفذّ فلصاحبه نصيب واحد يأخذه، ويعتزل القوم. ثم يجيل ثانية، حتّى منتهى أقسام الجزور. فالفائزون هم من خرجت قداحهم. والغارمون من لم تخرج قداحهم، وهم يغرّمون ثمن البعير على حسب نصيب القداح، وقد حرم الله ذلك.

وحرّم النرد وسائر أنواع القمار لما فيها من أكل أموال الناس بالباطل، ومن جلب العداوة والبغضاء، ومن تعويد المقامرين على الكسل. وانتظار الربح من القمار دون كدّ وعمل، ولأنّ المقامرين في قمارهم ليسوا ينتجون للأمة شيئا، فليس ربح الفائز منهم في مقابلة إخراج الموادّ الأولية، ولا صنعها، ولا نقلها، ولا توزيعها، ولا تأدية عمل من الأعمال التي تحتاج إليها الأمة وتستفيد منها، فهم حيوانات طفيلية تستفيد من دم المجموع ولا تفيده.

ولسنا ندري: أكان العرب في زمن التنزيل لا يطلقون اسم الميسر إلا على ما ذكرناه من ضرب القداح على أجزاء الجزور؟ فتكون الآية في ذلك فقط، ويكون تحريم ضروب القمار بالقياس. أم كان اسم الميسر يطلق على ذلك وعلى سائر ضروب القمار؟ فيكون تحريم ضروب القمار بالآيات التي حرّمت الميسر، وأيا ما كان فقد اتفق العلماء على تحريم ضروب القمار.

وقد روي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا هذه الكعاب الموسومة التي يزجر بها زجرا، فإنّها من الميسر» «1» .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لعب بالنّرد فقد عصى الله ورسوله» «2» .

وذكر العلماء أنّ المخاطرة من القمار، قال ابن عباس: المخاطرة قمار، وأنّ أهل

(1) ذكره الجصاص في كتابه أحكام القرآن (1/ 329) .

(2)

رواه أبو داود في السنن (4/ 310) ، كتاب الأدب، باب في النهي عن اللعب بالنرد حديث رقم (4938) . [.....]

ص: 136

الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة، وقد كان ذلك مباحا، إلى أن ورد تحريمه، وقد خاطر أبو بكر المشركين حين نزلت الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) [الروم: 1، 2]

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «زد في الخطر وأبعد في الأجل» «1»

. ثم حظر ذلك، ونسخ بتحريم القمار.

وقد رخّص في السبق في الدواب والنصال بشروط تطلب من كتب الفروع.

وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.

الْعَفْوَ في كلام العرب: الزيادة. ومن ذلك قوله تعالى: حَتَّى عَفَوْا [الأعراف: 95] زادوا، ومنه قول الشاعر «2» :

ولكنّا نعضّ السيف منّا

بأسوق عافيات الشحم كوم

أي كثيرات الشحوم، والمراد بالعفو هنا: الفضل، أي ما فضل وزاد عن الحاجة، كقولهم: خذ ما عفا لك من أخيك، أي ما فضل عن جهده. قال ابن عباس: العفو: ما فضل عن أهلك، ونقل عن قتادة وعطاء وابن زيد.

المعنى: يسألك أصحابك: ماذا ينفقون؟ قل: أنفقوا ما فضل عن حاجتكم كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، بهذا البيان العجيب الذي تقدّم من أول السورة من حججه، وبيناته، وفرائضه، وحدوده، وما فيه نجاتكم من عذابه: يبين لكم في سائر كتابه: آياته، وحججه، لتتفكّروا في الدنيا والآخرة، فتعلموا زوال الأولى وحقارتها، وبقاء الثانية وجلالها. وقد ورد في معنى الآية أحاديث كثيرة:

روى ابن جرير عن جابر بن عبد الله قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ببيضة من ذهب أصابها في بعض المعادن، فقال يا رسول الله: خذ هذه مني صدقة، فو الله ما أصبحت أملك غيرها، فأعرض عنه، فأتاه من ركنه الأيمن، فقال له مثل ذلك، فأعرض عنه، ثم قال مثل ذلك، فأعرض عنه، ثم قال مثل ذلك، فقال:«هاتها» مغضبا، فأخذها فحذفه بها حذفة لو أصابه شجه أو عقره، ثم قال:«يجيء أحدكم بماله كلّه يتصدّق به، ويجلس يتكفّف الناس إنّما الصّدقة عن ظهر غنى» «3» .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ارضخ من الفضل، وابدأ بمن تعول، ولا تلام على كفاف» «4» .

وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أحدكم

(1) قال السيوطي: رواه أبو يعلى وابن عساكر انظر الدر المنثور في التفسير المأثور للسيوطي (5/ 150) .

(2)

لبيد بن أبي ربيعة، انظر تهذيب اللغة للأزهري (3/ 229) .

(3)

رواه أبو داود في السنن (1/ 51) ، كتاب الزكاة، باب الرجل يخرج ماله حديث رقم (1673) .

(4)

رواه مسلم (بغير هذا اللفظ) في الصحيح (2/ 718) ، 12- كتاب الزكاة، 32- باب بيان أن اليد العليا خير من السفلى حديث رقم (97/ 1036) .

ص: 137