الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى) [القصص: 43] أن الله ما أهلك من الأمم عن آخرهم بالعذاب بعد إنزال التوراة، بل أمر المؤمنين بقتال المشركين، فكيف يكون هلاك قرية رسل عيسى والله أعلم (يا حَسْرَةً عَلَى العبادِ) نداء للحسرة، كأنه قيل تَعَالي فهذه من أحوالك التي حقك أن تحضري، والظرف إما لغو أو صفة (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ أَلَمْ يَرَوْا): يعلموا (كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) علق ألم يروا عن العمل لفظًا فيما بعده، لأن كم لا يكون معمولاً لما قبله (أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ) بدل الكل من جملة كم أهلكنا على المعني، فإن عدم الرجوع والإهلاك واحد (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ) إن نافية ولما المثقلة بمعنى إلا، والظرف لجميع بمعنى مجموع أو لمحضرون أي: ما كلهم إلا مجموعون لدينا يوم الحشر محضرون.
* * *
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ
(33)
وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ
وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)
* * *
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ): اليابسة التي لا نبات فيها (أَحْيَيْنَاهَا) بالمطر استئناف لبيان كونها آية أو آية لهم مبتدأ وخبر وأحييناها خبر الأرض، والجملة تفسير الآية، ولا يبعد أن يكون أَحْيَيْنَاهَا، لا بتقدير قد (وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا) أي: جنسه (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ): من ثم المذكور، قيل الضمير لله، فإن ثمر الله بخلقه (وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) أي: الثمر لم تعمله أيدي الناس، بل خلق الله، ولهذا قال (أَفَلَا يَشْكُرُونَ) وعن بعض أن ما ما موصولة عطف على ثمره، والمراد ما يتخذ منه كالدبس (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ): الأنواع (كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ): الذكر والأنثى (وَمِمَّا
لَا يَعْلَمُونَ): من مخلوقات شتى لا يعرفون، فكأنه قال: الأزواج قسمان معلوم وغير معلوم (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ): نزيل (مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ): داخلون في الظلام (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَر لَّهَا) اسم مكان وفسر النبي المنزل عليه القرآن أن مستقرها تحت العرش تذهب وتسجد هناك، وإذا كان العرش كرة محيطة فتحتيتها باعتبار مكان خاص من العرش الله ورسوله أعلم به، وظاهر بعض الأحاديث دال على أنه قبة ذات قوائم تحمله الملائكة فوق هذا الجانب من الأرض، فحينئذ يكون وقت الظهيرة أقرب ما يكون إلى العرش، وفي نصف الليل أبعد فحينئذ تسجد وتستأذن في الطلوع، وعن بعض أنه اسم زمان أي الوقت الذي تستقر فيه، وتنقطع جريها وهو يوم القيامة (ذَلِكَ) الجري الخاص (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ) نصب بشريطة التفسير (قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ) هي ثمانية وعشرون ينزل كل ليلة في واحد، فإذا كان في آخر منازله
دق واستقوس (حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ): كالعذق وهو العود المعوج الذي عليه الثمر (الْقَدِيمِ): العتيق اليابس (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا) يصح لها، وَيَتَسَهَّلُ عليها (أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ): فتجتمع معه في وقت واحد وتداخله في سلطانه، فتطمس نوره (وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ) أي: ولا يطلع القمر بالنهار، وله ضوء يطمس نور الشمس فسلطانها بالنهار وسلطانه بالليل لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر قبل القيامة، فعلى هذا المراد من الليل والنهار آيتاهما وهما النيران، أو المراد لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه ولا يدخل الليل على النهار. أيضًا يتعاقبان بحساب معلوم إلى يوم القيامة، أو المراد أنها لا تجتمع معه في فلك واحد، ولا يتصل ليل بليلٍ لا يكون بينهما نهار (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) أي: وكلهم، والضمير لهما ولسائر النجوم، فإن ذكرهما مشعر بها أو لهما وهما لاختلاف مطالعهما كأنهما شموس وأقمار، ولإطلاق السباحة التي هي للعقلاء جُمعا بالواو والنون (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) المراد سفينة نوح، فإنها مشحونة مملوءة من الأمتعة والحيوانات، والمراد ذرياتهم التي في أصلاب آبائهم، أي: حملنا فيها آباءهم الأقدمين، وفي أصلابهم ذرياتهم، وتخصيص الذرية؛ لأنه أبلغ في الامتنان، وأدخل في التعجب مع الإيجاز، وقيل: حملنا صبيانهم أو
أولادهم الذين يبعثونهم إلى التجارة، فالمراد السفن مطلقًا (وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مّثلِهِ مَا يَرْكَبُون): من السفن التي بعد سفينة نوح، أو المراد الإبل فإنها سفينة بر (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ): مغيث (لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ): ينجون من الغرق (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ) أي: لا ينجو لجهة إلا لرحمة منا، ولتمتيع بالحياة إلى أجل مقدر (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) أي من الوقائع التي مضت (وَمَا خَلْفَكُمْ) من أمر الساعة، أو المراد ما تقدم من الذنوب وما تأخر، أي: من مثلها (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ): لتكونوا على رجاء رحمة، وجواب إذا مقدر، وهو مثل أعرضوا عنه، ويدل عليه ما بعده (وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) أي: أمروا بالإنفاق على فقراء الصحابة (قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ): فمن لم يرزق الله